رواية ملاذي للكاتبة دينا ابراهيم الفصل السابع عشر
-نصيبك الاسود!
قالها بكل جديه و برود ليزم فهد شفتيه وهو يري الابتسامة تتسع على وجه صديقه بعدها بلحظه ليزفر بحنق ويردف...
-ماشي دقايق وهننزل!
تركه محمد متجها إلى اسفل ليغلق الباب بقله حيله، ويسند برأسه عليه، اتت حياه من الخلف...
-في حاجه يا فهد؟!
-المهمه دي لازم تخلص انا تعبت من الناس دي!
ربتت على ظهره بضحك قائله...
-وطي صوتك الناس تسمع!
-ياااارب عشان يخلوا عندهم دم ويرحمونا شويه...
زادت ضحكاتها وهي تدفعه إلى المرحاض...
-طيب اتفضل اجهز ويلا عشان ننزل!
-طيب...
عاد من امام باب المرحاض ليعطيها قبله قويه على فمها الصغير، قبل ان يدلف لأنهاء اموره...
مر اليوم بسلام بغياب جميله وحياه في احدي غرفهم يتبادلون ما حدث معهم بسعادة...
بالاضافه إلى جنون محمد وفهد بعدم معرفه مصدر هذا المفتاح!
في داخل احدي الشركات الكبيرة...
-يا باشا اهدي شويه اعصابك!
قال سامح بقلق لناجي الذي يكاد يجن من بطء رجاله...
-اهدي ازاي! انا بقالي كتير صابر وانتم كلكم اغبيه!
-يا فندم احنا حاطين مراقبه على الفيلا بس الزفت ابنه ده قافل علينا النفس!
خبط بيده على سطح المكتب بجنون ليردف...
-طيب والبنت دي، معرفتوش توصلوا ليها، انا قلت اخطفوها طالما انتو مش عارفين تجيبولي رقبه ماجد!
اطرق سامح رأسه بتوتر ليردف...
-ما هو المشكله يافندم انه حاطط حراسه عليها زيها زيه بالظبط!
اشعل ناجي سجارته والحزن والغل يغطي ملامحه...
-معرفتوش هي مين!
-بعت رجلتنا يسألوا عنها، مفيش حاجه مميزة والبت مقطوعه من شجره اهلها ماتوا من سنتين كده!
جذب ناجي خصلات شعره بغيظ قائلا...
-يعني مش هعرف اجيب حق ابني! لاااا ده لو اخر يوم في عمري هقتلك يا ماجد يا شناوي!
توتر سامح من نوبه غضبه المستمرة منذ اخر اخفاق لهم ليردف...
-اكيد هنلاقي حل يا باشا انا عايزك تهدي!
-لا الحل في دماغي، انا اللي هعرف اتصرف مش شويه عيال!
في الصباح الباكر...
وقفت جميله تقدم الافطار مع حياه للجميع...
ابتسمت جميله قائله لماجد بتحذير...
-اوعي يا بابا تجهد نفسك حاول ماتضغطش على نفسك في الشغل!
ابتسم لها ماجد ليردف...
-حاضر يا جميله هانم متقلقيش...
نظر لهم محمد بتأني وكأنه يقارن بين حياتهم السابقة بدونها والان وهي بها!
وقف واتجه إلى الطابق العلوي يحضر هاتفه...
نظرت لماجد بتساؤل لينفض كتفيه بعدم معرفه ويطمئنها بعيونه...
اغلق غرفته ليحضر الهاتف ليلتقي بصوره خديجه على الطاولة الصغيرة بجوار فراشه، امسكها بابتسامه حزينة قائلا...
-مش عارف اللي بعمله ده صح ولا غلط، بس انتي عارفه انا بحبك قد ايه ولو غلط اتمني تسمحيني!
تنهد وهو يضع الصورة ويفرك عيناه، يعلم انه يتصرف بأنانيه فجميله تستحق الحياة المرحة المبهجة...
تستحق رجلا يحبها بلاقيود و يغرقها عشقا بمشاعره و يعوضها حنان افتقدته...
رجلا بالتأكيد ليس هو!
اغمض عينيه متذكرا ما حدث بالامس بينهم!
فلاش باك...
صرخ بحرقه وهو يشعر بقيود تغلغله، لا يراها امامه، اين هي؟!، هل حدث ما يخشاه؟! هل اقتنصها القدر منه مره اخري!
ظل يصرخ باسمها والظلام الحالك يغمره و صوت صدي بكائها يعلو كل لحظه...
-محمد، محمد، محمد...!
فتح عيونه بحده على همساتها لتنتشله من الجحيم منتفضا معتدلا بعنف من كابوس كاد يوقف نبضات قلبه...
وقعت جميله إلى الخلف بخضه، وعيونها تترقرق بالدموع...
جفل ورمش بقوه يصفي ذهنه لينتفض من الأريكة يجثو بجوارها قائلا بقلق...
-انتي كويسه!
هزت رأسها بالموافقة وعيونها الناعسة مخلوطة بدموع لتردف بتقطع...
-انت كويس؟!
-ايوة انا كويس، انتي بتعيطي ليه، قومي تعالي، ضهرك جراله حاجه؟!
تركته يساعدها على الوقوف لتنظر اليه بحزن مزق داخله لتقول بحتميه...
-انت كنت بتنادي عليا!
عقد حاجبيه بعدم فهم قائلا...
-مش فاهم!
-وانت نايم كنت بتحلم و كنت بتنادي عليا...
صمتت لحظه لتأخذ نفس عميق قائله...
- انا هنا جنبك يا محمد، انت اللي مش شايفني!..
عجز عقله عن استجماع رد وهو يشعر بقلبه يدق غير جاهزا للخوض في هذا الحديث ليقول وهو يستدير لينام على الاريكة...
-انا كنت بحلم، انا اسف اني صحيتك...
توقف عندما شعر بذراعيها تحتضنه بسكون هز قلبه المنهك...
مسك بيدها المنعقدة على صدره وجعلها تستدير لينظر لعيناها الحزينة الراغبة في مشاركه عذابه...
رفع يدها يقبلها بحنان ورقه قبل ان يتجه بها نحو الفراش قائلا...
-نامي يا جميله متقلقيش...
ليتسمتع إلى همساتها العذبة وهي مستسلمة ليده التي اعادتها إلى الفراش وجذبت الغطاء عليها مدثرا لها كالأطفال...
-ممكن تنام على السرير بلاش نومه الكنبه دي اكيد هي اللي قلقه منامك...
امسك بعيونها باحثا عن اي مقاصد مستتره ليبتسم على سخافته بالتأكيد صغيرته تتحدث بكل عفويه ولا تفكر سوي براحه الغير...
وقف مكانه لم يتحرك لتباغته بأمساك يده و جذبه بخفه نحو الفراش...
فاجئها عندما سايرها وتوجه نحوها لتبتعد و تترك له مساحتها وهي تبتسم بخفوت وقلبها راضي عن موافقته عله يجد الراحه والسلام!
اسلتقي بجوارها على جانبه ليصبح في مواجهتها واحكم الغطاء عليهم، ظل الاثنان ينظر ان إلى بعضهم البعض في صمت هادئ مريح للقلب والعقل...
قبل ان يغمض عينيه منقذا نفسه من فياض مشاعرها المرسومة بعيونها...
انتظرت دقائق طويله وهي تراقبه مغمض العين وظنت انه خلد إلى النوم، مدت يدها بهدوء حتى لا تقلقه لتضعها على كفه الملقي امام وجهه و وجهها لتغمض عينيها براحه مناجيه النوم...
شعر بلمسات اصابعها الناعمة تحتضن اصابعه بحب قشعر له جسده بحب دفين يولد كل دقيقه و هي قربه!
هل يفتح المجال لقلبه ويعطي لنفسه الامل في الحياه بكل انانيه و تهور!
انتهي الفلاش باااك...
قاطع تفكيره دخول فهد إلى غرفته، رفع حاجبه بتساؤل وهو يراه يستند إلى الباب عاقدا ذراعيه...
-نعم؟!
-نعم الله عليك يا ضنايا!
-اه انت فايق بقي وعايز تهزر!
ابتسم فهد بتهكم ليردف...
-لا انا سايبك انت تهزر براحتك ومش عايز اتكلم!
عقد محمد حاجبيه بملل قائلا...
فهد انا مش بحب الكلام الكتير، عايز ايه انجز!
تقدم منه فهد بثقه قائلا...
-عايزك تعقل وتفوق بقي يا صاحبي...
وقف محمد يعدل ياقته ليردف بملامح جامده...
-انا فايق و زي الفل، شايفني مجنون!
-طبعا مجنون! واحد ربنا بيديله السعاده على طبق من دهب وهو لسه بيفكر يوافق ولا ما مايوفقش يبقي اكيد مجنون!.
تخطاه بهدوء حاد قائلا...
-امشي يا فهد انا مش ناقص الكلام ده دلوقتي!
-دلوقتي بس ولا على طول لحد ما تطفش البنت من ايدك..
-حاجه متخصكش!
-لا تخصني مش علشان انت صاحبي وبعزك بس، لا عشان خاطر البت الغلبانة اللي تحت دي، انا مش هسمح انك تأذيها بغباءك!
اقترب منه محمد بتهديد ورفع اصبعه بتحذير...
-لاخر مره هقولها يا فهد متدخلش بيني وبين جميله، وياريت تركز في مهمتنا دي قد التركيز في حياتي!
قاطع حديثهم جميله التي صعدت تري سبب التأخير باستعجال من ماجد...
دلفت لتجد محمد وفهد ينظران شزرا إلى بعهم البعض وكأنهم في حاله تأهب للهجوم...
ابتلعت ريقها بقلق قائله...
-بابا بيقولكم انه اتأخر، في حاجه؟!
-مفيش يا جميله!..
قالها فهد ليمر بجوارها إلى الاسفل...
نظرت إلى محمد قائله...
-حصل ايه يا محمد!
انفجر بها هاتفا بحده...
-محصلش حاجه، بطلوا تتدخلوا في حياتي!
انتفضت بصدمه لم تتخيل هجومه ليتركها سريعا متجها بغضب إلى اسفل...
اخذت تجذب انفاسا هادئة لتمنع نزول دموعها، تعلم من البداية انها ستواجه صعاب معه...
لن تبكي وتستسلم الان!
ولكن ماذا تفعل كل كلمه تخرج منه تكون كالطعنات إلى قلبها...
ابتسمت وهي تتذكر احدي اقول والدتها البديله لا يؤذي القلب الا محبه!
شركه الشناوي...
ماجد بحده وهو يتحدث على هاتفه...
-دخلي فهد يا عبد الرحمن...
اغلق الهاتف وما هي الا ثواني حتى دلف له فهد...
-ايوة يا ماجد باشا!
-ايه يافهد صاحبك اتجن ولا ايه، انا سامع صوته عمال يشخط وينطر في كل الناس، العميل اللي لسه نازل من عندي بيشتكي يعني ايه رفض يطلعه الدور كله باي حراسه!
حاول فهد تهدئته ليقول بهدوء محاولا اقناعه...
-معلش يا ماجد باشا انت عارف ان المهم دي حساسة ودي مش اي مهمه دي بتتعلق بحياة حضرتك، وهو واخد الموضوع بجديه مطلقه!
زفر ماجد بتعب قائلا...
-والله ما انا عارف افرح ولا اتضايق!
اتاهم صوت محمد الغاضب من الخارج ليقذف ماجد بالأوراق بيده...
-لااا كده زادت عن حدها هو هيربيني عشان قلت هنزل شغلي ولا ايه!
-اهدي بس يا ماجد باشا انا هطلع اكلمه...
خرج فهد سريعا ليردف بغضب في اذن محمد...
-هدي اللعب ابوك على اخره!
-انا في ساعات عملي يعني مفيش ابويا و ابوك!
هز فهد رأسه بقله حيله...
-انت قلت الصبح عايز اركز كده انت بتشتت تفكيرك وتفكيرنا كلنا!
عقد محمد ذراعيه يطالع عمال صيانه التكيفات والحارس الواقف على رؤوسهم...
تنهد فهد ليعقد ذراعيه هو الاخر ويقف بجواره بصمت...
سمع محمد صوت المصعد لتضيق عينيه كعادته في انتظار الزائر...
دلف احدي موظفيه قائلا للحارس الذي اوقفه...
-ماكينه الاكسبريسو مش شغاله ممكن اعمل هنا!
راقبه محمد بحده وهو يري قطره عرق تصب من اسفل شعراته إلى عنقه مختبئة في قميصه وهو يعيد تعديل نظارته بشكل متكرر...
لما قد يعرق احد الموظيف والمكيف الرئيسي في برود بالغ منذ الصباح الامر الذي استدعاهم لطلب عمال الصيانة...
تحرك محمد نحوه فرمقه الرجل بتوتر قبل ان يسمع صوت معدن يقع بشده واحدي العمال يفترش الارض مصابا...
هرع الحارس والجميع لإزاله الغطاء المعدني الثقيل الذي سقط بأعجوبة على جسده...
صرخ فهد بمحمد وهو يساعد العامل مع الحارس...
-اتصل بالإسعاف بسرعه!
رفع هاتفه يضغط على الارقام سريعا وهو يلقي نظره حوله ليكتشف اختفاء الموظف...
نظر حوله بهلع وقلبه ينذره بوجود شيء خاطئ...
اغلق الهاتف وهو يصيح بهم...
-الراجل اللي كان هنا راح فين؟!
رد الحارس بتوتر..
-مش عارف انا اتلهيت!
تركهم محمد وهو يجذب سلاحه ويركض عائدا إلى مكتب والده...
توقف قلبه لحظه وهو يسمع صوت طلقة نارية...
وعلي اعتابه فهد والحارس...
حاول فتح الباب فوجده مغلق اخذ يصدمه بكل جسده هو فهد ثلاث مرات متتاليه بقوه ليردف فهد بحده...
-في ريحه شياط!..
ليأتيه صوت الحارس من الخلف...
-وفي نور غريب جاي من تحت الباب، المكتب بيولع!..
جز محمد على اسنانه بغضب وهو يشعر بالأدرينالين ينتشر في جسده ليصدم الباب اكثر من مره و معه فهد حتى نخع الباب الخشبي في مواجهتهم ليسقط فوق شعلات ناريه...
رجعوا خطوه إلى الوراء يروا النيران في مواجهتهم ومحمد يضيق نظره محاولا النظر وسط الدخان الاسود...
ليري جثمان مستلقي على الارض بجوار الأريكة والباب...