قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أبجدية الخيانة للكاتبة سهير محمد الفصل الرابع والثلاثون

رواية أبجدية الخيانة للكاتبة سهير محمد الفصل الرابع والثلاثون

رواية أبجدية الخيانة للكاتبة سهير محمد الفصل الرابع والثلاثون

تجلس على اريكة المركب وهو خلفها يجلس، يحضتنها بذراعه بقوة وحب، ناظرين الى السماء
- قائلة بالم. كنت في الاعداديه. كنت بحس دايما ان في حاجه غلط. بس كنت بكذب نفسي. كنت على طول عارفة ان في مشاكل بينه وما بين مامتي
صمتت قليلا. ثم تحدثت بدموع
- قائلة بصعوبة. كنت راجعة من المدرسه في يوم. دخلت البيت سمعت صوت ضحك وهزار واصوات غير طبيعية، دخلت اوضة بابا لقيته مع الخادمة!

ولم سالته قالى بتدينى الدواى بتاعى. طبعا صدقته لانى كنت صغيرة ومش فاهمة. بس لما كبرت شويه ابتديت افهم، و امي كانت عارفة ان هو بيخونها. بس كانت دايما طول الوقت بتكذب نفسها لانها كانت بتحبه اوي. وفي يوم صحيت الفجر تشرب. كنت بذاكر وقتها سمعت صوتها وبكائها
- قائلة بالم. ليه بتخونى يا حسين؟
- اهدى يا داليدا انتى فاهمة غلط.
- داليدا ببكاء. فاهمنى انت الصح.
ثم تابعت بعصبية.

- قائلة بقهر. واحد قالع ومعاى الخادمة. يبقى ايه محترم.
اقترب منها ليقبل يدها
- قائلا برجاء. طب ابوس ايدكى اهدى، علشان بنتك.
- بنتى هو انت عامل حساب لبنتى ولا اى حد.
بتخونى ليه؟

دى انا حبيتك. ليه الخيانة يا حسين. قالتها بحسرة، وسقطت جثة هامدة. فاقدة جميع معالم الحياة. وسط صراخ ابنتها. وصدمته بان ابنته سمعت كل شىء وعرفت كم انه انسان ندل وانانى وخاين بكل ما تعنى للكلمة من معنى. رمقته نظرة مهما فعل لها لا يستطيع ان يغير شىء
نقلت الى المستشفى
- دخلت في غيبوبة من تاثير الصدمة، وبعد ايام فاقت وطلبتنى اتكلم معاها.

دلفت الى غرفتها. اقدم قدم واخر قدم. عندما رأيتها موت آلاف المرات عليها. وطرحت سؤالا في داخلى بحسرة.
هل هذه امى؟ التي كانت تمثل الشباب والجمال. في ايام انتهى كل شىء. ملامح باهتة. وكبر كسي الشباب.
و حزن غطى الملامح. وحسرة ظاهرة على الجفون. امى تنحدر وايامها اصبحت معدودة والسبب ابى.
جلست على المقعد بجوار فراشها
- قائلة بحب. ديداة.
قالت ببكاء وهي تمسك يدها
- نعم يا ماما.
اخذتها نفسها بصعوبة.

- قائلة بطلب. ما تبكيش يا نور عيونى.
انفجرت في بكاء عنيف
- قائلة بطلب. ماما ما تمتيش وخليكى معايا.
اردفت بضعف
- قائلة بايمان. خلاص يا فريدة العمر انتهى.
بدموع سيول على وجنتيها
- قائلة بنحيب. ماتقوليش كدة انا بحبك ومن غيرك اموت.
- وانا بحبك يا احلى بنت في الكون.
- انا بكره بابا بكره بكره!
رفضت كرهى له فهو حبيبها الاول والاخير
- قائلة بطيبة. لا بابا بيحبك اوى، وما تقوليش كدة.
- هو السبب في دى كله يا امى.

- دى نصيب وقدر. حبى بابكى وخليكى دايما جنبه.
- ازاى تقولى كده، وهو السبب في دى كله.
- مش وقت كلام. نصيحتى ليكى.
نظرت لها باهتمام.
- قائلة داليدا بامر. اوعى عمرك تحبى اوعى عمرك تنكسرى. خليكى جبل شامخ. عمر الرياح ما تاثر فى. اوعى تنكسرى وتنذلي لحد. حتى لو جوزك. اوعى يا فريدة. قالتها كلماتها بصعوبة، ولفظت انفاسها الاخيرة. تراخت يدها من بين اصابعها. قلقت عليها فنادت عليها لم تجب
-...
حاولت مرة اخرى.

- قائلة بوجع. ماما
-...
هبت من على مقعدها برعب وهزتها
- قائلة بصراخ. ما ما ماما ماما ماما
-...
حركتها برفض تام لموتها ورحيلها عنها
- قائلة بصراخ اعلى. ماما ماما ماما ماما ماما ماما ماما ماما ماما ماما ماما ماما ماما ماما ماما ماما ماما ماما ماما ماما ماما ماما ماما ماما ماما ماما ماما ماما.

رحلت بصمت تام امام وجع وانكسار فريدة. ورفض موتها بكل الطرق. المستشفى قلبت مجرد سماع جهاز الانذار بانتهاء عمرها. ورحيلها عن ذلك العالم الظالم. دلف الطبيب اليها، تاكد من نبضها. هزا راسه بياس، ثم وضع الملاءة على وجهها. داعيا لها بالرحمة. سقط حسين ارضا لمجرد سماع اسمها مع الاموات. لم تخطا في حياتها. احبت وهامت عشقا وكانت الضريبة التي دفعتها. هي الموت بحسرتها من الخيانة. ضحت بالكثير والكثير. ضربت مثال عظيم في الزوجة المثالية كما قال الكتاب. داليدا عاشت تقدم وتضحى ولم تنتظر شيئا من زوجها. عاشت معه الكثير والكثير من الآلام والحزن والشقاء. ورحلت دون اى مجهود يذكر. تقف في زواية بعيدة من الغرفة، كانها تشاهد فيلم سينمائى حزين. عينيها ناظرة الى الفراغ، لسانها صمت عن الكلام، دموعها كانت شاهدة على انهيارات جميع دول العالم امام عينيها، تربت عليها عمتها وتحتضنها وتخبرها انها مكان امها، امها!

فهذا امر مثير للسخرية حقا، امها ماتت وقبل ان تدفن اصبح لها بديل، نظرت لها بحدة غير معتادة منها
- قائلة باستفهام. بابا فين؟
استغربت من حدتها في الكلام وسؤالها عن اباها، ولكنها اجابتها
- قائلة ببكاء. بابا برا يا حبيبتي منهار.

هزات راسها ايجابا، ودلفت خارج الغرفة. راته حقا منهار وضايع. وضميره ينهش فيه بلا رحمة. ويخبره انه اكبر ظالم في تلك الحياة والجنة لا تستحق امثاله الحقيرة تلك. بل جهنم في انتظاره بصدر رحب. وقفت امامه
- قائلة بالم. انا عايزة ماما. رفع وجهه اليه غارقا في الدموع
انصدمت فاطمة من سؤالها
- قائلة بحسرة. فريدة يا حبيبتى. انتى بتقولى ايه؟
تجاهلت كلامها وعادت سؤالها بعصبية
- قائلة بحزم. انا عايزة ماما.

لم يرد عليها غير بدموع الحسرة والالم
قالت فاطمة لها بهدوء وهي تربت على كتفيها بحنان الام
- يا بنتى وحدى الله.
امسكتها من قميصه بعصبية. استغرب كثيرا فعلها فهى معروف عنها السمعة والطاعة.

- قائلة بصراخ. بقولك عايزة ماما عايزة ماما ماما ماما ماما ماما ماما ماما ماما ماما ماما ماما ماما ماما ماما ماما ماما ماما. انا بقيت يتيمة بسببك. انا بكرهك يا حسين السيوفى بكرهك بكرهك بكرهك بكرهك بكرهك بكرهك بكرهك بكرهك بكرهك بكرهك بكرهك بكرهك بكرهك بكرهك بكرهك بكرهك بكرهك بكرهك بكرهك. صراخها يرتفع شيئا فشيئا. امسكتها عمتها لتهداتها. ظلت على وضع تردد كلمات الكره والبغض والالم. حتى غشي عليها...

عادت الى ارض الواقع. مسحت دمعة فارة من على وجهها بقوة وشموخ
اندهش من قوتها وجبروتها برغم ما مرت به
- قائلا بالم. انتى جبل.
- انا فريدة السيوفى!
- ازاى استحملتى دى كله؟

- استحملت دى كله بالصبر والايمان، وبمساعدة الطبيب النفسي. بعد موتها ما صدقتش انها مشيت وسابتنى، ماكنتش حابة اتكلم مع بابا، ولا مع اى حد. فعمتى ودتنى لطبيب نفسى. ساعدنى كتير علشان اتخطى الازمة. قال لبابا ماهترتحش الا لم تسافر. و فعلا بعد الثانوية. سافرت امريكا اكمل تعليمى هناك. بعدت عن المكان اللي بيذكرنى بامى. وبكل حاجة وحشة مرت على. لم سافرت بابا كان بيموت. بس ماقدرش يقول ليا لا، لانه كان شايفنى بموت كل يوم من غير امى. سافرت وهناك كنت بتابع علاجى مع دكتور نفسي. بابا دايما كان بيسال على. تقريبا مافيش يعدى من غير ما يتصل على.

- كنتى بتكلمى؟
- اه. ما ماما وصتنى على.
- كان احساسك ايه وانتى بتكلمى.
قالت بدموع وهي تنظر له.
- الم قهر حاجات كتيرة اوى يا فارس.
مسح دموعها
- قائلا برجاء. كفاية دموع.
لعقت شفتيها بتوتر
- قائلة بخوف. هو انت هتسيبنى؟
رمقها نظرة عشق
- قائلا بايجاب. حد يسيب روحه.
قالت بامل.
- بجد يا فارس.
لم يرد عليها فقد نفذت جميع الكلمات في عشقه لها. هجم على شفتيها، وقبلها بشغف وحب. لياكد لها ان الفراق بينهما شىء مستحيل.

احتضنها بقوة. وقربها منه بشدة. يعبر لها عن مدى حبه الشديد. وهي تبادله القبلات بخجل شديد. تعبث بشعره. ويده مغروزة في شعرها. يضع بصمته عليها، ليثبت لها انها ملكه ولا مفر بينهما. فالحب والحنان والامان سيصبح رفيق دربهم في أيامهم القادمة.

بعد دقائق من الشغف العنيف. ابتعدت عنه بخجل، لتلتقط انفاسها التي قبضت في قبلته الطويلة وعاطفته المشتاقة والمتلهفة الى لحظات من العمر لن ولم تكرر بسهولة. اغمضت عينيها. وضربات قلبها تعلو وتهبط، واضعا راسه على راسها. وضامها اليه بقوة
- قائلا بحب. كنتى فين من زمان؟
- فريدة بهيام. في الدنيا.
- لو كنت اعرف بوجودك ماكنتش عشت اللى عشته.
فتحت عينيها ونظرت له بحب.

- قائلة بالم. ولا انا كنت عشت اللى عشته. كفاية وجودك كان اكبر علاج ليا.
- احنا كنا ضايعين.
هزات راسها ايجابا.
قال وهو يقترب منها ؛ ليقبلها...
- بس القدر جمعنا.
بعدت وجهها عنه بخجل. وسط دهشته
- قائلا بهمس. ليه بتبعدى؟
فكت يده من على خصرها.
- قائلة بخجل. كفاية كدة.
ثم قامت من على الاريكة
- قائلة برجاء. يلا علشان نروح بقى.
قام من على الاريكة
- قائلا باستغراب. في ايه؟
ثم تابع باشتياق.

- قائلا بصدق. انا مش قادر اشبع منك.
قالت بخوف من مشاعرها ان تضعف، وتستسلم له في اقل من ثوانى
- فارس ما ينفعش يلا نروح.
- انتى مراتى.
كانت مضطربة، ويدها تترجف بسرعة شديدة، وعينيها تحديد يمينا ويسارا، و تنظر الى السماء وواضح عليها معالم القلق والرهبة من الوضع الذي وضعت فيه. وظاهر عليها اضطراب المرض النفسى.
اقترب منها بهدوء ناظرا لها بحب. يدعوها ان تطمان. ملات الدموع عينيها
- قائلة بعجز. انا اسفة.

ارتعب قلبه لمجرد بكائها، واجتذبها الى حضنه على الفور
- قائلا برقة. انا اللى اسف.
- انا تعبانة. لازم تتحملنى.
- ماتقوليش كدة. قالها برجاء منها. ان تكف على قول تلك الكلمات. من غيره يتحمل تقلبات شخصيتها الفريدة من نوعها. فهى الشىء وعكسه. ثم خرج من حضنها ماسحا دموعها.
- قائلا بامر. ماعيزاش اشوف دموعك تانى.
هزات راسها بطفولة وبراءة شديدة.
- فارس بهزار. يلا ننام مع بعض بقي.

اتعست عينيها بدهشة، وضربته على كتفه بحدة
- قائلة بغضب. تصدق انك قليل الادب.
- واصدق ليه ماهى دى الحقيقة.
- وش كدة!
- اومال ايه. وبعدين هو انتى هتنامى مع حد غريب.
تضايقت منه
- قائلة بتحذير. فارس بطل هزار.
اراد ان يلعب معها
- قائلا بجدية مصطنعة. فين الهزار في كدة يا ديداة.
- اوعى تكون بتتكلم بجد؟
- اومال ايه!
- لا انا عايزة اروح.
وفجأة بدون سابق انذار. حملها بين ذراعه واصبحت بين احضانه. وسط صراخها ورعبها.

- قائلا بهدوء. اهدى يا ديداة.
اردفت بعصبية
- قائلة بامر. نزلنى يا فارس.
- هو انا هغتصبك. دى انا جوزك.
- انت قليل الادب نزلنى.
- طب ممكن تهدى
صرخت في وجهه
- قائلة بعصبية. ماهداش الا لم تنزلنى.
هزا راسه ايجابا، وانزلها بهدوء.
- قائلا بتوضيح. كل الحكاية انا عايز اخدك في حضنى. في مانع في ده؟
تجاهلت كلامه، وهي تتخطاه.
- قائلة بضيق. وانا عايزة اروح
قال بصدق وهو يقف امامها، ويعيق طريقها عن الرحيل.

- ديداة ما تخفيش انا مهعملش حاجة.
- فارس لو سمحت ممكن توسع.
- اعملك ايه علشان تصدقى انى مهاذكيش.
- فارس انا عايزة اروح ممكن.
هزا راسه بحزن شديد. وازاح لها الطريق. تخطته بخطوة.
ثم التفت له. راته حزين بما تفعله معه. ارادت ان تلطف الجو. فاقترحت عليه
- قائلة بطفولة. هنام معاك بس مافيش حاجة هتحصل ما بينا.
ابتسم على كلامها
- قائلا بحب. دى كلام رجالة ما تخفيش. مع انه صعب.
( صباح يوم جديد بمفاجات ).

ذهبوا الى الشركه يد بيد وسط ذهول الكثير من الموظفين لانهم ليسوا معتادين عليهما بتلك الحميمية والرومانسية، هي ترمقه نظرات الحب، وهو يكاد يقتلها من حبه العميق. حقا لم يعترفوا بحبهم لبعضهم البعض. لكن نظراتهم وتماسك اياديهم يدل على المليارات من دواوين الحب، نظرات عينيهما تدل على دواوين الحب التي انزلتها قصائد الغزل المباح بين الاحبة في جميع الازمان والاوقات.

دلف كلا منهما الى مكتبه، هو يتابع رسوماته الهندسية، وهي تتابع امضاء الملفات المهمة، تسرح فيه من حين لاخر، وهو ايضا يختطف لحظات فراغ في العمل ليفكر فيها. ويخرج تنهيدة حارة من صدره. متذكرا انه اصبح في حياته، امرأة مختلفة النمط، وهي فريدة السيوفى تستغرب نفسها كثيرا.
من هو ليفعل بها كل ذلك؟

هل هو ساحر اصابها بلعنة وسلط عليها عفاريته، ام هو عاشق حقيقي احبها ويريد ان يعيش معها الباقي من حياته. غير مهتم بتاتا لما سبق من قبلها.
الحياة كانت درس قاسي بالنسبة لكلايهما. ومازالت، ولكنه سينتظر حتى تعرف ماذا تريد، و ذلك سيتم بعد علاجها من مرضها المزمن. الا وهو كرهها الشديد للرجل.

لم يكن هو السبب في ذلك. اباها السبب في انانيته وظلمه وحقده وشهوته العالية دون الاهتمام بابنته او زوجته بخلافه هو، فهو كان متمردا على اهله ؛ لانهم رفضوا حبه فكان امامه طريقين. اما ان يسير في دربهم، او يعاقبهم على فعلتهم الشنيعة معه. فهو مع الاسف اختار الطريق الثانى. وقبل ان يصل الى الحافة انقذته روحه وقطعة من جسده زوجته الاولى والاخيرة فريدة السيوفى.

لم تفيق و مازالت كما هي على حالتها ترفض الرجوع للحياه. ترفض ان تكون عبدة مقيدة مذلولة. تريد ان تعيش الحياه بحرية مع من اختاره قلبها. لكنها فقدته، وفضلت ان ترحل دون ان تتعب الاخرين معها، لكنه ما زال بانتظارها يموت قهر والما عليها. يدلف يمينا ويسارا. منتظر ان تفيق وتحدثه ويخبرها بانها اصبحت حبيبته وخطيبته.
ما اصعب الانتظار!

وما اصعب حروفه وكلماته والنطق به والشعور به، ولكن ما باليد حيلة. سيظل الوضع هكذا الى ان تفيق وتخبره بانها معه وليست عليه. امها تنظر اليه بحقد وكره. وتدبر له المصائب. ولكن ذلك سيتم بعد ان تفيق ابنتها. حينها ستتخلص منه نهائيا. وتعاقب زوجها على كل شيء فعله معها ومازال يفعله.
قرر ان يتصل بصديقه، ويروح عن ما يجول في خاطره
فاخرج الهاتف من جيب بنطاله يخبره بجمي ع الالمه واوجاعه...
ترن ترن ترن.

كان مشغولا جدا في الرسومات الهندسية. فتسليم مشروع القرية السياحية بكرة. فامسك الهاتف بعصبية. راى اسمه. فتحه
- قائلا بغضب. في ايه يا زفت؟
لم يبالى بردة فعله الغاضبة
- قائلا بوجع. ندى يا فارس.
ترك ما بين يديه
- قائلا بقلق. مالها ندى؟
- تعبانه بين الحياة والموت.
هب من على مقعده
- قائلا بخوغ. انت بتقول ايه؟
- قائلا ببكاء. بقولك ندى بتفارق الحياة.
- يا نهار اسود. طب فهمنى ايه اللي حصل؟

- شربت دواء يوم خطوبتها الزفت، ومن ساعتها وهي في المستشفى...
( الحديقة الخلفية)
قالت سوزان بالحاح على زوجها.
- ما تكلم يا محمد ابنك. وافهم ايه اللي حصل بينه وبين مراته.
كانت طوال اليوم تزن عليه وتصر ان يجري اتصال مع ابنه ؛ حتى يطمئن قلبها، وتعلم ما الذي يحدث في البيت او الامور وصلت بينهما الى اين؟

هل بالفعل طلقها امس. ام الامور بينهما حلت ورجعت الى وضعها الطبيعى. غريبا عليها ان تقلق على زواج ابنها و وخوفها من فشله. فالكثير من الامهات اصبحنا هم السبب الاساسي والرئيسي في تخريب بيوت ابنائهم وهذا اصبح مع الاسف ما نشاهده مؤخرا عبر صفحات التواصل الاجتماعي وقنوات التلفاز التي لا تخلو من المشاكل الزوجية. ولكن سوزان ترى ان فريدة زوجة مثالية لا تقدر بثمن، وتلك الياسمين فهي ناكرة ومجرد خادمة لهم. فسلطة المال اقوى بكثير من اي سلطه اخرى، وخاصة في ذلك الزمن. التعامل مع تلك الطبقات الراقية يحتاجون الى اشباههم وليس بقايهم. بعد ان ملت من اصرارها عليه. بان يكلم ابنه ويعرف ما حدث. اخبرته بانها ستكلم زوجته. وما المانع في ذلك؟

تركها زوجها تفعل ما تفعل. خاصة بعد ان اكد لها بان زوجة ابنها ليست من ذلك النوع ( القليل والقال)
امسكت الهاتف تجرى هي اتصال معها.
وهي تتابع عملها في جد ونشاط. افاقها من دوامه الاجتهاد صوت الهاتف المزعج الموضوع على مكتبها. نظرت اليه بضيق رات اسم حماتها مكتوب تركت ما بيدها احتراما وتقديرا لها، وفتحت الهاتف على الفور
- قائله بابتسامة. ازي حضرتك يا طنط وحشاني.

- سوزان بتصنع. انا زعلانه منك يا ديداه لو كنت وحشتك بجد كنت كلمتيني.
- هو انا اقدر على زعلك. بس والله مشغولة كتيره، وحضرتك عارفه الشغل
- خلاص هعديها. علشان انتى حبيبة قلبي بس.
- تسلمي يا طنط. ايه اخبارك واخبار عمي؟
- احنا كويسين ما دام انت وفارس كويسين.
هزات راسها باستيعاب. فهى في البداية تعلم بان هذا الاتصال ليس بريئا، وانما هو استفسار والتدخل في الشؤون. فظنها كان في محله عندما طرحت سؤالها.

- قائلة بفضول. اخبارك ايه انت وفارس؟
- الحمد لله تمام كويسين.
- اصل امبارح بابكى اتكلم مع عمك. وقال في خلافات ما بينكم.
- لا ده كان سوء تفاهم ما بيننا واتحل.
استغربت من هدوء ردها
- قائلة بشرح. سوء تفاهم ايه؟ دى بابكى قال انك طالبة الطلاق.
- ما حضرتك عارفه يا طنط كل المتجوزين بينهم خلافات.
- وايه الخلافات اللي ما بينكم وصلتك لطلب الطلاق.
بمنتهى الادب والدوبلومسية اجابتها.

- قائلة بقوة. اعتقد ان دى شىء بينى وبين فارس.
توا صفعتها على وجهها واحرجتها بالادب واخبرتها بطريقة غير مباشرة ان المطلوب منها هو السؤال على صحتهم واخبارهم، وليس التدخل في شئونهم.
ردت عليها باحراج
- قائلة بخجل. اجابتك وصلتنى يا فريدة.
قالت فريدة بادب.
- اتمنى ما يكونش في زعل.
- زعل ايه؟ دى سعادة ان ابنى في حياته واحدة زيك.
- قالت بمجاملة. دى من زوق حضرتك يا طنط.

- قلبى يا ديداة. سلام بقى علشان ماعطلكيش عن شغلك
- سلميلى على اونكل.
- يوصل يا فريدة. وابقى سلميلى على فارس.
- تمام. في رعاية الله. قالتها واغلقت الهاتف معها. ورجعت تواصل عملها...
لم يطرق الباب عليها، فتحه ودلف اليها سريعا. هبت من على مقعدها بمجرد دخوله، ورات على وجهه معالم القلق و الحزن الشديد، ذهبت اليه ووقفت امامه، وامسكت يده
- قائلة بقلق. مالك في ايه؟
- ندى في المستشفى.
قالت ببرود
- طب ما انا عارفة.

انصدم من كلامها وبرودة اعصابها
- قائلا باستغراب. عارفة، وازاى مش تقوليلى؟
- اقولك ازاى. وكل شيء هينكشف.
- هو ايه اللي هينكشف؟
- انى السبب في دخولها المستشفى.
- فارس بصدمة. ازاى ده؟ فريدة اهدى على وفهمينى بالراحة كدة.
هزات راسها ايجابا
- قائلة بهدوء. مش هو دى كان اتفاقنا.
رفع حاجبيه باستغراب
- قائلا بتعجب. اتفاق ايه!
- ان ندى تكون لاحمد.
- فريدة انتى مش مدركة ندى بين الحياة والموت.

- يا فارس افهم ندى مش في غيبوبة. هي بتاخد دواى منوم.
اردف باستغراب
- قائلا بعدم فهم. منوم!
ثم تابع ليستوعب ما تقوله توا
- قائلا بطلب. لا استنى.

قصت فريدة له الحكاية من اول ما ادعت عليه المرض. وذهبت الى مدير المستشفى. الذي لا يبعد عن بيت ندى كثيرا. وبمجرد رؤيته للمال وافق على كل شيء فورا. بعد ذلك ارسلت دواء لندى. يجعلها تهلوس وتغيب عن وعيها وتفعل ما فعلته يوم خطبتها، ويشك الجميع بانها مجنونة. واولهم عريس الغبرة ذلك. وكما توقعت الجميع صدق بانها فقدت اعصابها وتم فسخ الخطبة قبل ان تبدا. وهنا اتت مرحلة المستشفى...
بعد ان انتهت. صفق لها فارس.

- قائلا بانبهار. انتى ازاى جتلك الفكرة دي ازاى.
قالت فريدة بغرور مصطنع
- دى اقل حاجه عندي.
- بس انتى لازم تتعاقبى.
- اتعاقب وليه بقي؟ هو انا عملت حاجه؟
قال وهو يقترب منها بخطورة
- قائلا بخبث. دى كلوا ومعملتيش.
تبتعد اقدامها للخلف
- قائلة بارتباك. فارس احنا في الشغل.

- شغل. قالها ونظرات عينيه لا تبشر بالخير ابدا. يقترب خطوة خطوة. وسط رعبها ورغبتها ؛ حتى خبط ظهرها في الحائط واحتجزت بين ذراعيه. ناظرا الى عينيها بحب متاملا جمالها البسيط ورونقها الهادى العفيف. رفع يده بجراة يعبث بشعرها الكثيف. ويلامس وجنتيها برغبة شديدة. ونظراته لا تهدا عنها.
قالت بضياع وضربات قلبها العنيفة تكاد تخرج من ضلوعها
- فارس ما ينفعش. حد يشوفنا.
ويده تلامس شفتيها بشهوة.

- قائلا بعدم اهتمام. ما يشوفونا. هو احنا بنعمل حاجه غلط. قالها وهجم على شفتيها يقبلها باشتياق شديد. بادلته الحب بخجل وضعف.
قال ما بين قبلاته لها
- مابقتش مهتم لا بالزمان ولا المكان. كل اهتمامى انتى.
قالت فريدة وهي تضيع بين قبلاته الحميمية
- انت مجنون.
ويداه تسير على جسدها باشتياق ولهفة
- قائلا بهمس. بيكى.

السعادة كانت العامل المسيطر عليهما، بانهم اخيرا تقابلوا، وجميع الحواجز بينهما همشت واصبحت رماد في جدران المقابر. تتنفسه وتحضنه بضعف شديد. تختلط انفاسها مع انفاسه بعيدا عند السماء بين النجوم تاركين الارض بقوتها وجبروتها. عايشين لحظة لم تعوض في الحياة كلها. ترك شفتيها و قبل رقبتها بشهوة. تسارعت دقات قلبها اكثر، وحلقت الى اعالى اعالى السماء.
- قائلة بتحذير. فارس ما ينفعش احنا في الشركة.

ابتعد عن رقبتها. ناظر الى عينيها المستسلمة
- قائلا بشهوة. تولع الشركة انتى واحشانى. مش كفاية نمت جنبك زى الاخوات امبارح.
فتحت عينيها بضعف
- قائلة برجاء. فارس كفاية جنون بقي.
راى في عينيها مدى تاثيره عليها. فسعد كثيرا، فحبيبتى تمتلك عينين تفصح عما داخل قلبها. قبل ارنبة انفها المتعالى الجميل.
- قائلا بعشق. انتى الجنون بحد ذاته.
نظرت الى جمال عينيه. فهو بحر عميق ياخذك الى عالم ثانى.

- قائلة باعجاب. عيونك حلوه.
اردف بوقاحة
- قائلا بخبث. عيونى بس؟
ضربته على كتفه
- قائلة بخجل. فارس.
- يا عيون وروح قلب فارس.
قالت فريدة بابتسامة
- اى دى كله.
- دى اقل حاجه عندى.
- طب اى اعلى كلام عندك.
قال بجراة وهو يغمز لها بوقاحة
- كلام. انا رجل افعال وليس اقوال.
قالت باستنكار وهي تضحك على كلامه
- يا ربى قاموس في الوقاحة.
- قائلا بصايعة. هو انتي لسي شوفتى القاموس ولا جربتى.
خجلت كثيرا من كلامه الوقح.

- قائلة باستفهام. فارس هو انت كنت جاى ليه؟
- انا كنت جاى علشان نشوف فرعون ونزور ندى.
هزات راسها بالموافقة
-...
( تسارعت الاحداث )
اصطفت سيارته امام المستشفى. فتح بابها، ودلف منها. امسك الهاتف واجرى اتصال معه. واخبره انهم بالخارج في انتظاره
رد عليه احمد
- قائلا بهدوء. دقايق واكون عندك. قالها وهو يغلق الخط مع فارس...

رائه يخرج من المستشفى. بمجرد وقوع عينيه عليه. ركض اليه سريعا وارتمى في حضنه بحزن واسى شديد. بادله فارس الحضن، وهو يربت على كتفه بحنان
- احمد بالم. ندى بتضيع منى يا فارس.
- ماتقولش كدة يا فرعون.
- الدكاتره بيقولوا مافيش امل.
لم تستطع الانتظار. فتحت باب السيارة وخرجت منها وتوجهت اتجاهه. عندما رائها خرج من حضن صديقه
- قائلا باستغراب. انتى جيتى؟
هزات راسها ايجابا
رمقها نظرة الم.

- قائلا بعتاب. وعدتنى انك هتشوفى حل.
اجابته بجدية
- قائلة بصدق. وانا لسي عند وعدى.
اردف بانيهار
- قائلا بعجز. فين وعدك ما خلاص كل شئ راح.
- انت ضعيف اوى يا فرعون.
- انا عمرى ما كنت ضعيف. بس ندى دى حاجه تانية.
قالت بامر وهي تدلف الى السيارة مرة اخرى.
- هنشوف الموضوع ده بعدين. يلا.
هزا احمد راسه بعدم فهم. ووجه سؤاله الى صديقه.
- قائلا باستغراب. هو في ايه؟
قال فارس بهدوء
- هتعرف لم تيجى معانا.

- اجى معاكوا فين؟ انا مستحيل اسيب ندى.
- ما هو الموضوع بخصوص ندى.
رفع حاجبيه بعدم فهم
- قائلا باستغراب. بخصوص ندى ازاى ده.
فتحت شباك السيارة
- قائلة بهدوء. ماهنتكلمش في الشارع يعنى.
- هي مالها مراتك مش طايقنى ليه؟
- ديداة بتهايئلك. دى أجمل مخلوق في الكون
غمز له باستفسار
- قائلا باستغراب. من امتى ده؟
- من النهاردة انت مالك.
قالت بصراخ عليهما. - بطلوا كتر كلام ويلا.

مجرد صراخها ركضوا سريعا الى السيارة وركبوا بجوار بعضهم البعض. وسط استغرابهم الشديد. بانها علت صوتها عليهم ولم يعارضوها او يفكروا في الدخول معها في جدال. فتلك هي فريدة السيوفى من لا ينفذ كلامها ستكون نهايته.

بعد دقائق وصلوا الى منزلهما، وجلسوا في الحديقة الخلفية. يتجاذبوا اطراف الحديث. بكل ما فعلته لندى. وانها تعلم بانها طاريحة الفراش. كل ذلك واكثر تحت اشرافها وتاسيسها. وانها وعدته بان تكون ندى له وليس لغيره. وهي كما قالت نفذت. لم يستوعب عقله ما فعلته. فهب من على الاريكة بعصبية
- قائلا بعدم تصديق. انتى بتقول ايه؟
اجابت عليه فريدة ببرود
- قائلة بقوة. اللى سمعته.
- وبتقوليها بكل برود كدة عادى.

تضايقت من ردة فعله
- قائلة باستغراب. دى بدل ما تشكرنى.
- اشكرك!
قامت من على الاريكة
- قائلة بغضب. اه تشكرنى.
اشار احمد على قلبه
- قائلا بوجع. انتى عارفة كان احساسى ايه؟
قام فارس من على الاريكة ووقف بينهما، حتى لا يحدث شجار عنيف
هبت فيه فريدة
- قائلة بغضب. تصدق انك غبى وحيوان.
لم يرد عليها ووجه العتاب لصديقه
- قائلا بضيق. شايف مراتك بتقول ايه.
ربت فارس على كتفه
- قائلا برجاء. عاديها الناس لبعضيها.

اردفت فريدة ببرود
- قائلة باستغراب. انت متنرفز على ايه، وهو انت كنت متوقع ان ابوها يوافق على خطوبتك منها.
- سبينى عليها يا فارس.
- معلشي يا فرعون اختك الصغيرة.
- اختى مين دى لو اختى كنت ولعت فيها.
- ولعة لم تمسك فيك.
فارس باستغراب
- قائلا باستفهام. فريدة انتى بتقولى ايه.
ضحك احمد على كلامها
- قائلا بسخرية. هو انت علمتها قاموس قلة الادب بتاعنا.
- صحيح اهبل ومتخلف.
- يا بت احترمى نفسك بدل ما اضربك.
هب فيه فارس.

- قائلا بعصبية. تضرب مين يا روح امك هو انا كيس جوافه واقف.
- انتى مش شايف قلة ادبها.
- فارس بتحذير. فرعون اقطم بدل ما اغير ديكور وشك.
تدخلت فريدة في الحوار
- قائلة. وانت تغير ديكور وشه ليه هو انا اتشيلت.
رمقها فارس نظرة حزم
- قائلا بعتاب. ديداة ما هو مش تصرف.
- قصدك ايه. ان انا اللى غلطانه.
- لا بس نستحمله.
- استحمله لو كان محترم.
- ديداة دى صحبى. لو سمحتى.
زمت فمها لامام
- قائلة بعفوية. خلاص.

ربت على كتف صديقه بحب
- قائلا برجاء. ما تزعلش منها يا فرعون.
- وازعل ليه يا صحبى دى اختى الصغيرة.
- هو دى العشم.
- انا اسف يا فريدة.
ردت عليه بادب
- قائلة باحترام. عادى ولا يهمك يا فرعون
- طب ندى هتفوق؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة