قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أبجدية الخيانة للكاتبة سهير محمد الفصل الثاني والثلاثون

رواية أبجدية الخيانة للكاتبة سهير محمد الفصل الثاني والثلاثون

رواية أبجدية الخيانة للكاتبة سهير محمد الفصل الثاني والثلاثون

- اهدى ايه سمعتنا بقت في الارض. خلاص انفضحنا
- ما اختك السبب.
هبت من على مقعدها، ووقفت قبالته
- قائلة بعصبية. اختى السبب. وعمايل بنتك تكون ايه؟
اردف باستغراب
- قائلا بدهشة. انتى لسي في صف اختك.
- هي اختى فضحتنا من غير سبب.
- لا بس كانت لمت الموضوع
- تلمه ليه، وصاحبة الشان اللى عملت فينا كدة. بنت...
دلف الطبيب من غرفة الكشف على صوتهما العالى. وعدم مراعتهم لحالة المريضة
- حورية بلهفة. بنتى عاملة ايه؟

بماذا يجيبهما، صمت قليلا، ليحضر نفسه لتلك المحاضرة الطويلة، والكذبة المدبرة
- خالد بقلق. بنتنا عاملة ايه؟
استجمع قوته
- قائلا بحزن مصطنع. مع الاسف بنتكوا خدت حاجة مخدرة. دخلتها في غبيوبة كاملة.
لطمت حورية على وجهها
- قائلة بعدم تصديق. يا نهار اسود.
- خالد بصدمة. انت بتقول ايه يا دكتور. ازاى ده!
- دى واقع ولازم نتقبله.
حورية بصراخ
- قائلة بحسرة. بتقولنا بنتنا دخلت في غيبوبة، وعايزنا نتقبل ايه؟

- اهدى يا مدام ما تعمليش في نفسك كدة.
طرح خالد سؤاله ومازال في حالة صدمة
- قائلا. طب يا دكتور في امل انها تفوق.
- مافيش حاجه بعيدة عن ربنا. عن اذنكوا، رمى رصاصاته في قلبهم وتركهم يتقبلوا خسارة ابنتهم.
نظرت الى زوجها وتساله. لعل تكون سمعت كلامه بالخطا
- قائلة بعدم استعاب. يعنى ايه بنتى ضاعت منى.
-...
- انت ساكت ليه؟

واقف كالصنم صمت تام ولا توجد كلمات على ما حدث، فهو من القى بها الى التهلكة. فعليه ان يجهز نفسه لرحيلها في اية وقت.
ووضعت يدها على قلبها وهي تلتقط انفاسها
- قائلة. ندى قلبى هيقف. قالتها وسقطت ارضا. وسط حزن عميق على ابنتها التي ضيعتها بيدها...

بعد ان بدلت ملابسها بصعوبة، تكورت على فراشها. تبكى بحرقة من تصرفاته، تموت كلما تتخيل انها توا بين أحضانه. ويبادلها اطروحات الحب العميقة، ويهمس في اذنيها معبرا عن جمالها الذي فائق الخيال.
تريد ان تذهب اليه وتهد عليه المعبد بالذى فيه لكن هى، قطعها من وصلة الحزن اتصال هاتفى. اختطفت الهاتف من الكوميدينو بضيق. رات اسم المتصل. اعتدلت في سريرها، ومسحت دموعها. ثم فتحت الهاتف
- قائلة بحزم. ايه اللي حصل؟

- كل اللى حضرتك طلبتى اتنفذ غيبوبة كاملة
قالت فريدة بتحذير
- ماعيزاش غلط.
- ماتخفيش حضرتك مافيش غلط.
- المنوم تدهولها في معاده.
- دى اكيد يا مدام فريدة.
- لو في جديد ابقى كلمنى.
- تمام حضرت...
اغلقت الهاتف كالعادة بدون كلمات اضافية، فهى لا تطيق ان تسمع احد. فالذى بداخلها يكفى دولة باكملها.
علي الجانب الاخر
وجه سؤاله لها
- قائلا بضيق. اين منزلك؟
- هل ستذهب معى؟
نظر لها بضيق.

- قائلا بعصبية. بت انتى لخصى بدل ما انزلك في الشارع.
- كيف تحدثنى بتلك الطريقة؟
بعصبية وشرارت الغضب تتصاعد في عينيه
- قائلا. بقولك ايه بيتك فين. بدل ما انزلك في الشارع.
اجابته على الفور خوفا من
- قائلة. انه في فندق...

ارتجل بسيارته سريعا. وفي خلال دقائق اصطف امام اشهر فندق في مصر. لم يفتح لها باب السيارة. ترجلت منها. وعلى الفور فر هاربا من امامها دون ان يلقى عليها التحية. وتركها كجرو ليس له قيمة. تزفر وتتافف في ضيق وتلعن فريدة السيوفى التي تحوذ على احترام الجميع وتقديرهم.
فتح باب شقته واغلقه ورائه بهدوء. لقد تغير كل شىء. الاثاث لم يعد بمكانه. كل شىء اختفى لمجرد دخولها في حياته. لا يعرف ماذا حدث له؟

فهى مجرد فتاة عنيدة عصبية قوية، ليست بالمراة فائقة الجمال. لكن الله اعطاها سحر تقتل كل من يقرب منها. هي نار متوجهة تحرق الاخضر واليابس، وهو مع الاسف كان اول من احترق بنيرانها وقسوتها وسلاطة لسان.
ماذا فعل حتى يصاب بتلك اللعنة القاتلة؟

يشتاق ويشتاق والتنهيدة تخرج بقسوة تساله عن عنيدته. جميع حواسه اصبحت في يديها وهي الامر الناهى. لكن ذلك لا يعد شىء امامها فهى جبروت. ولا يهمها في الحياة غير اثبات نفسها وانها اقوى من الرجل بمراحل.
بعد دقائق
يقف في البالكون. عارى الصدر. ينظر الى السماء. داعيا الله ان تهدا فريدته ويلين قلبها. وتشعر...

افاق من شروده. على صوت الجرس اللعين. الطارق وضع يده عليها. ولم يرفعه، تتافف في عصبية، متوعد للطارق الذي ازعجه وقطع عليه لحظات التمنى، دلف للداخل بعصبية. فتح الباب، واوشك ان يوبخه، رائها امامه بعصبيتها المفرطة. ونيران الغضب تشتعل في عينيها، لم تطيق النوم، وهو مع امراة اخرى، يسمعها اجمل قصائد الحب. ويطارحها الغرام باشتياق. مجرد الخيال قتلها. فقفزت من على فراشها سريعا، وامسكت هاتفها واجرت اتصال مع صديقه. الذي استغرب كثيرا عندما راى اسمها.

فتحه واجاب عليها بحزن
- قائلا ببرود عكس ما بداخله من حزن. مدام فريدة ازى حضرتك.
تجاهلت تحيته
- قائلة بعصبية. شقة فارس عنوانها اييييييييييببببببييييييييييييييييييييييييييه؟
قال احمد بقلق
- ليه في حاجه؟
هبت فيه بعصبية
- قائلة بصراخ. بقولك ايه لخص وهات من الاخر.
- طب فهمينى اى الحوار؟
- بقولك مش وقت كلام. شقته فين؟ قالتها بعصبية شديدة ارعبت احمد
- فى...
- طب سلام. قالتها واغلقت الهاتف في وجهه كالمعتاد منها.

- فارس بدهشة. فريدة.
وعينيها تتجول في الشقة قبل ان تدخل
- قالت بايجاب. ايوا فريدة.
ثم نظرت اليه وطرحت سؤالها بغيرة
- قائلة باستفهام. قالع قميصك ليه؟
- علشان...
ازاحته بيدها من على الباب، ودلفت الى الداخل بعصبية
. ضحك على فعلها الواضح. فلذلك لم يعلق واغلق الباب بهدوء ووقف ورائها يريد ان يعرف سبب مجيئها؟
قالت بغيرة وعينينها تتجول المكان بحثا عليها
- هي فين؟
- فارس باستغراب. هي مين؟
التفت اليه بعصبية.

- قائلة بكره. جاكلين الزفت.
- وايه اللي هجيب جاكلين هنا؟
هبت فيه بعصبية
- قائلة بصراخ. اسال نفسك. هي فيييييييييييييييييين؟
- مش هنا.

- هو انا بسالك ليه. قالتها ودلفت تبحث عنها في جميع ارجاء الشقة. دلفت الى غرفة النوم. التي تشبه غرفته المتواجدة في الفيلا. لم تجدها. وصل بها الامر. انها نظرت تحت السرير وايضا لم تجدها. وفتحت الدولاب وسط اندهاشه بتصرفاتها الطفولية. هل يعقل ان تخبا نفسها تحت السرير او الدولاب. لكن مع فريدته يعقل كل شىء. سعد كثيرا بانها اخيرا تحركت. واقف امام الباب. ويعقد ذراعيه امام صدره. والابتسامة من الاذن لاذن. بعد ان انتهت حاولت ان تخرجه. ولكنه متسمر امام الباب بابتسامته المستفزة تلك، ويعيق طريقها في الخروج.

- قالت بعصبية. وسعععععععععععععععععععععععععععععع.
هزا راسه بالنفى. وسط احساس بالسعادة غير طبيعى.
- بقولك وسع.
عاندها
- قائلا بتحدى. ماهوسعش.
زحته عنها بالقوة.
- قائلة بعصبية. وسع.
اتاح لها المجال للخروج من الغرفة. تستكمل باقى بحثها. في جميع الاماكن تفتش عليها. لم يسلم المطبخ والبالكونة والحمام من اجراءات بحثها العنيف. بعد ان انتهت وهي تنهج. نظرت له بضيق ومازالت الابتسامة مرسومة على وجهه.

- قائلة بغضب. وديتها فين؟
اجابها بسخرية
- قائلا. في جيبي.
ودمها يغلى
- قائلة بعصبية. حضرتك بتهزر.
ببرود تام اجابها
- مااهزرش ليه؟
- قالع قميصك؟
عبث بشعره
- قائلا بايجاب. اصلى حرا، انتى مالك.
تجاهلت وقاحته
- قائلة بغيرة. حصل بينكوا حاجة؟
وضع يده في جيب بنطاله
- قائلا باستفهام. من اى نوع؟
- انت فاهم قصدى كويس.
فارس بخبث
- قائلا. لا فهمينى انتى.
صمتت قليلا وسط ترقبه لكلامها. ثم قالت بتوتر ممزوج بالغيرة
- بوستها؟

هزا راسه بالنفى
- طب حضنتها؟
هزا راسه بالنفى. تضايقت من عدم رده. هبت فيه بوجع
- قائلة باستفهام. طب ايه اللى حصل؟
اجابها بهدوء
- قائلا. فريدة جاكلين مش هنا
قالت بقوة
- احمد ربنا انى مالقتاهش هنا.
- طب لو كنتى لقتيها. كنتى هتعملى ايه؟
قالت بصدق وعينيها تلمع بنيران الشر
- كنت هقتلها.
وهو يقترب منها بخطورة شديدة
- قائلا باستفهام. وايه تانى؟
خشت من قربه ونظراته التي لا تبشر اطلاقا بالخير. فالتفت.

- قائلة بهروب. انا همشي...
كان وصل اليها قبل ان تهرب منه، واحتضنها من الخلف. اصاب جسدها بقشعريرة مرعبة.
- قائلا بحميمية. ما ينفعش. تسارعت دقات قلبها، واتجفت اوصالها بالكامل. فاول مرة في حياتها تقع في ذلك الموقف اللعين. والذي زاد الطين بلة. بعد شعرها عن وجهها بلمسات مغرية. وعدله خلف اذنها. وهمس اليها بوقاحة
- قائلا. انتى ملكى النهاردة.
فريدة برعب من نفسها
- قائلة بثبات مصطنع. فارس سبنى.

وهو يدخلها الى داخل اعماقه اكثر
- قائلا بصدق. ما عنتش قادر ابعد.
قالت فريدة بضعف
- انا عايزة اروح.
- بقولك انتى ملكى.
نظرت الى عينيه التي تغرق فيها
- قائلة بعجز. لو سمحت.

تركها وذهب في اتجاه النور واغلقه. وسط رعبها ورغبتها العنيفة. ترك الاضاءة الخافتة. حاولت ان تهرب. حملها من خصرها وسط رفضها التام. ورزعها على الحائط. ويده احتجزت، اصبحت محصورة بين احضانه. نظر في عينيها بقوة. ودقات قلبها تسابق الزمن بقوة وتكاد ان تغلبه.
- قائلة بخوف. انت عايز ايه؟
- فارس بجراءة. عايزك تكونى مراتى.
- قائلة ببكاء. ماهينفعش
مسح دموعها التي تحرقه قبل ان تحرقها بانامل اصابعه برقة شديد.

- قائلا باستفهام. ليه؟
لا تستطيع ان تقابل عينيه، حتى لا تفضحها وتكشف سرها الخطير. فبعدت بوجهها عنه
- قائلة بدموع. سبنى امشى. انا بكرهك.
همس في اذنها
- قائلا باستفهام. وبتعيطى ليه وانتى بتقوليها.
قالت وهي تواجه بقوة عكس ما بها من ضعف شديد.
- حاجة ما تخصكش.
عبث بشعرها
- قائلا بعند. خلاص قوليها تانى.
- اقول ايه؟
عقد حاجبيه، ثم قال وهي يعض على شفتيه
- انك بتكرهينى.

تحاول بيدها ان تبعده عنها، و تتخلص من حضنه الدافئ. خوفا من نفسها ان تخجلها وترتمى في حضنه دون حسبان
- قائلة بعصبية. سبنى وبطل جنااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااان
تجاهل كل محاولاتها
- قائلا بامر. قوليها يا فريدة انا سمعك.
نظرت في عينيه واخبرته
- قائلة بدموع. انا بكرهك.
قال بكذب وهو يضع يده على وجهها بحميمية
- وانا كمان بكرهك
- بكره عيونك.
قال وهو ينظر الى شفايفها بلهفة. ويبعث بها بانامله.

- بكره شفايفك.
- بكرهك وانت بتبص لحد غيرى.
وهو يلصق وجهه بوجهها، وايديهما تشابكت سويا
- قائلا. بكره لم بتعندى فيا.
- فريدة بضعف. بكره اعجاب البنات فيك.
- بكره غرورك.
- بكره شعرك.
- عينك بكرهها.
- كل حاجه بكرهها فيك
- كل حاجه بكرهها فيكى
- بكرهك
ابتعد عن وجهها ونظر في عينيها.

- قائلا بصدق. بكرهك. لانى مش عارف اكرهك. قالها بحب، وقبلللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللها باشتياق عنيف. احتضنته بقوة. وبادلته القبلات بلهفة واشتياق...

بعد ان اخذت زوجته مهدئا، دلف خرج غرفتها ؛ ليلتقط انفاسه من الحزن والقهر الذي يعيشه في تلك اللحظة. زوجته لم تكذب عندما اخبرته انهم فضحوا. الفضيحة لم تعنى له شيئا. بمقدار من رائه من خسة ووضاعة اهل زوجته. الذي كان يهزا راسه سمعا وطاعا على كلامهم، حتى لو كان خطا. وبرغم عدم اقتناعه بابنهم وافق ارضاء لزوجته ثم لهم. وابنته كائن مجرد من الاحاسيس والمشاعر. كل ما عليها ان تستجيب وفوق ذلك تمثل الرضا. لكن ندى كان لها رأيا اخر، رفضت ظلمهم مقابل غبيوبة كاملة في المستشفى. فالحياة بدون التنفس معدومة بالنسبة له. لم يصدق يوما. انه سياتى يوم على صغيرته لتحب وتختار شريك حياتها برغم صغر سنها، لكن الذي عاش حياتها يكبر اكبر من عمره باعوام.

يراه امامه، شامخ ثابت ولم يخشاه، وعينيه ممتلئة بالعتاب. وجميع سكرات الموت تتجمع امامه منذ ان بعده عن حبيبته وسنده في الحياة. ويطرح الكثير من الاسئلة. لماذا الفراق؟
فهو لم يقتل. وما فعله اهله ليس له دخل فيه. فالجميع حاسبه على شيئا لم يفعله. وعلقوا له المشانق وحكموا عليه بالاعدام.
لماذا...
ماذا يفعل معه؟

هل يذهب اليه؟ ويوبخه على ما فعله لابنته. هو ليس الفاعل، فانت من ادخلتها عرين الموت باقدامها. عندما قررت ان تزوجها وتحرمها من حياتها. وتستمع الى خرفات زوجتك الظالمة. المدعية الايمان والتقوى امام الجميع. لكن على ابنتها شيطانة وحرباء متلونة على زوجها. خطى بخطوات ثابتة في اتجاهه، وعينيه مملوءة بالغضب العنيف. من انت لتحرمنى من جنتى وحياتى. وتقرر مصير كتبه الله لنا. فنحن لم نرتكب الفحشاء. واذا ارتكبنا، فحبيبنا من يعذبنا ويحكم علينا، ولستم انتم.

يستغرب كثيرا اقترابه. ليس خائفا او مذلولا. اذا كنت اب فلا يحق لك فراق الاحباب. وقف امامه مباشرة. ونظر في عينيه بقوة
- قائلا بحزن. اتمنى تكون مبسوط.
- هكون مبسوط على ايه؟
قال احمد بنبرة كلها تهديد ووعيد
- انت عارف لو ما فقتش في خلال ايام. انا هعمل ايه؟
- هتعمل ايه؟
تحدث بجدية
- قائلا بصدق. هقتلك انت والعقربة امها.

ضحك على رده بمرارة. فهو يحب ابنته كثيرا وذلك ظاهر مع الاسف بعد فوات الاوان ودخولها في غيبوبة كاملة.
لماذا لم يفيق مبكرا. فابنته بين الحياة والموت. لقد اختار لها زوجا باعها في اول الطريق.
اما هو واقف امامه يهدده بنهاية حياته هو زوجته دون خوف او حسابات دنوية. فرحيلها انتهاء حياته تماما. فهى الروح التي تلبسته منذ الصغر. ولم ولن تخرج منه بسهولة.
وهو يبكى على فلذة كبده التي يزورها ملك الموت في سن مبكر.

- قائلا بحسرة. ياريتك كنت قولت كدة من بدرى وفوقتنى.
صرخ في وجهه
- قائلا بحدة. ياما قولت واتكلمت. بس ماحدش عمره صدقنى.
ارتمى يبكى في حضنه. يستمد منه القوة.
- قائلا ببكاء عنيف. ندى بتموت يا احمد.
خانته عينيه وهبطت دموعه وشريطه معها مر بجراح اليمة
- ندى اختارت الموت وسبتنا. بنتى بتموت. شوف حل؟
- احمد بدموع. حل ايه. انت جاى تتكلم بعد ما خربت مالطا.

اتى الصباح بتفاصيل جديدة، وعود مازالت تنفذ بين السطور، وكلمات تائهة بين الطرقات. وكلمات تتجمع وتعطى جملة مفيدة. يوم مشرق. لا نعلم ماذا سيكتب لنا اليوم.
هل سنقابل الشر ام الخير. كل ذلك واكثر لا يعلمه سوى الواحد الاحد الفرد الصمد.

ينظر اليها بعمق وحب شديد. ويحدد جميع معالم وجهها الرقيق. تختلف كثيرا عن كل من قابلهم في حياته. لها طراز ونكهة خاصة بها. ففريدة اسم على مسمى فعلا. استطاع ليلة البارحة ان يحتضنها بسهولة. دون رفض منها او معاناة. و يغرز اصابعه بتلهف بين خصلات شعرها الكثيف. ولامس شفتيها آلاف المرات، وعانق خصرها باشتياق وقوة، يدخلها بين احضانه، حتى لا يتيح لها المجال بالهروب. كان ينتظر كثيرا تلك الليلة الفريدة من نوعها. وتخيلها مرارا وتكرارا. لكن الخيال شىء والحقيقة شيئا اخر. في بادئ الامر كانت شهوة ومعاشرة امراة جديدة في حياته. بعد ذلك تحول الامر الى شىء غير مفهوم بينهما. طرحت الكثير من الاسئلة كان يوجد الكثير والكثير من الحواجز التي تعيق الطريق بينهما. عندها وتحديها وكرهها العنيف للرجل بصفة خاصة امام حبه اللعين لتلك الياسمين. الذي اصبح شبح يعيق جميع تفاصيل يومه ويبعده آلاف المليارات عن زوجته وحلاله. لكن عندما تحدوا الظروف. دمروا كل شىء من على سطح الارض. ولم يبقى سواهم ليلة البارحة. طارحها الغرام بكافة انواعه. بين لحظاتهم العنيفة بينهما يردد كلمات الاشتياق والاحتياج اليها. دموعها لم تفارقها ودقات قلبها تعلو وتهبط. كانت ليلة فارقة في حياتهم سويا. لامس الكثير من النساء. لكن هي كان لها رونق خاص. كانت معه خجولة ناعمة ورقيقة. لاول مرة يشعر انه كامل مع فريدته. فمن كان قبلها جميعهم نسخ باهتة ام هي حقيقة وواقع يريد ان يعيش تفاصيله في كل ثانية تجمعهم.

قبل راسها بحب. ودلف الى المرحاض.

جالس على الارض بجوار غرفتها. عينيه لم تغمض ثانية. ينتظرها تفيق. وترجع اليه مرة اخرى وتنور حياته. لم يهتم بكلمات الناس المارين في الطرقات. كل اهتمامه مركز على حبيبته. التي اختارت الاخرة بعيدا عن زحمة الحياة وسلاطة لسانها. ووقاحتها على البشر. اذا كانت تريد ان ترحل. لماذا لم تخبره. لماذا لم تدع له المجال ليقرر ما تفعله. مثلما تعودوا سويا ان يفعلوا. لكن هي اختارت وقررت ونفذت. وحكمت عليه بالاعدام. وخروج شهادة وفاتها مع وفاته. هو على استعداد ان ينتظر مدى العمر ان تفيق وترجع اليه. ترجع...

فهو يموت قهرا والما كلما روادته فكرة فراقها. لماذا نحن البشر اصبحنا بتلك القسوة والبشاعة. اصبحنا بكلماتنا واهانتنا نوجع الاخرين حتى نوصلهم، لاختيار الموت عن بشر خادعين. لماذا نتعب ونكسر وندمر حتى نصل الانسان الى خطوط النهاية. وعندما يصل الى الحافة. نعده كافر ونلعنه. ولم نضع انفسنا يوما مكانه. فنحن من اوصلناه الى ذلك، وعندما يفعل نختار له النار. لاننا بسهولة اخذنا الالوهية. واصبحنا القاضى والجلاد في آن واحد. حسبي الله ونعم الوكيل. كلمات يرددها احمد داعيا على اهلها. لم يرد عليه اباها الذي يجلس قبالته على المقعد. هو ايضا ينتظر ابنته. ليخبرها بالكثير من الاشياء. اولها واهمها انه يحبها كثيرا ثم يقبلها ويحتضنها بقوة. ويخبرها بمدى اسفه وذلك وسط دموعه العنيفة عليها. ويطلب منها ان كل ما تأمر به. سينفذه فورا دون جدال. يريد ان ترجع، وتخيب ظنه...

دائما نحن هكذا نفيق بعد نهاية الطريق. لماذا لم نفيق في بادئ الامر ؛ حتى لا نفقد الكثير من الاشخاص في حياتنا.
كانت بجوارك. لماذا لم تخبرها بكل ذلك واكثر. حبك اشتياقك استماعك لها تشجيعها.
لماذا؟
كنت تنتظر ان تراها جثة هامدة حتى تعلم مدى قسوتك وتجبرك عليها...
افاقت، ركضت من غرفتها متجهة الى صغيرتها، وقطعة من قلبها. وضلع من ضلوعها، رأته جالس ارضا ودموعه شاهدة على انكساره.
صرخت في وجهه.

- قائلة بكره. انت ايه اللي جابك هنا؟
التفت الى صوتها. وهب من مكانه، ووقف قبالتها
- قائلا بكره. جاى اشوف بنتك اللى دمرتيها. بسبب غلك وكرهك.
قالت حورية بعصبية
- انت ازاى تقولى كده؟
- واقول اوسخ من كدة مش هي دى الحقيقه.
رفعت يدها لتضربه...
امسكها زوجها، ونظر لها بكره
- قائلا بتحذير. كفاية فضايح.
استغربت فعل زوجها
- قائلة بعدم تصديق. انت بتقول ايه يا خالد؟
حدثها بحدة شديدة غير معتادة منه.

- قائلا بعصبية. بقول اللى لازم يتقال. اقعدى مكانك والزمى ادبك.
قالت حورية بعصبية
- انت سامع نفسك بتقول ايه؟
- خالد بحدة. بقول اللى كان لازم يتقال من زمان. ثم تابع بتحذير. اقعدى بدل ما اهين كرامتك.
جذبت يدها من يده بغضب. وجلست على المقعد تغل. وتتوعد لزوجها بان ردها سيجعله يبكى بدل الدموع دم. وذلك عندما تفيق ابنتها. ستحرمها منه. وتذهب عند بيت اهلها. لكن هنا السؤال.
اين اهلها؟

الذين تركوها في ازمتها ولم يكلفوا انفسهم ان يسالوا عن ابنتها.
لم يعلق عليهم وجلس في مكانه. ينتظرها متجاهلا نظراتها اليه. فهذا ليس المكان والزمان ليتحاسبوا. تخرج ندى اولا وله تصرف اخر معهم...
رمشت باهدابها عدة مرات. وضعت يدها على عينيها. شريط ليلة البارحة مر امامها. انتفضت في مكانها على الفور. تنظر يمينا ويسارا في ذلك المكان الغريب عليها. نظرت الى نفسها كانت عارية بالكامل. لقد اصبحت زوجته...

لطمت على وجهها بحسرة. لقد استسلمت واصبحت اسيرة الحب. وفقدت اعز ما تملك. ووضعته في يد رجل شهوانى.
حضر الفطار. رائها فاقت من نومها. ضامة ركبتيها عند صدرها. وشعرها يغطى دموعها الجريحة. وضع الصينية على الفراش، وجلس قبالتها. وداعب شعرها
- قائلا بحب. صباح جميل على فريدة حياتى.
رفعت وجهها اليه. راى الدموع تغرف وجهها. والحسرة تغطى معالمه. كأ نه اخذ ما لا حق له.
خشى عليها. بانه ربما ان يكون اذاها ليلة امس.

- قائلا بقلق. فريدة في ايه؟
تحدث بحسرة
- قائلة بدموع. في انك مبسوط.
ادهش من نبرة كلامها
- قائلا باستغراب. اكيد لازم اكون مبسوط في وجودك.
نظرت الى الافطار
- قائلة بحزن. اى ده؟
- عارف ان مش واو. بس حاجه على قدى.
- امممم على قدك. شيل الاكل ده من قدامى.
- ليه ما هتفطريش؟
رمقته نظرة تحذيرية
- قائلة بعصبية. شيله بدل ما ارمى في الارض.

امسك الصينية بهدوء ووضعها على الكومدينو الذي بجوار السرير. متلاشيا غضبها الغير مفهوم بالمرة. ثم اقترب منها وكاد ان يحتضنها...
ابتعدت عنه على الفور. كأن عقربة لدغتها. استغربها كثيرا وحزن في داخله من بعدها عنه. سائلا اياها
- قائلا باستفهام. هو في ايه؟
تجاهلت سؤاله وتسالت هى
- قائلة. نمت على السرير ده مع كام واحدة؟
انصدم من سؤالها
- قائلا بدهشة. انتى بتقولى ايه؟
قررت السؤال مرة اخرى.

- قائلة باستفهام. كام واحدة؟
- فريدة ايه اللي جاب الحوار؟
- اعتبرنى مجنونة وجاوبنى.
- هو في ايه فهمينى؟
صرخت في وجهه
- قائلة ببكاء. جاوبنىييييييييييي.
فارس بحنية
- قائلا بوجع. طب بتبكى ليه؟
تجاهلت دفء كلامه الذي يسحرها
- قائلة برجاء. جاوبنى.
هزا راسه بعدم فهم
- قائلا بضيق. كتير.
هزات راسها بالم. ونظرت الى الفراش بكره. لقد ضم الكثير من الاهات والقبلات والاحضان الكثير والكثير. اه يا وجع قلبى!

- فريدة انتى ليه بتسالى.

- علشان اكد كرهى ليكى. قالتها بكره، ثم قامت من على الفراش. وتحتضنها ملاءة السرير. وركضت سريعا الى المرحاض. فتحت صنبور المياه عليها. ليخلص جسدها من القذراة التي تلبستها الليلة الماضية. قطرات المياه العنيفة امتزجت مع دموعها الكثيرة. لا تستطيع أن تفرق بين الدموع وقطرات المياه. تلطم على وجهها بحسرة. لقد فقدت كل شيء. ضاع الجبروت والقوة والكبرياء امام ضعفها واستسلامها. لقد كسر انفها. واصبحت اسيرة للرجل.

يقف امام المرحاض يسمع صوت شهاقتها، وبكائها الذي يهد الصخر. سائلا نفسه ماذا فعل. فهو لم يجبرها ولم ياخذها عنوة. بل ما تم كان برضاها. لماذا تساله عن الماضي الذي انتهى بمجرد دخولها في حياته. وهذا الماضي هي تعلمه جيدا. يكاد ينفجر من كثرة الاسئلة التي تضرب ام راسه
بعد ان انتهت. نادت عليه
- قائلة بخجل. فارس عايزة هدومي.
ضحك في سره على تصرفها الطفولى. وذهب لاحضار ملابسها.

فتحت الباب بهدوء ومدت يدها واخذت الملابس.
بعد دقائق دلفت من المرحاض وهو كان في الرسبشن لانتظارها. لمواصلة حديثهم...

قلقت عليه امه كثيرا. فسالت البواب عن اسم المستشفى الذي ترقد فيه ندى، بعد نصف ساعة وصلت الى المكان المنشود. سالت على غرفة ندى، عندما عرفت توجهت الى غرفتها، راته جالس ارضا، وامها واباها على مقعد قبالته، وحالهم لا يسر عدو وحبيب، الحزن تملك بسرعة شديدة منهما، والقلق يقتلهما آلاف المرات، اقتربت منهما بحذر. والقت عليهما التحية
- قائلة بادب. السلام عليكم.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة