قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أبجدية الخيانة للكاتبة سهير محمد الفصل الثاني والأربعون

رواية أبجدية الخيانة للكاتبة سهير محمد الفصل الثاني والأربعون

رواية أبجدية الخيانة للكاتبة سهير محمد الفصل الثاني والأربعون

( في تلك اللحظة )
منذ ان بدلت ملابسها، وجلست على فراشها تفكر، و لا يهدا بالها، تريد ان تساله عن تلك الفتاة، بتاكيد انها راتها من قبل، لكن اين وكيف ومتى، لا تتذكر، لديها كل الحق ان تنسي، فياسمين تغيرت بالكامل، تحيد بنظرى يمينا ويسارا، وجدت الهاتف امامها على الكوميدينو الموضوع بجوار سريرها، امسكته على الفور، واجرت اتصال معه، ليجيب على سؤالها، ترن ترن ترن.

كان يضع ملابسه في الدولاب، ودلف الى الفراش لينام. سمع صوت الهاتف. جذبه من جواره. رائها المتصلة. فتحه على الفور
- ندى برقة. السلام عليكم
- احمد بادب. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
- ندى باستفهام. نمت ولا لسي؟
- انا كنت بجهز نفسي دلوقتى
- هزعجك؟
- لا قلبى
- ندى بتردد. انا عايزة اسائلك سؤال
- اسئلى كل نفسك فيا
- مين البنت اللى قبالنها النهاردة دى.

ارتبك من سؤالها الغير متوقع. بماذا يجيبها والذي زاد الطين بلة سؤالها الثانى.
- انا حاسة انى قبلتها قبل كدة
زم فمه لامام
- قائلا بحيرة. اقولك ايه
- هتقول الحقيقة
- بصى يا ستى دى...

ترجلت السيارة في حديقة منزلهم، دلفت منها بقوة وشموخ، في خلال طريقها، لم تتجاذب معه اطراف الحديث، يكفيها ما صدر منه، تتوعد في داخلها بانه يكفى لهذا القدر، ضبضبت احزانها، ومسحت دموعها، والداها كان بانتظارها الذي شك قليلا انه. قد اخبرها
( - دى اكيد خد راحتك. سلام يا سحس
- سلام يا عيون وقلب سحس. نعم يا ابنى
- عايز اتكلم معاك في حاجة شخصية
- وقت ما تكون فاضي بيتى مفتوح ليك.
- تمام هجيلك النهاردة.

- طب ما اعطلكش. اشوفك بقى النهاردة. سلام
- سلاموز. قالها واغلق الهاتف وتوجه اليهم...
بعد ان شد مع ياسمين. تركها وذهب اليه...

جلسوا في الحديقة الخلفية، وضعت الخادمة امامهم. القهوة السادة، وتركتهم على انفراد، بعد التحية والسلام. والحوارات المعتادة عن الصحة واحوالهم وكيف يسير الشغل، على تلك الشاكلة، الخ، كان فارس يفرك في يده بحيرة وتوتر. لا يعرف من اين يبدا. وبماذا سيخبره. لاحظ عليه حسين توتر وقلق غير طبيعى.
وجه اليه سؤاله
- قائلا بحنية. مالك يا ابنى.
رفع وجهه اليه. واخذ نفس عميق، و قص عليه سبب حيرته وقلقه.

هب حسين من على مقعده
- قائلا بعصبية. بتقول ايه
- اقعد يا عمى اسمعنى لو سمحت
- حسين بعصبية. اسمع ايه. انك بتحب واحدة غير بنتى
- مستحيل احب حد غير فريدة
- ما انت بتقول دلوقتى انك بتحب
فرك يده
- قائلا بتوتر. هو مجرد...
قطعه
- قائلا بعصبية. مجرد ايه. ثم تابع بامر. رجعلى بنتى وكفاية اهانة اكتر من كدة
هب من على مقعده - قائلا برفض. مستحيل. فريدة مراتى
- انا مش هسيبك تتدمرها اكتر من كدة
- انت فاكرنى زيك هخون مراتى.

اتسعت عينيه بصدمة
- قائلا بعدم استيعاب. انت بتقول ايه
- انا عارف كل حاجة من فريدة
- هي قالتلك
- اه قالتلى، ومستحيل اكون زيك
- حسين بحسرة. تكون زى. مع الاسف انت بقيت زى
- يمكن اكون مشتقالها واكون بحبها. بس وعهد الله مستحيل اخون بنتك
- رجعلى بنتى وطلقها. وارجع لحبيبتك
- قولتلك مستحيل
جز على اسنانه بنفاذ صبر
- قائلا بعصبية. اومال جاى تقولى ليه
فارس بحرقة.

- قائلا بعجز. لان كان نفسي اقول الكلام ده لفريدة بس مش قادر
- انت عارف فريدة لو عرفت هيجرالها ايه
- فارس بياس عارف بس مش قادر.
ثم تابع بالم
- قائلا. والله انا موجوع موجوع
- يا ابنى!
امسك يده. وسط استغراب حسين
- قائلا بصدق. اوعدك مافيش حاجة هتيجى ناحية بنتك. انا راجل وقد كلمتى
- حسين بوجع. امها ماتت بسببي. مش عايز...
قطعه
- قائلا برجاء. ماتقولهاش. لان قبل ما يحصل دة هكون انا قبلها. ).

فاطمة كانت بانتظارها ايضا، تتسال كثيرا ماذا جرى، وماذا حدث بينهما، فهما كانوا سعداء في الحفلة وطائرين في سماء الحب، هل اصابتهم عين، ام ماذا، فارس اجرى اتصال معه واخبره، بان فريدة ستاتى الى عنده...
احتضنها والداها بحب، وقبل راسها، وامر عمتها ان تاخذها الى الداخل، هزات راسها ايجابا، واخذتها.
نظر الى فارس
- قائلا باستفهام. ايه اللى حصل؟
- قولتلها على كل حاجة.
اتسعت عينيه بصدمة
- قائلا بعتاب. ليه قولتلها.

- فارس بتوضيح. لان فريدة مش داليدا يا حسين
- وانت فاكر انها كدة مش انهارت
- انهيار عن انهيار يختلف. بنتك كانت عارفة كل حاجة من البداية.
اتسعت عينيه بصدمة
- قائلا بعدم تصديق. ايه. بتقول ايه
فارس بعدم تفسير
- قائلا بضيق. اللى انا قولته. فريدة كانت بتلعب على الفترة الى فاتت. عايزة تشوفنى هقولها ولا لا
- وازاى ماخدتش بالك
- ماكنش باين عليها. ما هي فريدة. هو في حد زيها في العالم
حسين بعدم تصديق من تصرفات ابنته.

- قائلا بتباهى. بنت ابوها
زم فارس فمه بضيق
- قائلا بجدية. بطل تباهى وتفاخر بنفسك.
ثم تابع وهو يرفع صوته. لتسمعه
- قائلا بتحدى. وكلها يومين وترجع البيت.
عندما سمعت كلمته. التفتت، وتركت يد عمتها على الفور، وركضت درجات السلم سريعا، وتوجهت اتجاهه بعصبية، ووقفت قبالته، ونظرت الى عينيه بتحدى وعند
- قائلة باستفهام. مين اللى ترجع البيت
وضع يده في جيب بنطاله
- قائلا بعند. انتى. اومال ابوك.

- فريدة بحدة. البيت ده تنساى نهائى
- انا جايبك تريحى اعصابك. مش تبلطى هنا
- انت بتكلم مين بالطريقة دى
- فارس بعصبية. فريدة ما اعيزش اشتغلات
- بقولك تفوق لنفسك. انا فريدة السيوفى
- وانا جوزك يا محترمة
- كان في وخلص. انا مستحيل اقبل بخيانتك. انا مش زى اى ست هبلة تتخان وتكمل وتعيش. انا ولا يهمنى مجتمع ولا يهمنى ناس. اهم حاجة راحتى. والباقى عندى لا يعنى ليا شيء
- اتغيرتى يا فريدة.

- انا ما تغيرتش. انت نسيت فريدة السيوفى عاملة ازاى. لم بيتغدر بيها
- غدرت بيكى. كلام كبير اوى وبيوجع
- انت هنت كل حاجة حلوة جمعتنا.
تدخل حسين للحدة من النزاع الذي دار بينهما ولم ولن ينتهى بسهولة. فهما ملكان في العند والتحدى
- قائلا بهدوء. يا حبيبتى اهدى وافهمى الاول.
التفت لاباها ووجهت اليه كلام قاسي
- قائلة بضيق. ما لازم تدافع عنه ما انت شبهه.

اتسعت عينيه بعدم تصديق. لم قالته ابنته لها، فهى دائما تحترمه ولا تهينه ابدا امام احد، والذي زاد الطين سواد. عندما تابعت
- قائلة بالم. رجالة خاينة وزبالة. تفكيرهم هو السرير وبس. واحنا اداة لسد شهواتهم وقذراتهم. ناسين كلام ربنا. وكلام حبيبه المصطفى. عايزين جارية وخدامة في البيت ليكوا. تخونوا وتوجعوا وتجرحوا عادى. واحنا مشاعرنا في اقرب زبالة.

ابتلع ريقه بصعوبة من كلامها، الذي يحرك الحجر. لكن البشر قلوبهم قاسية متحجرة، وجه حديثه لها
- قائلا برجاء. فريدة...
قطعته
- قائلة بكره. اسكت يا خاين.
انصدم مما قالته
- قائلا بحسرة. خاين
- اومال ليها لقب تانى
تجاهل التفسير لها
- قائلا بتوضيح. انا بحبك. و انتى بتحبينى.

- اه بحبك. بس قلبي ده هدوس على. وماحدش في العالم كله يكسر الانسانة اللى جوايا. ابوى خان امى وماتت بحسرتها. وانت بتكمل على الباقى اللى فيا. انتوا ليه كلكوا خايين. ليه مافيش فيكوا حد عدل. بنتجوز علشان ندور على الامان. ولا بنلاقى امان ولا بنلاقى حب. بنلاقى مذلة واهانة وخيانة. اه من الخيانة. نفسي حد فيكوا يجربها ويعيش نفس احساسنا. لكن انتو رجالة واحنا ست ضعاف. عاجزه قلوبنا ومكسوره ظهورنا. وانتوا مكملين عادى. نولع احنا. اهم حاجة السرير وتعبروا عن وساختكم فيه. ما هو دى انتو وبس. زبالة.

فاطمة بوجع من قهرتها في كلامها
- قائلة برجاء. فريدة ابوس ايدك كفاية
- سبيها يا طماطم تخرج اللى جواها
وجهت حديثها الى فارس
- قائلة بعجز. اللى جوايا خلاص انخرس. وسكت وقت ما الحق مات. اللى جوايا انقتل يوم ما خنتنى. خلاص فريدة بتنهار مش قادرة حتى اعبر عن اللى جوايا. حسبي الله ونعم الوكيل
فارس بندم
- قائلا باعتذار. انا اسف.

- اصرفها في اى مكان اسف. قولى وانا اصرفها يمكن تريح كتير من الستات الموجوعة. قولتلك كل حاجة عن حياتى وكرهى للخيانة. شوفت اوسخ واقذر حاجة وعملتها. شكرا يا هندسة.
امسك يدها
- قائلا بدموع. انا اسف. بجد انا اسف.
جذبت يدها من يده، ورمقته نظرة استحقار، ودلفت من امامه
ندى بخضة
- قائلة بعدم تصديق. يعنى دى ياسمين حبيبة فارس
- اه مع الاسف
- ندى باستغراب. وايه اللى رجعها بعد السنين دى كلها.

- احمد بحيرة. مش عارف. ثم تابع بعدم تصديق. بتقول انها راجعة علشان صحبتها
- ندى ببراءة. ما يمكن
- هو انتى هتصدقى. هي راجعة علشان فارس. وتدمر حياته
- بس فارس كدة خاين
- احمد برفض. خاين في ايه
- بمشاعره واشتياقه لياسمين
- احمد بحيرة. مش عارف اقولك ايه
- قول الحق. خاين ولا مش خاين
احمد بعد ان فكر في كلامها. ومشاعر صديقه التي انجرفت اتجاه ياسمين
- قائلا بالم. اه مع الاسف
- ندى برجاء. لازم توقفه يا احمد.

