رواية زهرة ولكن دميمة الجزء الثاني بقلم سلمى محمد الفصل السابع عشر والأخير
مع الوقت ننسى الألم فيصبح الماضي كأن لم يكن.
في آخر النهار وبعد غروب الشمس وأختفائها في الأفق
رجع أكنان الى البيت فلم يجد أطفاله في الجوار، صعد إلى غرفتهم فتح الباب بهدوء رأها من مكانه تحكي ليهم قصة ومندمجة في تقليد أصوات الطيور، والصغار يضحكون في محاولة لتقليدها زينت شفتيه ابتسامة ناعمة لرؤيتهم هكذا، هتف أياد وقفز من فوق الفراش: بابا جاه..
تبعه إياد هو الآخر ملقيا نفسه عليه
التفتت زهرة له ونظرت إلى أطفالها فرأت الفرحة في عيونهم، رفعت عينيها دون قصد تلاقت النظرات رأت بداخل عيونه مشاعر متعددة، تملكها التوتر فأبعدت رأسها في الإتجاه الآخر
قالت بارتباك: يلا ياحبابيبي وقت النوم..
رفض الصغيرين طلبها بالنوم فقال لهم أكنان بلهجة أمره: أسمعو الكلام، لو نمتو دلوقتي هوديكم بعدين تشوفي عمتكم وجدكم، لاحظ نظراتها الغاضبة عندما وعد الصغار بزيارة العائلة
هتف وليد وأياد في وقت واحد: بجد
-ايوه بجد روحو نامو يلا
_حاضر..
أسرع الصغيرين كل واحد باتجاه فراشه، قامت زهرة بجذب الغطاء على كل منهما وأعطت كل منهما قبلة وقالت بابتسامة: تصبحو على خير واحلام سعيدة
وليد وأياد: وانتي بخير ياماما
عندما اغلقت باب غرفتهم ظل أكنان واقف أمامها بهدوء ثم قال: أنا مستني
_مستني ايه بالظبط؟
_شكلك بيقول عايزه تتكلمي بخصوص وعدي ليهم
نفخت بضيق وردت عليه بلهجة منفعلة: انت ازاي تاخد القرار ده من دماغك هما مش مستعدين دلوقتي يتعرفو على أهلهم
إجابها بثبات: بالعكس يازهرة ده أنسب وقت أنهم يتعرفو على أهل باباهم، دي جذروهم ومستقبلهم ولزم يتعلمو حب العيلة وبيسان أختي نفسها تشوفهم قبل ماتسافر، بلاش تحرمي ولادك من عيلتهم..
هتفت بحدة: أنا لو عايزه أحرمهم مكنتش اتجوزتك، بس الوقت مش مناسب
أخفى غضبه بصعوبة وقال بهدوء مفتعل: خلاص انا وعدتهم ومش هخلف وعدي ليهم وختم كلامه تصبحي على خير
ثم تركها مغادرا تضرب اخماسا في اسداس
كانت رحلة طويلة لها من مصر الى أمريكا أستغرقت ساعات كثيرة، ولأول مرة في حياتها تطىء قدمها أرض غريبة غير مدينتها، كانت تنظر لوجوه الناس بتأمل عميق وللمباني الشاهقة التي تلمع واجهاتها الزجاجية من خلال السيارة...
توقفت السيارة امام بوابة عريقة، أمسك يدها برفق وقال: هناهنعيش وشعرت به يضع قبلة سريعة على خدها، يلا بينا
فتح لهم الباب وأصبحت في الداخل وقفت ضحى في مكانها، تتأمل فخامة المكان ولمسات الفن المعماري المهيب مشهد يسلب اللب، شردت للحظات تخيلت نفسها أميرة في عصر الأميرات وهي تنزل بفخامة على السلالم وفي الاسفل أميرات يضحكن وموسيقى ناعمة تنساب في الجو، بدأت تتحمس وتنفض عنها التوتر..
أشار للخادم بحمل الشنط الى غرفته وتفريغها، التفت اليها فرأى شرودها سألها مبتسما: أيه رأيك؟
_ حلو أوي
_ يلا نطلع أوضتنا زمانك دلوقتي عايزه ترتاحى
_ بصراحة أه..
شعرت بالراحة وهي تجلس فوق الفراش تتحس ملمس الغطاء، أخذت تتأمل كريم وهو يتكلم في الهاتف ونظرت حولها بشرود لكن ذلك لم يمنع رؤيتها جمال وأناقة الغرفة وعندما أنهى الأتصال جلس بجوارها وضمه واضعا رأسها فوق قلبه وقال برقة: حسه بأيه وأنتي هنا معايا؟
ردت بهدوء: حسه بالرهبة شوية
نظر لها بقلق: أيه اللي خلاكي تقولي كده
قالت له بلهجة رقيقة: رهبة عشان في بلد غريبة ومكان جديد عليا، لكن أنا في قمة سعادتي عشان موجودة معاك، وجودك معايا هو الأمان هو سعادتي الحقيقية..
ضمها أكثر وربت على شعرها وقال: وأنا هعمل أي حاجة عشان أخليكي ديما سعيدة ثم رفع رأسها وقبلها على وجنتيه، زمانك تعبانة دلوقتي نامي شوية ثم أراح جسدها على الفراش ونهض
سألت بخفوت: رايح فين؟
رد عليها بابتسامة: هخرج أخلص كام حاجة وهجيلك علطول
هزت رأسها وهي تشعر بالأرهاق وبمجرد خروجه أستغرقت في النوم مباشرة..
وفي الأسفل نزلت نيروز من سيارتها وأتجهت إلى ملحق الفيلا المفضل لزوجها، رأت ناصر جالس على أحد الكراسي رافعا قدميه على طاولة صغيرة كانت تتوسط المكان وفي يديه مجلة مندمج في قرأتها
بدأت نيروز بالصراخ: أنت هنا وأنا برن عليك مش بترد...
رد في هدوء: خير يانيروز كنتي عايزاني في أيه
هتفت في وجهه بحدة: كنت عايزاك في حفلة تكريمي وبلاش الأسلوب ده معايا، لوي الدارع ده مش عليا
مط شفتيه بضيق: تقصدي أيه؟
_أنت عارف أنا قصدي أيه كويس.. من وقت لما قولتلك خلاص أنا مش معاك في لعبتك وأبعد عنها
قال بلامبلاة: وأنا سمعت كلامك وبعدت عايزه أيه تاني
قاطعته بعصبية: ترجع زي الأول وبلاش لويت الوش دي معايا
أستدار برأسه ورجع عدة خطوات باتجاه الملحق وهو يسمع صياحهم وهمهمات كلام غير مفهومة
طرق على الباب ثم دلف، نظر كلا والديه اليه بصدمة
قالت بارتباك: أنت جيت أمتى؟
_ لسه جاي مبقليش نص ساعة وبدل مالقيكم في أستقبالي بتتطمنو عليا أسمعكم بتتخانقو مع بعض، أيه سبب الخناقة المرة دي
ضمته نيروز وقامت بتقبيله على وجنتيه وقالت بابتسامة مضطربة: حمد لله على سلامتك، متزعلش مني عشان مكنتش موجودة بس للأسف كان عندي مؤتمر بتكرم فيه ولسه جاية منه دلوقتي، باباك السبب في الخناقة مرضاش يجي معايا وقال مشغول وأعرف أنه بيضحك عليا وقاعد في البيت
ضحك وقال: متزعليش نفسك ماهي مش أول مرة يزوغ عن مؤتمر بتتكرمي فيه، معلش بقا مضطر أسيبكم هروح مشوار ساعة وجي علطول..
زمت شفتيها قائلة: هو أنا لحقت أقعد معاك
رد عليها بابتسامة: بكرا تشبعي براحتك سلااااام وأعطاها قبلة في الهواء وخرج مباشرة
تنهدت نيروز براحة: الحمد لله مسمعش حاجة
تقلبت ضحى على الفراش وهي نائمة تحلم بكابوس ثم نهضت وهي في حالة فزع شديد ثم صرخت، دلف كريم بسرعة على صوت صراخها
قال بلهفة: مالك حبيبتي
وهي تلهث قليلا قالت: كابوس حلمت بكابوس
أحاط احدى يديها بكفيه فشعر بأناملها باردة وترتعش فتناول يدها الأخرى وضمهم بين كفيه يفركهما لتدفئتهم
_ خير أحكيلي بالراحة..
_ كل اللي فاكره أني كنت في الضلمة، الضلمة وبس وأنت بتبعد وفوقت لقيت نفسي بصرخ
أحتضنها كريم وهمس في أذنها: متخافيش من أي حاجة طول ماأنا جمبك
_ خايفة
_ خايفة من أيه؟
_ خايفة الشغف والحب اللي بينا يروح..
أمسك يديها ووضعه مباشرة فوق قلبه وهمس برقة: هنفضل نحب بعض وهنكمل مع بعض طول ماقلبي بيدق والشغف اللي بينا هيزيد، ثم ضحك قائلا بس أكيد الحياة مش هتبقا علطول حب في حب
نسيت توترها وابتسمت له: بالعند فيك هتبقا أيامنا حب في حب
وظلا متعانقين فترة من الوقت ثم قال لها برقة: أنتي قرة العين لي
_ وأنت قرة العين لي ياحبيبي ياعمري ياروحي.
بعد مرور عدة أيام، لم يحدث فيها الكثير بالنسبة لضحى وكريم أيامهم كانت شهر عسل دون منغصات من أهل زوجها، أما زاهر نجح في أكتثاب ثقة بيسان وقرر السفر الى فرع الشركة في المانيا والبدء في حياة جديدة هناك بعيدا عن ذكريات الماضي، أما صفيه بعد العديد والعديد من الإعتذارت رجعت إلى منزل زوجها لكن العلاقة بينهم لم تعود كما الأول
والعلاقة بين زهرة وأكنان أصبحت هادئة حاولت زهرة الأستماع لنصيحة ضحى وتقبل وضعها ونسيان الماضي.
قررت بيسان أمضاء أخر ليلتها الأخيرة في مصر مع أهلها
قبل سفرها مع زاهر، دعت أكنان وأصرت على حضور زوجته وأولاده معه أرادت رؤيتهم والتعرف إليهم، معرفتها بوجودهم كانت صدمة هائلة بالنسبة لها لكنها استطعت تخطيها وتمنت له السعادة فهو عانى الكثير في حياته...
أجتمع الكل في حديقة الفيلا، زينت الحديقة بالأضواء فبدت كشموع تتلألىء لتضيف على وجوه الجميع بهجة ورضا، الرجال أهتمو بالشواء فيما أخذت جيلان وبيسان وزهرة بتحضير المقبلات، ركض وليد وأياد في الحديقة وضحكات الجميع تملىء المكان
سهرو مع بعض حتى أخر الليل، أضحكتهم بيسان بالنكات التي كانت تلقيها وبعض الحكايات المضحكة عن طفولة أكنان، وجدت زهرة نفسها بالتدريج تندمج مع المرح الذي ساد في الغرفة، ووليد وأياد لم يكفا عن اللعب والحركة مع نجم وجيلان حتى أنهكهم التعب.
لم يكف أكنان عن النظر لها كانت ترتدي فستان أبيض ناعما وحذاء من الجلد الخفيف ليس له كعب، ملابسها بسيطة وخارقة للعادة، بساطة مثيرة، بساطة الشمس حين تطلع وحين تغيب لم تكف عينيه عن التطلع اليها، يشتاق لها يريد الأرتواء من ريحقها المسكر
عندما رأت تثاؤب أطفالها قالت لهم: بعد أذنكم عايزه أنيم الولاد.
نهضت جيلان من مكانها وحملت أحد الصغيرين وقالت: تعالي معايا أوريكي الأوضة اللي هينامو فيها
وبمجرد أنصرافهم قالت بيسان بابتسامة متلاعبة: عينيك متشالتش من عليها، باين عليك واقع على الأخر
أكنان بابتسامة: وأنتي بقا قعدة مراقبني
هزت رأسها بضحك: هو بصراحة الكل مش أنا لوحدي.
غمز لها زاهر: براحة عليه يابوسة
أبتسمت لزوجها قائلة: حاضر هخف، ماتقولي ياكينو ياأخويا ياحبيبي حكايتكم من أولها وبلاش تلاوعني في الكلام، أتعرفت على زوزو أزاي وأمتى، وأزاي أنا معرفتش
أردف بابتسامة ماكرة: أتعرفنا على بعض زمان ورجعنا لبعض دلوقتي..
زمت شفتيها بضيق: نعم ودي بقا الأجابة على كل أسئلتي
_ أيوه يابوسة وبطلي فضولك ده شوية
_ ماشي ياكينو هبطل فضول بس مسيري هعرف
قام أكنان من مقعده ثم قال: تصبحو عى خير
أبتسم نجم وقال في هدوء: أخيرا جاه اليوم اللي أشوف أبني هنا وقاعدين كلنا مع بعض..
نظرت له بيسان وأردفت قائلة: يعني معندكش فضول زيي تعرف أيه حكاية مراته وولاده
لاذ بالصمت للحظات ثم قال ببطء: هو لو عايز يقول لينا هيقول، وأنا كفاية عليا أنه حاول ينسي ويبتدي معايا صفحة جديدة، كفاية عليا أنه ممنعش أحفادي عني مع أن ده من حقه، أنا مكنتش ليه الأب المثالي..
شعرت بيسان بالحزن في صوته فقامت من مكانها وجلست على مسند كرسيه وأحاطته بأحدى ذراعيها وضحكت مغيرة مجرى الحديث: بس الولاد نسخة مني، دول لو كانو ولادي أنا مكنوش هيبقو شبهي كده
أبتسم ببطء قائلا: شبهك أوي ودخلو قلبي وأحتلوه
تصنعت الزعل: وأنا بح خلاص بقا مليش مكان
_ لا طبعا أنتي ليكي النص بحاله..
_ وليه بحاله كتير أوي عليا ولا أقولك خليها الربع
قرص خدها بخفة وقال مبتسما: أنتي الكل في الكل طبعا
تابع زاهر في صمت حركات الأب مع أبنته، ابتسم وهو يرى سعادتها البادية على وجهها.. تحدث قائلا: أنا داخل أنام تيجي معايا ومد يده اليها، أبتسمت له وأمسكت يده، هجي معاك وقبل أن تتحرك قبلت والدها على وجنتيه، تصبح على خير..
_تصبحي على خير ياحبيبتي..
في الغرفة عند زهرة
بعد أن تأكدت من نوم أطفالها أخرجت بيجامة من الدولاب وحدثت نفسها أن اليوم كان جميلا بالرغم من توترها في البداية فهي كانت تخشى مقابلة عائلته ولكن تحت أصرار الصغيرين ذهبت معهم مضطرة والأن هي تشعر بالراحة، زينت شفتيها خفيفة وهي تسترجع ما مضى وسعادة صغارها مع ولهوهم مع الجد والعمة وعندما وصلت أفكارها باتجاهه متذكرة نظرته الخاصة لها فقامت بهز رأسها وأتجهت الى الحمام، عندما خرجت تفاجأت به جالس على حافة الفراش
سألته بلهجة متوترة: أنت بتعمل أيه في أوضتي.
أردف بابتسامة هادئة: قصدك أوضتي أنا
بلعت ريقها بصعوبة: أوضتك أوضتك
_ أيوه أوضتي أوضتي
_ ومادام هي أوضتك جيلان جبتيني هنا ليه
رد عليها في هدوء: عشان أنتي مراتي وأوضتي هي أوضتك..
قالت بسرعة: لا وأطلع بات في أي أوضة الفيلا كبيرة وفيها أوض كتير
نهض من مكانه وأقترب منها بخطى واثقة وتمعن في النظر لها، شعرت بالأرتباك من نظراته
همس بصوت أجش: مراتي يازهرة ياريت تفهمي كلامي ده كويس أنا سيبك براحتك وبقول هي معذورة في تصرفاتها وزي مابيقولو للصبر حدود، أنا مكنتش هنام هنا ثم أشار باتجاه باب مغلق أنا كنت هنام في الاوضة دي..
سألت بهمس متوتر: أومال كنت عايز أيه
رفع خصلة شاردة من شعرها ووضعها خلف أذنها وهمس بخفوت: كنت عاملك مفاجأة متأكد أنها هتبسطك أوي
أضطرب جسدها من هذه اللمسة الخفيفة فقالت بحدة: مش بحب المفاجأة
_ بس المفاجأة دي هتحبيها
_ مش عايزه أعرف
_ هتندمي على فكرة وعلموم مش هتحرك من مكاني الا لما تعرفي المفاجأة وتقبليها كمان
سألت وهي تشعر بالقلق: مادام هتخرج أنا موافقة..
نظر بعينيها وقال: قدمتلك في كلية الطب المفروض من أول السنة تتابعي دراستك فيها
هزت رأسها عدة مرات غير مصدقة ماسمعت أذنيها، دخولها كلية الطب وأن تصبح طبيبة كان حلم حياتها هي ووالدها
قالت وقد لمعت عينيها بالدموع: ينفع أكمل دارستي عادي
ابتسم وقال: أنتي بقيتي طالبه في الكلية فأكيد ينفع..
شردت زهرة مع ذكريات الطفولة وحلمها الذي أصبح فيما بعد حلم بعيد المنال
هو من خلال بحثه في خلفيتها علم عن حلمها، هي أصبحت كل شيء بالنسبة له أصبح متعلق بها بشدة، تردد قليلا قبل أن يقول: مبسوطة يازهرة، ثم ربت على رأسها بخفة
هذه الحركة البسيطة جعلتها تفيق من السعادة التي عاشت فيها للحظات، أبتعدت عنه وواجهته: أنت ليه عملت كده؟ ليه قدمت ليا في الكليه؟
مرر أصابعه في شعره وقال: مش عارفة ليه عملت كده؟
ردت بخفوت: أحساسك بالذنب صح.
أعترض على كلامها وهتف بيأس: لا مش أحساس بالذنب يازهرة، أمسك بيديه كلا كتفيها وهزها، أنا تعبت تعبت من مشاعري ناحيتك، أنا عملت كده عشان اشوف نظرة، نظرة سعادة واحدة في عينيكي، أنا عملت كده عشان بحبك، هتف بألم بحبك، حبيتك وأنتي زهرة بتاعت زمان وحبيتك أكتر لما عرفت زهرة الحقيقية، أنا عملت كل ده عشان بحبك.. أتجوزتك عشان بحبك مش عشان خاطر الولاد وبس، عشت معاكي في نفس المكان عشان مقدرش أعيش من غيرك
أنكمشت وهي تسمع كلامه، أندفعت من عينيها الدموع وصاحت: بس أنا مش.
ترك أحدى يديه الممسكة بها ووضعها على فمها وصاح هو الأخر بألم: عارف، أنا كل اللي عايزه تتقبلي وجودي في حياتك وجودي كزوج حقيقي مش مجرد خيال، أنزل يده وخرج بسرعة من الغرفة بخطى غاضبة، غاضبا من نفسه بسبب أنهياره وعدم تحكمه في أعصابه.
أنهارت زهرة جالسة فوق الفراش، أنسالت الدموع فوق وجنتيها، لاتدري ماذا تفعل أغمضت عينيها في تعب وتكومت فوق الفراش، هل يحبها حقا؟ أم ماذا؟ هل أسامحه أم لا، أخذت تدعو كثيرا أن ينير الله طريقها فهي تشعر بالتعب والتشتت وعدم القدرة على اتخاذ القرار، لا تعلم كم من الوقت مر وهي بهذه الحالة عندما فاقت واستعادة توازنها
أخيراً عرفت ماذا تريد، وقررت في أقرب وقت يجتمعو سويا اخباره بقرارها المتعلق بمصيرهم معا...
في الصباح تناول الجميع الإفطار على سفرة واحدة، ساد الجو المحيط بيهم دفء الأسرة بهجة خاصة بهجة تجمع العائلة في مكان واحد، شعر أكنان بوجود شيء مختلف فيها، إحساس داخلي يخبره بذلك، ابتسامتها ضحكاتها مختلفة حتى نظراتها، وعند الإنتهاء ركبت كل مجموعة سيارتها الخاصة حتى المطار وفي الداخل..
ضمت بيسان كلا الصغيرين بحب وقالت بتأثر: هتوحشوني كتير
إياد بلهجة طفولية: وانتي كمان هتوحشيني شوية مش كتير
ضحك الجميع على رد إياد
ضحكت بيسان بصوت عالي: هوحشك شوية شوفت ابنك ياكينو طالع ليك قال هوحشه شوية ثم نظرت له مبتسمه، مقبولة منك ياسي إياد وإنت بقا ياوليد هوحشك أد ايه..
_هتوحشيني اد البحر
_ حبيبي ياوليد شوفتو الواد الدبلوماسي، ضحكت قائلة مش طالعك ياكينو اكيد الدبلوماسية دي من مامته
غمز أكنان لزهرة وقال: طبعا طبعا المنبع كله عندها
وبعد فترة ركبت بيسان وزاهر الطائرة الخاصة بهم، وركبت جيلان السيارة مع إبنها وقبل الانطلاق قال نجم: تبقا تجيب الولاد كل فترة وبلاش تقطع بزيارتهم ليا قلبي اتعلق بيهم أوي..
إجابه بنبرة ثابته: هبقا هوديهم الفيلا، مع السلامة يجوجو
جيلان بابتسامة: مع السلامة ياحبيب جوجو، مع السلامة ياحبابيبي
انطلق نجم السيارة.. وبعدها مباشرة انطلق أكنان هو الاخر
زهرة كانت جالسة بجواره، لسانها انعقد عن الكلام من شدة توترها، همست بخفوت: ياااا
التفت لها وقال بفضول: نعم يازهرة عاوزة تقولي حاجة..
ردت بارتباك: اه أنا فكرت في كلامك امبارح وعاوزة ادي لعلاقتنا فرصة
انصدم فقد النطق لثواني، نظر لها يتأكد من وجودها بجواره وأنها هي نفس الشخص وسأل مكررا: قولتي ايه؟
_أنا قررت ادي علاقتنا فرصة
هتف بسعادة: واخيراااا، اللحظة دي استنتها كتير
امسك كف يديها وضغط برقة..
وهمس بابتسامة: اوعدك يازهرة انك هتعيشي سعيدة معايا وأخذ يصيح بسعادة، أنا أسعد إنسان في الكون
شعرت بالراحة من قرارها لتزين شفتيها ابتسامه هادئة، ودعت في سرها براحة البال وأن تملىء البهجة حياتها
إنها ليست النهاية ولكنها مجرد البداية.
أتمنى أكون قدرت أسعدكم، وأوصل ليكم هدفي من الرواية، حقيقي أسعدني تفاعلكم، وأرائكم على الحلقات.
انتظروني في خاتمة لزهرة ولكن دميمة.