قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية هدوء بعد العاصفة بقلم فاطمة حمدي و شيماء علي الفصل السادس (عطره)

رواية هدوء بعد العاصفة بقلم فاطمة حمدي و شيماء علي

رواية هدوء بعد العاصفة للكاتبتان فاطمة حمدي و شيماء علي

الفصل السادس بعنوان: عطره

تجمد الإثنتان في مكانهما ولم تنطق إحداهما بكلمة،بينما هو كرر حديثه الحاد:-
-اتخرستوا ولا ايه ؟! ماتردوا !..
ابتلعت "علا " ريقها بهدوء قائلة:-
-اا أحنا كنا جاايين نشوف آآ..
لم تتم جملتها وسمعت صوت جسد يهوى أرضا فنظرت بجوارها لتجد رفيقتها ملقاةملقاه على الأرض أسفل قدميها شهقت بهلع وهي تجثو على ركبتيها سريعا:-
-ليلى،ليلى فوقي مالك !..
اما هو كان يقف بذهول وصدمة يتابعهما،حاولت "علا " ايفاقتها بشتى الطرق ولم تنجح فتفاجأت بذاك الذي ينحني ويحمل رفيقتها على يديه بخفه ويتجه بها نحو الداخل !...

كان يحملها بهدوء وحذر يتناقض مع موقفه من قبل، حيث كانت رأسها تستكين على صدره العاري بأولفة غير عادية !..

وضعها على الأريكة المتهالكة بحذر ثم اعتدل في وقفته وولج لغرفته سريعا ليجلب عطره الخاص ثم عاد ليجد"علا "تجلس بجوارها تصفعها على وجهها بخفه لعلها تستجيب معها وهي تردد بدرامية أنثوية مملة:-
-ليلى حبيبتي ! انتي سمعاني فوقي ياحبيبتي ياليلى ردي علياا، ليلى!...

زفر الهواء بضيق ثم صاح بها بغيظ:-
-ايه اللي بتعمليه ده ! ده على أساس انها هي سمعاكي مثلا وهتفوق !..

نظرت له بحرج وصمتت نهائيا فدنا قائلا بخشونه:-
-وبعدين أبعدي كده خليني أفوقها !..
نهضت من جوارها على مضض لتبرح له المكان وجلست في نهاية الأريكة عند قدمي رفيقتها فاقترب هو وانحنى بحسده بعدما نثر قطرات عطره على كفه ليمرره أسفل أنفها لتستنشقه بعد ثوان عديدة رأها تحرك رأسها يمينا ويسارا بتشنج فأبتعد عنها بتننهيدة:-
-اهي بتفوق أهي
تنهدت "علا " بأريحية:-
الحمد الله !..

وضع زجاجه العطر جانبا ثم سألها بغموض:-
-هي بيحصلها كده على طول ؟!.
أجابته وهي ترفع كتفها للاعلى:-
-ساعات،يعني مش دايما غير لما تزعل او تتخض مثلا !..
رفع حاجبيه بإستنكار:-
-تتخض ! وهي شافت ايه دلوقتي خضها ولا خوفها !...

رمقته بحرج ثم أشاحت بصرها عنه سريعا لتجد رفيقتها فتحت جفونها وتستعيد وعيها بالكامل دنت منها بلهفة:-
-ليلى أنتي كويسة !
أومأت برأسها إيجابا دون أن تتفوه بكلمة ثم اعتدلت بإرهاق جلي على ملامحها تتسأل:-
-هو ااا حصل ايه ؟!...
أجابتها "علا ":-
-مفيش حاجه ياحبيبتي،أنتي بس اغمى عليكي ودخلناكي هنا !؟..

نظرت حولها سريعا فوقع بصرها عليه يقف كما هو امامهما عاري الصدر اكتسى وجهها خجلا وأشاحت بصرها سريعا عنه تحتمي خلف ظهر رفيقتها !
فهتف بجمود ساخر:
-أيه شكلي بيخض اووي كده !
نظرت له "علا " ورفعت عيناها قليلا لتشير إلى صدره العالي بخجل، فأدرك للتو انه لم يرتد شئ فأنشغاله بتلك أنساه شئ كهذا ! دلف غرفته ثانيا وسحب قميصه الملقى على الأرض بعشوائية وارتداه وسار يغلق ازراره وبينما هو يخرج من باب غرفته .ولجت الجدة من باب الشقة المفتوح وهي تحمل أكياس الخضروات التي أبتعتهم للتو لتتفاجأ بهذا المشهد أمامها قطبت مابين حاجبيها بذهول ووضعت الأكياس جانبا وسارت تتسأل:-
-ايه ده ؟! اللي بيحصل هنا بالظبط !..

هتفت بذلك وهي تشير بعينيها نحوهما وبينه وقفت الفتاتان سريعا فأردفت الجدة بحدة:-
-بتعملي ايه ياعلا انتي وليلى هنا وانا مش موجودة !..
ثم نظرت نحو حفيدها قائلة:-
-انت تعرفهم ولا ايه يافارس !
هتفت ليلى وعلا في أن واحد:-
-لالا أحنا مانعرفهوش !

فأكملت "علا " بإندفاع:-
-احنا كنا طالعين نطمن عليكي فهو اللي طلع قدامنا فجاءة زي العفريت !
ثم سردت لها ماحدث مع رفيقتها بالضبط وبعدما انتهت:-
-بس هو ده اللي حصل ياطنط سعاد !..تنهدت الجدة بإطمئنان ثم دنت من ليلى تتفحصها:-
-وانتي ياليلى بقيتي كويسه دلوقتي ياحبيبتي !
اومأت برأسها إيجابا عدة مرات فهتفت "علا" وهي تمسك ذراعها:-
-مش يالا بقا ياليلى ننزل لأحسن أتأخرنا علي الدرس ااووي !

ثم نظرت للجدة سعاد بإبتسامة مصطنعة:-
-سلام بقا ياطنط سعاد !
ثم جذبت رفيقتها من يدها وقبل ان تذهب بها وقفت "ليلى " قليلا جواره وطالعته مطولا ثم همست بصوت يكاد يسمعه:-
-متشكره اووووي !
و أختفت من امامه سريعا كسرعة البرق،فطالع طيفها بإستغراب ومالبث أن ابتسم ابتسامة زينت وجهه ولأول مرة !...

-على الدرج ...

هتفت "ليلى " بضيق:-
-بجد كان شكلنا وحش وبايخ اووي ...
"علا " وهي تؤيد حديثها:-
-اووووي ...

اغلقت "الجدة " الباب خلفهما وعادت تقف امامه وهي تطالعه بلؤم فهز راسه بعدم فهم ليستفهم نظراتها:
-ايه في ايه ! اظن البنت حكتلك على كل حاجه يعني براءة أنا كده !
قال هذه الجملة وهو يرفع ذراعيه للاعلى .فابتسمت العجوز بخبث:-
-ايه معجبتكش واحدة منهم اخطبهالك !..
طالعها بإستنكار:-
-تخطبهالي ! .

اومأت برأسها إيجابا:-
-وفيها أيه يافارس مش ناوي تفرحني بيك وبولادك بقا !.
فارس بنزق:-
-وهو ماينفعش تفرحي بيا من غير جواز !..وبعدين مقولتليش انتي تعرفيهم منين البنات دول؟..
ابتسمت قائلة:-
-هتفضل زي ما انت تحب تتهرب من المواضيع عموما ياسيدي واحدة فيهم بنت جارتي والتانية زميلتها وعلي طول بيشقروا عليا ويشوفوني لو محتاجه حاجه ..
ثم تابعت بلهجة خبيثه:-
-فيهم الخير والله بنات محترمه واللي زيهم مبقوش موجودين خلاص !
تجهمت ملامحه ساخرا:-
-محترمين اووي اووي يعني !...

انتهزت فرصة ذهاب زوجها إلي عمله وغياب إبنتها عن المنزل لكي تتخلص من شكوكهاا !..

فجلست علي حافة المغطس ممسكه بإختبار الحمل الذي أبتاعته منذ قليل،فكانت جالسه بترقب وتوتر شديد وهي تمني نفسها أن ظنونها خاطئة وأن ماتعتقده سراااب !..
وبعد دقائق معدودة كانت النتيجة تضئ أمامها لتثبت لها حقيقة واقعية عليها ان تتقبلها وتحارب من أجلها وماهي ألا نطفة تنمو في رحمها !

تسارعت انفاسها بقوة ووضعت يدها علي فمها تكتم شهققاتها التي تعلو تدريجيا ثم أبعدت يدها هاتفه بهلع:-
-يانهار أسود ! ده ليلى لو عرفت مش هتسكت أبدا !...

عادت من منزل رفيقتها إلي منزل جدتها التي تمكث فيه بعد إنتهاء الدرس فكانت مرهقة للغاية بالكاد تتحايل علي نفسها لتبدل ثيابها بأخري وحينما شرعت في ذلك وصلت أنفها رأئحة قوية قطبت مابين حاجبيها بتعجب فقربت أنفها من ثيابها ليغزوها عطر رجالي مميز فرأئحته مازالت معلقه بها !

ابتسمت رغما عنها قائلة:-
-رغم أنه رخم ودبش بس ده مايمنعش ان ريحته تجنن!.

 

بعد مرور يومان ..

جلست امامه تفرك يديها بتوتر تبتسم من حين لأخر وهي تراقب عقارب الساعة بحذر بينما هو يجلس في الجهة المقابله يطالعها بخزي فلم يتوقع ان تكون مقابلتها له هكذا هو ايضا لم يضع في حسبانه مقابله أفضل من هذه ولكنه كان يمني نفسه فلعل وعسي يحدث ماتمناه !..
واخيرا تنهد بصوت مسموع قبل أن يهتف بعمق:-
-تحبي أقوم أمشي ؟!..

تحدثت علي عجالة وبإبتسامة مصطنعة:-
-تمشي ايه ياحبيبي انت مش ااا ناوي تتغدا معانا ولا ايه !
أبتسم بتهكم واضح:-
-لو متأكد اني وجودي هيبقي مرغوب فيه علي الغدا صدقيني ماكنتش هرفض أبدا بالعكس !..
كادت أن تتحدث ولكنه قاطعها بجمود:-
-خايفه يرجع يلاقيني هنا عشان كده عينك ماتشالتش من علي الساعه مش كده ؟!

ابتلعت ريقها بصعوبة وقالت بمرارة:-
-خايفه عليك يابني ده شراني وممكن اااااا..
هدر بها بعنف:
-انتي عارفة أني أقدر أدفنه تحت رجلي لكن انتي اللي منعاني ! انتي ليه عملتي في نفسك كده لييه؟!.
اجابته والدته "سهير " بقوة:-
-كنت عاوزني اعمل ايه ابوك رماني ورماك وراح اتجوز عايزني اقعد حاطه ايدي علي خدي مستنياه !..
طالعها مطولا قائل:-
كان عندك سبب تفضلي عشانه،أناااا ...

نكست رأسها بخزي ولم تجيبه .فتنهد بصوت مسموع قبل أن يردف بجدية:-.
-تحبي تتطلقي منه !..
رفعت رأسها بصدمة:-
-أطلق !.
ثم تابعت بتقطع:-
-طب وولادي اااا يعيشوا من غير اااب وابوهم عايش انا مستحمله عشانهم فالاول والاخر دول ملهمش ذنب !.
وعند هذه النقطة سقطت من نظرة وربما للأبد فنظر لها نظرة ذات مغزي قبل ان يهز رأسه بأيجاب وبثبات قال:-
-عندك حق هما ملهمش ذنب !

ثم نهض من الأريكة سريعا وأخرج ظرف والقاه علي الطاول وارتدي سترته علي عجاله:-
-لو عوزتي حاجه ابقي كلميني،معاكي الكارت بتاعي،سلام ...
لم يمهلها فرصة ثانيا وغادر منزلهااا علي الفور لتهوي بجسدها علي الأريكة بألم فمددت يدها لتلتقط الظرف ثم فتحته لتجده تارك لها اموال كثيرة اغمضت عيناها وهي تغلق الظرف فأقبل عليها ابنها الاصغر:-
-يامه ! هو مين البيه اللي كان هنا ده ؟!
وضعت يدها علي رأسه قائلة بحزن:-
-ده اخوك ياعمر ااخوك !...

ردد الكلمة خلفها بتعجب:-
-اخويا !..
اومأت برأسها إيجابا فعاد يسأل متعجبا وهو يشير بعينيه:-
-وهو اللي ساب الفلوس دي كلها ؟!...
وضعت الظرف جانبا ثم اجلسته بجوارها قائلة بحذر:-
-عمر اوعي ياحبيبي تقول لابوك علي الفلوس دي ولا انك شوفت حد هنا ماشي ياحبببي !...
أومأ الصغير برأسه إيجابا لتأخذه بين أحضانها ...

ولج لغرفتهما ليجد زوجته نائمة على الفراش بشرود كما أنها لم تنتبه لدخول قطب مابين حاجبيه بتعجب وهو يسير نحوها ثم جلس بجوارها علي الفرأش وربت علي ذراعها برفق:-
-نادية !
أفاقت من شرودها علي صوته فقالت بإرهاق:-
-حسين ! انت جيت حمد الله علي السلامة ..
طالعها بتعجب:-
-الله يسلمك ! مالك كده سرحانه ومش هنا ؟!..

أبتلعت ريقها بهدوء وتبسمت:-
-ابدا بس بفكر في ليلى وحشتني ! ..
تنهد بصوت مسموع وأشتياق من صميم:-
-تصدقي أنها وحشاني أنا كمان البيت من غيرها مفيهوش روح، انا بكره هخلي ماما تبعتها !...
اومأت برأسها إيجابا وشرعت ان تهبط من الفراش:-
-انا هقوم اجهزلك الغدا !...
امسك بيدها وهز رأسه نافيا:-
-لا يانادية ملهوش لزوم ماتتعبش نفسك انا مليش نفسك !..

عقدت حاجبيها بتعجب وقالت:-
-ملكش نفس ازاي !ده انت علي لحم بطنك من امبارح حته الصبح مفطرتش ...
فضيقت عيناها:-
-حسين انت في حاجه مضايقاك ومش قايلي !
نهض من الفرأش بصمت وخلع سترته وسط نظراتها فنهضت خلفه قائلة بقلق:-
-لا ده انت كده قلقتني اووي، في ايه ياحسين من امتا وانت بتخبي عليا حاجه ؟!..

التفت إليها بحزن عميق ومالبث ان قال بإنكسار:-
-عرفت ان أبني في مصر ! تخيلي بقاله اكتر من شهر في مصر ومسألش علي أبوه !..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة