قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ملاذي للكاتبة دينا ابراهيم الفصل الثامن عشر

رواية ملاذي للكاتبة دينا ابراهيم الفصل الثامن عشر

رواية ملاذي للكاتبة دينا ابراهيم الفصل الثامن عشر

سقط اطار الباب المشتعل...
لينقذه من متاهته واعاصير افكاره صوت ماجد من بعيد...
-انا كويس يا محمد متقلقش!..
ابتعد خطوتين وفهد يقول بذهول...
-انت هتعمل ايه؟!..
لم يجيبه وانطلق كالطلقة يقفز بين شعلات النيران في الوقت الذي جاء به الحارس مع مطفأة الحريق واخذ ينشر البودر في ارجاء المكتب...
وجد ماجد يختبئ في حمامه الخاص وبيده مسدسه...
-انت كويس يا ماجد باشا!

هز رأسه يستند عليه ليخرج الاثنان معا تاركين الجميع يطفئ الحريق!
جثا فهد يلتقط انفاسه بجوارهم ليضحك ماجد بسخريه...
-نفسكم اتقطع من شويه الاكشن ده، عيب في حقكم!
ليردف فهد بأنفاس مقطوعه وهو يتابع محمد يتجه إلى الرواق مره اخري...
-النار دي حصلت ازاي...
-الغبي نشن في الاسبوتات (لمبات)، عملت قفله كل الاسبوتات فرقعت و الشراره مع الطلقه نزلت نار على السجاده والورق شعلل في ثواني!
هز فهد رأسه بتركيز...

-الحمدلله، اعتقد كده اكتفيت وتسمع كلام محمد شويه ومش هنخرج من الفيلا لحد ما نعرف مين ورا الحكايه دي!
دلف محمد بغضب...
-عمال الصيانه اختفوا زي ما توقعت كانت لعبه ولعبه مش سهله!
وكأن ممدوح مسؤول التحريات والبحث في فريقه سمعه ليطلق الهاتف رنين معلنا عن وصول مكالمه...
-الو...
ابتسم بتهكم...
-طبعا في الحكاوي ابطال لكن نشتغل ونركز مفيش...
توقف عن حديث وهو ينتصت بتأني ليردف بهدوء...

-تمام انا جاي حالا، الفيلا يا ممدوح زود الحراسة عليها، هرجع ماجد بااشا و هكون في طريقي لوكيل النيابة، تمام بلغهم باللي حصل واطلب معاينه وفي جثه منهم جوا!
قال فهد بتساؤل عندما اغلق الهاتف...
-في ايه؟!
-عرفوا المفتاح، طلع خزنه في محطه القطر!
ليردف ماجد سريعا وهو يقف بحده لا يزال السلاح بيده...
-طيب ومستنين ايه يلا بينا بسرعه!
رمش محمد بهدوء قبل ان يردف...

-بينا على فين يا باشا، حضرتك وفهد هتروحوا الفيلا، ومن هنا ورايح انا او فهد واحد منا هيكون زي ضلك، الناس دي قادره!
زفر ماجد ولم يجادل...
في اقل من نصف ساعه وصلوا إلى المنزل ليجدا حياه و جميله يضحكان وهما يتفحصان احدي المجلات، انتفضا بذعر عندما لاحظا هيئتهم...
-ايه اللي حصل؟!
قالت جميله و حياه في نفس الوقت، لتمسك حياه بذراع فهد بخوف تتفحص وجهه...

بينما وقف محمد بعيدا يتحدث في الهاتف، وجميله تتجه له بذعر تمسك بذراعه توقف تجوله وهو يتحدث ونظرت له بقلق وخوف بالغ...
هز محمد رأسه يطمئنها ليقطع اتصاله عندما استمرت دموعها في التساقط...
-مفيش حاجه يا جميله ممكن تهدي!
وصل إلى اذانها سرد فهد لما حدث بالشركه والحريق، لتعض على شفتيها برعب قائله...
-انت متبهدل اوي...
قاطعها محمد بشيء من الضيق كم يكره دموعها تلك خاصا عندما يعجز عن اسكاتها...

-خلاص يا جميله قلتلك متعيطيش، انا لازم امشي دلوقتي...
-اطلع استحمي طيب وغير هدومك!
ليأتيه صوت ماجد الحاد...
-اسمع الكلام مره في حياتك متتعبناش!
زفر بحنق لم يرغب في مقاطعه تفكيره وحبال افكاره الان قائلا...
-حاضر!
صعد سريعا لتتجه جميله ببطء نحوهم وتمسك حياه يدها وكأنها تواسيها مبتسمه نصف ابتسامه...
حاول ماجد تخفيف الموقف بمرح تعلمه فقط منذ دخولها إلى حياتهم...

-الله محدش هيسألني يعني ضربته قبل ما يضربني ازاي؟!
نظرت له جميله وافكارها معلقه بالقاسي عديم الرحمة في الأعلى لتصبح مشتتة لا تعلم ايريد حبها ام لا! لتردف بصوت به كسره حزينه
-فعلا ازاي!
ربت ماجد على كتفها محاولا تجاهل حزنها لينسيها اياه وهو يسرد يطريقه سينمائيه قائلا...

-سمعت دربكة واصوات عالية قلقت فتحت درج المكتب اجيب سلاحي احتياطي ولسه بقوم من على المكتب لقيت حد معرفوش دخل بسرعه وقفل الباب، لسه هنطق لقيته بيلف وفي ايديه مسدس كاتم صوت، مسمتش عليه طبعا وضربته على طول!
ضحك فهد وهو يرى هذا الجانب المرح لأول مره منذ معرفته به ليردف مساعدا بفخر...
-لا وايه من اول طلقه!
قالها فهد ليرد عليه ماجد بسرعه...
-انا عجوز اه بس صايع قديم، مخدتش شاره اللواء من فراغ!

نظرت له حياه بضحك يشوبها الارتباك، فمعرفتها بموت شخص لا يزال يصيبها بالقشعريرة...
نظرت لزوجها بتأني ولاحظ عضلات جسده المشنجة برغم الابتسامة المعلقة على وجهه...
انتقلت بأبصارها إلى ماجد الضاحك لتشعر بقسمات وجهه وشفتيه المرتفعة تحاول النزول مع الجاذبية...
شعرت بغصة لا شك انهم يعانوا مما يمرون به كل ليله ولكنهم اجادوا اخفاءه!

التقت عيونها المشفقة بعيون جميله الحزينة الواعية والتي ترسم ابتسامه ضعيفة على وجهها...
رأت حياه تمد اصابعها تؤازر فهد الذي نظر لها بتعجب انتهي بعد لحظه ليبتسم لها بحب وحزن خفي...
هزت جميله رأسها ترغب في الإفاقة مما يحدث حولها وشعرت بحاجه محمد لها...
-انا هطلع اطمن على محمد!
اراد ماجد الرفض ففي هذه اللحظات يميل الرجال وخاصا محمد إلى الانعزال والتركيز، ولم يرغب في اعطاءه فرصه لجرحها واحزانها...

ولكنها لم تنتظر وانطلقت بخطوات سريعة إلى اعلي...
نظر ماجد إلى فهد ليقف وهو يستند على ساقيه...
-طيب انا هدخل اوضتي عايزين حاجه...
-لا يا باشا وانا كمان هطلع اغير و كده وانزلك تاني!
-لو حابب تستريح يا فهد معنديش مشكله، انا قاعد في مكتبي!
ابتسم فهد قائلا...
-ارتاح من ايه بس هو انت خليتنا نعمل ايه احنا يادوبك فنشنا...

ابتسم ماجد لينتقل بصره منه إلى حياه الممسكة به وكأنه كل حياتها ليعطيها ابتسامه محبه خفيفة وهو يتمني لهم الخير والدوام ويدعوا الله من كل قلبه ان يلين قلب ابنه المغيم بالضباب الاسود وينير طريقه إلى الحب في هذه الحياه!

وقف محمد تحت سيلان الماء البارد على رأسه مرورا بكل جسده وهو يستند بذراعيه على الحائط امامه ويدير رأسه من اليسار إلى اليمين ويتمني لو يتخلل هذا الماء داخله ويزيل كل افكاره...
اخذ يفكر في هذا الشخص الذي يحاول سلبه والده ويتوعد داخله انه لن يتوقف حتى يقبض عليه بيديه ويا حبذا لو انتشل روحه تلك...
لتستدير عجله افكاره إلى جميله ونظراتها المرتعبة اليوم...

كان منغمس في نفسه واهوائه وظن انه الوحيد المتأذى من هذه الحياه، بالفعل كان قد تناسي كل ما يقيده عنها ويترك لنفسه عنان حبها...
دون مراعاه بانها مثله تماما تبحث عن استقرار انعدم من حياتها منذ الصغر، تبحث عن اطمئنان و أمان لن يستطيع هو توفيره لها ابدا، وهو معرض في كل لحظه بعمله بالإصابة او الموت في احدي مهامه!

اغلق الماء و احاط منشفه على نصفه السفلي متجها إلى الخارج، وجد جميله تجلس على الفراش تمسك كلتا يداها امامها و تنظر إلى فراغ بحزن، لتفيق سريعا وتقف ناظره له بلهفه...
فتحت عيناها بارتباك انتهي سريعا لتزداد عينيها اتساعا بخضه وهي تري ذلك اللون الازرق الغاضب يغطي معظم جانبه الأيمن...
-ايه ده؟
وجهه نظرة لما تشير وابتسم بتهكم فهو لم يلاحظ وجودها من الاساس يكفيه آلامه الداخلية لتنسيه آلام جسده...

لم تعطيه جميله فرصه الإجابة وانطلقت نحوه تلامسها بأطراف اصابعها...
جز على اسنانه فحتي في ابشع لحظاته، لمساتها الرقيقة كفيله بإشعال جام جسده و التحكم فيه...
سعل بخفه وهو يبعد كفها الصغير الذي غرق في كفه الكبير قائلا...
-متقلقيش دي كدمه!

ابتعد من امامه و لاحظت جميله انه لا يلتقي بعيونها فحاولت تجاهل الامر بانه مجرد خيال رافضة ذلك الشعور السيء داخلها بانه يبعدها عنه فهي ليست قويه اطلاقا كما تخبرها حياه هي اضعف من ذلك بكثير، وحده يستطيع تحطيمها إلى اشلاء بأقل حركه!..
اتبعته بقلق لتردف...
-طيب ثواني هجيب مرهم مسكن للالم...
-لا انا مش حاسس بيه اساسا!
عقدت حاجبيها ليزداد قلقها...
-يعني ايه مش حاسس بيه، كده مش طبيعي انا لازم اجبلك دكتور!

اوقف تقدمها من الهاتف قائلا بضيق...
-خلاص يا جميله قلت مفيش حاجه، انزلي انتي متشغليش بالك بيا!
اخرج ملابسه ليلقيها بإهمال على الفراش ليجدها اختفت من امامه...
ارتدا ملابسه الداخلية والجينز ليجدها خارجه من الحمام الخاص بمرهم ملطف...
امسكت التي شيرت من يده تلقيه بإهمال قبل ان تجلس على الفراش وتجذبه ليقف امامها...

ارتعش قلبه وهو يراها تلطف جراحه باهتمام بالغ ورفق، كيف سيتحمل بعادها عنه؟، سيعود ظلال رجل كما في السابق!
ارتفعت انظارها لتلتقي عيونهم وكأنها سمعته وتتوسل اليه بعدم الابتعاد ليلعق شفتيه بتوتر خفي وينظر بعيدا...
زمت شفتيها وهي تستشعر قرب دموعها، لتردف باستسلام...
-انا تعبت يا محمد؟!
اعاد نظره لها بعدم فهم ليردف...
-من ايه؟
-من اللي بتعمله ده!

لم يجيبها رافضا الخوض في هذا الامر محاولا التحرك بعيدا لكنها استمرت ضاغطه وهي تمسك بيده...
-انت كل حاجه في حياتي، انت عارف كده كويس اكتر من اي حد، انا مفيش ليا حد غيرك، كفايه بعاد كده!
اغمض عينيه وشعر بغصة تقف في حلقه على صوتها المنكسر ليردف بجمود...
-انا منفعش أكون حياة حد يا جميله، لازم تفهمي كده عشان متتعبيش...
اطرقت رأسها لتردف بعناد...
-لا انت حياتي يا محمد!.

وقفت امامه تنظر إلى عيونه المتهربة لتردف بإصرار مقررة اظهار كل اوراقها...
-انا بحبك ؛ من صغري وانا بحبك، واكيد باين اوي اني بحارب عشان الحب ده!
نفض يده بشده وكل جسده يقشعر من اعترافها وقلبه ينبص ويعتصر في ان واحد من قراره ليردف بحده...
-ده مش حب، انتي بس متعلقة بيا عشان كنا صغيرين ومتربين سوا!
ليأتيه صوتها العالي نسبيا...

-لا حب يا محمد، حب وانت متأكد من كده، بس انا خلاص تعبت، انت بتحبني ولا لا؟!، كل اللي حصل بينا اليومين اللي فاته اداني امل وقلت بيحبني عشان ترجع تاني تنزل بيا الارض واقول مش بيحبني!
رفض الإجابة وهو يرتدي باقي ملابسه بسرعه ولكنها هزت رأسها بعنف لتردف بحده وهي تبكي..
-بتحبني ولا لا!
القي ما بيده بحده وهو يستدير نحوها ليجدها على بعد خطوة منه قائلا بحده مماثله...
-ايوة بحبك، بحبك يا جميله...

كادت ان ترتسم ابتسامه على شفتيها ولكنها توقفت وهي تستمع إلى جملته التاليه...
-بحبك بس احنا مينفعش نكون لبعض...
ارتعشت شفتاها بحزن وهي تطرق رأسها مستسلمه لدموعها...
-عشان لقيطه مش كده!
تسمر مكانه بصدمه ليجذبها من خلف عنقها بغيظ يجبرها على النظر اليه قائلا...
-انتي اتجنيتي؟، متقوليش على نفسك كده، انا عمري و لو للحظه واحده جه الكلام الفارغ ده في بالي!..
دفعته بعيدا عنها بغضب..

-هي دي الحقيقة انا كنت بحاول اخدع نفسي واقول انك غير!، لكن انت اكتر حد عشت معايا وعارف اني اترميت من وانا في اللفة في الدار لاني بنت ح...
اقترب منها يضمها وهي تقاومه ليشد قبضته على فكها يجبرها على النظر اليه قائلا بحده...
-انتي مجنونه! انا هعتبر نفسي مسمعتش الكلام المتخلف ده وحسك عينك اسمعك تقولي على نفسك كده!
ابعدت يده من حول فكها لتقول من بين اسنانها...
-اومال مش عايزني ليه!

-عشان انتي محتاجه حد احسن مني، انتي عايزة استقرار و حب و سعادة وانا مقدرش احرمك من ده كله...
-بس انا بعيش كل ده معاك!
هز رأسه بعنف لتأتيه مكالمه على هاتفه ظل يحيطها اليه بذراع وبالأخرى وضع الهاتف على اذنه...
-الو...
صمت لحظه وهو يغمض عينيه يناجي تركيزه المشتت ليردف...
-حاضر انا جاي على طول، مع السلامه...
زفرت جميله باختناق لتفاجئه باحتضانها اليه و دفن وجهها في صدره، ليلتف ذراعه حولها دون تفكير...

مرت ثواني مرت كالسنوات بينهم لتبعد رأسها وهي تنظر اليه بإصرار وثقه قائله بخفوت...
-الخيار في ايدك ولو مش هتكمل، دي حريتك، انا هاخد حاجتي وارجع بيتي تاني و...
قاطعها بحده...
-مش هتروحي حته يا جميله، الوقت مش مناسب للكلام ده كله...
هزت رأسها وهي تبعد جسدها بالقوة عن ذراعيه لتردف برأس مرفوع...
-تمام اكيد المهمة هيجي عليها يوم وتنتهي وساعتها كل حاجه هتكون انتهت!

نظرت لعيونه الغاضبة نظره ذات معني قيل ان تتركه وتخرج من الغرفة...
جذب خضلات شعره بحده، هذا ما كان ينقصه الان، عنادها!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة