قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أبجدية الخيانة للكاتبة سهير محمد الفصل الثالث عشر

رواية أبجدية الخيانة للكاتبة سهير محمد الفصل الثالث عشر

رواية أبجدية الخيانة للكاتبة سهير محمد الفصل الثالث عشر

- حيوان في عينك قليلة الادب. ما انتى...
قطع سيل الشتائم الذي يريد ان يرميه في وجهها. ويضرب الالفاظ القبيحة التي تخرج من فمها السم.
لكن المربية فتحية. اتت بترحاب وزغاريط.
- قائلة بسعادة. الف مبروك يا فارس.
فارس بابتسامة
- قائلا بامتنان. الله يبارك فيكي يا دادة. قالها ثم اقترب منها. يحضنها بحب.

بادلته الحضن بحب وسعادة. وسط ذهول ودهشة فريدة من تواضعه واحترامه الى سيدة العاملة بالبيت. اشار على فريدة التي تنظر إلى المراة باستغراب
- قائلا بتعريف. دي فريدة يا دادة. ودي دادة يا فريدة.
هزات راسها ايجابا. ثم مدت يدها. لتسلم عليها
- قائلة باحترام. ازيك يا دادة. اتشرفت بمعرفتك.
بادلتها السلام
- قائلة بحنية. انا اكتر يا بنتي. ثم تابعت باعجاب. ماشاء الله يا فارس. عرفت تنقي. زي القمر.
- فريدة باحراج.

- قائلة بادب. دى من ذوقك
- الله ما بارك في اخلاقها
فارس بسخرية في داخله
- قائلا. اخلاق ايه. والله انتى طيبة يا دادة ما سمعتهاش وهي بتهزقنى من شوية
لاحظت فتحية شروده
- قائلة باستفهام. فارس انت روحت فين؟
انتبه على صوتها
- قائلا بكذب. معاكى يا دادة!
ثم تابع وهو يغمز لها ؛ لكى ترحل
- قائلا. هو احنا هنقضيها واقفين على بابا الفيلا.

- قائلة باحراج. طب عن ازنكوا يا ولاد. ثم تابعت وهي تدلف من امامهم بانصراف. هروح احضر ليكوا العشا.
- تمام يا دادة.
بعد ان رحلت وجهت فريدة سؤالها له
- قائلة. انت واثق في الست دي. قالتها باستفهام. ممزوج بقلق. من ان تخبر احد. بطبيعة الزواج. فاتفاقها معه. امام اهلها والناس. لا اكثر من ذلك...
لقد اختار فتحية. لثقته العمياء بها.

فهى كاتمة اسراره وطماسة جميع افعاله عن ابيه. عندما اخبرها بطبيعة الزواج. لم تسال. لماذا وكيف ومتى. ولم تتدخل في تفاصيل من الاساس. يكيفيها الاهتمام به مثلما كان صغيرا. والاهتمام بزوجته
فارس بضيق.
- قائلا بحزم. ما اسمهاش ست. اسمها دادة فتحية. ثم تابع بتحذير. وبعدين ماتنسيش. هي اللي ربتني.
- فريدة بسخرية. ونعم التربية.
- سبتلك الاخلاق.

- فريدة بضيق. احترم نفسك. ثم تابعت بتعالى. وبعدين فين الجنايني والبواب.
- هيجوا بكرة. وبعدين باقية الفيلا لسي ماخلصتش.
عقدت ذراعها امام صدرها
- قائلة باستفهام. ليه ان شاء الله؟
قلد حركتها، واردف لاغيظتها
- قائلا بعند. لان شهر العسل شهر. وحضرتك قطعنا الاجازة ورجعنا. فده وضع طبيعي.
- ماحدش قال لحضرتك انك مستفز.

- قالولي كتير. بس كنت رافض الموضوع. طيب يلا ندخل جوه ؛ علشان لو وقفنا طول الليل. ماهنخلصش قاموس الشتايم على بعض.
اؤمات براسها ايجابا. ورمقته نظرة استحقار، ودلفوا الى داخل الفيلا...

بهو كبير مطلى باللون الابيض. يتوسط في منتصفه. سلم عريض. تغطى درجاته سجاد باللون الازرق، ويوجد القليل من المقاعد البيضاء. وابجورة كبيرة من الكريستال الابيض. معلقة في السقف. غير الاضاءة المحاطة بالمكان. من جميع الجهات، لقد انبهرت حقا. بجمال ورقى المكان. والذي زاد من انبهارها. اللون الابيض الذي غطى كل شىء في المكان، تركها تسحر في رونق المكان وفخامته.

- قائلة باعجاب شديد. واو. ثم تابعت باستفهام. مين اللى صمم الجمال ده؟
لقد سعد برايها
- قائلا بفخر. انا
نظرت اليه باهتمام
- قائلة بصدق. صراحة انت مبدع.
رد عليها بمنتهى الادب
- قائلا. بعض ما عندكم.
تركت نظراته السعيدة بها، ونظرت مرة اخرى الى المكان
- قائلة. لا دى حقيقة البهو. قمة في روعة
- انا سعيد. ان هو عجبك.
ثم تابع وهو يمسك يدها بدون حسبان.

- قائلا. تعالى اوريكى الباقى. وسط صدمتها ورجفة يدها. لم يسمح لنظرة عينيها المتسائلة. ان تمنع يده عن امساك يدها. ولم يسمح لها. ان تجذب يدها من يده. فهذا حقه ولن يتنازل عنه، وسار في طريقه. وكانه لم يفعل شىء. الى الحديقة الخلفية.
( لم تجد الا مزوعات قليلة. كانت تريد ان تساله. لكنها تذكرت. انهم قطعوا الاجازة سريعا ولم ينتهى بعد من تشطيب الفيلا...

وبعد ان انتهوا من جولة ( الدور الاول، والذي يضم بهو ساشع المساحة وللفينج روم مطلى باللون الروز. وغرفة المطبخ. اوض الخدم. وصالة رياضية مجهزة خصيصا لاجله ولاجلها، وانتهت جولتهما بحمام السباحة الذى
( يضم جاكوزى وسونا وكل ما تشتهى الانثى. لانتعاش نفسها ).

وهنا بدا شجار بينهم. في غرفة البلياردو. لم تهتم بجمال الغرفة. ولا مزيج الالوان المختلط في بعضه. ركزت اهتمامها على البار المتواجد في اخر الغرفة. لقد ازعجها. خاصة انه محمل بجميع انواع الخمور. التي تفتح متسع كبير. لجنهم لهم...
فرمقته نظرة جدة واردفت.
- قائلة بامر. البار دي تشيله. ثم تابعت بحدة. مش عايزة اشوف خمرة هنا.

- فارس بسخرية. ليه يا ست المؤمنة. ثم تابع بلا مبالة. وبعدين اوضة البلياردو لصحابي. هو انا عاملها ليكي.
- صحابك. ومين قال ان صحابك هيجوا هنا.
- على فكرة صحابي جاين لي انا. مش جاين يشوفوا حضرتكي.
- فريدة بصرامة. انا قولت البار ده. يتشال يعني يتشال. وصحابك مش هيجوا هنا.
- هم جاين ليكى انتى.
- عايز تقابلهم. قابلهم في المستنقع بتاعك. ده ماكنش اتفاقنا.

- فارس بنفاذ صبر. بت انتى. شكلك مجنونة. انتى فاكرني واحد عندك في الشركة. تؤمري وانا انفذ. ثم تابع بعصبية وصوت عالى نسبيا. فوقي لنفسك انا فارس الكيلاني. ماعشتش لسي اللي تفكر تمشي كلامها علي. وبعدين بالعند فيكي. هخليهم يجوا هنا. والبار مش شياله لا اانا. لا انتى.
فريدة بثقة.

- قائلة بتحدى. هنشوف كلام مين اللي هيتنفذ. قالتها هي ترمقه نظرة استحقار بان كلامه لا يعنى لها شيئا. في الحذاء الذي ترتديه. او الى سلة القمامة. ثم دلفت من امامه. وخرجوا خارج الغرفة ؛ لمشاهدة باقي اركان المكان.
- اردف في داخله. يا من يطوليني على ذمرة رقبتك. كنت خنقتك من غير تردد.
- فريدة باستفهام. بتفكر في اى.
- فارس بسرحان. اهااااااااااا. لا ولا حاجة...
دلفوا إلى الطابق الثاني.

( وكان عبارة عن خمس غرف وجناح كبير وكان يجمع ما بين الابيض والرمادي)
فتح غرفة من الغرف الخمس في الجانب الايسر. فتحت فاها من الابهار وجمال الغرفة. كان موضوعا بها ورقات من الورود الحمراء والبيضاء. ودب باندا كبير موضوع على السرير. اجتذبته في حضنها بطفولة. وتناست وجوده تماما. وكانت سعيدة بذلك الدب الجميل، وبدات تقبله كطفل صغير امامها، وهو يستغرب كثيرا تصرفاتها التي لا تختلف من الاطفال. حقا فتاة غريبة!

بعد ان دققت النظر اكثر. انصدمت بان الغرفة. تشبه غرفتها في منزل والدها. باختلاف بعض التفاصيل القليلة.
نظرت اليه باستغراب
- قائلة بدهشة. دي شبه اوضتى.
فارس بلغة غير معتادة منه
- قائلة بحنية. حبيت اعملها كدة. علشان ما تحسيش بالغربة.
تجاهلت طريقته
- قائلة ببرود. فين اوضتك؟
رفع حاجبيه باستغراب
- قائلا باستفهام. هو ما فيش شكرا. على اللى عملته. ولا ايه؟
- هو ده. مش من واجبك. ولا ايه برضو.
- حتى حاجة...
قطعته سريعا.

- قائلة بكبرياء. الشكر والاسف مش في قاموسي.
اتسعت عينيه بدهشة
- قائلا بصدمة. هو انتى مابتشكريش حد ولا تعتذرى.
هزات راسها بالنفى، وهي تدلف خارج الغرفة
وهو ورائها
- قائلا باستغراب. طب حتى بابكى او عمتك.
- على عينى وعلى راسى بس مافيش برضو
- يا ساتر يارب. هو انتى عايشة ازاى؟
- زى الناس.
كانوا وصلوا الى غرفته، فتح بابها
- قائلا. ناس ايه يا شيخة. انتى من كوكب اخر.
دلفت معه الى داخل الغرفة.

- قائلة. مافيش داعى انى اعتذر او اشكر حد.
- ايا كان برضو. بس في ناس في حياتنا يستحقوا الشكر او الاعتذار.
لم تتجاهل الرد عليه ؛ لانها مشغولة بمشاهدة الغرفة.

( التي تجمع اللونين الاسود والابيض الذي يغطى الغرفة بنسبة خمسة وتسعون بالمائة. وخلف السرير صورته. كبيرة الحجم. تاخذ عرض الحائط المطلى بالاسود كاملا. يظهر في الصورة. عار الصدر كالعادة. يضع يده خلف شعره بغرور. ويرتدى بنطال من الجينز. وشعره الاسود مبلل. يغازل ملامح وجهه الجميل، وكأنه كان في رحلة صيفية. لاجازات الصيف. التي يذهب اليها كل سنه مع اصدقائه. يرفه فيها عن نفسه. ويرتكب الفحشاء والمعاصي. دون ادارك منه بذلك. فهو لو كان يدرك. لما فعل ما يغضب الملك.

رائها تدقق النظر في صورته
- قائلا بخبث. ايه. عجبتك.
التفتت اليه، وتجاهلت كلامه
- قائلة باستغراب. بس مش غريبة. خمس سنين امتياز في كلية هندسة. وفي الاخر...
قطعها بحدة
- قائلا بحنق. حاجة ماتخصكيش.

اتسعت عينيها من صدمة اجابته عليها. وفورا دلفت سريعا خارج غرفته، لقد انزعجت من رده الوقح. فهى لا تقبل من يهينها ويقلل من شانها. لكن هي تهين من تشاء. وتقلل من اى شخص كان. فنحن البشر نفعل ذلك. نجرح نظلم نعاقب نحاسب ونصدر الاوامر. ولا نرتضي ان يفعل بنا المثل. لو مرة واحدة. وضعنا انفسنا مكان الانسان الذى. نظلمه ونقهره ونصدر احكامنا المسبقة عليه. لاصبحنا ارض عدالة بمعنى الكلمة.

لكن لا! فنحن اخذنا الالوهية.
لم يسالها لماذا غاردت بانزعاج. لقد تركها تذيق. ما تفعله به. لقد ضغطت على وتر حساس لديه.
- اردفت في داخلها بغيظ. صحيح وقح وقليل الادب...
- يلا يا ولاد تعالوا كلوا الاول. قالتها فتحية
اؤمات فريدة براسها ايجابا. وهي تهبط درجات السلم.
- وابقوا اتفرجوا على البيت بعدين. هو هطير. قالتها فتحية وهي تاخذهم الى مكان السفرة...

جلسوا ياكلوا. هو كان على راس السفرة، وهي على يمينه، لم يتجاذبوا اطراف الحديث معا. كلا منهما مشغول بطبقه والافكار التي تنهش عقولهما. الغرفة صامتة لا يسمع فيها الا اصوات معلاق الاكل لا اكثر من ذلك. بعد دقائق انتهت من طعامها، قامت من على السفرة سريعا. هندمت المقعد الذي كانت تجلس عليه. ودلفت خارج الغرفة. بدون اسئلة او اية استفسرات.
وضع الملعقة بعصبية على السفرة
- قائلا بغضب. انسانة لا تطاق...

دلفت الى غرفتها، واغلقت الباب على نفسها باحكام، وارتمت على فراشها، تبكى وتبكى بحرقة على وقاحته معها. وقلة ذوقه. تبكى على صد رده. تبكى على الضغط. على وتر حساس لديها، تبكى على كل شىؤ مرت به معه، تبكى وتلعن الظروف التي جمعتها به، تبكى قهرا والما على مجتمع. حكم عليها بالاعدام. مع انسان تكرهه. حد الجنون.
فالكراهية هو الاعلان بوجود الشىء. يا سيدتى. فاحساسها تجاهه. لم تستطع تفسيره الى الان.

غير انه نكرة...
تدخل اشعة الشمس الذهبية، وتبسط اشاعتها في جميع ارجاء الغرفة، تدلف من المرحاض وتؤدي فريضيتها في خشوع، وبعد ان انتهت تبدل ملابسها. ببدلة رسمية سوداء. وتعكص شعرها للخلف بطريقة مثيرة. وتضع برفانها الاخاذ للعقول، وتدلف من غرفتها، وتهبط درجات السلم بكبرياء ووقار، امام نظرات فتحية وانبهارها بوقارها وجمالها المحتشم وانوثتها المحترمة، هبطت اخر درجات من السلم ومازالت نظرات فتحية لها كما هى.

- قائلة بحب. صباح الخير. يا فريدة هانم.
- فريدة باستغراب. اي هانم دي يا دادة. انا فريدة بس. زي فارس.
- بس يا بنتى المقامات.
- مقامات ايه. هو انا مش زى بنتك.
- هو انا اطول.
- وتطولى اكتر من كدة كمان
- ربنا يسترك يا...
- يا ايه
- يا فريدة.
- فريدة بتواضع. ايوا كدة برافوا عليكي. ثم تابعت باستفهام. هو صحى. ولا لسي؟
- قصدك فارس؟
هزات راسها ايجابا
لم تستغرب عدم نطقها اسم زوجها، فهى تعرف طبيعة علاقتهم.

- قائلة بايجاب. فارس مابيصحاش دلوقتي. دي بينام ذي دلوقتي.
فريدة في داخلها
- قائلة بغيظ. اكيد لازم ينام زى دلوقتى. اومال يتواقح امتى؟
- فريدة. روحتى فين؟
- معاكى يا دادة. ممكن تروحى تصحي.
- اكيد يا بنتى. بس هو...
- خلاص يا دادة. النظام دي اتغير. روحي صحي.

- امرى لله يا بنتى. قالتها بنفاذ صبر. وارتجلت درجات السلم إلى غرفته، وهي تعلم جيدا انه لن يستقيظ بسهولة، ولم يستقيظ من الاساس، فحقا هي معتوهة. لم تعلم من هو لحد الان، غبية ومجنونة. مثلما يقول عليها، استيقاظه في ذلك الوقت يعد انفجار بركانى في الدول العربية، هذا اقل بكثير مما سيحدث توا
طرقت الباب بهدوء. ثم فتحت ودلفت داخل الغرفة...
كانت تنظر الى ساعتها ؛ لحسبان الوقت...
واذا فجاءة، سمعت صوته عاليا.

- قائلا بصراخ. برا. يا دادة
- فتحية بهدوء. يا فارس يا حبيبي. فريدة مستنياك تحت
- بلا فريدة بلا زفت. برا
ركضت من خارج الغرفة سريعا، واغلقت الباب...
جذب الغطاء عليه.
- قائلا بكره. يكش تولع...
هبطت درجات السلم. رات فريدة مازالت منتظرة
- قائلة بطيبة. قولتك يا بنتى. مستحيل يصحى دلوقتى.
زمت فمها لامام بضيق
- قائلة ببرود مصطنع. تمام يا دادة.
- روحى انتى الشغل. اصله مستحيل يروح الشغل.

- مش شايفة ان حضرتك كررتى. مستحيل مرتين في الصحيان والشغل
فتحية بقلة حيلة
- قائلة بتوضيح. هو طبعه كدة. هنعمل ايه؟
هزات راسها بتفكير
- قائلة بثقة. هنغيره او نشيله خالص
- فتحية بعدم فهم. مش فاهمة!
- مش مهم. المهم دلوقتى. تروحى تحضرى الفطار.
- حاضر يا بنتى. قالتها بهدوء. ودلفت من امامها ؛ لتحضير وجبة الافطار
صعدت درجات السلم.

- قائلة بتحدى. لم نشوف المستحيل. هيعمل ايه. قالتها وهي تتجه اتجاه اليسار. بثقة ووقار ودون ذرة خوف تصبيها، لم تطرق باب الغرفة، دلفتها بدون طرق، راته نائم في ثبات تام. ثم تسمرت مكانها. وارتبكت قليلا، عندما راته كالعادة صدره عار، وشعره الكثيف يغطى وجهه، يضع يده خلف الوسادة، ارتبكت من عريه و ثبتت في مكانها من جماله الاخاذ للعقول. فهى لاول مرة ترى رجل بتلك الوسامة. ونائم بذلك الهدوء التام، غير معنى لم يدار حوله، لا يهتم بشروق الشمس من المشرق. حتى لو اشرقت من الغرب. لا يعنى له ذلك، اذا انفجر بركان. او اهتزت الارض هزة شديدة. او احتل الالييون كوكب الارض، فهو في عالم منتهى من التفكير...

افاقت من شرودها به
- قائلة بعتاب لنفسها. ايه فوقى. اول مرة تشوفى حيوان. ثم تابعت بنداء. انت يا استاذ. قالتها بدون ذكر اسمه. فهى لحد الان. لا تعترف بوجوده في حياتها. لا تعترف انه نسب اليها. او اسمه على اسمها. لا تعترف بوجوده اطلاقا. فهو نكرة لا اكثر...
لم يجيب عليها، ففى حركة مفاجاة منها، ضربت الحائط بيدها بقوة...
افاق مفزوعا من نومه
- قائلا باستفهام. هو. في ايه.

- مافيش حاجة. قالتها ببرود، ثم توجهت الى ستائر الغرفة ؛ لتفتحها لتجعل الشمس تدخل وتخبره بيوم جديد في حياته. وتعاتبه على عدم رؤيته لها...
وبعد ان فتحت الستائر. جلست على الاريكة الوثيرة. واضعة قدما فوق الاخرى.
- قائلة بضيق. ساعة. علشان تقوم. ثم تابعت بامر. يلا بسرعة. علشان عندنا شغل كتير في الشركة.
زفر في ضيق
- قائلا بحنق. هو انتى يا راس الغراب. ثم تابع باستنكار. هو انتى بتصحينى. علشان اروح الشغل.

هزات راسها ايجابا
عقب ببرود.
- قائلا بتحدى. احب اقولك. انا مش رايح.
- مش بمزاجك. ده بمزاجى انا.
فارس ببرود
- قائلا. ولا مزاجك ومزاجى.
ثم تابع وهو يسحب الغطاء عليه
- قائلا بعدم اهتمام. روحى انتى وحلى عن سماى.
- انت يا بنى ادم قوم. احنا اتاخرنا على الشغل.
-...
لم يرد عليها ولم يهتم بها. لم تجد وسيلة غير ان تقوم، قامت من مكانها بهدوء، وامسكت الكاس الموضوع على الكومدينو، والقته بالكامل عليه.
قام مفزوعا.

- قائلا بصراخ. اه. يا بنت المجانين.
تجاهلت كلامه
- قائلة بنفاذ صبر. يلا بسرعة ؛ علشان الشغل.
- بت انتى. هو انتى شاربة حاجة على الصبح. انا ماليش في الشغل والهبل ده.
وبعد ساعة من الشجار بينهما. والاخذ والرد...

في السيارة ترسم على ثغرها ابتسامة نصر، وهو يزفر من الضيق والغيظ، كيف استطاعت ان تجعله. يرضخ لاوامرها. فاباه حاول معه مرارا وتكررا ان يذهب الى العمل معه. وكان الرفض دائما على لسانه. حاولت امه ان تقنعه بالعمل. لم يعطى امه ذرة اهتمام لكلماتها السخيفة بالنسبة له. الجميع حاول معه. لكن لا فائدة من كلامهم. فهو كان يرميه عرض الحائط. ولا يهتم بتاتا. ويكمل مواصلة طريقه الفاسد والواعر...

اصطفت السيارة الفاخرة امام المقر الرئيسي لشركات السيوفي، فتح الحارس الشخصى لها الباب. دلفت من السيارة بوقار وكبرياء، نزل من السيارة وقعت عينيه على الارتفاع الشاهق للصرح التجارى. الذي يكاد يلامس السماء. مكتوب عليه ( شركات السيوفى للتصاميم الهندسة والانشاءات المعمارية )
- قائلا باعجاب. واو
تجاهلت انبهاره - قائلة بامر. يلا علشان برستيجك.

اؤما براسه ايجابا. ودلف معها دخل الصرح، لقد انبهر بجمال المكان واندهش. من كم الموظفين الذين لديها، اعجب كثيرا بها. برغم صغر سنها، تدير صرح بتلك العظمة، لا تخاف ولا تخشي احد، الجميع التزم الصمت فور دخولها، لكن نظرات الاعجاب. الموجهة اليه. لم تصمت. بل تحدثت وعبرت عن اعجابها الشديد بجماله. الذي لا يوجد اختلاف عليه، ونظرات الحقد والغيرة. اشتعلت بداخل قلوبهم، يسحدونها على ان هذا الجمال ملكا لها، جمال ماذا، فهو جميل بالنسبة لكم من الخارج. لكن الداخل لا يعلمه الا الملك. ومن عاشره. فالجميع اليوم يهتم بالخارج ويتركون الداخل لعقولهم التافهة. فالاهتمام بالمظهر اصبح غالب على الجوهر. تقريبا الجوهر لم يعد موجودا. فهذا ما اصبحنا عليه اليوم. عارا على امة العرب. كان لسانها القران وحاكمها الضمير، لم تخفى عليه نظرات الموظفين اليه. بل كان يتابع بسعادة. بانه سحر قلوبهم. وجعل الكلمات تتساقط من على شفاهم. سعيد بالعجز الذي يصيبه للمراة، فهو رجل ايا كانت الاسباب. فهو يسعد بنظرات الاعجاب. ويترك الحلال والحرام ليوم الحساب، صعدت المصعد وهو معها، اخذ موظفى الشركة انفاسهم. التي قبضت في وجوده.

واحدة منهما
- قائلة باعجاب. هو دى حقيقي ولا ايه؟
- يا نهار على جماله. قالتها موظفة اخرى بهايم
- يجى بوز الاخص. اللى متجوزى. يشوف الرجالة.
- وقال انا. بقول كريم موز
- كريم مين وسيد مين. دى احسن من نجوم السينما
- على رايك. بس شكله على الطبيعة غير
- طبيعة. اى. يا ولية. هو انتى توهتى من جمال الراجل؟
- يا بتى قصدى شكله في الكاجول احلى.
- اها. يا بختها بنت المحظوظة.

- يا بختها وبس. دى انا بصح. كل يوم الصبح على جوز جزم
- دى بقي. بتصح على عيون ذرقة. وبيضاء وحلاوة وطول فارع. وكل حاجة حلوة. قالتها باعجاب وهي تتذكر وسامته.
- كفاية. ماتفكرنيش بالحزين. اللى انا متجوزاى. لروح اخلع واخلص منه.
عندما راتها. هبت واقفة من على مقعدها
- قائلة بابتسامة مزيفة. مبروك يا ميس فريدة...
هزات راسها بكبرياء، ودلفت الى مكتبها. بدون اهتمام بها. كانها لم تراها من الاساس.

لما الغرور. فنحن بشر. جميعنا خلقنا من طين. وسنعود مرة اخرى اليه، لما نشعر دائما الفقير بالعجز. واننا ملوك العالم. فالملك الاوحد في العالم. هو رب العرش.
- الله يبارك فيكى. عقبالك. قالها فارس بتواضع.
افاقت من حزنها وياسها على صوته الرجولى الجذاب
- قائلة باختصار. شكرا لحضرتك.
- فارس بخبث. ممكن اعرف الاسم؟
باستغراب.
- قائلة بايجاب. سوسن.
مد يده لها
- قائلا بتواضع. وانا فارس.
مدت يدها بخجل تسلم.

- قائلة. عارفة. حضرتك غانى عن التعريف.
خرجت من مكتبها، راته يسلم على السكرتيرة بحميمة
- قائلة بضيق. باشا مهندس...
ااضطربت سوسن منها، وجلست على مكتبها سريعا. وتصنعت انها مشغولة باوراق العمل. راى نظرات الضيق. تملا عينيها. اراد ان يزيد من غيظها
- قائلا بعند. اتشرفت بمعرفتك. يا سوسن.
هزات راسها بعدم اهتمام مصطنع، وهي تدعى انشغالها بالعمل...

بعد ان دلف الى الداخل، رمت الاوراق من يدها. ووضعت يدها على قلبها. تلتقط انفاسها. بانه مر بسلام. وانها لم تهان اليوم. يكفى دخلتها الصباحية عليها. واهانتها امام زوجها...

دلف داخل مكتبها الانيق، لقد انبهر باثاثه الفاخر واتساعه الشاسع، وزاد اعجابه اكثر بالرفاف الموضوع عليها. كم من الشهادات التي حصلت عليها خلال فترة العمل، وراي صورة كبيرة. خلف مقعدها تجمعها مع اباها وامه ا. عندما كانت صغيرة. تلعب في الردهة. جميلة سعيدة. لطيفة بريئة. ملامحها الطفولية. لم يتغير منها. الا القليل. وشعرها الذي يعد من اجمل ما ينسج الخيال في جماله. لم يتغير. بل ازاد جمالا وطولا. نظرات البراءة. تغيرت الى نظرات قوة وشدة واستحقار لبعض الناس. بعض هذا يعد ظلم بالنسبة لها. فهى تستحقر الجميع ماعدا اسرتها. لقد تجاهلت ترحيب الموظفة بها. ولم تعطيها ذرة من الابتسامة. فالتبسم في وجه اخيك صدقة. لما التبخل على نفسك بتلك الصدقة. لما التبكر والغرور. فجميعنا ابناء ادم وحواء...

كانت تقف عند النافذة الشفافة. التي تجعلك ترى ما يدار في الشارع توا. واضعة يديها في جيب بنطالها. تقف بثقة وشموخ.
- قائلة بتساول. اى رايك في المكتب؟
- فارس باعجاب. تحفة.
- كويس ان هو عجبك. قالتها ببرود، ثم توجهت الى مقعد مكتبها. لتجلس عليه
جلس قبالتها على مقعد المكتب
- قائلا بمجاملة. كفاية انك فى.
رفعت حاجبيها باستغراب
- قائلة ببرود. والمفروض بقى ادوخ من كلامك.
- المفروض. بس نجيبه منين.

- على فكرة انت ضعيف. اوى قدامنا.
- ليه ماتكونوش انتو
- يمكن يكون في بعض منينا. بس مش كلهم.
- كلهم او بعضهم. المهم ان مافيش. حد بيقومنى.
- انت مغرور اوى
- بعض ما عندكم
- اه. هو انت كنت بتعمل ايه مع السكرتيرة؟
- ولا حاجة كنا بنتعرف
- بتتعررررررفوا. وخدتوا ارقام بعض. ولا لسي؟
- لسي. بس في القريب العاجل. ان شاء الله.
- فريدة بسخرية. وكمان مؤمن بالتوفيق.
تجاهلت سخريتها
- قائلا باستفهام. هو انتى بتسالى ليه؟

ارخت ظهرها للمقعد
- قائلة ببرود. فضول مش اكتر.
- هااااااااااا
في تلك اللحظة سمعت طرق على الباب...
- قائلة بامر. ادخل.
فتح الباب بهدوء. ودلف للداخل
- قائلا بوقار. صباح الخير يا مس فريدة
- مابقاش مس. دلوقتى انا مدام فريدة
- اه نسيت. اسف يا مدام فريدة. والف الف مبروك
- الله يبارك فيك. ثم تابعت بامر. اقعد يا استاذ عبد الجواد.
هزا راسه ايجابا، وجلس امام فارس.

- قائلة بتعريف. احب اعرفك فارس الكيلاني صاحب اكبر مجموعة شركات الكيلاني. اكيد حضرتك عارفها.
- طبعا يا مدام. دي سمعتهم زي الجنيه الدهب. اتشرفت بمعرفتك يا باشا مهندس.
- فارس بامتنان. انا اكتر يا استاذ عبد الجواد.
بعد ان انتهى الترحاب بينهما. نظرت اليه
- قائلة بجدية. الاستاذ عبد الجواد المستشار القانوني للشركة. ومانقدرش نستغنا عنه في الشركة.
- ده من كرمك يا مدام فريدة.
- لا يا استاذى دى واقع.

هزا راسه ايجابا على كلامها، فهو لا يعلم من هو عبد الجواد، او ما وظيفته، لكن من الواضح انه انسان مجامل كثيرا ( منافق )، يخشي ان يقول رايه. ويخسر وظيفته ومكانته. فهو يمشي مع الساير. ويوافق على كلامها. حتى ان كان خطا، اذا قال كلمة حق. او عارض تنفيذ رئيس مجلس الادارة ( فريدة السيوفى ) فالباب بانتظاره.
- عبد الجواد باطاعة. اؤمرينى يا مدام.

- انا والباشا مهندس. اصبحنا شركاء في كل حاجة. طلبتك. علشان اعرف. المهام اللى كل واحد هيقوم بيها في الشركة.
هزا راسه
- قائلا بتفهم. طبعا اول ماحضرتك كلمتينى من اسبوع. انا حضرت كل الاوراق اللازمة...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة