قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية هدوء بعد العاصفة بقلم فاطمة حمدي و شيماء علي الفصل الثالث عشر (افتراء)

رواية هدوء بعد العاصفة بقلم فاطمة حمدي و شيماء علي

رواية هدوء بعد العاصفة للكاتبتان فاطمة حمدي و شيماء علي

الفصل الثالث عشر بعنوان: افتراء

تفاجأت بوجوده في منزلهم، ما الذي أتى به هذا السمج إلى هنا؟، أصبحت تبعضه كما تبغض والده وما أثقل وجودهما في حياتها، تأففت وولجت إلى الشقة دون أن تعريه أي اهتمام، أقبلت عليها "نادية" وهي تقول مبتسمة ؛
-حمدالله على السلامة يا حبيبتي، فارس إبن عمك هيتغدى معانا النهاردة.
رمقته باشمئزاز وقالت بجراءة:
-وأنا مالي، وجوده بالنسبة لي زي عدمه، أنا داخلة أوضتي.

كز "فارس " على أسنانه بغيظٍ شديد ومضى يرمقها بتوعد، بينما هبّ حسين واقفًا وقال محتدما:
-عيب عليكِ يا ليلى، مأتخلنيش أتصرف تصرف ميعجبكيش ويزعلك مني، وكفاية أوي اللي عملتيه لحد دلوقتي ولا أنتِ مش واخدة بالك إنك كنتِ هتعملي كارثة كبيرة أوي؟
-حسين! مش وقته.
تحدثت نادية بتوتر، فقال هو بصيغة آمرة:
-اسكتِ يا نادية.
بينما يتابع:
-أنتِ كنتِ هتبقى السبب في إن أمك تجهض نفسها وتموت إبني اللي أنتِ رافضة وجوده في الحياة، ليه بقى جواكِ حقد كبير بالشكل دا؟

نظرت إلى والدتها بصدمة وهي تقول:
-أنا مقولتش لها تجهض، أنا مالي!
-ما أنت السبب، عمالة تسمميها بالكلام ليل ونهار وهي عاوزة ترضيكِ بأي طريقة ماتعرفش إن مافيش حاجة هترضيكي ابدا!
ليلى وقد عصف بها الغضب واغرورقت عيناها بالعبرات:
-اللي يرضيني إنك تخرج من حياتي.. اللي يرضيني إنك ماتخدش مكان أبويا، فاهم!
اقترب منها ينوي صفعها لكن وجد من يمسك يده ليمنعه، فقد كان "فارس" الذي حرك رأسه نافياً وهو يقول:
-بلاش.

استغرب حسين من رد فعله وكذلك ليلى التي نظرت له بعدائية رغم دهشتها من موقفه، بينما يقول فارس محاولا استفزازها بطريقته:
-دي حلها الوحيد هو التجاهل، تجاهلها أحسن ما تمد إيدك عليها!
غليت الدماء بعروقها وأردفت بعنف:
-أنت مالك أصلا بتتكلم ليه وبتدخل ليه!
وقبل أن يرد عليها اصطحبتها نادية معها إلى الغرفة كي لا تتطور الأمور أكثر من ذلك..
بينما قال فارس بضجر:
-أنا لازم أمشي دلوقتي عشان عندي شغل.

أردف حسين:
-مش هتتغدى معانا زي ما اتفقنا؟.
-لا معلش أنا عندي شغل مستعجل.
ابتسم حسين وقال:
-ماشي يا حبيبي، بس اعمل حسابك هتتعوض يعني هتتعوض تمام؟
ابتسم فارس برسمية وقال قبل أن يبرح المنزل:
-تمام.
أغلق حسين الباب وعاد يجلس في همِ وهو يفكر جيدًا يحاول ايجاد حلا في أمر ليلى، وكيف يجعلها تتقبل وجوده في حياتها؟!

يأست نادية في تهدئة ابنتها ليلى فتركتها وهي تدعو لها بالهداية، وخرجت إلى صالة المنزل حيث يجلس حسين، جاورته في جلسته وهي تقول برفق:
-حقك عليا يا حسين ماتزعلش من ليلى عشان خاطري.
نظر لها بصمت وتنهد بامتداد، فقالت متسائلة:
-ساكت ليه؟
-زهقت يا نادية، مش عارفة اخرتها ايه، ليلى زودتها اووي.
نادية بتحيّر:
-مش عارفة اعمل ايه يا حسين، نفسي اشوفها زي زمان، ليلى الحبوبة الحنونة، انت عارف؟

ابتلعت غصة مريرة بحلقها وتابعت بحزن:
-ساعات بحس إن ليلى بنتي ماتت مع أبوها، وإن دي واحدة غريبة أنا معرفهاش!، انا عارفة ان الشعور دا قاسي اووي يا حسين بس بجد انا بحس ان دي واحدة تانية غير ليلى.. ليلى اللي مكنش فيه في طيبة قلبها!
ربت حسين عليها في مواساة قائلًا:
-ربنا يهديها ويهدي قلبها يا نادية.
-ياااارب.
فابتسم مشاكسًا:
-وبعدين بقى فكي كدا, ماتضيعش اللحظة الحلوة اللي اتصالحنا فيها في الحزن!

بادلته الابتسامة كذلك وقالت بهدوءٍ:
-ماكنتش أعرف ان فارس بالجدعنة دي، يعني لولا هو انت ماكنتش هتسامحني ابدا صح؟
ضحك قائلًا:
-بصراحة صح!
-كدا يا حسين!
-أنتِ نسيتي الكارثة اللي كنتِ هتعمليها يا نادية!
-خلاص خلاص خلينا ننسى.
-أنا بقول كدا برضوه!.

 

في اليوم الموالي..

تفاجئ "حسين" أثناء اليوم الدراسي باستدعاء من قبل مديرة المدرسة، فذهب إليها في ثبات وفضول، فاجئته المديرة بقولها:
-أهلا يا أستاذ حسين، في مشكلة هنا تخصك!
بينما يتفاجئ بعاصفة أخرى، حيث هبت سيدة ما كانت جالسة على المقعد بغضب جم وهي تهتف به:
-أنت بقى أستاذ حسين، أستاذ ولا...!
توسعت عيناه بصدمة وهو يهتف بالمقابل:
-احترمي نفسك يا ست انتِ، انتِ مين أصلا!

تدخلت المديرة في الحوار قائلة:
-ممكن تهدي يا فندم من فضلك، ادينا فرصة نسمع الموضوع من أستاذ حسين وأنا بؤكد لك ان دا مدرس محترم والكل بيشهد له بكدا ففضلا اهدي شوية!
بينما يهتف حسين محتدًا:
-أنا مش فاهم أي حاجة هو في إيه بالظبط!
تكلمت المديرة في ايجاز:
-المدام بتقول إنك طردت بنتها الطالبة نانسي من الدرس و...

سارع حسين بالرد:
-أيوة طردتها من الدرس عشان البنت مش بتيجي الدرس وعرفت من زمايلها انها بتاخد الفلوس ليها ومامتها اللي بتزعقلي دلوقتي مش دريانة بحاجة!
-كذاب!
هكذا هتفت السيدة وهي تشير له بسبابتها بينما تواصل:
-كل دا عشان تداري على اللي بتعمله وتنكر انك حاولت تتعدى عليها، أنا هوديك في ستين داهية..
وواصلت بإصرار:
-أنا مش هسيبك ويا أنا يا أنت!

انصرفت السيدة يعد عدة تهديدات وقالت المديرة زافرة:
-يا أستاذ حسين أنا فعلا مستغربة جدا من اللي حصل وأنا بشهد لك انك انضف مدرس في المدرسة دي حقيقي.
لم يتكلم حسين في هذا الوقت، حيث لجمته الصدمة، أنه يعمل منذ سنوات عديدة معلم ولم يحدث معه مثلما حدث الآن، هذا الأمر مؤكداً أنه مدبر.. ولكن مِن مَن؟

حيّره هذا السؤال طوال طريقه إلى البيت، إلى أن وصل وولج بلا أي حديث، أصابت نادية الدهشة ومضت تسأله بقلق:
-حسين، مالك في إيه؟
-مافيش حاجة يا نادية..
عادت تتحدث باستغراب:
-إزاي مافيش حاجة وأنت مهموم كدا!
-أرجوكِ يا نادية سبيني دلوقتي أنا مش قادر أتكلم..
صمتت وهي تومئ برأسها في طاعة وربتت على كتفه برفقٍ، بينما تنهد حسين بهم وهو يحدق في الفراغ..

 

احتضنها ما إن ولج من الباب بشوق وهي كذلك، بينما تقول بعتاب:
-بقى كدا يا فارس تسيبني أبات لوحدي 3 أيام بحالهم!
ابتسم لها بحنو وقال:
-حقك عليا والله كنت مشغول أوي.
قبلته بحب وقالت:
-ربنا يعينك يا حبيب ستك.
توترت قليلًا وهي تنظر خلفها ثم تعود وتنظر له، فقال هو بجدية:
-في إيه؟

أخبرته بخفوت:
-أمك قاعدة جوا، بالله عليك يا فارس متكسرش بخاطرها دي جاية مضروبة من الندل جوزها.
تصلبت ملامحه ما إن علم بوجودها وكشر عن جبينه، بينما وجدها تهرول إليه باكية والكدمات الزرقاء ظاهرة بوضوح على وجهها، صُعق من مظهرها وتوسعت عيناه قليلًا، ارتمت بين أحضانه مستنجدة به، بينما تقول:
-فارس إبني.
فأبعدها برفقٍ مع قوله القاسي:
-دلوقتي بس افتكرتي إن ابنك؟ ومش هو دا الراجل اللي رمتيني عشانه؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة