نوفيلا حبهان للكاتبة دينا ابراهيم الفصل الثالث
ساندها فهد لتقف على ساقين مرتعشان من الصدمة ووقف في وجه الرجل لايزال بالداخل معها صارخًا:
-في ايه يا جدع أنت اتجننت ولا أيه؟
-شايفين البجاحه بايت معاها من امبارح في المخروبه دي.
-لا ده انت راجل عايز تتربى بقى!
صاح فهد وهي يمسك بتلابيب الرجل وينطحه بغل في رأسه بينما وضعت زينة كفيها على اذنيها في ذعر وانتفضت حين دلفت لها والدتها بوجه شاحب هامسة في غضب كي لا يسمعها الرجال الأربع في الخارج:.
-ايه اللي حصل يا بنت الكلب هتجلطيني في العمر ده!
سيطرت زينة على بكائها وكل فرائسها ترتعش لتجيب في ضعف:
-والله العظيم اتحبسنا يا ماما وما اعرف مين اللي قفل علينا.
ضربت امها على فمها في حالة هستيرية وقد علت دقات قلبها مما سيحدث لابنتها ووقفت تتابع في رعب حين تكاتل رجلين على فهد ودفعاه عن ياسر الحقير، ليقول أحد الرجلين:
-اما قليل الأدب وبجح بصحيح وليك عين تمد إيدك عليه بعد الفضيحة دي!
-فضيحة ايه يا راجل يا مجنون أنت كمان؛ احنا كنا محبوسين من إمبارح في خرم الابرة ده!
-اه محبوسين وماله...
نظر ياسر إلى زينة باتهام وهتف في حقد:
-ولما عرضت عليكي الجواز عملتي المضحية ولا انا هربي بنتي، أتاريكي كنت...
لم يستطع إكمال جملته حين جذبه فهد من ملابسه وثبته أمامه في عنف بعد أن أصبحت كلمات ياسر كالقنبلة الموقوتة في صدر فهد، فهتف قائلًا:
-عايز تتكلم اتكلم معايا أنا، محدش ليه دعوة بيها، أنت فاهم!
حاول الآخر التملص من قبضته وهو يستطرد باستفزاز:
-لا مش فاهم يالي داير تضحك على ستات حارتنا.
-اضحك على مين يا حيوان دي هتبقى مراتي.
قال فهد من بين أسنانه بنفاذ صبر، فلمعت عيون والدة زينة وهي تلملم شتات ذاتها وتستحضر ذكائها لتهتف في عنف:
-براحة على نفسكم شوية ده خطيب بنتي اصلًا واهدوا كده لما نعرف أيه اللي حصل؟
ما هو على يدكم الباب كان مقفول من برا والباشا هو اللي فاتحه بأيده عشان يثبت الحدوته والفضيحة اللي بيقول عليها.
أعاد فهد امساكه من ملابسه وهو يهتف مستنكرًا في غضب:
-وانت عرفت منين اننا هنا، يبقى أنت اللي حبستنا.
دفعته ياسر في غل والتفت حول المكان يصيح دون خجل:
-يعملوا العملة وعايزين يلزقوهالي أنا، أحضرونا يا أهل المنطقة!
صدح صوت رجل رخيم معلنًا عن وصول شيخ كبير في العمر ليفرقهم ويسأل في جدية:.
-ممكن حد يفهمني ايه اللي بيحصل هنا؟
هرعت والدة زينة وهي تبكي وتتوسل في مكر أنثوي:
-يا شيخنا من امبارح وانا بلف حوالين نفسي مكنتش لاقيه بنتي ومكنش ليها أثر وكنت هتجنن واسأل ام مديحة هناك اهيه.
هزت أم مديحة جارتها وصديقتها الصدوقة رأسها في تأكيد لتكمل أم زينة بنبرة سريعة:
-منمتش طول الليل والمصحف وانا بتصل بكل حد يعرفها لدرجه اني قولت هي انتحرت ولا عملت في نفسها حاجه.
تكلم الشيخ بنفاذ صبر وهو يحرك يديه:.
-أم زينة أدخلي في الموضوع على طول الله يرضا عليكي ورانا مصالح.
-حاضر يا خويا روحت اتفاجئت الصبح بياسر الأرمل اللي قصف عمر الولية مراته أم حبيبة الله يرحمها واقف في نص الشارع وبيهلل ويقول انه شاف فهد خطيب بنتي وبنتي قافلين عليهم المحل من امبارح،
وان لا مؤاخذه يعني قال ايه رجولته نقحت عليه الصبح وقال مش هسكت على الفضيحة دي واحنا رجاله ومنسكتش وكلام ميدخلش عقل عيل صغير يا شيخنا.
-ما هما بايتين هنا فعلًا يا أم زينة.
صرح احد الرجلان بجوار ياسر في تهكم لترمقه والدة زينة بشر قبل ان تستكمل موضحه للشيخ الموقر:
-كذب يا شيخ والله انا بنتي أشرف من الشرف اللي حصل ان في حد قفل عليهم الباب امبارح وعلى يدهم احنا فاتحينه بايدينا.
-وهو كان بيعمل ايه جوا معاها اصلًا؟
قال الشيخ في تعجب وعدم رضا:
فخرج فهد أخيرًا من سحر حكايات أم زينة المحبوكة ليتدخل معلنًا في حده:.
-كنت بشيل شوال تقيل عليها فجأة اتقفل علينا.
نظر له الشيخ يدقق النظر إليه بفضول ليسأل:
-مش انت فهد ابن الحاج محمد الله يرحمه؟
-اه انا.
أجابه فهد في ثبات وفخر دون ابعاد نظراته عنه، ليخبره الشيخ في عتاب:
-طيب وده يصح يا ابني تجيب لواحده ست مصيبة زي دي ولما هي خطيبتك محدش فينا سمع عن الحكاية دي ليه،
دي حتى حتتنا عاملة زي أوضه وصالة مفيش حاجه بتستخبي فيها.
ارتبك فهد لكنه سرعان ما بلل شفتيه وأشار إلى زينة معللاً:
-مكنتش عايزة تقول لحد ما تعرفني أكتر.
تدخلت والدة زينة في كذبة جديدة بقولها:
-اه يا شيخ انت عارف سمعة الستات زي الكبريت وأنا قولت بلاش نعمل خطوبة واللي يقولك دي كانت مطلقة قبل كده واللي يستظرف بكلمتين قولت نخليها سر لحد كتب الكتاب على طول!
-وكتب الكتاب كان الاسبوع الجاى اصلًا.
أكد فهد وهو يقترب من كبير حارتهم ليقاطعه ياسر في غضب:.
-وايه خطيبها يعني ده كمان وانت شايف يا شيخ ان وجوده معاها وبياتهم في مكان واحد ده يعدي بالساهل، الست دي لايمكن تفضل في منطقتنا.
برقت عينا فهد في تحدي وهو يتابع بانفعال:
-الست دي أشرف منك ومن عشرة زيك وعشان اثبتلكم صدقي انا هكتب الكتاب عليها انهارده،
ومش هستني دقيقه واحدة تخلي كلب يتكلم عليها عشان لما تكون على ذمتي وحد جاب سيرتها في حاجه محدش يلومني لما اقطع لسانه!
انهى تهديده وهو يزمجر في ياسر الذي وقف يجز على أسنانه في غضب ووجه احمر وهو يستشعر فشل خطته، فقد كان يرغب في الانتقام من فهد وجعل زينة بلا حيلة كي لا يتبقى لها خيار أخر غيره.
فتحت زينة فمها للاعتراض وقد هالها ما يقال ويحاك عنها فيما هي تقف بلا حول ولا قوة، فاندفعت نحوها والدتها تقذفها بنظرات تحذيرية اخرستها لتكتفي بالبكاء في صمت.
-وانا شاري كلامك لأجل خاطر أبوك ولأجل الست الغلبانة اللي عايشة وسطنا من زمان محدش سامع لهم نفس، هاتي بنتك يا أم زينة ومعايا على المأذون.
قال الشيخ وهو يرفع طرف عباءته ويتجه للخارج، نظر فهد إلى ياسر بانتصار واتجه خلف الشيخ دون النظر مرة واحدة إلى زينة فهو لا يزال يلوم نفسه لأنه كان سبب في إثارة فضيحة كانت يمكن ان توحلها للأبد ولكنه لن يتخلى عنها أبدًا.
بعد مرور ساعات...
دلف فهد وبجواره الشيخ من اليسار وزينة ووالدتها على يمينه، لم يفته نظرات معظم من في الطريق إليهم في فضول فمد ذراعه يمسك كفها بين كفه الجامد ويميل هامسًا في جدية:
-ارفعي راسك انتي معملتيش حاجة غلط ومتخليش حد يتنمر عليكي.
نظرت له بغضب ومقت وكأنه السبب فيما حدث لكنها رفعت رأسها وضغطت على أصابعه تستمد القوة منه في تناقض غريب يتملك عواطفها.
تجاهلت نظرات الناس المتسائلة من حولهما وتمنت لو يمكنها الوصول لأعلى حيث منزلها وإلى أحضان ابنتها لتنسى الجميع وما حدث.
لكن كان لوالدتها رأي أخر حين وقفت أسفل البناية تطلق زغاريد طويلة ملحنة هي وجارتهم السيدة أم مديحة قبل أن تعلن بابتسامه مشرقة وحاجب مرفوع:
-بنتي زينة اتكتب كتابها على فهد الصحفي الكبير وكل بنات الحارة معزومين الليلة عندي.
ولا يا فاروق اطلع قول لأمك ان زينة اتجوزت وقولها عقبال بناتك التلاته متنساش تبقى تنورنا وتشوف عريس بنتي اللي زي البدر المنور.
شعر فهد بحرج وانتشر اللون الأحمر فوق رقبته وأذنه ولكنه ابتسم قليلًا حين اقتربت منه والده زينه وصديقتها المبتسمة طوال الطريق دون مبرر.
صعدا جميعًا على الدرج لتميل عليه والدة زينة مبررة:
-أصل أم فاروق دي ولية بومة ولسانها سم على بنتي في الرايحه والجايه أصل بناتها التلاته عوانس.
ضحك فهد ونظر لزينة التي كانت تموت من الخجل لأفعال والدتها امام فهد وما أن دلف ثلاثتهما حتى قالت في غضب وهي تحرك ذراعيها:
-حفله ايه يا ماما وكلام فارغ ايه مش كفاية المصيبة اللي اتحطيت فيها ومفتحتش بؤي بكلمة!
قرصتها والدتها في غيظ وهي تؤكد:.
-شوف البنت وبجاحتها مش تحمدي ربنا انها عدت على خير بدل ما كانت سيرتك بقت على كل لسان ولا عايزة الناس تقول معملوش فرح ولا شويه مزيكا حتى عشان مضروبين على قلبهم من الفضيحة.
تدخل فهد مساند لوالدتها وهو يجلس بجوار الباب ويبحث بعينيه عن رنا الصغيرة:
-أمك بتتكلم صح وافردي وشك ده مش منظر عروسة يوم كتب كتابها.
اتسع فمها في ذهول واندفعت في غضب تدفعه من المقعد وإلى حيث الباب هاتفة:.
-وليك عين تتكلم بعد ما خلتني اتجوزك غصب عني اتفضل امشي برا بيتي ومش عايزة اشوفك هنا تاني.
تجاهل فهد وقوف والدتها المصدومة ومسك كتفها الأيمن يهزها مرة ليردف بنبرة جامدة:
-ياسلام ولو كان في حل تاني مقولتيش عليه ليه يا فيلسوفة زمانك!
-بت يا زينة انتي اتجننتي رسمي ده بدل ما تشكري انه اتجوزك ولم الدنيا.
-ايه اللي انتي بتقولي ده يا ماما انتي ليه محسساني اني عملت عمله ولا مصيبة ما كان على يدك انا اتحبست معاه غصب عني!
ضحك فهد بأريحيه وهو يدفعها عنه قليلًا ثم جلس من جديد على المقعد ليعلن بابتسامه باردة أثارت أعصابها:
-الحمدلله مش حياتي!
كادت تهاجمه وتنقض عليه بشراستها المعتادة لكن والدتها اوقفتها حين هتفت من بين أسنانها مهددة:
-زينة يمين بالله لو متربيتش لهديكي علقة تعدلك،.
كلمي جوزك عدل وادخلي دلوقتي حالًا تتذوقي وتلبسي احلى ما عندك وتيجي قبل الناس ما تتلم انتي فاهمة!
لم تستطع زينة السيطرة على دموع الغضب مرة أخرى وتنقلت نظراتها بين والدتها و فهد البارد لكنها طالبت في حدة:
-ابعتي هاتي بنتي الأول!
-اخيرًا.
قالها فهد في تهكم متجاهلًا نظراتها القاتلة فمنذ دلف وهو يرغب في السؤال عن الصغيرة لكن والدتها المتمردة كانت منشغلة في التذمر حول زواجهما، ولكن والدتها أجابتها في سرعة:.
-ام مديحة راحت تجبها من عند مديحة، واتفضلي اعملي اللي قولت عليه لحد ماتيجي.
ذهبت في غضب نحو غرفتها وتابعها فهد الذي يرفض الشعور بالندم لأنه استغل ما حدث للزواج بها، فهو عاشق مجنون قادر على إذابة مقاومتها الواهية شاءت أم آبت...
قطع تفكيره وصول الصغيرة التي دخلت في هدوء لا يناسب طفلة في عمرها ولكن تلك الابتسامة التي ارسلتها له ما ان رأته شعت سعادة داخله واشار إليها بالحضور نحوه واحتضانه ثم قال:.
-وحشتيني يا رنوشه، عاملة أيه؟
هزت رأسها بابتسامه فتنهد وهو يقبل رأسها ويخبرها:
-انتي بتحبيني صح؟
حركت رأسها في موافقة فقال مشاكسًا:
-أنا ولا الشكولاته يا بكاشة.
-أنت.
نطقت في خفوت فنظر إلى جدتها المبتسمة واشار لها برغبته في اخبار الصغيرة بالمستجدات، فهزت رأسها بالموافقة برضا يكفي السعادة التي رأتها في عيون حفيدتها لتعلم ان فهد لن يكون زوج جيد فقط بل خير أب لحفيدتها.
جلست جوارهما تراقب فهد وهو يداعب صغيرها ويهمس في أذنها:
-وانا كمان بحبك، أيه رأيك تيجي انتي وماما تعيشوا معايا وكل يوم اديكي شكولاته الصبح وبليل؟
رفعت الفتاة رأسها بتفكير ثم نظرت إلى جدتها بتساؤل فقالت جدتها في رفق:
-انتي بتحبي عمو فهد يا رنا مش كده؟
-اه بحبه.
قالت بنبرتها الطفولية وهي تحرك أصبعها على طرف ملابسها دون اهتمام بالعالم من حولها فأكدت الجدة:.
-وأنا كمان بحبه، عمو فهد طيب أوي وبيحبك انتي وماما عشان كده انا قولتله ياخدك انتي وماما تعيشوا معاه عشان يديكي شوكلاته كتير اوي وانتي هتبقي مؤدبة وتسمعي الكلام صح.
-صح.
قالت الصغيرة في رضا وهي تقضم ظفرها وتنظر إلى فهد في سعادة فضحك وهو يزيل أصبعها ويقبل يدها مخبرًا إياها:
-طيب يلا قومي قولي لماما تجيب هدومك وهاتي كل لعبك اللي بتحبيها عشان احطهم في اوضتك الجديدة.
قفزت الصغيرة واتجهت نحنو غرفتها لكنها توقفت حين أشارت جدتها:
-ماما في الاوضه التانية يا رنا.
ركضت نحو غرفة الجدة إلى والدتها لكنها تسمرت حين دلفت ووجدت والدتها تجلس على الفراش وتحتضن وجهها باكية.
رفعت زينة وجهها لترى عبوس ابنتها التي سرعان ما احمرت عيناها في بكاء وشيك لهيئة والدتها الحزينة فابتسمت زينه لها وهمست:
-تعالي يا قلب ماما.
ركضت رنا نحوها تحتضنها وتستقر فوق صدرها ولأول مرة تحادثها الصغيرة في جملة واحدة:
-هو بابا رجع ضربك وأنا مش معاكي عشان احميكي هنا.
اتسعت عيون زينة وضمت ابنتها لتؤكد بابتسامه واسعة:
-لا لا يا حبيبتي أنا مش بعيط انا بس زعلانه عشان الشغل كان وحش اوي وبعدين انا مش قولتلك قبل كده تنسي الموضوع ده لان بجد بابا مكنش بيضربني، ده كان بيهزر معايا.
حركت الصغيرة رأسها في رفض فقد شاهدت بأم عينيها الكثير والكثير من اعتداءات والدها المخيف على والدتها، أغمضت الصغيرة جفنيها في هرب من ذكرى والدها الاخيرة المحفورة في عقلها حين ضرب والدتها بوحشية حتى فقدت وعيها قبل أن يتركها وحدها باكية جوار والدتها تتوسل استيقاظها.
دعت زينة بحسرة على زوجها السابق الذي تسبب بأذى نفسي لصغيرها التي ترتعش كلما سمعت شجار بين أزواج المنطقة، تنهدت بأسى فقد مرت سنة على طلاقها وخلاصها من أحقر الرجال الذي تركها بين الحياة والموت أمام صغيرتها وذهب لزوجته الأولي، وكيف انقذها الله حين هاتفتها والدتها فتجيبها الصغيرة الباكية في هلع لتهرع والدتها إليها وتنقلها لأقرب مشفي.
لا تزال ممتنه للطبيب الذي أصر على إحضار النجدة وبإثبات اعتداء زوجها عليها جسديًا ونفسيًا رفعت قضية ولكنها تخلت عن حقها في مقابل طلاقها والتحرر منه وتنازل منه بعدم المكالبة بحضانة ابنته وكأنه يهتم لها، فكرت في قهر فها هي ظنت ان حياتها ستستقر ليسخر منها القدر اليوم وتعود متزوجة من جديد ولا تعلم كيف سيتعامل معها فهد حين ينغلق عليها باب واحد وأي وحش يخفيه بين طيات ابتسامته سيعلن عنه.
قطع تفكيرها دخول والدتها التي احتضنت كلاهما وقالت لزينه في جدية:
-بكره تشكريني وتشكري حظك انه وقعك في واحد زي فهد.
ابتسمت زينة في مرارة وهي تقول:
-ابويا قالي كده قبل ما يجوزني وانا عندي ستاشر سنة للي ما يتسمى واديكي شوفتي النتيجة،
شفت المر واتمرمطت وبقيت مطلقة في سن العشرين وبشقى على بنت عندها أربع سنين، انا معيشتش يا امى وشكلها مش مكتوبلي أعيش.
نظرت والدتها لأسفل بلا مبرر فعقليات الماضى لا مبرر لها ووالدها رحمة الله أصر على زواجها سريعًا للفرح بها قبل ان يتولاهما الله، وليته لم يفعل..!
ربتت على ظهرها في حنو وهي تحمل رنا بين احضانها وقالت:
-قومي اجهزي يا بنتي احنا مش ناقصين بلاوي وقولي يارب، انا قلبي مرتاح للجدع اللي برا ده وعارفه ان ربنا هيعوضك بيه انتي وبنتك خير.
هزت راسها وهي تزيل ما تبقى من عبراتها عن وجهها واتجهت بقلب يدق بعنف نحو ملابسها فهناك حدس غريب يقنعها بأنها ستري من فهد حياة لم تكن تتخيلها ابدًا لكنها تتمسك بسوداوية قدرها حتى إثباته العكس!
بالفعل خرجت والدتها وسرعان ما جهزت واقتربت من الانتهاء وهي تضع لمسات أخيرة من أحمر الشفاه، لتفاجئ باندفاع فهد إلى غرفتها بوجه واجم قبل ان يتهمها:
-أنتي ازاي تتجرئي وتعملي كده!
تركت ما بيدها والتفتت إليه بعيون واسعة متسائلة وقد شعرت بقليل من الخوف حين أقترب منها وعينيه تلتهمها من أسفل جسدها لأعلاه قبل أن ترتسم ابتسامه مشاكسة على وجهه ويهمس:
-فين حضن كتب الكتاب بتاع ممس؟