قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية هدوء بعد العاصفة بقلم فاطمة حمدي و شيماء علي الفصل الخامس (صدفة)

رواية هدوء بعد العاصفة بقلم فاطمة حمدي و شيماء علي

رواية هدوء بعد العاصفة للكاتبتان فاطمة حمدي و شيماء علي

الفصل الخامس بعنوان: صدفة

اقترب "حسين " منها وقد اشتعلت عيناه بحدة عارمة، فيما يهتف محتدًا:
-ماحدش قالك إنك قليلة الأدب؟
اتسعت عينا ليلى وناظرته باستغراب فلأول مرة يحدثها بهذه الطريقة.. فتابع وقد أظلمت عيناه من شدة الغضب:
-الظاهر اننا دلعناكِ زيادة عن اللزوم، بس مش لدرجة تكلمي جدتك بالطريقة المقرفة دي. وأنا مش هسمحلك أبدا تتمادي في قلة أدبك أكتر من كدا.

كانت قد ترقرقت العبرات في عينيها، فهتفت بحزن:
-أنا مش قليلة الأدب، أنا متربية وأبويا هو اللي رباني قبل ما يموت.
-أبوكِ لو كان عايش كان قطم رقبتك بسبب اسلوبك الزفت.
ثم صمت قليلًا وتابع باهتياج:
-وقسما بالله إن ما إتعدلتي لتشوفي ايام سودة معايا يا ليلى، هو انتِ فاكرة اني مش هعرف أربي حتة عيلة زيك؟، إن كنت صابر عليكي فدا مش معناه إني هسمح لبنت اخويا تبقى بالأخلاق دي فاهمة؟ .

صرت على أسنانها في صمت، بينما تابع حسين بغضب:
-ايه حكاية الخناقة دي كمان اللي عملتيها قدام المدرسة؟!
شهقت نادية حينها وخبطت على صدرها قائلة:
-خناقة؟، خناقة ايه يا ليلى!.
-أنا ماعملتش خناقات، دا واحد كان بيعاكسني مش أكتر وجه حد معرفوش اتخانق معاه.

هكذا قالت ليلى باختناق.. فتابع عمها وحيد بجدية:
-المفروض لما حد يضايقك تجي تقوليلي وأنا أتصرف مفهوم؟.
لم ترد عليه وركضت إلى غُرفتها تبكي بصمت، بينما قالت نادية بعتاب:
-براحة عليها يا حسين مش كدا، بالهداوة يا أخي.
-اسكتي انتِ يا نادية من فضلك البنت محتاجة يتشد عليها يا إما هتضيع مننا.

ابتسمت الجدة "تحية" وقالت بهدوءٍ:
-بصراحة بقى يا نادية حسين معاه حق، رغم إني يعز عليا زعلها بس البنت لازم تتعامل بحزم شوية وأهو إنتِ من ناحية وحسين من ناحية وأنا مستعدة أخدها عندي كام يوم كدا تريح فيهم أعصابها.
رحبت نادية بالفكرة وقالت مؤيدة:
-والله ياريت، أنا هدخل أقولها يمكن توافق.

-شريف أنا آسفة.
هكذا قالت سهر التي جلست جوار زوجها الغاضب كعادتها لم يرضها غضبه منها وتأتي معتذرة له فحبها له بالأخير ينتصر على غيرتها المبالغ فيها.
بينما كشر شريف عن جبينه أكثر وأدار وجهه للناحية الأخرى دون أن يتحرر من صمته، فما كان منها إلا أن التصقت به أكثر وقالت بدلال:
-يعني هتفضل مخاصمني لحد امتى؟.
تنهد بصوت مسموع والتفت لها قائلًا بعتاب:
-لحد ما تثقي فيا شوية.

ابتسمت وقالت:
-والله يا شريف بثق فيك جدا بس من حبي ليك غصب عني بغيير وعموما يا سيدي حقك عليا.
بادلها الابتسامة كذلك وقال:
-بس توعديني تتحكمي في غيرتك شوية يا سهر، أنا بحبك وإنت عارفة كدا كويس.
-حاضر أوعدك..
قالتها وهي تقبل كتفه، فعانقها بحنو وأغلق عيناه مبتسما..

 

في اليوم التالي..

نبض قلبها وهي تراه يتنقل داخل الفصل وهو يقوم بشرح الدرس، لم تفهم ما يقول.. فقط كان كل تركيزها مع حركاته وعيناه.. واه من عينيه فهي تعشق النظر إليهما والغرق فيهما وتتمنى لو أن ينتشلها من عالم عمها ووالدتها إلى عالمه.. حتى وإن كان متزوج وفي عمر والدها..
أما هو فكان يشعر بها ويشعر بنظراتها وكان يمنحها ابتسامة من حين لآخر رغما عنه.. وكأنه يخضع أمام براءة عينيها الجميلتين..
ما إن انتهت الحصة الأخيرة.. خرج من الفصل وهو يحمل متعلقاته ونهضت تركض إليه بخطواتٍ سريعة.. نادت عليه:
-مستر شريف
التفت لها وقال باهتمام:
-أيوة يا ليلى.

-إزي حضرتك؟
ابتسم وقال:
-كويس الحمدلله.
توترت وهي تقول:
-النهاردة الدرس مش هيكون عندي.. ممكن ناخده عند علا؟.
سأل مستفسرًا:
-ليه؟
-لأن أنا قاعدة يومين كدا عند تيتة..
-أهااا ماشي مافيش مشكلة ناخده عند علا يا ليلى.
ختم جملته بابتسامة محببة إليها وتابع:
-يلا سلام أشوفك في الدرس.

سار ماشيا وتاركا إياها في دنيا أخرى لم تفق منها إلا على وغزة علا التي قالت بغيظ:
-فوقي يا ليلى بقى، فوقي لنفسك حرام كدا!
-في إيه يا علا؟
-فيه إنك مجنونة أوي وقلبك هيضيعك، دا المستر بتاعنا أوعي تنسي كدا أبدا!
زفرت ليلى بضيق وقالت:
-حاضر يا ستي، اسكتي بقى.
تنهدت علا وقالت بمرح:
-سكت اها.. ايه رأيك تيجي معايا البيت تسلمي على ماما ونقعد نذاكر شوية لمعاد الدرس؟

ليلى بتردد:
-بس أنا مقلتش لتيتة، كدا هي هتقلق.
-بسيطة اتصلي بيها وعرفيها يا ستي.
هزت رأسها موافقة وأجرت الاتصال على جدتها وأخبرتها بذلك.. ثم سارت بصحبة علا إلى بيتها..
وهناك رحبت والدة علا بها ترحيبا حارا وسعدت لوجودها.
ابتسمت الأم قائلة:
-نورتينا يا حبيبتي.
فقالت ليلى بخجل:
-شكرا يا طنط دا نورك.

أردفت علا بمشاكسة:
-ماما أنا جعانة أوووي.
ضحكت الأم وقالت:
-حظك حلو أنتِ وليلى، من شوية الست سعاد جارتنا نزلتلي رز بلبن وقالتلي أنا عارفة إن علا بتحبه.
علا بفرحة:
-واو.. الست دي حبيبتي حبيبتي، ما تيجي نسلم عليها يا لولو دي بتحبك موووت.

ليلى بابتسامة:
-وانا والله بحبها أوي هي شبه تيتة تحية أوي.
فقالت علا:
-طب يا ماما هنطلع نسلم عليها يمكن نلاقي عندها بسبوسة وتدينا حتة نحلي بيها بعد الرز بلبن.
ضحكت ليلى بشدة:
-والله إنتِ طفسة أصلا.

صعدت علا بصحبتها إلى الأعلى حيث شقة السيدة سعاد، طرقت علا الباب وهي تبتسم ملئ شدقيها، وانتظرتا للحظاتٍ، لم يُفتح الباب طرقته ثانياً... فقالت ليلى وهي تمط شفتيها:
-شكلها مش جوه.
تنهدت علا وقالت:
-شكلها كدا.
كادت تمشي لكنها توقفت وقالت بقلق:
-ليكون جرالها حاجة يا ليلى دي ست كبيرة وعايشة لوحدها.

شهقت ليلى وقالت:
-تصدقي ممكن!، طب خبطي كدا تاني ربنا يستر.
ظلت تطرق علا على الباب بقلق وهي تهتف بهدوءٍ:
-طنط سعاد، طنط سعاد!.
شاركتها ليلى في الطرقات وقد شكل الوهم لهما أن السيدة العجوز قد أصابها مكروه بالتأكيد..
أما بالداخل فقد نهض فارس عن الفراش منزعجا بشدة وأسرع إلى الباب وهو يهتف بغضب عارم:
-مين البهايم اللي بتخبط كداااااا!

فتح الباب بعنف دون مقدمات.. فشهقتا الاثنتان وابتعدتا للخلف في خوف...
فكان يرتدي بنطالا فقط ولا شيء سواه، وشعره مُشعث جراء نومه العميق.. لكن ملامحه حادة صارمة للغاية..
هتف بصوتٍ جهوري:
-انتوا مين وازاي تخبطوا بالطريقة دي، إيه مافيش احساس خالص!
رمشت ليلى بعينيها واقترب من أذن علا تهمس بخوف:
-مش دا...

قاطعتها علا باستغراب:
-أيوة هو، دا بيعمل إيه هنا دا!
هز فارس رأسه بتهكم وقد تذكر أنها هي تلك الفتاة التي تشاجرت مع أحدهم أمام مدرستها، فتابع محتدًا:
-ما تنطقوا عاوزين إيه؟.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة