قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أبجدية الخيانة للكاتبة سهير محمد الفصل التاسع والعشرون

رواية أبجدية الخيانة للكاتبة سهير محمد الفصل التاسع والعشرون

رواية أبجدية الخيانة للكاتبة سهير محمد الفصل التاسع والعشرون

سقطت أشعة الشمس في الغرفة. معلنة عن يوم جديد
فتحت عينيها، كانت نائمة على الاريكة في غرفتها تنتظره طوال الليل، لياتى، ولكن خاب ظنها، ولم ياتى، فاكيد هو مع امراة اخرى، ليملاء شهوته بها، ما قساوة تلك الكلمة على امراة قوتها في كبريائها...

دلفت الى المرحاض بصعوبة، نظرت في المراة وجدت هيئتها الباكية الحزينة، انصدمت بشدة، ما تلك الحالة المهينة التي وصلت اليها، تبكى على رجل، وتنتظره طوال الليل، والابشع من ذلك تترجاه ان ياتى اليها ولا يخونها، ما الذي اصابها حتى تصل الى تلك الحالة البشعة، تلعن من يهين كرامتها ويقلل من نفسها، فهى فريدة السيوفى صاحبة الجبروت والقوة، نظرت الى المراة بقوة، تواجه نفسها الضعيفة.

- قائلة بقوة. الحب مجرد من حياتنا. فارس راجل خاين. زى كل الرجالة. انا اقوى من اى عواطف. الحب اهانة وذل ومهانة. وانا مستحيل اكون عاجزة. انا القوة والجبروت اللى بتهد اى جبل شامخ. انا فريدة السيوفى. فارس وغيره كلهم نكرة بالنسبة ليا. حفظت نفسها تلك الكلمات واكثر من ذلك عن ظهر قلب، حتى لا تنساها، وتصبح سد خانة بين قوم الرجال...

بعد ان انتهت من تعليم نفسها، ارتدت ملابسها، وبعد دقائق دلفت من غرفتها، نظرت في اتجاه غرفته بياس، من الواضح ان نفسها حفظت الكلام وبدات توا في تنفيذه، اخرجت تنهيدة حزن من صدرها...
رات فتحية امامها، وهي تهبط درجات السلم بحزن
- فتحية بابتسامة. صباح الخير يا ست البنات.
- صباح النور يا دادة.
- فارس فطر وراح الشغل.

اصابتها الصدمة من ردها على سؤالها الذي كان من المستحيل ان تسالها اياه ؛ حتى لا تهان كرامتها اكثر من ذلك
- قائلة ببرود عكس ما بها من غضب. غريبة مش عادته.
- البركة فيكى يا بنتى. غيرتى حياته كلها.
اردفت بحزن
- قائلة. اه حياته.
ثم همست في داخلها
- قائلة بمرارة. تغيره كله علشان حبيبة القلب.
فتحية بقلق من منظرها
- قائلة باستفهام. مالك يا بنتى شكلك تعبان؟
- مافيش. انا كويسة.
- طب يلا تعالى افطرى.
- لا ماليش نفسي.

- ازاى يا بنتى انتى شكلك هتقعى من طولك.
- هبقي اكل في الشركة. عن اذنك. قالتها بادب ثم دلفت من امامها بمنظر لا يتقبله عدو.
ضربت فتحية كف على كف
- قائلة بحيرة. يا ترى ايه اللى صابك...

لملمت سجادة الصلاة، بعد ان انتهت من صلاة ركعتى الضحى. سمعت جرس الباب. دلفت لتفتحه، وترى من الطارق؟ امها سبقتها وفتحت الباب. رات اختها امامها وابنها العريس المبجل اسماعيل. بعد السلامات والقبلات. جلسوا في غرفة الضيوف. حورية بسعادة
- قائلة بترحاب. اهلا اهلا نورتونا.
اختها جليلة بسعادة
- قائلة. دى بنورك يا حبيبتى.
- مبروك لندى يا طنط. قالها اسماعيل بخجل
- الله يبارك فيك يا اسماعيل. عقبال خطوبتكوا.

جليلة بلهفة
- قائلة باستفهام. أمتى بقي يا حورية.
- امتحاناتها وخلصتها الاسبوع ده وعليكى خير.
- بجد يا طنط. قالها اسماعيل ابن امه بلهفة
- ايوا يا روح طنط ندى ماهتكونش الا ليك.

كانت تتصنت على الباب ؛ لتسمعهم يحددون موتها. قبل اوانه. ودموعها شاهدة على ظلم امها قاسية القلب والمشاعر. افاقت من دوامة الجراح التي تنزف. ومع الأسف لا يوجد علاج لها. على صوت هاتفها الموضوع على فراشها، اخذته ونظرت الى اسم المتصل. راته رقم غريب ليس مسجل لديها، فتحت الهاتف على الفور. ربما يكون احمد يتصل برفم غريب ؛ ليطمأن عليها.
اردفت بوقار
- قائلة. ايوا يا ندى انا فريدة.

اندهشت بان المتصل فريدة وليس احمد مع الكثير من الاستغراب. لماذا تتصل بها؟
- ندى روحتى فين؟
- انا معاكى يا فريدة.
- طب كويس. اى اخبارك؟
اخرجت تنهيدة حزن من صدرها
- قائلة برضى. الحمد لله ماشية.
- اكيد.
- لا طبعا. أنا هتخطب لابن خالتى. قالتها ندى بقهر
- عارفة.
- ايه اللي عرفك؟
- احمد.
ندى باستغراب
- قائلة. احمد!
- هو دى سبب اتصالى بيكى. احمد كان عندنا اول امبارح. وحكى لينا كل حاجة حصلت، وقلنا نشوف لى حل.

- اه. واكيد لقيتوا حل.
- اكيد.
- هااا قوليلى.
- الأول تحكى ليا الموضوع من جذوره.
- تمام...

قصت لها سبب رفض اهلها له وعدم حبهم له، وكل ما كان يدور في حياتها. قسوة اهلها عليها وتعاملهم معها، كأنها طفل رضيع. ومبرارتهم بان تلك هي التربية الصحيحة. بان يقوموا بضربها واهانتها وذلها و تعنيفها ليلا و نهارا ؛ حتى تصبح ابنتهم فتاة صالحة، و ياتى اليها افضل العرسان. فامها عنادت معها وقررت تخطبها لابن خالتى، الذي يشبه الباندا في حجمها الطبيعى. بعيدا عن الشكل الخارجى فهو ليس مقياس. اهم شيء الروح. فدمه ثقيل وابن امه في كل شيء حتى في ادق التفاصيل. وانسان مستفز لا تطيق ان تجالسه ولو ثانية واحدة. بخلاف احمد الذي يمثل الرجولة بما تعنيه الكلمة من معنى. تعشقه ؛ لانه وقف بجوارها وساندها وكان دائما الاب الروحي والحقيقي لها. بعد والداها الذي جعل امها تتحكم في كل شيء في تفكيرها في شخصيتها، اختياراتها. حتى زواجها فهي الامر الناهي الحاسم في تلك المواضيع، ولا راي لاحد في البيت الا هي. عارا على رجل ترك زمام الامور لامرأة. هي تقص عليها ما تعانيه في حياتها، وقلب فريدة يتمزق ألما وقهرا. من تلك المعامله التي تراها تلك الطفلة. التي لا تتعدى التاسع عشر من عمرها. كيف تعامل بتلك الطريقة المهينة!

والذين في سنها يعاملون بافضل معاملة. يرون الحب والاهتمام و كل ما تشتهي الانفس متواجد بين ايديهم. الاب يكون مراعي ومسئول يستمع إلى أبنائه باريحية وهدوء وينصحهم رويدا رويدا. ام الام فهى منبع الامان والحنان والدفء، والسكينة. لكن عند ندى القسوة كانت لسانهم، والقلم كان يدهم. لم تجد السند الا مع احمد. ليس غريبا على ما فعلته. ان تحب رجلا اكبر منها سنا ؛ لانها لم تجد الامان بين اهلها، وليس غريبا ايضا ان تبحث عن الحب في مكان ليس بيتها ؛ لانها لم تعيشوا مع اهلها. دائما كانت تجد الذل الصوت العالى، و المزعج في الامر والمهين اكثر انها تضرب و تهان وتذل في صمت. لماذا؟ حتى لا يسمعهم احد ويعتقد. انهم اناس سيئون. فهم امام الجميع اصحاب الفضيلة والحكمة والدين الاسلامي الراقي، فكر صهيوني خطير في الخارج يتظاهرون بالطيبة والتواضع. وفي الداخل اصدقاء الشياطين، بعد ان انتهت من روى حكايتها اليها. وكانت الدموع سابقة في كل حديث ترويه، وفي كل كلمه قالتها وفي كل حرف تحكيه لها. قلبها عاش المزيد من الالم، و تريد ان تتخلص من ذلك في اسرع وقت، فاحمد هو الامان والسكينة، هو الكلمة الطيبة التي كانت تبحث عنها بين اهلها، ولكن مع الاسف لا تجدها، يعاقبونها عن حب دخل الى قلبها ولم تستطع التحكم به، فهى المخطئة وهم ملائكة تسير على الارض.

اردفت فريدة بحزن شديدة على تلك الصغيرة
- قائلة. خلاص فهمتك يا ندى.
- طب قوليلى اعمل ايه. وانا اعمله بسرعة. لانى بحب احمد وماقدرش استغنى عنه.
- هو كمان بيحبك. بصي يا ستى هتعملى...
بعد ان انتهت من اتصالها...

اصطفت امام شركتها، فتح الحارس لها، دلفت من سيارتها بثقة وكبرياء كالعادة، ودلفت داخل الشركة، رات حالة نشاط تامة تدب في الشركة، والجميع على مكاتبهم يتبعون عملهم في همة ونشاط، القوا عليها التحية، والتفتوا الى عملهم سريعا، دلفت بالمصعد، متجهة الى مكتبها، واذا فجاة وقعت عينيها صدفة على غرفة الاجتماعات من خلال النافذة الشفافة كبيرة الحجم، اتسعت عينيها بدهشة، عندما رات فارس يعقد اجتماع مع موظفين الشركة، بدون اخذ اذنها او حتى اخبارها، لم تظل واقفة كثيرا، اتجهت الى الغرفة، وفتحت الباب، وسط دهشة فارس وخوف الموظفين منها، نظر لها بضيق متجاهلا وجودها.

- قائلا ببرود. اعتقد كل واحد فهم هيعمل ايه.
- اكيد يا باشا مهندس اطمن. قالها محمد بهدوء
اردفت نفين بهيام في جماله الساحر الاخاذ للعقول
- قائلة بوقاحة. كله تحت السيطرة.
هزا راسه ايجابا لها.

فهو كان مرتدى قميص ابيض. مفكوك اول ثلاثة ازرار منه. وتحيط رقبته البيضاء قلادة حبيبته ياسمين. في صورة مثيرة للجنون، ومشمر القميص عن ساعديه. فيظهر قوته البدنية، ويرتدى بنطال اسود، و شعره الاسود الكثيف للخلف. بخلاف بعض الخصلات العنيدة الساقطة عن وجهه
اخرج تنهيدة حارة من صدره
- قائلا بجدية. ما دام كل واحد فهم شغله. تقدروا تتفضلوا على مكاتبكم.

