قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أبجدية الخيانة للكاتبة سهير محمد الفصل السادس عشر

رواية أبجدية الخيانة للكاتبة سهير محمد الفصل السادس عشر

رواية أبجدية الخيانة للكاتبة سهير محمد الفصل السادس عشر

لم يكن معها. ولا يعرف بماذا يجيب. لقد كان معها في اول الاجتماع. لكن ضاع منها. عندما تحدثت معه سوسن وصرفت انتباهه عن الاجتماع كليا.
عندما همست له، وسالته بوقاحة
- قائلة. هو لون عينك ايه؟
انصدم من سؤالها الوقح
- قائلا بعصبية. انتى بتقولى ايه؟
تجاهلت سؤاله
- قائلة بغزل. انت جميل اوى.
- يا نهارك اسود
- اى رايك يا باشا مهندس؟

لقد سؤالته توا عن رايه بماذا يجيب. تدارك نفسه سريعا. خاصة ان جميع الانظار اصبحت مسلطة عليه. وقال التالى
- انا موافق. قالها بالبركة حفاظا على منظره. دون ان يعي على ماذا يوافق.
اصابتها الصدمة. هل جن حقا. على ماذا يوافق
- قائلة بهدوء. عكس ما بداخلها. انت عارف بتقول ايه.
اعتبر كلامها اهانة منها له. فرد عليها دون ان يعى مرة اخرى
- قائلا بتحدى. اكيد عارف الا ماكنتش وافقت
- بس دى مستحيل. قرية تتعمل في شهر.

فارس بعدم فهم للحوار من الاساس
- قائلا باستغراب. قرية ايه؟
لقد ايقنت في داخلها انه لا يعى للحوار بتاتا. وابتسمت في سخرية على تحديه لها. فقررت ان تحسم الامر. وتلحق المتبقي من وضعه. هبت من على مقعدها
- قائلة بصرامة. الكل يطلع برا.
اصابتهم الصدمة والضيق ونظرات الكره والبغض سلطت عليها. فهم يعلمون جيدا من فريدة السيوفى. لكن لاول مرة يتعاملوا معها ويروا تكبرها وغرورها...
عادت الكرة مرة اخرى.

- قائلة بصراخ. انا بقول برااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا. دلفوا سريعا من الغرفة. تقريبا ركضوا خوفا من صوتها العالى.
بعد ان اغلقوا الباب وتركوهم سويا. وجه فارس كلامه اليها
- قائلا باستغراب. الناس اترعبوا
- لازم يترعبوا. علشان يخافوا من الوقوع في الغلط. هزا راسه باستيعاب لكلامها. ثم تابعت باستفهام. ايه اللى حصل من شوية ده.
- بخصوي موافقتى.

- قصدك بخصوص ضايعك في الاجتماع. لمدة نص ساعة. قالتها بصرامة ضاغطة على حروف الكلمة.
لقد انصدم. كيف لاحظت ضايعه
- قائلا باستغراب. ايه اللى عرفك؟
اردفت بغرور
- قائلة بثقة. مابقاش فريدة السيوفى لو ماعرفتش ايه اللى بيدور في الاجتماع.
- كنت عايز اثبت شخصيتى. ومابنش انى ضايع
- وفكرك ماظهرش ده. هزا راسه بعدم فهم. لازم تعرف ان الناس اللى كانت قاعدة هنا مش اغبية. وظيفتهم هنا يراقبوا انفاسك قبل كلامك.

- فارس بصدمة. للدرجة دى.
- حضرتك ضيعت الدنيا بكلمة واحدة
- ضيعتها ازاى
- مجرد موافقتك على مشروع للقرية سياحية بعد شهر. فشل للمشروع قبل ما يبدا
فارس بصدمة.
- قائلا. يا نهار ابيض هو انا عكيت الدنيا اوى كدة
- انت غلطت غلطان
- ايه هم؟
- اول غلط حديثك مع السكرتيرة، والتانى موافقتك
- فارس بتبرير. ماكنش عندى حل غير كدة.
- كان ممكن تعمل تلغى الاجتماع او تطردهم برا.
- عادى كدة. قالها باستغراب
- شركتك وانت حر فيها.

- بسي دى قلة ذوق
- تكون قليل الذوق احسن ماتضيع الشركة.
فارس بخضة من توجهاتها وتعليماتها
- قائلا بقلق. الموضوع شكله صعب
- ولا صعب ولا حاجة
- فارس بانبهار. انتى اتعلمتى دى كله ازاى
- مع الوقت اتعلمت كل حاجة. مااتولدتش يعنى ماسكة شركة.
اردفت بتردد
- قائلة باستفهام. هي سوسن كانت بتقولك ايه؟
- فارس ببرود. بتتغزل في جمالى
اردفت بضيق غير مبرر
- قائلة. والله.
- اصل انا لا اقاوم
- انت جايب الثقة دى منين؟
-...

قطع حديثهم صوت هاتفه، قامت من على مقعدها. لتتركه يتحدث باريحية، ووقفت عند النافذة الشفافة الكبيرة، جذب الهاتف من على الطاولة. راى اسم صديقه.
- قائلا بهدوء. ايوا يا فرعون.
- عم الناس
- حبيبي. اؤمرنى
- الامر لله. كنت بكلمك علشان اقولك مش هنيجى النهاردة
- فارس بقلق. ليه؟
- احمد بضيق. اصل ابو ندى رفض خروجها النهاردة
- امتى يا سيدى تتجوزوا وتبقي انت الامر الناهى.
- امتى امتى. عندى خبر جميل ليك
اردف بلهفة.

- قائلا بسعادة. اى. ابوها وافق
- لا مش كدة. بقولك ايه خلينا نتقابل واحكيلك
- لا خليها بكرة. مادام ماهتيجش النهاردة. هروح اشوف بابا واطمن على.
- وماما فين؟
- موجودة طبعا
- خلاص اتفقنا سلام
- سلام يا فرعون. قالها وهو يغلق الهاتف. ثم قام من على معقده. ووقف بجوارها
- قائلة باستفهام. هو انت مالكش اصدقاء الا فرعون.
- ليا كتير بس هو المميز
- هو اسمه احمد ليه فرعون.
- فرعون ده حكاية طويلة.
- احكيلى.

- انتى ناسية ان احنا في الشغل
- وايه اللى يمنع انك تحكيلى عن فرعون؟
- خليها وقت تانى.
هزات راسها بتفهم.
نظر الى وجهها الرقيق. الذي ياكله النظارة الطبية
قائلا باستغراب. هو انتى ليه بتلبس نضارة؟
فريدة ببساطة. برستيج ووقار
ازاى دى مكبراكى اوى. قالها. ثم جذب النظارة من على وجهها. وسط صدمتها من تصرفه المفاجى والجرئ. لقد ظهرت ملامح وجهها الطفولى والرقيق. ونظرتها العميقة. التي يملائها الضيق والغضب من تصرفه.

ثم تابع باعجاب.
- قائلا. شكلك من غير النضارة حلو اوى.
زمت فمها لامام، ونظرت له بضيق
قائلة بهدوء عكس مابداخلها. وبعدين
واصغر كمان
فى حاجة تانى؟
وشعرك. لو...
قطعته عن استرساله وجذبت النظارة من يده، ولبستها
قائلة بتحدى. انا حرة في شكلى. وطظ في الباقى. قالتها ودلفت من امامه. و جلست على الاريكة باريحية
شكلك اضايقتى. قالها باستفهام، وهو يجلس على الاريكة المقابلة لها.
فريدة بحزم. مابحبش حد يتدخل في خصوصياتى.

هو انا حد؟
اومال ايه؟
انا بعلك.
انفجرت في الضحك على كلمته. وتذكرت ماذا كان رد فعلها. عندما اخبرها اباها انه يبغى الزواج منها
قائلة بضحك. فكرتنى لم بابا قالى انك عايز تتجوزنى
اكيد طبعا كسرتى البيت كله
مش للدرجة دى البيت لى احترامه برضو
فارس بفضول. اومال عملتى اى
طبعا رفضت واتعصبيت وسيبت المكان لبابا. انت عملت ايه؟
اتعصبيت وشتمت وصرخت في وشوهم، وكنت همشي واسيب البيت. بس بابا تعب وخدته المستشفى.

ياااااا لدرجة دى
واكتر مما تتصورى. انا مستحيل اتجوز واحب حد بعدها.
رفعت حاجبيها باستغراب
- قائلة بفضول. مين بقي اللى مستحيل تحب بعدها.
تنهد بحزن
- قائلا باشتياق. حبيبة الطفولة. وحلم العمر
- راحت فين؟
ما اعرفش
ازاى ماتعرفش
فجاة خرجت من حياتى بدون اسباب
اكيد في سبب. ممكن تكون زعلتها في حاجة. وانت مش واخد بالك
فارس بانفعال. ورفض تام بانه من سابع المستحيلات ان يحزن حبيبته.
- قائلا. مستحيل ازعلها. دى حتة منى.

حزنت على حاله. وقامت من على الاريكة، وجلست بجواره
قائلة بهدوء. خلاص ماتزعلش نفسك.
اردف بخنقة من اشتياقه له
- قائلا بوجع. انا تعبان اوى من غيرها
تربت على ظهره
قائلا بطيبة. مصيرها ترجع هتروح فين...
انصدم من جلوسها بجواره وتطيب خاطره. ودهش من حنيتها وهي تربت على ظهره. من انتى؟
فانتى لستى تلك الشمطاء العصبية العنيدة فانتى شخص اخر توا...

فهى تعامله كابنها الذي كسر قلبه وتراضيه باجمل العبارات وارقها، وتدعوه الا يياس ويواصل طريقه.
ثم تابعت بحنان الام على ابنها.
- قائلة. المهم لم ترجع تلاقى الانسان اللى حبته مافيش حاجة غيرته. هزا راسه بعدم فهم كلامها. يعنى بطل علاقات واجتهد في شغلك ؛ علشان لم ترجع تلاقيك انسان ناجح.
فارس بالم
قائلا. تفتكرى كدة.
وابو كدة.
رمقها نظرة احترام
قائلا بصدق. انتى جدعة اوى.
وانت كمان طيب وجدع.
بس انتى اكتر.

مافيش فرق في القليل والكتير...
ابتسم لها بسعادة، وفرح قلبه انه اخيرا وجد من يتحدث معه باريحية. دون خجل او توتر. او عقاب ينتظره منها، طال الحديث بينهما. هو حدثها عن حياته. وهي مستمتعة بالحديث معه. تناست تماما العمل والبرستيج والوقار. وتعاملت معه انسان لانسان.
غابت الشمس وحل مكانها القمر بجماله وهدؤه ورونقه الجذاب. انه موعد تجمع العشاق والاسر على طاولة الطعام
منزل ( ندى ).

تجتمع اسرة على طاولة الطعام. مكونة من الاب عمود الاسرة ( خالد الشهابي يبلغ من العمر الاربعين ليس بقاسي القلب او متحجر المشاعر او ضال الطريق. بل معدوم من الرجولة بكافة تفاصيلها. الكلمة الاولى والاخيرة ليست منه. بل لزوجته. ( حورية الطوخى تبلغ من العمر الثامنة والثلاثين. الاب يتراس الطاولة والام بمينه والابنة على يساره. لا يدور حديث بينهم. ولا يتفاعلون مع بعضهم البعض على طاولة الطعام. الصمت يغطى المكان. قد اكون كاذبة فصوت المعلاق يصدر انين حزين على الفراغ الحادث بينهما. لقد اعتادت ذلك من اهلها، قررت ان تتحدث معهم ربما يسمعون احاديثها.

- قائلة بتردد. عارفين قابلت مين النهاردة.
- الام ببرود. مين.
تحمست ندى ان امها ردت عليها
- قائلة بعفوية. طنط رجاء مامت الباشا مهندس احمد
- حورية بجهل. رجاء مين وباشا مهندس مين؟
- جيرنا اللى فوق يا ماما.
تركت المعلقة التي بيدها. لتستوعب ما تقوله ابنتها الصغيرة. هل تقصد الابن الضائع والام العاهرة. هل ما تسمعه اذنى صحيح. ام انا اخطات السمع.
قائلة بهدوء قبل انفجار البركان انتى بتقولى اى يا حببتى.

ابتلعت رقيها بصعوبة
- قائلة بخوف. طنط رجاء جارتنا. حضرتك مش فاكرها.
- لا فاكرها. قالتها حورية بعصبية. ثم تابعت بصراخ. وانتى ايه يوديكى عند الصايع ابن الصايعة. قالتها وهي تقوم من على مقعدها.
ارتعشت اوصالها ؛ رعبا من امها متحجرة القلب باردة المشاعر متعجرفة المنطق والحسبان. دموعها اعلنتها صريحة. انها تواجه اكبر خوف في حياتها.

- قائلة ببكاء يكسر القلب ماعدا اهلها. واباها الذي يواصل طعامه كأن شيئا لم يكن. عيب يا ماما تقولى على جيرانا كدة
- حورية بردح. جيران مين يا ام جيران. ثم تابعت بعصبية. ما تقوم يا خالد تشوف بنتك.
- خالد ببرود. ماعنتيش تروحى هناك يا ندى
- ده اللى ربنا قدرك عليه. بدل ما تضربها قلمان على وشها تنسيها اسمها
- اهدى كدة يا حورية. خلينا نفهم من البنت.

- بتقولك شايفة الولية هناك اكيد بتطلعهم واحنا ولا في دماغنا. وتقولى اهدى.
- لا يا ماما والله ما بيحصل كدة.
- هو انا لسي هستنى لم يحصل. قوم يا خالد اضربها.

هزا راسه طاعة لزوجته. وقام من على مقعده، وخلع حزام البنطال رويدا رويدا، وسط رعبها وذعرها من اهلها، دائما تضرب وتهان والصمت هو عنوانها، فهما امام الجيران الاحترام والتدين، لكن رب العباد لا نلقاه توا، اهم شىء الناس ان يرونا نصلي ونقيم جميع الفرائض ولساننا البذي ينطق باجمل العبارات، ويوم القيامة لا يوجد في قاموس الظالمين.

- بابا ماعملتش حاجة يا بابا. قالتها ببكاء مرير يكسر القلوب والاحجار المتينة. لكن قلوبهم قد ماتت منذ قرون. بعض الاباء يعتقدون ان الضرب هو الطريق الصحيح. لتربية ابنائهم، لقنها اول ضربة على جسدها الضعيف الهش بقوة، وضعت يديها على فمها تكتم اهاتها واوجاعها، فهى اعتادت تضرب وسط صمت حاد، الام تنظر بسعادة بان زوجها لا يكسر لها كلمة. اليوم تقفي وتضعين يدك في خصركى بسعادة. غدا ستكونى بين ايادى الملك. تسالى عن فلذة كبدك، و عن ضلع من ضلوع جسدك. عن طفلة استطعتى ان تكسري فيها اجمل معانى السعادة. فاعتقادك ان هذا هو الطريق الصحيح، يا ليتكى كنتى امراة عاهرة ولا تتصنع التدين والايمان، ولا تتركى ابنتك تضرب بتلك الصورة القاسية، تصرخ وتصرخ وتصرخ، والصرخة تلى الاخرى. ولكن هنا العجز في صمت الصرخة و الالم، تمسك بيد اباها تستحلفه بالملك ان يرحمها. فهى لم تفعل شيء، ارحمنى يا ابى فانا ابنتك. لم ترجوه بأنه من رباها وعلمها وجعلها تخطو خطواتها الاولى في حياتها، لان من قام ذلك هو العاهر الذي احبته مثلما يقولون عنه، بعد ان انتهى من ضربه المبرح لها، ذهبوا الى فراش النوم، وطلبوا منها ان تلملم الطعام من على الطاولة. فامها منذ ان انجبتها، وترى انها من حقها تقوم بجميع اعمال المنزل ويكفى انها ربتها ؛ حتى بلغت ذلك السن، بعد ان انتهت، لملمت المتبقي منها وذهبت الى غرفتها. لتواصل بكائها المرير وحزنها الشنيع من اهل بيتها...

في سيارة فارس الجيب
- فريدة باستفهام. مش معنى النهاردة نزور بابك ومامتك
- واحشونى. وقلت اغلس عليهم
اخرجت تنهيدة حزن
- قائلة باشتياق. انا برضو طماطم وسحس وحشونى.
- خلاص يومين كدة. وهنروح برضو نزور...

قطع حديثهم. هاتف فارس، امسكه من على تابلو السيارة، زفر في ضيق. عندما راى اسم المتصل، ماذا يفعل. هل يجيب وهي معه. وينزل من نظرها. وهو وعدها ان يصلح من نفسه. لحظة واحدة هل يخشي فارس الكيلانى من ردة فعل احد عليه. فهو كان يفعل ما يشاء ولا يهمه راى احد في الحياة. لا اباه ولا امه ولا المجتمع...
لقد ضايقها رنين المتصل المتكرر
- قائلة بحنق. ما ترد
- ماعايزش ارد
- خلاص اقفل الموبيل. قالتها فريدة ببساطة.

- على رايك. قالها وضغط على ذر غلق الهاتف...
رمت الموبايل على البار، وامسكت كاس الخمر، وشربته جرعة واحدة
- قائلة بغل. مبقاش نانسي ان ماعرفتك يا فارس. ازاى تقفل الموبايل في وشي.

وبعد دقائق اصطفت السيارة امام فيلاتهم الفاخرة التي تشبه القصور في الحكايات والروايات، فتح الحارس لهم باب الفيلا. ترجل من السيارة بهدوء، واتجه الى الجانب الاخر وفتح لها الباب باحترام، دلفت من السيارة، وتسمرت في مكانها من فخامة منزلهم
- قائلة باعجاب. بيتكو روعة.
سعد كثيرا عند اعجابها ببيتهم. فهى متواضعة وجميلة جدا من الداخل. تعبر عن اعجابها باشياء قد تكون بسيطة. لكن تجلب السعادة للطرف الاخر.

- قائلا بفخر. اكيد طبعا لان الباشا مهندس محمد هو اللى مصممه
ابتسمت
- قائلة. دى بروتكول بقى.
- ازاى مش فاهم.
- بابك اللى صمم بيتكم. وانت اللى صممت بيتنا. وده نظام. والنظام بيكون عبارة عن بروتكول. ان كل واحد من عايلة الكيلانى هو اللى بيصمم بيته بنفسه.
لقد انبهر بطريقة شرحها المبسط
- قائلا باستغراب. تصدقى اول مرة اخد بالى من المعلومة دى.
- مش شرط انك تركز في كل حاجة.
- بس انتى ذكية جدا.
اردفت بغرور.

- قائلة بثقة. دى شى متوقع منى.
ضحك على ردها المغرور
- قائلا بابتسامة. تبا لتواضعك.
ابتسمت على رده
- قائلة. يلا ندخل. هو احنا هنفضل واقفين في الجنينة كدة
- فارس بعدم فهم. جنينة ايه.

رفعت حاجبيها ونظرت الى مكان الذي يقفون فيه. نظر حوله اصابته صدمة ودهشة. انهم كل ذلك يتحدثون بجوار السيارة في الحديقة. دون ان يتحركوا من اماكنهم، ضحك على نفسه. بان الحوار طال بينهما وهم في الحديقة، اشار بيده لها باحترام ان يذهبوا، اؤمات براسها ايجابا. وسارت بجواره. حتى وصلوا الى باب الفيلا، رن الجرس، فتحت الخادمة الباب. بالزغاريط والمباركات الحارة لهم، هبطت سوزان درجات السلم سريعا، واحتضنت فارس بقوة، سلامها له لن يختلف عن فريدة. شعرت في حضنها بامها الراحلة.

- قائلة بسعادة عارمة. نورتونا. انا مش مصدقة انكوا هنا.
- فريدة بابتسامة. شكرا لحضرتك يا طنط.
- فارس باستفهام. اومال بابا فين يا ماما.
داعبت لحيته
- قائلة بسعادة. بابا في الجنينة يا فيرو.
كتمت ضحكتها
- قائلة بتساؤل. اى فيرو دي.
تافف في وجه امه
- قائلا بغضب. قولت مليون مرة مابحبش الدلع ده. رائها تضحك ولم تستطع تمالك نفسها
- قائلا بضيق. وانتى بتضحكي على اى؟
اردفت لاغاظته
- قائلة بعند. مافيش يا فيرو.

- فارس بتحذير. فريدة بلاش ام الاسم ده.
- ليه بتزعل يا فيرو.
انفجرت سوزان في الضحك على منظرهم الطفولى وتحديهم لبعضهم البعض...
راى امه تضحك هذا زاد من غيظه وضيقه اكثر
- قائلا بعصبية. انتى السبب في دى كله. اعمل فيكى ايه؟
- ماتزعلش ماما يا فيرو. قالتها فريدة وانفجرت في الضحك
- سوزان بعند. اسمع كلام مراتك. انا مهما كان مامتك.

- خلاص اتفقتوا مع بعض على. هزوا راسهما ايجابا. طب عن اذنكو. قالها ودلف من امامهم. متجها الى الحديقة الخلفية التي يجلس بها اباه...
فريدة بقلق
- قائلة باستفهام. شكله اضايق.
سوزان بضحك
- قائلة. لا ماضيقش دى اتعصب.
فريدة بضحك.
- قائلة باستفهام. انتى شايفة كدة.

- قائلة. اه. يلا نروح ليهم قبل ما يتفقوا علينا. قالتها سوزان وهي تمسك يدها بسعادة. وذهبت الى مكان زوجها، دلفت مع والدته إلى الحديقة الخلفية. رات حماها قام من مكانه وقبلت يده وقبل جبينها والسعادة تملىء قلبه، وجلست بجوار زوجها وسوزان بجانب محمد، وجلسوا يتبادلوا اطراف الحديث إلى ان ياتي العشاء.
- محمد باستفهام. عاملين اى في الشغل ياولاد؟

- فريدة بعقلانية. احنا كويسين. بس مستنين حضرتك ترجع تكمل معانا الشغل.
- شغل اى يافريدة يابنتي. خلاص انا سبتلكوا كل حاجة. ليكم ولاولدكم. اللي ان شاء الله هتخلفوهم.
- فريدة باستغراب. ولاد.
- محمد باستنكار. اى يابنتي مالك مستغربة كدة ليه. ماطبيعي المتجوزين يخلفوا.
- اصل احنا مقررين منخلفش دلوقتي.
- امال هتخلفوا امتي. قالتها سوزان باستغراب.

السؤال نزل عليها كدلو ماء شديد السخونة. بماذا تجيب. وهي تعلم جيدا انها لم تقتنع بالاجابة...
راى فارس احراجها وانكماشها على نفسها
- قائلا بحدة. لو سمحتوا غيروا الموضوع ده. وامسك يديها. ثم تابع بتمثيل. انا ومراتي لسي في شهر العسل، وقبلها.
- سوزان بسعادة. شوف الولاد بيعلموا ايه. ولا كأن حد موجود
محمد و السعادة تملا وجهه
- قائلا. جيل مايعلم بي الاربنا.
اتت الخادمة من الخلف
- قائلة بهدوء. العشا جاهز.

- شكرا يا فوزية. قالتها سوزان بامتنان لها.
- هي دى الخدامة الجديدة؟
- اه. دى جبتها بعد ماخدت فتحية.
- هو انت بصالى فيها، ولا ايه يا سوزى.
- مش فارقة. بس فتحية غالية على. وعارفة كل تفاصيل البيت.
- سبيكى منهم يا بنتى. قالها محمد لفريدة، وهو يمد يده لها...
مدت يدها بخجل اليه، وامسكها.
- تعالى ناكل احنا هي وابنها رغايين.

ابتسمت فريدة على كلامه ودلفت الى الخارج معه، دلفوا إلى غرفة الطعام. التي تتميز باثاث راقي. فهي تضم اكثر من اثنتى عشر شخصا، كان محمد على راس السفرة وعلى يساره سوزان وعلى يمينه فارس وفريدة. السفرة كانت تضم كل ما لذا وطاب
- سوزان بحب. عايزاكي يافريدة تاكلي الاكل دي كله. وتقوليلي رايك؟
- اى دي كله ياطنط. انا ماقدرش اكل دى كله.
- كلى على قد نفسك. بس الديك الرومى. لازم تدقيه.

اؤمات براسها ايجابا. واخذت قطعة من الديك الرومي
- قائلة باعجاب. طعمه يجنن ياطنط. الصراحة نفسك في الاكل تحفة.
- فارس بسخرية. نفس مين اللي حلو في الاكل.
- فريدة ببراءة وهي تاكل. نفس مامتك.
- ماما مابتعرفش تضبخ دي نفس الخدامة الجديدة.
- خلاص بقي يا فارس ماتكسفش مامتك. قالها محمد، وضحك هو وابنه.
- سوزان بحزن مصطنع. شايفة يافريدة بيعملوا اي في.
- خلاص يا طنط ماتزعليش. انا هعلمك تضبخي احسن من اى حد.

اصابته الصدمة والدهشة
- قائلا باستغراب. انتى بتعرفي تضبخي؟
- فريدة بثقة. اكيد.
- طب اتعلمتى ازاى ودراستك.
- عادي كان مع دراستي، وبعدين عمتو دايما تقولي. الشاطر شاطر في كل حاجة علشان كدة اتعلمت اضبخ.
- فارس باعجاب. واى بقى الاكل اللي بتعرفي تعملي.

- فريدة ببساطة. ماقدرش اقول. انى بعرف جميع اكلات العالم. بس الاكل المصري انا عبقرية في هو والايطالي. ومن كل دولة اكلة انا بارعة فيها. بس لو جبتلي طريقة اكلة انا اعملها ليك.
محمد بتحسر
- قائلا. يا بختك يا فارس بمراتك وربنا يصبرني.
- قصدك اى يا محمد. شايفة ياديداة.
خلاص ماتزعليش يا طنط.
رمقها نظرة اشتياق
قائلا باعجاب. فعلا يا بختي بمراتي.
كفاية يا واد هتاكل مراتك.
افاق من اعجابه بزوجته على صوت امه.

قائلا. اهاااااا في حاجة ياماما.
سوزان بسخرية. في محشي اغرفلك.
ياريت ياماما.
اؤمات براسها ايجابا ووضعت بطبقه محشي ورق العنب
وجه محمد حديثه الى فريدة بصرامة
قائلا باستفهام. فارس عامل معاكي اى في الشغل. اكيد تعبك.
رات الحزن كسي وجه فهي اصبحت لا تطيق ان تراه حزين ولو ثوانى
قائلة بحماس. الباشا مهندس كويس ودؤوب جدا في شغله.

نظر لها باستغراب. من الذي دؤوب؟ ومجتهد في عمله. هل جنت حقا. فصباحا دمر لها الدنيا بموافقته. التي لم تكن متوقعة منه. كان يريد ان يسالها سؤال هل تتحدث عن شخص اخر، ام عنه. لقد سحر بها وبطريقة حديثها عنه بالكذب، فهو لا يعى شيئا عن العمل بتاتا. ما الداعى اذا كذبت او قالت الحقيقة. فهى قررت ان تتقبله بعيوبه قبل ايجابياته. فهى ليست تلميذة حتى تظهر فشله امام اهله وتقلل من شانه. فالفشل هو اول طريق النجاح.

لقد سعد محمد كثيرا بابنه
قائلا بعدم تصديق. لدرجة دى فارس بقى ناجح.
واكتر مما حضرتك تتخيل.
الفضل كله ليكى يا بنتى.
ماتقولش كدة يا اونكل. هو اللى عنده اصرار وعزيمة. قالتها وهي تنظر الى فارس. تعده بان لا ترى حزنه مرة اخرى. نظر لها بامتنان. وامسك يدها التي كانت تحت الطاولة. ارتجفت يدها سريعا. من لمسته الغير متوقعة. نطقت نظراته بالشكر قبل كلماته...
ديداة. قالتها سوزان.
افاقت من احراجها.

قائلة باحترام. نعم يا طنط.
ما تباتوا عندنا النهاردة
سحبت يدها من يده على الفور
قائلة. لا ماهينفعش ؛ علشان شغلنا.
سوزان بعدم اقتناع. واى اللى هيعطل الشغل. ما انتو هتصحوا وتروحوا الشغل.
بس يا طنط
سوزان بحزن. واضح انى ماليش معزة عندك يا ديداة.
فريدة بعتاب. ماتقوليش كدة يا طنط انتى عارفة معزتك عندى.
خلاص اثبتلى وباتوا عندنا النهاردة.
نظرت لفارس تاخذ رايه واردفت له
قائلة باستفهام. انت رايك اى؟
اللي انتى عايزى.

لا قول انت ماينفعش انا
فى اى يا ولاد. هو انتوا بتتنقشوا في اجتماع وتاخدوا راى بعض. خلاص هتباتوا. قالها محمد بصرامة. وده اخر كلام. ثم تابع وهو ينظر الى زوجته. يلا يا سوزان نطلع نرتاح شوية. انا خلصت اكل.
اؤمات براسها ايجابا ودلفت وراء زوجها. وهم يصعدوا درجات السلم والسعادة تملئ وجوههما.
سوزان بسعادة. شايف يا محمد هيموت عليها ازاى.
ايوا شايف. فارس اتغير وبقي بيحبها.

سوزان بارتياح. اخيرا شفت فارس بيحب. ونسي الزفتة اللي اسمها ياسمين.
كان تفكيرك صح ان احنا نجوزه فريدة.
سوزان بغرور. علشان تعرف مراتك تفكيرها عامل ازاى.
محمد باعجاب. طول عمري عارف انك ذكية وفوق كدة جميلة.
سوزان بحياء. محمد ماتكسفنيش.
تعالي ندخل جوى قبل ابنك مايشوفنا، ويقول علينا مراهقين.
هزات راسها ايجابا، ودلفوا إلى غرفتهم
( منزل أحمد ).

يجرى معها اتصالا. لكن لا مجيب. يحاول مرة اخرى. نفس الرد. حاول مرارا وتكرار. ولكن ايضا. لا مجيب. اصابه القلق والخوف. ان يكون قد اصابها شىء، دلفت امه الى غرفته. راته يدلف الغرفة ذهبا وايابا بعصبية
قائلة بقلق. في حاجة يا احمد؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة