رواية لعبة في يده للكاتبة يسرا مسعد ج1 الفصل السابع عشر
ما ان خرج جاسر حتى ارتمت سالى على السرير باكيه بشده اما جاسر فخرج يتحسس وجهه بحنق يكاد لا يصدق فعلتها رافضا عقله ان يستوعب خطأه هو الآخر
اشرقت شمس الصباح على العروسين المنفصلين فى ليله العمر
استيقظ جاسر اولا ودخل الغرفه وجد سالى نائمه فى وضعيه الجنين على الارض فى فستانها الابيض.
نظر لها وتأملها شاعرا بالأسف والشفقه عليها نزل على ركبتيه واقترب منها واوقظها برفق
فتحت سالى عيناها ونظرت له بغضب ممزوج بالاشمئزاز قال لها بصوت جاف: قومى نامى على السرير
قامت سالى بالفعل ولكنها توجهت الى الحمام نظرت الى نفسها فى المرآه فعيناها حمراوتين من أثر البكاء شعرها فى حاله مزريه
حاولت فك ازار الفستان الخمسه عشر الخلفيه لم تنجح الا بفك اول اربعه فقط حتى اتعبتها يداها وشعرت بتقوس ظهرها الى الخلف حتى كادت ان تبكى من فرط الالم
دخل جاسر الحمام بهدوء ومد يده من خلفها وامسك بالازره يريد مساعدتها.
فالتفت سالى بحده وقالت:مش عاوزه حاجه منك
نظر لها جاسر بعمق وقال بسخريه: انتى ممكن تقعدى طول النهار فيهم وبرضه مش هتعرفى تفكيهم بلاش معانده
سالى بعند: هطلب الروم سيرفس تساعدنى
همت سالى بالانصراف لتنفيذ فكرتها الطارئه فما كان من جاسر الا ان شدها من ذراعها بقوه حتى صرخت: ااه دراعى
افلت جاسر ذراعها ونظر لها بحده وقال بتهديد: سمعينى تانى كنتى عاوزه تعملى ايه؟
نظرت له سالى خائفه وفرت من امامه الى خارج الحمام فاتبعها جاسر قائلا: حسك عينك اى سر بينا يطلع بره
سالى باستهزاء: وهوه فين السر ده؟
ابتسم جاسر بسخريه: لااا ابدا عريس وعروسه قضو ليله دخلتهم وتانى يوم العروسه ندهت للروم سيرفس يفكولها زراير الفستان على اساس ان عريسها كان بيطرقع صوابع رجليه مثلا ليلتها وكان مش فاضى... بس مش هيتقال مش فاضى هيتقال مش عارف
نظرت له سالى وقالت باستهزاء: ده كل اللى هامك سمعتك؟ مش كده ...ازاى يطلع على جاسر سليم انه مش عارف
جاسر: لا ياحبيبتى انا عارف وعارف كويس اووى بس انتى اللى مش من الصنف اللى يعجبنى ..ودلوقتى اديرى عشان افكلك الفستان قدامك ساعه تجهزى الطايره ميعادها كمان تلات ساعات يدوب نلحق نروح المطار
استدارات سالى ومنعت دموعها بقوه ..." الان ليست بصنفه المفضل ! "
فك جاسر ازرار الفستان وكاشفا جزء من بشرتها البيضاء نظر له جاسر برغبه عارمه فلمسها بطرف اصبعه وشعرت سالى بالرعشه تسرى فى اوصالها فابتعدت عنه نافره
تركها جاسر واتجه الى الحمام ليغتسل واكملت سالى خلع ملابسها وارتدت روبا طويلا فى انتظار ان يخرج حتى يتسنى لها الاغتسال
خرج جاسر اخيرا محيطا وسطه ببشكير ابيض عريض اشاحت سالى ابصارها بعيدا متذكره تلك الليله التى كانت سببا رئيسيا لما آلت له الامور
ثم دخلت الحمام واحكمت غلق الباب واخذت حماما طويلا ولم تهتم بتنبيهه لها ان تكون مستعده للسفر فى خلال ساعه
وملئت البانيو حتى آخر بالمياه الدافئه واضافت زيتا عطريا برائحه اللافندر مما ساعدها على الاسترخاء
خرجت سالى اخيرا لتجد جاسر فى الشرفه يستمتع بفنجان القهوه بعدما انهى افطاره فأغلقت باب غرفه النوم الرئيسيه وارتدت ملابسها
نظرت طويلا الى نفسها فى المرآه لقد انتقت منذ عده ايام طقما ابيضا اللون يعلو بلوزه ورديه ...اليست بعروس؟ياللسخريه!فرت دمعه من عيناها فمسحتها بسرعه فهى لن تستغرق فى الشفقه على ذاتها عليها التحرك بسرعه للامساك بزمام حياتها التى فلتت منها منذ زمن طويل منذ خطبتها الاولى
فتح جاسر الباب فجأه ووقف يتأملها بسخريه واضحه ثم قال بتهكم: ايه الشياكه دى كلها ؟
نظرت له سالى شزرا ولم ترد عليه وامسكت بحقيبتها وخرجت اخذ جاسر فستان الزفاف وروبها الابيض الناعم ووضعهم بحرص فى شنطه متوسطه مع بدلته الفاخره
خرج ليجد سالى تقف فى الشرفه يعلو ملامحها علامات الحزن العميق فتوجه لها وقال: فطرتى؟
لم ترد عليه سالى ...فقال فى نفاذ صبر وقد علت نبره صوته: ردى عليا فطرتى
نظرت له سالى بتحدى ولم ترد بعند فقال: طيب يالا
خرجت سالى من الفندق وتوجهوا الى المطار انهى جاسر اجراءات السفر فى سلاسه ويسر بفضل شبكه علاقاته الواسعه وجلس فى صاله الانتظار لكبار الركاب صامتا يشغل باله الكثير من الامور اولها ابنه بالطبع واخيه ...زياد عزم جاسر على مواجهته فور رجوعه من امريكا
رن هاتف سالى لتجد انها والدتها الحبيبه تريد الاطمئنان عليها بالطبع ردت سالى بصوت اجتهدت ان تجعله طبيعيا ملىء بالسرور وقالت: الو صباح الخير يا ماما
مجيده:؟ صباح الخير ياحبيبه ماما ..عامله ايه يا سالى ..وحشتينى اووى هاه طمنينى
سالى: تجاهلت سالى مغزى السؤال الذى تفهمه جيدا وقالت: احنا الحمد لله وصلنا المطار من شويه الطياره كمان نص ساعه كده
مجيده: تروحوا وترجعوا بالف سلامه خدى بابا عايز يطمن عليكى
محسن: الو ..ايوه يالولو
كادت سالى ان تبكى واغروقت عيناها بالدموع بالفعل لدى سماع صوت ابيها فنظر لها جاسر متمعنا وضعت سالى يدها على فمها لثوانى واستجمعت نفسها وقالت بصوت فرح: ايوه يا بابا ازيك؟... وتهدج صوتها وقالت:وحشتينى اووى
محسن: وانتى اكتر يا لولو عامله ايه النهارده كويسه صحتك احسن ؟
سالى: الحمد لله يابابا ماتقلقش انا كويسه
محسن: طيب عال ادينى جاسر اسلم عليه
نظرت سالى الى جاسر الذى يراقبها واجما مدت له هاتفها وقالت بصوت جاف: بابا عايز يسلم عليك
اخذ جاسر الهاتف ورد بحيويه فائقه: الو ..ازيك ياعمى وازى طنط عاملين ايه؟
محسن: احنا الحمد لله انتو اخباركو ايه ؟
جاسر: من اولها هشتكيلك منها ياعمى يرضيك مارضيتش تفطر
محسن: ياخبر ...
جاسر: خد بأه قولها تفطر عشان هيا مغلبانى انا عارف غلاوتك عندها
اعطى جاسر سالى الهاتف وعيناه تحمل معنى جديدا للتسليه فنظرت له بحنق واخذت الهاتف وقالت: الو
محسن: كده برضه يا لولو كده مافطرتيش كل ده
سالى: يابابا جاسر بيحب يكبر الاومور هاكل لما اجوع
محسن: عشان خاطرى كلى حاجه صغننه كده خلينى ابقى متطمن عليكى ولا تاخدى ماما بأه تديهوملك هه؟
سالى: لا لا لا خلاص هفطر ..هفطر
انهت سالى المكالمه التليفونيه ونظرت الى جاسر وقالت: الصبح كنت بتقولى الاسرار ماتطلعش بره ودلوقتى بتشتكى لبابا
نظر لها جاسر وقال بلامبالاه: عادى يعنى هوه ده سر وبعدين ده عشان مصلحتك
سالى بسرعه: خليك فى حالك.. مصلحتى انا عارفاها كويس
جاسر بهدوء: مش باين
سالى: ياسلام وايه اللى خلاك تقول كده؟
جاسر: مصلحتك معايا تطيعينى هتلاقى كل الدنيا ماشيه تعصى امرى هتشوفى اللى حيحصل
سالى: واطيعك فى ايه؟ انت كنت محتاج حته ورقه تقول انك اتجوزت واديها معاك مطلوب منى ايه تانى ؟
جاسر: الورقه دى انا كنت اقدر اجيبها بجوازى من اى واحده ...لكن انا اخترتك انتى بالذات عشان تكونى ام لسليم ابنى
سالى: اوك ...اصلا سليم الصغير هوه الحسنه الوحيده فى الجوازه دى كلها
نظر لها جاسر متعجبا فقد ظن انها سترفض مراعاه ابنه واعتبارها ام لها: هتاخدى بالك منه كويس
هزت سالى رأسها بتأكيد وقالت: بس على شرط
جاسر: ايه هوه؟
سالى: مالكش دعوه بيا انا ام لابنك لكن مش زوجه ليك
قال جاسر باستخفاف: الاجانب بيقولها ايه... ااه... يو ار نوت ماى تايب
سالى: يبقى اتفقنا ..ادارت سالى وجهها للناحيه الاخرى تتابع الحركه خارج النافذه وفؤجئت باحدى المضيفات الرشيقات تقف امامهم قائله بصوت هامس وابتسامه مغريه: تحت امركم.
ابتسم جاسر لها وتأمل جسدها بوقاحه وقال: فنجان قهوه مظبوط وعصير ...تحبى تشربى ايه يا حبيبتى "موجها كلامه لسالى "
ردت سالى فى عند: شاى وكرواسون من فضلك
بعد قليل حضرت المضيفه بردائها الضيق القصير ومالت بدلال على جاسر الذى ابتسم لها ابتسامه مغويه وناولته فنجان القهوه فى يده
نظرت له سالى مانعه نفسها بحنق من الشعور بالغيره وتظاهرت بالبرود التام وتناولت فنجانها وارتشفت منه رشفه صغيره
انهت سالى افطارها المختصر وسمع كلاهما نداءا آليا ينبه الركاب للتوجه الى بوابه الطائره حيث ستقلع فى غضون 20 دقيقه
قام جاسر وسار خطوات بسيطه اتبعته سالى وركبو اخيرا.
اقلعت الطائره مودعه سماء مدينه برج العرب متجهين الى الولايات المتحده الامريكيه نظرت سالى من النافذه وعجزت نظراتها عن اختراق المجهول
وبعد عده ساعات حطت الطائره على ارض ولايه كاليفورنيا الامريكيه
نزلت سالى من الطائره برفقه جاسر تتأمل عالما اخرا يبعد الآلآف الاميال عن موطنها
لاحظت سالى ان كل شىء يسير بسرعه فائقه الناس المواصلات حتى الكلمات خرج جاسر من المطار ووجد سياره فارهه تنتظره بأمر من محاميه اقلته وعروسه الى بيت فاخر استأجره له المحامى ليمكث فيه حتى ينتهى من اجراءات المحاكمه التى ستبدأ غدا
دخلت سالى البيت المكون من طابقين ولاحظت الاثاث العصرى الرائع والمفروشات الانيقه استطلعت سالى المكان فيما توجهه جاسر الى الاريكه وجلس وامسك الهاتف الارضى وضرب رقم المحامى وتناقش معه فى مستجدات الامور وطلب منه موافاته فى المساء.
اما سالى فاتجهتالى غرفه النوم الرئيسه الواسعه شاعره بالتعب مخلوطا الانبهار من روعه المكان ونظافته وهدوءه
وفتحت النافذه التى تطل على حديقه واسعه بها اشجار عاليه جائها النسيم حارا اكثرا حراره من الجو بمصر ولكنه عليل
استنشقته سالى بسعاده ومنحها انتعاشا وقتيا نسيت به قليلا من هموما وهواجسها
دخل جاسر الى الغرفه وقال: نقيتى الاوضه دى انتى يعنى.
سالى: ااه
جاسر: والتانيه ماعجبتكيش ليه
سالى: دى عفشها كريمى التانيه اسود
جاسر: يعنى انا ليا الاسود
نظرت له سالى بسأم ولم ترد قال جاسر: مش جعانه
سالى: توء
جاسر: وبعدين؟ اكلم بابا تانى ؟
سالى باستهتار: اعمل اللى انت عاوزه انا هاخد دوش عن اذنك
جاسر: طيب براحتك
خرج جاسر تاركا الغرفه واتجه الى الغرفه المقابله لها مردا فى نفسه: اسود ...ماشى ياسالى اسود اسود
فكت سالى حقيبتها وعلقت ملابسها القليله فى الدولاب ونظمت اشياءها ودخلت الى الحمام لتغتسل من عناء السفر
خرجت وارتدت فستانا قطنيا عاريا وقصيرا زهرى اللون يعلو ركبتها بقليل وارتدت حذاءها الخفيف من اللون نفسه وسرحت شعرها البنى الناعم الطويل وتركته منسدلا ورشت من عطرها المفضل "كاسيليا"بوفره.
ثم نزلت درجات السلم واتجهت الى المطبخ الواسع ذو الطابع الامريكى فتحت الثلاجه الضخمه وجدتها تعج بأصناف شتى من الطعام المعلب والفاكهه الطازجه
فاعدت بعض شطائر الهامبورجر المشوى والسلطه
توجه جاسر الى المطبخ متبعا رائحه الطعام اللذيذ حافى القدمين مرتديا بنطالا قصيرا اسودا اللون وصدره عارى
دخل دون ان تشعر به سالى واقترب منها بهدوء واضعا يده على خصرها النحيل مما ارجف سالى فدفعت يده بعيدا واستدارت واحمرت وجنتيها فقال لها جاسر ساخرا: بتعملى ايه؟
ردت سالى بصوت مبحوح: بورجر وسالط
جاسر: اساعدك فى حاجه
سالى: الاطباق فى الدولاب ده مش طيلاها
فتح جاسر الخزنه وتناول طبقين كبيرين بيسر وقال: حاجه تانيه ؟
سالى: كاسين عشان الكولا
جاسر: دى وجبه امريكيه بأه من اولها لاخرها
سالى: اللى لقيته
جاسر: كله من ايدك حلو
ثم امسك يدها وقال بصوت قاس يحمل تهديدا واضحا: الا الضرب ...انا عدتلك القلم اللى اديتهونى بس عشان كنتى فى حاله عصبيه مش تمام وانا مسكت اعصابى لكن لو فكرتى تعمليها مره تانيه هتلاقي بدال القلم عشره ...ومش هيكفينى
سحبت سالى يدها وقالت بتحدى: وانا عديتلك الاهانات اللى انت اهنتنى بيها ولو اتكرر تانى هتلاقى بدال القلم عشرين ومش هيكفينى ...اظن كده نبأه خالصين
استدارت سالى ووضعت شطريتها فى الطبق مع كثير من السلطه وصبت لها كأس من المشروبات الغازيه وحملتهم واتجهت صاعده الى غرفتها تاركه جاسر بمفرده ناظرا لها بعمق.
صعدت سالى الى غرفتها حامله طعامها ودخلت غرفتها وضعت الطعام على الطاوله وتمددت على السرير على بطنها بعد ان فقدت رغبتها فى الاكل ناظره للسماء البعيده المطله من نافذتها الواسعه مديره ظهرها للباب ثم استغرقت فى بكاء طويل مشفقه على ذاتها
كانت تظنه غير كل الرجال او كانت بالاحرى تتمنى ان يختلف عن بقيه الرجال
والان لا يتعدى كونه واحد من الرجال بل اسوء الرجال.
لقد خدعها وبدلا من ان يعتذر منها اهانها وطعنها فى شرفها مبررا لنفسه استهتارها ..اكانت مستهتره ..كلا لم تكن لقد كانت عاشقه ...بل ولازالت عاشقه
تمنت لو كان بأمكانها الحكى لابيها علها تجد السبيل وتسمع منه الرشد والانصاح ولكنها ابدا لن تستطيع
يكفيه ما تحمله من قبل عندما طلقت من ايهاب كان عليها الاستفاده من درسها وواقعها المؤلم بعدم الاستعجال والتروى كما كان يأمل والدها
ولكن من اين تأتى بالتروى وكانت ترى لهفته عليها فى عينيه وتقرئها فى جميع تصرفاته
نعم...كانت.
فعل ماضى وقد انتهى
اما الحاضر
فهو مختلف تمام الاختلاف ...الان هو يستحقرها ويقلل من شأنها
رنت فى آذانها كلماته الساخره... يو ار نوت ماى تايب
وتراءت لها خيالات مغازلته الواضحه للمضيفه
رفعت سالى رأسها بشموخ ومسحت دموعها بقوه وقالت لنفسها...كفى
نعم
هذا يكفى
اوقظ جاسر داخلها شعورا بالتحدى لم تذق له مثيل من قبل.
ستتخلى عن سذاجتها ..عن براءتها ...سترد له الصاع صاعين ولكن بالحسنى كما تربت ...فعتاب اللئيم اجتنابه
بعد قليل فتح جاسر الباب دون استئذان كان يتحدث فى الهاتف النقال قائلا: اهى معاك اهيه
استدارت سالى سريعا لتراه ينظر لها برغبه مما منحها بعض السرور الخفى
قامت ومدت يدها فأعطاها الهاتف قالت مستفهمه: مين؟
رد جاسر بصوت اجش: باباكى.
جلست سالى واضعه قدما فوق الاخرى وانحنت الى الخلف بدلال وقالت بصوت فرح: الو ايوه يا بابا
خرج جاسر شاعرا بالحنق من نفسه لم يكن عليه اظهار رغبته فيها بهذا الشكل ولكنها بالفعل استطاعت اثارته ...ظهرت صوره زياد من العدم وشعر جاسر بالرغبه فى خنقه فهو السبب فى منعه من التمتع بعروسه التى اجتهد كثيرا ليجعلها زوجته فى اسرع وقت والان على الرغم من انها تستظل بظل نفس السقف معه الا انه لايستطيع ان ينال منها شيئا.
انهت سالى محادثتها الهاتفيه مع والدها والقت بالهاتف باهمال على الطاوله واضجعت ثانيه على بطنها ..بعد قليل دخل جاسر الغرفه قائلا: خلصتى التليفون؟
ردت سالى دون ان تستدير: ياريت تبقى تخبط قبل ماتدخل ..التليفون عندك على التربيزه
نظر جاسر لها بغيظ واندفع اليها مديرا اياها على ظهرها لتصبح بمواجهته ممسكا بذراعيها العاريين واقترب منها على نحو خطر ولمعت عيناه بتحدى
وقال هامساً: انا لحد دلوقتى بتصرف بالذوق معاكى ومراعيكي ومراعى اهلك وقلقهم عليكى ...كان المفروض بعد ماتخلصى تليفونى تجيبه لحد عندى
مش انا اللى اخده وكمان تقوليلى اخبط قبل ما ادخل.
ردت سالى بعصبيه: وانا مش السكرتيره بتاعتك عشان اجيبلك الحاجه لحد عندك ...تليفونك عندك انت اللى جيبته وانت اللى تيجى تاخده
ثم نفضت ذراعيها بعصبيه ودفعته بعيدا عنها وقامت وفتحت الباب على مصراعيه ووقفت بجانبه مشيره له بصمت ان ينصرف ...
شعر جاسر بالاهانه فهى تطرده من الغرفه فى البيت الذى دفع ثمن استئجاره
خرج جاسر من الغرفه ناظرا لها بقوه وقال: بتطردينى يا سالى ..طيب ...بس ماتجيش بعد كده تشتكى
سالى ببرود: انا مابتطردكش انا بس بفتحلك الباب انت حر ..عايز تخرج تخرج ..مش عاوز انت حر
جاسر: ولو ماخرجتش.
هزت سالى كتفيها باستهتار وقالت: عادى
ثم سارت باتجاه السرير مره اخرى ونامت على بطنها كما كانت من قبل
خرج جاسر وصفق الباب خلفه لايصدق التغير الذى حدث لها ...من اين اتت بكل هذه الجرأه...؟
انصرف جاسر الى غرفته طالبا للراحه دخلها مكتئبا ...محدثا نفسه "كأن الواحد ناقص سواد"
فى تمام التاسعه مساءا حضر المحامى المخضرم "مجدى" استقبله جاسر بحماس: اهلا اهلا يا مجدى
مجدى: ازيك انت يا جاسر عندى ليك خبر بمليون جنيه
جاسر: خير ؟
مجدى: مش هتصدق مين اللى اتصل بيا النهارده ؟
جاسر: انت هتلك ليه كتير يامجدى ادخل فى الموضوع على طوول
مجدى: جده سليم مفيده هانم
جاسر: وعايزه ايه؟
مجدى: هتتنازل عن حضانه سليم
جاسر: معقول بالسهوله دى
مجدى: هيا مش بالسهوله دى بس هيا طالبه 5 مليون جنيه
جاسر: نعم؟
مجدى: بص ياجاسر احنا قدامنا طريق من اتنين ياندخل سكه محاكم وهما يماطلو فينا وتخرج سهيله من المصحه وساعتها القضيه هتاخد ابعاد تانيه ..يا ندفع لهم الفلوس وتاخد ابنك مدى الحياه وامه تتقطع صلتها بيه نهائى ولا يتقالك رؤيه ولا دياوله... وانا ممكن اضغط عليهم وانزل المبلغ شويه ..قلت ايه؟
جاسر: قلت موافق بس تنسى انها ليها ابن نهائى.
مجدى: خلاص وهو كذلك ..بس انا همشيها قانونى برده عشان نضمن حقنا ومايرجعوش فى كلامهم بكره هروح مكتب المحاماه اللى موكلينه وغالبا هتصل بيك من هناك ونخليها رسمى
جاسر: ماشى يا مجدى بس بسرعه الله يخليك عايز اخد ابنى فى حضنى وارجع بيه فى اسرع وقت ولو هيقاوحوا فى الفلوس ياخدوا اللى هما عاوزينه
مجدى: ماهو مش صح برضه نحسسهم اننا هنموت على الولد احنا فى الوقت الحالى موقفنا القانونى اقوى ومافيش حاجه تخلينا ندفع مليم واحد وممكن لو حسوا بلهفتنا يرفعوا سقف مطالبهم.
جاسر: معاك حق ...خلاص هستنى تليفون منك ...المهم تحب تشرب ايه ؟
مجدى: كتر خيرك يا عريس انا مش عاوز اطول عليك ده شهر العسل برضه وانا جاى فى وقت متأخر ...هستأذن انا وخلى الشرب لما سليم الصغير يرجع بالسلامه
ابتسم جاسر ساخرا ..عريس ...شهر عسل ! لو كان يدرى وقال: خلاص هستنى تليفون منك
مجدى: ااه صحيح خد التليفون ده خليه معاك هبقى اتصل عليك ومسجلك نمرتى ونمره الفندق اللى انا نازل فيه عشان لو فيه حاجه تقدر توصلى
اخذ جاسر الهاتف وقال: احسن كده ...متشكر يا مجدى.
مجدى: على ايه ياجاسر ده شغلى ..مع السلامه ..خليك انا عارف السكه
سار جاسر معه حتى الباب: مع السلامه
غادر المحامى تاركا جاسر شاردا فى افكاره هاهو الان سيدفع المال ليحتفظ بأبنه لم يكن هناك داعى للعجله ليتزوج كان بأمكانه التريث وطلب يد سالى للزواج من اهلها دون وقعه بتلك المشاكل الجمه والتى ادت الى نفور سالى منه بعدما كانت خاتما فى اصبعه
لايدرى اكان سوء الحظ يرافقه ام سوء تدبيره خرج الى الحديقه الخلفيه للمنزل واشتم رائحه شجر الليمون ذكرته تلك الرائحه بيوم ان كان واقفا مع سالى فى شرفه غرفته اول يوم لهما سويا فى الاقصر رفع عينيه لا تلقائيا باتجاه نافذتها رأها تشاهده منها تعلقت ابصارهم لوهله حتى توارت وراء الستار
دخل للمنزل ليجد سالى تنزل درجات السلم بادرته بالسؤال: المحامى مشى؟
جاسر: ااه من ربع ساعه كده
سالى: قالك معاد المحاكمه
جاسر: شكلها مش هترسى على محكمه اصلا
سالى مستفهمه: ازاى؟
جاسر: جدته طالبه 5 مليون قصاد انها تسيبهولى
رفعت سالى حاجبيها وحملقت به وقالت فى دهشه: هتبيع حفيدها!
ابتسم جاسر ساخرا وقال: ااه بالظبط كده ...مين يزود...
عقدت سالى حاجبيها وقالت: وانت هتدفعلها
جاسر: طبعا
سالى: ليه؟
جاسر: هو ايه اللى ليه عاوز ابنى
سالى: ايوا امال القضيه لزمتها ايه؟
جاسر: القضيه ممكن اكسبها بنسبه 99% لكن لما ادفع الفلوس ابنى هيرجعلى بنسبه 100%
سالى: تفرق معاك ال 1% اووى كده
جاسر: تفرق كتير لانى لما بعوز حاجه لازم اضمن الحصول عليها لاخر نفس ومش هسيب حتى نص فى الميه احتمال انها ماتحصلش
سالى: واراده ربنا
جاسر: فوق كل شىء كطبعا ..اسعى ياعبد وانا اسعى معاك
سالى: السعى يبقى فى الخير
جاسر: وانا عمرى ماسعيت فى شر
سالى: متأكد؟
جاسر: انا ما بأذيش حد ..عن عمد على الاقل ...ممكن على المدى القصير حد يتصور انه اتأذى او حصله ضرر لكن بيلاقى تعويض اكتر من المناسب يبقى ساعتها خالصين
سالى: غلط ..لانك ما سألتهوش اذا كان شايف ده تعويض كافى ولا لاء
جاسر: انا عارف انه كافى
سالى: عرفت منين ؟
جاسر: انتى عاوزه توصلى لايه ؟
سالى: وما اوتيت من العلم الا قليلا... ده كان الرسول عليه الصلاه والسلام اللى طلع سبع سموات ...اللى كان مكشوف عنه الوحى... انت يا جاسر تيجى جنبه فى علمك ايه؟... تصبح على خير
صعدت سالى تاركه جاسر للمره الثانيه فى الاربع والعشرون ساعه الماضيه ينظر لها بعمق ليتعلم منها درسه الثانى
كان الاول... العين بالعين.. والسن بالسن ...والبادىء اظلم
اما الثانى... وفوق كل ذى علم عليم