هزوا راسهم ايجابا، وقاموا من على مقاعدهم بهدوء، والقوا التحية على الواقفة كالصنم، التي تموت غيظا وقهرا، فهو لم يعيرها اهتمام ولم يعطيها قيمتها الحقيقة، دلفوا الموظفين خارج القاعة، الا هى، التي تموت من جماله كلما تراه. قامت من على مقعدها تلملم اوراقها
- قائلة بدلع. هخلص الاساسيات واخلى حضرتك تشوفها.
فارس وهو يرمقها نظرة رجاء
- قائلا. اتمنى ده. فهو اصبح كل اهتمامه وتركيزه منصب على الشغل لا اكثر.

سعدت نفين من رده عليها
- قائلة بتحمس. ساعة بالكتير ويكون عند حضرتك. قالتها وهي تدلف، والقت التحية على كتلة الغاضبة
- قائلة. صباح الخير يا مدام فريدة.
تجاهلت تحيتها
- قائلة بحزم. خلصتى يا نفين؟
- ايوا حضرتك.
رمقتها نظرة احتقار
- قائلة بكره. طب يلا على مكتبك شوفى شغلك.
نظرت اليه بالعند فيها
- قائلة بمياعة. عن اذنك يا باشا مهندس.
- اتفضلى يا نفين.

اؤمات براسها ايجابا، ودلفت خارج الغرفة. واغلقت الباب ورائها بهدوء. كانت تريد ان تصعقه. لكن اللعب مع فريدة السيوفى صعب للغاية.
نظرت اليه بقوة موجهة سؤالها
- قائلة باستفهام. ممكن افهم ايه اللى بيحصل؟
قام من على مقعده ولملم اوراقه متجاهل تماما وجودها. بعد ان انتهى اردف ببرود
- قائلا باستفهام. تفهمى ايه؟
عقدت ذراعها امام صدرها
- قائلة بضيق. انت فاهم قصدى كويس بلاش لف ودوران.

- طب انا بلف وبدور. فهمينى انتى بقي؟
فكت يديها، وهبت فيه
- قائلة بعصبية. اجتماع من غير ما اعرف. قلة ادب ووقاحة الموظفة.
حدثها بثقة
- قائلا بقوة. اولا الاجتماع خاص بالمهندسين فمالوش علاقة اخد اذنك. ثانيا ودى الاهم. فين قلة الادب اللى حصلت؟
- انت شكللك مش مدرك للخطا اللى انت عملته.
تعصب عليها
- قائلا بنفاذ صبر. لخصي قولى عايزة ايه؟
تجاهلت رده المتعصب
- قائلة بغيرة. اجبلك رقمها وتكون في حضنك النهاردة.

سار اليها حتى اصبح امامها
- قائلا بضيق. انتى بتقولى ايه؟
- لو عجباك تكون معاك...
جز على اسنانه
- قائلا بغضب. فريدة انتى بتتكلمى على مين؟
- اللى بتخلص الاساسيات. يا ترى بقي اى اساسيات؟
- انتى مش ممكن. احنا بنتكلم في الشغل.
- الشغل والسرير مايضرش.
اراد ان يغيظها ويعاقبها على وقاحتها
- قائلا بتحدى. هاتى رقمها.

انصدمت من رده. ظنت انه سيعصب وينهى الموضوع. نظرت له بحزن عميق. اما هو اقترب منها اكثر، فاثبح ملاصقا لها، فهمس في اذنها
- قائلا بهيام. اصلى مشتاق او...
دلفت سوسن في تلك اللحظة. قطعته عن مواصلة كلامها
- قائلة بتلعثم. اسفة يا باشا مهندس...
ابتعد عنها
- قائلا ببرود. عادى ولا يهمك يا سوسن. و عادت الكرة مرة اخرى وتجاهل وجودها.
رات شرار الغضب تتطاير من عين البومة
- قائلة بادب. صباح الخير يا مس فريدة.

رفعت حاجبيها بتعالى
- قائلة بغرور. مدام فريدة.
اردف لاغاظتها بانها مازالت انسة ولم تصبح مدام بعد
- قائلا بتحدى. اوعى تانى مرة تنسي كلمة مدام.
تضايقت منه
- قائلة باستفهام. انت قصدك ايه؟
- انتى فاهمة قصدى كويس.
- فارس
- عندى شغل.
فتحت سوسن الكتيب. لتملى عليه جدول اعماله
- قائلة. النهاردة عندنا...
قطعها
- قائلا باقتراح. بقولك ايه ما تيجى نروح مكتبى نكمل الشغل.
- اللى حضرتك تشوفه يا باشا مهندس.

- انتى رايك ايه. قالها لاغاظة زوجته
- بشوف في المكتب افضل. بنقدر ناخد راحتنا.
- خلاص اللى انتى عايزاى هنفذه. يلا على المكتب. قالها لاغاظة فريدة. وتوجه هي وهو خارج المكتب دون اهتمام بوجودها
بعد ان خرجوا. امسكت الاوراق الموضوعة على طاولة الاجتماع. والقتها جميعها ارضا. وسط غضبها وعصبيتها الزائدة...
في تلك اللحظة
- اومال فين ندى؟ قالتها جليلة باستفهام
- جوى هدخل اقولها.
هزات راسها ايجابا.

ودلفت متجهة الى ابنتها، فتحت باب الغرفة، راتها نائمة، عندما سمعت سؤلهم عنها. ركضت سريعا في فراشها، وشدت اللحاف عليها، فهى لا تريد ان تقابلهم او تجالسهم ثانية واحدة. وخاصة ابنها اللزج ذلك.
- ندى قومى.
- ندى بنعاس. في ايه يا ماما. انا عايزة انام
- خالتك برا.
- لو سمحتى سبينى انام.
- حورية بعصبية. بقولك خالتك برا، وابنها اسماعيل.
- اسماعيل كمان. ماما شوية وهاجى.

- بلا شوية ولا اتنين. يلا. قالتها وهي تجذبها من ذراعها غصبا ؛ لاجبارها الخروج من فراشها. لم تجد طريقا اخر لديها سوى أن تقوم...
وهو يجلس قبالتهما على الاريكة
- قائلا بترحاب. نورتونا يا جليلة.
- دى بنورك يا خالد.
ثم وجه حديثه الى ابنها
- قائلا باستفهام. عامل ايه يا اسماعيل؟
اسماعيل بادب
- قائلا. كويس الحمد لله.
- عامل ايه في شغلك؟
- طبعا شغل البنوك صعب بس احنا قدها.
جليلة بتفاخر بابنها.

- قائلة بشعبية. ابنى االله اكبر محاسب قد الدنيا. يا بخت ندى بى.
- طبعا. وشرف لينا نسبكم.
فى تلك اللحظة اتت حورية وورائها ندى.
هب العاشق الولهان من مكانه لمجرد رؤيتها.
سلمت عليها جليلة
- قائلة بترحاب. اهلا بست البنات.
ندى بضيق
- قائلة. اهلا بيكي يا خالتى.
اسماعيل بسماجة
- قائلا باستفهام. وانا فين يا ندوش.
جزت على اسنانها بغيظ
- قائلة بكره. ندوش في عينك
- بتقولى حاجة يا حبيبتي؟
ندى باستنكار.

- قائلة بكذب. ابدا يا خالتى.
ثم تابعت وهي تسلم على ابنها
- قائلة بضيق. ازيك يا اسماعيل.
اردف بحماس
- قائلا. الله يسلمك يا ندى...

كانت تملى عليه جدول اعماله، وهو في عالم اخر، مرتخى على مقعده، ينظر هنا وهناك، يفكر في تصرفاتها التي تدل على الكثير والكثير، ولكنها لا تتكلم ولا تتحدث، سائلا نفسه، لماذا تمنع نفسها عنه، وتبين انه لا يعنى لها شىء، كلامها شيء وتصرفاتها شيئا اخر، هو مشتاق لها بجنون، لا يعرف ما الذي جرى له، ففارس قاتل قلوب العذارى، لا يهتز بامراة، هي ليست امراة عادية، فهى سيدة النساء.

بعد ان هدات قليلا، دلفت خارج الغرفة. متجهة الى مكتبها. راتها دينا هبت من على مقعدها، والقت عليها التحية. تجاهلتها تماما. ودلفت الى مكتبها، وصعقت الباب ورائها. هزا ارجاء الشركة. كانت تنفخ نار من تصرفه وتجاهله التام لها. كأنها صنم. تقريبا الصنم له قيمة عنها، اما هي نكرة مهمشة، تقتلها نظرات نفين الموجهة اليه. فنظراتها ليست برئية. نظرات اعجاب وحب. جلست على حافة المكتب تنظر حولها بياس وضيق. مؤخرا اصبح كل ما يحيط بفارس يخنقها يكاد يقتلها في مقتل.

عقلها اجر حوار مع قلبها
- قائلا باستفهام. ايه اللي جرى ليكى يا فريدة. فوقى لنفسك. كلها شهور وتنتهى اللعبة.
- القلب بلهفة. مش قادرة هموت.
- انتى قوية. قالها القلب ؛ لتاكيد الاوهام بداخلها اكثر
- كل ده بقي في الارض من نظرة من عينه.
- الرجالة كلهم خانين.
- هو غيرهم لى سحر بيقتلنى.
- غرضه منك شهوة مش اكتر
- ما هو ده اللى بيقتلنى انا...

دار بين قلبها وعقلها الكثير من الاسئلة القلب مشتاق ومتلهف والعقل رافض الفكرة بتاتا. هي الضحية بينهما
بعد ان انتهي من صلاه الظهر في المسجد. دلف داخل العمارة، فهو اصبح مؤخرا يواظب على جميع فروضه في المسجد ؛ لانه ببساطة يشتاق الى بيت الله كثيرا، ويحب ان يجتمع به ويتحدث معه عن كل ما يجول في صدره فالحياة بدون الملك لا تساوي شيء.

وهو يصعد درجات السلم. فتح باب شقة حبيبته الصغيرة، وتخرج منه امراة تشبه امها حورية الى حد كبير وتصطحب شاب على هيئة دب الباندا. يترواح عمره ما بين ال الخامسة والعشرون والثلاثون.
القي التحية عليهم بتواضع
- قائلا بادب. سلام عليكم.
ردت عليه حورية
- قائلة بهدوء. وعليكم السلام. عامل ايه يا احمد؟
انصدم احمد من ردها عليه. فهى في الطبيعى لا تعيره اهتمام. فما بال السلام. طبعا لا يوجد جواب.
التفت اليها.

- قائلابادب. كويس يا طنط.
- عقبالك يا حبيبي.
احمد بعدم فهم
- قائلا باستفهام. على ايه؟
- خطوبة ندى بكرة يا روح قلبي. النهاردة كانت قراية فتحتها.
شلت قدمه، ونظر لها بصدمة، والى ذلك اللوح الخشبي الذي يقف امامه. تقريبا ذلك العريس الذي من رضى ربنا عليه سياخذ ملاكه الصغير، ثم وجه نظراته لها يريد ان يقتلها في التو واللحظة. وعينيه مملوءة بالكثير والكثير من الاسئله. يريد ان يسالها
لماذا؟

لماذا حرمتني من حب جعلني إنسان.
اعرف منه ما هو الايمان؟
ماذا فعلت لكى ؛ حتى تعاقبينى بتلك الطريقة؟
هل قتلت لكى احد ام جورت على حقك؟
ام ماذا؟
دموعه اقسم عليها بان لا تنزل ؛ حتى لا تهان كرامته اكثر من ذلك، وهبط درجات السلم ركضا. وسط ضحكاتها الساخرة. واستغراب اختها ودهشة اسماعيل
- قائلا باستفهام. هو في اى يا خالتى؟
- ما تشغلش بالك يا روح خالتك.
- على معادنا بكرة. قالتها جليلة بتاكيد.

- طبعا يا حبيبتي نروح نجيب الشبكة ونلبسهلها في البيت
- انا كنت بقول نخلى العيال هم اللى يجيبوا الشبكة. علشان ندى. لو ماعجباهش حاجة.
- لا يا حبيبتي ماتشغليش بالك ندى بنتى مالهاش في الجو ده.
- يا زين ما ربيتى يا حورية.
- ايوا طبعا. هو انتى هتاخدي اى حد
-...
بعد ان انتهت من توديع اختها وابنها. دلفت الى الداخل واغلقت الباب ورائها، رات ندى امامها، الدموع تفضحها وتنزل على وجنتيها.

- قائلة ببكاء عنيف. ليه بتقوليلو عقبالك.
تصنعت الجهل
- قائلة ببرود. هو مين؟
- احمد. ليه بتحرقى دمه وتوجعى قلبه. مش كفاية انك قتلتينى بدم بارد.
هبت فيها بعصبية
- قائلة بتحذير. هو انا مش قايلة اسم الواد ده. ماينذكرش هنا تانى.
- مع الاسف يا مدام حورية. احمد النبض اللى عايش جوايا
- انتى اتجننتى يا بت. ازاى تقولى قدامى كدة!
- انا بحب احمد.
امسكها اباها من شعرها
- قائلا بغضب. انتى بتقولى ايه؟
نظرت له بكره.

- قائلة بقوة. بحبه لانه ابوى وسندى في الحياة. ماليش حد الا هو بعد ربنا.
نكرت وجودهم مثلما نكروا وجودها في الحياة. يفعلون الكثير والكثير بدون اعتبار لرايها. كأنها مهمشة
حورية بصدمة
- قائلة باستفهام. انتى في وعيك؟
- دى اول مرة اكون فيها في وعى. موتونى اقتلونى احمد ابوى وسندى.
شدها اباها من شعرها اكثر
- قائلا بتخلف. ابوكى مين. وانا ايه؟
نظرت في عينيه
- قائلة بانيهار. الاب اللى ميهنش.

الاب اللى يسمع من غير ما يوجع
الاب اللى يشجع
الاب لو كل العالم وقف ضدى هو يكون معاى
الاب اللى يفهمنى من غير ما اتكلم
اصل روحنا واحدة ودمنا واحد
انا ضلع من ضلوعك
انا الحب اللى سكن جواك من غير ما يكون لى معنى
انا فرحك وتعاستك
الاب حاجة كبيرة اوى. وانت ضيعتها ما بين ايدك. متظلمنيش وتستنى منى اقولك يا بابا.
انصدم من ابنته ومن كم الوجع الذي تحمله بداخلها، ترك شعرها
- قائلا بحزن. روحى على اوضتك.

ركضت سريعا على غرفتها وهي تبكى بحرقة.
الاب يا سيدى هو الرجل وتحت تلك الكلمة الكثير والكثير من الخطوط الحمراء ؛ لانه ببساطة الرجل ليس اسم في البطاقة هو فعل قبل القول، هو الذي يهب كل حياته وحنانه وحبه دون ان يسال عن المقابل. هو الكثير والكثير لكن الكلمات قليلة على الوصف الدقيق.

كلماتها قتلته بدم بارد. مثلما يفعل معها دائما. لم يصدق ان ابنته الصغيرة تقول تلك الكلمات المميتة. لماذا توجعه وهو يخشي عليها من جميع البشر. دائما كان هو السكين الذي يقتلها والالم الذي يوجعها، والكلمات التي تقسوا عليها. دائما نحن هكذا نقتل نوجع نجرح، الخ، لكن عندما يفعل بنا نرفض بقوة، وكأننا اصبحنا القاضي والجلاد ونحن ملائكة لا نخطا. حسبي الله ونعم الوكيل في كل اب وام اذا كانوا على تلك الهيئة.

