رواية فراشة أعلى الفرقاطة للكاتبة منال سالم الفصل الثامن عشر
أدركت فرح أنها تكن مشاعرا حقيقية تجاه يزيد، وأن قلبها قد بدأ بالخفقان مجددا على الرغم من أنها قد تعهدت لنفسها بألا تستسلم للحب أو تطاوع رغبات قلبها، ولكن، ها هي قد حنثت بيمينها، وباتت فريسة للحب من جديد..
توقفت فرح عن الركض، وانحنت بجسدها للأمام لكي تستند بكفي يدها على ركبتيها، وظلت تلهث وتلهث، ثم اعتدلت لاحقا في وقفتها، وبدأت دموعها في الانهمار حينما مر طائف ذكرياتها مع كريم، لقد خانها بإسم الحب، وتزوج من غيرها، وأوهمها أن حبهما سرمدي، ولكنه كان منغمسا في الملذات مع زوجته، ثم رحل فجأة وتركها حطام، لقد حاولت أن تتعايش مع ما تبقى من روحها، وأقسمت بأغلظ الأيمان ألا تجعل قلبها يعشق من جديد، وها هي تقف الآن تعترف بأنها أجرمت في حق نفسها، وأحبت من جديد..
التفتت فرح حولها، لتجد نفسها بمفردها، فتنهدت في ضيق، وتوجهت إلى مقعد خشبي قريب موضوع قبالة الشاطيء، وجلست عليه، ثم ضمت كلا ذراعيها لتلف بهما نفسها، وكأنها تبحث عن حضن يحتويها، عن صدر حاني يضمها إليه، ثم بدأت دموعها في الانسياب مجددا، لقد حاولت أن تحمي نفسها من تلك المشاعر الفياضة، وظنت أنه بإبتعادها المؤقت عنه ستقاوم تلك المشاعر، ولكنها كانت مخطئة..
في نفس التوقيت، حاول يزيد البحث عن فرح، ولمحها وهي تتجه ناحية البحر، فأسرع في خطاه كي لا يفقد أثرها، وبالفعل وجدها منفردة بنفسها، تبكي تارة، وتعبث بخصلات شعرها المنسدلة على وجنتيها تارة أخرى، تردد في الاقتراب منها، فقد خشي أن تهرب منه مجددا، لذا فضل أن يراقبها من على بعد حتى تكون في مأمن أمام ناظريه..
لم يكف يزيد عن التحديق بها، بل ظل متابعا بشغف لكل حركة وإيماءة عفوية تصدر منها، ولكن ما أثار فضوله هو رؤيته لحركة جسدها والتي تشير إلى أنها تبكي بحرقة، فردة فعلها غير مفهومة بالنسبة له، هو يعتقد أنها مبالغة نوعا ما، فبكائها بتلك الطريقة يشير إلى أنها تلوم نفسها لإقترافها جريمة ما..
كم ود لو يضمها إلى أحضانه، ويهون عليها الأمر، ويجعل من صدره متكئا لرأسها لكي تستند عليه، ومن ثم يحاوطها أكثر بذراعيه، لقد حركت فراشته مشاعرا غالية بداخله قد ظن يوما أنه لن يستعيدها أبدا بعد معاناته السابقة مع زوجته...
جلس يزيد على مقعد بعيد، وظل مستندا على كفي يده، ولم يتوقف عن مراقبة فرح، وأثر ألا يقتحم خصوصيتها ويتركها على طبيعتها، ويكتفي فقط بالنظر إليها..
مر الوقت على الاثنين وهما على تلك الحالة حتى اقتربت الشمس من المغيب، فزفر يزيد في ضجر، ثم نهض عن ذلك المقعد الخشبي المخصص للشاطيء، وتوجه ناحيتها..
تفاجئت فرح بمن يحجب عن عينيها أشعة الشمس المتبقية من هذا النهار، فرفعت رأسها للأعلى بصورة عفوية لتجد يزيد واقفا أمامها بطوله الفاره، ففغرت شفتيها في قلق، وتوجست خيفة منه..
ثم أطرقت رأسها مجددا للأسفل..
حاول يزيد أن يحيد ببصره عنها، فاستدار برأسه ناحية أمواج البحر و..
-يزيد بنبرة هادئة، ونظرات مرتبكة: مش يالا بقى
-فرح بنبرة خافتة، ونظرات قلقة: يالا ايه؟
أدار وجهه مجددا ناحيتها، ثم..
-يزيد بنبرة مازحة: الشمس خلاص قربت تغيب، وأنا عملت tan ( سمرة البشرة ) محترمة لدراعتي و لوشي..!
ابتسمت فرح برقة، ولم تجب عليه، فتوسم يزيد خيرا في أنه قد نجح في رسم البسمة على شفاهها..
نهضت فرح عن مقعدها، في حين تراجع هو خطوة للخلف، وظل متسمرا في مكانه بينما استمرت هي في السير، فتبعها و...
-يزيد بنبرة متسائلة: انتي رايحة على فين؟
-فرح بنبرة جادة، ونظرات ثابتة: راجعة الفندق
-يزيد متسائلا بهدوء: ليه؟
-فرح بنبرة أكثر جدية: كده.
مط يزيد فمه في عدم فهم، ثم أسرع في خطواته ليسير إلى جوار فرح والتي كانت تسبقه بخطوتين، و...
-يزيد بنبرة رزينة: بس تقريبا محدش هناك الوقتي
-فرح بعدم اكتراث: مش مهم، أنا حابة أفضل لوحدي
-يزيد باستغراب: وتفضلي لوحدك ليه؟ ماتخليكي معايا.
تسمرت فرح في مكانها ولم تتحرك، ثم استدارت برأسها في اتجاه يزيد، ورمقته بنظرات استنكار و..
-فرح بنبرة شبه حادة: أسفة، أنا مش عاوزة اكون لا معاك ولا مع غيرك
-يزيد بلهجة صارمة: بس ده مش طلب، ده أمر.
ضيقت فرح عينيها أكثر، وعضت على شفتيها في غيظ، ثم..
-فرح بنظرات متحدية، ونبرة أكثر جدية: هو كل حاجة عندك أوامر طالما أنا مش عاوزة أسمع كلامك
-يزيد بنبرة عميقة ورخيمة: ماهو انتي اللي بتضطريني أعمل كده
-فرح بنفاذ صبر: من فضلك، سيبني في حالي، أنا عاوزة أخلص مهمتي وأمشي.
حاولت فرح أن تمر، ولكن تحرك يزيد بسرعة ليقف قبالتها فسد عليها الطريق، وكلما حاولت الالتفاف من حوله، تحرك هو أمامها، مما أجبرها على التوقف والنظر إليه..
أخذ يزيد نفسا مطولا ثم زفره على تمهل، و..
-يزيد بنبرة رخيمة: أنا عاوزك تسمعيني
-فرح باقتضاب: سوري، أنا مش فاضية
-يزيد بتهكم: والله، وايه اللي شاغلك يا أستاذة؟ أوعى يكون البتاع اللي اسمه منذر.
رمقت فرح يزيد بنظرات حانقة، ثم..
-فرح بتبرم: شغلي هو اللي شاغلني وبس، أي حاجة تانية تبقى أوهام.
ظهر شبح ابتسامة على زاوية فم يزيد، ورغم هذا حاول أن يبدو أكثر صلابة أمامها، لذا...
-يزيد بنبرة شبه صارمة: طيب بمناسبة الشغل بقى، فأنا بكلفك بمهمة عمل تقرير عن الزيارة دي.
جحظت عيني فرح، ونظرت إليه في عدم تصديق و..
-فرح بنظرات مذهولة وهي فاغرة شفتيها: نعم؟
-يزيد بنبرة واثقة: كلامي مش مفهوم ولا ايه؟ مش انتي صحفية، انا بقى عاوز تقرير مفصل عن أهم معالم شرم الشيخ، وكمان موثق بالصور، ويكون عندي كمان ساعتين.
اتسعت مقلتي عينيها أكثر، ورمقته بنظرات أكثر غرابة و...
-فرح بنبرة مصدومة: انت، انت بتكلم جد؟
-يزيد بنبرة شبه صارمة: وأنا من أمتى بهزر في الشغل؟!
عضت فرح على شفتها السفلى في حنق، بينما نظر هو إليها بنظرات مغترة، و...
-يزيد بلهجة آمرة: اتفضلي يالا قدامي، أنا عاوز التقرير دلوقتي، وهاشرف عليه بنفسي...!
كورت فرح قبضة يدها في غيظ، وقبضت بشدة بذراع حقيبتها العملية، وسارت بخطوات شبه غاضبة للأمام، في حين تبعها يزيد بخطوات مغترة وهو واضع لكلا كفي يده في جيبي بنطاله الجينز..
دلف الاثنين معا إلى خارج ردهة الفندق، وبالفعل كما أخبرها يزيد، كان معظم الضباط قد بدأوا جولتهم الحرة في شوارع مدينة شرم الشيخ، ولم يتبق بالفندق سوى هي ويزيد، وبالتالي كانت مجبرة على السير معه، والامتثال لأوامره..
كانت فرح تسير بغير هدى، فاضطر يزيد أن يسبقها بخطوة كي يوقفها خاصة وأنها كانت شاردة في أفكارها، ولم تستمع إلى ندائه المتكرر بإسمها، وفجأة وجدت فرح ذراع يزيد ممدودة أمامها تسد عليها الطريق وتمنعها من الاستمرار في الحركة..
رفعت فرح رأسها في اتجاه يزيد و..
-فرح بنظرات متعجبة، ونبرة جادة: في ايه؟
-يزيد بنبرة مازحة: انتي مركبة ايه بالظبط في رجلك؟!
-فرح بنظرات ضيقة، ونبرة منزعجة: افندم؟
ابتسم يزيد لها في هدوء، ثم رمقها بنظرات حاولت إنكارها و..
-يزيد بنبرة متريثة: احنا هنركب تاكسي سوا، ماهو مش معقول يعني هانمشيها من هنا لحد سوهو سكوير
-فرح فاغرة شفتيها: هه
-يزيد متابعا بنفس الثبات الانفعالي: بس لو انتي حابة تتمشي معايا أنا معنديش مانع، ده حتى فرصة إننا آآ...
توردت وجنتي فرح سريعا، وأشاحت بوجهها بعيدا عنه في خجل واضح، فتوقف هو عن إكمال عبارته، وابتسم مجددا في عذوبة، ثم سار في اتجاه الطريق وأشار بيده لإحدى سيارات الأجرة لكي تتوقف..
وبالفعل توقفت إحدى السيارات، فمد يزيد يده وأمسك بمقبض الباب الخلفي، وفتحه لفرح التي لم تختفي علامات الدهشة عن وجهها، ثم أغلقه بهدوء بعد أن ركبت في الخلف، وركب هو إلى جوار السائق، ومن ثم طلب منه إيصالهما إلى ميدان سوهو...
بعد لحظات توقفت سيارة الأجرة على جانب الطريق ليترجل منها الاثنين، ثم تنهدت فرح في توتر، وانحنت برأسها قليلا للأسفل لكي تنظر بعينيها إلى داخل حقيبة يدها العملية، ثم أخرجت الكاميرا الخاصة بها، وبدأت تتفقدها..
-يزيد بنبرة حماسية: عاوزك بقى تصوري كل حاجة هنا..
-فرح باقتضاب: إن شاء الله
-يزيد متابعا بنفس النبرة، وهو يغمز: ومش هوصيكي بقى..!
عضت فرح مجددا على شفتها السفلى، ونظرت أمامها، وبدأت تتفقد تلك المنطقة السياحية الشهيرة في شرم الشيخ
أطلق اسم ميدان سوهو أو ( سوهو سكوير ) على تلك المنطقة وذلك لأنه تصميمه يشبه تصميم ميدان سوهو الشهير و الموجود في العاصمة البريطانية لندن، يحتوي هذا الميدان على العديد من المطاعم العالمية المعروفة، بالإضافة إلى نافورة راقصة، ومركز للتزلج على الجليد..
كان الميدان ممتلئا بالمئات والمئات من السياح من مختلفي الجنسيات بالإضافة إلى المواطنين المصريين..
نظرت فرح إلى تلك النافورة الراقصة بألوانها المبهجة بنظرات إعجاب، وحاولت قدر الإمكان أن تلتقط لها صورا من زوايا عديدة، وظل يزيد مرافقا لها..
ثم لمحت بعض السياح وهم يتمايلون بأجسادهم على صوت الموسيقى الصاخب، فالتقطت لهم صورا منوعة، وكذلك لرجل يدور بثبات في مكانه وهو يحمل سجادة دائرية ملونة ومضيئة بألوان كثيرة، أو فيما يعرف بالتنورة على موسيقى فلكلورية شهيرة..
لمحهما منذر من على بعد فقرر أن ينضم إليهما، فقد شغلت تلك الصحفية تفكيره..
في منزل فرح عبد الحميد
بعد أن انتهت السيدة فوزية من ترتيب منزلها وتنظيفه، قررت أن تقرأ في المصحف قليلا لعل نفسها القلقة على ابنتها تهدأ، ولكنها سمعت صوت قرع جرس باب منزلها، فأسندت المصحف على الطاولة، ثم نهضت من مكانها، وتوجهت ناحية الباب..
فتحت فوزية الباب فتفاجئت بالأستاذ بركات يقف على باب منزلها، ففغرت شفتيها في صدمة، ونظرت إليه في ذهول، بينما تحدث هو ب..
-بركات بصوت عميق: مش هاتقوليلي أتفضل يا حاجة فوزية؟
-فوزية بنبرة مشدوهة: انت؟
-بركات بنبرة هادئة: أنا عارف إني جاي من غير ميعاد، بس أنا لازم أقابل فرح بنتي ضروري.
اكفهرت ملامح فوزية سريعا، وزمت شفتيها في استهجان و...
-فوزية بنبرة ممتعضة: متقولش بنتك يا أستاذ بركات، انتو نسيتوا عملتوا فيها ايه؟
-بركات بنبرة متمهلة: معلش يا حاجة فوزية، أنا بعتذرلك على اللي مراتي عملته، احنا برضوه كنا نسايب
-فوزية مقاطعة بحدة: دي جابت من الأرض وحطتت على بنتي، وتقولي نسايب
-بركات بنبرة حزينة: أنا أسف يا حاجة، امسحيها فيا، هي برضوه أم وزعلانة على ابنها.
-فوزية بنبرة متهكمة: ابنك اللي ضحك على بنتي واستغفلها، وراح اتجوز وخلف كمان.
أطرق بركات رأسه في آسف، ثم أجفل عينيه للأسفل و..
-بركات بنبرة منكسرة: دي مشيئة ربنا
-فوزية بنبرة محتقنة: مشيئة ربنا انكم تربطوا بنتي جمبكم سنتين، وتكسروا قلبها، وابنكم عايش حياته ومتهني
-بركات بنبرة أكثر حزنا: أنا أسف يا حاجة فوزية، بس خلاص هو راح عند اللي خلقه، وأنا جاي النهاردة عشان أرد الأمانة لأصحابها، ميراث بنتك
-فوزية بنبرة متشجنة: لا أنا ولا بنتي عاوزين منكم حاجة.
-بركات بنبرة مصرة: بس ده حقها الشرعي، وأنا مقدرش أتغاضى عنه
-فوزية بنبرة حادة للغاية: قولتلك مش عاوزين أي حاجة تيجي من طرفكم، انسونا بقى..!
ثم صفعت الباب بحدة في وجهه دون أن تنتظر اي رد منه، وظلت تبكي في مرارة وهي تتذكر ما حدث مع ابنتها من خداعها تحت اسم الحب...
سار منذر بخطوات واثقة في اتجاه فرح التي كانت مندمجة بتصوير بعض الأطفال وهم يرقصون على أنغام الموسيقى العالية، ثم وقف إلى جوارها و...
-منذر بنبرة مرحة: استاذة فرح.
صدمت فرح حينما رأت منذر يقف بجوارها وعلى وجهه ابتسامة بلهاء، وتبدلت ملامح وجهها سريعا للإنزعاج، في حين استدار يزيد ناحيته ليرمقه بنظرات محتقنة و..
-يزيد بنبرة متشنجة: ايه اللي جابك هنا؟
-منذر ببرود: كلنا موجودين هنا يا سيادة المقدم، واضح ان حضرتك نسيت.
زفر يزيد في انزعاج، في حين التفت منذر بجسده كليا ناحية فرح ورمقها بنظرات إعجاب شديدة و..
-منذر بنبرة حماسية: أنا محظوظ اني اتعرفت على واحدة محترمة وجميلة زيك
-فرح بإقتضاب، ونظرات جامدة: شكرا
-يزيد بحنق وهو يشيح بوجهه الناحية الأخرى: استغفر الله العظيم.
حاول يزيد قدر المستطاع أن يتحكم في أعصابه وألا ينفعل كي لا يتسبب في فضيحة أخرى..
بينما ظل منذر يتحدث كعادته بحوارات فارغة لا تغني ولا تسمن من جوع فقط ليجذب انتباه فرح التي كانت تزفر طوال الوقت في ضيق..
ثم انضم إلى ثلاثتهم عددا من الضباط الذين هم على صلة بكلا من منذر ويزيد، واتسعت دائرة الحوار الممزوجة بالضحكات والمزاحات الرجالية، والتي لم تخلو بالطبع من المعاكسات للفتيات التي تمرق بجوارهم..
ثم فجأة وجدت فرح من يمسك بقبضة يدها ويسحبها من ذلك الحشد للخلف، فكانت على وشك الصراخ، ولكنها وجدته يزيد الذي وضع إصبعه على فمه و...
-يزيد بخفوت: ششش، تعالي معايا.
ظل يزيد قابضا على كف يدها، وانطلق بها سريعا ليختفيا بين الحشود الغفيرة، وما إن اطمئن يزيد على ابتعادهما حتى أرخى قبضة يده عن فرح، ثم نظر إليها بنظرات حانية و...
-يزيد بنبرة مبتهجة: كده أحسن بدل الصداع اللي كنا فيه..
ابتسمت فرح في خجل، فقد كان محقا في هذا، فهي لم تشعر بالراحة أثناء وجودها وسط هذا الكم من الرجال..
ثم سمع كلاهما صوتا مألوفا ينادي عليهما ب...
-آدم بنبرة عالية: يزيد باشا، فرح.
التفت كلاهما برأسيهما إلى الخلف ليجدا آدم وهو يلوح لهما بيده، بينما كان حاملا للعديد من الحقائب البلاستيكية في اليد الأخرى، ثم سار في اتجاههما بخطوات شبه راكضة و..
-آدم بنبرة متحمسة: الحمدلله لحقتكم، ده أنا دايخ عليكم من ساعة الغدا، أومال انتو كنتو فين؟
لم يجب أي من الاثنين على آدم الذي ظل يوزع نظراته بينهما، ثم ابتسم في لؤم و..
-آدم متابعا بنبرة مغترة: بس ايه رأيكم فيا وأنا بزحلق منذر من طريقكم عشان يخلى الجو بينكم، أستاذ ورئيس قسم.
تنحنحت فرح في حرج، في حين رمق يزيد آدم بنظرات محذرة، فتوقف آدم فورا عن الحديث و...
-آدم بنبرة متحشرجة وهو يشير بيده: طيب خلاص ماتبصليش كده
-يزيد بحنق: وهو أنا جيت جمبك؟
-آدم بتوجس: انت مش محتاج تيجي، كفاية عينيك الدبلي دول
-يزيد بنبرة جادة، ونظرات متوعدة: آدم
-آدم بقلق: خلاص، خلاص، بس مقولتليش هنحتفل امتى بعيد ميلادك؟
رمق يزيد آدم بنظرات استغراب، و..
-يزيد بعدم فهم: عيد ميلاد مين؟
-آدم بنبرة واثقة، ونظرات ثابتة وهو يشير بيده: انت.
حدقت فرح في يزيد هي الأخرى، ورمقته بنظرات غريبة و..
-فرح متسائلة بخفوت: هو عيد ميلادك امتى؟
-يزيد بحنق وهو يشير بيده: معرفش، اسأليه هو اللي عارف مش أنا
-آدم وهو يهز رأسه في عدم اقتناع، وبنبرة متلهفة: ليه بس يا عم يزيد التواضع ده كله، يا سيدي ماتخفش مش هانقولك هاتلنا جاتوه، كفاية علينا كوزين بيبس يرطبوا على قلبنا
-يزيد بنبرة ضائقة: انت يا بني بتقول أي هبل وخلاص.
-آدم بنبرة متحمسة، ونظرات مشرقة: تموت في إنكار الذات، شايفة يا فرح الأخلاق العالية
-يزيد بنبرة مغتاظة: ذات مين، وزفت ايه؟
اقترب آدم من يزيد ولف ذراعه على كتفه، ثم دفعه خطوة للأمام و..
-آدم بنبرة جادة: تعالى بس اما أشوف هاجيبلك ايه.
رمق يزيد آدم بنظرات نارية، وحاول إزاحة ذراعه عن كتفه، ولكنه لم يستطع لأن آدم قد أطبق أكثر عليه بثقل وزن جسده و..
-يزيد بنبرة متوعدة: قسما بالله لأوريك
-آدم بخفوت: اسمع.
هتفت فرح عاليا فيهما قبل أن يبتعدا عنها ب..
-فرح بنبرة عالية نسبيا ومتلعثمة في نفس الوقت وهي تشير بيدها: أنا، أنا، آآ، هاروح أشوف الحاجات الموجودة في البازار اللي هناك ده.
ثم استدارت سريعا بجسدها لتسير بخطوات متلاحقة ناحية احد المحال التجارية القريبة..
استغل يزيد الفرصة ولكز آدم بحدة في جانبه مما جعله يزيح ذراعه عنه ويتراجع خطوة للخلف و..
-آدم متأوها من الآلم: آآآه، في ايه بس؟
-يزيد بنبرة شبه غاضبة، ونظرات حادة: ممكن تفهمني إيه الجنان اللي انت عملته ده؟
-آدم ببراءة مصطنعة: جنان ايه؟
-يزيد بحنق: جو العيد ميلاد الرخيص، والكلام الفارغ بتاعك.
-آدم مبتسما في ثقة وهو يغمز: بس جاب نتيجة
-يزيد بنبرة محتقنة: نتيجة ايه بس يا غبي، ده كان باين أوي ان الموضوع مقثوس، وبعدين مش عيب عليك تبقى في السن ده، وتعمل حركات المراهقين دي
-آدم بنبرة مغترة: الحركات دي هي اللي بتجيب نتيجة، انت مشوفتهاش وهي بتقول آآ..
انحنى آدم قليلا في وقفته، وحاول قدر الإمكان أن يقلد فرح في طريقتها وصوتها و..
-آدم مقلدا إياها: أنا هاروح أشوف الحاجات اللي في البازار ده.
-يزيد وهو يزم شفتيه في ضيق: غبي
-آدم غامزا، وبنبرة متفائلة: بس بأعرف أتكتك صح...!
-يزيد بتوجس: والله انت هتوديني في داهية بسبب تصرفاتك دي
-آدم بنظرات خبيثة، ونبرة خافتة تحمل نوعا من اللؤم: وهو أنا عملت حاجة لسه؟ ده التقيل كله جاي ورا...!