قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أبجدية الخيانة للكاتبة سهير محمد الفصل السابع والأربعون

رواية أبجدية الخيانة للكاتبة سهير محمد الفصل السابع والأربعون

رواية أبجدية الخيانة للكاتبة سهير محمد الفصل السابع والأربعون

- يا ابنى ما ينفعش كدة. قالها خالد بعتاب لاحمد. الذي لا يترك ابنته وهي في حضنه هتموت من الخجل والدموع على وجنتيها سيول من الفرحة.
- شوف صحبك.
- هو فاكرها دخلة ولا ايه. قالها بسخرية، وقرب منه و خبطه على ظهره.
- قائلا بهمس. فرعون كفاية فضحتنا
مازال على وضعه
- قائلا. محروم يا فارس
- هو انت شارب حاجة يااااااااااا؟
- لا وحياتك ما حصل.
- سيب البت لابوها، ليرجع في كلامه
تراخت يده من عليها قليلا.

- قائلا بخضة. يرجع ايه هو لعب عيال
جز على اسنانه بنفاذ صبر
- قائلا بهدوء عكس ما به
طب سيبه يباركلها.
ايقن كلام صديقه، وتركها بعد ان قبل راسها بسعادة.
اخذها اباها في حضنه، وبكى من فرط سعادته، وعيون احمد لم ترفع عن ندى. انا مغرم بك اكثر من قبل. لا اصدق انتى معى الان. واخيرا القدر صالحنى واصبحتى لى. بدات استمتع بحياتى كما لم افعل من قبل. عندما تكونين معى تكتمل سعادتى. وعندما اكون وحيدا يبحث قلبى عنك.

- واد يا فرعون روحت فين؟
- انا بحبها يا فارس.
سعد لصديقه، واخذه في حضنه
- قائلا بفرح. مبروك يا عم بقيت مراتك
- حلوة الكلمة دى اوى
- وهتبقي احلى لم تكون في بيتك
- يارب
- ربنا يجمعك بيها على خير
- يارب يا اخويا انا وانت.
- يارب!
بعد ان انتهوا ذهبوا الى نادى لاحتفالات ؛ ليستكملوا باقى الاحتفال فيه.

لم يجلسوا في اماكنهم من فرط السعادة، والاغانى ساعدتهم في ذلك كثيرا. احمد يرقص بفرح شديد، وى برقة وقليل من الخجل. وفارس وفريدة يشاركوهم الرقص
علي اغنية كتبوا كتابك. التي وجه احمد كلها الى حبيبته وزوجته ندى
- هالله هالله هالله يا مشاء الله
- هالله هالله هالله يا مشاء الله
- كتبو كتابك يا نقاوة عيني
أحلى كلام بينك يا حلوة وبيني
جه اليوم إللي تكوني فيه حلالي
منا أصلي طيب وأمي دعيالي.

كتبوا كتابك بالقلم ع الورقة
واللحظة دي في حياتي لحظة فارقة
حافظ التاريخ بالهجري والميلادي
أنا من إنهاردة هيبقا عيد ميلادي
وإبتسمي عايزة تترسمي
كتبوكي على إسمي بقا رسمي
هي العروسة والليلة ليليتها
سيبوها تتدلع على راحتها
زي القمر أجمل بنات حتتها
في الزفة مش هنيم منطقتها
وهالله هالله صلو على النبي يا جيرانها
عملت إللي ما يتعمل عشانها
هاتوا البطاقة وغيروا عنوانا
من الليلة دي بيتي بقا بيتها.

تعبت فريدة من اثر الحمل فتركتهم بهدوء، وفارس ورائها. قبل ان تجذب كرسي الطاولة. فعل ذلك قبلها وسط امتنانها. جلست عليها، وفارس بجوارها.
- ما تروح لفرعون
- ليه عيل صغير!
- قصدي ما تسيبهوش لوحده
- هو مش لوحده. معاى حبيبته. قالها وهو يوجه حديثه له
فريدة بخجل من نظراته
- قائلة بتفهم. اه.

عدل مقعده في اتجاه وجهها، وضع يده على الطاولة. ووجه على يده، وبدا يتمعن فيها بوقاحة بدون خجل. بدء من شعرها الذي يغازل وجنتيها بحب. وانفها العالى الذي يرفض الذل بجميع اشكاله. وشفتيها الذي يربد ان ينغمس فيه، ويخرج كل طاقة الحب والاشتياق. اريد توا ان اقبلك مهما كانت العواقب. فانا لا استطيع العيش بدونك. قلبى هنا ينبض باسمك انتى فقط. وروحى تشتاق اليكى في كل نفس بتنفسه. انت الهواء الذي يساعدنى عن العيش. الخجل يتملك من جميع خلايا جسدها، فنظراته غير طبيعية.

اتت اغنية رومانسية...
بهرب في حضن عنيكى تايه ونفسي الاقيكى
عايش ف بعدك عنى مشتاق للمس ايديكى
نفسي بشوقى تحسي تمحى بايدك جرحى
واللى دا فات ننساه وابدا معاكى انا فرحى
زى الملايكه في دنيتها ولا حد فكر يعارضها
كل اللى تطلبه يتحقق دى حاجه خارج ارادتها
متقولش تطلب تتمنا دى حور ونازله من الجنه
النظره منها تدوخ ناس وليها بس الكون غنا
بيكى الحياه بتحلالى ياللى شغلتلى بالى
عشت علشانك بكرة لجل ماتبقى حلالى.

كل العيون حباكى عشقك وبترجاكى
انك تكونى علشانى يوم فرحى تبقي ملاكى
ياضحكه جميله شيفينها يابسمه حب عرفينها
يانجمه عايشه وسط سحاب بتدارا لنحسدها
ياوردة مكانها ف البستان يا اية نازله من الرحمة
ياخفة دم موصوفه بتتباهى بشوق وحنان
بيكى الحياه بتحلالى ياللى شغلتلى بالى
عشت علشانك بكرة لجل ماتبقى حلالى
كل العيون حباكى عشقك وبترجاكى
انك تكونى علشانى يوم فرحى تبقي ملاكى.

ذهبت اليه سريعا ؛ تعرض عليه الرقص بدون خجل. ( وعلى راى المثل الذين اختشوا ماتوا )
- قائلة. باشا مهندس
فصلته من اشتياقه
- قائلا بضيق. نعم يا نفين
- ممكن ترقص معايا.
انصدمت فريدة من طلبها، ولكنها لم تظهر اى ردة فعل. صنم جالس في مكانه. تريد ان ترى المحترم زوجها. ماذا سيفعل؟
عايزة تشوف المحترم هيعمل ايه. تقسم في داخلها بانه اذا قام معها ستكون نهايته
- ما ينفعش يا نفين
- ليه طيب؟ هي مدام فريدة عندها اعتراض.

ارادت ان تختبره
- قائلة باستفزاز. لا طبعا روح يا فارس ارقص معاها
فارس بصدمة
- قائلا باستفهام. مين اللى يروح؟
- انت يا حبيبى
تضايق من برودها
- قائلا بعصبية. نفين امشي من وشي دلوقتى. لافقد اعصابى
علي الفور ركضت مكان ما اتت مرة اخرى
- ما ينفعش يا فارس كسفت البنت
- يعنى انتى اللى همك انها انكسفت، وانا فين؟
بنفس البرود
- قائلة. مالك؟
- فين غيرتك على؟
- غي...
شد كرسيها له، ونظر في عينيها.

- قائلا بتوعد. اقسم بالله لاربكى واعلمك الادب
نظرت في عينيه بدون خوف
- قائلة بتحدى. ورينى اصل انا متحمسة
- ماشي يا فريدة. قالها بتحدى وقام من على مقعده بعصبية
زمت فمها لامام
- قائلة بوعيد. فكر يا فارس اغلط وانا هخرب بيتك اكتر ما هو مخروب.

راى صديقه يرقص على اغنية شعبية. ذهب اليه وامسك يده، وبدائوا يرقصوا سويا، وبعد ذلك صعدوا على الطاولة، وقلعوا سترة البدلة. وبدات حرب الوسامة بينهما. فارس ضد احمد. اقارب ندى على خطيبها وحقدهم وغلهم بان تلك الصغيرة اصبح ذلك الوسيم من نصيبها، والشركة باكملها على فارس وخاصة نفين، رات النظرات مسلطة على زوجها اشتعلت غيرتها والنيران زادت بقلبها. تريد ان تقتله توا دون جدال. خاصة بعد ان شمر قميصه عن ساعده. وبرز جماله. رائها تضع يدها في خصرها. ونظرات التهديد والوعيد تملا عينيها. وتخبره بانك ملكى مهما افتعلت من المشاكل، وهو يؤكد لها بعنده. نعم انا ملكك. لكن هل انتى ملكى. ولا قسوة قلبك انستك ذلك ايتها العنيدة. التي اريد ان امسك يدك توا واتراقص معك. واعبر لكى عن الكثير والكثير. نظرات العتاب لم تدم.

لقد انقطعت الاغانى، فالبوفيه فتح
كالمعتاد. الجميع ركض على ااطعام. اما هو. نزل من على الطاولة. اقترب منها وجذبها من خصرها على صدره وسط رعبها وخوفها ان تضعف. والتهم شفتيها بنهم واشتياق. متجاهلا محاولاتها البائسة لابتعاد عنه. بدات تستسلم له. اميك وجهها وتحولت قبلاته الى رقة وعذوبة مثلما اعتادت منه بعد ان انتهى وضع راسه على راسها
- فارس
- بحميمية. نعم يا عيونه
- انا جعانة
- جوع اى دلوقتى!

هى لم تكذب. لانها تشعر بجوع شديد. فابنه مثله لا يريد ان يصبر. ابعدت راسها عنه
- قائلة بعصبية. انا جعانة
استغرب ردة فعلها
- قائلا بهدوء. خلاص يا حبيبى هجبلك تاكلى
- لا انا هختار
رفع حاجبيه بدهشة
- قائلا باستغراب. كمان!
هزات راسها ايجابا. امسك يدها، وذهب معها ؛ ليحضروا الطعام.

بعد ان انتهوا من اختيار طعام فريدة. جلسوا على طاولة بعيدة عن الناس ؛ لانها اختارت كميات كثيرة من الطعام على غير عادتها. وبدات في نهمه. وضع يده على الطاولة، وبدا يتفحصها وهي تتناول الطعام
- قائلا باستغراب. فريدة بتاكلى كدة ليه
وهى تاكل
- قائلة بطفولة. بقولك جعانة
- جعانة ايه قولى مفجوعة
- ايه الالفاظ دى
- الفاظ ايه سيبى الاكل كفاية هتفضحينا
- فارس بطل قلة ذوقك دى
- انتى مش شايفة نفسك
- الاكل طعم حلو اوى.

- هو ابوكى قافل التلاجة. وسايبك طور هايج
- انت مالك بيا
- يا حبيبتى انتى شوية وهتكلينى انا شخصيا
- ايه عمرك ما شفتش حاجة جعان
- شوفت كتير بس بالهيئة دى ما اظنش
- اديك شوفت. قالتها بضيق وقامت من مكانها
- فريدة انت راحة فين
- راحة اجيب مكرونة بالبشامل
- هي مش عجباكى الوليمة اللى قدامك دى
- ما هي خلصت
- ما لازم تخلص. ما انتى زى ما تكونى عمرك ما شفتيش اكل.

- ما هردش عليك. قالتها ببرود، وذهبت من امامه الى البوفيه
ضرب كف على كف
- قائلا باستغراب. هي الستات لم بتغضب بتنفجع
بعد ساعة. انتهى الفرح، وكل شخص ذهب الى بيته. اخذ ابنته بالقوة منه، حقا احمد هذا مجنون رسمى
- ادخلى اوضتك يا حبيبة بابا. وغيرى هدومك ونامى يا ندوش
- حاضر يا بابا. قالتها ودلفت الى الداخل.
كانت هي ايضا تذهب من امامه، وجه حديثه لها
- قائلا باستفهام. راحة فين يا حورية؟
التفت له.

- قائلة بايجاب. داخله انام.
- تنامى اه. مالازم تعملى كدة بعد الفضيحة اللى عملتيها لينا
حورية باستنكار
- قائلة بصراخ. فضيحة ايه يا خالد.
- وصوتك عالى كمان فعلا بجحة.
- انت بتقول ايه؟
تجاهل وقاحتها
- قائلا بنفاذ صبر. حورية لمى هدومك وروحى بيتكم.
- انت بتقول ايه!
- اللى سمعتى. انتى جبتى اخرك معايا. خلاص طاقتى نفذت من تصرفاتك
- انت واعى بتقول ايه.

- دى اكتر يوم انا واعى فى. انا زهقت منك ومن تصرفاتك وعدم مراعتك ليا او بنتك.
- لو سبت البيت ده ما هرجهوس تانى.
- ما هو دى المطلوب تغورى من وشى وما ترجعيش.
- ياااااا هان عليك العشرة.
- عشرة ايه يا هانم دى كانت قلة ادبك وقلة ضميرك.
خرجت ندى عى صوتهم.
- قائلة بقلق. في ايه بابا؟
- ابوكى بيطردنى من البيت.
- ايه ده ازاى!
- ادخلى يا ندى اوضتك.
- لا ما تدخلش تشوفك بعد العشرة بتطردنى.

- لمى هدومك انا هوديكى دار ابوكى بنفسى.
شعرت انها بتخسر كل شىء. ذهبت عند الباب وفتحته. وسط استغرابهما ودهشتهما. وبدات تصرخ لاعلى صوت لديها. خرج ورائها.
امسك ذراعها بعنف
- قائلا باستفهام. انتى بتعملى ايه
جذبت ذراعها من يده
- قائلة. بفرج عليك الناس. ثم تابعت بصراخ. الحقونى يا ناس الحقونى يا ناس.

كالعادة الناس اتجمعوا في اقل من ثوانى في الدور. هو يحاول ان يدخلها الشقة، وهي لا تكفى عن الصراخ واللطم والندب. ويا حرام بتخبر الناس ان جوزها القاسي الظالم طردها. احمد وامه رائوا المنظر. استحقرها احمد وكره زاد لها ؛ لانها دمرت سعادة ابنتها في اهم يوم في حياتها، لم نكتفى بالفضيحة التي افتعلتها في مركز التجميل. تريد ان تكمل باقى حقدها ونقصها. حقا امراة. ربنا يهديها او ياخذها. هذه امنية احمد يريد ان تتحقق سريعا. اقتربت منها رجاء ؛ لتهدائها.

- قائلة بادب. تعالى يا حورية عندى.
حورية بكره
- قائلة باستحقار. مبقاش الا انتى اللى اروح ليها
تضايقت من ردها
- قائلة بقوة. ومالى انا يا حورية؟
- بلاش اتكلم ما كل الجيران عارفين.
احمد بعصبية
- قائلا بتهديد. بقولك ايه يا ولية لمى نفسك بدل ما اديكى قلم ينسيكى اسمك.
- ما كل واحد بيدافع عن اللى شبه.
- ماما انتى بتقولى ايه؟
- هو انا اللى بقول مش شايفة قاعد يشتمنى هو وامه.
- احتراما لحضرتك مش هتكلم.
- تسلم يا ابنى.

- انت بتشكره قدامى. ما هو صحيح. اللى يطرد مراته في نصاص الليالى. اتوقع منه اى حاجة.
امسك ذراعها، ليدخلها الى الداخل. جذبت ذراعها من يده - قائلة بتهديد. انا بتطردنى يا خالد. انا هخلى ايامك كلها سواد.
بدون حسبان او تفكير
- قائلا بقرار نهائى. انتى طالق يا حورية.
اتسعت عينيها بصدمة
- قائلة بعدم تصديق. بتقول ايه؟

- بقولك طلاق بتلاتة. عن اذنكوا يا جماعة. قالها واخذ ابنته، ودلفوا الى الداخل. لم يكلمها احد، ولا خففوا عنها حتى. تركوها تاكل وتغل في نفسها. هي التي خربت بيتها بنفسها. لقد اتى الوقت ؛ لتدفع ثمن اخطائها. نظرت حولها لم تجد احد. الكل ذهب وتركها تنقهر بمفردها
بعد ساعة.

اتى اخاها باتصال من زوجها. واخذها بشنطة ملابسها. بعد ان اخرجتها ندى لها. نادى اباها عليها. فدلفت الى الداخل على الفور، جتى لا يعصل والداها عليها. اخذها اخاها وذهبوا الى بيته...
اغلقت الباب وتوجهت الى غرفة اباها. كان جالس على السرير يفكر. في الذي اقترفته زوجته وكيف كانت حياتهما.
رائها على باب الغرفة بتردد
- قائلا بطلب. تعالى يا ندى.
هزات راسها ايجابا. ودلفت الى الداخل، وجلست امامه على الفراش.

امسك يدها الصغيرتين
- قائلا. ظلمتك كتير يا ندى.
- ما تقولش كدة يا بابا.
- دى الحقيقة يا بنتى. ظلمتك لم كنت بضربك وبسمع كلامها
- بابا خلاص دى كان ماضى
- اول ما شفتها بهرتنى بتدينها وايمانها. لكن المنظر كان مسيطر. قسيت عليكى اوى يا بنتى.
- قسيت علشان تعلمنى وتربينى.
- عمر التربية ما كنت بالضرب. ده جهل وتخلف منا
في تلك اللحظة
كانت تدلف الصالة بمينا ويسارا، وتغل وتاكل في نفسها.

- قائلة بكره. بقى خالد يعمل معايا كدة!
- كفاية يا حورية اكيد عملتى حاحة
- عملتى ايه يا عمتى. قالتها زوجة اخاها بشماتة فيها
حورية بعصبية
- قائلة. جيهان اطلعى من نفوخى
اخاها بتحذير
- قائلا بكره. جيهان مراتى مش خالد جوزك تشتميها براحتك
- هو انا قولت ليها حاجة
- بقولك حاولى اتصالحى مع جوزك علشان ترجعى بيتك بسرعة
- للدرجة دى مش ضايقنى؟
تجاهلها
- قائلا. يلا يا جيهان علشان ننام
رمقتها نظرة كره.

- قائلة باستفزاز. يلا يا حبيبي
- يحبك برص يا بعيدة.
اخاها لا يطيقها ولا زوجته. انه لزمن غريب. كانت تجلس في بيت تامر وتتحكم فيه كيفما تشاء. كان الجميع تحت قدمها. الان تجلس في بيت اخاها لا يطيقها احد. دوارة الدنيا صعبة. كانت تسخر من واحدة مطلقة او مظلومة. اليوم ذاقت من نفس الكاس. وبزيادة ايضا. ومثال على ذلك رجاء التي كانت تكرهها وتراها امراة حقيرة
السؤال هنا
اين هي وابن رجاء الان؟

بعد مرور شهر، الجميع تاقلم في حياته، ندى اعتادت عدم وجود امها واتيان احمد اليها في الصباح ؛ للذهاب الى كلية الالسن قسم الاسبانى بجامعة القاهرة، تعيش اجمل لحظات حياتها مع احمد، وخاصة بعد ذهابه الى كليته ايضا، اليوم اصبح مختلفا بالنسبة له بالصباح الباكر محاضرات كلية الهندسة التي تنتهى، وبعد ذلك يذهب الى عمله في شركة f- r- f- بحب ونشاط وابتسامة الرضى التي تملا وجهه.

فريدة وجدت من يعوضها غيابه ولو بالقليل، وهو ابنه الذي تحمله في احشائها. كل اسبوع تذهب الى الطبيبة ؛ لتطمان على وضعها، وحمدا لله الامور بخير، لم تخبر احدا بوجوده معها. محتفظة به لها. حتى ياتى الوقت المناسب وتخبر الجميع...
هو مع الاسف لم يعتاد على غيابها، فدائما مشتاق اليها في كل نفس ياخذه، وبالكونة بيتها لا يتركها منذ رحيلها، النوم متقطع بالنسبة له...

اخرج تنهيدة حزن من صدره. افاقه صوت الهاتف من دوامة الكابة التي يعيشها. عندما راى اسمها. فتحه ؛ ليفرغ الغضب بها الذي يشعر به. ومشاعر كثيرة من الحزن تلتهم قلبه
- قائلا بكره. في ايه. عايزة ايه؟
- مالك يا فارس؟
- حاجة ما تعنيش امك
- فارس انت از...
- ياسمين لخصى عايزة ايه؟
- انا اسفة. قالتها بندم شديد
- لا والله لعبة جديدة من العايبك
- حبى ليك ماكنش لعبة
- ماتجبيش سيرة الحب على لسانك القذر ده.

- انتى ليه بتكرهنى للدرجة دى
- بكرهك دى كلمة قليلة على احساسي ناحيتك
- هو دى كله ذنبى علشان حبيتك
- من يوم ما رجعتى وانا بيتى اتخرب
- اتخرب في ايه احنا ماحصلش بينا حاحة
- اصرارك ووساختك ونكران الجميل لصحبتك
- فارس انا ما قولتش لفريدة حاجة
- هو انتى محتاجة تقولى ليها. دى ما شاء الله عارفة كل حاجة
ياسمين بقلق
- قائلة باستفهام. اكل حاجة ازاى يعنى؟
- عارفة انتى مين. كل حاجة يعنى، والكارثة سمعتنا يوم الحلفة.

ياسمين برعب
- قائلة بحسرة. يا نهار اسود
- يارب يجعل كل ايامك كلها سواد، وتحسى بحرقة قلبى
ياسمين بصدمة
- قائلة بعدم اقتناع. دى كانت عندى من شوية، ولسي ماشيه
- لانها جدعة وبنت اصول مش زيك
- فارس ازاى دى مستحيل
- تصدقى ولا ما تصدقيش. انتى منك لله. انا مش عارف عايشة في الدنيا تعملى ايه؟
- فارس انا...
- امسحى رقمى من عندك وماعنتش عايز اسمع صوتك ده. تانى. يلا من غير سلام. قالها بكره واغلق الاتصال بوجها.

جلست على الاريكة بدموع
- قائلة بعدم استيعاب. يعنى الفترة دى كلها كانت عارفة. طب ليه كنت بتزورنى او تهتم بيا. دى كانت بتعاملنى ولا بنتها. وانا خنت كل حاجة. حتى الصداقة خنت عهدها. يا ربى انا زبالة وملعونة للدرجة دى
بدات تانب نفسها كثيرا، وضميرها بدا يفيق...
بعد عدة ايام.

ذهبت، لكن تلك المرة مختلفة بعيدا عن التردد او القلق، لقد ظلت مهتمة بها، بدون ان تخبرها بانها تدرك كل شىء، طريقة عقابها لها ابشع واصعب من العتاب والخناق بكثير...
سالت احد الجيران عن منزل امها، دلتها عن البيت، وذهبت معها ايضا من كرم اخلاقها ومعاملة اهل الناس الطيبين، وجدت البيت بسيط جدا في الدور الاول...
طرقت الجارة البيت
- قائلة. افتحى. يا
- حاضر جاية اهو.

سمعت صوت امها الذي اشتاقت اليه كثيرا. تسارعت دقات قلبها. سائلة نفسها كيف سيكون استقبالها لها هي ووالداها.
فتحت لها الباب، وركضت الى الداخل
- قائلة. ادخلى يا منيرة هشوف الاكل.
دلفوا الى الداخل. تسمرت في مكانها من الاثاث المتهالك والعيشة التي اصبحت اهلها عليها.

- خدى وقتك يا حبيبتى. قالتها منيرة بحب ؛ لتلك السيدة التعيسة التي تعيش بمفردها بين جدران من اربعة حوائط. تركتها في الصالة، ودلفت الى المضبخ ؛ لتتحدث مع جارتها
وهى تقلب الطعام
- قائلة بصوت هادى. مين اللى معاكى دى.
- دى واحدة عايزاكى.
رفعت حاجبيها باستغراب
- قائلة باستفهام. عايزانى في ايه؟
- تلاقيها زبونة.
هزات راسها بعدم اقتناع، اطفات البوتجاز. بعد ان انتهت من طهى الطعام.

- بقولك ايه انا ماشية ؛ علشان العيال
- طب ما تقعدى
- لا علشان العيال وبالمرة اعمل ليهم اكل.
هزات راسها ايجابا
- قائلة. ربنا يقويكى يا حبيبتى
- ويقويكى
- يلا هشوفك على خير. قالتها وهي تدلف خارج المطبخ، ثم وجهت حديثها الى تلك الضيفة
- قائلة. نوريتنا يا قمر
ياسمين بارتباك
- قائلة. مرسي.
دلفت معها الى الخارج.

بعد ان اغلقت الباب ورائها، توجهت الى تلك الضيفة المجهولة، التي تشعر كثيرا بانها تعرفها، او قابلتها يوما ما.
- تشربى ايه يا حبيبتى؟
قامت من على الاريكة. التي تمتلك فراش بسيط مثل العيشة التي اصبح عليها اهلها
- قائلة باستفهام. انتى عارفة انا مين؟
تجاهلت نبرة الصوت التي متاكدة منها. لان ابنتها ماتت ومستحيل ان تعود، فالميت لا يعود
- قائلة ببساطة. اكيد زبونة عايزة تشترى بصل ولا جرجير.

ابتلعت ريقها بصعوبة. وتمالكت اعصابها
- قائلة بشجاعة. انا ياسمين
- ياسمين مين؟
- بنتك!
- بنت مين. انا بنتى ماتت من سنين
- ماما ازاى تقولى كدة
- قولتلك بنتى ماتت يا هانم
- هانم ازاى انا ياسمين! بابا فين؟
ضربت كف على كف
- قائلة بسخرية ممزوجة باستنكار. برضو مصرة
- انتى ليه بتنكرينى وانا قدامك. بابا فين؟ قالتها بصوت عالى، لعل والداها بسمعها ويخرج لها
- بحسرة. بنكرك زى ما انتى نكرتينا زمان
- انا عمرى ما نكرتكوا.

- اومال اللى انتى عملتى ده يكون ايه
- غلطة ودفعت تمنها كبير
- متاكدة؟
- ايوا متاكدة خلصت ديونى كلها. واهو رجعت وندمانة
- ندمانة على ايه ولا ايه ولا ايه!
- انا هصلح كل حاجة. انا اسفة
- هصرفها فين؟
- اى هى؟
- اسفك!
- كلامك بيوجع اوى
انفجرت في الضحك بحسرة
- قائلة بالم. بيوجع. ثم تابعت بدموع. دى اخواتى باعونى بالرخيص. قالوا ليا روحى شوفى بنتك الرخيصة. والشغل انطردنا منه. وابوكى!
- اه هو فين؟

- ابوكى في قبره من ست سنين
انصدمت
- قائلة بعدم تصديق. انتى بتقولى ايه؟
- اخواته بهدلوه وشتموه ومات بحسرته من عمايلك
ياسمين بصراخ
- قائلة ببكاء. اكيد بتقولى كدة علشان توجعينى.
- ياريته كان عايش والوجع مغدور عليه.
- انتى بتهزرى صح
- هو الموت في هزار
هزات راسها بنفى
- قائلة بعدم تصديق. لا مستحيل
- ادخلى دورى على ان لقتى.

ركضت الى المضبخ الذي قريب منها. لم تجده. الى المرحاض. البالكونة، لم تجده بها. تريد ان تكذب امها. فتلك اكيد وسيلة ؛ لمعاقبتها.
ثم توجهت الى اخر غرفة بترد شديد. لم تجده...

جثت ارضا في الغرفة. والدموع سيول والحسرة حاضرة بقوة في ذلك المشهد. والاحساس بالضياع وفوات الاوان. اين كنت؟ عندما هانه الزمن وغدرت به الايام. الكل في اقل من ثوانى باع وداس عليه بشدة متناسين تماما وقفته معهم. وانه كان دائما خير اخ وصديق لهم.
اباها غير موجود. احتضنه القبر. فهو احن عليه منها، ومن كل. من تركه في ازمته. غادر قبل ان تعتذر وتطلب سماحه. الحياة ضحكت عليها بخبث شديد. يلعن الحب الاف المرات.

دلفت الى الغرفة ؛ لتشاهدها تتحسر على فقدان اباها
- قائلة. مات لم الكل ذله ببنته. سبع سنين ماحدش بيخبط على الباب ده. غير الجيران اللى هم اساسا مايعرفوش احنا مين. الكل باع وساب واتخلى من غير حتى ما يسمع لينا. وانا انكسر كل حاجة جوايا.
- انا كنت راجعة اصلح كل حاجة
- هتمسحى الدموع ولا هتشيلى الهم ولا نظرات الناس لينا ولا الميت هترجعى. ولا هتعملى ايه بالظبط قوليلى انا معاكى
- انا اسفة.

- ما قولتلك هنصرفها فين
- ماكنش قصدى
صرخت في وجهها
- قائلة ببكاء. اومال قصد مين؟
- والله ربنا عقابنى
- انتى لسي ماشفتيش عقاب. ربنا يذلك ويكسر كل حاجة حلوة فيكى
- بابا
- عمره ما هيسامحك. منك لله
انفجرت في صراخ مرير
- قائلة ببكاء. بابا!
. انا اسفة!
لم تطيق صراخها اكثر من ذلك. امسكتها من ذراعها
- قائلة بكره. يلا امشى من هنا.
نظرت لها بدموع
- قائلة بحسرة. انا ماليش حد الا انتى
صفية بعصبية، وهي تشدها خارج الغرفة.

- قائلة. بقولك يلا انا بنتى ماتت
ياسمين برفض
- قائلة باستفهام. فين حبك ليا؟
- مات لم سبتينى وفضحتينا قدام الناس. يلا
- ماليش حد في الدنيا الا انتى بقولك
- روحى اللى كنتى عايشة معاى
- خلاص انا بموت وطالبة الرحمة
- كنتى ارحمى قبل ما تطلبى الرحمة. امسكتها من شعرها تجذبها خارحا. فهى لا تريد ان يتلوث منزلها الطاهر الذي يعم فيه ذكر الواحد الاحد.
امسكتها من يدها
- قائلة. سبينى اعيش خدامة تحت رجلكى.

- الله الغنى عن خدماتك
- انا ماليش حد هروح فين؟
- تروحى في داهية في مصيبة تموتى المهم ما اشوفش وشك تانى
- ريحى نفسك لو موتينى برضو مش همشي
- صحيح بجحة وقليلة الادب
- قولى اللى تقول هروح فين وهروح لمين.
امسكتها من عنقها
- قائلة بكره. فين حيائك ادبك اخلاقك فين؟
ياسمين بحسرة
- قائلة ببكاء. الدنيا سرقتهم منى؟ خدت اجمل ما فيا
ضغطت على عنقها.

- قائلة. انا هقتلك زى ما قتلتى كل حاجة حلوة فيا. هقتلك زى ما قتلتى بنتى واخدتيها منى
- اقتلينى انا جاهزة. بس اصلى الاول ؛ علشان لم اقابله اعرف اقوله حاجة
- اللى زيك هيكون في جهنهم ان شاء الله
- طب سبينى اصلح كل اخطائى، وبعد كدة اقتلينى.

- هو اللى بينكسر بيتصلح. قالتها وهي تضغط على عنقها اكثر. بدات تفقد التنفس. امسكت يديها تمنعها وتحاول ان تتملص منها، ولكن لا فائدة فهى انتظرت تلك اللحظة كثيرا حتى تاخذ حقها منها. لم تجد مفر غير ان تصرخ
- اه اه اه!
نازل على السلم سمع صراخ. في بيت جارتهم التي يعتبرها في مقام امه. طرق على الباب
- قائلا بقلق. في حاحة يا ام ياسمين
- الحقونى!
- مين اللى بيصوت عندك يا ام ياسمين
صفية بصراخ.

- قائلة. امشى يا فاروق مالكش دعوة
- الحقنى دى هتموتنى
يطرق على الباب اكثر ؛ لعلها تفتح له
- قائلا. هتموتى مين؟ مين اللى عندك؟
- بقولك امشى.
- في ايه يا فاروق؟
- مش عارف يا ماما واحدة بتصوت جوى
- ياسمين بصراخ. الحقونى انا بموت
- اى ده صوت مين ده.
طرقت على الباب
- قائلة بقلق. في ايه صفية
- خدى ابنك وامشى يا همت. مالكيش دعوة
- دعوة ازاى مين اللى عندك.

تجاهلت كل شىء، وعدم الاستيعاب سيطر عليها، ابنتها التي احتنصنتها وربتها على يدها وكانت تدعو لها ليلا ونهارا الا يصيبها مكروهت. متمنية من الله ان يجعل يومه قبل يومها. اليوم تقتلها بيدها لتغسل عارها ولا يشمت فيها احد. وتذهب الى الجميع وتخبرهم بانها امراة عفيفة انتظرت عودة ابنتها حتى عقابتها على فعلتها. ياسمين تنحدى امامها، تتطلع اليها، لا تطالبها بالرحمة. ( فارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء ).

كسر الباب، ودلف الى الداخل
رائها تمسك بعنق فتاة مجهولة. وهي تقترب من حافة الموت.
لطمت امه على وجهها
- قائلة. يا نهار اسود.
امسك صفية من خصرها. ورفعها عن تلك الفتاة
- سبنى اموتها. قالتها وهي تحاول ان تتخلص من يده.
امسكتها همت
- قائلة. صلى على النبى يا صفية
- عليه افضل الصلاة والسلام. قالتها وانفجرت في بكاء مرير.
فقدت ياسمين الوعى. بدا يربت على وجهها
- قائلا بهدوء. انتى يا انسة قومى.

لم تستجيب لندائه. وضع اصبعه على انفها. ليتاكد من تنفسها. اخرج تنهيدة ارتياح لان تنفسها طبيعى
سالته امه بقلق
- قائلة. ايه يا فاروق حصل ليها حاجة؟
- لا يا ماما هي بس مغمى عليها
- طب الحمد لله. هي مين دى يا صفية؟
فاروق بضيق من استفسار امه
- قائلا. ماما
- نعم يا فاروق
- اطلعى شوفى بابا اذا كان عايز حاجة
- بابا ايه في الظروف دى
- انا معاهم ماتقلقيش
- لا ما قدرش
جز على اسنانه بنفاذ صبر
- قائلا بعصبية. ماما.

- يا لهوى على اصرارك وعندك
طمانتها صفية
- قائلة بهدوء. روحى يا همت ما تخفيش ماهعملش حاجة
- اكيد يا اختى
- اكيد. قامت من جوارها
- قائلة. خلى بالك منهم يا فاروق
- حاضر يا ماما. دلفت خارجا.
بعد ان خرجت امه
- قائلا بادب. هشيلها
- هتوديها فين؟
- هدخلها الاوضة ؛ علشان تفوق.

هزات راسها بالموافقة. حتى ترى اخرها. حملها بهدوء بين ذراعيه. كانت مغمضة عينيها كطفل برى لا يعى للحياة معنى. تلك الفتاة تمتلك هالة من الجمال لا يمتلكها الكثير من الناس.
ووضعها في السرير وتوجه خارجا الى المطبخ ؛ لاحضار بصلة، بمجرد ان وضعها بالقرب من فمها...
فاقت على الفور
- قائلة. بصراخ. الحقونى!
- اهدى يا انسة مافيش حاجة
- انت مين؟
- انا فاروق
- فين ماما.
دلفت الى الغرفة عند سماع صوتها.

- قائلة بغضب. انا مش عايزة اسمع كلمة ماما من لسانك القذر ده.
انصدم فاروق
- قائلا باستفهام. هي دى ياسمين.
تجاهلت سؤاله، واقتربت منها
- قائلة. اشكرى فاروق لانك ى لحد دلوقتى عايشة بسببه
-...
- وبماانك فقتى تغورى من هنا مش عايزة اشوف وشك ده تانى
- طب اسمعينى
نفذ صبرها منها
- قائلة بعصبية. بت انتى بقولك ايه
ربت على كتفها
- قائلا بادب. اهدى يا خالتى صفية
التفت اليه
- قائلة بطلب. خدها يا فاروق من هنا لام هقتلها.

- تقتلينى ازاى انا بنتك
امسكتها من شعرها الذي تعرى ؛ حتى يراه القريب والغريب - قائلة باحتقار. قولتلك بنتى ماتت.
تدخل فاروق وامسك يدها
- قائلا. خلاص يا خالتى. انا هوديها
وجهت حديثها اليه
- قائلة باستغراب. انت مين وليه بتتدخل ما بينا؟
- دى خالتى وبعدين اسيبها تموتك وتدخل السجن
تجاهلته بتاتا ووجهت حديثها الى امها
- قائلة ببكاء. انا قولتلك ماليش حد الا انتى
- لو فضلت يا فاروق اكتر من كدة هنا. هتكون جثة.

- لا يا خالتى انا هاخدها. قالها بتاكيد. ثم امسك يد ياسمين و.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة