رواية غوى بعصيانه قلبي الجزء الثاني للكاتبة نهال مصطفى الفصل الثالث عشر
كما تدين تُدان
خبِّئ هذا النص في رفوف غفلتك للأيام القادمة، وسيخبرك الزمن عنها حتماً، إن لم يكن بنفس الموقف، فسيكون بنفس الألم
فالشعور الذي تتركهُ في صدرِ أحدهم، سيضعُ الله في صدرك شعوراً مثلهُ تماماً
فلا تمدَّ لغيرك سوى ما تحبُّ أن يُمدَّ إليك.
في تلك اللحظة رن هاتفه فظهر اسم يسري، رد بلهفة كمن ينتظر خبرًا يهمه: -عملت أيه؟
خرج يسري من المستودع المُظلم وقال: -قاسم صفوان تحت أيدي دلوقتِ. تحب نخلص عليه.
هتف بحماس: -لا يا يسري، أنا جايله.
لاحظت تغير ملامح وجهه التي كانت تحاول إرضاءها إلى أخرى تكدس الغضب بداخلها، نزع ساعته المعدنية متجاهلًا وجودها وفضولها ثم سترته السوداء التي وضعها على ظهر المقعد المُبطن، خرجت عن صمتها متعجبة: -أنتَ بتعمل أيه؟
رد باختصار: -واضح أنك مش حابة تخرجي مش هجبرك، أغير هدومي بقى!
تكدس الغضب بوجهها وعارضته بحدة: -تغير فين؟ دي أوضتي. تقدر تروح تشوف لك أوضة تانية تغير فيها.
انعقد حاجبيه وهو يفحصها من رأسها للكاحل: -الكلام ده ليا؟
ردت بعفوية: -لسه متجننتش عشان أكلم نفسي!
دنا منها خطوة سُلحفية وهو يُجاريها: -أيه الأسلوب ده بقا؟
تحدته: -هو ده أسلوبي لو كان عاجبك.
ارتدى ثوب دويدار الذي تعمد أن يتخلص منه أمامها: -زفت. أسلوبك زفت. ولو متعدلش معايا هعدلك أنا يا حياة.
-وأنت كمان ليك عين تبجح، يعني غلطان وبتبجح!
ضرب كف على الأخر بنفاذ صبر محاولًا تمالك أعصابه: -شوفي أنا دماغي فيها اللي مكفيها، عدي الليلة.
وضعت يديها في خصرها بعناد: -والله! يعني أنا بقيت حمل تقيل دلوقتي؟ وايه اللي يجبرك على كده! أحنا نفضها سيرة خالص.
تأفف بضيق: -حياة، أنتِ عايزة أيه دلوقتِ! أيه يراضيكي يا ستي وأنا هعمله.
فكرت للحظات حائرة لا تدرك حالة المزاجية التي أصابتها، ردت بقلة حيلة: -مش عايزة حاجة.
وقف أمامها بعد ما استجمع نفسه وركن غضبه جنبا، تفوه بنبرة حنونة: -لو زعلانة من حاجة أجليها لبكرة ممكن. أنا مش هربان من نكد أجي لنكد.
ثم مرر أصابعه على وجنتها برفق: -ممكن!
سكنت دواخلها فجأة بقربه، بانتشاءها لعطره، للمساته الساحرة، لنظراته الجريئة التي تطالعها ب حُرية. ضم كفها الرقيق كفه المتدلل على وجنتها وقالت بخفوت: -تمام.
اتسعت ابتسامته المتعجبة ببراءتها واكتفى بتقبيل يدها بقُبلة رقيقة ثم ولى ظهره منسحبًا من أمامها، استردت حالتها المزاجية مرة أخرى وصاحت:
-ممكن أعرف عملت ايه في اللي اسمها هدير بعد عملتها السودة دي!
ثم قهقهت ساخرة: -اااه طبعا ولا حاجة، عشان أنا عندك مش مهم، وايه يعني حبوب هلوسة!
عض على شفته بنفاذ صبر وهو يكور قبضته بغيظ: -ومين قال لك إنها متحاسبتش على اللي عملته.
وقفت أمامه عاقدة ذراعيها باستهزاء: -والله! هاااه سمعني بقا عملت فيها أيه يا ترى؟
رد باختصار: -طلقتها.
ردت ساخرة: -هااه. وده عقاب! ده ربنا نجدها...
لم ينجح في إخفاء ابتسامته الخفيفة عنها والمتعجبة من تلقائيتها في الحديث معه، أخذ يدنو منها تدريجيًا وهو يطالع عينيها المرتعدة بجراءة وسألها بخُبث: -للدرجة دي شيفاني شخص وحش.
يبدو أن الغرق هذهِ المرَّة سيكون مُلزمًا بموجة قُربه العاتية، تصلبت تعابير وجهها وهي ترمقه بثغر مزموم، دنى منها خطوته الأخيرة رافعًا حاجبه متعمدًا إرعابها وإرباكها: -هاه! مش سامع.
بللت حلقها الذي جف من عواصفه التي هبت بكيانها، فهزت رأسها يمينًا ويسارًا بتوجس وما زالت تحت سطو شرودها، وضع يده على خصرها بجراءة زائدة ومال على أذنها مكررًا سؤاله بصيغة آخرى:
-مفهمتش! ااه ولا لا!
سرت بجسدها قشعريرة قوية بسبب رائحته التي ملأت جيوب صدرها وقالت بخفوت: -لاه.
لا زال محافظًا على نبرته الحنونة وهو يصالح مزاجه بعبيرها: -لا أيه!
لم تجد سبيلًا للتخلص من جيوشه المنقضة على مشاعرها سوى الهرب، تملصت بخفة فراشة من بين يده وولت وجهها عنه تاركة الغرفة وهي تتحاشى النظر إليه تمامًا محتمية من فوهة أسلحته التي تعرف هدفها بدقة، اتسعت ابتسامته وهو يضرب كف على كف ويقول لنفسه:
-ابتدينا في الجنان!
عودة للقصر
-أنت جايبني لحد هنا في وقت زي ده عشان اتفرج عليك وأنت ساكت وبتتأمل السما كده!
صاحت نوران بنفاذ صبر من صمت كريم المنغمس في فوضى أفكاره المزعجة، ثم زفرت بضيق وهي تضرب الأرض بقدمها: -أنا غلطانة أصلًا لاني سمعت كلامك، أنا همشي.
لم تجد منه أي رد أو اعتراض على ذهابها، ما كادت أن تخطو خطوتين فتراجعت نادمة وعادت إليه برأس مُطأطأة:
-واضح أن الموضوع كبير! ما تقول حصل أيه.
تنهد كريم بحيرة وهو يستند على جدار الشجرة التي يتوارى الثنائي خلفها وقال بكلل: -مش لاقي حد اتكلم معاه، ولا عارف أوصل لحل لوحدي.
أطرقت نوران بتوجس: -قلقتني؟ قول طيب يمكن اساعدك.
فكر للحظات ثم قال: -كُنت معدى بالصدفة من جمب أوضة خالتي، سمعتها بتزعق هي وعاصي، معرفش أي وقفني اسمعهم. يمكن لما سمعت اسم عالية!
قاطعته نوران بتخمين: -اكيد اتخانقوا عشان موضوع العريس اللي متقدم لعالية ده. تفتكر ده السبب اللي خلاه يمشي!
هز رأسه بثقة: -لا. الموضوع أكبر من كده بكتير.
-أزاي؟
-لان خالتي قالتله مش اختك ومتنساش نفسك، وكلام كده مفهمتوش!
ثم زفر باختناق: -يا رب أكون سمعت غلط.
تقاسمت الدهشة معالم وجهها: -مش أخته! طيب ازاي! يعني أيه مش أخته؟
ثم هزت رأسها بالنفي: -لا آكيد أنت سمعت غلط! اومال تكون عالية بنت مين لما هي مش أخته؟
ثم طالعته لتختم حيرتها: -كريم أنت متأكد من اللي سمعته؟
-زي ما أنا متأكد إني واقف قدامك! بس يا ترى قصدهم أيه!
لاحظت نوران اشعال نور الغرفة التي بها شمس، فقفز الخوف بقلبها وقالت بعجل: -أنا همشي دلوقتِ قبل ما حد يشوفنا، بس كلامنا لسه مخلصش.
أوقفها مُوكدًا: -نوران مش محتاج آكد عليكِ، ولا كأني قلت حاجة!
طالعته باستخفاف: -ليه وانا هبلة!
ابتسم لعفويتها وقال ممازحًا: -عندك شك!
اجابته بعجل: -فكرني أحاسبك بعدين على كلامك ده.
تركته وفرت كالأرنب الذي يتلفت حوله هنا وهناك خشية من أن يراه أحد، أخذ يرمقها بنظراته الحائرة حتى تبسم معترفًا لنفسه: -ماهي هبلة فعلًا.
وصلت نوران المتسللة بخفة إلى درجات السُلم فالتقت بأختها التي تحمل كوب الأعشاب الساخن، سألتها بحدة: -كُنتِ فين! وأيه مصحيكي لحد دلوقتِ!
بد الارتباك على ملامحها وهي تلوح بعبث: -ولا حاجة يا شمس، اتخنقت نزلت اشم شوية هوا بس. هروح انام أهو.
حدجتها مُحذرة: -خلي بالك من تصرفاتك يا نوران، أحنا هنا مش في بيتنا والخطوة محسوبة عليكي.
-وانا كنت عملت أيه لكل ده! تصبحي على خير يا شمس.
ركضت لأعلى مجرد ما انهت جملتها الأخيرة هاربة من استجواب أختها، ما كادت أن تسللت لغرفتها فلاحظت شمس عودة كريم من نفس الباب الخلفي الذي أتت منه أختها، تسرب وميض الشك إلى رأسها وهي ترمقه باستغراب حتى تمتمت متوعدة:
-أياكي يكون اللي في بالي صح يا نوران، هقطع رقبتك.
انتهت سيدة من حمل الأطباق وإعادة ترتيب السفرة مرة ثانية بعدما فرغوا من تناول العشاء الذي طلبه عاصي من الخارج، تفوهت داليا بسعادة:
-الأكل كان حلو أوي يا بابي...
-هنا وشفى يا حبيبتي، يلا قوموا أغسلو أيدكم وسنانكم عشان الوقت اتاخر والجو برد.
ثم نادى على سيدة: -سيدة، تعالى ساعديهم.
تدخلت حياة في حوارهم كي لا تمنحه فرصة جديدة للانفراد بها وقالت: -أنا هنيمهم، تعالوا يلا يا بنات.
توقفت تاليا عن السير وسألت أبيها: -بابي، أحنا خلاص هنعيش هنا!
رد بثبات: -أيوة يا حبيبتي، شوفوا اللي ناقصكم، وهيكون عندكم.
تسمرت حياة في مكانها وهي تنصت لحوارهم والثقة التي يتحدث بها عاصي، عادت تاليا إليها وأمسكت بكفها، ثم انحنت لمستواهم وقالت برفق: -اسبقوني أنتوا.
ثم عادت إليه وهو يتفحص أحد الملف على هاتفه، جذبت مقعد السفرة وجلست على طرفه وسألته في تردد: -هما البنات مش جايين أجازة ويرجعوا.
قفل هاتفه وقال: -لا، البنات هيعيشوا هنا.
-ليه!
ثم بررت فضولها: -أقصد يعني ليهم حياتهم في القصر وجدتهم، حصل أيه لكدا؟
-وجودهم مضايقك؟
أجابت بسرعة: -لالا، أنتَ عارف أني مقصدش كده، أنا بسأل بس.
رد بإيجاز: -بحاول أحمي الناس اللي بحبهم بس.
-من مين؟
-مش لازم تعرفي.
ثم غير مجرى الحديث: -استعدي، مجرد ما يخلص ورقك هنسافر.
-هنسافر فين وليه. أنت بترمي ألغاز وأنا المفروض أحلها يعني!
جاءت تاليا من الخلف وقطعت حديثهم: -أنطى يلا تعالى بقى.
رمقته بنظرة تخبره فيها أن كلامهم لم ينته بعد ثم نهضت بتردد واتبعت خطوات تاليا وشرعت في أداء دور الأمومة في حياتهم، من حرصها على تنظيف أسنانهم جيدًا، وتغير ملابسهم وتصفيف شعرهم استعداداً للنوم في أجواء يغمرها الضحك واللعب الذي تسلل لأذان عاصي فلم يملأ صدره إلا ارتياحًا لصواب قراره.
جاءته سيدة: -تأمر بحاجة يابيه؟
-لا يا سيدة، روحي نامي.
ما كادت أن تخطو فأوقفها: -البنات ناموا؟ مش سامع صوتهم،!
-أيوة، حتى ست حياة نامت معاهم، تحب أصحيها تنام في أوضتها!
نهض هو الأخر مستعدًا للنوم وقفل شاشة التلفاز: -لا سيبيها على راحتها. نامي عشان مدرسة البنات الصبح.
-بتفكري في أيه؟
تفوه تميم متسائلًا بفضول إثر تقلب شمس الكثير وقلقها الواضح بجانبه يبدو أن هناك ما يعكر صفواها، رفعت شمس جفونها ببطء وردت: -أبدًا، شوية قلق بس.
أصر على سؤاله: -بتفكري في أيه يا شمس!
-نوران...
-مالها؟
فكرت طويلًا ثم قالت بتردد: -تصرفاتها غريبة اليومين دول؟
رفع حاجبه يتساءل: -غريبة إزاي؟
-أقول لك ايه بس يا تميم، يا رب اللي بفكر فيه يكون مش صح.
-حصل أيه طيب؟
روت شمس ما حدث عندما دلفت كي تحضر له كوبًا من الأعشاب، ورؤيتها لكريم التي زادت من الأمر سوءًا، انتظرها حتى فرغت من حيرتها وقال: -أنت مصممة تقلقي نفسك وخلاص!
-يعني ايه؟
-يعني كل اللي حصل ده طبيعي البنت زهقت من المذاكرة نزلت تشم هوا. مكبرة الموضوع ليه؟
-طيب ووجود كريم في نفس الوقت؟
-صدفة. صدفة يا شمس عادي احنا عايشين في بيت واحد على فكرة! فكل ده وارد.
اطمئن لقلبها لحديثه قليلًا حتى غيرت مجرى الحديث: -بقيت أحسن دلوقتِ؟
مرر ظهر كفها على وجنتها الناعمة وقال بحب: -شكرا على وجودك جمبي.
سطع التوتر من لمساته بعيونها وهي تبرر: -مفيش شكر ولا حاجة أي حد مكاني كان هيعمل كدة.
أطال النظر بعيونها وكأنه يقر معترفًا
بدونها لا يشعر بأنه في حال جيدة، عندما لم تعد موجودة لا عينيها ولا حيويتها ولا غموضها وخجلها الدائم منه. كما لو أن الأنوار قد انطفأت.
بدون وعي منه فارقت يده وجنتها ليرسو بإبهامه فوق شفتيها الكرزية ويقول مفصحًا: -كل يوم بكتشف فيكي حاجة أجمل من اللي قبلها.
ثم اقترب منها قليلًا وأكمل بنبرة فاضحة لنواياه: -شمس!
ارتعدت من جواره كالملدوغة وابتعدت عنه لتحتمي بطرف السرير وهي تولى ظهرها وتنكمش تحت اللحاف وتقول بشفاه مرتعشة: -انا خلاص هنام، تصبح على خير.
تصرفها صوب خيبة جديدة إلى صدره عن تلك الخطوة التي اتخذها إليها، برقت عيناها عندما وجدته يهمس بأذانها ويبرر تجاوزه: -كنت هقول لك بلاش تكبري المواضيع وتشيلي هم حاجات مش موجودة من أصله.
ثم ربت على كتفها وأكمل: -وأنتِ من أهله...
أحياناً تملأُ الكلمات فم المرء كما لو أنها فتات زجاجٍ مكسور فإن صمت تؤلمه، وإن تحدثَ تُدميه.
في الثالثة فجرًا
قلقت حياة في نومها إثر رفس تاليا الدائم لها، وحركتهم الزائدة أثناء النوم، تركت مخدعهم وتوجهت نحو الأريكة ولكنها لم تتحمل البرد القارص الذي يحاوطها، انتعلت حذائها القطني وخرجت من الغرفة متوجهة إلى الحمام رغبة في التقيؤ ولكنه كان مجرد شعور وهمي.
عندما خرجت تسمرت أمام غُرفته متحيرة أتُقبل عليها أم تتراجع حتى حسمت رائحته القرار وفتحت الباب برفق، تسللت إلى الغُرفة بحذر شديد وجلست على الأريكة المبطنة بجوار السرير، لم تجد إلا سترته السوداء لتتخذها كغطاء تحتمي به من صقيع الشتاء ولكنه فتح بابًا جديدًا من الصقيع بقلبها فأخذت تستنشق رائحته كالمدمنين، حتى تسارعت ضربات قلبها وارتخت أعصابها بوتيرة من المشاعر المضطربة.
لم تشبع ملابسه رغبتها في استنشاق عطره الذي بات إدمانها، تركت ما بيدها وخلعت حذائها بحذرٍ، ثم اقتربت منه وانسدت تحت الغطاء بهدوء وهي تملأ رئتيها من رائحته أكثر وأكثر.
كان مظهرها لطيف جداً ؛ لم يبدو عليه العواصف التي تقام في صدرها، لأول مرة اشتهت تأمل ملامحه النائمة عن قُرب، تلك الملامح التي انسدت بين ثناياها رجولته القاتلة لقلب كل أنثى يلقاها ألا قلبها الذي لا زال حيًا يقاومه، تذكرت قُربه الساحر وهو يسألها عن كونه سيئًا لهذا الحد؟
فاتسعت ابتسامتها عندما تذكرت ردها وارتباكها وخوفها منه، أخذت تتسائل كثيرًا لماذا تهابه لهذه الدرجة؟ ربما بسبب هيبته الشامخة أم ثقته الزائدة بنفسه؟ فأقرت معترفه وهي تداعب جدائل شعره بحنو: حين تحاوطني يداك يلتَف عليّ شيء كالحرير. مُثير وناعم.
أخذت تطرح الكثير من الاسئلة ل نفسها: -أنت مين وطلعت لي منين؟ وليه ببقى زي الطفلة الصغيرة قُدامك؟ بقيت تايهه مش عارفة أنا عايزة أيه؟ عايزة ارجع لرسيل ولا أكمل معاك بحياة حياه اللي أنت اخترعتها وأنا حبيتها؟ يا ترى أيه نهاية حكايتي معاك؟ وهتوديني على فين؟ خايفة اسيب لك قلبي اندم تاني؟ بس اللي متأكدة منه إني حاسة معاك بحاجات عمري ما حسيتها قبل كده؟ ما بين كل الفوضى والمشاكل دي كلها حاسة روحي خفيفة وليها أجنحة مش شايلة هموم؟
ثم تنهدت بحرقة: -قلبي عايزني أقرب وعقلي مش مقاومني؟ حتى مش قادرة افتكر عيوبك عشان اخدها حجة وابعد! أنت عملت فيا أيه!
غفت على ذراعها متنساية أناملها متغلغلة بين خصلات شعره في تلك اللحظة رفع عاصي جفونه ليراها ويلحظ قُربها المُبهم وتصرفاتها التي لا تصدر إلا من فتاة متيمة بلهيب العشق، لم يفعل شيء سوى ضمها إلى حضنه ونومها معًا على لحن ضربات قلبها المضرمة.
انفلق الصباح وانفلقت عيناه اللامعة، لا زالت نائمة على ذراعها لا تتحرك وكأنها آخيرًا عادت إلى حيث تنتمي، بعنَاقها كمن امتلك الدنيا في لحظة. رن جرس منبهه فأيقظها، كتم الصوت سريعًا ثم عاد إلى عيونها المنفرجة والحائرة عن أي ريح أتت بها إلى هنا؟
اعتدلت في نومتها وفارقت ذراعها وسألته: -أنا جيت هنا أزاي؟
أغمض جفونه استعدادًا لجولة اضطراباتها الجنونية وقال بهدوء: -افتكري كدا؟
عارضته بإصرار تخفي وراءه كبريائها: -أنا كنت نايمة جمب البنات! اااه تلاقيها حركة من حركاتك الرخيصة!
ما كادت أن تهرب بمسرحيتها من جواره فأمسك بها قائلًا بتساءل: -فلنفترض إنك بتمشي وأنتِ نايمة! كمان بتلعبي في شعري وأنت نايمة؟
رأي الخجل على ملامحها الطفولية وهي تنكر ما يقوله: -أكيد حلم، مفيش الكلام ده.
ابتسم ابتسامته الماكرة وقال مجاريًا: -ااه يا ستي انا اللي أخدتك من جمب البنات.
ثم مال هامسًا إليها: -أنتِ عارفة اتعودت أنك تنامي جمبي.
فارقها عندما القى قنبلته الموقوتة في صدرها وهي تتساءل حائرة حتى سرب وميض الشك إليها: -ده بيسرح بيا وبياخدني على أد عقلي! لا منا أكيد متجننتش!
ثم تأففت بندم: -غبية! ليه جيت عنده أصلًا!
تبدل عالمي كلّه، انحصرت أحلامي فيك، فتغيّرت أمنياتي، لم يتبقى في ذاكرتي غيرك ولكن الطريق إليم فارغ للغاية لا يوجد ما يحتج به القلب للعودة، حتّى التحيّة وقعت كزرّ الثوب فوق الرمل، لم تسمع صدًى. كما وقعت أنت من بين يدي
رفعت عالية شعرها كذيل حصان أمام المرآة فاقتربت منها نوران بحيرة: -أنتِ كويسة؟
ردت بملل: -ااه تمام.
-مفيش اخبار عن مراد؟
أجابتها بحزن: -لا.
ثم ترددت: -اااه.
-اه ولا لا؟ فزورة دي؟
بلعت عالية مرارة شعورها: -كان منزل بوست على الأكونت بتاعه الصبح، اممم وده مش بعادته يعني.
-بيقول أيه البوست ده؟
-عادي دعاء ديني. وحمدي مدير أعماله كان كاتب له عمرة مقبولة، شكله سافر السعودية.
فكرت نوران ثم قالت لنفسها: -شكلي طلعت ظالماه ولا أيه.
ثم ارتفعت نبرة صوتها: -طيب وأنتِ مضايقة ليه!
صدر الجواب في نفسها ورغبة قلبها في الذهاب معه، ارتدت وشاح التجاهل وقالت: -ولا حاجة، أنا هروح أقعد ما تميم شوية!
في شركة دويدار
اقتحمت عبلة الاجتماع بدون إذن مسبق وقالت بوقاحة: -عاصي، عايزاك.
نظر عاصي إلى موظفي الشركة وقال: -زي ما اتفقنا، كل واحد عارف هو هيعمل أيه. أهم حاجة الدقة والسرعة.
سأله أحد الموظفين: -المدير الإعلامي الاستاذة هدير مش المفروض كانت تبقى موجودة!
ردت مديرة مكتبه: -الاستاذة هدير في شغل بره، يومين وهترجع تظبط الدعايا والاعلانات، أهم حاجة كل واحد يلتزم بشغله.
نظر لمديرة مكتبه مؤيدًا لكلامها ثم نهض قائلًا: -على شغلكم، الاجتماع انتهى...
ثم اتجه نحو مكتبه، اتبعت عبلة خُطاه منتظرة مغادرة الموظفين حتى سألته: -والله! أنت بتهزر صح؟ أيه حركات العيال دي؟
رد بصرامة: -لو سمحتِ أنتِ هنا بتتكلمي مع صاحب شركات دويدار يعني الكلام يكون محسوب وألا هتصرف تصرف مش هيعجبك.
-وأنك تاخد بناتك وتمشي من القصر ده تسميه أيه؟
رد بجفاء: -أنا حر.
-فكرك مروة هتاخد بالها منهم ولا من ولادها؟ عاصي رجع بناتك القصر.
-بناتي أنا ادرى بمصلحتهم، ومعنديش كلام تاني أقوله.
فارقت مقعدها واقتربت منه راجية: -متزعلش مني، والله مش قصدي، أنت عارف أنا بحبك أد أيه وعمري ما فرقت بينك وبين عالية.
تجاهل توسلاتها وقال بحدة: -عندي شغل، ومش فاضي لأي كلام دلوقتي.
رمقته بغلٍ: -كده يا عاصي! ماشي، همشي بس كلامنا مخلصش.
خرجت عبلة من مكتبها وأول شيء فعلته هاتفت محاميها الخاص: -أيوة يا متر، عايزاك تلغي جميع توكيلاتي لعاصي...
وعلى حدى تجلس هدير في سيارتها وتهاتف هاشم مدكور : -أنا موافقة، والفترة الجاية السوق هيكون في أيدك.
بعد مرور أسبوع
مر أسبوع روتيني لم يحدث به شيئًا يذكر...
عالية لا زالت على حالها تنتظر مكالمة منه وتراقبه بلهفة وقلب مراهق تعلق بأول حُب التقاه.
ومراد الذي اختلى بقلبه بأداءه لمراسيم العُمرة التي ردت إليه روحه من جديد...
ازدادت مقابلات نوران وكريم السرية التي لن تخلو من الشجار والعناد، ولم يتوقفا الاثنان عن البحث وراء حقيقة ما وقع على أذان كريم.
لم يتوقف تميم عن محاولته لكسر الجدار الفاصل بينه وبين شمس حتى اكتسب ثقتها، وقربهم بسبب مشروع انشاء المشفى والمشاركة في جميع تفاصيله...
عاد عاصي ظهرًا إلى شقته التي تحوى بساتين من الحب والدفء الذي كان يعيشهم بجوار أحبته، والأجواء الأسرية التي عاشها لأول مرة نازعًا ثوب عاصي دويدار مرتديًا جلباب الزوج والأب، فتح الباب بعد ما أخذ بناته من المدرسة ونادى على سيدة: -سيدة.
جاءت ركضًا إثر ندائه: -أوامرك يا بيه؟
قال آمرًا: -جهزي شُنط البنات عشان مسافرين كمان ساعتين.
سألته بفضول: -والست حياه؟
-أكيد مش هسيبها وأسافر يا سيدة، يلا استعجلي.
تأهبت للذهاب فأوقفها: -هي فين؟
-عملت الأكل بنفسها ودخلت عشان تستريح شوية.
كادت أن تنصرف ثم أخبرته: -الهانم مش عاجباني يا ريت تاخدها لدكتور لانها لا بتاكل ولا بتشرب وأول ما تشم ريحة الأكل تجري على الحمام.
ثم وشوشته: -أقطع دراعي أما كانت حامل، بس هي مش مصدقة وبتزعق معايا أول ما أقولها كده. بس على ميين أنا نظرتي ما تخيبش أبدًا، فاكر يوم الست مها؟ مش أنا اللي جيت وقلت لك أول واحدة.
شرد عاصي للحظات ليقارن ما لاحظه على حياة وما عاشته مها في أشهر الحمل الأولى ولكنه نفض غبار الوهم سريعًا: -متحطيش في بالك يا سيدة مفيش الكلام ده، أصلا أحنا مأجلين الموضوع ده شوية، روحي شوفي البنات.
رمقته بنظرة خزى: -حتى أنت يابيه! طيب.
لم يكترث لحديث سيدة واتجه نحو غرفته وجدتها تجلس وتقرأ كتابًا قفلته عندما رأته وقالت متأففة: -أنا اتخنقت وزهقت من قعدة البيت دي، مش بعمل حاجة غير أني بطبخ واتفرج على التلفزيون وارغي مع سيدة واذاكر للبنات، أنا حاسة أني مش عايشة وهطق.
ترك حقيبته السوداء على الكومود وقال: -طيب هيجرى أيه لو قولتي كل الكلام ده من غير عصبية!
أغرورقت عينيها بالدموع التي لا تعرف سببهم وقالت بعجز: -مش عارفة، أنا هتجنن ومش عارفة انا عايزة أيه. بفكر في أخواتي وحياتي القديمة، انا عايزة ارجع اشتغل واكتب وأعيش. دي مش عيشة، وفي نفس الوقت مش عايزة ارجع الغردقة ولا حابة حاجة تفكرني بالماضي. أنا تعبت.
تلقى عبراتها المترقرقة على إبهامه وقال: -طيب أي رأيك في سفرية لباريس تغيري جو!
-مش عارفة، حاسة أن مفيش حاجة هتسعدني الحياة كلها كئيبة حوليا...
-طيب روقي وسيدة هتيجي تساعدك في الشنط، وعد هنقضي أحلى يومين هناك.
ردت باستسلام: -تمام.
ثم ابتعدت عنه سريعًا: -متحطش من البرفيوم ده تاني مش طايقة ريحته.
وفع حاجبه مستنكرًا: -نعم! مش كنتي بتحبيه وبتحبي ريحته؟
ردت بضيق قبل أن تركض لتتقيء بالمرحاض: -مش طايقاه بجد يا عاصي...
بالقصر
دخلت هدير الغرفة على خالتها وهي تحمل على عاتقيها دبابير الشر وقالت:
-جيت لك عشان مصلحتنا واحدة!
طالعتها عبلة بضيق: -مصلحة أيه؟
-زي ما أنا بخاف على ابني اللي جاي وعايزة أضمن حقه أنتِ كمان أكيد خايفة على ابنك.
ردت ساخرة: -بصرف النظر عن موضوع ابنك اللي متكلمناش فيه ده. بس هاتي اللي عندك يا هدير!
سألتها بصرامة: -عاصي له اكتر من اسبوع معتبش البيت يا ترى بيبات فين! تعرفي؟
-وأنا هعرف منين؟ عاصي راجل ويعمل اللي عايزه ومصيره هيرجع النهاردة أو بكرة...
وضعت ساق فوق الأخرى وقالت: -زي ما اتوقعت.
انتبهت لها عبلة بفضول: -اتوقعتي أيه؟ ما تتكلمي على طول...
رد بثقة: -عاصي ابنك عايش مع حياة وبناته في شقه واحدة، هبعت لك لوكيشن الشقة عشان تتأكدي.
تبدلت ملامح عبلة ولُجم وجهها بجمر الغضب: -أنتِ بتقولي أيه؟ عاصي رجع لحياة! طب ازاي. لالا عاصي يعمل أي حاجة إلا كده...
ختمت هدير الجولة بينهم بحزم: -العنوان عندك وتقدري تتأكدي بنفسك، حبيت أحذرك بس بدل ماانتى نايمة في الخط كده...
شردت عبلة بحقد: -يا ترى هتودينا على فين ياابن تحية!
وصل عاصي إلى المطار قبل موعد الطائرة بنصف ساعة ولكن وقتها علم بحدوث عطل بطيارته الخاصة وعليهم الانتظار حتى إصلاحه، حينها حجز غرفة بفندق تابع للمطار حين إنهاء العُطل، في تلك اللحظة وصلت عبلة إلى العنوان الذي أرسلته هدير وقفت طويلًا أمام البناية حتى هبطت من سيارتها واتجهت نحو البواب وسألته:
-عاصي دويدار موجود فوق؟
هز رأسه نافيًا: -لا ياهانم.
كررت سؤالها بصيغة أخرى: -قصدي أمتى جيه هنا وكان معاه حد ولا لا.؟
رد الحارس بثقة زائدة، خاصة بعد ما أكد عليه عاصي بإنكاره التام إذا سأل عليه أحد: -عاصي بيه له أكتر من ست شهور مش بيجي هنا.
شكرته عبلة بعرفان بعد ما وضعت بعض النقود بيده وانصرفت متوعدة: -بتشتغليني يا هدير! أما وريتك...
صباحًا في مطار باريس
لمست قدمي حياة أرض المطار بعد رحلة طويلة قضتها بمفردها سارحة لا تتحدث معه إلا قليلًا، وبناته الاتي اهلكهن التعب فناما.
اتجهوا جميعًا إلى السيارة الفارهة التي تنتظرهم ويقف أمامها يسري الذي أمره بأخذ البنات إلى الفندق وسيلحق بهم، وقفت حياة معترضة: -ماينفعش يقعدوا لوحدهم فالفندق.
-حياة يسري معاهم وبعدين هما هيناموا.
رفضت قطعًا: -ماينفعش. يناموا في العربية، وبعدين أحنا هنروح فين؟
أغمض جفونه مُلبيًا لطلبها وصعدوا جميعًا السيارة واتجهوا نحو ما يقصده، بعد مرور ساعة صفت السيارة أمام السفارة المصرية فطلب منها: -انزلي.
ثم وجهه كلامه ليسري: -خلي بالك من البنات، ولا أقولك روح فطرهم في أي مكان قريب من هنا.
-اللي تأمر بيه معاليك.
هبطت حياة من السيارة وانتظرته حتى وقف أمامها صامتًا للحظات، فأشار برأسه: -يلا...
-يلا فين؟ أحنا هنا ليه!
-عشان اتجوز رسيل المصري.
وقوع الخبر على آذانها أشبهُ بإبتلاع كمية من الصخور على معدة فارِغة، تفوهت بدهشة: -أنت بتحطني قُدام الأمر الواقع! فاكر كده هتلوي دراعي!
-حياة افهميني، ده مش وقت لأي جدال، أحنا داخلين حرب، فلازم اضمن ربحها من كل الاتجاهات وأولهم أنك تبقي مراتي قانونًا، لأنك شرعًا مراتي!
-وأن قُلت مش عايزة!
-هعارضك، لأني شايف اللي أنتِ مش شايفاه. وجوازنا باسم رسيل مش هيغير أي حاجة ما بينا، أحنا زي ما أحنا ومش مجبرة على حاجة، ولما تُقفي على أرض صلبة هيكون ليكي الاختيار، تكملي معايا أو لا. هااه قُلتِ أيه؟
ركضت نوران كاللصوص مستغلة نوم أغلب الموجودين في القصر لتلقي بكريم وتنفذ ما اتفاقا عليه الاثنين، ما أن قابلته وهي تأخذ أنفاسها بصوت مرتفع ؛ قال كريم ممازحًا: -اتجمدت بسببك، لما أخد دور بردّ دلوقتي مين هياخده باله مني.
رد بعفوية: -أمك.
ضحك كريم بصوت مرتفع على تلقائيتها ولسانها الحاد: -عني. فة أوي أنتِ.
أخرجت من جيبها منديلًا يحتوى على بقايا خصلات شعر عالية المتساقطة ووضعته بيده وقالت: -اللي اتفقنا عليه أهو.
-تمام، وأنا هجيب عينة من خالتي.
تنهدت بمرارة: -يارب يا كريم يطلع كل ده مش صح. بجد عالية هتصعب عليا أوي، هي مش مستحملة أي صدمات تانية.
-ربنا يستر يا نوران.
ثم غمز بطرف عينه ممازحًا: -بس جو المفتش كرومبو ده هياخد منك حتة!
ضحكت بسخرية: -ومنك أنت كمان يا لذيذ.
خرج عاصي بصُحبة حياة بعد ما أتم زواجهم قانونيًا، كانت خطواتها هادئة ومترددة، عكس خطواته السريعة التي تعرف مقصدها جيدًا، وقف لينتظرها تقترب منه وسألها: -أنتِ تعبانة!
-لالا، أنا تمام.
حاول أن يمازحها كي تخرج من دوامتها وشرودها: -كده أقدر أقول لك مبروك عليكي أنا!
رمقته بتعجب فأكمل: -أومال! بقيتِ مراة عاصي دويدار رسمي. أنتِ كنتي تحلمي!
ردت بخفوت: -طيب!
اقترب منها ورفع وجهها إليه حتى تلاقت أعينهم: -بس لو جينا للحق، مبروك عليا أنتِ، أنا اللي عمري ما كنت افكر إني أطولك حتى في أحلامي، أنتِ عندي حاجة كبيرة أوي يا حياة.
احتفظت بمشاعرها المتضاربة بجوفها وقالت: -يلا نروح للبنات.
-في مشوار الأول هنروحه، بس لو مش مستعدة خلاص.
-مشوار أيه؟
-هتعرفي لما نروح.
ثم مد كفه إليها وسألها: -واثقة فيا!
منحته الموافقة بعيونها وهي تضع يدها بيده، سحبها برفق ثم صعد السيارة التي كانت في انتظارهم بالخارج وانصرف الثنائي...
وصلوا إلى ميناء للسفن فطلب منها أن تدلف من السيارة فسألتها بتوجس: -أحنا هنا بنعمل أيه؟
ساعدها في الهبوط من السيارة وادناها منه قائلًا: -متقلقيش، مش جايين هنا نقضي شهر العسل، لان وقتها هيكون مفاجأة تليق بيكي.
ركض الخوف بعيونها: -عاصي!
قبض على كفها بقوة: -مش وثقتي فيا خلاص. يلا تعالى.
صعد الثنائي اللانش الصغير الذي شقت سرعته الماء حتى وصلا إلى مركبة كبيرة ياخت ، قفز عاصي على ظهرها ثم أمسك بيدها ليساعدها: -تعالى.
وقفت بجواره: -طيب فهمني. أحنا هنا بنعمل أيه، وبعدين أنا قلقانة على البنات أوي.
وقف أمامها ليبث بصدرها وميض الاطمئنان: -أحنا هنا عشان أرجع لك حق يا حياة، حقك اللي اتاخد منك غدر. مش هينفع تكوني مراتي وأسيب اللي جرحك يتنفس على وش الأرض.
أغرورقت عينيها بالدموع: -أي حق!
أشار عاصي لرجاله كي يأتون بقاسم المُكبل، وما أن استدارت لتقف أمامه تفوهت بصدمة: -أنتَ!