رواية عشق للكاتبة عفت بشندي الفصل الثالث والعشرون
ركب محمود مع فتحى متوجها الى المشفى..
- محمود بيه
- نعم يا عم فتحى
- كنت عاوز اقولك حاجة..
- اتفضل
- اعذرنى.. انا كدبت عليك
- كدبت ازاى مش فاهم
- ليلى مش عيانة.. بس امى منعتها من الشغل
- ليه يا عم فتحى..
- والله معرف يا بيه.. وحاولنا كتير نعرف السبب ومش راضية تقول
- طيب وقت ما توافق مكان ليلى محفوظ
- ربنا يكرمك يا بيه.. بس.. اصل يعنى...
- فى ايه قول على طول
- ليلى بتعيط ليل نهار ولا بتاكل ولا بتشرب.. وقالتلى استنجد بيك
- طيب وانا اقدر اعمل ايه
- والله معرف.. هى امنتنى وبس
تعجب محمود.. وظل يفكر فى السبب.. حتى وصل المشفى..
دخل محمود فانفرجت اسارير عشق ولكنها ابتسمت بخفر.. سلم على نادين واقترب من الصغيرين
- حذر باه مين ياسو ومين يويو
- وهى تفرق..
- اه.. دا ياسو صاحبى.. ودا يويو
- وبتعرفيهم ازاى
- يويو مش صاحبى اوى.. اولا انت اللى شلته.. ثانيا مكشر كدة انما ياسو بيبتسملى..
التفت لها وابتسم.. وظل يتأملها وهى تلاعب الطفلين.. كانت تشعر بنظراته فتشغل نفسها حتى لا تنظر اليه..
طلبها خارجا.. خرجت محرجة من نظرات نادين..
- عشق عاوز استشيرك ف حاجة
- حاجة ايه
حكى لها موضوع ليلى كاملا فتغير وجهها..
- مالك
- ابدا ..
- وشك اتغير
- وهيتغير ليه.. لو مهمة عندك كلم جدتها او والدتها وخليها تنزل الشغل
- وبتقوليها وانتى مضايقة كدة ليه
- مش مضايقة.. مستغربة بس
- من ايه
- اهتمامك بيها.. ما بتعاملش هويدا كدة ولا اى حد تانى
لفها اليه.. ونظر فى عينيها..
- اولا لانها يتيمة ومكافحة.. ثانيا البنت مخلصة ومحترمة مش زى بنات الجامعة.. ثالثا والاهم لانها هى وعم فتحى انتى سبب معرفتى بيهم
تضرج وجهها بحمرة الخجل ..
- طب هتعمل ايه
- هاخدك ونروح نزورهم
- نزورهم؟
- ايوة.. مع بعض..
- ليه..
- احسن البنت تكون اضايقت من حاجة او نقلت صورة غلط
- اللى تشوفه
والتفتت لتدخل الغرفة..
- عشق
- نعم..
- هو انتى معندكيش خالات
- لا.. عندى خالين
- عنهم ولاد
- اه.. عندهم بنات وولاد
- اعمارهم ايه
- اشمعنى..
- معلش يا ريت تردى وهتعرفى بعدين
- خالى الكبير عنده بنت ١٨ سنة وولد ١٥ وولد ١٠.. وخالى التانى عنده بنتين توءم ١٦ سنة وولد ١٠
ابتسم محمود بفرحة ..
- تمام.. حضرى نفسك عشان نروح مع عم فتحى
هزت كتفيها بتعجب واشارت بالموافقة..
فوجئ فتحى بقرار محمود زيارتهم... لكنه فرح جدا..
دخل بالسيارة منطقتهم الشعبية.. وركنها بجوار منزلهم المتواضع.. بين نظرات الناس المتفحصة المتسائلة
دخلت عشق ومحمود منزل ام فتحى.. انه بيت شديد البساطة ولكنه نظيف للغاية، ارائك بلدية وحصيرة تغطى الارض، ولا شئ غير هذا، وهناك غرفتان مغلقتان ومطبخ عليه ستارة مهترئة وحمام بابه يكاد يقع..
فتحى:
- ياما.. انا جيت.. ومعايا الضيوف
كان قد اخبرها ان ضيوفا سوف يأتون معه لكنه لم يخبرها من هم بناء على طلب محمود
- خرجت الام.. تستند على الحائط.. ترتدى جلبابا واسعا وتلف رأسها بطرحة كبيرة.. رغم عوامل الزمن الا انها تملك قوة وشدة يظهران فى حركتها ونظراتها..
سندها فتحى حتى جلست.. كان سيبدأ الحديث لكنه توقف بناء على اشارة من محمود..
محمود:
- اهلا يا حاجة ..
نعمة:
- اهلا يبنى.. مين حضرتك
محمود:
- طب مش تضايفينا الاول
نعمة:
- طبعا طبعا.. تشرب ايه
محمود:
- يا ريت اتنين قهوة مظبوط
نعمة:
- حاضر.. واعملهالك بايديا كمان
فتحى:
- احلى قهوة تشربها من ايد امى.. وما تعملهاش الا للعزيز الغالى..
نعمة:
- ناولنى السبرتاية يا فتحى من الصندوق اللى جنب السرير
فتحى:
- حاضر
ذهب فتحى واحضر السبرتاية وبدأت نعمة فى تجهيز القهوة.. وهى تستكشفهما بعينيها.. اقتربت منها عشق ..
- ممكن تعلمينى اعملها ازاى
نعمة:
- عنيا يا بنتى.. انتى زميلة ليلى مش كدة.. ودا جوزك ولا خطيبك؟
اضطربت عشق واحمر وجهها.. لكن محمود قال:
- لا يا حاجة مش زميلتها..
نعمة بتعجب:
- الله.. امال انتوا مين.. ناولنى يا واد يا فتحى النضارة
محمود:
- انا مدير ليلى ف الشغل
ارتعشت نعمة حتى ان القهوة وقعت منها على الاريكة والارض.. مما اثار اندهاش عشق ومحمود..
نعمة بصوت ضعيف:
- انت الاستاذ محمود؟
محمود:
- ايوة انا.. هو فى حاجة
اتى فتحى بالنظارة فخطفتها منه وارتدتها.. ونظرت لمحمود تتأمله ودموعها تنسال على وجنتيها
فتحى:
- هو فى ايه ياما
نعمة بصوت متحشرج:
- مفيش حاجة يا فتحى..
محمود:
- لو ضايقناكى بزيارتنا يا حاجة...
نعمة:
- ما تقولش كدة.. دانت نورت الدنيا كلها يبنى
احتار محمود فى نظرات تلك العجوز التى تتأمله
محمود:
- طب يا حاجة انا كنت عاوز اعرف حضرتك منعتى ليلى من الشغل ليه.. لو حد زعلها كانت بلغتنى.. ولو عشان بتشتغل معايا وحضرتك خايفة عليها.. تشتغل مع الاستاذة عشق..
لم تكن تسمعه.. كانت فقط تتأمل وعيونها تذرفان الدمع..
نعمة:
- اللى تشوفه يبنى.. خليها تشتغل مع الاستاذة
محمود:
- طب هو حضرتك مضايقة من حاجة
وضعت كفها المغضن على وجهه وقالت:
- وهو اللى يشوفك يضايق يبنى.. دانت تشرح القلب الحزين..
احتار محمود فى تلك العجوز.. استأذن فى الانصراف لكنها صممت ان تصنع لهما قهوة مرة اخرى بدلا من تلك التى انسكبت.. وظلت تتجاذب معه الحديث دون عشق.. احبت عشق ان تشغل نفسها.. كانت هناك صورة معلقة على الحائط.. والكثير من الصور محشورة فى جوانب البرواز.. راحت تتأملها حتى توقفت امام احداها.. التقطتها واخذت تتمعن فيها..
- محمود
- ايوة يا عشق
- الصورة دى كأنها ف القصر بتاعكم صح
- ورينى كدة.. تصدقى ممكن
- لا دى ف قصركم.. وادى صورة جدو مجدى ف الجنب
اتى فتحى..
- ايه دا ورينى كدة يا ست عشق.. صحيح عندكم.. دا ازاى
التفت محمود الى الجدة.. واراها الصورة..
محمود:
- مين دى يا حاجة.. تعرفيها..
نعمة:
- دى وفاء.. بنتى الله يرحمها
عشق:
- وهى كانت بتعمل ايه ف قصر الغمرى
نعمة:
- كانت بتخدم يا بنتى هتعمل ايه
فتحى:
- ما قلتيليش ياما انها خدمت عندهم
نعمة:
- دول كام شهر بس لما كنت انت مسافر ليبيا..
فتحى:
- الله يرحمك يا وفاء ياختى ويبشبش الطوبة اللى تحت راسك.. ماتت ف عز شبابها
محمود:
- ماتت ازاى..
فتحى:
- حمى نفاس..كانت لسة والدة.. وابنها راخر مات وجوزها حصلهم
اضطربت نعمة..
- اقرولها الفاتحة بأه
قرأ الجميع الفاتحة .. ودق الباب فى تلك اللحظة.. فتح فتحى الباب..
- اهلا يا نورا تعالى اما اعرفك.. دا الاستاذ محمود مديرى انا وليلى.. ودى الست عشق قريبتهم وشريكتهم
نورا بتردد:
- اهلا وسهلا بيكم نورتونا..
محمود بتأمل:
- اهلا بيكى
فتحى:
- كنا لسة ف سيرة امك.. ماكنتش اعرف انها اشتغلت ف قصر الغمرى قبل كدة
نعمة:
- خلاص باه يا فتحى.. كفاياك رط الحريم دا..
محمود بشرود:
- نستأذنكم احنا ..
فتحى:
- يلا يا سعادة البيه
محمود:
- لا خليك انت يا عم فتحى ريح .. هسوق انا
فتحى:
- ربنا يخليك.. هوصلكم..
سلم محمود على نعمة التى اخذت يده بين يديها وظلت تنظر له من جديد.. ثم سلم على نورا والتى كانت تختلس النظرات المتمعنة له.. كما سلمت عليهما عشق.. وخرجا مع فتحى يوصلهما
نورا:
- ستى.. هو دا يبقى...
نعمة وهى تبكى:
- اه يا نورا.. اخوكى..
قاد محمود سيارته شاردا.. وعشق ايضا..
- محمود.. انت رايح فين
- نعم
- شكلك سرحان.. بقولك انت رايح فين
- المستشفى
- لا دادة تحية هتروح بعد شوية تبات.. هروح البيت احضرلها حاجات تاخدها
- حاضر
- مالك
- ابدا
احترمت صمته وسكتت هى الاخرى ..
دخلت عشق جناح احمد ونادين وحصلتها تحية.. وحضرت كل شئ وهى تتجاذب اطراف الحديث مع تحية
- دادة .. كان فى واحدة بتشتغل هنا زمان اسمها وفاء
- وفاء؟ يااااااه.. وانتى تعرفى منين دا من قبل ماتتولدى بسنين
- راحت فين دى وليه ما كملتش هنا..
- دى حكايتها حكاية.. اتجوزت صغيرة وخلفت بنت اسمها نوارة.. وجوزها مات ف حادثة.. كانت بنتها ييجى ١٥ سنة كدة.. جت تسترزق.. كانت الست ماجدة بتكرهها كره العما ومطلعة عنيها.. فجأة بقت تحبها وتاخدها تقعدها معاها بالساعات ف اوضتها.. وبعدين اختفت
- اختفت ازاى..
- معرفش.. بس مرة كانت الست ماجدة غضبانة وهى حامل ف سى محمود..روحت اوديلها حاجات لمحت وفاء دى هناك.. شكلها كانت اتجوزت وحامل
- وبس كدة
- لا. بعد ما ولدت ست ماجدة جتلها وفاء.. كانت تعبانة اوى يا حبة قلبى.. وكانت بتتحايل عليها تخدم هنا.. لكن ست ماجدة كانت رجعت للمعاملة الوحشة تانى.. خلت البواب ضربها وكانت عاوزانى اضربها انا كمان.. بس ما رضيتش
- وبعدين؟
- البت الظاهر كانت ماسكة حاجة على الست ماجدة .. قعدت تصرخ وتنده لمحمد بيه.. راحت ست ماجدة كتمت بؤها.. وخدتها على بيت ابوها حمدى بيه.. وبعدها بكام يوم عرفنا انها ماتت
سرحت عشق.. هناك شئ غير طبيعى فى تلك القصة لا تعرف كنهه.. لكنها تشعر به..
- فى ايه يا ست عشق
- ابدا يا دادة.. يلا عشان تلحقى تروحى لنادين
- حاضر يا بنتى..
فى اليوم التالى كان محمود فى اجتماع مع محمد وعدد من العملاء والمديرين ..حين جاءه اتصال من فرحانة ..
- ايوة يا فرحانة.. فى حاجة
- انا مش عارفة بس قلقانة
- فرحانة انا ف شغل مهم.. قولى بسرعة فى ايه
- الست ماجدة خلتنى اروح بالولاد لست نادين.. وامى بايتة هناك
محمود بنفاد صبر:
- وايه المشكلة..
- المشكلة انها فضت القصر كله.. مشت حتى البواب.. وبدون سبب.. وكدة مفيش ف البيت غير ست عشق لوحدها
بدأ محمود بضجر:
- طب وايه قالقك
- الست ماجدة جابت واحد امبارح وخرجتنا من المطبخ.. بس انا اتصنطت وعرفت انه فصل الكمرات اللى بتصور دى.. وقالتله يبين انها عطلانة من سخونية المطبخ
بدأ محمود بهتم ويقلق.. حتى ان محمد ترك الاجتماع وذهب اليه..
- طب انتى قريبة ولا بعيدة
- انا بعت العيال مع السواق ومرابطة ادام البيت بس مكان مش ظاهر
- طيب لو فى حاجة بلغينى
- حاضر يا محمود بيه تحت امرك
اغلق الهاتف فسأله محمد عما به.. فحكى له مكالمة فرحانة
- الموضوع غريب ويقلق.. بس نتأكد الاول
- ازاى..
- نشوف على اللاب الكاميرات مفصولة فعلا ولا ايه
فتحا اللاب .. وقبل ان يبدأ العمل اتصلت فرحانة..
- محمود بيه.. استاذ فادى داخل القصر دلوقتى.. ولا مؤاخذة بيتلف حواليه زى الحرامية
- خليكى عندك وانا جاى..
ابلغ اباه بفحوى المكالمة.. ووجدا ان الكاميرات مفصولة بالفعل
- يلا بينا يا محمود قبل ما تحصل مصيبة
- خليك عشان الاجتماع
- مش مهم.. جاى معاك..
كانت عشق فى المطبخ تصنع كوبا من القهوة.. حين سمعت صوت فادى خلفها..
- ازيك يا عشق
انتفضت عشق فزعة.. ورفعت طرحة الاسدال على شعرها تداريه
- فادى.. اهلا.. طنط ماجدة مش هنا
كان فادى ينظر لها بطريقة لم ترق لها.. ويقترب ببطء..
- ومين قالك انى جايلها.. انا جايلك انتى
- وجايلى ليه
- يعنى مش واخدة بالك
كانت تريد ان تظهر قوية.. لكنها لا شعوريا ترجع الى الوراء
- واخدة بالى من ايه..
كان محمود يقود السيارة كالمجنون.. حتى انه اوشك على عدة حوادث.. وكان هو ومحمد يحاولان الاتصال بعشق ولا يعلمان انها تركت هاتفها فى الدور العلوى ونزلت..
- انى هموت عليكى من اول لحظة شفتك فيها
- يعنى ايه
- يعنى عاجبانى..
- بس انا مش بفكر ف ارتباط او جواز
كانت تطيل امد المحادثة وهى تعود للورا وهو يقترب.. وتلف قليلا محاولة الوصول لباب المطبخ..
- مش لازم جواز
- يعنى ايه مش لازم جواز
- انا طلبتك شرعى واونكل محمد رفض.. كدة عدانى العيب
- طيب كلمه تانى وانا...
كانت على وشك الوصول لباب المطبخ حين قفز ليسجنها بين يديه ملتصقة فى الحائط
- انتى ايه.. هتضحكى عليا زيه ولا ايه
كانت انفاس عشق تكاد تنقطع وهو على هذا القرب منها ويظهر الشر على وجهه.. لكنها استجمعت شجاعتها وثنت ركبتها لتضربه فى منطقة حساسة.. ليصرخ وينحنى.. ولكن فى اتجاه الباب.. مما جعلها مازالت سجينته..
اعتدل قليلا والشرر يتطاير من عينيه ويغلق الباب
- بتضربينى انا يا بنت راوية.. يا بنت الخدامة بتتطاولى على اسيادك
- راوية دى جزمتها برقبتك
قفز عليها سريعا.. حاولت التملص فتمزق اسدالها.. واستطاع لى ذراعيها خلف ظهرها فكان ملتصقا بها..
- جزمة مين.. دانتى اللى هتبقى جزمة ف رجلى وتتمنى اعبرك.. واقترب كى يقبلها فعادت برأسها للوراء.. ثم خبطته بعزمها برأسها فى انفه.. فخارت قوته وفقد توازنه.. تملصت منه سريعا لكنه كان الاسرع حيث جذبها من شعرها فصرخت.. لكنها استطاعت الامسال..
ك بسكين فخبطته به فى ذراعه اسالت دمه.. لكنه ظل ممسكا بشعرها يجرها منه.. حاولت ضربه مرة اخرى بالسكين لكنه ازاح رجلها بقدمه فوقعت وهى تصرخ مع ارتطام رأسها بالارض.. وظل يضرب بيدها الارض كى تترك السكين..
كانت قواها قد بدأت تخور خاصة وهو فوقها .. وبدأت ترى الظلام يحيط برأسها..
وصل محمود ومحمد الى القصر.. نزل محمود محمود سريعا حتى انه لم يغلق باب السيارة.. خاصة ان صرخاتها كانت تملأ المكان
رأى فادى قواها تخور.. فاحس باقترابه من الانتصار.. نظر على جسدها البادى من الاسدال الممزق ليجد ما يصطدم بوجهه ويرميه الى الوراء فيرتطم بالحائط.. حيث كانت تلك قدم محمود..
احست عشق بما يحدث وهى تكاد تفقد وعيها.. لكنها استجمعت البقية الباقية منها لتقوم ويسندها محمد.. وترى محمود يضرب فادى والدماء تسيل من مواضع عدة فى وجهه.. اجلسها محمد ثم ابعد محمود عن فادى..
محمد:
- سيبه يا محمود.. ما توسخش ايدك بالنجس دا
كان محمود ينهج بشدة.. التفت الى عشق اهاله منظرها بملابسها الممزقة وشعرها المنثور .. فاسرع باخذ مفرش طاولة المطبخ ووضعه عليها
- عشق.. انتى كويسة
اجابته باشارة من رأسها حيث كانت لا تقوى حتى على الكلام.. كان فادى قد قام.. واخذ يترنح.. حتى استعاد توازنه.. ثم قال:
- فى ايه.. واحد وواحدة عايزين بعض.. انتوا مالكم..
محمد:
- هنشوف الحكاية دى لما البوليس ييجى
فادى بتوتر:
- بوليس.. بوليس ايه
محمد:
- دى محاولة اغتصاب.. شوف عقوبتها ايه
فادى:
- دا كان بمزاجها وباتفاق بينا كمان
التفت له محمود بغل..
- يعنى مفيش فايدة..
واقترب ليضربه مرة اخرى.. لكن فادى ابتعد ليقول:
- فى ايه انا سايبك بمزاجى
محمود:
- لا ورينى تقدر تعمل ايه
واقترب ليضربه
- فى ايه بيحصل هنا
كانت تلك ماجدة والتى كانت قد اتت من الباب الخلفى لتصوير المشهد وكسر شوكة عشق.. لكنها تفاجأت بمحمد ومحمود والشجار الدائر بين محمود وفادى
ثم رأت عشق بملابسها الممزقة واثار الشجار عليها..
- حبيبتى يا بنتى مالك.. حصل ايه
محمد:
- ابن اختك حاول يعتدى عليها
ماجدة:
- فادى؟ مستحيل.. مستحيل يعمل كدة
محمد:
- امال تفسرى حالة البنت دى بايه
ماجدة:
- اللى انا كنت شايفاه ان كان فى استلطاف بينهم.. يمكن اختلفوا او زعلوا.. لكن فادى يعتدى عليها لا
قامت عشق بصعوبة بالغة فاسرع محمود باسنادها..
-حرام عليكى باه.. استلطاف ايه.. ماكفاكيش كل اللى عملتيه من ساعت ما جيت..
كانت تقول كلماتها تلك وهى تبكى .. فضمها محمود الى صدره فاختبأت داخله
محمد:
- انا هتصل بالبوليس يا عشق مش هسيب حقك يا بنتى
ماجدة:
- دا لو ثبت عليه حاجة
محمد:
- كاميرات المطبخ هتتفرغ ونشوف
ارتاحت ماجدة قليلا.. لكن محمد استطرد..
- سبحان الله كانت عطلت امبارح وبعت واحد صلحها الصبح.. اعتقد دى لو اتسلمت للبوليس يا فادى تبقى ضعت
محمود:
- وانا هكسر عضمه قبل ما البوليس ييجى..
فادى بثورة:
-ايييييه... انتوا هتعيشوا.. عاملى فيها المحترم.. ما امك اللى مسلطانى.. وانتى يا ست ماجدة يا خالتى.. دلوقتى بقت عشق حبيبتك.. انا مسجل كل مكالماتنا.. اللى محرضانى فيها وقايلة ان دا بعلم محمود.. هاتوا البوليس ونروح سوا باه
ابتعدت عشق عن محمود وهى تنظر له بذهول وصدمة.. وقبل ان ينطق بكلمة واحدة كانت قد فقدت وعيها..
حمل محمود عشق ومددها على اريكة غرفة المعيشة.. خرج الباقون من غرفة الطعام خلفه.. محمد يحاول افاقتها بالماء البارد وماجدة وفادى ينتظران ما سيحدث.. او ان يجدا طريقا للهروب
اتصل محمود بالطبيب.. ثم سمعوا جميعا صوتا غاب كثيرا عنهم..
- فى ايه.. ايه اللى حصل..
كان هذا هو الجد.. الذى اتت تمرينات عشق ثمارها معه.. وبدأ الحركة.. وكانت عشق انتهزت فرصة عدم وجود ماجدة بالمنزل فجعلت اثنين من الخدم يحملانه بكرسيه المتحرك وينزلان به للدور الارضى الذى لم يطأه منذ اعوام.. ليغير مكانه وتتحسن نفسيته ويداوم على التمارين..
كانت مفاجأة للجميع.. فتسمروا اماكنهم.. واتسعت عيونهم..
محمد:
- بابا.. انت رجعت تتحرك
مجدى:
- سيبك منى دلوقتى.. فهمنى فى ايه
حكى له محمد ما حدث سريعا..
مجدى:
- وماتصلتش بالبوليس ليه.. اتصل بسرعة يا محمود
فادى:
- يا جدى انا ...
مجدى:
- اخرس.. لا جدك ولا اعرفك.. وانت الصح ليك انك تتحبس عشان تتربى وتتعلم الادب
ثم التفت الى ماجدة..
- وانتى.. انا مش حذرتك ما تهوبيش ناحيتها.. وصل بيكى الاجرام لهتك العرض والاغتصاب
ماجدة:
- يا عمى بس اسمعنى ...
مجدى:
- اخرسي.. ماسمعش صوتك
التفت الى محمود..
- اتصلت بالبوليس
محمود:
- لا يا جدى ما تتصلش
مجدى:
- بتكسر كلامى يا محمود..
محمود:
- لا طبعا يا جدى.. بس لو دا حصل فيها كشف طبى ونيابة وصحافة.. وصور البنت ضحيتهم هى اللى هتملا الجرايد.. حتى لو اتحبسوا بردو هيبقى نالها من الموضوع جانب
مجدى بتفكر:
- معاك حق
ثم صمت قليلا.. وقال:
- فادى
فادى:
- نعم يا جدى.
مجدى:
- تاخد امك واختك وتروحوا على شقة عابدين
فادى بتوتر:
- ليه يا جدى
مجدى:
- هتعيشوا فيها.. ادامكم يومين وتسلمونى الفيلا
فادى:
- يا جدى بس ماما وهايدى مالهمش...
مجدى بعنف:
- كلمتى تتنفذ..
اتى الطبيب فى هذه اللحظة فخرجوا جميعا حتى يطمئنهم عليها وتركوا معها فرحانة.. وخرج ليخبرهم انها صدمة نفسية وانهيار عصبى.. وانها افاقت ولكنها تحتاج للراحة ويجب ان توضع تحت الملاحظة
تخرج عشق مستندة على يد فرحانة دون كلمة.. وتصعد الى غرفتها..
مجدى:
- ادى البنت اللى جت وردة مفتحة.. جت امانة وماعرفناش نحافظ عليها.. جت ادتنا بهجة وروح وصحة.. واخدنا احنا منها كل دا..
كان محمود صامتا وان كان يغلى من داخله.. ناداه جده..
- محمود
محمود:
- نعم يا جدى
مجدى:
-تروح بعد بكرة تستلم فيلا ولاد خالتك.. ومعاك البودى جاردات لو لقيتوهم ترموهم برة..
اشار محمود برأسه علامة الايجاب ونظراته تحمل ثورة مكتومة..
فادى:
- طب يا جدى همشى انا اروح شقة عابدين.. ماما وهايدى ماعملوش حاجة
مجدى:
- ماهى امك دى لو ربتك ماكانش حصل منك ومن اختك البلاوى دى
فادى باستسلام:
- حاضر يا جدى
والتفت خارجا.. لكن مجدى اوقفه..
- استنى..
فادى:
- فى حاجة تانى يا جدى
مجدى:
- استنى تاخد شنطة خالتك
اتسعت عينا ماجدة..
- بتطردنى يا عمى؟
لكنه لم يعرها انتباها والتفت الى محمد.. وقال:
- ارمى عليها اليمين
صدمت ماجدة وكتمت انفاسها ..
محمد:
- انتى طالق يا ماجدة..
جلس مجدى ومحمد ومحمود بعد خروج ماجدة وفادى يحمل حقائبها.. تلفت مجدى حوله يتأمل.. فقد كانوا فى غرفة المكتب التى لم يدخلها منذ سنوات.. التفت اليهما ليجد التجهم على وجهيهما
مجدى:
- مالكم.. زعلانين من اللى عملته
محمد:
- لا طبعا.. بس زعلانين من الموقف عشان البنت
مجدى:
- ما تخافش.. البت دى عصب.. هتقوم وهتبقى زى الفل
محمد:
- بس على رأيك يا بابا ما حافظتش على الامانة..
مجدى:
- حافظ عليها ف اللى جاى
ثم التفت الى محمود..
- وانت كمان مالك
محمد:
- فادى الكلب اتهمه ادامها انه عارف باللى حصل ومتفق مع امه
مجدى:
- سيب دى عليا.. هصلحهالك..
دخلت فرحانة غرفة المكتب مندفعة دون ان تطرق الباب..
- الحقوا يا بهوات
محمود:
- فى ايه
فرحانة:
- الست عشق مش ف البيت
محمود بشدة:
- ازاى دا وسيبتيها ليه
فرحانة:
- نزلت اجيبلها عصير تروق دمها رجعت ما لقيتهاش.. ودورت عليها مش موجودة
ترى ... اين ذهبت عشق!