رواية عشق بلا رحمة للكاتبة دينا ابراهيم الفصل الحادي والعشرون
ظلت سمر تتقلب في فراشها تعيد ما تلا اجتماعهم في ذهنها...
فلاش بالك...
وقف مراد مستأذنا...
-مع السلامه يا جماعه انا اتأخرت على امي اوي...
صافحته سمر و كذلك مصطفى المنزعج مع سلامها باليد وتوجهت سلوى معه لتوصيله، كادت سمر تلحق بهم حينما اوقفها مصطفى...
نظرت إلى الارض لاترغب في رؤيه عينيه، فتنهد وقال بصدق...
-انا اسف انتي اللي اجبرتيني!..
نظرت إلى الجهه الاخري وهي تجيب...
عقدت ذراعيها بعند ورفضت النظر اليه، تنهد وحاول امساك يدها و لكنها صفعتها بعيدا، صك على اسنانه ليحاول مره اخري لتأتيه ضربه اقزي على يده، اخد نفس عميق وهو يقرص على انفه ليردق...
-انا اسف انك زعلاتي بس مش اسف على اللي عملته...
كانت تتنفس بغضب وتحاول تهديد دموعها الحبيسه من النزول حتى لا ستظهرها بمظهر الضعيفه...
ليردف بصوت عالي نسبيا...
-ممكن تردي عليا وتكلميني زي ما بكلمك...
اعتدلت في جلستها لتنظر اليه وترفع اصبعها في وجهه لتردف بغضب..
-وطي صوتك لو سمحت! انت في بيت محترم وماما ممكن تتعب من الحاجات دي...
نظر إلى اسفل يحاول اخذ نفس عميق ويهدأ قلبه الخائف من فكرة ان تبتعد عنه، مع انه متأكد انه لن يسمح بذلك، لكن وجود هذه الفكرة داخلها قد تقتله!
اردف بصدق وتأنيب ضمير...
-انا عارف اني عصبي ومش بقدر اتحكم في اعصابي، عشان كده انا فعلا اسف!
لتردف من بين اسنانها...
-تاني مره تتأسف وكل مرة بتجرخني اكتر من الاول!
مرر اصابعه بين خصلاته المتمرده ليقول بغيظ وقله حيله...
-ما انتي عامله زي اللغز مش قادر افهمك، كنا كويسين وفجأه مش بتردي على مكالماتي وتتجاهليني، وسبق وقلتلك انا مش بفهم المعاملة الصامتة دي، اللي يضايقك تكلميني في على طول!
عقدت ذراعيها بتعب لتقول...
-انت شايف ان اللي بتعمله ده صح؟!
-عملت ايه؟
لتردف بحنق ممزوج بخجل...
-انا بنت!
نظر لها وكأنها برأسين ليقول بغيظ...
-بجد مكنتش واخد بالي!
-مصطفى لو سمحت هدخل اوضتي ومش هتكلم معاك!
ليرد بنار تجتاح داخله لعدم نجاحه في التغلغل بداخلها...
-انا عايزك تتكلمي معايا يا سمر! هو صعب انك تتكلمي وتفهميني مالك!
وضعت يدها على رأسها تخفي عيناها المهددتان بالبكاء لتقول...
-انا مش فاهمه انت عايز ايه مني، انت اتجوزتني ليه؟
ليرد بضيق: تاني يا سمر هنعيدوا تاني!
لتصيح بتعب و قله صبر...
-وهو كان في اولاني يامصطفي!
وصل صوتهم إلى سلوى التي قررت اعطائهم وقت لحل مشاكلهم وتوجهت إلى المطبخ...
-ممكن تقعدي وتوطي صوتك وتسمعيني!
جلست بغيط ووجه احمر من الغضب، فجلس مصطفى بجوارها ليردف بهدوء...
-انتى كل دا مش حاسه انتى بالنسبة ليا ايه؟!
رقت عيناها وخففت من عقدة حاجبيها، لتقول بصوت خافت حزين...
-انا بنت يا مصطفى، يعني لازم تتكلم وتقولي وتبطل معاملتك الهمجية دي ليا...
صمتت لحظه تتنهد وهو يتابعها بعينيه بعنايه
لتستكمل بغيظ مكتوم...
- انت افعالك مش بتبقي واضحه وبحس ان غرضك منها...
صمتت عاجزة عن اخراج ما يدور في عقلها، ولكنها لم تحتاج إلى ذلك فقد كان صمتها كافيا حتى يفهم ما بداخلها، فتجاوزاته وتصرفاته معها اعطتها انطباع سئ عن نقاء شعورة نحوها...
حدق بها بحب وهي تفرك اصابعها بتوتر وحزن يظهر على ملامحها...
ليقول بحنان وندم..
-عمري ما فكرت فيكي في حاجه وحشه، انتي مراتي على سنه الله ورسوله، ولو قربي ليكي هو اللي عامل المشكله الكبيرة دي في دماغك، ف أنا مش هقرب منك غير برضاكي، وخليكي عارفه انك اول واحده ممكن اكون حبيتها فعلا او المسها!..
احمر وجهها ونظرت إلى الارض مقاطعه له...
-انت لو بتحبني بجد يبقي لازم تراعي مشاعري وتديني فرصه اتأقلم ومتحسسنيش انك محاصرني...
قاطعها مصطفى وهو يرفع يده لتصمت...
-بصي مش معني اني هحاول اسيطر على تصرفاتي معاكي انه هيكون سهل عليا وخصوصا وانتي مراتي وحلالي فعلا، لكن اني اسيبك تتنفسي نفس واحد انا معرفش عنه حاجه ده مستحيل...
-طيب واللي حصل الصبح ده اسمه ايه؟!
فرك ذقنه بحرج ليردف...
-انتي كنتي قاصده تطلعي قدام الراجل كده وانا مش بقدر اتحكم في اعصابي خصوصا معاكي!
نظرت له بغيظ...
-يعني لو ماما شافتني دلوقتي اقولها ايه؟! انت لو عايز نتأقلم سوى ويبقي في امل في علاقتنا دي يبقي لازم تحترمني الاول!
زفر مصطفى ليردف...
-وانتي امتي اظهرتي احترامك ليا، مش بيبقي متبادل بردو؟!
نظرته له بعيون حائرة فعلا لاتدري ماذا تفعل حتى ترضيه وتشعر بالرضا هي الاخري، فقالت بتساؤل...
-هو في اكتر من كده احترام انا من يوم ما جيت هنا مشفتش الشارع!
-الوقت دلوقتي خطر ومش مناسب انك تنزلي مراد قال ان في حمله مكثفه عشان يلاقوكي وانا مش مستعد اخسرك ابدا!
سرحت في ملامحه القاسيه وحاجبه المرتفع لتقول بخفوت...
-ليه؟
نظر حوله بتوتر وحرج ليردف...
-عشان انتي مراتي؟
مالت رأسها إلى اليمين فظهرت بضع اثار قبلاته على رقبتها وهي تتساءل...
-بس؟
نظر بجراءة وثبات إلى عينيها الزرقاويتين كماء المحيط المائل للخضار...
-انتي عارفه كويس انه مش بس يا سمر!
سعادة طاغية غلبت عليها وبدأت الدماء تضخ في قلبها ليتسارع بجنون على اعترافاته المتتاليه ولاول مره منذ ان عرفته شعرت براحه نفسيه...
انتهي الفلاش باك...
لم تغيب الابتسامه من وجهها قبل ان تقول لنفسها...
-اما لففتك حوالين نفسك، هجنك اما اشوف هتعرف تحافظ على كلمتك ولا العضلات دي كلها هوا!
ليعاتبها قلبها على قسوتها الغير معهوده ومع من مع الحبيب السابق لاوانه الذي اتي من حيث لا تدري ليقتحم قلبها وينهكها عشقا تجعلها تسامح اعتي اخطاءه وتجاوزاته!
دلفت الحمام تجهز لذلك الصباح وارتدت من الملابس التي احضرتها لها غاده على امل ان تختفي تلك العلامات من على جسدها، بالرغم انها ذكري غير سارة الا ان جسدها كله يقشعر كلما تذكر شفتيه واسنانه تقرص جلدها الحساس الرقيق...
هزت رأسها لتنفض تلك الافكار من عقلها فقد وعدت غاده ان تجمعها بمراد اليوم مقابل حديثها عن حياة مصطفى قليلا ومساعدته غاده فعلا للنجاح...
باغتها صوت هاتفها معلن عن اتصال من رقم دولي بالطبع من والدها لترد سريعا...
-بابي ازيك يا حبيبي، وحشتني اوي!
ليرد عصام باسي وقلبه يعتصر على فراق ابنته وزوجته...
-وانتي اكتر يا حبيبة بابا، عامله ايه يا سمر؟
سيطرت على دموعها لتقول بالم يمزق داخلها...
-انا كويسه يا بابا مش ناقصني غير وجودك جنبنا، ماما كانت هتتجن عليك امبارح...
لتضحك قليلا وهي تجلس وتخبره...
-طلعت نمس يا بابتي وعلقت مامتي اوي!
ضحك هو الاخر بنصف روح ليردف...
-انا محبتش حد قد امك يا سمر، هي فين؟
-اكيد في المطبخ هجبهالك ثواني...
قاطعها مسرعا...
-استني يا سمر عايز اسألك الاول عن مصطفى؟
توترت سمر قليلا لتردف بقلق..
-ماله يا بابا؟
-انتي مبسوطه فعلا!
عضت على شفتيها بخجل وتفكير لتردف بصراحه وصدق...
-ايوة يا بابا بس هتبسط اكتر لو انت وسطنا، متخافش مصطفى عمل خطه ويارب تنجح...
-عارف مراد حكالي كل حاجه وشكل مصطفى ده بيحبك بجد يا سمر!
دق قلبها بامل وشوق رغما عنها لتردف..
-ايوة يا بابا شكله كده!
ليضحك والدها ويسال ما يرغب في سؤاله بالفعل...
-المهم انتي بتحبي؟
اغمضت عينيها بخجل وقالت بتوتر وخجل...
-مش عارفه!
هز راسه بالرغم انها لن تراه وقال...
-المهم اني مطمن عليكي انتي وامك لحد ما ارجع!
-ان شاء الله يا بابا...
ابتسم عصام ليقول برضا...
-هاتي ماما بقا قبل مالدقايق تخلص...
هرعت تعطي والدتها الهاتف وهي تشعر ببشاير هذا اليوم بكونه من اسعد ايامها بعد بدايه مشاكلهم...
الا ان مفاجأت هذا اليوم لم تنتهي فما ان جلست تتابع احدي المسلسلات حتى رن الهاتف معلنا هذه المره عن مكالمه وارده من مصطفى...
علت انفاسها تلقائيا بفرحه ووضعت الهاتف على اذنها لتجاوب...
-الو...
اتاها صوته المبتسم قليلا وهي تتخيل ابتسامته الجانبية...
-الحمدلله بتعرفي تردي على التلفون!
ارتسمت ابتسامه واسعه جهدت في اخفاءها لكي تظهر هادئه و رزينه...
-عامل ايه؟
ابتسم هو الاخر وقال بصوته الاجش الذي يدل على استيقاظه للتو من النوم...
-الحمدلله دلوقتي كويس لما سمعت صوتك...
خجلت قليلا ولم تستطع اخفاء تلك الابتسامه الغبيه اكثر لتردف بسعاده...
-يارب دايما...
-هههههههههه يارب دايما ابقي كويس ولا يارب دايما اسمع صوتك...
ادارت عينيها داخل مقلتيها لتردف بخجل..
-الله بس بقي...
دوي صوت ضحكاته في سماعه الهاتف، اخذ الاثنان يتحدثان قليلا عن بعضهم البعض تكلمت سمر عن حياتها وابيها وامها بينما كان هو قليلا الكلام ولم يتحدث سوي عن غادة و ابيه، فسألت بفضول...
-ومامتك الله يرحمها كانت ازاي؟
صمت ولم يجب ليرد عليها بجمود...
-انا لازم اقفل دلوقتي، مع السلامه!
تعجبت من هذا التحول في الاحداث تري هلي اغضبته بسؤالها، اخذت تدور بافكارها عن سبب يغضبها منها ولم تجد، تنهدت بحيرة وقررت الاتصال بمراد الذي رد سريعا...
-الو مراد، ازيك...
-الحمدلله يا سمر وانتي؟
-تمام كويسه. معلش كنت عايزة اطلب منك طلب!
رد باهتمام...
-خير حصل حاجه؟!
-لا لا خير متقلقش، بس فاكر لما كنت بتذاكر معايا الرياضيات زمان وكنت شاطر اوي؟
-ههههههههه اه فاكر وكنتي صغيرة خالص انتي لسه فاكره؟ انا لما حصلت مشكله بباكي حسيتك مش عرفاني اساسا...
-لا فكراك بس كنت مش على بعضي معلش بقي...
-يابنتي عادي طبعا، المهم كنتي عايزة ايه؟
ردت بتوتر وقلق...
-امممم عارف غاده اخت مصطفى؟
توقفت انفاس مراد للحظه وهو يتذكر تلك الصغيرة الرقيقه ليردف بهدوء...
-احم اه مالها؟
-عندها مشكله في المادة دي وطلبت مني اذاكرلها عشان تجارة بس للاسف انا مش متمكنه اوي ف انا قلت أسالك انت الخبرة والاستاذ لو فاضي او عندك وقت مع اني اشك ان...
قاطعها بسرعه رهيبه ليردف بخوف...
-لالالا فاضي، احم اقصد يعني دي اخت مصطفى مينفعش نرفض ليها طلب ده جوزك يعني و محترم ولا انتي شايفه ايه...
لم يري حاجبي سمر اللذان وصلا إلى السقف من الذهول لتقول بابتسامه خفيفه وهي تستشعر سهوله نجاح خطتهم...
-تمام هستناك انهارده لو نافع...
-اه انا فاضي كمان ساعتين، هاجي على طول...
-تمام، مع السلامه...
-مع السلامه...