قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية هدوء بعد العاصفة بقلم فاطمة حمدي و شيماء علي الفصل الرابع عشر (اعتراف)

رواية هدوء بعد العاصفة بقلم فاطمة حمدي و شيماء علي

رواية هدوء بعد العاصفة للكاتبتان فاطمة حمدي و شيماء علي

الفصل الرابع عشر بعنوان: اعتراف

جلس أمام ورشته لتصليح السيارات وهو يتممتم بضيق:-
-استغفر الله العظيم مال الحال واقف كده بقاله يوميين !...
مسح علي شعره المجعد بيده المتسخة ثم دس يده في جيب بنطاله يخرج لفائف تبغه قبل أن تتسع عيناه بصدمة وهو يري ذاك الذي يتقدم نحوه بغضب جم ليلكمه في وجهه ويسقط من مقعده ثم أخذ "فارس " يسدد له اللكمات والركلات في أجزاء متفرقة من جسده ! فأخذ الأخير يصيح بقوة مما جعل الناس تتجمهر حول فارس في محاولة لمنعه وإبعاده ! إنتشل "فارس " نفسه من بينهم وتقدم مذ ذاك المسجي ارضاا والدماء تنفجر من فمه وصاح به بغضب محذرا إيااه:-
-أقسم بالله لو أيدك أتمددت علي أمي تاني ياحقير ماهخليك تعيش ثانية !.
واختتم حديثه بركلة أسفل أحشائه جعلت الأخير يتلوي من الإلم ومن ثم بصق عليه ورحل يزيح من يقابله في وجهه !..

وحينما أستقل سيارته وتحرك بها لمح سيارة شرطة تقتحم المكان وأفرادها تتجه نحو ورشة ذاك الحقير،اصطف سيارته جانبا ثم أخذ يتابع مايحدث من خلف زجاج سيارته بإهتمام ! ...

جلس في غرفته منعزل عن الجميع يفكر في تلك الورطة التي حلت علي رأسه، فدلفت نادية حامله صنية الطعام ثم جلست علي الفرأش بعدما وضعت الطعام علي الكومود،وتنهدت:-
-وبعدين ياحسين هتفضل حابس نفسك كده كتيير ومش ناوي حتي تأكلك لقمه !..
زفر "حسين " بثقل محمل بالهموم:-
-ومين ليه نفس يأكل يانادية في الظروف دي ؟..
-ياحبيبي أزمة وهتعدي والله وإن شاء الله براءتك هتظهر !..
أبتسم ساخرا:-
-براءتي !بقا انا علي أخر الزمن يتهموني في حاجة زي دي وابقا قاعد مستني براءتي ! ..

ثم تابع:-
-ده انا طول عمري حاطط بنات الناس في عنيا وبعتبرهم بناتي معقول يفكروا فيا إن ممكن أيدي تتمد علي واحده فيهم بالسوء في يوم !..
نادية بإشفاق:-
-انا عارفة ياحسين ومتأكده إن عمرك ماتعمل حاجة زي دي! ومتاكدة ان البنت دي كدابة والحقيقة هتبان ! ...
ثم تبسمت وتناولت بعض اللقيمات ومدت يدها له:-
-طب عشان خاطري ممكن تاكل دي وماتكسفش ايدي !..
لاحت علي ثعره نصف إبتسامة ثم أومأ برأسه إيجابا:-
-حاضر !..
تناول الطععام من يدها ولكن بدون شهية فتناوله فقط من أجلها! فتسأل بإهتمام بعدما أبتلع الطعام:-
-هي ليلي فين ؟ راحت المدرسة ؟!..

طرقت علي باب غرفتها بعدما حاولت فتحه ولكن كان موصد جيدا بواسطة المفتاح مما أثأر اندهاشها ! وبعد برهة فتحت لها "ليلى " الباب لتدلف متساله بإستغراب:-
-ايه ياليلى ! من امتا وأنتي بتقفلي الباب بالمفتاح يعني ؟!
ابتعدت عنها بتوتر تعبث بشئ ما:-
-لا ابدا مفيش حاجة كنت نايمة!..
تنهدت" نادية " ومن ثم عقدت ذراعيها أمام صدرها:-
-ماروحتيش مدرستك ليه ؟!.

نبرة تهكمية صدرت منها قبل أن يتبعها قولها:-
-هو أنا بقا ليا عيين ارووح المدرسة بعد عملة جوزك دي !...
اتسعت عيناها بشدة وفلتت ساعديها:-
-أنتي مصدقة الكلام اللي اتقال علي حسيين ده ياليلي !معقول ما أنتي عارفة حسين وعارفة أخلاق البنت برضه اللي أتبلت عليه! ...
رفعت كتفيها لﻹعلي ومطت شفتيها للإمام قائلة:-
-وليه لا ؟! وحتي لو الكل عارف أخلاق البنت دي فده برضه ماينفيش عن جوزك التهمة !..
ثم رمقتها بنظرة ذات مغزي:-
-ماهو مش ملاك برضه !.

مازالت الصدمة تعتلي وجهها فوزعت نظرها بينها وبين الباب وقالت بإنفعال:-
-عشان كده قافلة علي نفسك بالمفتاح ! خايفه من حسين ؟! حسيين اللي مربيكي ؟! ...
أشاحت "ليلي " بوجهها بعييدا من نظرات والدتها ومن ثم أبعدت خصلاتها عن وجهها !..
نادية وهي تهز رأسها بعدم تصديق:-
-مش معقول ! بجد مش معقول ! ربنا يهديكي يابنتي !.
ومن ثم رحلت وأغلقت الباب من خلفها بقوة !.

ما أن خطي بقدميه للداخل أقبلت عليه والدته وجدته بتلهف فبادرت جدته بالتساؤل:-
-ايه يافارس عملت ايه ؟!.
فتحدثت والدته بحذر:-
-اوعي تكون مديت أيدك عليه ؟!...
لم يعيرها إنتباه ومر من جوارها مرور الكرام بعدما القي نظرة ذات مغزي عليها فسارت خلفه بهلع:-
-طب ااا طب هو فيييين ؟!...
التوي فمه بتهكم ساخر ثم جلس علي الأريكة وفك ازرار سترته قائل:-
-في القسم !..
هي بصدمة:-
-ق قسم ليييه ؟!..

مال بجسده لإمام وثبت نظره عليها دون أن يرمش وبجمود:-
-ده علي أساس إنك مش عارفة إن جوزك بيتاجر في السم اللي بيشربه ؟!..
شحب لونها بشدة ثم أبتلعت ريقها بتوتر:-
- اااا انا اااا...
ضرب بكفه الطاولة امامه وصاح بغضب:-
-أنتي أيه؟! بتعملي في نفسك كده ليه أنا عاوزة أعرف؟!؟..

نكست رأسها بخزي ثم تساقطت دموعها واحدة تلو الأخري، فضيق عيناه واردف بضييق وهو يشير بيده:-
-عشان خاطر ولادك ! وهو ده أب ليهم ؟! ده ينفع يتقاله أب ؟! تاجر مخدرات ورد سجون حاجة تشرف مش كده ؟!..
لم تجيبة وظلت تبكي بقوة فأقتربت منها والدتها تحاول تهديئتها ! مسح هو علي خصلاته ثم أنتصب في وقفته ودنا منها يرفع رأسها بسبابته فتنهد بصوت مسموع قبل أن يهتف بجدية:-
-لأخر مرة هقولهالك عاوزة تتطلقي منه من بكره هطلقك !..

ثم نظر نحو الصغار جانبا وتابع:-
-وولادك أنا هتكفل بيهم ! وبيتي مفتوح ليكم !..
فأنكمشت ملامحه وهو يعرض عليها خيار أخر ولكن بجمود:
--اما بقا لو عاوزة ترجعيله ! أرجعيله بس ساعتها ماتلوميشش غير نفسك !...
رمقته بصمت ولم تعقب فتناول متعلقاته ورحل تاركها بين خيارين لا ثالث لهما !...

لم تتحسن حالة زوجها النفسية مطلقا ففكرت اللجوء إليه لعله يستطيع إخراج والده ومساعدته في تلك المعضلة ! فلم تتمهل وقامت بمهاتفته علي الفور !..

-وفي إحدي مقاهي وسط البلد !..

جلس برفقة إبيه فتنهد قبل أن يبتسم ويهتف:-
-إدينا بعيييد عن البيت اهو ! مش ناوي تقولي مالك ؟!..
رفع "حسين" عيناه من الأرض بخزي وصمت فتابع "فارس " بحذر:-
-هي كلمتني ومحكتليش حاجة كل اللي قالته انك واقع في مشكلة ومحتاجني جمبك !..
حسين وقد خرجت منه تنهيدة مثقلة:-
-هحكيلك يابني ! ...

تهيأ "فارس" لسماع أبيه، اما "حسين " كان في وضع لايحسد عليه لم يتمني أن تهتز صورته أمام إبنه الوحيد حتي لو كذبا وافتراء !..
دقائق معدودة ثم سرد ماحدث علي مسامع إبنه ! اصطدم الأخر في البداية ثم هتف علي الفور بعد إنتهائه:-
-والبت دي اللي يخليها تقول كده وتتبلي عليك ؟!
حسين وقد هز رأسه بنفي:-
-مش عارف يابني،وده اللي مجنني ! انا طول عمري حاطط حدود مع طالبالتي وربنا يعلم انهم زي بناتي وأكتر !..
فارس بضييق:-
-اكيد البت دي حد وزها علييك !..

حسين وقد قطب مابين حاجبيه بتعجب:-
-حد ! حد مين ! ده انا مليش اعداء في المدرسة وكل اللي هناك علاقتي كويسه معاهم لا مظنش !..
صمت "فارس " وقد شرد في أمر ما ثم هز راسه بنفي قاطع رافضا تلك الشكوك التي تحوم في رأسه !
ثم تابع "حسين" بمنطقية:-
-ويمكن البنت خافت لاحسن اقول لوالدتها بجد فقامت عملت الفيلم ده ؟! ...
فارس بتنهيدة:-
-ده أحتمال برضه وارد !..

ثم اكمل بجدية وهو ينظر امامه بغموض:-
-عالعموم أنا هعرف مين اللي ورا البنت دي وايه اللي خلاها تعمل كده !..
حسين بتسأل:-
-ناوي تعمل أيه ؟!
ابتسم الأخر ثم تناول لفافة تبغه وقال بطمأنينة وهو يربت علي كفه:-
-ماتقلقش أنت بس !..

وقبل أن يشعل سيجارته إنتبه لحضور والده امامه مما جعله يتراجع ويضعها كما كانت بجوار رفاقها ثم تنحنح ووأشاح بوجهه بعييدا بعدما القي قدحته علي الطاوولة بإهمال !..
لم يغفل "حسين " عن ذاك المشهد مما جعلت الإبتسامة تعرف طريق ثعره ولأول مرة منذ فترة ! وحمد ربه علي مازرع بداخل إبنه رغم غياب أبويه !...

ومن ثم التفت علي صوت أبيه وهو يهتف بصدق:-
-انا مش عارف أزعل من المصايب اللي بتحط علي دماغي دي ! ولا أفرح اكمنها انها بتقربني من أبني أكتر !...

إبتسم له "فارس" بحب ثم أنحني يقبل كفه المجعد ويربت عليه قائل:-
-انا علي طول هبقي معاك وفي ضهرك يابابا !...
تراقص قلبه فرحا فالأول مرة منذ زمن يسمع إبنه يتلفظ ب "بابا " وكأنه نسي ماحدث له ومامر به واراد أن الزمن يتوقف عند هذه اللحظة !..

 

بعد مرور أيام !..

إصطف "فارس " سيارته جانبا أمام المدرسة الثانوية يراقب خروجهن بإهتمام شديد حتي وقع بصره علي هدفه فضيق عيناه بتفحص ليتأكد من هويتها ! فملامحها تطابق تماما مع الوصف الذي حصل عليه من والده ! كانت تسير بمياعه محكمة وهي تقبض علي حقيبتها في أحضانها ولكن توقفت فجاءة حين لمحت إحدهم بعترض طريقها بدراجته النارية ظهر علي وجهها الغضب واقتربت منه وصاحت:-
-إنت إيه اللي جابك انا مش قولتلك ماتظهرش قدامي الفترة دي أمي بقت تشك فيا !..
-ما أنتي مطنشاني خالص وانتي عارفة انا محتاج الفلوس دي قد ايه !..

تنهدت بضييق ثم دست يدها في جيب حقيبتها وأخرجت بضعة ورقات واعطتتها له لتقول بعدها بحنق:-
-ده كل اللي معايا دلوقت ما اصل أمي شد إيدها شوية الفترة دي حتي الدروس مبقاش فيه !..
فهتف وهو يتفحص المال بعينيه:-
-طب ياحلوة ماتبقيش تتأخري عليا تاني !..
ثم أختتم حديثه بغمزة:-
-وكمان بتوحشيني !..
نظرت حولها بريبة قبل أن تهتف:-
-طب أمشي بقا لأحسن حد يشوفك معايا وتبقي مصيبة !..

-تمام،سلام ياحلوة !..
إنصرف بدراجته النارية فتفحصت الطريق جيدا قبل أن تتنحنح وتسير في طريقها !..

التقطت كاميرا هاتفه هذا المشهد ثم القاه جانبا وانطلق بسيارته خلفها ! وفي إحدي الشوارع الخالية دنا بسيارته منها حتي قارب علي دعسها مما جعلها تصيح عاليا:-
-مش تحااااااسب يا أعمي !..
اصطف سيارته وترجل منها بهيبة طاغية ! ثم دنا منها وتفحصها بنصف عين من رأسها لأخمص قدميها قبل أن يهتف بجمود:-
- أنتي نانسي ! ...
-هاا، اااه اااه انا نانسي !..
خلع نظارته الشمسية ووضعها في جيب سترته وبنبرة قائمة:-
-طيب من غير كلام كتير وزي الشاطرة كده عاوزك تقوليلي مين اللي وزك تشتكي مستر حسين ؟!..

ارتبكت في البداية ولكن صاحت بغضب:-
-انت مين ياجدع انت، واوعي من سكتي كده بدل مالم عليك خلق الله !..
ثم اسرعت تسير في طريقها ولكن قبض علي رسغها بقوة المتها وجز علي أسنانه بغضب:-
-قسما بالله لو ما نطقتي لهندمك !
هي بتلعثم:-
-ااا أنا ااا انا معرفش انت بتتكلم عن ايه ؟! ...
زاد من قبضته عليها:-
-لا عارفه كويس ااوي !..

- سيب دراعي اأ انا معرفش انت بتتكلم عن اااا أيه اااه !
-تمام انا هعرفك !..
دس يده في جيب بنطاله واخرج هاتفه ليضعه امامها ليظهر ماتم التقاطه بينها وبين ذاك الشاب ليردف بتهديد صريح:-
-لو مانطقتيش اعتبري الفيديو ده وصل لأهلك !..
ثم تابع بلهجة ذات مغزي:-
-واهو بالمره يعرفوا الفلوس دي راحت لمين !
اتسعت عيناها بصدمة كما شحب لونها بشدة حتي حروفها ابت ان تخرج من بين شفتيها:-
-هااا انا ااااا انااا !..

فصاح بها مجددا:-
-هاتنطقيييي ولالا!
اومأت برأسها عدة مرات إيجابا بهلع بعدما ابعدت نظرها عن الهاتف:-
-هقول هقول ! ..
ترك ذراعها ووضع هاتقه في جيب بنطاله ليتسأل مجددا بصرامة وقد كشر عن جبينه:-
-مييييين ؟!...
إبتلعت ريقها بصعوبة قبل ان تنطق بحذر:-
-ليلى، ليلى بنت اخو المستر هي اللي وزتني اعمل كده !..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة