رواية عندما فقدت عذريتي للكاتبة سارة علي الفصل الثامن والعشرون
بعد مرور عدة أشهر..
وقف زياد امام باب الغرفة التي تقطن بها رنا ينظر إليها من خلف الحاجز الزجاجي بحزن ورغما عنه تكونت الدموع داخل عينيه..
لا يصدق أن من يراها الان ممددة على سرير المشفى ببطن منتفخ هي رنا اخته الوحيدة ومدللته الصغيرة..
في نفس الوقت شعر بوالده يقترب منه وهو يهتف بنبرة خافتة:
هنعمل ايه دلوقتي يا زياد..؟! ميعاد ولادتها قرب..
رد زياد بقوة فهو قد فكر كثيرا بما سيفعله طوال الشهور الفائتة، لقد كان حريصا ألا يعلم احد بحمل رنا ونبه الطبيب على هذا بينما كان هو يبحث عن حاتم الذي هجر البلاد دون عودة..
رنا مش حامل يا بابا، والطفل اللي هيتولد هيتكتب بإسمي..
تطلع والده إليه بعدم تصديق قبل أن يفهم بأن هذا الحل الوحيد الموجود امامه...
اكمل زياد بخشونة:.
انا كنت متجوز من كان شهر والطفل اللي هيتولد هو ابني وهيستجل بإسمي وكده محدش هيجيب سيرة رنا بكلمة..
تنهد الأب وقال:
انا مش عارف اقولك ايه يابني، بجد مش عارف..
قاطعه زياد بجدية:
متقولش حاجة يا بابا، رنا اختي، وانا مسؤول عنها..
ربت الاب على كتفه قبل ان يحتضنه بقوة...
كانت زينة تتناول طعام غدائها مع نور التي استقرت معاها في نفس الشقة..
لقد تحسنت أوضاعها كليا وكذلك علاقتها بعائلتها خاصة بعدما اشتروا شقة في العمارة المقابلة لعمارتها..
حتى ان والدها طلب منها أن تسكن معهم في نفس الشقة الا انها رفضت هذا فهي قد اعتادت على شقتها هذه وحياتها بها..
تطلعت نور الى زينة التي تقلب طعامها بشرود لتهتف بحيرة:
مالك يا زينة..؟! ساكته ليه..؟!
نظرت زينة اليها وقالت كاذبة:.
مفيش..
بتفكري فإيه يا زينة..؟! اتكلمي..؟!
قالتها نور بإصرار فهي تعلم ان وراء شرود زينة الكثير لترد زينة أخيرا:
بفكر فزياد..
قالت نور بخفوت:
ربنا يعينه، اللي هو فيه مش سهل..
تعرفي اني فكرت اشوفه..
تعجبت نور مما سمعته فهتفت بعدم تصديق:
تشوفيه..؟! ليه..؟!
هزت زينة كتفيها وهي تهتف بجدية:
كنت محتاجة اتكلم معاه وأقف جمبه فالشدة اللي هو فيها..
ثم أكملت بشرود:.
هو ياما وقف جمبي وساعدني فعز أزماتي..
طب روحيله يا زينة، مستنيه ايه...؟!
أجابتها زينة:
خايفة ومش ضامنة ردة فعله..
همت نور بالرد الان ان رنين جرس الباب قاطعها فقالت وهي تقوم من على المائدة لفتحه:
خليكي انتي، انا هقوم اشوف مين اللي جه..
فتحت نور الباب لتتفاجئ بشاب طويل وسيم يقف أمامها ينظر إليها بتعجب قبل أن يسألها بحيرة:
هو مش ده بيت مدام زينة..؟!
اومأت نور برأسها وهي تجيبه:.
ايوه وانا صاحبتها..
انا ماجد وعاوز اشوفها..
اتفضل..
قالتها نور وهي تفسح المجال له للدخول غير منتبهه الاسم الذي قاله لتنهض زينة من مكانها وتسأله مندهشة من وجوده امامها:
ماجد، خير فيه ايه..؟!
ممكن نتكلم شوية..؟!
اومأت زينة برأسها لتنسحب نور قائلة:
عن اذنكم انا هدخل جوه. ،
ثم اتجهت الى غرفة النوم ليجلس ماجد امام زينة ويهتف بقوة:
انا جيت عشان اطلب ايدك يا زينة، انا عايز اتجوزك.
دلف زياد الى غرفته بعد يوم طويل مرهق قضاه بين العمل والمشفى..
كان يهم بخلع ملابسه ليأخذ حماما سريعا حينما فتحت والدته الباب وولجت الى الداخل تهتف بلهفة:
الحق يا زياد، رنا بتولد..
ركض زياد مسرعا خارج المنزل تتبعه والدته ووالده...
وصلول الى هناك لتخبرهم الممرضة ان رنا في غرفة العمليات تلد بالفعل...
ظل الثلاثة في الخارج ينتظرون انتهاء الولادة بتوتر...
خرج الطبيب بعد فترة وعلى وجهه ابتسامة شديدة ليهتف بهم:
مبروك جابت بنت زي القمر وكمان فاقت من الغيبوبة..
بجد..؟!
قالتها الأم غير مصدقة لما سمعته بينما قال زياد بلهفة:
ممكن أشوفها..
اومأ الطبيب برأسه وقال وهو يهتف به:
احنا حاليا هنحولها للعناية المشددة عشان لسه حالتها مش مستقرة، تقدر تشوفها كمان ساعة..
في نفس اللحظة خرجت الممرضة وهي تحمل الطفلة الصغيرة بين يديها لينظر الثلاثة اليها بحيرة وتردد، فهذه الطفلة هي ابنة حرام وإن أنكروا ذلك...
ولكن زياد كان اول من أفاق من حيرته وحمل الطفلة بين يديه ليقترب نحو والدته ويهتف بجدية:
شوفي حفيدتك يا ماما..
أدمعت عينا الام وهي تقول بحزن:
كان نفسي تجي فوضع غير ده..
عاتبها زياد:
متقوليش كده يا ماما الطفلة دي ملهاش ذنب، وفالنهاية دي بنتنا من دمنا...
اومأت الأم برأسها وهي تنظر الى الطفلة بحنو بالغ ليهتف زياد بها:
هنسميها ايه..؟!
ردت الأم بسرعة:
سيسيليا، رنا كانت بتحب الاسم ده اوي..
ابتسم زياد بحنو وهو يطبع قبلة على جبين الطفلة ويقول:
سيسيليا الشريف، حفيدتك يا ماما..
دلف زياد الى غرفة العناية المشددة التي تقطن بها رنا..
اقترب منها ووقف بجانبها ينظر اليها بحزن..
فتحت رنا عينيها وقد شعرت بوجوده لتهتف بصوت خافت متحشرج:
واخيرا شفتك..
متتكلميش يا رنا، الكلام مش كويس عشانك..
ردت رنا بإبتسامة شاحبة:
سيبني اتكلم يا زياد، جايز دي اخر مرة اتكلم فيها..
زفر زياد نفسا وقال وهو يمسك كف يدها بكف يده:
متقوليش كده يا رنا، انتي هتبقي كويسة..
قاطعته رنا بوهن:.
بنتي يا زياد، بنتي امانة عندك، اعتبرها بنتك ومتبخلش عليها فحنيتك..
كانت رنا تتحدث والدموع تملأ عينيها:
هي ملهاش ذنب فحاجة...
بنتك هي بنتي، متقلقيش عليها..
قالت رنا بصوت مترجي وقد بدأ نبضها يخفت تدريجيا:
خلي بابا يسامحني، وماما كمان، كان نفسي اشوفهم..
رد زياد بضيق:
هتشوفيهم يا رنا، متقلقش..
سامحني يا زياد، سامحني على كل حاجة..
ثم أكملت بدموع لاذعة ونبرة متقطعة بدأت تخفت تدريجيا:.
انا عملت كل اللي عملته عشان علي اللي مقدرتش اتخطى موته، سامحني ارجوك..
حتى اختفت النبرة تماما وتوقفت نبضات قلبها بشكل نهائي..