قصص و روايات - قصص رومانسية :

تعافيت بك يوم الجمعة (حلقات خاصة) للكاتبة شمس محمد الفصل الثالث والعشرون

تعافيت بك يوم الجمعة (حلقات خاصة) للكاتبة شمس محمد الفصل الثالث والعشرون

تعافيت بك يوم الجمعة (حلقات خاصة) للكاتبة شمس محمد الفصل الثالث والعشرون

لم تَكن من الفراشات لكنها أجملهن.
التفتت سيدة تؤنب خلود بقولها لائمةً:
ينفع كدا؟ متقوليش ليا؟ جالك قلب.
لاحظت خلود لومها لها فسكتت عن الحديث ولم تجد ما تتفوه به وهي توزع نظراتها بينهم جميعًا وكأن الطير يحلق فوق رأسها ونظراتهم تلومها على شيءٍ لم ترتكبه، ارتجفت قبل أن تتحدث لينطق بدلًا عنها عمار حينما لاحظ توترها أمام والدته:.

خلاص يا جماعة حصل خير، كفاية الخضة اللي شافتها بسبي والصعب اللي عاشته لحد ما وصلتلي، بعدين هتكلمكم تخضكم زيها؟
ردت سيدة بلهفةٍ:
علشان مبتبقاش لوحدها أديك قولت تعبت لحد ما وصلتلك بصعوبة، يعني بعد الشر عنها كان ممكن تتعب لوحدها.
اقترب عامر من والدته يقول بنبرةٍ هادئة:
مش وقته الكلام دا، الحمد لله إنه بخير وهي كويسة، يبقى نطلع فوق نتطمن على ابننا وبعدها نتكلم براحتنا، يلا يا جماعة.

حركت رأسها موافقةً ثم اقتربت من ابنها تحتضن وجهه بكفيها وقد اغرورقت عيناها بالدموع لذا لثمت جبينه ثم ربتت على وجنتيه، فابتسم هو لها يُطمئنها بذلك.
دلف المصعد مع أخويه و خلفه خلود التي عادت لوالدته تعرض عليها بتوترٍ: اتفضلي حضرتك اطلعي معاه متقفيش هنا، المفتاح أهو.

مدت يدها بمفتاح الشقة، فيما نظرت لها سيدة بحيرةٍ تلاشت حينما تدخل وليد يقول بنبرةٍ هادئة: اتفضلي حضرتك اطلعي معاهم واحنا هنطلع وراكم، أكيد الخضة بوظت اعصابك اتفضلي.
حركت رأسها موافقةً ثم دلفت المصعد مع ابنها فيما انتظرت خلود حتى أُغلِقَ بابه فأخرجت نفسًا عميقًا بينما وليد أمسك كفها المرتجف يسألها باهتمامٍ بالغٍ: أنتِ كويسة؟ عمالة تترعشي كدا ليه؟

ردت عليه بصوتٍ مهتز: مش عارفة بس الخضة كانت صعبة عليا شوية، وحاسة أعصابي متوترة وكل شوية حد يكلمني، أنا ممكن أكون غلطت أني معرفتش حد بس مجاش في بالي غيركم والله.

لاحظ اترجافة صوتها لذا ربت بكفيه على ذراعيها وهو يقول بنبرةٍ هادئة يدعم قلقها ذاك: متخافيش أنتِ معملتيش حاجة غلط، الكلام دا لو أنتِ كبرتي دماغك ولا حتى مروحتيش لابنهم من الأصل، لكن كفاية أوي اللي شوفتيه، واللي لسه هتعمليه لحد ما جوزك يقف تاني أحسن من الأول، خلود! أنا واثق فيكِ متكسفينيش.

حركت رأسها موافقةً وقد شعرت ببعض العزيمة تأتي إليها إثر حديثه المشجع، فيما قبل هو جبينها ثم نطق بنبرةٍ هادئة من جديد: يلا اطلعي وراهم أنتِ وأنا مستني أحمد راح يجيب حاجات وراجع، اطلعي.
حركت رأسها موافقةً وانسحبت من أمامه فيما وقف هو ينظر في أثرها بقلة حيلة ثم خرج يقف مع الشباب في الخارج حتى وجد أحمد يقترب منهم يمسك في يده حقائب بلاستيكية، فاقترب وليد يسأله بنبرةٍ خافتة: إيه دا؟ جايب معاك إيه؟

أردف الأخر مُفسرًا وهو يشير على الحقائب: دي حاجات علشات عمار و خلود و كمان روشتة العلاج خدتها منها علشان أجيبها، هطلع أديهالها وأنزل علشان سلمى عندها معاد علاج لسه هجيبه.
ابتسم له وليد وهو يقول بفخرٍ: أنا مبسوط بيك أوي أوي، ربنا يكرمك ياض ومراتك تقوم بالسلامة وتفرح بابنك وتشوفه زيك كدا إن شاء الله، اطلع لأختك وأنا هاجي وراك.

تحرك أحمد نحو الأعلى يتجه لشقيقته يطمئن عليها وعلى أحوال زوجها، لذا دلف الشقة بعدما فتح الباب له ياسين رحب كلاهما بالأخر، فاقتربت منهما خلود حينها انسحب ياسين قائلًا بلطفٍ: عن اذنكم هروح للعيال علشان خديجة تيجي تطمن عليكم هنا، عاوزة حاجة يا خلود؟

حركت رأسها نفيًا ثم شكرته ليتحرك هو نحو الخارج، فيما وقف أحمد ينتظر خروجه ثم مد يده لها وهو يقول بنبرةٍ هادئة: امسكي وخدي صُبي العصير علشان عمار وخلي بالك منه ماشي، والعلاج جيبته أهو أكيد بقى هو عارف الميعاد، عاوزة حاجة؟
حركت رأسها نفيًا وهي تبتسم له، فقال هو يشاكسها بقوله: كبرتي يا بطة وبقيتي تشيلي مسئولية بيت وراجل، كانت مالها خدمتي في البيت، برضه كان بلقمتك هناك.

لكزته في مرفقه بغيظٍ منه، لترتفع ضحكاته ثم قربها منه يربت عليها وهو يقول بنبرةٍ هادئة: ربنا يقدرك إن شاء الله وكدا كدا أنتِ شاطرة، المهم خلي بالك من جوزك ولو عوزتي حاجة كلميني طيب؟
حركت رأسها موافقةً فيما أعطاها ما يمسكه ثم قال بنبرةٍ هادئة: هروح أتطمن على عمار علشان أروح، ماشي؟

وقف ياسين أسفل بناية ياسر ينتظر قدوم زوجته وأبنائه حتى ركضوا له جميعهم سويًا وأولهم جاسمين فحملها هو بيديه فيما سألته خديجة بلهفةٍ: طمني عليهم، عمار كويس دلوقتي؟
حرك رأسه موافقًا ثم نطق بنبرةٍ هادئة: آه الحمد لله بخير متخافيش، روحي اتطمني عليهم وتعالي وأنا هسبقك واطلع علشان العيال دي.
تحدث يزن بلهفةٍ:
مش هنروح نشوف عمار؟
رد عليه بقلة حيلة متأسفًا:.

مش هينفع يا حبيبي، الشقة فوق زحمة، بكرة إن شاء الله كلكم تطلعوا سوا تطمنوا عليه، ماشي؟
نطقت خديجة بلهفةٍ وعجالةٍ:
طب أطلع بيهم الشقة وأنا مش هتأخر هشوف خلود وأجيلكم تاني، سلام.
تحركت من أمامهم فيما توجه هو بصغاره نحو شقته، اقتربت هي من بناية شقيقتها فوجدت وليد يقف أمام البناية لذا سألته بتعجبٍ:
واقف كدا ليه؟ مش هتطلع؟
ابتسم بسخريةٍ وهو يقول:.

كنت عارف إنك جاية هنا علشان كدا وقفت استنى نطلع سوا، المهم عاوزك تسيبي خلود تعتمد على نفسها، بلاش تساعديها في حاجة، ممكن؟
عقدت ما بين حاجبيها وبدا الجهل واضحًا على ملامح وجهها ليتحدث هو بنبرةٍ هادئة مُردفًا:
يعني تسيبيها تخوض التجربة دي علشان تثق في نفسها، هي تساعد جوزها لوحدها وتقف مع أهله من غير مساعدة منك، خلود محتاجة تعتمد على نفسها أكتر من كدا، الدلع اللي كان في بيتنا دا لازم تنساه، تمام؟

سألته بقلقٍ على شقيقتها الصغيرة:
طب دي حاجة أول مرة هي تتعرض ليها، يعني أكيد محتاجة حد يوجهها بدل ما تتلخبط ومتعرفش تتصرف.
زفر وليد مُطولًا ثم قال بإصرارٍ:
اسمعي مني، اللي خلاها تروح المستشفى لوحدها وتكون جنبه هناك وكان عندها استعداد تكون معاه لولا وجودنا أكيد هيخليها تتعلم الدرس صح، يبقى خليها بقى تجرب المسئولية دي عليها علشان تفرح بنفسها لما عمار يرجع تاني أحسن من الأول.

حركت رأسها موافقةً بقلة حيلة لكنها بدت غير مقتنعة بحديثه، فأضاف هو بعدما وضع كفه على كتفها:
لو واثقة فيا اسمعي كلامي، ماشي؟
حركت رأسها موافقةً ثم قالت بقلة حيلة:
واثقة فيك وعارفة إنك بتعمل الصح، يلا نطلع.

في الأعلى دلفت خلود تمسك العصير في يدها تقدمه الشباب ولوالدين عمار الذي جلس على الفراش، بينما عمر كان يجلس بجواره بحزنٍ لأجله، وقفت هي تسأل بتوترٍ:
تحبوا حاجة معينة؟ أجيب لحضرتك حاجة يا عمو؟
رد عليها فهمي بنبرةٍ هادئة:
تسلمي يا حبيبتي، اقعدي أنتِ تعبتي معانا.
تحدثت سيدة بنبرةٍ غلفها الحزن لأجل ابنها:
اقعدي يا خلود متتعبيش نفسك يا حبيبتي.
وقف ياسر ينطق مُعتذرًا:.

طب نستأذن احنا بقى، ألف سلامة يا بطل، شدة وتزول.
تحرك وخلفه خالد فيما ظل أحمد جالسًا في انتظار أخوته حتى صعد وليد و معه خديجة يطمئنان على عمار.
اقترب وليد منه يسأل عنه فتحدث عمار يمازحه بقوله:
أظن إنك شمتان فيا أوي، لو عاوز تاخد الخوخة بتاعتك خدها لحد بقى ما أقوم أقف على رجلي تاني، أفرح بقى.
أبتسم له وليد فيما اندفعت خلود تهتف بسرعةٍ:.

لأ طبعًا مش هينفع أسيبك، أنا معاك هنا لحد ما كل حاجة ترجع زي الأول وأحسن، قوملي بس بالسلامة.
تحدث عامر يشاكسها بقوله ويمازحها:
يعني لو فاق وبقى تمام كدا هتسيبيه يعني؟
انتبهت له لذلك حركت رأسها نفيًا وهي تنطق بخجلٍ:
لأ طبعًا، أنا معاه علطول مش هسيبه لا دلوقتي ولا بعدين، هو بس يخلي باله من نفسه وأنا هنا معاه.
ابتسمت سيدة لهما وهتفت بخبثٍ مرح:.

خلاص همشي أنا بقى وكدا ابني في أيد أمينة، أنا واثقة فيكي، ماشي يا خوخة؟
ابتسم عمار لها فيما نطقت هي بنبرةٍ خافتة:
في عيوني يا طنط متقلقيش، ربنا يطمننا عليه.
تحدث وليد يستأذن منهم بقوله:
طب هنزل أنا و أحمد بقى علشان نطمنهم في البيت محدش يعرف إننا نزلنا، سلامتك يا عمار، يلا يا خديجة تعالي معانا.
حركت رأسها موافقةً ثم اعتدلت واقفةً وهي تقول بنبرةٍ هادئة تعتذر منهم:.

عن اذنكم بقى هروح علشان العيال زمانهم بهدلوا الدنيا، ألف سلامة عليه وبكرة هاجي إن شاء الله.
تحدث عمار بنبرةٍ هادئة:
تسلموا يا جماعة ربنا يكرمكم، وصليهم يا خلود.
حركت رأسها موافقةً ثم تحركت مع أخوتها، فزفر عمار بقوةٍ ثم التفت لأسرته يقول متوسلًا:
بقولكم إيه؟ محدش يعاتبها ولا يتكلم في اللي حصل، هي صعبانة عليا أصلًا وكفاية اللي حصلها واتخضت، ممكن؟
رفعت سيدة حاجبها تسأله بشرٍ:
أمك ولا رحاب يا طه؟

أبتسم لها وهو يقول بقلة حيلة:
انتم الاتنين، بس بجد كله بيلومها وهي غصب عنها معرفتش تتصرف وأكيد الخضة كانت صعبة عليها، ممكن؟
تنهدت سيدة ثم ربتت على كفه وهي تقول:
ربنا يخليكم لبعض يا رب، شد حيلك بس وخلي بالك من نفسك، وأنا همشي وهبقى أجي اتطمن عليك، علشان تكونوا براحتكم، ولا نفضل هنا؟
تدخل عامر يقول بثباتٍ:.

لأ، نروح أحسن علشان يكونوا براحتهم سوا وعلشان مراته كمان متحسش إنها متكتفة، هما مش صغيرين، كل يوم هجيبك تطمني عليه وخلاص، ماشي يا ستي؟
حركت رأسها موافقةً ثم قالت بغلبٍ وهي تتابع وجه ابنها:
ماشي، ربنا يلطف بيه ويقدرها إن شاء الله.

في الخارج وقفت خلود معهم تستمع لنصائحهم، فأضافت خديجة بنبرةٍ هادئة توصي شقيقتها:
خلي بالك بقى وبلاش نوم، صحصحي وركزي مع الدوا والعلاج، ماشي؟ لو احتاجتي حاجة كلميني تمام.
حركت رأسها موافقةً وهي تتابع تحرك أخوتها حتى نزلوا مع بعضهم، فالتفتت هي للخلف تعود للداخل وجدت حينها أسرته بالكامل تخرج من الغرفة فسألتهم بلهفةٍ:
رايحين فين؟ استنوا ناكل سوا طيب علشان عمار.
تحدث فهمي بحنوٍ وبنبرةٍ ودودة قال:.

هنروح بقى علشان ترتاحوا شوية وخلي بالك من نفسك، لو احتاجتي حاجة كلمينا أو اطلبي من عامر ماشي؟
حركت رأسها موافقةً فاقتربت سيدة تقول بنبرةٍ هادئة:
أنا مش هوصيكي عليه علشان باين إنك بتحبيه أوي، بس هوصيكي على نفسك وأقولك خلي بالك لو احتاجتي حاجة أو تعبتي كلميني، ماشي؟
أبتسمت لها وهي تقول بنبرةٍ هادئة:
شكرًا لحضرتك، وأنا أكيد لو احتاجت حاجة هقولك حضرتك زي ماما.
أبتسمت لها الأخرى وهي تقول بمزاحٍ:.

يادي الكسوف، قال وأنا كنت هخليه يطردك من هنا!
نظرت لها خلود بدهشةٍ فيما ضحكت سيدة وقالت:
يلا خليكي بقى أنتِ زي بنتي برضه.
تحرك فهمي وهو يقول بقلة حيلة:
هي كدا بتقلب كل حاجة ضحك علشان متزعلش نفسها، بتهزر معاكي، خلوا بالكم نفسكم.
تحرك والداه من المكان ومعهما عُمر فيما انتظر عامر تحركهم ثم قال بنبرةٍ هادئة لطيفة:.

خلود مش عاوزك تزعلي بس أنا كنت مخضوض على أخويا، وهو خصوصًا غلاوته عندي كبيرة أوي، على عيني أني ماكنش معاه ولا معاكي علشان أكيد برضه تعبتي، فلو زعلانة قوليلي.
سألته بحذرٍ:
طب لو قولتلك إني زعلانة هتعمل إيه؟
ارتسم الشر على ملامحه ببراعةٍ وهو يقول:
الست اللي تزعل من أخو جوزها عندنا بتطلق في ساعتها.
ضحكت على مزاحه وهو أيضًا ضحك لها ثم تنهد بعمقٍ وقال بنبرةٍ هادئة يسألها:.

طب أنا همشي دلوقتي، عاوزة حاجة؟ قولي بجد.
همت بالنطق رافضةً، فأضاف هو يقاطعها:
بجد والله قولي علشان لو عاوزة حاجة أكيد مش هجيبها يعني وأصرف عليكم، اتنيلوا سوا أنا مالي.
ضحكت مرةً أخرى فيما استأذنها هو بقوله:
طب عن اذنك أنا بقى، عاوزة حاجة؟
حركت رأسها نفيًا لتيحرك هو بخطواتٍ هادئة وهي تنظر في أثره بامتنانٍ لتقديره موقفها.

وصلت خديجة شقتها فوجدت ياسين يجلس في انتظارها فجلست بجواره تسأله بتعجبٍ من الهدوء السائد:
هما فين؟ موتهم ولا إيه؟
رد عليها بوجهٍ مبتسمٍ:
نيمتهم، قولتلهم لو عاوزين تروحوا عند عمار ناموا، ثانية واحدة كانوا كلهم ناموا مع بعض في وقت واحد.
حركت رأسها موافقةً بقلة حيلة ثم قالت:
ربنا يسترها إن شاء الله، زعلت علشانه اوي متوقعتش إنه تعبان للدرجة دي أنا قولت حاجة بسيطة، ربنا يتمم شفاه على خير يا رب.

رد عليها بتفهمٍ يوضح لها أكثر:
الحادثة شكلها مكانتش سهلة، الموتوسيكل وقعته صعبة أوي أوي، جربتها قبل كدا واتكسرت.
سألته بغير تصديق وكأنها تتعجب مما يقوله:
بجد؟ وقعت إزاي منه؟
جاوبها مفسرًا بنبرةٍ ضاحكة:
كنا في إسكندرية وأجرته ومعايا الواد ياسر ومرة واحدة لقيناه بيفلت مننا ومشي لوحده وأنا و ياسر على الأرض، واحد دراعه اتفتح والتاني اللي هو أنا اتكسرت.
شهقت بقوةٍ فوضع يده على كتفها ينطق بعبثٍ:.

لا حبيبك كان شقي أوي، ميغركش الهدوء دا.
تحدثت بضجرٍ تسخر منه:
أه مانا عارفة إنك مش محترم وقليل الأدب كمان.
سألها بسخريةٍ:
يا سلام؟ هو أنا يعني علشان بحبك ابقى قليل الأدب؟
حركت رأسها نفيًا وهي تبتسم له، فابتسم هو الأخر ثم سألها بمرحٍ يريد إخراجها من توترها:
بقولك إيه معندكيش فكرة مشروع جديد من مشاريعك الحلوة دي؟ أهو ناخد منك أفكار كدا.
حركت رأسها نفيًا ثم قالت:
للأسف مفيش، مخي عِطل.

لاحظ هو تهجم ملامحها فسألها باهتمامٍ:
مالك يا خديجة؟ حد زعلك؟
حركت رأسها نفيًا ثم قالت بصوتٍ مختنقٍ بعدما وجدت سبل الفرار موصودة أمامه هو تحديدًا:
زعلانة علشان خلود أوي، عروسة جديدة والمفروض تعيش مع جوزها أيام حلوة في الفترة دي، بس شوفت بقى اللي حصل، غير كدا خلود باين عليها التوتر والخوف وأنا مش بحب أخواتي يزعلوا، مش عارفة بقى مكبرة الموضوع ولا دا عادي.

فهم هو ما تشعر به كعادتهما تلقي بمخاوفها أمامه بينما هو يحوله بطريقته ولطفه إلى طمأنينةٍ:.

ياستي متزعليش نفسك، بعدين دي حاجة عادية الحمد لله هتعدي على خير، شوفيها بعيون تانية غير دي، يعني أنهم مثلًا هيقعدوا الفترة دي سوا مع بعض، بدل ماهو نزل الشغل، يمكن يزيد قربهم من بعض، ممكن مثلًا خلود تستغل الفترة دي وتثبتله أنها كبرت فعلًا وتقدر تقف معاه، وهو يثبت ثقته فيها وأنه معتمد عليها، فترة صعبة ممكن، بس أثرها أكيد مفيد، إن شاء الله يعني، وبعدين فيه إيه يا كتكوتة، كن جميلًا ترى الوجود جميلًا.

ابتسمت بسعادةٍ وكأن حالها بتلك الكلمات تبدل كليًا حتى أمسكت وجهه تقبله على وجنته وهي تقول بصوتٍ مختنقٍ:
والله العظيم أنتَ صح، فعلًا كانوا محتاجين الفترة دي سوا يفتحوا قلوبهم لبعض، وعلى رأيك دي فترة يكونوا فيها سوا، شكرًا بجد كلامك ريحني.
نظر لها بتفهمٍ ثم قال بنبرةٍ هادئة:
أي خدمة يا ست الكل، إحنا عاوزين ننول الرضا بس.
ابتسمت له بدلالٍ و وضعت رأسها على صدره وهي تقول بشرودٍ مبتسمة الوجه:.

الرضا بس؟ أنتَ تاخد عمري كله مش كتير عليك.
انتبه لما تفوهت به فابتسم باتساعٍ يردد ببلاهةٍ:
دا بجد؟ ولا اشتغالة؟
ارتفعت تواجهه وهي تقول ببراءةٍ:
والله بجد، شوف عاوز إيه علشان أعملهولك يخليك فرحان، أي حاجة يا مهلبية، ها الكتكوتة هتضحي.
اقترب منها يهمس بنبرةٍ خافتة ويدندن لها:
كفاية تكون في أحضاني. عيونك تبقى ندهاني. أنا حابب حياتي معاك. ولا عاوز حبيب تاني.
تلاشت بسمتها وهي تسأله بنبرةٍ جامدة:.

حبيب تاني! وقعتك سودا.
رد عليها بنبرةٍ جامدة يقلد طريقتها:
نعم ياختي؟ دا اللي فرق معاكي، غاوية نكد والله.
رمقته بغيظٍ فاقترب منها يقول بنبرةٍ هامسة:
خُلقت جَميلة تُشبه الفراشات، ينقصها فقط الجناحين لتتميز عن بقية الفتيات.
تحولت نظرتها إلى التبسم ليقول هو بنبرةٍ هامسة كعادته القديمة:
خلاص يا ست الكل طالما سكتي يبقى كدا اتثبتي.

حركت رأسها موافقةً ثم وضعت رأسها على قدمه تقول بنبرةٍ خافتة وكأنها تحدث نفسها وهو يربت على رأسها:
شكرًا تاني علشان بتطمني كل مرة أخاف فيها، وشكرًا علشان في وجودك الخوف بقى يخاف يقرب مني.
ابتسم هو ثم قال بمرحٍ:
دا واجبي يا ست الكل لو تيجي في حضني نبقى خالصين.

في شقة عمار قامت خلود بتجهيز الطعام و الدواء له ثم بدلت ثيابها بمنامة حريرية سوداء اللون، وقفت بجوار باب الغرفة تلتقط أنفاسها ثم فتحت الباب فوجدته يتحدث في الهاتف وهو يقول بقلة حيلة:
خلاص يا عبدالرحمن قولتلك حاجة بسيطة متقلقش نفسك، أنا زي الفل والله أسأل عامر حتى، اتطمن.
حدثه الأخر حتى رد عمار بقلة حيلة:.

حاضر والله هاخد الدوا دا، ومش هتحرك من مكاني حاضر، وهجيب المرهم حاضر، خليك بقى في نفسك وشوف شهر العسل بتاعك، يلا سلام.
أغلق معه الهاتف فيما اقتربت منه خلود تجلس على طرف الفراش بقربٍ منه ثم سحبت الطاولة الخشبية تضع عليها الصينية وهي تقول بنبرةٍ هادئة:
دلوقتي هنظبط الأكل والدوا مع بعض، تمام؟
حرك رأسه موافقًا فاقتربت منه تمسك ورقة وقلم وهي تقول بلهفةٍ خرجت رغمًا عنها بدون قصد:.

طب اسم الدوا أهو، عرفني كل واحد ميعاده إمتى علشان منساش حاجة تمام، بس اكتب صح بلاش جو الدكاترة دا.
ابتسم وهو يسألها مُتعجبًا:
دا بجد؟ عاوزة تكتبي المواعيد في ورقة؟
حركت رأسها موافقةً ثم أضافت بتأكيدٍ:
آه والله، معلش مش هتهاون في صحتك يعني.
اتسعت ابتسامته وقرر مشاكستها بقوله:
إيه خايفة عليا ولا خايفة يقولوا يعيني مراته فاشلة؟
تنهدت تُكظم غيظها ثم قالت بنبرةٍ خافتة:.

مش هعصب نفسي، بس أكيد خايفة عليك وعاوزاك تكون أحسن من الأول في أقرب وقت، وأكيد مش هستغل تعبك علشان أعمل إنجاز قدام حد، أنا اللي فارق معايا أنتَ.
سألها باهتمامٍ يريد منها التحدث:
يا سلام؟ طب وقبل كدا؟ على فكرة أنا ماكنتش قاصد أزعلك ولا كنت قاصد إن دا يحصل، بس حظك إنك كنتي بتكلميني في يوم صعب أوي، وأول مرة تكلميني كتير كدا، خصوصًا وأنتِ قاعدة مع عيلتك وأنا عارف إنك بتحبيهم.

لمعت العبرات في عينيها وهي تقول بقلة حيلة:
معرفش أنا كنت بكلمك كتير ليه بس كان غصب عني.
سألها باهتمامٍ وهو يطالعها بتركيزٍ:
ازاي؟ اتكلمي يابنت الحلال وقولي مالك؟
تنفست بعمقٍ ثم قالت بصوتٍ مختنقٍ:.

معرفش يا عمار بس كنت عاوزاك معايا، ومتسألش ليه، بس أنا بقيت بتطمن هنا وخصوصًا وأنتَ هنا معايا، أنا كنت بكلمك علشان كنت عاوزاك معايا هناك، كانت أول مرة أحس أني لوحدي هناك كدا، فجأة لقيتك موجود معايا في كل حاجة، وأنا مصيبتي سودا معنديش وسط، يا أبيض يا أسود، علشان كدا هسألك لو زهقت عرفني ألحق اتصرف.
سألها بثباتٍ وهو يرى دموعها انذرت بالنزول:
طب لو قولتلك إني زهقت بجد وخلاص فاض بيا هتعملي إيه بقى؟

رفعت عينيها الباكيتين نحوه وهي تقول بصوتٍ مُحشرجٍ:
حقك، علشان كدا همشي، ممكن أروح عند بابا بس بعد ما تخف طبعًا علشان مش هسيبك كدا، أكيد مش هفضل خنقاك كدا.
سألها بنبرةٍ جامدة وهو يتفرس ملامحها:
يعني هيجيلك قلب تسيبيني وتمشي عادي حتى لو خفيت؟
اخفضت رأسها للأسفل تهرب منه، فردد هو بنفس الجمود:
خلود!
بكت حينما ذكر اسمها، فزفر بقوةٍ ثم نطق بيأسٍ:
بتعيطي ليه ياستي؟ هو أنا جيت جنبك؟
جاوبته بنبرةٍ باكية:.

علشان أنا كنت خايفة عليك واتخضيت عليك، خوفت أخسرك وخوفت أكون سبب في كل دا وخوفت تكون زعلان مني، وخوفت من حاجات كتير، وأنا كنت جاحدة مبيفرقش معايا حاجة.
ابتسم رغمًا عنه وهو يسألها:
طب وإيه اللي حصل؟ الجحود اتبخر؟
حركت رأسها نفيًا وهي تقول بنفس الصوت المختنق:
لأ، حبيتك وأنتِ طيب أوي حرام تاخد واحدة قادرة زيي، علشان كدا بحاول علشانك والله.

ارتفع صوت ضحكاته اليائسة حتى ضحكت هي الأخرى ففتح لها ذراعه وهو يقول بقلة حيلة:
تعالي يا خلود.
اقتربت منه بتوترٍ فتنهد هو بعمقٍ ثم قال بنبرةٍ هادئة:
أنا لا زهقت ولا زعلت ولا حتى محملك ذنب حاجة، أنا مليش حد غيرك ياخد المكان دا في قلبي، ومينفعش بعد كل دا حد غيرك يكون معايا، يعني اتطمني، بعدين تروحي فين بعدما أخف؟ خلي عندك دم واقعدي ياختي في بيتك، ولا أخف وأروح اتجوز عليكي بما إنك هتمشي؟

حركت رأسها نفيًا ثم قالت بإصرارٍ:
أنا كدابة ومش همشي أصلًا، عاوزة أفضل معاك علطول.
أخفض رأسه يسألها بخبثٍ:
خلي بالك أنا بزهق بسرعة، يعني الفترة دي عاوز تجديدات كتير بقى، أنتِ حرة.
رفعت رأسها تسأله ببلاهةٍ:
هعملك إيه يعني؟ ارقصلك؟
ياريت والله.
رد عليها بذلك بتلقائيةٍ جعلتها تشهق بخجلٍ، فأضاف هو بخبثٍ:
يعني اعتبريني زي خالتك ميمي كدا ومحتاج حد يرطبها على قلبي، ولا إيه يا منعنع؟

لم تستطع كتم ضحكتها فيما قال هو بنبرةٍ خافتة:
تصدقي فعلًا الواحد صحته شكلها هتيجي على الحادثة دي؟ مش عارف ليه متفائل بطريقة غريبة، شكل سقف طموحاتي دا هيقع فوق دماغ أهلي.
رفعت نفسها تقول بنبرةٍ هادئة:
أنا معاك لحد ما تكون بخير ومش عاوزاك تقلق.
ارتسم الخبث على ملامحه بشقاوةٍ:
يا منعنع seni seviyorum
حركت رأسها نفيًا بيأسٍ ثم مسحت وجهها وهي تقول:
يلا علشان في الأكل والعلاج ربنا يهديك.

في صباح اليوم التالي في شقة ياسر وقفت إيمان بجوار كلٍ من زينة و يسر وهي تقول بضجرٍ منهما:
صدعتوني خلاص، الكيكة خلصت أهيه، و ريهام حطيتها في العلبة، بطلوا زن بقى!
تحدثت زينة بلهفةٍ:
علشان عمار يا ماما، عاوزين نروح نشوفه.
زفرت إيمان فيما اقتربت ريهام تعطيها لهما وهي تقول بقلة حيلة:
اتفضلوا خلصت أهيه، يلا انزلوا يونس تحت مستني.
تحركت الفتيات فيما قالت إيمان بحقدٍ زائفٍ:.

شوف قلة الأصل إلا مافيهم واحدة جابتلي كيس بسكوت لوكس وأنا عيانة، هقول إيه؟
العرق دساس يا حبيبتي!
تفوهت بها ريهام بتهكمٍ حتى ركضت خلفها إيمان وهي تقول بتوعدٍ:
الغلط مش عليكي الغلط عليا علشان دلعتك.
كانت الآخرى تضحك بملء صوتها وهي تركض نحو المطبخ لتتبعها إيمان وهي تضحك رغمًا عنها تود الثأر لكرامتها.
نزلت الفتيات وكان يونس في انتظارهما فسألته يسر:
جيبتوا إيه؟ إحنا جيبنا الكيكة.
قال زين مفسرًا:.

جيبنا عصير أنا و يونس ومستنين ولاد عمو ياسين
مرت بعض الثواني ونزلت خديجة بصغارها يركضون خلف بعضهم فرحبت بهم ثم توجهت نحو بناية عمار.
في الأعلى تفحصته سيدة وهو يجلس على الفراش في غرفته ثم نطقت بحماسٍ:
لا وشك رد النهاردة الحمد لله، امبارح يا حبة عيني كان مخطوف خالص، واضح إن خلود شايفة شغلها صح.
أبتسم عمار رغمًا عنه وكذلك البقية فيما مال وليد على اذن عامر يهتف بنبرةٍ خافتة:.

