قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أبجدية الخيانة للكاتبة سهير محمد الفصل الثالث

رواية أبجدية الخيانة للكاتبة سهير محمد الفصل الثالث

رواية أبجدية الخيانة للكاتبة سهير محمد الفصل الثالث

واكتر من كدة يا صاحبى. هي بس اللى بتنورلى حياتى.
ماتحاول تصلح علاقتكم.
خلاص يا صاحبي ماعد...
ارتمت فتاة ما. في حضن فارس ؛ قطعته عن مواصلة حديثه...
سحرت بجمال عينيه
قائلة بمياعة. في حد حلو كد.
احمد بسخرية. ليه عمرك ما شوفت حد حلو يا...
قالت باعجاب، وهي تكاد تلامس تفاصيل وجه
شوفت. بس بالتاثير ده عمرى ما قابلت. الصراحة تاثيره اعلى من المخدرات.
قال فارس بعصبية، وهو يحاول ان يبعدها عنه.

مين دى يا فرععععععععععععععععععععون؟
أحمد باستغراب ممزوج بسخرية. دى. ازاى ما تعرفهاش دى بقى ما بتقولش لحد لا. بتدوس في اى حاجة.
ثم جذبها من يدها. قائلا بهمس في اذنيها. بقول اى يا شفيق ما تلعب مع حد تانى. اصل فارس لو شم خبر انك راجل وقلبت مش بعيد يقتلنا كلنا.
لم يفكر كثيرا و هرب على الفور ؛ قبل ان يدرك فارس الامر. وتكون هنا نهايته
اردف فارس باستغراب.
- قائلا باستفهام. هي مالها بتجرى كدة؟

ماتشغلش بالك يا زميل.
زميل اى بروح امك. ما تقول اى الحوار؟
هو انت لازم تعرف؟
فرعون لخص وهات من الاخر.
يعنى انت عايز الاخر.
نظر له نظرة اكدت له ان نهايته ستكون بعد دقائق، اذا لم يخبره. من هذه؟
قام من مكانه وسط ذهول، واستغراب فارس وجهز نفسه وعد عدته
قائلا بشجاعة. الحوار انها كانت راجل وقلبت. قالها ببساطة، ثم فر من المكان ركضا، كأنه في سباق يريد أن يفوز فيه
اتسعت عينيه من الصدمة.

قائلا بعصبية. يا نهار ابوك اسود يا فرعععععععععععععون. ثم اخرج المحفظة ليدفع للنادل.
- قائلا بسرعة ليلحق به. نهايتك النهاردة على ايدى.
خرج أحمد في الشارع ضاحكا على منظر صديقه. ماسكا بطنه من كثرة الضحك.
قائلا بضحك. تخيل نفسك وانت مع شفيق.
هب فيه بانفعال.
قائلا بعصبية. بتعلم على يا حيييييييييييييييييوان. انت اهبل ياااااااااااااااااااااااااااااا ولا بتسععععععععععععععععبط.
اردف احمد بشماتة.

قائلا بعرض. تخيل. الخبر فارس الكيلانى مع شفيق. ابوك المرة دى كان هيموتك فعلا.
ماداى كله بسببك.
عند هنا واستب. انت مسئول عن فشلك. دى مجهوداتك الشخصية.
اردف فارس بحزن.
قائلا بضياع. احنا بقينا ضايعين اوى يا فرعون.
احنا ما بقيناش موجودين اصلا.
طب ليه؟
قال احمد بحزن عميق وقلب مكسور، وهو ينظر للملك يطلب منه السماح، والعفو عن اخطاء لم يكن وحده المذنب فيها.
- لاننا بعيد اوى عنه.
والحل؟

الحل. اننا نسكر وننسي احنا واقفين في اى ارض.
ونتوه في زحمة الستات ؛ لحد مانعرفش نفرق بين الحلال والحرام.
احمد بالم، وهو ينظر الى السماء
لحد لم يجى ملك الموت يفوقنا
ساعتها بس. هنقول يارتنا فوقنا من زمان.
دارت أحاديث كثيرة مختلفة بينهما. طوال المساء غير مفهوم بعضها. لم يضعوا كلمة مفيدة في جملة واحدة. غير أنه كلام تخاريف مرتبط باحساسهم بالذنب وفقدانهم للامان، وضايعهم في زحمة البشر، وتعليق الناس عليهم.

( تائهون
لا يعرفون إلى أية أرض يقفون
وأية كوكب ينتمون إليه.
تائهون بين كلمات غير مفهومة، وجمل ناقصة بين ظلمة بيئة وعتمة ناس.
تائهون في الماضي الذي شرخ بداخلهمت أجمل المشاعر و الاحسايس وبين أنهم لا يعرفون بدايته ونهايته.
تائهون يطلبوا الرحمة والرفق بهم لانهم ببساطة تائهون ).

اشرقت الشمس في يوم جديد، وغمر ضوئها المكان، ودبت الحركة فيه، كانت تغط في نوم عميق، وتترك شعرها الأسود بخصلاته الذهبية ينفرد على الوسادة باريحية. تشبه الملائكة في نومها الى حد كبير، تسمع طرقات خفيفة على الباب، تدخل عمتها وتزيل الستائر، وتترك مجال للشمس لتنير المكان. وعندما تنتهى من دورتها اليومية تزيح عنها الغطاء.
- قائلة بابتسامتها الجميلة ووجها البشوش. قومى يا فريدة علشان الشغل.

تفرك عينيها بطفولة، ثم اعتدلت في الفراش بهدوء، وارجعت خصلات شعرها الكثيف خلف اذنها.
- قائلة بنعاس. صباح الخير.
( عندما تشاهدها البدر يكتمل في جمالها، وعينيها تغمز للشمس وتقول لها ها انا هنا انير العالم، وابتسامتها تشرق في صباح يوم جديد )
اردفت فاطمة بحب.
قائلة بحنية. صباح الخير يا ست البنات. اللى يشوفك وانتى صاحية من النوم. ماشوفيكش في الشركة.
قامت من فراشها ؛ لترتبه.
قائلة باستفهام. قصدك اى يا طماطم؟

راجل في قلب الشركة. لكن هنا انوثة وجمال وحلاوة.
نظرت اليها بضيق.
قائلة بملل. يا ادى ام الاسطوانة اللى ما بنخلصش منها.
يعنى لم تفردى شعرك وتلبسي زى مخاليق ربنا. فيها حاجة؟
فيها حاجات.
اى هم؟
اولا. انى هتاخر على شغلى.
هتتاخري على شغلك. ماشى يا فريدة.
ماشي ليه ماتخليكى قاعدة.
طبعا كلامى ما بياثرش فيكى. كانى بالظبط بكلم في لوح تلج.
عمتو انزلى حضرى الفطار.

طبعا اول ما تزعلى عمتو. على العموم الفطار جاهز. انا وبابكى مستنينك تحت.
تمام دقايق. واكون تحت. قالتها ودلفت الى المرحاض.

سمعت باب الغرفة يغلق، تنفست بضيق من كلامها ونظرت الى المراة، ورات جمالها الذي تخفيه عن العالم واولهم هى. فهى اية في الجمال والرقة والانوثة. صاحبة بشرة بيضاء ملامح رقيقة عيون عسلية، طول فارع جسم متناسق. فهى حلم بالنسبة لاى شاب بالمواصفات تلك. لكنها ترفض ان يراها احد وستظل ثابتة على موقفها.
ذهبت فاطمة عند اخيها وجلست على كرسي الطاولة تزفر في ضيق.
حسين باستفهام. مالك يا فاطمة؟
هبت فيه بانفعال.

قائلة بغضب. هيكون مالى. بنتك.
حسين بقلق. مالها ديداة؟
ماتقلقش يا حسين. فريدة كويسة. انا اللى هتشل.
التقط انفاسه من الخضة. فهى ليست بمثابة ابنته. فهى حياته.
كل ما اقولها غيري طريقة لبسك. اسلوبك.
وطبعا. كالعادة كانك بتكلمى في نفسك.
هو كدة بالظبط.
وكالعادة هقولك. خليها تعمل اللى يريحها.
هو انا بتكلم معاك. ليه ما انت زيها.
فى تلك الاثناء
تصطف سيارته امام الملهى الليلي...

( وهما بداخل السيارة ؛ نائمين لا يشعرون بما يدار حولهما فاحاديثهم طالت ؛ حتى غالبهم النعاس. ولاول مرة يقضون ليلتهم بدون نساء، )
بعد نصف ساعة
تترجل درجات السلم بقمة الاناقة والرقى، وتدلف الى الحديقة الخلفية حيث الافطار. تسير بثقة. وشعرها ذيل حصان يتطاير مع نسائم الهواء العليل ونظارتها الشمسية التي تضعها فوقه.
تقبل على والدها من الخلف وتقبل خده.
قائلة بابتسامة. صباح الخير يا بابا.

قال بحب وهو يقبل يدها، وتجلس بجواره على الاريكة.
- صباحو يا ديده.
- فاطمة بحب. يلا يا حببتى كلى بسرعة ؛ علشان ما تتاخريش على الشغل. ثم تابعت بلوم لاخيها. مش كفاية. ابوكى ساب كل حاجة عليكى.
شايف بنتى قوة حديدية. يدوبك خلصت دراستها في امريكا. ورجعت مسكت معايا الشغل. ومن اول يوم اثبتت كفائتها. قولت هعمل ايه اسيبها تكمل لوحدها. ما هي بعد عمرا طويل كل حاجة هتبقى ليها.
- بابا ما تقولش كدة تانى.

ربت على ظهرها بحنية.
قائلا بطيبة. مافيش حد يا بنتى بياخد اكتر من نصيبه.
ابوكى، لازم يقلبها نكد. ما يبقاش حسين.
فى اي يا فاطمة؟
فى اكل افطر وانت ساكت.
قالت وهي تغمز لعمتها لتغير الحوار. فهى تعلم كم المحبة التي تكنها عمتها لاباها والعكس صحيح.
بس اى الشياكة دى كلها يا سحس، شايفاك لابس لبس رياضى. رايح فين على الصبح كدة يا نمس؟
فاطمة بضحكة استهزاء. هيكون رايح فين يا حسرة رايح النادى.

اه رايح النادى. اصل بقالى فترة ماروحتش. فالكابتن كلمنى واصر على. وخاصة الفترة اللى فاتت اهملت جدا.
فريدة بطفولة. اممممممممممممم. اذا كان كدة ماشى.
ثم نظرت الى ساعتها، فاستاذنت بادب وهي تقوم من على مقعدها لتذهب. طب عن اذنكو بقي علشان الشغل. ربنا يقويك في التمارين يا سحس.
ويقويكى يا قلب سحس اشوفك بالليل.
اذا كان كدة ماشي. سلام يا طماطم.
فى رعاية الله يا حببتى.

افاق من نومه، كانت هنا الصاعقة، راى تجمع الناس حولهما على السيارة، وبجواره نائم صديقه بعمق، لا يدرك شيئا حوله. على الفور لكزه في كتفه بقوة.
اردف احمد بنعاس.
قائلا باستفهام. في اى يا سوزى؟
سوزى مين يا زفت. قوم شوف احنا فين.
اى اللى جاب فارس ما بينا انتى بتخونينى يا سوزى؟
هب فيه بانفعال.
قائلا بغضب. قوم ياااااااااا بدل ما الطشلك.

افاق على صوت صديقه. و ايقن انه هو فارس. عندما تذكر ليلة البارحة. انه لم يكن مع امرأة مطلقا. فرك في عينيه البينة الواسعة بنعاس، انصدم عندما راى نظرات الناس عليهم واستغرابهم.
قائلا بدهشة. يا نهار اسود. ايه اللى لم امة محمد علينا. هو اى اللى نمنا في العربية؟
قال فارس بضيق، وهو يشغل محرك السيارة سريعا، ويدلف من تجمعات الناس واسئلتهم السخيفة.
مش وقت اسئلة بروح امك نهائى.

قولت مليون مرة. مالكش دعوة بروح الطاهرة.
طاهرة مين ولابسة مين. ابوى هيقتلنى. افهم بقي.
وانت شهادة لله تستاهل القتل. يا عم انت ما بتزهقش من ام الاسطوانة المشروخة دى.
اصطف بسيارته على جانب الطريق. ونظر الى صديقه وسط استغرابه.
قائلا بغضب. بقولك اى انزل اركب اى موصلة توديك بيتكم. وانا هروح اشوف الحاج.
اردف بصدمة.
- قائلا بعدم تصديق. في ثانية تبعنى كدة.
ثم تابع بتمثيل.
- قائلا باستفهام. انا ولا ابوك يا فارس؟

- بقولك اى؟ بلاش الش امك الرخيص دلوقتى. انزل مش فاضيلك.
- هي بقيت كدة؟
- ابويا يقتلنى.
- ما تولع.
- انزل يا فرعون.
- يا نهارك اسود تسبنى في نص الطريق.
صرخ في وجهه بغضب.
- قائلا بعصبية. انزل يا فرعوووووووووووووووووووووون
فتح باب السيارة على الفور، ودلف منها بحزن مصطنع.
قائلا بتمثيل. خلاص يا صحبى هي كدة خلصت. ثم تابع وهو يحدثه من شباكها. ما كنتش...
لم يسمعه دلف سريعا من امامه.

احمد بعدم تصديق. وهو يضرب كف على كف.
يا نهار اسود دى حتى ماسبنيش اعمل جملة مفيدة. ثم تابع وهو يضرب كف على كف. عليه العوض ومنه العوض
بعد ساعة وصل الى البيت موعد ذهاب والده الى العمل. ترجل من السيارة سريعا، ودلف إلى الفيلا في عجالة من امره، خرج والده من الحديقة الخلفية ذاهبا الى عمله، رائه يصعد درجات السلم.
نادي عليه بصوت صارخ كالعادة. فارسسسسسسسسسس
وقفت قدمه على درجات السلم ولم يكمل الباقى.

قائلا بضيق في داخله. يا نهار على الأسئلة إللى هتبدء. ثم تابع بثبات مصطنع وهو يلتفت له.
- قائلا باستفهام. في اي يا بابا؟
محمد بهدوء أعصاب عكس ما داخله من انهيار وحزن على ابنه وحيده.
قائلا باستفهام. راجع من فين الساعة دى؟
هكون راجع من فين يا بابا. ما حضرتك عارف.
ايه الاحترام اللى بقيت في ده يا واد.
اى رايك انفع اكون محترم صح؟
- انت ما تنفعش غير الالش والسخرية. انزل كلمنى هنا.

هزا راسه ايجايا، ونزل درجات السلم، ووقف امام اباه كطفل صغير مذنب. كم كبر واصبح وسيما للغاية. يشبه الى حد كبير في العند والتمسك بالراى. حتى الحب يترك حياته تسرق منه لاجله. غبي مثلي يعشق للنخاع ولا يترك مجال للنسيان.
قال محمد بضيق. للصغيره الذي يعصي الخالق الذي جمعينا نعيش في رحابه.
- كنت بتغضب ربنا؟

اصابته الصدمة من سؤال والداه الذي لم يتوقعه. فالسؤال يحمل الطمائنينة الممزوجة بالضيق والاستنكار. وكأن معصية الخالق امر طبيعى. بماذا يجيبه؟
انه لم يغضبه، وهو يعلم جيدا ان الكذب يتعمق في الاجابة.
رفع وجهه له.
- قائلا باسى. بابا هقولك اي.
- قولى انت بتعمل ايه. يمكن نوصل لنتيجة.
- مافيش حاجة هنوصل ليها. غير طريق مسدود.
- يا ابنى ما فيش طريق بينسد. غير لو انت سديته.

- اعتبرنى سديته عن اذنك. قالها، و دلف من امامه على الفور، وتركه في حزن واسي عليه. فهو وحيده وفلذة كبده وجزء من حياته. هو حياته بمعنى اصح.
فتح باب غرفته، وارتمى على الفراش دون أن يبدل ملابسه أو حتى يخلع حذائه. ليغط في نوم عميق ؛ لينسي ما مر به طوال اليوم، او ينسي كلام اباه وتجريحه وتذكيره بالواحد الاحد.
ذهبت اليه سوزان وسالته.
قائلة باستفهام. في اي يا محمد ما رحتش الشغل ليه؟
كنت بتكلم مع فارس.

سوزان بفرحة. هو رجع...
قبل كل شيء فهى ام تحزن وتفرح وتضحك وتصمت وتتكلم، فهى ام قلبها يتقطع على صغيرها، وينزف دما عندما تراه موجوع. والابتسامة اصبحت مصطنعة غير حقيقية. حياته اصبحت خيالية، تسعد بعودته وتبكى في صمت لرحيله، اسئلة كثيرة تدار في داخلها.
متى ينسي ذلك الحب اللعين؟
متى يطيب قلبه؟
متى ترتاح جوارحه؟
متى يا صغيرى تصبح ضحكتك حقيقية؟
اه رجع. وكالعادة دخلنا في مناقشة.
والنتيجة اي؟

مافيش جديد ابنك رافض حتى التخطى.
قالت سوزان بتلميح لزوجها، لتغير حالة الحزن والاسى التي يعيشها توا.
دماغه عنيدة زي ناس.
نظر اليها باهتمام.
قائلا باستفهام. قصدك على مين يا سوزان؟
انت فاهم قصدي يا باشا مهندس.
خلينا في فارس. ابنك رافض كل الطرق.
- ربنا يهدي. ادعيله.
فكرك مش بدعيله. بس ابنك رافض الهداية.
عملت اي في الصفقة؟
الصفقة؟! خسرتها دى حتى المشروع اترفض تقديمه. وكله بسبب فضايح ابنك.

ماتزعلش نفسك. ماكنش ليك فيها نصيب.
- طب عن اذنك بقى. قالها وهو يدلف من امامها
- في رعاية الله
بعد نصف ساعة
دلف محمد الكيلانى إلى شركته ( الكيلانى للتصاميم الهندسية والانشاءات المعمارية تتميز بالعراقة والفخامة فهى من أكبر الشركات في الشرق الأوسط، ولها فروع متعددة في نواحى العاصمة).

يقومون الموظفون بالقاء التحية عليه عقب دخوله الشركة، وهو يرد عليهم بمنتهى التواضع والأخلاق، يدخل إلى مكتبه وتعقبه سكرتيرته الخاصة، وتلقى عليه التحية الصباحية.
قائلة بهدوء. صباح الخير يا فندم.
يقوم بخلع سترته ويضعها خلف كرسي مكتبه، ويجلس عليه بوقار مجيبا بطيبة.
قائلا. صباح الخير يا دينا.

(دينا احمد المهندى السكرتيرة الشخصية لمحمد الكيلانى تتميز بالوقار والأحترام في القول والفعل، ودؤوبة جدا في عملها بالغة من العمر الخامسة والعشرين خريجة كلية تجارة انجليزى جامعة القاهرة ) بدأت تملى عليه جدول أعماله. وهو في مكان آخر أو دنيا أخري ليس معها. فهو مع صغيره ومشاكله التي أصبحت كالغصة في حلقه ملازمة له ليلا مع نهار
قال بطلب واختناق انفاسه.
كفاية يا دينا. الغى كل مواعيدى النهاردة.

دينا باستغراب. خير يا فندم. في حاجة؟
- تعبان شوية.
اكلم الدكتور يجى يشوف حضرتك.
الموضوع مش للدرجة دى. شوية ارهاق وهيروحوا لحالهم. الغى بس كل مواعيدى النهاردة.
اوامر حضرتك يا فندم. اخلى عمى محروس يجيب لحضرتك عصير ليمون.
لا. مافيش داعى.
ازاى حضرتك بتقول كدة. اكلم عمى محروس
قولت لا. الغى كل مواعيدى بس.
اؤمات براسها ايجابا
قائلة بادب. طب عن اذن حضرتك. قالتها وهي تدلف من أمامه.

( قائلة في داخلها بحزن على سيدها. يا ترى ماله؟ دى كله علشان خسر الصفقة )
لم يعد يطيق ان يجلس هنا اكثر من ذلك، اجتذب سترته من خلف الكرسي وارتدها، ودلف خارج المكتب يزفر في ضيق وحنق. يريد أن يجلس مع نفسه لثوانى. و يتخلص من الطاقة السلبية التي تجعله يكاد يفقد صوابه.

علي الجانب الاخر، كان يمارس حسين رياضته المفضلة. (الركض ) كما أمره الطبيب، بعد ساعة من الركض، بدأت طاقته تنفذ، قرر أن يجلس ويطلب مشروب فرش ؛ حتى يريح انتظام دقات قلبه. جلس في كافتيريا النادى وطلب من النادل عصير برتقال.

( رأى امامه خمسة سنوات كلية هندسة، بجنونها وعبثها ولهوها ومجونها. تتجسد امام عينيه. لا يصدق بأن السنين اصبحت يراها توا. اغلق عينيه اكثر من مرة. وفي كل مرة يفتحها يتاكد يقينه بانه هو. فصداقتهم كانت من اشهر الصداقات في جامعة القاهرة، وقصة حبه الشهيرة لزوجته. اجمل الذكريات التي جمعتهما واسوء اللحظات التي مرت بهما في علاقتهما. لكنهم كانوا ثابتين على صداقتهما وحبهما لبعضهما. لكن الايام فرقت شملهما وزحمة البشر فرقت ضحكاتهما، تغيرت ملامح صديقه كثيرا فيبدو عليه الحزن والاسي. ذهب اليه، وبدون سابق إنذار.

قائلا بسعادة. محمد الكيلانى.
افاق من شروده على صوت ليس غريبا عليه، دقق النظر في الرجل الذي يطالعه بنظرات اشتياق، هل حقا هذا محمد الكيلانى، ام اصيب بالعته من مصائب ابنه.
- اى يا هندسة هتفضل بصصلى كدة كتير.
ارتسم على ثغره ابتسامة ونظرة عدم تصديق. عندما ذكر كلمة هندسة التي اعتاد ان يقولها له، هب من على مقعده سريعا، واحتضنه بحب واشتياق.
قائلا بسعادة. حسين السيوفى. عامل اى يا سحس؟ والله واحشنى.

بادله الحضن باشتياق ولهفة.
قائلا بحب. انت اكتر يا محمد. ثم تابع باستفهام. وهو يخرج من حضنه. فينك يا راجل؟
فى الدنيا يا صحبى.
مراتك سوزان عاملة ايه، وابنك فارس؟
تمام الحمد لله كويسين.
- ليك واحشة.
قال محمد بطلب، وهو يجلس.
- اقعد خلينا نتكلم.
هزا راسه ايجابا وجلس قبالته على الطاولة، وطال الحديث بينهما.
اردف محمد باستفسار، وهي يحتسى قدحا من الشاى.
قولى فريدة اتجوزت ولا لسي؟
حسين بسحرة. لسي.

بكرة ربنا يرزقها بابن الحلال. وبعدين بنتك بمية راجل دى محتلية السوق من غير منافس.
انت هتقولى بنت ابوها. بس انا نفسي يكون ليها حياتها الخاصة. من بعد وفاءة امها والصدمة اللى حصلت لها وهي رافضة الموضوع نهائى.
هو الموضوع لسي ماثر فيها؟
اه مع الاسف.
ما تقلقش نفس النسخة عندى. دى بقي رافض حتى نتكلم معاى.
جيل اخر زمن.
- هم اللى بيربونا مش احنا.

دارت بينهما احاديث كثيرة عن الماضي الذي جمعهما والحاضر الذي سيبدا توا.
غابت الشمس واحتل مكانها القمر بدون حجل او حياء منها. فموعده مع الاحبة قد اتى
فى تمام الساعة التاسعة مساءا، دلف من المرحاض، ارتدى ملابسه ومشط شعره وتانق كعادته، ووضع برفانه الاخاذ للعقول، وبعد ان انتهى خرج من غرفته، و ترجل درجات السلم، راته والدته انبهرت بجماله وتانقه. الذي يسحر الكثير من الفتيات.

- قائلة باستفهام. رايح فين يا فارس؟
رد عليها ببرود.
قائلاا بايجاب. رايح عيد ميلاد فر، احمد
ويا ترى. هتيجى الساعة كام؟
- ماما هو انا لسي صغير ؛ علشان تسالينى رايح فين وجاي منين. اى سوزى هو انتى هتاخدى مهنة جوزك؟
- ما هو المصيبة انك مش صغير. بالعكس كبير وفاهم كل حاجة.
هب فيها بانفعال.
قائلا بغضب. يوووووووه انتى ما بتزهقيش. لازم كل يوم تفتحى ام الموضوع. انا زهققققققققققققققفت.
قال محمد بحزن.

زهقت من اى احنا اللى زهقنا من تصرفاتك.
اصبح محاصرا بين امه واباه.
قائلا بسخرية. كملت. اتفضل يا بابا. قول اللى عندك.
محمد بتحذير. ولد اتعدل في كلامك. تتعدل ازاى وانت كل يوم مع واحدة. فاشل في الشغل وفاشل في كل حاجة. الا الحرام اخاف احسدك على.
فارس بصراخ هزا ارجاء الفيلا. تقريبا مصر كلها سمعت صراخه. والمه من السكاكين التي تقطع في قلبه.

قائلا بالم. خلاص خلصت. وجعت قلبي. قولت اللى عندك ووجعتنى زى كل مرة. فاكرنى هرجع عن الذنب. اطمن يا محمد يا كيلانى. هخربها هخلى مصر كلها تتكلم على فضايحى انا وبس. وبكرة نشوف. قالها بتحدى وهو يخرج من امامهما بانسكار ودموع من عينيه تشهد على الكلمات الموجعة التي القاها والده على اذانه...
صعق باب الفيلا بقوة ورائه، قاد سيارته بسرعة جنونية ودموعه تنزل بدون خجل، لا فرق بين رجل وامراة على فراق الاحبة.

- قائلا ببكاء، وهو يضرب مقود السيارة. فينك يا ياسمين انا من غيرك ضايع؟ والله ضايع.
( في تلك اللحظة ).

كانت تقف على عتبة اشهر الفنادق المصرية. التي تتميز بالرقي والفخامة. كان لديها اجتماع مع ذلك الشخص الذي تمقته ولا تريد مجالسته حتى ولو لثوانى. فتعلم جيدا نظراته لها، ولكنها حسمت امرها ودخلت الى المطعم في حالة تردد، عندما راها قام من على مقعده، واستقبلها بحفاوة وترحاب مبالغ فيه، جذب لها مقعد الطاولة ؛ لتجلس عليه. تجاهلته وجلست على اخر.
وسط استغرابه وضيقه.
- قائلا بضيق، وهو يجلس قبالتها على الطاولة.

لحد امتى؟
هزات راسها بعدم فهم.
قائلة باستفهام. مش فاهمة. ممكن توضح اكتر؟
- مستحيل ما تكونيش فاهمة. انتى فاهمة بس بتسعبطى.
اردفت فريدة بحدة وتحذير.
- قائلة بحزم. لو سمحت نقى الفاظك. انت عارف بتكلم مين؟
- خالد بحب. عارف طبعا. اجمل سيدة بالعالم.
- هو هنا مكان للغزل ولا للشغل.
قال باعجاب، وهو يرمقها نظرة عشق.
- دى ما يمنعش انى اتغزل فيكى.
فريدة بنفاذ صبر من وقاحته وعدم احترامها لها.

- قائلة بتهديد. تحذيراتى بدات تكتر ؛ خلينا نتكلم في الشغل احسن.
ابتلع ريقه من حدتها.
قائلا بتلعثم. تمام هو احنا كنا هنتكلم في غير كدة.
دلف الى قاعة الفندق، بقمة اناقته ووسامته، التي يقام فيها عيد ميلاد صديقه، راته نانسي ذهبت اليه على الفور، وقبلته على مقربة من شفتيه.
قائلة بمياعة. لسي متضايق منى؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة