رواية روح الشيخ زيزو للكاتبة رضوى جاويش الفصل الخامس
تركها تنضم للحريم ما ان وصلا للنجع الذى يقام به الزفاف
و هي قدمت نفسها لحريم الدار متباهية و مدت يدها تساعد و تجود بما تستطيع و هي في قمة فرحتها منتشية و هي تخبر النساء انها زوجة الشيخ عبدالعزيز الفقى الذى جاء خصيصا لإحياء الليلة الميمونة بطلب من العمدة عتمان بذات نفسه..
تجمعت النسوة في تلك المندرة التي خصصتها ام العريس لتكون موضع فرحهن و رقصهن و غنائهن في تلك الليلة التي سيودع فيها ولدها البكر بيت ابيه مغادرا لبيته ليبدأ حياته كرجل مستقل..
كانت روح تزرع المندرة ذهاباً و اياباً رغبة في ابداء الفرحة و المساعدة في تقديم الشراب و التحية للجميع.
و ما ان خرجت من المندرة حتى اصطدمت بجسد ضخم كاد ان يسقطها أرضا لولا انه لحق بها هامسا في نبرة تحمل الكثير في طياتها: - اسم الله عليكِ، مش تحاسبى على نفسك..
كان يساعدها على النهوض و كفه تجول بصفاقة على ذراعها و كتفها
مما دفعها لتنتفض مبتعدة هاتفة في تأكيد حازم: - انا بجيت كويسة، كتر خيرك يا عمدة..
و اندفعت منصرفة بهرولة واضحة من أمامه متوجهة لجزء خفى من ذاك الصوان الذى أقامه العمدة للرجال.
و الذى تسمع منه صوتا مجلجلا ينشد بعذوبة رقص لها قلبها
و هي تدرك بفؤادها قبل مسامعها ان ذاك الذى يملأ مشارق النجع و مغاربه بصوته الشجى هو زوجها و مالك قلبها الوحيد
وقفت على طرف خفى من الصوان تتطلع اليه و هو يصول و يجول و ينشد بسلطنة عالية و جميع الحضور يهلل في سعادة مطالبين بالإعادة مرة تلو الأخرى..
دمعت عيناها فرحا و هي تدعو له في سرها و من أعماق روحها و.
تسللت لتعود حيث موضع اجتماع النساء من جديد..
هتف العمدة عتمان في خفيره الذى يلازمه كظله
و هو يتطلع بنهم لروح التي غادرت منذ لحظات أمامه حتى غابت: - مين دى يا واد يا مصلحى..!؟، دى أكيد غريبة..!، مش من النچع..
هتف الخفير مؤكدا فى سرعة: - مظبوط يا چناب العمدة..
دى روح مرت المنشد اللى اسميه عبعزيز الفجى..
همس عتمان في حقد: - بجى الجمر دى مرت الچربان دِه..!؟.
لكن خفيره وعى كلماته رغم همسه بها ليهتف مؤكدا: - اه يا چناب العمدة، حظوظ، سبحانه العاطى الوهاب..
اومأ العمدة عتمان برأسه مؤكدا على كلام خفيره دون ان ينبس بحرف واحد، لكن نظراته حيث غابت روح منذ دقائق
كانت ابلغ من آلاف الكلمات..
اندفع عتمان داخل داره يعتلى الدرج في غضب و صوت النساء و غنائهن يصم آذانه..
ليدلف بعنف لحجرة ما في اخر الرواق الذى وصله يلهث من فرط انفعاله..
وقف على اعتاب الحجرة يتطلع لتلك المذعورة لهجومه المفاجئ على غرفتها بهذا الشكل
و رغم ان هذا هو المعتاد منه الا انها في كل مرة تشعر بنفس الغصة و انقباض القلب..
أغلق خلفه باب الغرفة في عنف
و اقترب منها في بطء مدروس كفيل بإثارة الرعب في اعتى القلوب..
الا قلبها هي..
ظلت على حالها ساكنة تتطلع اليه يقترب منها كشبح الموت دون ان يطرف لها جفن حتى..
ما ان وصل اليها حتى انتزعها من الفراش من اعلى ذراعها لتندفع مصطدمة بصدره بقوة
ليهمس بالقرب من اذنها و بأنفاس متقطعة رغبة فيها: - لساتك على عيندك و نشوفية دماغك..!؟.
هتفت شوق و هي تدفع به بعيدا منتزعة نفسها من بين ذراعيه: - و لا بعد ميت سنة يا عتمان..
جلبى أرميه لديابة الچبل و لا اسلمه لواحد زييك..
اندفع كالمجنون بإتجاهها.
و ما ان وصل موضعها حتى هوى على وجنتها بكف يده ليترد صدى صفعته مدويا في جنبات الغرفة
لترفع كفها إلى خدها المصفوع في بطء و هي تتطلع اليه في سخرية لثوان
و أخيرا تنفجر ضاحكة بشكل هستيرى اثار شياطين جنونه
ليهزها صارخا فيها: - انتِ ايه..!؟، مخلوجة من ايه..!؟، من صوان..
و أخيرا يلقى بها على الفراش في عنف لتهتف به متطلعة اليه في تقزز سافر اثار المزيد من حنقه الذى وصل لذروته بالفعل: - انا بجيت صوان من يوم ما دخلت دارك غصب
و خدتنى غصب
و هفضل كده لحد ما تموت، يا اموت انى..
انتفض مندفعا اليها كثور هائج
يأخذها بين ذراعيه عنوة بغية امتلاكها هاتفا: - يبجى بتحلمى، لأنى ناوى ألين الصوان دِه و لو كان دِه اخر حاچة اعملها جبل ما أموت..
سخرت منه و هي يحاول كتم همساتها بقبلاته المقززة: - يبجى هموت انى و أحسرك علىّ و على حالك يا عتمان..
كتم المزيد من سخرياتها التي لا يطيقها
وقضى منها حاجته و نهض في غضب يسب و يلعن اليوم الذى رأها فيه و تعلق بها قلبه رغم عن زوجتيه
و تمنى امتلاكها قلبا و جسدا
الا انها ابت عليه ذلك
و ما يناله منها الا جسد متخشب و قلب لم يعد حتى بموضعه لتهبه إياه..
ما ان هم بمغادرة الغرفة حتى استدار أمراً: - جومى انزلى للحريم و جاملى ضرتك ف ولدها البكرى..
لم تعلق شوق بحرف
بل انها ما ان أغلق باب الغرفة راحلا حتى بثقت عقبه في غل..
ورغم ما يجيش بصدرها من مشاعر قهر و مرارة
الا انها لم تستطع البكاء قط..