قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية أباطرة العشق للكاتبة نهال مصطفى الفصل الخامس والعشرون

رواية أباطرة العشق للكاتبة نهال مصطفى

رواية أباطرة العشق للكاتبة نهال مصطفى الفصل الخامس والعشرون

كان كلما عاد لغرفته بعد يومه الطويل والمجهد، ووجدها كحوريات الجنة تتوسط مخدعه ويشع منها ضياء الحب واللهفه، فيغلق بإحكام خلفه الباب، كمن يخشى أن يتسرب إليه شيءٌ من ضجيج العالم .. لانه يريد ان ينعم بالسلام معها دون عائق يستوقفه، فكانت بالنسبة له ملجأ أمن من عالم مليئ بالحروب.

- والله ماهينفع .. امشي احسن حد يشوفنا ..

دفعها بجسده كى يلصق ظهرها بالحائط مرددا بعتب
- اللى مش هينفع بجد اللى انت بتعمليه .. ليه مش عاوزه تفهمى انك وحشتينى ..

- وانت ليه مش عاوز تفهم انى خايفه عليك يانور عينى ..
- طيب اشبع منك وهمشي والله ..
شرع ان يقرب شفتيه منها مرة اخري وهو يلتهم انفاسها باشتياق ولكنها وضعت أناملها فوق شفتيه متوسلة
- سلييييييم ..

اضطر ان يقيد ذراعيها بكفه كى يدمر اي عائق يمنعه من الفوز بها والغوص في اعماق عشقها كى يطفىء نيران بعدها، شرع بالتلذذ منها بقدر المستطاع حتى اصبحت كل اعمده تمردها وخوفها رخوه بين يديه متراقصه على امواج عشقه التى تلتهمها بدون شفقه، غارقة في اعماق قربه حتى تناست نفسها بين ذراعيه ..

فقدا الاثنين وعيهما في حصار بعضهما فارتفعت اصوات انفاسها واتسعت حركت اجسادهما حتى سقط (البرميل) المعدنى فوق سطح صلب مصدرا صوتا عاليا مزعجا لفت الاذان ..

ابتعد عنه وجه متنهده بصعوبه قائله بذهول
- يالهوووى ياسليممم .. لازم تروح دلوق ...

اتاهم صوت طرق جمهوري على الباب من احد الغفر قائلا
- ميييييييين جوه !

ندبت وجد على وجنتيها قائلا بذعر
- يامرررررررري روحنا في داهيه ..
وقف سليم حائرا ممسكا برأسه التى توقفت عن التفكير .. استمرت وجد في الندب على وجنتيى خيبتها هاتفه بصوت هامس مرتعد
- هيقتلوك ياسليم .. يالهوى انا اييه اللى بيخلينى اسمع كلامك بس .. هنعمل ايه دلوق ..

نهرها سليم بصوت هامس هاتفا
- وجد ... اسكتى خلينى افكر ..

- تفكر ايه .. بقولك روحنا في داهيييه ..

زفر سليم بقوة ثم ابتعد عنها بخطى سريعا جاثيا على ركبتيه كى يفك رباط احد الاحصنه سريعا ... فظلت تراقبه بخوف وجسد مرتجف، فتكرر صوت الطرق مرة اخري قائلا
- مين قافل الباب من جوووه !

تلعثمت الكلمات بحلقها وبتلقائيه ضربت بكفيها فوق فخذيها بارتباك
- يادى النيله !

انتهى سليم من فك الحصان فأمسك بحبله قائلا بحذر
- اهدى اهدى كده وروحى افتحى الباب .. وقوليلو ان الحصان تعبان وانك كنت بتكشفي عليه يلا ..

- ياااسلام وهو غبي قوى عشان يصدق .. دكتورة بنى ادمين بقيت تكشف علي بهايم ..

ضرب سليم فوق رأسه بنفاذ صبر
- وفكرك اللى بره بالذكاوة دى .. انجزى ياوجد مقدمناش حل تانى يلا ...

- طيب وانت هتعمل ايه ..
شرع سليم ان يجيبها ولكنه توقف عندما سمع صوت قوى من احد الغفر بالخارج يتحدثون
- ياعم تعالى نكسر الباب .. انا متأكد ان في حد جووه ..

حاول سليم بقدر الامكان ان يحافظ على اتزانه قائلا بسرعه
- يلاا ياوجد اعملى زي ماقولتلك وانا هستخبي هناك .. وحاولى تزوحيهم بعيد عشان اعرف اخرج ..

شرعت وجد بالتحرك لتنفيذ ما امرها به مردده بندم
- يعمل المصيبه ويدبسنا فيها ! عقله بيكون فين انا مش عارفه ..

تحرك احد الغفر بحدف جسده بكل قوته على الباب ولكن سرعان ما فتحته وجد التى استجمعت شتات قواها وهى تسحب الحصان خلفها هاتفه بحده مهزوزه
- انتوا ازاي يابهايم سايبين الحصنه اكده من غير وكل ولا شرب !

- ست وجد ! حُصل ايه .. انا لسه موكلهم ..

تارجحت عينيها بارتباك فاردفت بجسد مرتعد من الداخل
- اجري شوف حكيم من العياده البطريه الحصان تعبان وانتوا ولا على بالكم ..

- ماله الحصان ماهو زي الفل !
- انت هتعرف اكتر منى ! اتحرك يلا ..

- العفو ياست هانم .. اللى تأمري بيه ..
القى الغفير جملته الاخيره ثم ركض من امامها كى ينفذ اوامرها امل عنها فاستدارت نحو الاخر هاتفه
- وانت واقف تتفرج عليا ! روح شوفلك مصلحه ..
- احسن تحتاجى اي حاجه ياست ..
- لا مش عاوزه حاجه .. يلا امشي .

بعد برهه القت انظارها كى تتأكد من خلو المكان، فاستدارت نحو سليم سريعا مردفه
- يلا ياسليم تعالى مشيتهم ..

اقترب منها ليقول ممازحا
- شاطرة .. يلا بقي نكمل اللى كنا نعمله ..

جزت على اسنانها بغل واغتياظ .. فاشارت له بكفها بحركات عشوائيه
- اموتلك نفسي عشان ترتاح ! سليم متعليش الضغط عليا ..

ضحك بصوت خافت فانحنى قليلا ليطبع قبله خاطفه بالقرب من ثغرها قائلا
- المكان هنا حلو ... هابقي اجى تانى .. يلا سلام .
زفرت باختتاق قائله
- جالك في سنانك يابعيد هتودينا في داهيه .. يلا اطلع من جناين القصب عشان محدش ياخد باله منك ..

- تقلقيش عليا .. دانا حافظ بيتكم حته حته .. دا عشرة سنين كتيره

في سيارة عماد التى تصف امام المقابر .. فاتاه اتصالا هاتفيا فبعد ما كان متأهبا للذهاب توقف كى يرد على المتصل قائلا

- ايوة ياسمير .. اخبارك .

- سعت المستشار كلنا بخير طالما انت بخير .

- يباركلى فيك .. ها في اى اخبار .

- بالنسبه لحيدر عتمان اللى طلبت منى اجيبلك معلومات عنه ..

- ااه ياسيدى .. قدرت توصل لحاجه ؟!

- بص اللى عرفته ان من ٣٠ سنه كان شغال صبى عند اكبر تاجر مخدرات فالقاهرة .. بس الشخص دا اتقبض عليه ومنهم حيدر اتحبس سنه بس طلع منها ورجع بلدهم .. اللى عرفته ان عيلتهم كانت فقيره جدا لدرجه انهم كانوا يشتغلوا خدم ومزراعين في اراضي الناس ومنها اراضيكم .. بعد 7 سنين بالظبط ظهر اسم العتامنه وبقيوا يملوكوا حوالى تمن الاراضي اللى في البلد وكمان ليهم نجع خاص بيهم ووصلوا لمرحله من الغنى الفاحش في فترة قياسيه، المرجح انهم اشتغلوا في الممنوعات بس الحكومه لحد دلوقت مقدرتش تمسك عليه خيط واحد .. بالاضافه الى علاقته النسائيه الكتيره اللى تقريبا بينزل مصر مخصوص عشان يتبسط .. الواضح ان شخصيه مش سهله ومن رايي ان الحكومه تسلط الضوء عليه الفترة دى .. البلد مش ناقصة مجرمين ..

دور عماد سيارته متأهبا للذهاب وهو يستمع له بكل جوارحه باهتمام مردفا
- تمام اوووى يا باشا، بص سيب الموضوع دا عليا وان شاء الله محدش هيكشوفوا غيري ومسير المجرم يتسلم لمحكمه الارض قبل محكمه السما ..

- عندنا ثقه في معاليك ياباشا .. واي جديد هبلغك .

- تسلم ياباشا .. منحرمش من خدمات معاليك ...

بعدما انهى اتصاله مع رفيقه فتنهدا قائلا
- مممم وراك وراك ياحيدر لحد مااعرف مين القاتل الحقيقي لسالم عتمان واتهم فيها عمى ... اكيد في بعد تالت للموضوع .

 

" كده كل الشنط جهزت .. صح هتاخدى حاجه تانى "
انتهى محمد بصحبة يسر من اعداد الشنط للسفر .. فاردف جملته الاخيره بتنهيده طويله بعدما القى نظرة ساخره علي كمية الأشياء التي ستأخذها معها فقالت
- لا انا خلصت .. بس انت مطلعتش لبسك !

- هو شرط وتيشيرت ومش عاوز حاجه تانى كده رضا، بس احنا نلاقي لهم مكان في الدولاب اللى انت وخداه دا !

ضحكت بصوت عال
- الله ! ما كله عشانك .. اصل انا قررت كل ساعه هلبسلك طقم .. هعملك عرض ازياء كده، بص هخليك تقضي احلي اسبوع في شرم ...

- نسيب شغلنا ونروح شرم ! طيب ياستى يلا عشان نلحق نوصل ..

قفزت امامه عده مرات بحركات طفوليه مهلله
- انا مبسوطة اوى يامحمد .. اول مرة هنسافر لوحدينا كده ومحدش هيقدر يقولنا تلت التلاته كام .. يسسسسس .

- البت الهبله اللى انا اتجوزتها دى .. طيب يلا قبل مااغير رايي .

نظرت له بعيون ضيقه لتسائله بفضول
- هو احنا لما كنت تحت مش انت كنت رافض موضوع السفر وكده يعنى .. اي اللى غير رايك ..

فكر لبرهه فاردف ممازحا وهو يعبث بخصيلات شعرها المبعثره امامه
- الاول مكنتش رضيت عنك اوى .. اما انت صالحتينى خلاص ومسحتى كل حاجه وحشه بطريقتك وانا طالما صفيت مقدرش ازعلك ياعسل انت ..

وقف على طراطيف صوابعها لتعانقه وترتمى بين ذراعيه قائله بفرحه
- حبيبي يااانااااااس .. والله انت اللى عسل وسكر وكل حاجه حلوة في الدنيا دى كلها .
فاردف ممازحا:
- طب اي انا بقول نلغى السفر ونشوف موضوع العسل دا سوا !

" يابت اسمعى منى .. راجح الهواري لو جرت له حاجه احنا كلنا هنترمى في الشارع "
اردفت ثريا الجالسه بشقه نورا جملتها بنبرة تحذيريه سقطت على اذان نورا وعماد الواقف امام باب شقته مما جعلته يتوقف لوهله يستمع لنهايه حديثهم .. ازاحت نورا دمعتها قائله بحزن
- انت عارفه انى مش كده ولا عمري هابقي كده .. انا مستحيل اوافقك علي طلبك انسي ..

- يابتى انا امك وخايفه على مصلحتك ومصلحتنا، انت الكبيره لو عملتِ كده اخواتك هيهاودوكى ويعملوا هما كمان، انا خايفه عليكم مش عاوزاكم تترموا في الشارع .

- ماما انت متخيله بتطلبي منى ايييه ! انت عاوزانى اغدر بجوزى وامضيه على املاكه ! اي الطمع والانانيه دى كلها ..

- بطلى نشفان راس وخليك ناصحه عاد .. عيال عفاف ملهمش امان دول مية من تحت تبن زي امهم ..

- متحاوليش .. كلامى خلص ...

- طيب بصي اهدى اكده ومضيه وخلى الورقه معاكِ .. ولو غدر مع انى واثقه انهم يعملوها تبقي ضمنتى حقك .. لا مغدرش خلاص ولا من شاف ولا من دري ..

- لو سمحتِ انا لحد دلوقت عامله حساب انك امى، ممكن بقي تتفضلى ومتفتحيش معايا الموضوع دا تانى .. ولما عماد يرمينى في الشارع وباكل حقي اتاكدى انى مش هاجى اشكيلك واصوت في دماغك .. انا عاوزه اروح احضر غدا لجوزى زمانه علي وصول .. اتفضلى ..

- انت هتصيعى عليا يابت .. دانا خبزاكى وعجناكى .. فوق ياختى من وهمك وخيالك وشوفى الدنيا على حقيقتها .. ولو مستنيه سي عماد دا يحبك تبقي غلطانه ومختومه على قفاكى ... دول ياكلوا مال اليتامى ! وبكره هتجينى وتبكى بدل الدموع دم يانورا ..

اجابتها بلا مبالاه
- المهم ماخدش حاجه مش من حقى ..

لاحظ عماد ان صوت ثريا وخطاها يقترب من الباب .. فركض سريعا كى يصعد للدور العلوى خشية ان تراه .. بعد لحظات فتحت ثريا الباب وهى ترتل:
- عينى عليكِ وعلى بختك المنيل في عيالك ياثريا ...

ظل عماد غائصا في بحور حيرته وبداخله جيوش متهجمه من الاسئله التى لم يلق جواب عليها .. اغلقت نورا الباب خلفها امها تقبض علي قلبها وجعا مناجيه ربها
- عشت ١٥ سنه متعذبه بنار حبه وبعده وميأستش، ومستعده استنى سنين غيرهم، بس عمري ماهفكر حتى اجرحه، يارب ادينى القوة اللى اقدر بيها اكمل ...

التفت نحو صوت المفتاح الذي الذي يخترق فوهة الباب مع رجفة قلبها .. فجففت دموعها سريعا كى لاينكشف امرها امامه .. فدلف عماد بهيئته الموقره لينظر إليها بعيون متسائله لوقتٍ طويل .. فحاولت ان تقطع حبال الصمت بابتسامه مزيفه
- حمد لله على السلامه ... يارب تكون ارتحت شويه لما زورت نيره ..

هز راسه ايجابا ليقول بتثاقل
- ااه .. الحمد لله ..

ثم التفت بجسده ليغلق الباب .. فاردفت نورا قائله بارتباك
- تحب تتغدى ..

تحرك من جوارها قائلا بلا اهتمام
- لا يادوب هنام شويه .. كلى انت، انا ماليش نفس ...

ظلت ترمق ظهره بنظرات استكشافيه مردده بخوف
- مصيبه ليكون سمع كلام امى !

 

" انت يابن الحلال مصمم تنقطنى ! بتعمل فينا كده ليييه "

اردف وجد جملتها بنبره معاتبه وهى تجلس فوق مخدعها بنفاذ صبر متحدثه معه على الهاتف .. فقهقهه سليم قائلا
- والحب ايه غير شويه مغامرات .. تقلى قلبك عاد، المرة الجايه هتلاقينى داخل عليكِ باب اوضتك ..

- سليم ... انت بتهزر !
- والله عتكلم جد، انا دلوق اعمل اللي عاوزو .. واللى ينطق هحط القسيمه في حبابي عينيه .

- اقسم بالله انت ما ناوى تجيبها لبره .

- واوصل ليييه للبر وانا غارق في بحورك !... سبينى احارب واطبش لحد ماادوب فيكِ كيف ما الملح بيدوب في الميه ..

اجابته ساخره
- ياسلااام .. مش واخده منك غير كلام ..

دلف سليم من سيارته متجها نحو شقته وهو لازال يحدثها قائلا باهتمام
- الا قوليلي يادكتوره صحيح ... هو الملح اللي بيدوب في الميه، ولا الميه هى اللي بتدوب الملح !

لم تستطيع كتم ضحكها اكثر فاردفت بصوت متقطع
- سليم .. انت بتهرز ...

- ومهزرش ليه .. مش انا شوفتك يبقي خالص خدت جرعته الكافيه من اليوم اللى هتخلينى اكمل .. بس فكرينى كده لما ترضي عنى نشوف موضوع الملح دا لانه شاغل بالى قوى ..

- سلييييييييم بطل قلة ادب ... بس احنا امتى هنعيش في النور في بيت واحد كده، قصدى يعنى هيحصل ايه لو احنا بنتكلم دلوقتى ولقيتك داخل عليا شقتنا وفي ايدك كل طلبات البيت، امتى هحس انى من حقى احضنك في اى زمان ومكان ..

- والله لو على دى ساهله .. تحبي اجى اعملها !

- بطل جنان ... اكيد مهما طال ليل البعد فشمس القرب مسيرها تشرق ..

- لا ورحمة ابوكى بالراحه عليا .. انا اصلا مفرهد من عندك ممكن اتجنن واجيلك تانى وفي ايديا الشمس اللي متأخرة علينا دى .

- يوووه .. سليم اعقل والنبي .. هانت خلاص ياحبيبي ..

وصل سليم في خُطاه للدور الثانى مردفا
- قوليلي صح عملوا ايه في الحصان اللى عيتيه دا ..

ضحكت بصوت عال قائله بثقه
- لا منا اتصرف بردو ..

- هاا عملتى اي بقاااا .. اشجينى .

- اكلت الحصان رده بحيث يجيله خلال في اتزان المعادن وكمان مغص بقا واسهال وكده ... وبس خلعت من الليله بس صعب عليا والله .. بس جيه الدكتور كشف عليه والموضوع عده ههه .

- ياااجامد انت ! طب والله العظيم دماغك دى لما تشغليها بتبقي احسن من ظابط في امن دوله ..

- احنا محدش يتوقعانا ... نعمل المصيبه ونطلع منها زي الشعره من العجينه ...

قهقهه سليم بصوت عال اخترق اذان ماجده الجالسه بالداخل ثم اردف قائلا
- تربية سليم الهواري منا عارف .. هتعملى اي دلوق !

- هروح اذاكر لورد امتحاناتها قربت ..

- ربنا يقويها .. يلا بوسيهالى عندك ..

- اتلمممممم .. ايه اللى بتقوله دا .
- منا هاجى ابوسك انتى وبعدين وصليها ياوجد فتحى مخك عاد ...
- بتتلكك !

- انت لسه شوفتى تلكيك .. دانت ايامك معايا سودة اتقلى بس ...

دلف سليم الى شقته ولازال يضحك مع زوجته بصوت عال متجاهلا وجود ماجده تماما .. مما ادى الي اشعال نيران الغل بجوفها .. فمدت كفها سريعا لتجري اتصالا مع ادهم ولكن وجدته مغلقا .. فالقت الهاتف بعيدا متأففه باختنااااق
- اووووووف .. طيب ياسليم !

 

" اتاخرت عليكى !"
اردف مجدى جملته وهو يقترب من صفوة الجالسه في بهو فيلاته تقرا بالكتب الطبيه التى امامها .. فقلت الكتاب سريعا مرسله له ابتسامه خلابه قائله
- حمد لله على السلامه ..

جلس مجدى بجوارها متنهدا
- الله يسلمك ... نزلتى ؟!

- هزت رأسها بالنفى
- كان عندى مذاكرة كتير، وكمان جهزتلك العشا قولت اكيد هترجع جعان ...

- يالهوى علي الرضا ... طيب بصي هطلع اغير هدومى وانزل ..

وثبت سريعا لتتشبث بكفه قائله
- لاا الاكل هيبرد .. اتعشي الاول بلبسك بحاجاتك كده وبعدين اعمل اللى عاوزو عشان انا كمان اروح اكمل مذاكرة

- طيب ياستى اوامرك ..

تابع مجدى خطاها ولازال تحت سطو استغرابه ودهشته بحالتها المفاجئة التى تبدلت كما يتباظل الليل مع النهار ..

ركضت صفوة امامه بجسدها الرشيق الذي لم يخل من معالم الانوثه التى زلزلته لتقول بعشوائيه
- عاوزاك تدوق اكلى بقي ومتتريقش .. انا بقولك اهوو ..

جلس مجدى علي مقعد البار قائلا بمزاح
- ياستى الجعان هياكل الزلط ... اي حاجه من ايديكى حلوه ..
تبسمت بفرحه ثم اردفت قائله وهى تعد في الاطباق
- لا لا هتنبهر ...

استند مجدى بذراعيه على سطح البار قائلا
- ليكِ عندى خبر حلو !

التفت إليه باهتمام
- بجدددد ! خيرر .

اجابها معاندا
- تؤؤ بعد العشاا افرضي معجبنيش يعنى فالحق ارجع في كلامى ..

نظرت له بعيون ضيقه
- رخم على فكرةة ..
- بطلى تلكيك ورغى وانجزى ياهانم ..
- طيب ياعم متزوقش ...

 

" انا مش هسكتلها هى والافندى اللي معاها "
اردف ياسر جملته وهو يجلس علي المقعد المجاور لمكتب والده بنبرة توعديه .. فاعتدل والده مردفا
- متقلقش رسالتها مش هتتقبل في اي مكان في مصر ..

- بردو مش كفايه .. لازم اكسرها .. ولازم افكر في مصيبه للى الافندى اللي هى متجوزاه ...

- انت لسه بتحبها يا ياسر ! رد على ابوك ..

تراجع للخلف بارتباك قائلا
- لا طبعا .. صفحة صفوة دى انا طويتها من زمان .. كل اللى مدايقنى بس اللى عملته معايا قدام الجامعه من غير ماتحترمنى ..

- ااااه .. تمام افتكر انك لسه بتفكر فيها .. عموما ابوك جابلك حقك بزياده .. اهدى بقي ..

ضرب بقبضة يده فوق سطح المكتب قائلا بشرٍ في سره
- بردو لازم اكسرك ياصفوة واجيبك ليا راكعه وجوزك دا اللى فرحانه بيه هعرفه مين هو الدكتور ياسر فتح الله ...

 

- اي رايك في اكلى بقي !
رفع مجدى حاجبه باعجاب مجيبا على سؤالها
-لا بصراحه ادهشتينى .. مكنتش متوقع كده ..

- اي خدمه .. مش هتقول لى المفاجئه بقي ؟!

- انتِ مابتنسيش خالص ! اللى هو انا لسه معشياك اطلع بالفلوس يلا ؟!

ضحكت بصوت مسموع مردفه
- الله ! انت اللى جبته لنفسك وبعدين انا مابحبش المفاجئات ...

فتح مجدى هاتفه المحمول ثم اعطاه إليه قائلا
- بصي !

حدقت النظر بالشاشه كى تقرا ما بها مردفه
- يانهااااار ابيض ! انت عملت كده عشان ..

اجابها سريعا بثقه
- النهارده قدمتلك على في جامعة كامبردج عشان تقدري تروحى تكملى الماستر بتاعك والدكتوراه كمان وكل المصاريف ياستى عليا ... بس انت اتجدعنى بس واتفوقي عشان يدوكى منحه هناك وتخففي من عنى شويه .. ايه رايك ..

لازالت تحت تأثير صدمتها نتظر في شاشة هاتفه تارة .. وتارة اخرى إليه بعيون متسعه وثغر مفتوح .. ضحك مجدى على هيئتها قائلا
- اااي ! والله مابضحك عليكِ .. واعتبريه ياستى اعتذار رسمى منى عشان متقوليش انى ضيعتلك مستقبلك والكلام الفارغ دا ..

ركضت نحوه سريعا كى تعانقه بامتنان متنغجه بين ذراعيه بفرحه وهى تقول
- بجد انا مش مصدقة نفسي ! معقوووله حلم سنين اتحقق .. دا كان حلمى من زمان .. بجد شكرا اوى اوى اووى يامجدى ..

حالة الذهول التى كانت تعتريها نقلت إلى مجدى اضعاف، وقف مكانه مصدومه محاولا استيعاب رد فعلها الغير متوقع، وعفويتها في حضنه التى زلزلته، حركه ذراعيه بتثاقل كى يحاوط خصرها لاول مرة، ظل يحلم طويلا بهذا اليوم ولكنه لم يتخيل مدى لذته، فقربها كان اجمل مما كان يتنظر، شعره بلذة عجيبه نبضت بقلبه كأنها تعتذر له عن كل ايام انتظاره ..

لم يستطع ان يقاوم اشتياقه لها فزاد من قبضة ذراعيه عليها كأنه يريد ان يدخلها باعماقه اكثر فاكثر، تنهد بمرارة انتظار ظفر بسكر قربها للتو مما جعلها تفك قبضتها على عنقه ببطء محاوله الابتعاد عنه .. احس مجدى ببرودة حضنها لوهله عندما رخت قبضتها عليه .. فاجبرته انه يفك حصاره من حولها

تراجعت صفوة بخجل مردفه بوجه ملطخ بدماء الخجل
- سوري !

- على ايييه ؟!

شبكت كفيها بارتباك قائله
- الفرحه بس اخدتنى ومحستش انا بعمل ايييه ...

وضع انامله فوق شفتيها قائلا بحنو
- صفوة .. انا بحبك ومن زمان اووووى .. ياريت تحاولى تتدى قلبك فرصه يستقبل حب جديد ...

- انا فاهمه كل دا بس معلش ادينى وقتى .. هى مسأله وقت مش اكتر .. ممكن !

قبل مجدى كفها الصغير بحنان قائله بمزاح
- ياباشا خد وقتك زي ما انت عاوز .. المهم هترجعى هتلاقينى مستنيكِ بردو

ابتسمت له بامتنان قائله
- طيب تصبح على خير بقي يادوب الحق انام .. وانت كمان ترتاح شويه ..

- مع انى حابب اقعد معاكى شويه .. بس تمام اللى تشوفيه

 

" ياعفاف ... بكرة عاوزك تجهزى وكل ملوكى، جايلنا ضيوف من سوهاج .. ولازمن نقدملهم عزومه تليق بيهم "
اردف راجح جملته الاخيره بحماس .. فاجابته عفاف سريعا
- اوامرك ياعمى ... اللى تأمر بيه كله هيحصل ...

- ايوة ياعفاف عاوزك ترفعى راسي، اصرفي وهاتى ميهمكيش، دا حمزه بيه الخياط ابو الكرم والضيافه ..

- حاضر ياعمى حط في بطنك بطيخة صيفى بس ..

" في ظهر اليوم التالى "

تجلس ماجده امام شاشة التلفاز ضرب كف علل الاخر .. فاتاها صوت رنين هاتفها فخفق قلبها عندما قرأت الاسم .. فتسللت ببطء كى تتاكد ان سليم لا زال غائصا في نومه .. فتنهدت بارتياح وهى تقول بصوت هامس
- الوووو ..

- طيب والله صوتك بقي عيوحشنى ... كيفك ..

بللت ماجده حلقها مردفه بضيق
- اتصلت بيك امبارح .. مردتش ليه ..

- حصل ياست ... بس معلش بقي عريس وبيجهز لفرحه ..

ردت ماجده ساخره
- ااه عريس ! وياتري تعرف عروستك كانت عتحكى مع نين لوش الفجر ..

- وجد ! وجد مش معاها محمول اصلا .

- اتاكد من مصادرك ياباشا ... ضحكهم كان واصل لاخر النجع طول الليل ..

زفر ادهم باختناق قائلا
- تقلقيش، الليله وجد هتبقي مرتى قصاد العالم كله ...

- دا بجد !

- افرحى .. وسعتلك طريق لجوزك عشان تستفردى بيه، وكمان لو عاوزه تعرفي ازاي سليم يسلملك .. ممكن نتقابل وافهمك ..

- نعم ! نتقابل .

- اه نتقابل في اي كافى شوب ونتحدتوا .. انا بردك عاوز مصلحتك ..

زمجرة صوت سليم اخترقت اذانها فارتعد جسدها قائله
- طب اقفل اقفل دلوق .. سليم صح ..

ادهم وهو يزفر دخان سيجارته
- وقطه جديده دخلت المصيده ! اما ذليتكم ياهوارة مابقاش انا من صُلب العتامنه ...

ركضت ماجده نحو غرفة سليم لتخترقها بدون استئذان لتبسط جسدها بجواره وتبدا في مداعبه شعره بدلال
- الضهر اذن ياسليم .. وانت لسه نايم !

عقد سليم حاجبيه، فرغم عنه سقطت عينياه على معالم جسدها البارز فتنهد باختناق وهو ينهض ليبتعد عنها
- جري اي اومال ! انت هتعدى عليّ النوم كمان ؟!
فاجابته بدلال
- اللي بيحب لازم يهتم ...

سعل سليم بنفاذ صبر وهو يخرج ملابسه من الخزانه
- اللي هنقولوه هنعدوه ولا ايييه ! وبعدين فيكى يابت الحلال ...

ركضت لتقف خلفه قائله بصوت منخفض
- بس انا بحبك .. انت ليه مش عاوز تحس بي !
= عشان قلب سليم عُمره ما استضافك جواه لدقيقه يااماجده .

كلماته اعتصرت قلبها واشعلت ما بداخلها من نيران، تلك المراة التى تشبه الرصاصه التى لاتُريد الا قتيلاً واحدًا، حاولت استجماع شتات قواها، هذه العنيده التي اقسمت علي تملك قلب من صخر، دنت منه قليلًا وهي تبلل حلقها الذي جف من نحرها

- بس انا مرتك ياسليم .. تكونش نسيت .

زفر بقوة واستدار متأهبًا للذهاب، الا ان اوقفته قبضة كفها الذي تشبث بكفه برجاء

- مش كُل مرة هتسيبنى اكده وتمشي .. مرة واحده اشبع من كلامي معاك ؛ مستكترها عليّ ياواد عمى !

انغلقت عينيه لبرهه متأففًا يُريد ان يضع علي فمها شريطًا لاصقًا كي تلتزم الصمت والتوقف عن كلماتها البارده التى لم تُحرك بداخله ساكن، كإنه اراد ان يمنح نفسه برهه من الوقت مفكرا ليقنعها كيف لقلبه التخلص من امراة غيرها استعبده عشقها استدار اليها بنفاذ صبر
- ما هوو انتِ ب
الى ان اتسعت عينيه ورُجت الكلمات بداخل فمه وتفوه بذهول عندما وجدها امامه نزعت ثوبها الفضفاض القصير .. فمسح بأنامله قطرات العرق المتصببه من جبهته بعدما راقبها بتلك العينتين اللاتي يشطاظان غضبًا .. ليرد بنبره حادة وهو علي وشك الذهاب
-بأه بباااااه .. اييه قلة الحيا دي! .. استري نفسك يابت .. جري لعقلك اييييه !

وقفت امامه كي تعيق طريقه رافضة الهزيمه امامه
- مافيش مشي ياسليم .. وانا مرتك يعني شرع ربنا وحلالك .. هتعصيييه ياسليم !

بعد انظاره عنها مُتعمدًا
- واللي عاوزاه دا مش هيحصل ياماجده كده بظلمك وبظلم نفسي معاكي .

= انت ظلمتني ودوست علي قلبي بمية جزمه قديمه من ساعه ما رفضت حبى ياولد الهواري ..

ابتعد عنها اكثر لاخر الغُرفه
- ولد الهواري عشان راجل مش هيطاوعك ف جنانك دا .. البسي خلجاتك واول واخر مرة نتحدتوا في الموضوع دا .. فهمااانى يابت الهواري !

انحنت لترتدي ملابسها بأعين سال منها الدمع حتي حفر وديان علي وجنتيها .. كيف تتخلص من حبه الذي اذابها عشقًا لتردد متوعده بثرثرةٍ
- مش خلاص ياسليم .. هوريك بت الهواري هتعمل ايييه .. بس اللي مايندمش ..

اشعل سيجارته بحنقه وضيق كإنه يُريد ان يُبخر حزنه الغير قابل للذوبان وهو يترقبها بأعين متنمره، تركت ماجده غرفتهم بعد ما القت عليه نظرة معاتبه ومتوعدة في آنٍ واحدٍ ..

ضرب سليم كف علي الاخر بضيق مفكرًا فٍ حبيبته تلك المرأة الغير قابله للنسيان ثم تنهد بقوةٍ
- عديها ع خيررر ياااارب .

دلفت ماجده الي اسفل بخطواتٍ واسعة،حتى وقفت في منتصف بهو القصر تطوف بعينيها في جميع انحاءه استدارت علي صوت افزعها
- واقفه اكده ليه ياماجده ؟
تنهدت بخوف وتوتر وتعالت دقات قلبها
- جددي! كُنت عاوزه اتكلم معاك لحالنا .

قضب حاجبيه مُتسائلًا
- خير يابتى .. مال عيني مورمين ليه .؟ سليم مد يده عليكي ياك !؟

هزت رأسها نفيًا ثم مسكت كفه بحنوٍ
- تعالي نتكلم ف مكتبك .. عشان محدش يسمعنا .

" هااا ياماجده .. قلقتيني يابتي خير ؟ حوصل ايه مخليكي تقفلي الباب علينا اكده عشان نتحدتوا "

فركت كفيها بقلقٍ
- سليم ياجدي ...
= ماله سليم ؟ الواد دا زعلك يااك ؟!
ابتلعت غصه احزانها
- اصلووو ...
= اصل وفصل اييه .. انجزي ياماجده تخلعيش قلبي عليكى يابتي ..
انتابها الصمت لدقائق محاوله استجماع قواها حتي انخرطت دمعه من عينيها سرعان ما جففتها بطرف كُمها .

ضرب جدها الارض بمؤخرة عكازه قائلًا بضجر
- ماتنطجي يابت ماالك بتترعشي اكده ليه !
انتفض جسدها بهلعٍ
- جدي .. انا وسليم متجوزين لينا كد اييه ؟!
= اي الهبل ولعب العيال ديه .. ماتتحدتى دُغري يابت انتِ .

- لينا كتير ياجدي .. صح!

= يامثبت العقل والدين يارب .. وبعدين ياماجده دي وعارفينها .. الل بعده ..!

وقفت مستعده لإلقاء قُنبلتها
- انا وسليم عايشين سوا كيفنا كيف الاخوات ..

اتصدم جدها من كلماتها ليرد عليها مُتلجلجًا
- اخوات كيف يعني .. ولد عمك وجوزك واكيد لازم يحطك جوه حبابى عينيه !

عقدت ساعديها متوعده
- لا ياااجدي .. انت فاهم قصدي ايه زين .. سليم مخدش شرع ربنا من مرته .. وداير ورا بت العتامنه لحد ما هتسلم رقبته لعمها يقتله بيده ...

كلماتها كعود كبريت اشعلت النيران بجسده جعلته ينهض من مكانه والصدمه مُحتلة كيانه
- انت اتهوستي يااااااك ! سليييييييييييييمممم ياااااسلييييييييييم ...

( فالمراة حينما تُحب تفقد القُدرة ع كُل شي) ...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة