رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل السادس والعشرون
كان ثلاثتهم يجلسون على الأرائك حول التلفاز يشاهدونه في صمت، فقالت عزة تقطع الصمت:
-زينة حبيبتي مش عايزاكي تزعلي منى، ده بيكون غصب عني
أبتسمت زينة في وجهها لتردف بحب:
-لا يا عزة ولا يهمك عادي، معتصم كان قالي على حالتك قبل ما تيجي أتطمني، و سوري على اللي عملته فيكي ده
هزت عزة رأسها بصمت بينما عادت زينة تجلس و معتصم يحاوط كتفها بذراعه و يداعب خصلاتها، فقالت عزة من جديد:.
-ما تغني يا معتصم، بقالي كتير أوي مسمعتش صوتك بتغني
نظرت زينة الي معتصم بتعجب و سألته:
-هو أنت بتغني يا معتصم؟
إبتسامة نصر من عزة لاحظها معتصم، فهي تريد أثبات أن زينة لا تعلم الكثير عن معتصم و سيسبب هذا ضيق كبير لها، فنظر لها بحدة و سرعان ما عادت ملامحها الخائفة من جديد، بينما يربت معتصم على خصلات زينة مردفاً:
-الكلام ده كان من زمان يا حبيبتي، انا مبقتش بغني و مش هغني.
نطق كلمته الأخيرة لينظر الي عزة التي أومأت برأسها في صمت، بينما نطق معتصم و هو ينظر نحو زينة بإهتمام و عشق مردفاً:
-هتعملي أيه في الرواية بتاعتك؟
-هراجعها تاني و أشوف لو فيه أخطاء إملائية أو نحوية و هظبطها، هتاخد معايا كام يوم و بعدين هقدمها لدار نشر كويسة و هنستني فترة لحد ما يردوا
لثم جبينها برفق و أردف:
-ربنا معاكي يا حبيبتي
كانت عزة تجلس في صمت و تحاول فهم ما يحدث إلي ان أردفت بغموض:.
-هو أنتي لما بتكوني قاعدة على اللاب كتير كده بتكوني بتكتبي رواية؟
هزت زينة رأسها في صمت، فعادت عزة تسأل بفضول:
-و دي أول رواية ولا فيه غيرها؟
رفعت زينة حاجبيها بتعجب و لكنها أجابت:
-لا أول رواية؟ فيه حاجة؟
تدراكت عزة فضولها سريعاً و هزت رأسها مع إبتسامة مردفة:
-أصلي بحب القراءة فكنت بسأل لو فيه حاجة تانية كتبتيها قبل كده أقرأها
-لا للأسف مفيش.
و صمتت زينة و صمتت معها عزة، و بقي الثلاثة يتابعان التلفاز بينما معتصم يداعب زينة و صغيره بداخلها، فأردف معتصم:
-تفتكري بنوتة ولا ولد؟
-حساه ولد، و أنت؟
هز معتصم رأسه بالنفي و هو يمرر يده على بطنها بحب:
-لا أنا حاسس انها بنوتة، عارف أن احساس الأم في العادي بيكون الأصح و الأقوي، بس حاجة غريبة جوايا بتقولي أنها هتكون بنت، و هتاخد كل حاجة منك
وضعت زينة يدها على وجنة معتصم لتردف بحب:.
-بس اللي أعرفه ان الحامل لما بتبص على حد كتير البيبي بيطلع شبهه، فأنا كنت بسيبك تنام و أبصلك، فأعتقد هيطلع شبهك أنت
أرتفع صوت عزة لتقاطع لحظتهم الرائعة بغيظ دفنته بداخل عيناها لتقول:
-طب ما تيجو نخرج بدل ما أحنا قاعدين كده، انا مخرجتش تقريباً من ساعة ما جيت هنا
هز معتصم رأسه بالنفي مجيباً:
-لا مش هينفع، زينة تعبانة و يا دوب بتروح الشغل و ترجع بالعافية و النهاردة أجازة خليها ترتاح.
سرعان من تذكرت زينة ذلك المدعو بسيف الذي أمسك بيدها، أبتسمت بسخرية و هي تتذكر ذلك المقال الذي أحضرته في نفس اليوم لأستاذ عادل و أخبرته ان ينشره و أن هذه هي حقيقته و بعد محاولات إقناع دامت لنهاية اليوم وافق على نشره بعد يومين، و هي في إنتظار نشر المقال غداً بفارغ الصبر..
ألتفتت إلي معتصم الذي ينظر لها بتعجب، و سألها:
-كنتي سرحانة في أيه؟
ضغطت على شفتها السفلي بتسلية و هي ترفع حاجبيها بمشاكسة، فأسند معتصم ذراعه على ظهر الأريكة ليسأل بفضول:
-عملتي مصيبة أيه جديدة؟
-زي ما قولتلك أتنقلت لقسم تاني في الجريدة بعيداً عن أي خطر و كان عندي مقابلة مع رجل أعمال أسمه سيف رشدي، و روحت أسأله على كام حاجة، و طلع واحد مش محترم فقولت أربيه و أعرفه يبقي محترم إزاي
عقد معتصم حاجبيه بغضب و سألها:
-مش محترم إزاي؟
-كان لسانه فالت شوية بس متقلقش، و بعدين أنت وراك راجل متعصبش نفسك
ثم أردفت بسرعة محاولة تغيير الموضوع:
-أمبارح لما أتصلت كتير بسيادتك و أنت مردتش كنت عايزاك تيجي معايا عند الدكتورة زي ما أتفقنا، فروحت انا لوحدي و طمنتني على البيبي و كتبتلي أدوية علشان تقلل من تعبي شوية
غلغل معتصم أنامله بداخل خصلاتها ليردف بأسف:
-متزعليش منى على اللي حصل إمبارح، و إن شاء الله هاجي معاكي المرة الجاية.
هزت رأسها مع إبتسامة جميلة لتتابع التلفاز من جديد في صمت بينما تتابعهم عزة بعيون تمتلأ بالشر بعد أن وجدت أخيراً ما ستفعله، إن لم تصل لمعتصم ستحرص على هدم سعادتهم تلك، فأردفت اخيراً:
-أنا هلبس و هنزل شوية أتمشي
جلس هذا الشاب الأسمر على مقعد وثير و ملامحه خالية من أي تعبير، و يقف أمامه رجل آخر يضع يديه أمامه بينما يخفض رأسه للأسفل مردفاً باللغة الهندية:.
-سيدي، سيستغرق الأمر عدة أيام حتى نعرف من هم، أنت تعلم أن رجال الشرطة المصرية أزالوا أي سجلات بأسم الواقعة و كأنها لم تكن يوماً
-أسرعوا إذاً قبل أن تنتهي رحلتي هنا، خلال يومان فقط يجب أن تكون كل المعلومات عن هؤلاء الخمسة أمامي و إلا فأستسلموا لمصير أبشع من الموت
-كما تأمر سيدي يوراج
-انصرف.
أنصرف الرجل بينما بقي الآخر يجلس على مقعده و هو يتذكر أخيه الكبير الذي أنتهي به المطاف مختفي و كان موقعه الآخير واشنطن، لو لم يكن يعلم عن خطته بالسيطرة على العالم لقال أنه ذهب في رحلة طويلة كعادته، و لكنه أخبره عن خطته مع الآخرين، و لقد صادف أختفائهم جميعاً عدا ألفريد الذي امسكت به المخابرات الأمريكية و أصبح أسير لديها منذ ذلك الحين، أما الباقيين فأختفوا تماماً، و بعد محاولات عديدة للوصول إلي مكانهم علم أن المخابرات المصرية تدخلت في الأمر، بل و علم أن من قاموا بإختطافهم خمسة ضباط، أربعة رجال و أمراة، و سيحصل لهم عاجلاً ام أجلاً سيفعل، و سيستعيد منهم أخيه أو فليتعفنوا في جحيمه الذي سيعيشون لحظاته كأنه دهر كامل و لن يجدوا من ينقذهم أو يشفع لهم..
هكذا توعد لهم بداخله قبل أن يقف متوجهاً نحو زجاجة نبيذ عتيقة يرجع تاريخها لعام 1866 ميلادياً و قال بلهجة ساخرة:
-سأستمتع بها و أنا أشاهدكم تتعذبون أيها الأغبياء
في الصباح التالي
دخلت المساعدة الي مكتبه بتوتر و دون أن تطرق الباب و هي تمسك بجريدة في يدها مردفة:
-ألحق يا مستر سيف، فيه مصيبة
أنتفض سيف عن مقعده بتوتر و سألها:
-مصيبة أيه أنطقي
قدمت له الجريدة لتقول بأسف:.
-الصحفية اللي كانت هنا و عملت معاك أنترفيو نزلت مقالها
ألتقط منها الجريدة بسرعة و بدأ في قرائتها و عيناه تشعان بالغضب و لقد صورت عدة كلمات منها: زير نساء – منحرف – متحرش – يعمل بطرق غير مشروعة – فاسد
صرخ بغضب و هو يلقي بالجريدة في وجه المساعدة:
-يا بنت الـ، أطلبيلي أستاذ أحمد المحامي، و هاتيلي رقم الحيوانة دي و وصليني بالجريدة
-حاضر يا فندم.
تركته لتغادر المكان بسرعة فهي تعلم ماذا سيفعل عندما سيغضب و سيكسر المكتب بأكمله فوق رأسها و لن يهدأ، و لقد فعل ما أن ذهبت حتى أمسك بطاولة مكتبه ليقلبها الي الجانب الآخر و بدأ بتكسير كل التحف الفنية و هو يتوعد لزينة بأشد عقاب، رن هاتف مكتبه ليرفعه الي أذنه و لقد كان عادل، فأردف سيف بجنون:.
-أيه الجنان اللي مكتوب ده؟ مين سمح للحيوانة دي تنشر حاجة زي دي، أنا هوديكم في داهية كلكم و هرفع عليكم قضية و هقفل الجريدة دي
-كنت رافض في الأول لحد ما جابت كل الأثباتات و الدلائل على كلامها و وقتها كان لازم أنشر، و لو حضرتك رفعت قضية فعلاً فأنت الشخص الوحيد اللي هيكون خسران مش هي، عايز ترفع قضية أتفضل بس احنا منشرناش غير الحقيقة، و دلوقتي عن أذنك مضطر أقفل.
أغلق عادل المكالمة ليصرخ سيف من جديد و هو يحطم الهاتف في الأرض، ثم دخلت المساعدة و في يدها ورقة مردفة بخوف:
-رقم الصحفية يا فندم
ألتقط منها الورقة بسرعة و أخرج هاتفه من جاكيته لينقر عليه عدة مرات قبل أن يضعه على أذنه، و ما ان أجابت زينة حتى صرخ بها:
-وحياة أمي ما هسيبك و هتندمي على المقال اللي كتبتيه ده
أبتسمت زينة بتسلية لتقول:.
-و انا مستنية حضرتك تندمني زي ما بتقول، أنا معملتش حاجة غير شغلي، الجريدة عندنا أسمها منارة الحقيقة، يعني أنا لازم أكون صريحة تماماً بخصوص أي تحقيق صحفي أتطلب منى و أكيد مش هنافق و هقولك كلام كدب علشان سمعة سيادتك
عاد سيف يصرخ من جديد:
-أنا هخليهم يحبسوكي، و هتعفني في السجن و هتوطي على رجلي تبوسيها علشان أساعدك و مش هعمل كده.
-بردوا أنا منتظرة حضرتك تعمل كل ده، بس يا ريت قبل ما تاخد أي خطوة تكون حذر جداً لأني معايا مصايب توديك في 60 داهية، ولا أقولك كده كده أنت رايح في داهية لأني قدمت كل اللي معايا للبوليس و بعد كده أقدر أقولك باي باي و اللي هيعفن في السجن هو أنت مش انا، و دلوقتي مضطرة أقفل أسفه جداً بس ورايا شغل
ثم أغلقت الهاتف في وجهه و تعالت ضحكاتها و هي تجلس امام معتصم في مكتبه، فأردف معتصم بفقدان أمل:.
-سيبتي الجرايم و المصايب و قولتي تشتغلي على الهادي طلعلك واحد متحرش و شغال في الممنوعات و معاكي اللي يثبت، صدقتي لما قولتي المصايب بتيجي لحد عندك، و دلوقتي قوليلي جبتي كل الورق ده إزاي؟ و لحقتي أمتي؟
-يعني أنا عرفت أجيبلك ورق شحنة المخدرات بتاعت خالد الدهشوري و مش هعرف أجيب ورق يدين صرصار زي ده، عيب عليك و الله يا معتصم أنت بالذات تشكك في قدراتي
ثم غمزت له في نهاية الحديث و وقفت مردفة:.
-و دلوقتي مشي إجراءاتك و طلع إذن النيابة و روح نضف البلد من البتاع ده، و أنا هرجع الجريدة بقا نشوف فيه أيه تاني
أقترب منها و قال بتحذير:
-خدي بالك من نفسك و بلاش مشاكل
ربتت على كتفه و أردفت:
-حاضر هحاول بس موعدكش، يلا باي يا قلبي
فتحت الباب لتجد منير و عبدالله أمامها كادوا أن يدخلوا، رفعت حاجبها بتعجب و سألت:
-بتعمل أيه هنا يا منير؟
رفع منير كتفيه بلامبالاة و أردف:.
-بقيت الصحفي اللي شغال مع معتصم في قضاياه
ألتفتت إلي معتصم لتسأله بضيق:
-مقولتليش ليه يا معتصم؟
أقترب منها معتصم و وضع قبلة على خصلاتها قائلا:
-حبيبتي طبيعي حد ييجي مكانك بعد ما سيبتي قسمك، و الحمدلله أنه منير أحنا عارفينه و راجل، مش أحسن ما كانت تيجي بنت تانية تشتغل معايا
عضت شفتيها بإقتناع فأبتسمت و أردفت:
-معاك حق، طيب انا همشي و أسيبكم تكـ
قاطعها صوت أنثي آخري تردف بحدة:.
-ممكن توسع الطريق لو سمحت
ألتفت لها منير و عبدالله بينما وقع بصر زينة و معتصم عليها، أقتربت الفتاة من معتصم لتردف بإبتسامة:
-أزيك يا سيادة الرائد
مدت يدها لتصافحه بينما بقي معتصم ينظر الي يدها تارة و إلي زينة تارة، و لكنه مد يده ليصافحها فصفعت زينة يده بسرعة قبل أن تصل الي يدها و أردفت:
-مين دي يا باشا؟
رفعت فكر حاجبها بتعجب و قالت بنبرة حادة:.
-أنتي أتجننتي ولا أيه يا بت أنتي؟ ما تحترمي نفسك بدل ما أرميكي في الحجز
بللت زينة شفتيها و كانت على أتم الأستعداد لضرب الفتاة و لكن أمسكها معتصم بقوة لينظر الي منير و يردف:
-أتنيلوا أدخلوا و أقفلوا الباب بدل ما القسم كله يتفرج علينا
و لقد فعل الأثنان بينما اخذ معتصم زينة لتقف خلف ظهره و بقي حائل بينها و بين الفتاة و أردف:.
-بس انتو الأتنين، زينة دي ملازم أول فِكر كانت معايا في عملية المنوفية، و أنتي يا ملازم فِكر ألزمي حدودك بعد كده دي زينة مراتي
أنتصبت فكر و وقفت بإحترام مردفه بغيظ:
-أسفه يا فندم
ضربت زينة معتصم على ظهره بخفة و أردفت بغضب:
-أسألها بتعمل أيه هنا؟
ألتفت معتصم نحو زينة ليقول بهدوء:
-زينة ممكن تقعدي بس و ترتاحي شوية و تسيبيني أفهم في أيه؟ لو سمحتي يلا روحي أقعدي أو أمشي.
هزت رأسها بالنفي و قالت بنبرة مرتفعة:
-لا مش ماشية هقعد أما نشوف أخرتها
تركتهم لتتوجه و تجلس على مقعد معتصم خلف المكتب فشاهدت الجميع أمامها بوضوح، فبدأ معتصم الحديث مردفاً:
-فهميني بقا بتعملي أيه هنا يا ملازم فِكر
-أتنقلت من المنوفية يا فندم لهنا و بقيت تحت وصايتك و متدربة في فريقك أنت و الصحفي منير و سيادة النقيب سعد.
لم يلتفت معتصم لينظر الي زينة فكان يعلم تماماً انها كانت ستحرقه بنظراتها و لكنه عاد يسأل فكر:
-جيتي هنا بطلب نقل؟
-لا يا فندم أنا لقيت سيادة اللوا قالي من يومين أني اتنقلت من المنوفية لهنا، و سيادة اللوا مجاهد هنا قالي اني هبقي في فريقك
رفع عبدالله كتفيه ليقول لمعتصم:
-كده يبقي الاحتمال الاكبر توصية يا معلم، حد وصي أنها تتنقل هنا و تبقي معاك كمان
رد معتصم بضيق:
-و ده مين ده كمان و ليه؟
رفع عبدالله كتفيه بحيرة و أردف:
-معرفش، المهم أنا كنت جايلك علشان أقولك أني مسافر يومين كده هخلص شغل و أرجع علطول، فلو فاروق أحتاج حاجة خليك معاه
هز معتصم رأسه بالإيجاب فرحل عبدالله بينما أشار لفِكر و منير بالجلوس على المقاعد أمام مكتبه بينما أتجه هو إلي كرسيه الذي تجلس عليه زينة ليقول:
-زينة قومي على شغلك يلا كفاية تأخير
فتحت زينة حقيبتها بهدوء دون أن يلاحظها معتصم، الذي عاد يردف:.
-يلا يا زينة و نتكلم لما نروح
وقفت زينة و أقتربت لتقف أمام معتصم، و أخرجت مسدسها بسرعة من حقيبتها و وجهته نحو فِكر التي وقفت بسرعة و أخرجت سلاحها هي الآخري نحوها، و وقف منير يتابع الموقف في ذهول، فصرخت زينة:
-لو قربت منك و الله العظيم ما هستخسر فيها رصاصة
أشار معتصم الي فِكر بهدوء لتنزل سلاحها ففعلت، بينما نظر الي زينة و قال:.
-زينة أنا عارف انك متعصبة، و الحمل مزود الموضوع و مقدر و الله بس اللي بتعمليه ده غلط، مينفعش ترفعي مسدسك في وش ظابط، هاتي المسدس
لم تستمع إليه زينة بل أمسكت بمسدسها أقوي و عادت تقول:
-لو سلمت عليك هقطع إيديها، لو أتكلمت معاك في أي حاجة بره الشغل هقطع لسانها، لو حاولت بس تفكر فيك هقطع رقبتها و اللي يحصل يحصل، أنت المسئول دلوقتي عن حياتها و أنت و شطارتك بقا
ثم نظرت الي منير و أردفت بحدة:.
-متسبهمش لوحدهم أبداً، و تراقبهالي، عملت أي حركة غلط هتقولي عليها، لو عرفت أنك خبيت عني حاجة أنت عارف هعمل أيه يا منير و مجرب جناني
أومأ منير برأسه في صمت، بينما قال معتصم بحدة:
-خلصتي تهديد، هاتي المسدس بقاا
أنزلت زينة مسدسها لتضعه في حقيبتها و أردفت:
-مش همشي من غيره
أمسك معتصم بيدها ليسحبه من كفها و أردف بهدوء:
-لا الفترة دي هتمشي من غيره، لما تولدي أرجعي خديه تاني، انما و أنتي كده مينفعش.
وضع مسدسها بداخل أحد الأدراج فنظر لها وجد مقلتيها مملوؤتان بالدموع، فوقف امامها حتى يخفيها عن أنظارهم و أردف بهمس:
-متعيطيش مفيش حاجة هتحصل أوعدك
شهقة خائنة خرجت من حلقها و هبطت دموعها فأردفت زينة:
-ليه كل البنات الحلوين بيقربوا منك و انا مش حلوه، الأول عزة و دلوقتي البت دي
أمسكت بيديها لتنظر في عينيه و أردفت:
-هرجع حلوه و الله يا معتصم بعد الحمل و الله هخس
ضمها الي صدره ليقول بهدوء:.
-أهدي و كفاية عياط و جنان، أنا بحبك أنتي و قولتلك 100 مرة أنا مش بشوف بنات غيرك
أبعدها عنه ليهمس في أذنها:
-و بعدين فين الحلوه دي؟ دي ناقصلها شنب و تبقي راجل، مفيش واحدة حلوه في الدنيا دي كلها غيرك أنتي و الله
أبتسمت و مسحت دموعها لتقول:
-بجد؟
هز رأسه ثم وضع قبلة صغيرة على جبينها مردفاً:
-يلا على شغلك خلينا نشوف هتودي مين في داهية المرادي، و خدي بالك من نفسك، لو حصل حاجة كلميني.
هزت زينة رأسها بالإيجاب ثم تركتهم لتذهب فأردف منير:
-سيف أتصل بمستر عادل و مستحلفلك على قضية تشهير
ألتفتت له و غمزت بعينها اليمني مردفة بتسلية:
-و أنا مستحلفاله على قضية مخدرات، عايزاك تصورهولي بالشبكة اللي معتصم هيحطها في إيده
فتح منير عينيه بدهشة فتركتهم زينة و ذهبت، بينما ألتفت منير و ضحك قائلاً لمعتصم:
-هي جابت ملفات تدينه؟
أومأ معتصم برأسه و أردف:
-أه و ساعة بالكتير و هنروح نجيبه.
-يخربيت دماغها، جابت قرار الراجل من مقابلة واحدة
هز معتصم رأسه بفخر من زوجته، ثم سأل منير برسمية:
-دلوقتي بقا قولي وصلت لأيه؟
أردفت فِكر:
-مش المفروض يا باشا بردوا أعرف الكلام على أيه بما أني قاعدة
نظر معتصم الي فِكر و أنكمشت ملامحه ليقول:.
-لا للأسف يا فكر، القضية دي سرية شوية، و محدش شغال عليها غيري انا و منير و من قبله زينة، غير كده محدش يعرف عنها حاجة غير سيادة اللوا، انتي هتروحي تتمي إجراءات القبض على سيف رشدي، و دي كل المستندات اللي تدينه
جمع بعض من الأوراق امامه و قدمها له، ثم أخرج أسطوانة و أعطاها لها مردفاً:
-أياكي حاجة تقع منك ولا تضيع مفهوم
وقفت فكر و ألتقطت الملفات مردفة:
-تحت امرك يا فندم.
-خلصي و تعالي على هنا علشان نروح نجيبه
أومأت فكر ثم أستأذنت لتذهب، بينما نظر معتصم الي منير الذي بدأ في سرد كل ما عرفه عن هذا الهندي الذي يدعي يوراج .
.
خرجت زينة من قسم الشرطة و صعدت الي سيارتها لتتحرك، و لكن السيارة لم تفعل، و بعد محاولات كثيرة منها لم تتحرك السيارة، زفرت بضيق و هي تخرج منها و تصفع الباب بقوة، نظرت حولها في محاولة لإيجاد سيارة أجرة و لكن لم تجد، رفعت هاتفها و طلبت سيارة أوبر و أنتظرت قليلاً قبل أن تجد هاتفها يرن برقم غريب ففتحت ليقول:
-أستاذة زينة أنا جمال من شركة أوبر، حضرتك واقفة فين؟
-أنا قدام القسم بالظبط عند عربية حمرا، نوع عربيتك أيه و لونها؟
وقف امامها سيارة سوداء و فتح بابها ليخرج أثنان و يسحبانها للداخل بسرعة فوقع هاتفها أرضاً و حاولت أن تصرخ و لكن أنتهي بها الأمر فاقدة لوعيها بسبب المنديل المخدر الذي وضعه أحد الرجال على وجهها، و وقع هاتفها على الأرض و تحركت السيارة بسرعة لتبتعد عن القسم، و من بعيد رفع أحد الرجال هاتفه الي أذنه و هو يستقل سيارته ليلحق بسيارة المختطف، و ثواني و جاءه رد الطرف الآخر ليقول بقلق:.
-فيه عربية جت خطفت مدام زينة يا صلاح باشا
-خليك وراها و أعرفلي راحت فين، و أياك تضيع منك بدل ما أضيع عمرك
هز الرجل رأسه و أغلق المكالمة و لحق بالسيارة بسرعة، بينما على بعد أخر كان يقف شاب آخر رفع الهاتف الي أذنه ليقول بإبتسامة:
-الرجالة خدوها دلوقتي و زمانها رايحة لهناك يا باشا
ثم أغلق الهاتف بسرعة و صعد في سيارته ليسير في طريق معاكس و هو يدندن من الأغاني ما يحفظ غير مهتم لكل ما حدث..
و في ذات اللحظات أقترب سائق سيارة أوبر من سيارة زينة و قد شاهد كل ما حدث و دوّن أرقام السيارة، هبط مسرعاً ملتقطاً هاتفها من الأرض، ثم ركض تجاه قسم الشرطة و قال بلهفة لأول من قابله:
-لو سمحت، فيه عربية خطفت واحدة من بره دلوقتي
نظر له عبدالله بتعجب و إهتمام ليقول:
-دلوقتي حالا!
-أيوه يا باشا لسه حالاً أهوه، أنا سواق أوبر، و هي كلمتني كانت عايزة عربية و لما جيت أتصلت بيها تاني و قالتلي أنها واقفة عند عربية حمرا و قبل ما نكمل كان تليفونها وقع منها و شوفت عربية سودا بتاخدها، و خدت أرقامها، و ده تليفون البنت اللي اتخطفت
جذبه عبدالله بسرعة نحو مكتب فاروق ليقول بحدة:.
-فاروق شوف القضية دي أنا لازم أسافر دلوقتي، فيه واحدة أتخطفت من قدام القسم دلوقتي، أمشي في الإجراءات و أعرف مين دي، و أنت يا أبني أحكي للباشا اللي حكيتهولي.
ثم تركهم عبدالله بسرعة متجهاً نحو الخارج من أجل السفر بسرعة الي محافظة بني سويف فلديه بعض العمل هناك، و في الداخل كان الشاب قد سرد كل ما حدث على مسامع فاروق، و أعطاه هاتفها فألتقطه فاروق بسرعة و فتحه ليجد صورة زينة تحتل الخلفية، صرخ بأسمها بفزع و أنتفض عن كرسيه، فقال السائق ببعض القلق:
-أنت تعرفها يا باشا؟
أشار له فاروق أن يجلس و هو يغادر المكتب قائلا بحدة:
-خليك هنا أياك تتحرك لحد ما أجيلك.
ثم تركه بسرعة متجهاً نحو مكتب معتصم و التي كانت فِكر قد دخلته مرة آخري للتو فصدمها بعدم إهتمام و أردف:
-معتصم مراتك أتخطفت من قدام القسم دلوقتي
أنتفض معتصم هو الآخر و كذلك منير ليصرخ:
-أنت بتقول أيه يا فاروق؟
دخل سعد الي المكتب هو الآخر ليقول بقلق:
-معتصم، كاميرات المراقبة جابت زينة بتتخطف، حاولت أتتبع باقي الكاميرات بس معرفتش أتتبع العربية للأسف، بس ده نمرها.
ثم أخرج ورقة من بنطاله بسرعة، ليجلس معتصم على مقعده بهدوء و قال بتوعد:
-أقسم بالله لو كان سيف الكلب هو اللي عمل كده لهسففه التراب لحد ما يقول حقي برقبتي
أردف سعد في سرعة و قلق:
-هروح أشوف العربية دي تبع مين بسرعة
هز معتصم رأسه بالنفي ثم نظر الي فِكر بحدة ليقول:
-تروحي تجيبيلي سيف الكلب ده حالاً و خدي معاكي قوة و أنت يا سعد روح معاها أما زينة أنا هعرف اوصلها
ثم نظر الي منير و قال بإبتسامة سخرية:.
-متنساش طلب زينة، صورهولها بالكلبشات
ثم تركهم بسرعة ليخرج من المكتب متوجهاً إلي سيارته و لقد بدأ كلاً منهما بتنفيذ ما قال بعد أن اخذوا الأذن من اللواء مجاهد.
خرجت فكر مع سعد و منير و بعض العساكر من القسم متجهين نحو شركة سيف و دخلوا بعنف أفزع الجميع و قد بدأوا في الأنتشار بسرعة، بينما سأل سعد أحد الموظفين بحدة:
-مكتب سيف فين؟
-الدور التالت أول مكتب جنب الأسانسير يا فندم.
تركه سعد ليتجه مع الأثنان للدرج و صعدوه بسرعة و أقتحموا المكتب بعنف بين صرخات المساعدة، و لكنه كان فارغاً، فقالت فِكر بقسوة:
-فين سيف يا بت؟
أنهارت المساعدة في البكاء بضعف لتقول من بين شهقاتها:
-خرج من ربع ساعة، هو معملش حاجة صح؟
تجاهل سعد سؤالها ليسأل:
-خرج على فين؟
-معرفش
تركها الأثنان ليتوجهوا نحو الخارج بينما وقف منير أمام المساعدة ليقول بشفقة يتخللها بعض السخرية:.
-يا أختي الرجالة خلصوا ملقتيش غير ده تحبيه
رفعت المساعدة نظرها نحوه و لقد لمعت دموعها التي هبطت على وجنتيها و قالت بخفوت و حزن:
-أعرفه بقاله سنين و الوحيد اللي كان بيعاملني أني حاجة خاصة لازم يحافظ عليها
-ده لأنه شاف فيكي أخته الصغيرة، لأنه لو مكنش شافك كده مكنش سابك أنتي كمان من غير ما يحاول معاكي أو يتحرش بيكي، الله يكون في عونك أبدأي من جديد مع حد نضيف و أنسيه.
ثم تركها ليلحق بالباقيين في سرعة و لقد بدأت هذه الدورية في البحث أولاً في المنزل، و بعد ذلك في كل مكان قد يملكه سيف رشدي، بينما لم يعلموا أنه قد وصل لتوه الي عرينه الذي يسجن به زوجة صديقهم، زينة.
أنطلق معتصم بسيارته نحو ذلك الطريق الذي تسلكه السيارة التي تخطف زينة بينما يتتبعها عبر جهاز تحديد الموقع في سلسلتها، ضرب المقود بقوة فهو متأخر عنهم بأربعين دقيقة، زاد من سرعة سيارته و هو يتمني ان يخترق بابيها جناحان لتحلق في السماء و تسبقهم حتى ينقذ زوجته، و بعد ما يقرب من العشر دقائق توقف السيارة في مكان معين، زفر معتصم بضيق و هو ينطلق بسيارته بسرعة متمنياً بداخله أن يتمكن من إنقاذها، أرتفع رنين هاتفه و كان سعد ليجيبه بسرعة:.
-عملتوا أيه؟
-ملهوش أثر يا معتصم
-هبعتلك لوكيشن حصلني على هناك
ثم أغلق المكالمة و أرسل له موقع زينة و تمتم داخله كثيراً ان تكون على ما يرام هي و طفلهما حتى يصل..
دلف الي المكان بخطوات مسرعة و غاضبة، نظراته النارية متوجهة نحو تلك الجالسة على المقعد و مقيده تنظر له بسخرية شديدة و قد أبتلت تماماً أثر سكب رجاله الماء البارد عليها لتستيقظ من أثر المخدر، وقف أمامها تماماً و همس بصوت عميق:
-أهلا بمدام زينة، تصدقي وحشتيني من أول مقابلة
أتسعت إبتسامتها الساخرة و قالت بإستفزاز غير مهتمة لوضعها الحالي:.
-و تصدق انا خرجت من مكتبك بتمني أني مشوفكش تاني علشان بحس بالقرف من البص في خلقتك اللي شبه البرص دي
أرتفع كفه ليهبط على وجنتها بقوة و صرخ بها:
-وحياة أمك لوريكي اللي شبه البرص ده هيعمل فيكي أيه
لهثت بقوة أثر صفعته التي تركت أثرها على وجنتها، و كذلك بدأت شفتيها بالنزيف، و لكن هذا لم يمنعها من العودة و النظر في وجهه بملامح السخرية لتقول:.
-طب ما توريني، و يا ريت بسرعة علشان يا حرام البوليس بيدور عليك دلوقتي علشان يشبكوك
أمسكها من ملابسها بقوة ليقترب منها قائلا بسخرية هو الآخر:
-و أنتي فاكرة أن المقال الأهبل اللي انتي كتبتيه ده حد هيصدقه؟
ضغطت على شفتها السفلي في إستمتاع و براءة مصطنعة:.
-أخس عليّا هو أنا مقولتلكش، مش جهاز التسجيل اللي كنت بسجل الأنترفيو بتاعك منه فيه كاميرا كانت موجهة ناحية وشك طول القاعدة، يعني اللي انت قولته متصور صوت و صورة و لما مسكتني و انا خارجة بردوا متصور، و مش بس كده، أنا قولت لازم أخلي موضوعك سخن و جميل كده ينزل في الصفحة الأولي و بالبنط العريض فدورت وراك، و بصراحة لقيت اللي بيحبوك كتير أوي، و أبن حلال منهم قالي هيجيبلي ورق يوديك في 60 داهية لأنه مش قادر يوديه للبوليس علشان خايف، فقولت أقوم أنا بالواجب، و كل شحنة مخدرات دخلت البلد و خرجت منها تحت أسمك متصورة صوت و صورة، و كمان الورق موجود يثبت.
تركها سيف بسرعة و شعر و كأن ماس كهربائي أشتعل في جسده، و بدون شعور بدأ في صفعها بقوة عدة مرات متتالية و هو يسبها بأحقر الألفاظ، ثم أبتعد عنها و هو يشد على خصلاته بيده و يفكر جيداً في خطوته التالية، فنظرت له زينة و بصقت الدماء من فمها على وجهه مردفة:
-متحاولش تفكر، البوليس زمانه جاي على هنا، و ألبس يا بطل قضية خطف كمان.
مسح وجهه بعنف و نظراته موجهة لتلك الشيطانة التي تجلس امامه، فنظرت زينة الي السلسال في عنقها لتقول بإستمتاع:.
-أصل السلسلة الحلوة دي فيها جي بي أس، و أرقامه مع جوزي اللي هو ظابط و أنت خطفتني من قدام القسم عنده، و أنا كنت بكلم سواق أوبر، و رجالتك الأذكياء خطفوني بعد ما قولتله أنا فين، فزمانه شاف كل حاجة و راح يبلغ في القسم، و أكيد تابعوا كاميرات المراقبة و عرفوا أنا مين، و جايين على هنا دلوقتي علشان يقبضوا عليك
فتحت عيناها بإستمتاع غريب بصدمته لتقول بضحكات مرتفعة:.
-تصدق صعبت عليّا، معلش بقاا تعيش و تاخد غيرها، ده لو خرجت من السجن يعني
أغلقت شفتيها لبرهة قبل أن تعود و تفتحها لتقول بإشتياق:
-وحشتني يا معتصم
و في اللحظة نفسها شعر سيف بفوهة مسدس موجهة نحو رأسه و أرتفع صوت قوي من خلفه يقول:
-هتيجي معايا بالطريقة السهلة ولا أخلص المسدس ده في دماغك و أقول دفاع عن النفس و محدش هيشهد ضدي.
رفع سيف ذراعيه بإستسلام و عيناه لم تفارق عينا زينة، كان ينظر لها بحقد قوي و توعد لها بعقاب عسير عاجلاً أم آجلاً، ضربه معتصم بقوة في قدمه ليسقط على وجهه، و يخرج معتصم أصفاده يكبل ذراعيه خلف ظهره، ثم صرخ بقوة:
-تعالي يا فِكر
فُتح الباب لتدخل الفكر و برفقتها ثلاثة من العساكر يرفعون سلاحهم نحو سيف الساقط على الأرض ليردف معتصم:
-خديه على بره.
تحرك معتصم خطوة واحدة ثم عاد ينظر الي سيف الذي ما زال ينظر نحو زينة بنظراته القاتلة، فرفع قدمه و هوي بها بقوة على وجه سيف ليقول بغضب:
-دي علشان مديت إيدك عليها و خطفتها
أقتربت فِكر لترفع سيف و ساعدها العساكر الثلاث ثم خرجوا معه من المكان، فأقترب معتصم بإبتسامة من حبيبته متأملاً وجهها الممتلئ بالكدمات الحمراء، أمسك وجهها بين يديه و أردف:.
-علطول مودية نفسك في داهية و لازم بعد كل تحقيق تروحي المستشفي
أغمضت زينة عيناها مردفه بإبتسامة جميلة و متعبة:
-صدقني هوديك أنت كمان المستشفي لو مفكتنيش و حضنتني
أنخفض معتصم أمامها و أخرج سكينة صغيرة من حذائه و بدأ بقطع الحبال عن يدها ثم قدمها، و حملها بين ذراعيه ليضمها بقوة و فعلت هي المثل و دموعها تهبط أخيراً، دفنت رأسها في عنقه و هتفت من بين شهقاتها:
-كنت متأكدة أنك هتيجي.
-بلاش عياط، الحمدلله أزمة و عدت
أبتعد عنها ليجفف دموعها برقة حتى لا يؤلم وجهها، فقالت زينة بطفولة:
-شكلي وحش؟
أمسك وجهها بين يديه و هو يقبل كل أنش فيه كإجابة عن سؤالها و تمسكت هي بقميصه بقوة فعاد معتصم يحتضنها بقوة مردفاً:
-حمدلله على سلامتك، يلا نروح.
أنحني بجزعه ليحملها بين يديه، فـدفنت رأسها في عنقه براحة أخيراً و قد حصلت على أمانها، و لكن فُتح الباب فجأة ليدخل منه صلاح بسرعة و تصنم معتصم في مكانه ينظر له يغضب شديد يحتل أوصاله حتى أنه لم يشعر بضغط كفيه على جسد زينة، أقترب منهما صلاح ليردف بهدوء حاول أصطناعه:
-أنتي كويسة يا زينة؟
ألتفتت زينة و نظرت له بتعجب، و سؤال وحيد أحتل فكرها كيف جاء الي هنا؟ :
-اكيد كنت كويسة قبل ما أشوفك يا صلاح.
أبتعد معتصم خمس خطوات عن صلاح و أنحني لينزل زينة مردفاً بإبتسامة صفراء:
-معلش يا حبيبتي أستني هنا
أمسكت زينة بكفه و قالت بتحذير و قلق:
-بلاش تهور يا معتصم
هز الآخير رأسه في صمت و عاد يقترب من صلاح و سأله:
-يا تري انت كنت مع سيف و ساعدته؟ ولا جاي هنا تلحق زينة؟
صمت صلاح و هو ينظر نحو زينة، فأبتسم معتصم و أردف:.
-يبقي جاي تلحقها، و ده معناه أنك عرفت أن حد خطفها، فكده يا أنت معين حد يراقبها يا ليك عيون في القسم و بردوا قالولك أنها أتخطفت
عاد صلاح ينظر له و لم يجيب، فأكمل معتصم و لقد بدأ هدوئه يتحول الي سراب:
-ده غير انك اتهجمت عليها في بيتي لما كنت مسافر و قولتلها أنك بتحبها، و دي مراتي و أنا مقبلش حد يبقي حاطط عينه عليها و أسيبه عايش.
أنهي معتصم جملته بلكمة قوية أطاحت بجسد صلاح بعيداً و سقط على الأرض، فصرخت زينة بقلق مردفة:
-معتصم بلاش علشان خاطري يلا نمشي من هنا
تجاهل معتصم توسلها، ليقترب من صلاح و يمسكه من ملابسه ليقف من جديد أمامه بجسد مترنح، فأردف معتصم بسخرية:
-و الله عيب عليك ده أحنا لسه بنسخن
و عاد يلكمه من جديد، ثم ضربه بركبته في معدة صلاح عدة مرات و تركه يسقط من جديد و هو يتقئ دمائه، و قال صلاح بصعوبة:.
-هتندم يا معتصم على كل اللي بتعمله ده، و الله العظيم لأندمك و أخليك تترجاني أشفعلك و مش هسيبك، هخلي زينة بنفسها تطلب منك الطلاق و تترجاني أتجوزها
جلس معتصم فوق معدته و لكمة لكمة أخري مردفاً:
-و ماله خلينا نستني اليوم ده لما نشوف اخرك أيه
و عاد يلكمه من جديد و قد أعماه الغضب و أصبح وجه صلاح كخردة بالية تماماً، فشعر بكف صغير على كتفه، ألتفت إلي زينة التي تبكي و أردفت من بين شهقاتها:.
-كفاية علشان خاطري، عايزة أروح
عاد معتصم ينظر الي صلاح بشراسة و تأمل ما فعله به برضا تام، قبل أن يصفعه بقوة و تلاها بلكمة قوية ثم وقف حاملاً زينة من جديد مغادراً المكان في صمت مهيب و تاركاً صلاح يحاول مقاومة الظلام الذي يتخلل رأسه بإبتسامة ماكرة أعتلت شفتيه و لقد أقسم أن يفِ بوعده مع معتصم قبل أن يغادر وعيه و يفقده..
أقتربت من حاسوب زينة بسرعة و فتحته، و انتظرت ثواني قبل أن تخرج أسطوانة من بنطالها و تضعها في القرص الخاص بها، ثم أبتسمت بشر و هي تري حاسوب زينة يحذف كل ما فيه بتلقائية ثم أغلق تماماً، فعادت تسحب الأسطوانة من مكانها ثم خرجت من الغرفة و أغلقت الباب خلفها و كأنها لم تفعل أي شئ، و قد نست تماماً أمر كاميرات المراقبة التي أخبرها عنها معتصم و التي صورت بوضوح ما فعلته، و لكن بماذا سيفيد العقاب بعد أن أنتهي مشروع شهور طويلة و كأنه لم يكن يوماً!
.