- بعمل اقصي مجهود. علشان مايمشيش وراى شيطانه
- لازم صحبك يحدد بيحب مين اكتر. حتى علشان فريدة
- صحبي ضايع. ومصدق انه هو لسي بيحب ياسمين. لكن هو ما حبش الا مراته. وياسمين دى نسيها من زمان
- يقعد مع نفسه. ويشوف مين اللى معاى. ومين اللى على
- اول ما بنساله كدة. يقول فريدة. فارس مستحيل يخون فريدة او يوجعها
- ندى باستفهام. لانه بيحبها؟
- اه حقيقي بيحبها. هو انتى بتتريقي.

- لا ما بتترقيش. لان نظراته لفريدة اكبل دليل على حبه ليها
- اه بيبقي ما عايزش حد يكلمها، ولا يجى ناحيتها
- ندى باستغراب. دى بيغار منها عليك
- برغم ان عارف انها اختى. بس حبه ليها مسيطر على كل حاجة
- فارس ما بيحبش فريدة. فارس بيعشقها.
عجبته نبرة العشق التي تنطق بها. تجاهل كلامها
- قائلا بحنية. زى ما انا بعشقك.
عضت على شفتيها
- قائلة بخجل. احمد
- يا عمره.

- انت بتقول ايه احنا بن، قطعها بصراخ - قائلا بعشق. انا بحبك بحبك.
في تلك اللحطة دلفت من غرفتها، متوجهة الى المرحاض، سمعت صوت ضحكات ابنتها، ايقنت بانها تكلم ذلك التافه، فتحت باب غرفتها بدون استاذن كالمعتاد. ودلفت اليها
ارتعبت ندى عندما راتها
- قائلة بخوف. ماما
- ايوا يا ندى هيكون مين
- ندى بتوتر. عايزة حاجة
- حورية بامر. نامى بقي. كفاية لك وعجن
- ندى ببراءة. لك وعجن ايه يا ماما. انا بكلم احمد.

- حوررية بحنق. ما انا عارفة. ان هو سي زفت.
سمع قلة ذوقها المعتاد
- قائلا بعصبية. بقولك ايه. تخلى امك تلم نفسها. بدل ما المها
سمعته ايضا
- قائلة بعصبية. هو بيقول ايه
- ندى بكذب. ما بيقولش يا ماما حاجة.
- بت انتى بطلى كدب.
جز على اسنانه
- قائلا بهدوء. عكس ما به. ندى حبيبيى
- نعم يا احمد
- احمد بجدية. انا هقفل دلوقتى، وبكرة هكون عندكوا
- ندى بقلق. ليه هو في حاجة.

- هتعرفى لم اجى بكرة. قالها بصرامة، واغلق الهاتف بعصبية، متوعدا لتلك العقربة غدا.
- حورية بعصبية. ندى
- نعم يا ماما
- بقي بيشتم على، وانتى بتقولى ما قالش حاجة
تضايقت ندى من تصرف احمد
- قائلا بحزن. ماحصلش حاجة من دى يا ماما.

- حورية بتهديد. ولا هتخانق ولا همسك فيكى. ثم تابعت وهو تدلف من امامها. وبكرة الصبح هقول لابوكى على كل حاجة. القت كلامها في وجهها. واغلقت الباب ورائها بهمجية متوعدة لها في الصباح الباكر. لكن ندى لم تبكى مثلما كانت تفعل من قبل. لان والداها وعدها لا اهانة بعد اليوم، وستخبر اباها عن ما تقترفه امها دائما في حق خطيبها وهو لم يفعل بها شىء، بل دايما يعاملها بهدوء ورزانة وادب واحترام...

الجانب الاخر، تركتهم ودلفت من امامهم، عندما تتحدث الكلاب ترحل الملوك، كيف يتجرا ليخوننى، هل كنت رخيصة بالنسبة له، مجرد سد خانة، لعودة حبيبته، اين الوعود التي اقسمت بانك لن ولم تخونها، اين الحب الذي عيشتنى فيه، اين كل ذلك، مع الاسف انا عشت في وهم كبير، مع ذلك الانسان الشهوانى الخاين.
- فارس بطلب. خلى بالك منها
حسين باستغراب من خوفه وقلقه على ابنته
- قائلا باستنكار. هتوصينى على بنتى.

- هي بنتك. لكن هي بالنسبالى بنتى وامى ومراتى وقلبي وروحى وعقلى وكل حاجة فيا
راى المه وعجزه
- قائلا برجاء. اهدى يا فارس
- بنتك بتعقبنى ببعدها عنى
- ليه قولتلها بس
- لانى ماقدرتش اخلف وعدى معاها
- انت مستحيل
- انا مش خاين يا حسين يا سيوفى. انا واحد بيخاف من ربنا وبيحب بنتك
- وهي بتحبك
- عمرها ما قالتلى بحبك الا يوم...
- لم اعترفت بمصيبتك.
هزا راسه بالم. واخرج تنهيدة حارة من صدره.
- قائلا بترحال. انا ماشي.

- ماشي رايح فين. ما تيجى تبات هنا
التفت له
- قائلا بسخرية. ابات هنا. علشان بنتك تولع فيا وفيك وفي البيت كله
- حسين بعتاب. فارس ما تقولش كدة
- يا راجل قول وغير. دى كانت هتتضربنا احنا الاتنين دلوقتى
- بقولك ايه بنتى هاد...
قطعه عن مواصلة حديثه، عندما سمعوا صوت تكسير، وصراخ، رات مزهرية موضوعة في بهو الفيلا على طاولة، اخذتها من على الطاولة. والقتها ارضا بصراخ. ثم ضربت الطاولة بقدمها، وصرخت.

- قائلة بالم. اه اه اه اه.

طوال عمرى مهمومة وحزينة، ضاع عمرى وشبابى بين الكلمات الكاذبة، وابتليت بالحزن والالم، اصبحت بحال متعب ومنتهى، انا احترقت، وانتهت حياتى مرة اخرى بخيانته لى، طلع هذا الحب اكبر كذبة في حياتى، دمرت داخلى وخارجى، الذي يري حالى يشفق على، لكن احبائى غدروا بى، ارتعب قلبه على ابنته، فركض ومعه فارس، عندما دلفوا، رائوا عمتها تضع يديها على وجهها، وتقف بعيدا عنها، وتدعوا الله ان تهدا، ولا تفعل اكثر من ذلك، حتى لا يظهر مرضها النفسي المزمن، الذي ظلت فيه سنين تتعالج، حتى استطاعت بعد فترة ان تقف على اقدامها...

اقترب منها بتريث
- قائلا بهدوء. مافيش حاجة في الدنيا تستاهل عصبيتك...
التفت اليه بدموع وانهيارات العالم.
- مافيش حد. تستاهلى انك تنوجعى علشانه او تبكى. احنا كلاب وانتى ملكة.
مسح دموعها بيده. وامسك وجهها
- قائلا بحنان. مهما يحصل انتى زى ما انتى كبرياء شموخ تحدى ارادة وحب وحنان
- فريدة بعجز. انت كسرتنى.

- فارس برفض. ما فيش حد يقدر يكسر الجبروت اللى فيكى. انا حبيتك لم لاقيتك قوية شامخة ذكية. وفوق دى كله رقيقة.
- فريدة بياس. هديت فيا حاجة كبير اوى
- نفسي تصدقينى. بس مش ده وقته ولا مكانه. اطلعى دلوقتى اتوضى وصلي واقراى في القران وبعد كدة نامى في سريرك زى الملايكة.
عند ذكر اسم الله تنجلى جميع الهموم، ويصبح كل ما في القلب رماد، هزات راسها بطفولة وبراءة شديدة.
بادلها ابتسامة حب، وقبل راسها بهدوء شديد.

- قائلا بحب. خلى بالك من قلبي.
هزات راسها ايجابا. ودلفت من امامه. اخذتها عمتها وسندتها، وصعدت بها درجات السلم
حسين باستغراب من استسلام طفلته
- قائلا باستفهام. انت عملت فيها ايه
- ما عملتش حاجة بنتك لسي طفلة محتاجة رعاية واهتمام. واحنا الاتنين بندمرها.
اخرج تنهيدة الم من صدره
- قائلا بحيرة. مش عارف اعمل ايه
- فارس باستسلام. متعملش حاجة.
ثم تابع وهو يدلف من امامه
- قائلا. تصبح على خير.

دلفت الى غرفتها، ارتمت على الفراش، تتوجع وتنقهر، الدموع لا، فهذا اقل شىء على احساسها بالغدر والوجع، اخرجها من انهيارها، رسالة من هاتفها، مكتوبة كالتالى. قراتها بدموع
- قائلة ببكاء. ما عيزاكيش تبكى او تعيطى. لو سمحتى اهدى. علشان خاطر ربنا ارتاحى وانسي كل حاجة.
اغلقت الهاتف، واخذتها في حضنها
- قائلة بعتاب. ليه يا فارس دايما بتوجع قلبي. كنت سبنى زى ما انا. يارب...

ام هو، لم يذهب الى منزله، وقف بسيارته امام بالكونتها، يتابعها من بعيد لبعيد، وقلبه يتمزق اربا على نومها بعيدا عنه، يريد ان يكسر كل حواجز، ويدمر كل القيود، ويعود بهما الزمان الى الوراء، وتصبح بين يده من جديد، لكن مع الاسف، خرجت دموعه واعلنتها صريحة، فهو مشتاق الى زوجته وحبيبة روحه وعمره وابنته، يتالم كثيرا وهو يعلم، انها توا تموت من البكاء، يريد ان يكون معها في تلك اللحظة القاسية، حتى ياخذها في حضنه ويربت على ظهرها، ويعبث بشعرها وتنام سريعا، يعلم جيدا بان طفلته مشاعرها باكملها متدمرة، واحساس الخيانة يقتلها في مقتل، وهذا نابع من حبها الشديد له، فهى احبته بدون حسابات او قيود، وسلمته نفسها العفيفة، وبالمقابل هو وجعها وذبحها بدم بارد، كلما يتخيل توا الانهيار الذي تعيش فيه، دموعه تتزايد، ووجعه يتفاقم، وينظر الى السماء بضياع يطلب من ربه الرحمة...

بعد ان انتهت من صلاتها وقراءة القران مثلما طلب منها. دلفت الى فراشها. ومنذ ساعة. وهي تتقلب في فراشها يمينا ويسارا وتحاول تحاول و تحاول، ان يغلبها سلطان النوم، لكن هيهات وهيهات فهى بعيدة لاول مرة عن فارسها، جلست على السرير تبكى باسي شديد، وضعت يدها على فمها، تبكى في صمت مثلما اعتادت من صغرها، عندما يشعر الانسان بالوجع يريد ان تمتلكه اربعة حوائط، حتى لا يسمعه احد ولا يشعر بما يحدث له توا، غير رب السموات والارض، تتمنى ان يجرب احساسها، كم انه احساس صعب، مستحيل يتم تفسيره غير من جربه، رفع اذان الفجر، من يسمع نداء ربه لا يلبي، الصوت ناده، فذهب الى اقرب مسجد بالمكان، ليصلى ويدعو الله ويتوسله ان تهدا حبيبته، وتعود حياتهم كما كانت، هي لم تنم، قامت لتتوضا وتتحدث مع حبيبها وتعبر له عن كم الصدمات التي تعيشها، احساس جميل وهو تتحدث وتبكى معه، ويشعر بها ويطيب خاطرها، حبها للواحد الدايم منذ ولادتها في تلك الدنيا القاسية، احبته وتخشي دائما ان تتبعد عن نهجه او طريقه المستقيم، قوتها وصلابتها وايمانها استمدت من ايمانها القوى بالله، الحياة بالنسبة لها منتهية الحسابات، وحسبيها هو الله وكفى، مهما واجهت. الله معها ودائما بجواراها، ترفع يدها وتدعو بثقة وايمان، يستجيب دعائها، فرب العباد هو الحنان المنان، يقول في كتابه العزيز، ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون (186 ) صدق الله العظيم.

بعد ان انتهى من صلاته، جلس يدعو الله بان تهدا زوجته، وتعود حياتهم كما العهد السابق، ورود تتفتح في الصباح، وشموع تضاء على انوار حبهم، وقلوب تشتاق ليلا ونهارا، الحياة كانت مقصورة عليهم، لا يعنى لهم اين هم، وعلى اية ارض يقفون، واية واجهة يتجهون، كل الذي كان لديهم، هو الرحمة والتفاهم والايمان، بعيدا عن سطوة الدنيا وذنوبها.

رائه شيخ المسجد، مهموما وحزينا، اقترب منه، ليربت عليه، ويزيل لو القليل من وجعه...
القى عليه التحية بطيبة
- قائلا بادب. السلام عليكم.
التفت فارس على الصوت
- قائلا بايجاب. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
جلس الشيخ بجواره، ورتب على قدمه
- قائلا باستفهام. مالك يا ابنى.
اخرج تنهيدة الم من صدره. اثر سؤاله
- قائلا بوجع. والله انا في كتير
- احسن قرار خدته لم جيت هنا.
نظر الى بيت الله.

- قائلا بايمان. ماقدرش اغيب عنه ثانية
- ربنا يقوى ايمانك يا ابنى
- اللهم امين. اصل هي السبب
- هي مين
- مراتى.
هزا الشيخ راسه بتفهم
- انا كنت انسان منبوذ مكره من الجميع. الكل كان شايف انى ضايع وفاشل. الا هي واقفت معايا وسندتنى كتير وخلتنى اقرب من ربنا
- شكلها انسانة محترمة. ربنا يجعله في ميزان حسناتها يارب
- اللهم امين. فريدة دى ملاك نازله من السما
- ايه الموضوع يا ابنى قلقتنى. هي جرى ليها حاجة.

- كفل الشر هو كويسة الحمد لله. بس...
- بس ايه
- هحكيلك كل حاجة من البداية. قبل كل شيء صلوا على النبى
نسالكم الدعاء بالرحمة
الفصل ( 39 ).

بعد ان قص له حكايته من اول حبه لياسمين، ثم بعدها عنه بدون اسباب، مازالت غير مفهومة، وضياعه وانهياره، وبعد ذلك اجباره على الزواج من فريدة السيوفى، واستمرار الحياة بينهما، بين العند والتحدى والغرور والشجارات التي ليس لها اول من اخر، تالم قلبه كثيرا، عندما تذكر عودة ياسمين، وتدمير حياته بالكامل، وقرار فريدة النهائي بالبعد عنه...
- انت جدع انك قولتلها كل حاجة.

- كان لازم اقولها. علشان ما اخلفش وعدى معاها
- نادر لم يكون في راجل زيك
- ولا نادر ولا حاجة. في منى كتير
- صعب يا ابنى يكون في راجل يحترم مراته ويقدره ذيك
- صعب لانه مافيش زى فريدة
- فعلا كلامك صح. الزوجة الصالحة نادر لم نقابلها
هزا راسه ايجابا بانه صعب جدا لقاء الزوجة الصالحة.
ثم طرح سؤاله
- قائلا بقلة حيلة. مش عارف اعمل ايه
- سيبها عند ابوها تريح اعصابها
- يعنى من وجهة نظرك اسيبها
هزا راسه ايجابا.

- قائلا بتوضيح. تسيبها بس ما تبعدش عنها. يعنى الود ما ينقطعش. من حين لاخر تزور ها تعاملها زى اول. او كتوضيح زى الاصحاب بالظبط. لحد ما الدنيا تهدى ما بينكم. بعد كدة تكلمها. بمشيئة الله هترجع
فارس بتمنى
- قائلا بدعاء. يارب ترجعى يا فريدة.
- هترجع باذن الله. بس ابقي تعالى قولى
- اكيد يا شيخنا
- لم نشوف هتيجى ولا لا
- انا راجل وكلمتى واحدة
- ربنا يصلح حالك يا بنى
- يارب وحال الامة كلها
- اللهم امين.

قام فارس بادب، وقبل راسه بتواضع. ابتسم الشيخ الكبير. بان ذلك الشاب يملك من الطيبة والتواضع يكفى دولة باكملها. متمنيا من الله ان يري شباب المستقبل على تلك الشاكلة. ليسوا هؤلاء الشياطين. الذي يشغلهم صفحات التواصل الاجتماعى بمختلف انواعها. والتطبيقات الحديثة التي ضيعت الكثير والكثير من شبابنا، والسعى الدائم وراء احلام الشهرة المزيفة...

دلف من المسجد ورفع يده وودعه، داعيا له بان يسير دائما على نهج الملك القدروس ورسوله الصادق الامين، صلوا عليه.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة