قصص و روايات - قصص بوليسية :

رواية كن ملاكي للكاتب عبد الرحمن أحمد الرداد الفصل الرابع والعشرون

رواية كن ملاكي للكاتب عبد الرحمن أحمد الرداد

رواية كن ملاكي للكاتب عبد الرحمن أحمد الرداد الفصل الرابع والعشرون

الجزء الثاني من بنت القلب

نفذ رغبتها وضمها إلى صدره بحب، أغلقت عينيها وشعرت براحة وطمأنينة افتقدتها كثيرا، لا تعلم كم من الوقت بقيت هكذا لكن ما يريحها الآن وجودها بالقرب منه، ظلت هكذا لفترة طويلة زادت عن نصف ساعة وقرر «طيف» عدم إبعادها لأنه افتقدها هو الآخر كثيرًا، ابتعدت قليلا عنه ونظرت إلى عينيه قائلة:
- آسفة .. كدا اتآخرنا على الجلسة صح ؟

هز رأسه بالنفي وأجابها بحب:
- حضنك ينسي أي جلسة وينسي الدنيا بحالها، مش قادر أوصفلك أنتِ وحشتيني اد ايه، أنا كنت حاسس إن الدنيا اتسحبت مني يوم ما بعدتِ عني ولما شوفتك تاني وجيتِ في حضني بقيت حاسس إن الدنيا كلها تحت رجلي ... يلا يا حبيبتي نبدأ الجلسة علشان ترجعلك الذاكرة إن شاء الله..

ابتسمت بحب وعادت إلى الخلف قبل أن تستلقي أمامه وتقول:
- أنا جاهزة يا دكتور
ابتسم هو الآخر واقترب قليلا منها وبدأ حديثه قائلًا:
- عايزك تنظمي نفسك .. اتنفسي بصورة طبيعية .. اسحبي الهواء وطلعيه بهدوء ونظام .. يلا ورايا شهيق زفير.

نفذت ما قاله وبدأت تتنفس بنظام فتابع هو:
- غمضي عينيكِ واتخيلي نفسك واقفة في وسط الظلام اللي أنتِ شايفاه ده .. اتخيلي نفسك بتتحركي ومش شايفة حاجة .. دوري على مصدر ضوء يخرجك من الضلمة دي .. ماتيأسيش ودوري كويس في كل مكان واتخيلي إن النور ده هو حياتك اللي قبل كدا ولو شوفتي حاجة بلغيني..

نفذت ما قاله وشعرت أن أنفاسها المنتظمة بدأت في الزيادة رغمًا عنها، حاولت السيطرة عليها لكنها لم تستطع وأصبحت تتنفس بصورة عشوائية ولاحظ هو ذلك لكنه تركها كي تستطيع الوصول إلى هذا الضوء، حركت رأسها بعشوائية كأنها ترى كابوس مزعج ولا تستطيع الاستيقاظ منه، بدأ جسدها يرتعش وينتفض وبدأ العرق يتصبب من جبهتها فأمسك كلتا يديها وهتف بصوت شبه مرتفع كي يفيقها:
- نيران ! نيران فوقي أنا جنبك..

فتحت عينيها ونظرت حولها بقلق ثم نظرت إليه بخوف قبل أن يمسح على رأسها بحنو قائلًا:
- اهدي خالص ماتخافيش أنا جنبك .. أنا جنبك يا حبيبتي ماتقلقيش .. قوليلي بقى شوفتي ايه
أخذت وقت حتى استطاعت تنظيم أنفاسها مرة أخرى وهدأ خوفها قليلا، نظرت إليه وبدأت في سرد ما رأته:
- أنا سمعت كلامك وفعلا حسيت إني موجودة فعلا في مكان كله ضلمة .. حاولت أمشي وكنت ماشية بحذر وخايفة أتكعبل في حاجة أو أقع لغاية ما شوفت ضوء خفيف جدا بس لونه أحمر ساعتها حسيت إن الأكسجين اللي في المكان كله اتسحب وباخد نفسي بالعافية بس كملت لغاية ما لقيته ..

كان مديني ضهره ومش ظاهر منه غير أجزاء بسيطة جدا في وسط الضلمة .. كان لابس زي جلبية بس سودة وطالع منها ظعبوط أسود ومغطي راسه .. شكله عامل زي بتوع الهاكر كدا وفجأة لف ليا بس وشه ماكانش ظاهر .. هدومه والظعبوط ده بس اللي باين وهمس بصوت كأنه في ودني وقال العهد الأول تم تنفيذه .. قريبا سوف يحل الدمار بعدها لقيت جسمي بيترعش وفجأة لقيتك بتصحيني..

ضمها إليه وربت على ظهرها وهو يقول:
- ماتخافيش يا حبيبتي مفيش حاجة، ده ممكن اللي حصلك في فترة ما كنتِ مخطوبة .. اهدي بس وبكرا نكمل علشان ماتتعبيش تمام ؟
هزت رأسها بالإيجاب قائلة:
- تمام تمام

لم تترك مكانها وظلت شاردة تفكر في حل لهذا الأمر وتذكرت الماضي السعيد، تمنت لو تعود بالزمن للماضي حيث عائلتها وطيبة قلبها ونقائها، تمنت لو طال هذا الحلم الجميل لكنه انقضى ورحل معه شخصيتها المرحة والمُحبة، رفعت رأسها إلى الأعلى وظلت شاردة إلى أن حضر «زين» وبيده شقيقته الصغرى «رقية» تعجب من جلسة شقيقته فاقترب منها ووضع يده على كتفها قائلًا بقلق:
- ياسمين أنتِ كويسة ؟ تعبانة ولا حاجة أكلم الدكتور ؟

رغم سوء معاملتها له إلا أنه مازال يحبها ويخاف عليها ونسى ما قالته في الصباح له، انهمرت الدموع من عينيها ونهضت من مكانها قبل أن تلقي بنفسها في أحضانه وتنفجر في البكاء، زاد قلقه ومسح بيده على رأسها بحب ليقوم بتهدأتها وردد:
- اهدي يا ياسمين ماتعيطيش يا حبيبتي .. فهميني بس حصل ايه وايه اللي مزعلك كدا ؟ الواد اللي اسمه يوسف ده أذاكي في حاجة أروح أطلع عينه واخدلك حقك ؟

هدأ بكائها قليلا وابتعدت حتى تنظر إلى وجهه وقالت:
- لا بس أنا آسفة على كل حاجة عملتها .. أنا عارفة إني زعلتك أنت ورقية كتير بس والله غصب عني وأوعدك هكون ياسمين بتاعة زمان الحنينة وأم قلب طيب بس ماتزعلوش مني
تأثرت الصغيرة بحديثها وتقدمت لتحضن قدمها بحب فابتسم «زين» وضمها هو الآخر قائلًا:
- أنا عمري ما زعلت منك ولا هزعل يا ياسمين ده حتى بابا موصيني عليكِ وعلى رقية وأنا مستعد أموت علشان تتبسطوا وتعيشوا أحسن حياه، أيوة أنا أصغر منك بس بحس إني أكبر واحد ومسئول منكم .. خليكِ عارف إن محدش هيحبك ويخاف عليكِ أدي ومش عايز أشوف دموعك دي تاني .. عايز أشوف ياسمين بتاعة زمان أم دم خفيف واللي الابتسامة مابتفارقهاش..

مسح دموعها بيده ووضع وجهها بين كفيه وتابع:
- اعتبري مفيش حاجة حصلت وأنا جنبك طول الوقت وعمري أبدا ما هسيبك
رسمت ابتسامة على وجهها ثم نظرت إلى الصغيرة وانخفضت لمستواها ثم ضمتها إليها بحب وهي تقول:
- مش عايزاكِ تزعلي مني يا رورو .. أنا آسفة على كل اللي عملته وزعلك، من النهارده هرجع ياسو بتاعة زمان وهنلعب مع بعض ومش هنزهق ونرجع نضحك تاني

مرت الأيام ولم يحدث شيء جديد ..

كان «طيف» يساعد زوجته كل يوم في استرجاع ذاكرتها لكنه فشل في ذلك بسبب رؤيتها لهذا المشهد المكرر كل جلسة.

لم يتحسن «فهد» وظل على حالته التي احتار الأطباء في تحليلها حيث كان شديد الخوف ولا يتحدث، كان يسرق النظرات إلى خطيبته «نيسان» لكنه لم يتفوه بكلمة واحدة.

تبدلت حالة «ياسمين» وأصبحت الابتسامة دائمة الظهور على وجهها، تحسنت طريقتها مع موظفي الشركة ودائما ما كانت تستعين بـ «نائل» الذي أثبت وجوده في وقت قصير جدا واستطاع النهوض بالشركة وأصبحت من أكبر الشركات في مصر وبدأ التخطيط لبناء فرع آخر كما تبدل حال «نائل» كثيرًا ورزقه الله من حيث لا يحتسب بعد أن كان يعاني من ديونه الكثيرة وعدم حصوله على عمل.

تراجع «طيف» عن الاستقالة بسبب نصائح «نيران» له لكنه قرر ترك فريق والده السري والعمل وحده حتى لا يحتك بـ «رماح» كما حاول هو الاعتذار عما بدر منه تجاه «طيف» وتقبل اعتذاره لكنه رفض العودة إلى الفريق مرة أخرى.

أعد «غيث» دعوات حفل زفافه على «ليان» والتي كان من المقرر لها أن تكون ثالث أيام العيد وقام بكل التجهيزات للزفاف.

كان دائما ما يقص عليها أشياء كثيرة من ماضيها وكانت تستمع إليه بابتسامة وحماس زائد وزاد حبه في قلبها، تعرفت أكثر عن عائلتها لكنها لم تتعرف على «ذاخر» بسبب تواجده الدائم بكلية الشرطة.

ترك ما بيده واتجه إلى والدته وهو يقول:
- أنا عملت صاج الكحك ده أنا ومازن يا ماما أحطه فين ؟
كانت جالسة وتقوم بإعداد البسكويت فأشارت إلى غرفة وقالت:
- دخله هنا مع الباقي ويلا شدوا حيلكم شوية ده كله صاج واحد ؟

عاد إلى صديقه مرة أخرى وهو يقول بعدم رضا:
- معلش يا ماما أصل مش على طول بعمل كحك يعني .. كويس إننا عملنا صاج واحد وبعدين ماتخافيش هنخلصهم كلهم بسرعة بس يارب يقولوا العيد بعد بكرا
نظرت إليه «نيران» التي كانت تساعد «أسماء» في إعداد البسكويت وقالت باعتراض:
- أنت مش عايز العيد بكرا ليه؟ يا عدو الفرحة سيبنا نفرح بكرا..

رفع إحدى حاجبيه وقال:
- ياستي هو أنا بقول يارب مايجيش خالص ! أنا بقول يبقى بعد بكرا علشان بالشكل ده مش هنخلص الكحك على بكرا حتى
في تلك اللحظة جائت «رنّة» من الداخل وصاحت بصوت مرتفع وسعيد:
- العيد بكرا يا جماعة .. قالوا دلوقتي على التليفزيون
نظرت «نيران» إلى طيف مرة أخرى وأخرجت لسانها وهي تقول:
- ياعيني عليك اتصدمت صح ؟

نهض من مكانه وأشار إلى «مازن» وهو يقول:
- قوم يا مازن .. وسعي كدا يا ماما .. تعالي اعملي الكحك أنتِ ونيران وأنا ومازن هنعمل البسكويت أسهل .. دي المكنة بتطلعه جاهز أنتوا هتضحكوا علينا
وافقته والدته واتجهت لصنع الكحك مع زوجته واتجه هو إلى البسكويت في جو أسري جميل، مر الوقت وانتهوا من كل شيء ونهض «مازن» وهو يمسك ظهره بتعب:
- اااه يا ضهري أنا مش حاسس بيه..

وقف «طيف» هو الآخر وأمسك بظهره وهو يقول بتعب:
- عندك حق أنا مابقيتش حاسس بالعمود الفقري .. الحمدلله خلصنا وهما بقى يسوا الهيصة دي بمعرفتهم
في تلك اللحظة رفعت «أسماء» صوتها وقالت:
- خد ياطيف أنت ومازن نص الصاجات دي في عربيتك وروحوا سووها في الفرن علشان مش هنلحق وأنا ونيران هنسوي الباقي
لوى ثغره ونظر إلى صديقه قائلًا:
- اشرب يامعلم أدينا هنلبس في التسوية كمان.

ضحك «مازن» وأشار إلى الداخل قائلًا:
- طيب يلا بينا ناخدهم علشان عايز أروح آخد دش قبل الصلاة
بالفعل حمل الكحك والبسكويت هو وصديقه واتجه به إلى سيارته ثم قادها إلى إحدى الأفران وانتظرا في السيارة ...
نظر «طيف» إلى صديقه «مازن» وقال:
- ايه ياعم مش ناوي تفرحنا كدا وتقولنا إنك هتتجوز نامي قريب ؟

ابتسم وأجابه بجدية:
- بفكر أعمل الفرح كمان شهرين .. أنت رأيك اية ؟ طبعا مش هعمله غير لما آخد رأيك
ضم حاجبيه بتعجب وقال مازحًا:
- هو أنا اللي هتجوز ولا أنت ياعم .. كمان شهرين حلو جدا تكون أنت جهزت اللي ناقصك والعروسة جهزت اللي ناقصها ونخلص منكم بقى
ضيق عينيه وقال بدهشة:
- تخلصوا مننا ! هو الجواز بيموت ولا ايه ماتقلقنيش يا طيف
أشار «طيف» إلى نفسه وقال:
- أنا ! أبدا ده الجواز ده جميل ياابني .. اتجوز بس وأنت هتدعيلي أو هتدعي عليا أيهما أقرب .. تعالى نشوف الكحك استوى ولا لسة في سنتنا دي

أسرع إلى المطبخ بعدما اشتم رائحة حريق ودلف إلى الداخل وهو يسعل من شدة الدخان المتصاعد، نظر إلى شقيقته وقال بصعوبة:
- يخربيتك يا ياسمين بتعملي ايه ؟
حاولت إبعاد الدخان عن وجهها وأجابت:
- عملت أنا وهانم الكحك وسابتني وراحت تجهز حاجة وأنا نسيته واتحرق
اتجه إلى النافذة وفتحها ثم فتح باب الفرن بحذر وأخذ يبعد هذا الدخان وساعدته هي على ذلك إلى أن حضرت «هانم» وفتحت عينيها بصدمة وهي تقول:
- يالهوي حصل ايه؟

أشار إليها «زين» قائلًا:
- تعالي يا هانم ساعدينا .. ياسمين حرقت الكحك
بالفعل ساعدتهما إلى أن اختفى الدخان تمامًا وجلس «زين» على المقعد وهو يقول بتعب:
- اووف .. من امتى وأنتِ بتعرفي تعملي حاجة في المطبخ يا ياسمين ! كنتِ قوليلي وأنا هشتري الكحك زي ما بنعمل كل سنة .. كنا هنموت مخنوقين
ثم نظر إلى «هانم» وقال بعتاب:
- وأنتِ يا هانم ازاي طاوعتيها على كدا ؟

أشارت إلى «ياسمين» وقالت بتوتر:
- ست ياسمين هي اللي أصرت
نظرت إليها «ياسمين» وأشارت إلى نفسها قائلة:
- بتفتني عليا يا هانم ! بتبيعيني من أول قلم كدا ؟
دلفت الصغيرة رقية إلى المطبخ وهي تقول بعدم رضا:
- ايه ريحة الحريقة والدوشة دي كلها !
دلفت من خلفها «نايا» التي هتفت بشكل تلقائي دون أن تلاحظ وجود «زين»:
- ايه يا ياسمين أنتِ حرقتي الكح...

انتبهت لوجوده فتراجعت أما هو فرفع إحدى حاجبيه ليقول بتعجب:
- حتى أنتِ شاركتيها في الجريمة دي يا نايا
ابتسمت ابتسامة واسعة وأشارت الى «ياسمين» وقالت:
- هي اللي أقنعتني .. أنا بريئة وماليش ذنب
رفعت حاجبيها بتعجب وقالت بإعتراض:
- حتى أنتِ يا نايا بيعتيني من أول قلم .. طيب بعد اذنكم بقى شوفوا اللي اتحرق ده عقبال ما أعمل حاجة.

على الجهة الأخرى كانت والدته تقوم بعمل الكحك بينما كان هو في غرفته يحدق بهاتفه، تذكر كيف حصل عليه من البداية، عاد بالزمن إلى هذا الموقف حيث كان يجلس بمكتبه وطرقت «ياسمين» الباب، هتف بصوت مرتفع:
- ادخل
دلفت إلى الداخل وجلست على المقعد المقابل له قبل أن تقول بابتسامة:
- كدا مافاضلش غير آخر شركة هنتعاقد معاها وبكدا هنبقى فعلا ماسكين كل حاجة في مصر..

هز رأسه بالإيجاب قبل أن يقول بسعادة:
- فعلا .. الأيام اللي فاتت على اد ما كانت متعبة وكلها اجتماعات مع الشركات بس قدرنا في فترة صغيرة نعمل اسم كبير للشركة وبقى حلم أي موزع إنه يتعاقد معانا وده هيدينا الحق نحط الشروط اللي احنا عايزينها .. بعد العيد نمضي مع الشركة الألمانية ونبدأ في التخطيط للفرع التاني للشركة.

شعرت بالسعادة داخلها وتنفست بأريحية وهي تنظر له قبل أن تقول:
- شكرا يا نائل .. من غيرك ماكانش كل ده ممكن يحصل، أنا بعترف إنك غيرت الشركة 180 درجة للأحسن .. حد مكانك كان هيفرح بالمنصب وكان هيأدي دوره وشغله بس مكانش هيفكر ازاي يرفع الشركة زيك
وقبل أن يتحدث غيرت مجرى الحديث وقالت متسائلة:
- صحيح أنا لو عوزت أتصل بيك علشان لو حاجة حصلت أو كدا أتصل بيك إزاي ؟

رفع إحدى حاجبيه ونظر إليها لبضع ثوانٍ قبل أن يجيبها:
- الصراحة مافكرتش خالص أجيب موبايل خاصة إني مش بحتاجه خالص وقبل كدا ماكانش معايا تمنه أصلا
- ازاي بس .. لازم تحتاجه .. افرض حبيت تطمن على حد عندك في البيت ! افرض حصل حاجة في الشغل وأنا حبيت أكلمك ده غير أرقام ناس كتير في الشغل هتحتاج تسجلها وتكلمهم علشان تقدر تتعامل معاهم وكدا .. بص هات موبايل وهيكون على حساب الشركة..

ثم ابتسمت وتابعت:
- علشان احنا يهمنا راحة كل اللي شغالين هنا
ابتسم ثم أخفى ابتسامته قبل أن يقول بجدية:
- هجيب موبايل بس على حسابي .. أنا الحمدلله اشتغلت فترة ومعايا فلوس وأقدر أجيب موبايل
شعرت بحرجه فقالت مسرعة:
- خلاص براحتك بس بشرط أنا اللي هنزل معاك تشتريه علشان أنا فاهمة في الموبايلات وكدا وعلشان محدش يضحك عليك
ضحك على جملتها الأخيرة وقال:
- طيب تمام .. بعد الشغل هروح البيت أجيب فلوس تكمل وننزل نشتريه..

مر الوقت وعاد إلى المنزل ليجلب النقود وقامت هي بتوصيله بسيارتها ثم عاد إلى السيارة مرة أخرى وقال:
- يلا بينا .. أنا جاهز
قادت السيارة إلى إحدى المولات التجارية المشهورة وخرجت من السيارة قبل أن تشير له، خرج هو الآخر ونظر حوله بإعجاب، دلف إلى الداخل معها وأثناء سيره كان ينظر في كل مكان بتعجب وإعجاب في آن واحد ولاحظت هي ذلك قبل أن تقول:
- مالك مستغرب كدا ليه وبتلف حوالين نفسك
ابتسم ونظر لها قبل أن ينظر إلى المكان من حوله مرة أخرى وهو يقول:
- أول مرة أشوف أماكن زي دي .. ناس زي دي .. ياااه ده الواحد مش عايش على كدا..

ضحكت على طريقته وقالت:
- كل واحد وحظه .. في بيتولد ويتعود على الأماكن اللي زي دي وفي اللي عمره ما شافها بس في فرق بسيط وهو إن اللي اتعود على الأماكن اللي زي دي مابيحسش بفرحة أو سعادة لمجرد المكان لكن اللي مااتعودش بمجرد ما يدخل مكان زي ده بيفرح وبيحس إنه في مكان مختلف وسعيد بس أقولك حاجة .. المهم مش الشكل ولا الغنى .. المهم نكون كويسين من جوانا وقلبنا يكون أبيض ساعتها هنملك العالم كله حتى لو كنا فقراء..

أعجبه حديثها وهز رأسه بإعجاب قائلًا:
- عندك حق في كل كلمة .. المهم يكون جوانا نضيف وساعتها مايفرقش معانا فلوس ولا دنيا
قادته إلى محل كبير لبيع الهواتف المحمولة وعرضت عليه عدة أجهزة وهي تقول:
- ها تختار ايه
جاب بنظره لكي يختار بينهم حتى أعجبه هذا الهاتف فأشار إليه وهو يقول:
- ده شكله شيك وحلو جدا..

اتسعت حدقتيها قبل أن تبتسم وتقول:
- ده ايفون 11 برو ماكس ! أنت عارف تمنه كام ده ؟
رفع إحدى حاجبيه بتعجب قبل أن يقول بتلقائية:
- بكام ؟
ضحكت وأشارت إليه قائلة:
- دي نسخة 512 جيجا ب 35 ألف جنية والنسخة الأقل في حدود 25 ألف
اتسعت حدقتيه بصدمة قبل أن يقول:
- ايه ! ليه بيطير ولا بيسافر بالزمن ؟

ضحكت على جملته وقالت:
- ولا بيطير ولا بيسافر بالزمن بس هو كدا غالي بس أنا عند كلامي .. ممكن أجيبهولك على حساب الشركة هااا ؟
هز رأسه بالنفي وقال بجدية:
- لا معلش أنا عايز أعتمد على نفسي ومش عايز مساعدات من حد لو مش هضايقك يعني
ثم ابتسم وقال:
- وبعدين مش أنتِ فاهمة ! اختاريلي حاجة كويسة وبسعر حنين شوية..

هزت رأسها بالإيجاب وقالت مبتسمة:
- طيب يا سيدي وهو كذلك .. ايه رأيك في ده ؟ أحدث حاجة وسعره معقول وحلو

فاق من ذكرياته على صوت رنين هاتفه وكانت هي المتصلة، ارتبك قليلا ولم يعرف ماذا يفعل لكنه في النهاية ضغط على زر الإجابة وقال:
- أنسة ياسمين ! ازيك ؟

تحرك بخطوات متمهلة إلى المقعد الخاص به، كان المكان شديد الظلام لكن ما يضيئه أضواء الشموع التي كانت موزعة بشكل منظم في كل مكان، كان يرتدي سترة طويلة باللون الأسود تغطي من أعلى رأسه لقدمه، لم يظهر وجهه بشكل واضح بسبب هذا الظلام لكنه يظهر عليه الهيبة والوقار، جلس أخيرا على المقعد المخصص له قبل أن يحضر أحدهم «ج» وينحني إليه وهو يقول:
- انتهى الاجتماع ويرغب الجميع في الرحيل، هل تأمر بذلك ؟

رفع «ع» رأسه بشموخ ونظر إليه قائلًا:
- أنا صاحب العهد والميقات آمرك بأن تسمح لهم بالرحيل ولكن قبل ذلك هل تشكك في قدرتي على تنفيذ العهود ؟
توتر «ج» قليلا لكنه حاول إخفاء ذلك قبل أن يقول:
- لا يشكك أحد في قدراتك يا صاحب العهد والميقات .. أنت أملنا في النجاة ومحرر العهود، إذا أمرت بأن نضحي بأرواحنا لك سنفعل ذلك دون تردد..

ابتسم وعاد بظهره إلى الخلف ثم وضع قدما فوق الأخرى قبل أن يقول:
- أعرف هذا جيدًا لكن على صاحب العهد تجديد عهده كل يوم وكل ساعة ولتجديد هذا العهد يجب على العهد الثالث أن يُنفذ، العهد الثالث يجب تنفيذه ...
انحنى «ج» مرة أخرى قبل أن ينزل على إحدى ركبتيه ويرفع رأسه للأعلى قائلًا:
- عهد نيران الأول تم تنفيذه .. عهد فهد الثاني تم تنفيذه .. عهد زين الثالث سيتم تنفيذه، لتبقى العهود حاضرة وليبقى حامي العهود حاضرًا ولتبقى أرواحنا دائمًا مسيطرة .. حان الوقت وحان الزمان لكي تُحقق العهود وتختفي الأوزان...

الحلقة طويييلة اهي وبالنسبة لأخر مشهد احتارت اشيله ولا اسيبه لأن اللي هيركز هيقدر يتوقع صح بس قررت ادي فرصة للتوقعات إنها تبقى صح وكمان المشهد ده هيبقى ليه تأثير على حلقة بكرا واللي هتبقى مش متوقعة نهائي وفيها مفاجأة...

إلى اللقاء في تنفيذ العهد الثالث !

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة