رواية عاشق المجهول الجزء الأول للكاتبة أمنية الريحاني الفصل الثامن
( حب لا تراه الشمس )
فى منزل مريم:
تدخل غادة المنزل وعينيها تجول حولها باحثة عن خالد، تنظر إلى مريم قائلة: هو خالد مرجعش من القاهرة ولا إيه يا عمتو
مريم: خالد ...
ولكن قبل أن تجيب يقطع حديثها خالد القادم ومعه فاطمة يضحكان سوياً فى صدمة من غادة، ينظر خالد لغادة فى صدمة قائلاً: غادة!
تنظر غادة لفاطمة فى إستنكار قائلة: مين دى؟
ينظر لها خالد فى تردد قائلاً: دى فاطمة
تنظر غادة لفاطمة نظرات إحتقار قائلة: فاطمة، ومين بقى فاطمة دى إن شاء الله ؟
مريم: دى بنت خالك يا غادة؟
غادة: بنت خالى أنا، هو أنا ليا بنت خال ... آه أفتكرت هى دى النصابة اللي جت لمامى تضحك عليها وتقول إنها بنت خالو عاصم، ومامى طردتها فى الشارع
وتنظر لخالد قائلة: وأنت بقى يا أستاذ خالد، لقتها فى الشارع وجبتها على هنا.
أغمضت فاطمة عينيها فى آلم من كلام غادة الجارح، فنظر خالد لغادة فى غضب قائلاً: غادة، بعد إذنك، مش هسمحلك تغلطى فى فاطمة أكتر من كده
غادة: فاطمة مين دى اللي بتزعقلى عشانها، دى حتة واحدة جاية من الشا..
قاطعها خالد قائلاً: لأخر مرة قولتلك مش هسمحلك تغلطى فى فاطمة، فاطمة دى تبقى بنت خالك عاصم، يعنى مش واحدة من الشارع، وعشان تبقى عارفة هى دلوقتى مسئولة منى، لحد ما خالك يرجع بالسلامة، وطول ما هى هنا، مش هسمح لحد أياً كان مين يأذيها حتى ولو كلمة.
غادة: بقى كده يا خالد، طب خليها تنفعك
وتتركه غادة وتغادر فى غضب، تنظر له مريم قائلة: روح يا ابنى الله لا يسيئك هديها، متخلهاش تسوق كده
خالد: حاضر يا ماما
ويخرج خالد راكضا وراء غادة، أما مريم فتنظر إلى فاطمة المصدومة من حديث غادة وتضمها إلى ضدرها، لتنهار فاطمة فى البكاء
مريم: خلاص بقى يا طمطم، هى متقصدش تضايقك، غادة طيبة بس هى كلامها دبش كده.
تخرج فاطمة من حضن مريم تمسح دموعها قائلة: بس أنا معملتلهاش حاجة عشان تعاملنى كده
مريم: يا ستى أعذريها، تلاقيها بس أضايقت لما شافتك مع خالد
تنظر لها فاطمة فى دهشة قائلة: وهى تضايق ليه لما تشوفنى مع أبيه خالد؟
مريم: طبيعى يا بنتى، مش خطيبته، وبتغير عليه
فاطمة فى صدمة: خطيبته
وفى الجهة الاخرى، يركض خالد وراء غادة مناديا بإسمها دون أن تلتفت إليه، فيمسك ذراعها قبل أن تدخل إلى سيارتها
خالد: غادة، مش بنادى عليكى.
غادة فى غضب: عايز إيه يا خالد، عايز تزعقلى تانى بسبب البنت دى، ولا كنت هستنى لا تطردنى من بيتك عشانها ؟!
خالد: أطردك إيه بس يا مجنونة إنتى، ممكن تهدى ونروح نتكلم فى حتة
تنظر له غادة فى غضب دون أن ترد عليه، فيكمل حديثه راجيا: عشان خاطرى، تعالى معايا، وأنا هفهمك على كل حاجة
غادة: ماشى يا خالد
ونعود لفاطمة التى تدخل حجرتها وتنهار على سريرها، وهى تحاول كتم شهقاتها داخل وسادتها، ظلت تتذكر حديث مريم معها عن علاقة خالد وغادة
فاطمة: خطيبته ! هو أبيه خالد خاطب.
مريم: يعنى تقدرى تقولى شبه مخطوبين، خالد يا بنتى بيحب بنت خاله غادة من زمان أوى، من أيام ما كانوا فى المدرسة، وكل يوم كان بيعدى كان حبهم لبعض بيزيد، والكل عارف إن غادة لخالد وخالد لغادة، بس طبعا عمتك غالية واقفة قدام الحب ده، ومش موافقة على جوازهم، بحجة إن خالد لسه بيبتدى حياته، بس خالد يا حبيبى بيعمل كل اللي عليه عشان يقدر يتجوزها، لدرجة إنه بيشتغل من ثانوى مع الدراسة وبيحوض، عشان يقدر يتقدملها ويتجوزها
فاطمة: ياه للدرجة دى بيحبها؟!
مريم: وأكتر يا بنتى، وكل اللي طالباه من ربنا أن يسعد قلبه ويجمعه مع الإنسانة اللي بيحبها وتحبه
تعود فاطمة للواقع بعد أن تذكرت حديث مريم، فمسحت دموعها محدثة نفسها: كنت متخيلة إيه، إنه بيحبك مثلا، ما تفوقى يا فاطمة، إنتى بالنسبة له مجرد عيلة، عيلة صعبت عليه وأشفق عليها، فقرر إنه يربيها، أو يمكن أكون بفكره بأخته، لكن مش أكتر من كده، فوقى يا فاطمة، أبيه خالد إنسان كويس أوى، وعمل عشانى حاجات كتير، وأنا لازم أتمناله السعادة مع الإنسانة اللي بيحبها
فى إحدى النوادى على البحر:
يجلس خالد مع غادة على البحر، ويقصّ عليها ما حدث من وصول لفاطمة لمنزلهم، وحديث يحيي عنها وعن ظروفها، وطلبه لإبقاءها معهم
غادة: يا سلام، وأنت مالك بقى تخليها عندكم فى البيت، وتبقى مسئول عنها ليه؟
خالد: يا غادة دى بنت يتمية ملهاش حد، وبعدين متنسيش إنها فى الأول والأخر بنت خالك
غادة: مامى بتقول إنها بنت نصابة، وإن خالى عاصم مخلفش
خالد: وهى كل حاجة مامتك تقولها بتبقى صح، طب ما هى قالت إنى ملقش بيكى،وإنك لازم تتجوزى حد غيرى، يبقى كلامها صح ؟
غادة: لا طبعا، دى حاجة، ودى حاجة
خالد: لا يا غادة، هى هياها، مامتك وإنتى عارفاها أكتر منى، وعارفة طبعا الصعب، وفاطمة دى بنت غلبانة وطيبة فوق ما تتخيلى، وملهاش حد، وإحنا فى الأول وفى الأخر أهلها، وخدى بالك مينفعش مامتك بأى شكل من الأشكال تعرف إنها عندنا، عشان لو عرفت ممكن تيجى تضايقها
غادة: يا سلام خايف اوى عليها، البنت الغلبانة اللي بتقول عليها خلتك بعدت عنى، تنكر إن من ساعة ما جنابها وصلت وأنت مش معبرنى، البنت دى يا أستاذ خالد اللي خلتك تقف تزعقلى لأول مرة من ساعة ما علاقتنا بدأت، وهى نفسها اللي شوفتك معاها فى يوم زى ده جاى معاها من برة عمالية تهزروا وتضحكوا..
خالد: غادة، إنتى بتقولى إيه، فاطمة دى طفلة، إنتى بتغيرى من طفلة اصغر منى بتمن سنين ؟!
غادة: الطريقة اللي شوفتكم بيها مع بعض متقولش إن علاقتك بيها، علاقة واحد بطفلة
خالد: إنتى أتجننتى يا غادة، شوفتى إيه، أنا بعامل فاطمة زى علا أختى الله يرحمها، وبعدين المفروض يبقى عندك فيا ثقة أكتر من كده
غادة: أنا عندى ثقة فيك يا خالد، لكن معنديش ثقة فيها هى، دى واحدة جاية منعرفش عنها حاجة، ومامى بتقول إن أمها جرت رجل خالو لحد ما أتجوزها، والله أعلم جرت رجله إزاى، مش بعيد تكون بنتها زيها.
خالد: مامى، مامى، يا دى مامى، مامى اللي شايفة ومورايكى الناس كلها شياطين
غادة: لو سمحت يا خالد متغلطش فى مامى
خالد: وإنتى ياريت كفاية غلط فى إنسانة إنتى فعلا متعرفهاش
غادة: لكن أنت طبعا تعرفها كويس
مسح خالد وجهه فى غضب وقد نفذ صبره من غادة، فأرتفع صوته قائلاً: إنتى عايزة إيه يا غادة، وكنتى جاية ليه، عشان تعيبى فى فاطمة، ولا تشككى فى أخلاقى
تقوم غادة من مكانها مخرجة شيء ما من حقيبتها تعطيه لخالد فى حزن قائلة: لا ياخالد، أنا كنت جاية اقولك كل سنة وأنت طيب، أتفضل، أول عيد ميلاد ليك متقضهوش معايا، عن إذنك.
تركته غادة وغادرت وهى حزينة، أما هو فضرب بيده على الطاولة فى غضب قائلاً: غبى، لأول مرة أزعلها منى
فى منزل مريم:
يدخل خالد المنزل ويبدو عليه الضيق، لتلاحظ ضيقه فاطمة التى تجلس بجوار فاطمة تتحدث إليها
مريم: عملت إيه يا ابنى هديتيها ؟
خالد فى ضيق: أيوا يا ماما، عن إذنكم داخل أرتاح شوية
مريم: أتفضل يا ابنى
يتركهم خالد ويغادر، تنظر فاطمة لمريم فى قلق قائلة: هو ماله يا طنط؟
مريم: مش عارفة يا بنتى، شكله معرفش يصالحها
تنظر فاطمة لأثر خالد فى حزن
يجلس خالد فى غرفته شارداً يفكر فى حبيبته، فهو ولأول مرة يتشاجر معها ويتركها غاضبة منه، يقطع شروده صوت دق الباب، فيأذن للطارق بالدخول ليجدها فاطمة
خالد: ادخلى يا فاطمة
تدخل فاطمة على إستحياء قائلة: أبيه، هو حضرتك زعلان منى؟
ينظر لها خالد فى دهشة قائلاً: ليه يا حبيبتى بتقولى كده ؟
فاطمة: عشان يعنى كنت السبب فى إن حضرتك وأبلة غادة تتخانقوا
ينظر لها خالد فى حزن قائلاً: إنتى ملكيش ذنب يا فاطمة، بالعكس، غادة كان رد فعلها عليكى عنيف أوى
فاطمة: بس حضرتك زعقتلها جامد، وخلتها تزعل منك.
خالد: متشغليش بالك إنتى يا طمطم، أنا وعدتك أفضل فى ضهرك ومسمحش لحد يأذيكى ولا حتى بالكلام، وهفضل محافظ على وعدى ليكى لأخر يوم فى عمرى
تبتسم له فاطمة إبتسامة رضا، وتهمّ بالخروج، ولكنها تعود إليه بعد أن تجد ملامح الحزن ترتسم على وجهه
فاطمة: طب ممكن حضرتك تقولى مالك ؟ أنا مش بقدر أشوف حضرتك زعلان كده
وكأنها أعطته الإشارة ليخرج ما يجول بداخله من ضيق، يتنهد خالد بحرارة قائلاً: لأول مرة من ساعة ما أرتبطت أنا وغادة نتخانق، أول مرة أزعقلها بالشكل ده، مش متخيل إنها ممكن تكون زعلانة منى
فاطمة: بتحبها أوى يا أبيه؟
خالد: ياااااااه يا فاطمة، دا الحب لو عدانى أنا وهى ميبقاش حب، أنا فتحت عينى على حب غادة، وكل يوم كان بيعدى علينا كان بيكبر الحب جوانا أكتر واكتر، أنا حبيت غادة وأنا فى إعدادى، وهى كانت ساعتها لسه فى إبتدائى، كنت بحب أروح ألعب معاها، كانت لما تتخانق مع عادل أخوها تيجى وتتحامى فى ضهرى، كانت دايما تقوله خالد معايا مش هتقدر تيجى جنبى، ولما كنت أجى أمشى عشان أروح، كانت تقعد تعيط وتتحايل على خالى أفضل معاها
ويبتسم خالد مكملاً حديثه: كنا ساعتها عيال، مش مفسرين سبب تعلقنا ببعض، كانت لما بتضحك، الدنيا بتنور من حواليا، لكن مع الوقت ولما كبرنا، أكتشفنا إن اللي جوانا مشاعر حقيقية وصادقة، ومع كل لحظة كنت بقرب فيها من غادة كنت بتأكد إن حبها جوايا كبير أوى، ومبقاش فى حياتى أى هدف غير إنى أنجح وأبقي الشخص اللي يستاهلها، وربنا يجمعنا معاها فى بيت واحد وتبقى مراتى وعلى أسمى
فاطمة: بس حضرتك عرفت إزاى إن ده حب؟
خالد: لما تلاقى أمانك مرتبط بوجود شخص فى حياتك، لما تحسي إن قلبك وجعك على زعله أكتر منه، وتحسي إنك نفسك تشوفيه سعيد ومبسوط حتى لو هتيجى على نفسك، لما يبقى ضحكته هى النور اللي بينور حواليكى، لما قلبك ميدقش غير وهو جنبك،لما تبقى اللحظات بتعدى معاه بسرعة البرق، ولما يبقى بعيد بتحسى إن حتة منك ناقصة، لما يبقى هو الحافز والأمل لكل حاجة حلوة فى حياتك، ساعتها تعرفى إن ده حب
تلتمع عينيا فاطمة بالدموع قائلة: هو ده الحب يا أبيه؟
خالد: أيوا يا أنسة طمطم، وكفاية عليكى كده، إنتى لسه صغيرة على الكلام ده، بكرة لما تكبرى وتقابلى اللي تحسي وإنتى معاه بكل اللي قولته، ساعتها هتعرفى إيه هو الحب
تهمّ فاطمة بالمغادرة ولكن قبل أن تخرج، تنظر لخالد قائلة، روحلها يا أبيه، روحلها وصالحها متخلهاش زعلانة منك، عشان...عشان قلبك ميوجعكش
تدخل فاطمة غرفتها وهى تضع يدها على قلبها قائلة: بقى هو ده ... الحب !
فى فيلا الصفدى:
تجلس غادة فى غرفتها غاضبة تتذكر كلمات خالد وتشاجره معاها
" لأخر مرة قولتلك مش هسمحلك تغلطى فى فاطمة، فاطمة دى تبقى بنت خالك عاصم، يعنى مش واحدة من الشارع، وعشان تبقى عارفة هى دلوقتى مسئولة منى، لحد ما خالك يرجع بالسلامة، وطول ما هى هنا، مش هسمح لحد أياً كان مين يأذيها حتى ولو كلمة
وإنتى ياريت كفاية غلط فى إنسانة إنتى فعلا متعرفهاش
إنتى عايزة إيه يا غادة، وكنتى جاية ليه، عشان تعيبى فى فاطمة، ولا تشككى فى أخلاقى "
تحرك غادة يديها فى غضب قائلة: بقى أنا تعمل فيا كده يا خالد، أنا تزعقلى وتغلط فيا عشان حتة عيلة لا راحت ولا جت، ماشى يا خالد، إما وريتك
تدخل غالية على غادة لتجدها فى هذه الحاله، فتقترب منها فى حنان قائلة: إيه يا حبيبتى مالك؟
غادة: مضايقة، مضايقة أوى يا ماما
غالية: من إيه بس يا غادة، قوليلى مين اللي مضايقك وأنا أخفيه من على وش الأرض
غادة فى نفسها: بقى خايف على العيلة بتاعتك يا سي خالد وعلى مشاعرها، أنت اللي جبته لنفسك...