قول لأمك تخف على أختي بدل ما أجيبلها عمتي وتتصرف هي، سكت أمك أحسنلك بدل ما اتكلم أنا.
تحدث عامر يثير استفزازه بقوله:
حماتها وهي حرة فيها، اخلع منها أنتَ.
رفع وليد حاجبه باستنكارٍ فيما صدح صوت جرس الباب فقالت خلود بلهفةٍ:
هروح أفتح أنا، عن اذنكم.
تحركت للخارج تفتح الباب فوجدت الصغار مع بعضهم وخلفهم شقيقتها فقالت بنبرةٍ ضاحكة:
عاملين زي فيلم حاحا و تفاحة كدا ليه؟
ضحكت خديجة وهي تقول بقلة حيلة:.

بقالي ساعة بحاول ابعتهم ورا بعض علشان المنظر القذر دا، كنت متأكدة من شكلنا الزبالة.
أشارت لهم خلود بالدخول فركض الصغار خلف بعضهم وخلفهم هي وشقيقتها، وفي الداخل ضحك عمار تلقائيًا عند استماعه لصوتهم يقتربون من الغرفة، فدلف أولًا يونس يقدم له العصير وهو يقول بنبرةٍ هادئة:
سلامتك يا عمار ربنا يتتم شفاك على خير.
أخذه منه عمار وهو يقول مبتسمًا:
طول عمرك أبو الرجولة بس تعبت نفسك ليه؟

اقترب زين هو الأخر يقول بهدوءٍ:
لا تعب ولا حاجة، قوم بس أنتَ بالسلامة.
أخذ منه العصير وهو يرد عليه، فاقتربت زينة ومعها يسر تقدمان له الكعك فقالت الاولى بحماسٍ:
احنا خلينا ماما تعمل كيكة علشانك، يارب تعجبك.
اخذها منهم وهو يقول بمرحٍ لزوجته:
مش قولتلك كنت محتاج الحادثة دي من بدري.
كتمت ضحكتها فاقتربت منه نغم تبتسم له ثم مدت يدها بزهورٍ زرقاء اللون وهي تقول بنبرةٍ هادئة:.

الورد دا زرعته أنا وماما في البلكونة، جيبته علشانك.
اتسعت ابتسامته وهو يقول بحماسٍ:
الله! ورد؟ صحيح يعني هتجيبي إيه أنتِ؟
ابتسمت له برقةٍ فاقترب يزن منه يعطيه حقيبة بلاستيكية وهو يقول ببراءةٍ:
أنا خليت بابا يجيب بسكوت علشانك، بس كأنه ليا، ألف سلامة عليك يا عمار.
أخذه منه وهو يقول بنبرةٍ ضاحكة:
تسلم يا حبيبي، ألف شكر.

تراجع يزن للخلف فاقتربت تلك المشاكسة تقفز على الفراش بحماسٍ فضحك الجميع عليها، بينما قالت هي بحماسٍ:
أنا بقى جيبتلك حاجة حلوة أوي وأنا بحبها.
سألها بتعجبٍ:
حاجة أنتِ بتحبيها؟ مش أنا اللي بحبها!
حركت رأسها موافقةً ثم أضافت بتأكيد وهي ترفع الحقيبة البلاستيكية نصب عينيه وقالت بحماسٍ:
جيبتلك اندومي!
ارتفع صوت الضحكات على حديثها فيما تلاشت بسمة عمار وهو يقول مستفسرًا منها:.

اندومي! أنا أعرف إن العيان دا بنجيبله فرختين ياكلهم، اتنين كيلو لحمة يتقاوت بيهم، عصير زي الرجالة المحترمة دي، ياستي فاكهة حتى.
فسرت هي ببراءةٍ تناسب فهمها:
ما أنا جايباه بطعم الفراخ والله.
رد هو بطريقةٍ تمثيلية:
بجد والله؟ إذا كان كدا ماشي، ظلمتك، خديه يا خلود اعمليلي بشوربته لسان عصفور.
اقتربت خلود منها وهي تضحك لها، فحذرتها جاسمين بقولها وهي تشهر بسبابتها لها:.

دا بتاع عمار، يعني هو اللي ياكله مش أنتِ
حركت رأسها موافقةً وهي تكتم ضحكتها، فصدح صوت جرس الباب عاليًا، حينها تحرك يونس وهو يقول:
أنا هفتحه، خليكم أنتم.
تحرك نحو الخارج لمدة ثوانٍ ودلف مبتسمًا فسأله عامر بتعجبٍ:
مين برة يا يونس؟
دلف الضيف الغير متوقع تواجده في ذلك الوقت وهو يقول:
أنا، هيكون مين يعني؟
تحدث عمار بلهفةٍ حينما رأه أمامه:
عبدالرحمن! أنتَ جيت بجد؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة