نوفيلا تعويذة الحب للكاتبة شاهندة الفصل الرابع
نفضت (تارا)يدها من يد (نوار)قائلة:
-مهلا مهلا.. عن أي ملكة تتحدث، وأي فارس؟!
طالعها (نوار)قائلا فى هدوء:
-أتحدث عنك يامولاتى، (تارا)ملكة (أستيريا)وأملها الأخير.. أما أنا فخادمك وفارسك (نوار)وقد كنت...
رفعت يدها تصمته عن الحديث قائلة:
-كفى.. من فضلك كف عن ترديد تلك الكلمات الفارغة، سأغمض عيناي وأفتحهما مجددا، وسأجدك قد رحلت، فأنت وهم فى خيالي فقط.
أغمضت عيناها بالفعل ليبتسم (نوار)قبل أن تختفى إبتسامته وهو يراها تفتح عيناها ليطالعها بهدوء، يرى عيناها تتسعان بصدمة قبل ان تردد لنفسها:
-إذا ليس وهما، حسنا حسنا اهدئي يا (تارا).. تجاهليه وسوف يرحل.
مال فمه بشبه إبتسامة وهو يقول:
-مازلت موجودا وأسمعك جيدا بالمناسبة.
نظرت له (تارا)بحنق قائلة:
-ماذا تريد منى أيها الفارس؟
قال بهدوء:
-لا أريد سوى مساعدتك لإسترجاع مملكتنا.
قالت بغيظ:
- أي مملكة تقصد؟ثم اخبرنى أولا.. كيف تحولت من عصفور لإنسي، ولماذا؟
تنهد (نوار)قائلا:
-تلك قصة طويلة .. تعالى نجلس هناك تحت تلك الشجرة، وسأخبرك بتفاصيلها، ثم أترك القرار لك.
عقدت حاجبيها تنقل نظرها بينه وبين تلك الشجرة التى يشير إليها قبل أن تزفر وهي تومئ برأسها موافقة، تتبعه إلى هناك، تتعجب من كونها لا تشعر بالخوف... مطلقا.
هدرت (هيلانة)قائلة:
-هربت !!!خمسة ساحرات من سحرة الظلام تتتبعنها ولم تستطعن القبض عليها لتهرب منكن بتلك السهولة ؟!
قالت (أوار)بإرتباك:
-لم يكن الأمر سهلا، صدقينى يامولاتى، (سيلين)من أبرع السحرة وأكثرهم حنكة ودهاء، ولقد كدنا أن نمسكها حقا، هي وتلك الساحرة الحمقاء (ريتان)، ولكن فى اللحظة الأخيرة لم نجدها وكل ما وجدناه بقايا غبار سحري مازال يلمع، يخبرنا أننا تأخرنا فقط ثوان معدودة، فلم نلحق بهما.
تحركت (هيلانة)جيئة وذهابا فى غضب وهي تقول:
-إذا لقد رحلت.. ربما لتحضر (تارا)إلى المملكة، نعم.. فقد بلغت التاسعة عشر وأصبحت قوية بما يكفى لتواجهنى، تريد أن تقضى علي وعلى سلطاني.
قالت (أوار):
-لن تستطع يامولاتى، فلم يعد لديها غبار سحري لتفعل، الساحرات الأربع أخبرننى بذلك .
توقفت (هيلانة)وهي تنظر إلى (أوار)بغضب قائلة:
-لا تستهينى أبدا بخصمك أيتها الساحرة ولا تثقى بقدراتك فيقضى عليك الغرور كما قضى على ملكاتنا من قبل، (سيلين)من السحرة التى لن يقف أمامها عائق كهذا، ستتدبر أمورها، (تارا)على وشك القدوم إلى مملكتنا، كونى على ثقة من ذلك.
لتأخذ نفسا عميقا وهي تقول :
-حسنا.. فلتحضرها (سيلين)إلى هنا، وسأقضى عليها قبل أن تتحد مع فارسها، وحتى ان إتحدت معه، لا يهم، فلدي لها مفاجأة ستطيح بها .. فلقد إتحدت مع الشيطان من أجلها هي... من أجلها فقط.
لتطلق ضحكة شيطانية لمعت لها عيون (أوار)بإعجاب.
شرد (نوار)بناظريه بعيدا وهو يقول:
-فى مكان يقبع فى آخر حدود الأرض، فى مملكة (أستيريا)، مملكة السحر والجمال، أو هكذا كانت، كان هناك صراع دائم بين الخير والشر، بين سحرة النور وسحرة الظلام، لطالما كان الفوز حليفا لسحرة النور، فمليكتهم دوما كانت الأقوى بين السحرة جميعا، بعقدها السحري الذى لا يمنح قوته لسواها فتستطيع بواسطته هزيمة كل محاولات سحرة الظلام لإعتلاء العرش .
ولقدكانت الحياة تبدو رائعة فى مملكة ( أستيريا )، خاصة بعد ولادة فتاة رائعة الجمال.
لينظر إلى (تارا)سارحا فى جمالها مستطردا:
-فتاة بيضاء ذات وجه مستدير كالبدر وعيون كالمها وشعر أسود كالليل.
ظلل وجنتي (تارا)حمرة الخجل تحت تأثير نظراته وكلماته التى تصفها بالتأكيد وبنبرة صوت زلزلت كيانها، ليشيح بوجهه عنها قائلا بإرتباك:
-احمم، فتاة أسمتها والدتها الملكة (نشروان) (تارا)، لتصبح النجمة والأمل لسكان المملكة فى سنوات عديدة من الرخاء.
قالت (تارا)بدهشة:
-أتقصد أننى إبنة ملكة سحرة النور؟
أومأ (نوار )برأسه وهو يعود إليها بنظراته قائلا:
-نعم انتى إبنتها، وريثة عرش المملكة .. نجمة (أستيريا )وملكتها.
عقدت (تارا)حاجبيها قائلة بحدة:
-ان كنت حقا كما تقول.. إذا ماالذى جاء بى إلى (تورانا)، لماذا ألقي بى على عتبة آل (أورانزا)، وأين ذهبت أمى وتركتنى؟هل كرهتنى؟أم رأتنى لا أستحق رعايتها وإهتمامها؟
قال (نوار)بألم:
-إهدئى ياسيدتي، وإسمعينى للنهاية وستجدين إجابات أسئلتك فى كلماتي.
زفرت (تارا)قائلة بحنق:
-إذا أكمل ولنرى إلى أين تأخذنا قصتك.
قال (نوار)بمرارة:
-ليست قصة يامولاتي، وإنما هي حقيقة مؤلمة، عن غدر أطاح برخاء مملكتنا وأمانها، فالنساء غادرات، ينتهزن الفرصة للتخلى عن كل شيئ فى سبيل أطماعهن.
رق قلب (تارا)لهذا الحزن الذى ظهر من عينيه وتلك المرارة التى قطر بها صوته، لتدرك أن مرارة غدر إحداهن قد طالته، فلم تعلق على عبارته التى عمم فيها فى وصفه كل النساء وتركته يستطرد قائلا:
-فى نفس الوقت الذى إحتفلت فيه المملكة بميلادك، أطاحت (هيلانة)إحدى ساحرات الظلام ب (رنوة)ملكتهم، واعتلت عرشهم ليخضع لها الجميع وهم يرون أنها ستحملهم إلى عهد جديد ينتصر فيه السحر الأسود ويعلو شأنه لأول مرة..،
وبالفعل وضعت (هيلانة)خطة شيطانية بالتعاون مع بعض الخونة من سحرة النور الطامعين بالسلطة، ليتم تخدير الملكة وزوجها ثم سرقة العقد منها، وقتها دلفت (هيلانة )إلى الغرفة وذبحت الملكة (نشروان)وزوجها الملك بدم بارد وعيون تلمع بالشر، ثم إتجهت إلى غرفة الصغيرة لتقتل آخر سلالة الملكة (جيلان)، الملكة الأم لكل سحرة النور.. ولكنها لم تجدها فى مهدها بل وجدت ذلك المهد فارغا لتصرخ بكل قوة غاضبة، وهي تدرك أن حكمها مازال مهددا طالما تلك الفتاة على قيد الحياة، وقد ظلت تبحث عنها هي وأتباعها فى كل مكان، فلن يرتاح لها بال حتى تجدها.
ظهر الألم فى عيون (تارا)ممتزجا بالغضب وهي تقول:
-إذا فقد قتلوا أمى، وحرمونى منها قبل أن أنعم بها وأشعر بالأمان بين ذراعيها، أقسم أن أقتلهم واحدة تلو الأخرى، ولن يهدأ لى بال حتى أنال القصاص.
قال (نوار)بلهفة :
-إذا ستحضرين العقد وتذهبين إلى المملكة وتطيحين ب (هيلانة)وتستردى الحكم.. أليس كذلك؟
قالت (تارا)وهي تشير بيدها:
-مهلا مهلا.. ليس بتلك السرعة.. أكمل لى حديثك وأخبرنى كيف جئت إلى هنا؟وعن أي عقد تتحدث؟
قال (نوار):
-أحضرتك العظيمة (سيلين)إلى هنا، فقد كانت وزيرة المملكة قبل أن يستولى عليها سحرة الظلام، بالمناسبة.. لقد كان من المفترض أن تحضر إلى هنا الآن عندما ترانى قد عدت إنسانا من جديد، ولكنى لا أدرى سر غيابها، أما العقد فهو عقد الملكة (جيلان)وهو عقد يمنح حاملته قوة بلا حدود شريطة أن تكون من سلالتها ومليكة المملكة، عندما أخذته (هيلانة)من ملكتنا (نشروان)ألقته فى نهر الخيزران الأعظم، بعد ان فشلت فى تحطيمه فإلتقمه وحش النهر، ومازال قابع فى قاع النهر حتى تحضر الملكة و تطالبه به.
عقدت (تارا)حاجبيها قائلة بوجل:
-وحش النهر؟!!
مال فم (نوار)بشبه إبتسامة قائلا:
-هو كائن يشبه الديناصور، يعيش فى عمق النهر، وهو خادم أمين لملكة سحرة النور ولا يعلم عنه شيئا سوى ملكة المملكة ووزيرتها التى أخبرتنى لكونى...
صمت (نوار)فعقدت (تارا)حاجبيها قائلة:
-لكونك ماذا؟!
كاد (نوار )ان يخبرها بأنه فارسها الذى ستتحد به لتصبح أقوى مايمكن، فتستطيع مواجهة (هيلانة)، ولكنه صمت فمازال الوقت مبكرا ليخبرها بهذا الأمر .. فمفاجآت اليوم كانت كثيرة ويصعب عليها إستيعابها، إلى جانب أنه أرادها ان تعتاد عليه او ربما تكن له بعض المشاعر كما يأمل قبل ان يخبرها بمفاجأته.. ليقول بهدوء:
-لكونى فارسك الذى سيكون إلى جوارك دائما فى مهمتك تلك.
نظرت إلى عينيه قائلة بخيبة أمل:
-ألهذا حولتك (سيلين)لعصفور؟لكي تكون فقط إلى جواري ؟
قال (نوار)بغموض:
-تحويلها إياي كعصفور كان عقابا لى لعدم طاعتها، وكذلك فرصة.
عقدت (تارا)حاجبيها قائلة:
-فرصة !
قال (نوار):
-نعم.. فرصة كي أدرك أنك تختلفين وتستحقين حقا مساعدتى.. فهكذا كانت التعويذة على ماأتذكرها.. العصفور يعود لطبيعته كإنسان بعد أن تحرره مليكته التى حرموها الملك والحنان .. ويدرك خطأه قبل فوات الأوان.
قالت بحيرة:
-إذا من أين نبدأ؟
قال (نوار)وهو يشير إلى طريق جانبي:
-من هناك سنسير بإتجاه مملكتنا لنصل إلى نهر الخيزران، وأنا أثق أن العظيمة (سيلين)ستكون معنا فى القريب العاجل.
قالت (تارا):
-قص علي المزيد.. أخبرنى عن تلك العظيمة (سيلين)، اخبرنى عن أمى الملكة (نشروان)، وعن مملكتى (أستيريا).. أخبرنى عن كل شيئ.
قال (نوار):
-على مهلك يامليكتى، فمازلت لم أعتاد الكلام بعد، فقد اعتدت طويلا على التغريد، ربما فى طريقنا أخبرك بكل ما تودين معرفته.
نهضت (تارا)تقول بحزم:
-إذا ماذا ننتظر؟هيا بنا.
نهض (نوار)يتبعها وعلى شفتيه إستقرت إبتسامة راضية.