رواية أبجدية الخيانة للكاتبة سهير محمد الفصل الثاني
والمناقشة انتهت كالعادة. بحزن جميع الاطراف وكسرة قلبه الذي تدمر نتيجة انتظاره الى حبيبته الراحلة
الى متى سينتظر؟
الى متى سيتحمل شكوى قلبه وسؤاله عنها؟
الى متى سيظل هكذا؟
لا يشعر بطعم الحياة وتحرك الجميع من حوله وهو ثابت في نقطة واحدة (فراقها عنه ).
ما اصعب الفراق ومرارته. سكاكين تقطع في قلبه تقسمه الى اشلاء منتهية الاستخدام. مقسوم نصفين بين عقله المستسلم وقلبه الخاضع لحبها. القلب عانى فراق خمسة سنوات ومازال يعانى حتى الآن.
قال بدموع تترقق من عينيه الزرقاء ممزوجة بكسرة قلب حزين مشتاق حق الاشتياق الى حبيبة الطفولة وحبيبة العمر. وهو يمسك القلادة ( والتي هي عبارة عن نصف قلب ) اخر شيء تركته لاجله مازال متذكر اخر الكلمات والجمل التي كونت في الحب واللحظات التي دونت الحب لاجلهم.
- واحشتينى يا ياسمين.
من يستطيع نسيان حب مر عليه سنوات. تجسد بهما.
حب كان جميع من يراهما يحسدهما على عشقهما الدائم لبعضهما، واحتضان اجمل لحظات حبهما لحظة استثنائية لا استطيع التحدث عنها.
( منذ خمس سنوات ).
كافيتريا كلية هندسة جامعة القاهرة.
تجلس فتاة على طاولة. تنتظر حبيبها ياتى لها بالطعام. ليتناولوا وجبة الافطار، ثم يواصلوا باقى محاضراتهم التي لاتنتهى في كلية الهندسة. كانت تنظر له من حين لاخر بحب ممزوج بسعادة. بوجوده بجوارها واهتمامه بها حتى في اقل التفاصيل وخوفه عليها. مازال الخوف مستمر حتى بعد أن كبروا ستظل ابنته الصغيرة مثلما يطلق عليها يخشي عليها من جميع نظرات العالم.
احضر الوجبة سريعا و التي كانت (عبارة عن قطع البطاطس المقرمشة وبرجر ) ووضعها امامها على الطاولة. وجلس قبالتها.
- قائلة بعجالة، وهي نمسك البرجر. كل بسرعة يا فارس علشان نلحق المحاضرة.
قال ببرود، وهو يقطم قطعة من البرجر
كلى براحتك لان محاضرات النهاردة بخ.
ياسمين باستغراب. بخ ليه؟!
(ياسمين المحمدى ابنة معاطى سائق والداه. وصفية امها خادمة في منزلهم تتميز اسرتها بالسمع والطاعة.
ومبدائهم في العمل لا نرى لا نسمع لا نتكلم لذلك تكن اسرة فارس لهم الاحترام والتقدير. تتميز بالجمال الملفت فهى صاحبة العيون الخضراء الواسعة والشعر الاسود الكثيف والجميع يشهد لها بذلك ؛ لذلك امرها فارس مبكرا بارتداء الحجاب في سن العاشرة من غيرته الشديدة عليها، فهى حب طفولته منذ ان فتح عينيه على الدنيا ترافقه جميع لحظات حياته بحلوها ومرها، واهله لم يميزوا بينهما في المعاملة. دخلت مثله كلية الهندسة واصبحت رفيقة دربه يكبرها بشهرين لا اكثر).
قال بهدوء، وهو يضع قطعة البرجر على جنب.
يعنى في موضوع مهم لازم نتكلم فى.
ياسمين باستغراب
قائلة باستفهام. واى بقى الموضوع اللى نسيب محاضراتنا علشانه؟
موضوع جوازنا.
كحححححححححححححححح. وضعت يديها على قلبها.
اخذ كوب المياه الموضوع على الطاولة سريعا، واعطاها اياه
قائلا بسخرية مزيفة. لدرجة دى فرحانة اننا هنتجوز.
شربت من الكوب ثم وضعته على الطاولة.
قائلة بضيق. اكيد بتهزر جواز ايه اللى بتتكلم عنه؟
فارس رافع حاجبه بدهشة
قائلا باستغراب. ليه هو حضرتك عايزة تفضلى بتحبينى من غير جواز.
ضربته على كتفه
قائلة. فارس بطل هزار.
غمز لها بحب
قائلا بتوضيح. اى ده؟ دى الجميل بقى بيضرب واتجرء.
ياسمين برقة اطفال
قائلة بخجل. مش قصدي يا فارس اسفة.
قال بحب شديد. يا نهار اسود على الرقة. لا انا كدة هكلم بابا النهاردة علشان نخطبك.
بابك؟ وخطوبة؟ ؛
- تصدقى كلامك صح. بفكر اخليها جواز بدل الخطوبة.
انت فاكر ان بابك اصلا هيرضي انك تخطبنى.
وايه المانع؟
المانع يا استاذ انى بنت معاطى سواق باباك وصفية خدامة بيتكم.
فهذه العلاقة منذ ان بدأت محكوم عليها بالفشل. لكنها حاولت كثيرا ان تخدع نفسها لكن لا مفر. فالحقيقة واضحة كوضوح الشمس. ليس من حق الفقير ان يحب ويتحب
ليس من حقه حتى ان يعبر عن مكنون الحزن الذي بداخله ليس من حقه أن يسعد او...
او ماذا؟
فالموت له أهون مئات المرات ان يعيش محبوس لفكرة العجز والفقر من مجتمع متخلف.
انتى بتتكلمى عن ايه؟ سواق وخدامة اى؟! انا باباى بيحب بابكى وبيقدره هو و مامتاك.
الحب شيء والجواز شيء تانى. مش معنى ان هو بيحبهم ويقدرهم هيناسبهم في ابنهم الوحيد.
- ياسمين انتى فين؟ الزمن اتغير ماعدش في حد بيفكر بالشكل ده.
لا في يا فارس واولهم اهلك.
- ياسمين اهلى بيحبونى وبيحبوكى وعمرهم ماهيرفضوا موضوع جوازنا.
- روح لباباك قوله هتجوز ياسمين بنت السواق. وقول لمامتك افرحى يا سوزان هانم هناسب بنت شغالتك
اهلى مستحيل يفكروا بالشكل ده
كل الناس بتفكر بالشكل ده. اهلك مش استثناء.
- ( اه اه يا ياسمين كلامك طلع كله صح وانا افتكرتك ما بتحبنيش وبتدورى على اى حجة تهربي بيها منى. واحشتينى يا واجعة قلبى يا مطيرة النوم من عينى يا مرارة طعم الدنيا قدامى. قلبى بينزف ارحمينى وارجعى كفاية فراق يا ياسمين كفاية...
ختم كلماته ببكاء مرير
بعد ساعة، انتهى الاجتماع مع المستشار القانونى
الاستاذ عبد الجواد وامهر مهندسين الشركة محمد مكرم على اختيارهما افضل مشروع للمنافسة في المناقصة.
دلفت اليها تعلمها باهم اجتماع خارج الشركة بعد ساعة. اؤمات راسها بتعالى، فاستاذن المهندس والمستشار القانونى، وهي قامت من طاولة الاجتماعاات، هندمت ملابسها وضبطت تسريحة شعرها المعتادة، وخطفت حقبيتها الماركة على كتفها. وارتدت نظارتها الشمسية. ودلفت خارج المكتب امام نظرات السخط، والكره التي تكنها سوسن لها.
قائلة بغل. يارب تفشلي في المناقصة وحد تانى يفوز بيها واشوف مناخيرك مكسورة زى ما انتى كسرانى وسادة نفسي.
فتح الحارس الشخصي لها باب السيارة. ودلف بجوار السائق.
قائلة بغرور. قاعة الاجتماعات الكبرى.
السائق بطيبة. اوامرك يا هانم
(فرغل عبد التواب يبلغ من العمر 60 سائق والداها منذ عشرين سنة يتميز بالطيبة والوجه الحسن يكن لها ولسيده الحب والاحترام ).
فى تلك اللحظة، كان يدلف من المرحاض وارتدى ملابسه التي كالتالى قميص باللون الابيض وبنطلون جنيز باللون الاسود واعتلى كوتشي ادايدس باللون الابيض، ووضع برفانه الاخاذ للعقول توم فورد اكستريم، ومشط شعره الاسود الكثيف وارجعه للخلف وارتدى ساعته الذهبية وخطف مفاتيح سيارته الجيب. وخرج من الغرفة. وهو
يهبط درجات السلم في عجالة من امره رائه والداه.
قائلا بضيق. رايح فين يا فارس؟
التفت اليه بضيق.
قائلا ببرود. خارج.
خارج فين؟
خارج اشم هواء.
وماله الهوى هنا؟ ولا علشان مافهوش ستات.
- بابا لو سمحت.
لو سم...
قاطعه بصوت الصارخ.
- قائلا بعصبية. بابا كفاية انا تعبت انا مخنوق ماعنتش قادر. ثم تابع بانقطاع انفاسه وكأنه في سابق لمسافات طويلة لا نهاية له. ماعنتش قادر اتنفس انا بموت بالبطى وحضرتك ولا هننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننا.
خرجت سوزان على صوت ابنها الممزوج بالكسرة والالم.
تابعا هو حديثه بصراخ هزا ارجاء البيت.
- قائلا بوجع. نفسي تحسوا انى موجوع بنازع، وانى مخنوق من كل اللى حواليا. حتى الهواء بقي بيخنقنى. افهموا بقى وحسوا بيا.
رمى كلماته الموجعة في وجوههم، و لم ينتظر ردهم، ودلف سريعا من امامهما. وركب سيارته الجيب. و اخرج الهاتف وضغط اسمها.
قائلا بامر. ساعة بالكتير القيكى في الشقة.
التفت سوزان الى زوجها.
قائلة بقلق. في ايه يا محمد؟! فارس بيصرخ ليه؟
بساله رايح فين. هب في زى ما انتى شايفة.
اردفت ببكاء.
قائلة بحزن. ابنى بضيع منى، وكله بسبب الزفتة اللى حبها واتخلت عنه.
اردف محمد بحزن.
قائلا بعجز. اول مرة اتاكد ان فارس بيحبها. ابننا مكسور واحنا مش حاسين بيه يا سوزان.
جلست على المقعد بعجز والم على صغيرها. لقد انتهى الكلام باكمله لديها...
وبعد ساعتين. من عرض مشاريع التصاميم الهندسية للجميع الشركات المشاركة في مهرجان المناقصة الكبرى.
اردف رئيس الاجتماع بجدية.
قائلا بامتنان. لكم منى جميعا جزيل الشكر والعرفان لمجهودتكم الشخصية، واشتراككم في المهرجان. لكن الفوز يكون من نصيب مجموعة السيوفى كالعادة.
عندما سمعت اسم شركتها لم تهتز من مكانها، او تنفعل لسعادة الموقف لم تفعل شيء. فهى اعتادت الفوز بالمناقصات الكبري الربح تعرف اسمه ومفرادته ومعانيه لكن الخسارة مجهولة بالنسبة لها. كل ما عليها انها قابلت تهانى ومباركات جميع الشركات الاخرى المنافسة في المناقصة بغرور وكبرياء.
الا هو كان ينتظر ان ينتهوا من مباركتهم ؛ حتى يقبل عليها ويهنئها بنفسه فهى حبيبته العنيدة. وكنزه الثمين ( فهى تعد اول امرأة ترفضه، )
بعد ان انتهت من مباركات الجميع...
اقبل عليها وهو يصفق لها بانبهار شديد.
قائلا باعجاب. زى ما اتوقعت الفوز من نصيبك. برافو.
اردفت بعجرفة.
قائلة بغرور. دى شئ متوقع.
اعتبر دى غرور ولا ثقة.
اعتبرهم الاتنين معا.
عجبنى ردك. بتفوزى باصعب المناقصات. مش غريب عليكى تفوزى بالكلام.
دى من ذوقك يا مستر خالد.
(خالد المسلمانى صاحب شركات المسلمانى جروب المنافس الاقوى لمجموعة السيوفى. يعشق فريدة فريدة بالنسبة له رهان يريد ان يربحه يتميز بالجمال المصري والطول الفارع يبلغ من العمر الخامسة والثلاثين )
اى رايك في الورد؟
قالت ببرود وهي تلملم اوراق المناقصة. والله ماتسالنيش انا.
- طب اسال مين؟
اعتدلت له بقوة.
- قائلة باستهزاء. اسال السلة اللى ترمى فيها.
وهو ده اللى عجبنى فيكى.
هزات راسها بعدم فهم
قائلة باستفهام. قصدك ايه؟
خالد بلغز. صراحتك.
- اه...
ما تتعبش نفسك تانى مرة وتبعت ورد ؛ لان نصيبه السلة.
قال بثقة، وهو يشير على قلبه.
فى يوم من الايام هيكون في القلب.
لا طموحات حضرتك عالية.
اكيد. مافيش يأس في الحب.
الحب؟! واو بقيت شاعر.
قال بهمس، وهو يتغزل في جمالها الخفى.
الشعر معاكى كلام فارغ.
طب عن اذنك. قالتها وهي تضع حقبيتها على كتفها. وتغادر من امامه بدون ان تعيره ذرة اهتمام.
رمقها نظرة اعجاب شديدة، وهي تذهب من امامه.
قائلا بتحدى. اهربي مصيرك تقعى في المصيدة. يا عدوة الرجل...
( شقة المعادى )
فتح الباب، ركضت فتاة اليه، و ارتمت في حضنه مرتدية قميص نوم اسود فاضح يبرز اكثر ما يخفى
قائلة باشتياق. واحشتنى.
تماثل من الصنم ثابت لايبادلها الحضن ولا الاهتمام. ليس غريبا عليه. فهو منذ ان عرفته من اربع سنوات. عندما انقذها من مجموعة شباب حاولوا التحرش بها من وقتها اصبحت عشيقته (نانسي ضحية من تحرشات زوج امها فقررت الهروب منه لتقع في مستنقع فارس الكيلانى. بالغة من العمر الخامسة والعشرين تتميز بالجمال الرقيق صاحبة الشعر الاسود الكثيف والعيون البنية الواسعة).
يرمى جميع احزانه في حضنها. لكن هي تعشقه ومتقبلة منه اى شيء حتى ترديد اسم حبيبته لها أثناء لحظاتهما الحميمية. همساته ولمساته لاجلها وليست لها. لم تشترط عليه. فهو وضع شروطه وهي وافقت دون مناقشة الشروط او المجادلة. فمعصية الله لا تحتاج الى شروط بل تحتاج الى قلب ميت وقرار دخول جهنم بصدر رحب
( متبلد المشاعر ضائع في الطرقات مهمش بين الكلمات. ايامه مختصرة على رحيل حبيبته ).
قالت بحب شديد، وهي تغوص في اعماق حضنه اكثر.
واحشتنى جدا.
فارس ببرود واستهزاء من مشاعرها.
قائلا بسخرية. واحشتك ازاى؟! واحنا كل يوم مع بعض.
انت كل لحظة بتوحشنى وكل ثانية.
ضاع في كلماتها متذكرا حبيبته.
(فارس انت بتوحشنى في كل لحظة، وكل ثانية انتى حتة منى وجزء من ضلوعى ).
لاحظت شروده
قائلة باستفهام. فارس انت روحت فين؟
انا معاكى يا ياسمين.
خرجت من حضنه.
قائلة بضيق. انا نانسي يا فارس بيه.
ضرب على راسه بتصنع النسيان.
قائلا باعتذار. اه معلشي اصل اليوم النهاردة كان وسخ.
ابتعلت غصة الحزن التي اصابتها منه توا.
قائلة ببرود. عادى ولا يهمك.
قال بوقاحة، وهو يغمز لها بجراءة.
ليه خرجتى من حضنى؟
لحد ما تحدد انت في حضن مين ا...
اجتذبها فورا من يدها بعنف. ضربت صدره القوى...
قائلا بوقاحة. السرير اللى هيحدد مش انا.
لم يترك لها المجال للرد. اكتسحها بقبلاته الحارة وهمساته الجرئية وكلماته الغير مشروطة وعاطفته المتعطشة للحرام. ضاعوا في عالم مجهول لا يعلمه الا جهنم التي تضم امثالهما، هو يبحث عن النسيان في ارض الحرام، وهي تبحث عن الامان والحب في ارض بور. هي ضائعة بين الاراضي الغير صالحة.
(افيقوا فانتم على مقربة من جهنم).
رحلت الشمس وحل مكانها القمر، بعد انتهاء يوم طويل من العمل ذهبت الى مكانها الجميل واسرتها الدافئة، بعيدا عن همسات وغمزات الموظفين عليها واصوات الهرج والمرج في طرقات الشركة
فتح البواب باب الفيلا. (فيلا حسين السيوفى)، ودلفت سيارتها للداخل، فتح لها الحارس الشخصي باب السيارة بكل احترام، دلفت منها بهدوء...
رائها البواب.
قائلا بترحاب حار. مساء الخير يا بنتى.
فريدة بتواضع. مساء النور يا عم مصلحى. ثم تابعت بطيبة. ولادك عاملين ايه؟
كويسين الحمد لله.
قالت بتمنى وهي تربت على كتفه بطيبة.
يارب دايما. لو احتجتوا حاجة ابقى قولى.
مايجيش من بعد خيرك يا ست هانم.
خير ايه يا راجل يا طيب. دى خير ربنا علينا.
ربنا يحفظك يا بنتى ويديكى على قد نيتك ويفرحك...
دى كله لى؟
انتى تستاهلى اكتر من كدة.
انت اللى تستاهل الخير كله يا راجل ياطيب. عن اذن حضرتك.
اتفضلى يا بنتى.
هزات راسها ايجابا، وسارت من امامه في طريق طويل يوجد على جانبيه جميع الزهور مختلفة الالوان والاشكال. فهى محبة لهم منذ الطفولة. وصلت امام بوابة فاخمة من التراث العالى.
وضغطت الجرس
فى اقل من الثانية. فتح الباب.
فاردفت الخادمة الشابة نوال.
قائلة بمياعة. اهلا بحضرتك يا مس فريدة.
قالت بهدوء، وهي تتدلف للداخل.
اهلا بيكى يانوال. بابا ف...
قاطعتها بزغروطتها العالية، ووجها البشوش وضحكتها الجميلة وقلبها النقى الطيب.
واحتضنتها بحب
قائلة بسعادة. الف مبروك يا حبيبة قلبي.
فريدة باستغراب. مبروك على ايه يا طماطم؟!
( فاطمة عمة فريدة مطلقة منذ عشر سنوات ؛ لانها ارض بور عقم. رفضت الزواج بتاتا بعد الاهانة التي تعرضت لها من زوجها الاول. و تعتبر فريدة ابنتها الوحيدة فهى من قامت على تربيتها منذ وفاءة والداتها داليدا. تتميز بالجمال الراقى والهدوء والوقار وهذه من اهم سماتها. عندما تراها لاتعطيها اكثر من الثلاثين. برغم انه عمرها 45. فريدة منذ الصغر تدعوها بطماطم )
اى يا حببتى. مش فوزتى بالمناقصة.
فريدة بنسيان. اه المناقصة. بس ايه اللى عرفك؟
كل مواقع الاقتصاد والسوشال ميديا بتتكلم عن ديفا السوق المصري. قالها حسين بسعادة
كان يجلس في الحديقة الخليفة حيث الورود وجمال الطبيعة والهدوء والسكينة عندما سمع الزغاريط علم ان فريدته قد اتت. دلف سريعا الى بهو الفيلا واقتحم عليهما الحديث.
- قائلا بسعادة شديدة. كل مواقع الاقتصاد والسوشال ميديا بتتكلم عن ديفا السوق المصري.
قالت بسعادة، وهي تركض الى حضنه، ودفء كلماته ونظرات عينيه المحبة لها. فهو عكازها وقوتها وضعفها.
- يا حبيبي يا بابا.
(حسين السيوفى والد فريدة يبلغ من العمر الخامسة والخمسين، خريج كلية هندسة جامعة القاهرة )
قال بحب وهو يمسك وجهها.
انتى اللى حببتى وحتة من قلبي انتى عيونى اللى بشوف بيها.
فاطمة بنفاذ صبر.
- قائلة بنداء. نوال.
اتت على الفور.
قائلة بطاعة. نعم يا هانم.
اجرى هاتى شربات لحد ما واصلة الحب تخلص.
اؤمات براسها ايجابا، ودلفت سريعا على الفور.
قال باستفهام، وهو يمسك يدها كانها طفلة في سن العاشرة وليست في سن السادسة والعشرين.
تعالى احكيلى عملتى ايه النهاردة؟
دلفت معه الى الحديقة الخلفية. جلس على الاريكة وهي بجواره تقص عليه ما دار طيلة اليوم بدون ذكر تفاصيل خالد المسلمانى التافهة بالنسبة لها.
دلفت ورائهما فاطمة.
قائلة باستغراب. يا حسين ديدة كبرت على ان هي تقعد تحكيلك كل يومها. على اساس ان هي لسي في المدرسة.
لو كبرت عمرها ما هتكبر على ابوها. صح يا ديدة؟
صح يا بابا.
اتت نوال ووضعت الصينية على الطاولة محملة بثلاثة اكواب من الشربات، وانصرفت سريعا.
قالت فاطمة بتمنى، وهي تعطيها كوب من الشربات.
اشربى يا حببتى. نشرب شربات جوازك يارب.
قالت بضيق، وهي تاخذ منها الكوب.
شكرا يا عمتو.
شوفت بنتك. اول ما نجيب سيرة الجواز تقلب تقول يا عمتو.
يعنى هي غلطت انها بتحترمك.
قولها يا سحس.
بقي انا بشكر فيكى تقوليلى يا سحس.
ما تفكك بقي يا سحس.
- يا بنت احترمينى دى حتى انا بابكى.
- انا بنتى محترمة غير الكل.
- يعنى اطلع منها.
- منقدرش نتسغنى عنك يا سحس.
قال بحنية، وهو ياخذها في حضنه.
- ولا عنك يا قلب سحس.
بعد دقائق من الهزار والمناقشات الطريفة في الاسرة السعيدة. اتت نوال تعلمهم بموعد العشاء.
علي الجانب الاخر، يقف في البالكون عارى الصدر ينفس في سجارته بضيق، يري ارضا السيارات تسير و سماء الحياة مستمرة على الكواكب، لكن هو واقف مكانه محلك سر، لا منه لمس النجوم ولا منه استطاع يواكب الارض، ينظر الى فراغ برغم ما يحيط حوله من ضوضاء واصوات عالية.
شعر بيد تحتضنه من الخلف بقوة وحب.
متابعة كلماتها الفارغة بالنسبة له.
قائلة باستفهام. مالك النهاردة؟
اخذ اخر نفس من السيجارة بغضب، ورماها ارضا وداس عليها بقدمه. ثم قال ببرود، وهو يزيل يديها عنه.
هيكون مالى عادى. قالها وهو يلتفت لها.
هبت فيه بانفعال.
قائلة بغضب. انت ليه بتكلمنى بالطريقة دى؟
مالها طريقتى يا ست نانسي.
انت بتتريق يا فارس؟
قال بعصبية، وهو يدلف من امامها. ويجذب قميصه ؛ ليرتديه.
يوووه شكلك النهاردة عايزة تتخانقى، وانا مش فاضي اتخانق معاكى.
دلفت ورائه ورمقته نظرة عاشقة.
قائلة بصدق. انا بحبك. لحد امتى هتفضل مش حاسس بيا؟
لم تصيبه الصدمة ؛ لانه يعلم انها تعشقه. اصبحت عشيقته بدون مقابل تصمت عند عصبيته تحزن لحزنه. كانت المسكن له من الم الفراق. هو لا ينكر ذلك. لكنه عاشق مجنون لفتاة رحلت ولن تعود
تابعت بدموع. بحبك وبعشقك من اول من انقذتنى من ولاد...
نانسي اللى انتى بتطلبي مستحيل.
حبى ليك مستحيل يا سارق روحى منى. انا مش طالبة غير انك تحس بيا.
انتى شكلك النهاردة غير طبعية.
انا بموت من غيرك.
نانسي فوقي مستحيل.
ليه انا بحبك؟! انت كنت اول واحد لمسنى وانت عارف ده كويس.
انا واحد ميت من غير ياسمين. قالها بعصبية ونفاذ صبر من مشاعرها التي تقتله وهو ليس له دخل فيها. ثم تحرك من أمامها ليغادر حتى يتركها وحدها ؛ لتفكر في الأمر من جميع الجهات. وتوازن الامور بجدية اكثر من ذلك.
امسكته من ذراعه، ونظرت في عينيه.
قائلة بصراخ. انت رايح فين وسابنى كدة؟
انا سايبك تفوقى لنفسك من اللى انتى فى.
ارحم قلبي اللى حبك.
نانسي انتى اكيد اتجننتى حب ايه وزفت ايه. اللى انتى بتتكلمى عنه.
مش معنى هي بتحبها برغم انها سابتك ومش...
لم تستكمل بقية كلماتها. فاخرسها بقلم قوى على وجنتيها البيضاء الناعمة.
وضعت يديها على وجنتيها بصدمة.
قائلة بعدم تصديق. انت ضربتنى؟
قال بغضب وعروق رقبته تنفر من مكانها.
واكسر رقبتك كمان. لو جبتى سيرتها على لسانك الوسخ ده.
- فارس.
- اخر تحذير ليكى يا نانسي ما تلعبيش معايا. قالها بتحذير، ودلف من امامها سريعا ؛ حتى لا يصب غضبه عليها، ويقتلها في تلك اللحظة.
افترشت ارضا. حزنا والما وقهرا ؛ على كل ما قدمت لاجله وكان المقابل الضرب.
ماذا تنتظرى؟
قلب خرج من طاعة الله. الذل سيكون رفيقه والالم ملازمه في مضجعه. اشتريتى طاعة العبد على طاعة الرب. صرتى في رحابه.
هل سترضي الدنيا عليكى؟
لا
بل ستلقنك قلم لا تستطيعى نسيانه ابدا،.
منذ ان نزل من عندها وهو يتذكر كلماته القاسية وعقابه لها. فهى لا تستحق ذلك. فهى لم تجنى بل احبت بدون مقابل او شروط. فالحب ليس جريمة يعاقب عليها القانون، ولكنه ماذا يفعل؟ فهو لا يحبها. مجرد مسكن لالمه
وهو يدلف بسيارته جميع ارجاء مصر ؛ لعل الهواء العليل يريح ضربات قلبه وتفكير عقله ونسيان ما حدث توا.
قاد سيارته الى المستنقع الذي يذهب اليه كل ليلة ملهى ليلى...
اصطف من سيارته والقى تحيته المعتادة على حرس المكان
قائلا بسرعة وهو يدلف للداخل. ازيكم يا شباب...
اهلا يا فارس باشا.
( دلف للداخل اهتزت قلوب المراهقات وفتيات الليل فارس الكيلانى اتى بجماله ورجولته المميتة. امسكوا قلوبكم واحبسوا انفاسكم. فقاتل قلوب العذارى قادما اليكم بوسامته وكلماته العذبة، وعيونه هذه في حد ذاتها حكاية اخرى. تضل فيها، ولا تعرف الى اى مكان تصل )
جلس على البار.
قائلا النادل بترحاب. اهلا فارس بيه. تشرب ايه؟
اردف بضيق.
قائلا بحزن. زفت.
قال بسخرية، وهو يجلس بمقعد قبالته.
زفت. لا دى الموضوع اتطور.
والله يا فرعون الموضوع ما ناقصك.
لا دى الموضوع كبير. هاتى اللى في بطنك ما تتكسفش انا اخوك.
بقولك ايه ابعد عنى الساعة دى ؛ اصلي بخانق في دبان وشي.
قال بطريقة مسرحية وهو يحرك يده يمينا وشمالا، وكانه يبعد عنه الدبان.
يا عمى ما تسيب الدبان في حاله واحكيلى.
(أحمد. لقبه فرعون زميل فارس في كلية هندسة. 29سنة كان رفيق دربه في النجاح وايضا رفيقه في الانهيار والسقطات. امه تركت اباه من اجل الحب، وسافرت الى الخارج وتزوجت بحبيبها. واباه بسبب فعلة امه كان لا يطيق النظر اليه فتركه ورحل عنه ايضا. اصبح وحيدا في شقة من اربعة حيطان لا يملاها غير الفراغ والوحدة والالم وكسرة النفس. العلاقة التي تجمعه مع اسرته المال ليس اكثر من ذلك صايع من الدرجة الاولى والنساء بالنسبة له مكان يلهى فيه من فراغه وحالة الضياع التي يعيشها. لا يقل عن فارس في الوسامة والتاثير في النساء يتميز بالعيون البنية الواسعة والملامح الشرقية الجذابة و الشوارب الخفيفة الجميلة والشعر الاسود الكثيف ).
قال بايجاب، وهو يشرب قدحا من الخمر مرة واحدة.
ابوى وامى خنقونى.
احمد بتريقة. ياستار يارب. وهو دى اللى خنقك؟!
بروح امك بطل تريقة. الموضوع مش ناقصك.
بقولك ايه ما تسيب روح الطاهرة في حالها. و تلخص في ايه،؟
اتخنقت بجد. اسئلتهم ومعاملتهم ليا كأنى طفل صغير.
وايه يضايق في كدة يا بختك.
فارس باستغراب. بختى في ايه؟! بقولك ما عنتش قادر اتخنقت منهم. قالها وهو يمسك رقبته.
سؤالهم عليك واهتمامهم بيك كفاية. ياريت اهلى انا يسالوا على ويخنقونى زيك. اصلا هم بطلوا يسالوا عنى. ولو كلمتهم اطمن عليهم يفتكرونى عايز منهم فلوس فيبعتلولى. تقريبا اعتبرونى موت.
لاول مرة يلمس الوجع في كلام صديقه
قائلا بالم. ياااااااااااااااااااا يا فرعون. قد كدة انت موجوع؟
اخرج تنهيدة حزن من صدره.
قائلا بوجع. واكتر من كدة يا صحبى. ثم تابع بحب. هي بس اللى بتنورلى حياتى...