دلفت اليها دينا ومعها ملف. فريدة بعصبية طفيفة
- قائلة بضيق. في اى يا دينا؟
وضعت الملف الذي بيدها امامها
- قائلة بهدوء. الباشا مهندس رفض يمضي الملفات. فجبتها سوسن لحضرتك.
هبت من على مقعدها بعصبية
- قائلة بصراخ. ايه بتقولى ايه.
ارتعبت دينا من ردة فعلها العنيفة وعصبيتها الزائدة
- قائلة بتلعثم. الب اشا مهندس رفض يم...
قطعتها فريدة بعصبية
- قائلة باستفهام. ليه؟

- قائلة بخوف. مااعرفش هي قالتلي الباشا مهندس مش فاضي يمضيها.
- بغيظ. مش فاضي. طب يا دينا هاتى الملفات دى، وروحي انتى
اؤمات براسها ايجابا، واعطتها الملفات، وخرجت دون ادني كلمة متجنبة عصبيتها قدر المستطاع.
وهى بيدها الملفات
- قائلة بضيق. ماشي يا فارس انت جاى تلعب.
دلفت خارج المكتب. وصارت في اتجاه مكتبه وبيدها الاوراق...
عندما راتها سوسن هبت واقفة
- قائلة بادب. اؤمرينى يا مدام فريدة.

تجاهلتها كأنها لا تراها من الاساس، وتوجهت الى باب غرفته ؛ لتفتحه...
اوقفتها سوسن
- قائلة بهدوء. باشا مهندس ماعيزش حد يدخله جوى.
التفت لها بعصبية
- قائلة بضيق. انتى بتقولى ايه؟
استجمعت سوسن قوتها
- قائلة بثبات. بقول لحضرتك الباشا مهندس رافض...
قطعتها بعصبية
- قائلة بتحذير. ابعدي يا بت انتى عني دلوقتي. بدل ما اخلي وشك شوارع. ابعدي قالتها بصوت صارخ.

ارتعبت منها، وتراجعت بخوف للجلوس على مكتبها، فتحت الباب بعصبية، راته. يعطيها ظهره، وجالس على كرسي عالى، وامامه لوحة الرسم الهندسي، ومسطرة حرف t موضوعة عليها، ويشد خط عريض عليها بقلمه الرصاص. اغلقت الباب ورائها بقوة. لم يرد عليها ليس تجاهل. كل الحكاية انه لا يشعر بوجودها. لانه واضع السماعات في اذنه يسمع موسيقى هادئة ؛ لتجعله يخرج اجمل ما لديه، اقتربت منه. ونظرت الى ما يفعل، حقا انه بارع، فهو توا يفعل اساسيات مشروع القرية السياحية، ساحر في جماله في هدوئه في وقاحته وجرائته. لكن في عمله لديه سحر من نوع اخر، تريد ان تحتضنه وتبكى بقوة على كل ما صادفها في حياتها، وخاصة بعد اغتصابه اجمل ما فيها، افاقت من هوسها به، وخلعت السماعات من اذنيه.

التفت في عصبية ؛ رائها امامه
- قائلا بضيق. هو انتى هنا من امتى.
تضايقت من رده
- قائلة بهدوء. انا لسي جاية.
قام من على الكرسي، ووقف قبالتها
- قائلا بحزم. اعتقد من الذوق تستاذنى قبل ماتدخلي. هي مش وكالة من غير بواب.
ثم تابع بعصبية.
- قائلا بنداء. سوسن سوسن.
اتت في عجالة من امرها.
- قائلة بخوف. في ايه يا باشا مهندس؟
- ازاى تسمحي لمدام فريدة تدخل من غير استاذن.
- حضرتك هي...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة