رواية كن ملاكي للكاتب عبد الرحمن أحمد الرداد الفصل الثالث والعشرون
الجزء الثاني من بنت القلب
اكتشف باب صغير فتقدم ودخل منه بحذر قبل أن تتسع حدقتيه ويقول بصدمة:
- نيران !
كان هذا المسلح يقوم بتوجيه السلاح إلى رأسها وهتف بلهجة مهددة:
- سيب سلاحك يا إما هقتلها
ترك «طيف» سلاحه ورفع يده مستسلمًا فحضر مسلح آخر من خلفه وأخذ السلاح الذي تركه ثم ضربه بقوة في قدمه مما أسقطه أرضا، قيد حركة يده ووجه السلاح إلى رأسه قبل أن يقول لصديقه الآخر الذي يقيد «نيران»:
- أخلص عليه ! احنا معانا هي ونقدر نخرج من هنا لو هددناهم بقتلها..
حرك رأسه بالنفي وقال معترضًا:
- لا دي مدنية وده ظابط .. هيهتموا بالظابط اكتر، أنا هخلص عليها
وقبل أن يطلق الرصاصة من سلاحه رجعت «نيران» برأسها بقوة إلى الخلف لتصطدم في وجهه وبحركة سريعة أخذت السلاح وأطلقت عليه الرصاص ثم التفتت بسرعة شديدة وأطلقت رصاصة من السلاح لتستقر في رأس المسلح الذي يقيد «طيف»، اتسعت حدقتاه بعدم تصديق ونظر لها بدهشة، كيف فعلت ذلك وهي لا تتذكر شيء ! وجه نظره إليها وقال متسائلًا:
- نيران أنتِ رجعتلك الذاكرة !
نظرت إلى نفسها وإلى السلاح الذي بيدها وتعجبت مما فعلته منذ لحظات، لم تصدق أنها قامت بهذا الأمر دون أي تدريب أو تجهيز هي فقط شعرت بشيء داخلها يدفعها لفعل ذلك، نظرت إليه وأجابته بسعادة:
- لا مارجعتش ومش عارفة أنا عملت كدا ازاي بس فرحانة أوي .. أنا ضربته وقتلت الاتنين..
ابتسم لسعادتها ونهض من مكانه قبل أن يمسك سلاحه مرة أخرى، وجه نظره إليها وقال بجدية:
- خليكِ هنا والمرة دي بجد .. أنا هطلع من السلم ده .. أكيد السلم ده سري وكانوا بيطلعوا منه، نيران متتحركيش مش علشان قتلتِ اتنين تتشجعي دي حركة كدا متعودة عليها في حياتك وحضرت دلوقتي لكن بعد كدا هتبقي بطة بلدي
هزت رأسها بالإيجاب وقالت:
- متقلقش مش هتحرك من مكاني .. اطلع أنت بس الحقهم علشان صوت ضرب النار عالي جدا..
هز رأسه بالإيجاب وانطلق إلى الأعلى بحذر عبر الدرج، توجه إلى الطابق الأول فوجد قتلى ولا يوجد أحد على قيد الحياة فتابع تقدمه إلى الأعلى إلى أن وجد شقة بها مسلحين فأطلق الرصاص على الأول الذي انتبه لوجوده وحاول إطلاق الرصاص عليه، وجه سلاحه إلى الثاني وهتف بقوة:
- ارمي سلاحك..
تراجع وقام بإلقاء سلاحه فتقدم هو وقيد يده خلف ظهره بكلبش وتركه مكانه ثم اتجه إلى الأعلى وكان الطابق الأخير، كان به أربعة مسلحين خرج منهم اثنان ووجدا «طيف» فأطلقوا الرصاص بكثافة، اختبأ خلف الحائط وانتظر حتى هدأت النيران وخرج مرة أخرى وهو يطلق الرصاص بكثافة حتى أوقع أحدهما ثم اختبأ خلف الحائط مرة أخرى، التقط أنفاسه وقام بتبديل خزانة الرصاص للسلاح الخاص به ثم تقدم إلى الداخل بقلب شجاع غير خائف وأطلق الرصاص بكثافة حتى أوقع الآخر وتقدم إلى الداخل إلى أن وجد أحد المسلحين يطلق الرصاص من النافذة على رجال الشرطة فأطلق الرصاص عليه وأوقعه، شعر بحركة خلفه فالتفت مسرعًا ليجد هذا المسلح الذي كاد يطلق الرصاص عليه إلا أن نيران دلفت إلى الداخل بسرعة وأطلقت الرصاص عليه لتوقعه أرضا، نظرت إليه بابتسامة قائلة:
- مفيش داعي للشكر .. أنقذت حياتك للمرة التانية..
ابتسم ثم أتجه إليها وضمها بحب قائلًا:
- دايما وطول عمرك بطلة .. وعد مني مش هسيبك تضيعي مني تاني حتى لو فيها موتي
رغم عدم تذكرها له إلا أنها شعرت بالراحة والطمأنينة بين أحضانه، ودت لو لم تتركه وتظل هكذا لكنه تركها واتجه إلى النافذة ثم أشار إلى رجال الشرطة ليخبرهم بأن الوضع تحت السيطرة.
أنهى «نائل» عمله ونظر إلى الساعة فوجدها السادسة والربع فترك ما بيده وأسرع إلى الخارج متجهًا إلى منزله حتى يلحق الافطار مع عائلته وأثناء خروجه وجدها تخرج هي الأخرى من مكتبها فنظرت إليه بتعجب قبل أن تقول متسائلة:
- ايه ده يا نائل أنت لسة هنا ؟ فاضل أقل من ساعة على الفطار !
ابتسم وأجابها بهدوء:
- معلش كنت بنهي كام حاجة من اللي بلغتك بيهم علشان ننجز وإن شاء ألحق الفطار بس ماقلتيش أنتِ طولتِ كل ده ليه ؟
ضمت يديها إلى بعضهما وقالت بحماس:
- كنت بظبط لحاجة كدا بما إننا داخلين على كذا صفقة كويسة وهيبقى لينا اسم كبير
رفع إحدى حاجبيه ليقول بتعجب:
- حاجة ايه ؟ تخص الشركة وكدا يعني ؟
هزت رأسها بالإيجاب وقالت بحماس شديد:
- أيوة، هنعمل إعلان وندخل بيه إعلانات رمضان السنة دي وكنت بفكر في حاجة كرييتيف وتكون كويسة في نفس الوقت وتشد العملاء لينا وتساعدنا نكبر أكتر وأكتر وفعلا لقيت الحل وهكلم كذا حد بالليل ونتفق على كل حاجة علشان من بكرا نبدأ التنفيذ علشان الإعلان ينزل في خلال يومين بالكتير أوي..
تحمس للأمر كثيرا وقال بابتسامة:
- حلو جدا الموضوع ده وزي ما قلتِ هيساعدنا كتير مع الصفقات الجديدة اللي الشركة هتعملها، توكلي على الله وخير إن شاء الله
هزت رأسها بابتسامة وقالت:
- إن شاء الله، يلا الحق روح بقى علشان فاضل وقت قليل على المغرب وأنا يادوب ألحق برضه
أشار «طيف» إلى «نيران» وقال بابتسامة:
- أنقذتني مرتين من الموت، هي دي نيران اللي أعرفها
اقتربت منها «فاطمة» وربتت على كتفها بابتسامة قائلة:
- رغم إني قلتلك ماتتحركيش وصممتِ على اللي في دماغك بس اللي عملتيه أنقذ حياتنا كلنا..
ابتسمت «نيران» بسعادة وقفزت كالأطفال بينما اقترب «رماح» ونظر إليها بعدم رضا قائلًا بغضب:
- احنا مش بنلعب .. اللي بنعمله ده فيه حياة أو موت وإن سعادتك تنزلي وتيجي وراهم من نفسك ده غلط ومش صح وكنتِ هتودي نفسك في داهية .. أنا مش معاهم إنهم يشجعوكي لأن ده اسمه هبل
نظر إليه «طيف» وقال بضيق:
- لو هتكلمها تكلمها عدل لأن دي مراتي تمام !
رفع صوته أكثر وتابع:
- ثانيا بقى وده الأهم فهي أنقذتني مرتين من الموت ولولاها ماكناش عرفنا ندخل ولا نطلع لفوق وكان زمان في كتير مننا وقعوا أكتر من اللي وقعوا وأظن الدنيا عدت على خير، ياريت توفر عصبيتك دي لنفسك
اتسعت حدقتاه بغضب قبل أن يقول مهددا:
- أنت اتجننت ؟ ازاي تكلمني كدا ! أتكلم عدل يا سيادة الرائد..
سحب «طيف» نيران من يدها وقال بغضب:
- ده كلامي وطالما سيادتك شايف نفسك علينا كدا أنا مش هسمح ونيران خط أحمر، أنا مش عارف أنت شايف نفسك زيادة عن اللزوم كدا ليه ! بتعلي صوتك على الفاضي والمليان كدا ليه ! عايز تروح تقول للواء أيمن روح وأنا كمان هروح واطلب منه أخرج من المجموعة دي لأني زهقت ونيران كانت هتضيع مني .. أقولك أنا هقدم استقالتي وأرجع لشغلتي القديمة تاني لأني مش مستعد أخسرها تاني..
سحبها من يدها ورحل بعيدًا تاركًا «رماح» في صدمة كبيرة مما قاله وفي تلك اللحظة نطقت «فاطمة» وقالت معترضة:
- ماكانش له لزوم عصبيتك وكلامك ده ! طيف عنده حق ولولاها ياعالم كان حصل ايه سواء طيف جراله حاجة أو رجالة كتير وقعوا مننا، أيوة هي غلطانة بس ماتنساش إنها كانت مننا وأكيد مهما حصلها أو فقدت الذاكرة فهي متعودة على التدريبات وكل حاجة اتعلمتها
لم يتحمل سماع أكثر من هذا فرحل ليتابع بقية الإجراءات وهو يقول:
- ده احنا مابقيناش شغالين في شرطة .. احنا كدا بنهزر .. بعد اذنك أشوف شغلي..
أوقف سيارة أجرة لتوصله هو وهي إلى المنزل لكن في تلك اللحظة رُفع أذان المغرب فنظر إلى السائق وقال:
- طيب معلش يااسطا لحظة هجيب حاجة أفطر بيها
ترك السيارة واتجه إلى كشك صغير وقام بإحضار العصير والكيك له ولزوجته وللسائق ثم اتجه إلى السيارة مرة أخرى ومد يده للسائق بالعصير والكيك الخاص به فابتسم وقال بحب:
- تسلم يا باشا أنا مش صايم .. أنا مسيحي واسمي أبانوب..
ابتسم «طيف» وقرب يده أكثر وهو يقول:
- وايه يعني يا أبانوب خد ياعم احنا أخوات .. يلا ماتكسفش أيدي
ابتسم وأخذها من يده بينما هو عاد إلى الخلف بعدما أخبره بالعنوان ومد يده لـ «نيران» بما أحضره فرفعت إحدى حاجبيها قائلة:
- بس أنا فطرت .. أنت ناسي ولا ايه
تركهم على قدمها وقال مازحًا:
- عادي يا قلبي الكرش يحب الزيادة..
بدأ في تناول الكيك مع ارتشاف العصير قبل أن يهتز هاتفه برنين، سحبه من جيب بنطاله ورفعه على أذنه وهو يقول:
- أيوة يا ماما .. معلش .. لا لا هنيجي نفطر طبعا هو في أحسن من أكل البيت .. عارف إن أكل برا مش مضمون وفيه جراثيم .. وربنا عارف إنه بيجيب تسمم .. حاضر مش هاكل برا واحنا جايين أهو .. يوووه اندومي ايه يا ماما هو أنا بطيقه أصلا ! متخافيش .. حاضر
بدأوا في تناول الإفطار وتحدث «زين» بجدية قائلًا:
- بالمناسبة دي يا جوز خالتي أنا فكرت ولقيت إننا نعمل كتب الكتاب والفرح بعد العيد إن شاء الله، ها رأيك ايه؟
فكر قليلًا قبل أن يجيبه برضا:
- كويس جدا وتكون كل حاجة جهزت إن شاء الله، أنتِ رأيك ايه يا نايا ؟
ابتسمت وهزت رأسها بالإيجاب قائلة:
- كويس جدا يا بابا وأنتِ يا ماما رأيك ايه..
ابتسمت بحب قبل أن تجيبها:
- اللي تشوفوه يا حبايبي وأنا معاكم، نبدأ نجهز للفرح من دلوقتي وللدعوات وكدا .. ربنا يسعدكم
ابتسم «زين» وربت على يدها بحب وهو يقول:
- تسلميلي يا أمي التانية
هنا تحدثت الصغيرة «رقية» وقالت بسعادة:
- أنا هلبس فستان أبيض في الفرح علشان أبقى عروسة زي نايا..
ضحك الجميع وأجابتها «نايا» بحب:
- طبعا يا رورو ده أنتِ أجمل وأحلى عروسة
داعب «زين» وجنتيها بحب وقال بابتسامة:
- ربنا يديني العمر يا رورو وأسلمك لعريسك وأفرح بيكي يارب
جلست على السفرة وحدها لتناول الإفطار، شعرت بالوحدة الشديدة فهي الآن وحدها على عكس السابق لكن هي من وضعت نفسها في هذا الموقف، هي من رفضت تناول الإفطار مع العائلة وفضلت البقاء وحدها، تعجبت من تفكيرها السابق، ظلت شاردة تفكر هل ستستطيع إصلاح علاقتها مع عائلتها أم لا، انهمرت دموعها ورفعت يدها إلى السماء وهي تقول:
- يارب أنا عارفة إني كنت غلطانة ووحشة وزعلت أختي الصغيرة وأخويا وغلطت كتير بس عرفت غلطي ده، يارب سامحني وساعدني أصلح كل المشاكل اللي بينا، يارب ساعدني أرجع ياسمين بتاعة زمان وابعد الشر والحقد والكره من قلبي، يارب
أنهى المكالمة ونظر إلى «نيران» التي وجدها تضحك عليه فرفع إحدى حاجبيه وهو يقول:
- ايه هو أنا أراجوز ولا ايه ؟
هزت رأسها بالنفي وأجابته:
- تؤ بس شكلك مضحك ولما بتتكلم بحسك تافه .. مش عارفة أنت ازاي ظابط وكنت دكتور بالتفاهة دي
رفع إحدى حاجبيه وقال بعدم رضا:
- ايه يا نيران هنقضيها تنمر ولا ايه وبعدين الحياة تحب الخفية دي مش تفاهة ده أسلوب حياه .. في مثل بيقول خليك ايزي ميزي وابسط وماتبقاش مزاميزي..
رفعت حاجبيها بتعجب وقالت بتلقائية:
- مزاميزي ؟ يعني ايه ؟
ابتسم واجابها:
- مزاميزي يعني حزايني ومدية للدنيا قفاكِ ولما تدي للدنيا قفاكِ هتمسي عليكِ بأحلى كف فخلينا احنا ايزي ميزي ونبص للدنيا بوشنا بس أنتِ عارفة هتدينا بالكف احنا كمان بس على وشنا مش قفانا لأن الدنيا غدارة..
صمتت للحظات حتى تستطيع فهم ما يقوله فتابع هو:
- ماتحاوليش تفهمي أنا نفسي مش عارف أنا بهبد وبقول ايه المهم أمك كلمتني وأنا طمنتها عليكِ واجهزي علشان في جلسة عند الدكتور النفسي بتاعك النهارده بليل
قطبت جبينها وقالت بتلقائية:
- وائل ؟
هز رأسه بالنفي وأجابها بابتسامة واسعة:
- لا أنا .. العبد لله رجعلك الذاكرة مرة وبإذن الله هكررها مرة تانية بس أنتِ حطي ايدك في ايدي وساعديني علشان نهزم الأشرار ونرجعلك الذاكرة
اختفت ابتسامتها وقالت:
- أنا خايفة يرجعلي الذاكرة .. خايفة أفتكر حاجة تكون وحشة ليا أو حصلتلي .. خايفة أكون عشت فترة وحشة ولما أفتكر اتأذي وأتعب .. هو أنا فقدت الذاكرة المرة التانية ازاي ؟
أطبق بيده بحب على يديها حتى يشعرها بالطمأنينة والحب وقال:
- ماتخافيش طول ما أنا جنبك .. أنا مستعد أموت علشان خاطرك وعلشان أنتِ تعيشي أما عن سبب فقدانك للذاكرة فأنا ماأعرفهوش بس هفهمك حصل ايه النهارده بالليل في الجلسة تمام !؟
هزت رأسها بالإيجاب وقالت:
- تمام
كان يتناول الإفطار مع والدته وشقيقته عندما قالت والدته:
- طمني يا حبيبي أخبار الشغل ايه
ابتسم وأجابها بهدوء:
- بخير الحمدلله يا ماما وكل حاجة تمام، ربنا عوضني خير في الشغل ده .. بعد ما كنت ماشي أكلم نفسي ومش لاقي شغل ربنا فتحها عليا ورزقني بالشغل ده ومش بس كدا ده أنا بقيت نائب رئيس مجلس إدارة الشركة، عوض ربنا جميل أوي بس احنا نصبر وندعي ومانزعلش على الحاجة الوحشة اللي تحصلنا، ده غير دعاكي طبعا يا ست الكل..
ابتسمت ورفعت يدها إلى السماء وقالت:
- ربنا يرزقك كمان وكمان ويوقفلك ولاد الحلال في طريقك يا نائل ياابني ويرزقك ببنت الحلال اللي تسعدك وتكون سندك وكل حياتك في الدنيا
مال برأسه على كتفها بحب وقال:
- أنتِ سندي وكل حياتي يا ست الكل، من غيرك أنا ولا حاجة .. ربنا يقدرني وأكون سبب في فرحتك زي ما بتفرحيني على طول بدعاكي ليا
رفت «يارا» حاجبيها وقالت بعدم رضا:
- يعني ماليش أنا في الدعاوي دي جانب ولا ايه؟
ابتسمت والدتها ورددت بحب:
- ازاي يعني يا يارا ده أنتِ الخير والبركة كلها، ربنا يحميكي يا حبيبتي وأفرح بيكِ يارب
وصل إلى المنزل بصحبة نيران وجلس لتناول الإفطار وسط عائلته وقص على والدته ما حدث بعد إلحاح شديد منها ثم نظر إلى والده وقال بدون مقدمات:
- بابا أنا هقدم استقالتي بكرا
اتسعت حدقتيه وترك الطعام من يده وهو يقول بعدم تصديق:
- تقدم ايه ! هو لعب عيال ؟
ترك هو الآخر الطعام ونظر إلى والده وهو يقول بجدية تامة:
- لا مش لعب عيال يا بابا بس مش هينفع أشتغل مع رماح ده أولا وثانيا وده الأهم أنا مش عايز أخسر نيران تاني وأظن هي هتقتنع بده لأني هكلمها تقدم استقالتها هي كمان، أنا عارف إنك كلمتني وقلتلي كلام كتير يصبرني بس أنا خواف .. خايف أخسر حد بحبه بسبب شغلي، لو هخسر نفسي أنا بس فأنا موافق بس خوفي مش على نفسي وحضرتك عارف كدا كويس، مش هنكر إني نجحت في شغلي ده أكتر ما نجحت كوني دكتور بس ماكنتش متوقع إني في يوم من الأيام ممكن أخسر حد زي نيران .. طول ما أنا وهي ظباط هنكون عرضة للخطر علشان كدا لازم أنا وهي نستقيل .. سميها خوف أو سميني جبان بس ده حقي إني أستقيل..
نظر إليه والده بغضب وهو يقول:
- وسعادتك بقى هتشتغل ايه لما تستقيل ! وبعد كل اللي عملته ده والترقية تستقيل بالسهولة دي ؟
ابتسم بتألم قبل أن يجيبه:
- هرجع أشتغل دكتور تاني مش هغلب ومش هستقيل بسهولة ده بعد ما حسيت إن نيران ممكن تضيع مني وضيف على ده رماح اللي شايف نفسه زيادة عن اللزوم
هز رأسه بالإيجاب قائلًا:
- اللي يريحك يا طيف بس راجع نفسك علشان ماتندمش إنك أخدت قرار غلط..
نظر إلى «نيران» التي كانت شاردة لا تتحدث ثم نظر إلى والده مرة أخرى وأجابه:
- ماتقلقش يا بابا أنا مش هندم .. ده قرار نهائي
تابع تناول الإفطار ثم صعد إلى الأعلى بصحبة «نيران» التي نظرت إليه بتعجب وهو لم يستطع تفسير تلك النظرات، جلس أمامها وقال:
- مستعدة للجلسة ؟
حركت رأسها بالإيجاب وقالت:
- مستعدة بس قبل ما نبدأ الجلسة عايزة أقولك حاجة
قطب جبينه بدهشة وهو يقول:
- حاجة ايه ؟
مدت يدها وأمسكت بيده بحب وابتسمت قائلة:
- أنا لو منك أفضل في الشغلانة دي .. مفيش راجل شرطة مش بيتعرض للخطر ولو بتعمل ده كله علشاني فأنا بقولك أهو كمل، اينعم أنا مش فاكرة حاجة ولا فاكرة أنا كنت بعمل ايه بس واثقة إني كنت بحبك أوي قبل ما أفقد الذاكرة، في حاجة شداني ليك بطريقة رهيبة .. أقولك على حاجة ! أنا بحب أبصلك أوي .. فاكر لما ضحكت عليك في العربية ! كان نفسي أحضنك، مش عارفة ايه الأحاسيس دي كلها .. أنا في يوم واحد حبيتك أوي ودخلت قلبي..
زادت من قوة قبضتها على يده وتابعت:
- أيوة أنا مش فاكرة حاجة بس بتعامل كأني فاكرة كل حاجة .. حاسة إني في أمان معاك .. الصبح لما حضنتني ماكنتش عايزة أسيب حضنك .. كنت عايزة أفضل في حضنك طول عمري .. طيف أنا مش عارفة قلتلك كدا وأنا فاكرة كل حاجة ولا لا بس هقولك دلوقتي .. أنا بحبك .. أيوة في يوم واحد حبيتك أو قلبي هو اللي حاجز لحبك مكان ومهما فقدت الذاكرة هيفضل المكان ده محجوز .. أنا مش فاهمة ولا عارفة أفسر حاجة بس هطلب منك طلب .. ممكن تحضني ؟