رواية روح الشيخ زيزو للكاتبة رضوى جاويش الفصل الثاني عشر
تطلع عبدالعزيز لروح التي كانت مطأطأة الرأس في حزن تنساب عبراتها في هدوء قاتل..
كان يشعر بألمها و حزنها على فقدان جنينها كحزنه و اكثر
لكن ما باليد حيلة..
اقترب منها في تؤدة و جلس على أطراف الفراش الخشبي الذى اخذ يئن من ثقلهما معا
ربت على كتفها في تعاطف فأرتفعت تشنجات بكائها.
المرير و الذى كانت تكتمه تعففا، جذب رأسها لصدره مطوقا إياها بين ذراعيه رابتا على رأسها التي كانت تهتزبينهما من جراء شهقاتها المتتابعة، انتظر ريثما هدأت نوبة بكائها و أخيرا همس بالقرب من اذنها: - خبر ايه يا روح..
الله چاب، الله خد..
الله عليه العوض..
همست بين ذراعيه بحزن عميق: - كان نفسى فيه يا شيخ..
كان نفسى ف حاچة من ريحتك تكون چنبى و انت غايب عنى..
قرر مضاحكتها لاخراجها من حزنها فهتف مازحا: - حاچة من ريحتى!؟، يا شيخة أتمنى حاچة عدلة، مش كفاية عليكِ ريحتى انى..
ابتسمت في وهن هاتفة: - ليه يا زيزو و الله دِه انت ريحتك مسك و عنبر..
انفجر هو ضاحكا: - يا بكاشة، جال مسك و عنبر جااال..
ابتسمت في ضعف و شردت من جديد و بدأت تترقرق الدموع في عينيها من جديد مما دفع عبدالعزيز ليهتف من جديد: - لاااه، بكا تانى لاااه
الله يخليكِ..
و رفع ذقنها لتواجه عيونها نظراته الشقية هامسا: - و اذا كان على العيل اللى راح..
شدى حيلك انتِ بس و بعدين ابجى لاحجى على العيال اللى هنجيبهم..
كل شهر هنجيب عيل ايه رأيك..!؟.
ابتسمت من جديد هاتفة: - كل شهر يا شيخ..!؟.
اكد مازحا: - اه كل شهر..
امال عيال الشيخ عبعزيز ياجوا كل تسع شهور
زى عيال الناس ياااك..!؟.
انفجرت ضاحكة ليستطرد مازحا: - بس انتِ اللى متزهجيش منيهم..
و حوش عيالك يا شيخ عبعزيز، جننونى يا شيخ..
هدوا حيلى يا زيزو..
استمرت في قهقهاتها التي انتهت مع نهاية كلماته
و نظرت اليه في محبة
رابتة على كتفه في امتنان
هامسة: - ربنا يخليك ليا يا شيخ و مايحرمنيش منك ابدا..
المهم انك مش زعلان..
هتف مستنكرا: - زعلان..!؟.
مين اللى جال..!؟.
هزعل من امر ربنا، دِه بدل ما نستخدمه انه نجانا من اللى كنّا فيه..
الحمد لله على كل حال..
و بعدين انتِ اللى تهمينى يا روح..
دِه انا روحى راحت منى لما لجيتك وجعتى من طولك..
هتفت في سعادة: - صح يا شيخ عبعزيز..!؟.
اكد وهو يقبل جبينها: - صح يا عيون الشيخ عبعزيز..
تنهدت في راحة و هي تلقى برأسها على صدره في دلال
ليهمس عبدالعزيز مشاكسا: - دِه باين ان العيال هاتاجى بدرى، بدرى..
انفجرت ضاحكة لمشاكساته و هو يضمها اليه اكثر
و قد بدأ كل منهما في ألتقاط أنفاسه بعيدا عن ما حدث لهما سابقا..
هتفت روح في عبدالعزيز.
و هي تراه يهم بالخروج من الخص مبكرا على غير عادته: - على فين العزم يا شيخ..!؟..
هتف عبدالعزيز و هو يغسل وجهه من احدى القلل الموضوعة جانبا: - نازل اشوف اكل عيشى..
هتفت روح في ذعر: - و تسبنى لحالى يا شيخ..!؟.
ابتسم عبدالعزيز مشجعا: - و ماله حالك..!؟.
يا بت ما انت بجبتى زى الفل اهو..
ثم استطرد في جدية: - و بعدين يا روح..
احنا أخرنا ف الضيافة تلت ايّام عند الست وجيدة الله يسترها..
اخرهم كان امبارح..
ده حج الضيف..
اكتر من كِده مش هجبل اننا نعيش عالة على الست الكريمة دى..
كتر خيرها لحد كِده..
هتفت روح مستفسرة: - طب هاتنزل تشتغل ايه دلوجت..!؟.
لسه بدرى على الزيارات لو نازل تجرا على الأموات ف الجبانات الجريبة دى..!؟
اكد هو بهزة رأس نافية: - لااه مش نازل اجرا..
و لا هجرب من الجبانة( المقبرة ) لحسن حد يعرفنى.
انت ناسية احنا هربانين من ايه.!؟ موصلكيش موت عتمان مجتول، و اكيد اسمنا هياجى ف الموضوع و هايبجى فيها سين و جيم
و حلنى لما يثبوا مين اللى عِملها
و احنا غلابة و ملناش ضهر يا روح، يعنى هنروح ف الرچلين
تنهدت هي بلا إجابة مؤمنة على كلامه ليستطرد هو
بنفس النبرة الجدية: -، انا نازل اشتغل ف ارض اى حد عايز أنفار..
همست هي مشفقة عليه.
و هي تنظر الى جروحه التي لم تندمل بعد: - و من ميتا ليك ف الفلاحة وشيلة الفاس يا شيخ!؟.
هتف عبدالعزيز بعزم: - يبجى ليا، مادام بصحتى اشتغل اى حاچة و لا نبجى عالة على حد
همست هي في إشفاق: - ربنا يجويك يا شيخ و يسترها معاك..
همس و هي ينحنى مقبلا جبينها: - ايوه كِده..
دعوة حلوة من الحلو هي اللى انى محتاچه دلوجت..
و خرج دافعا باب الخص متوكلا على رب كريم فطالعته الحاجة وجيدة تقترب في هوادة كعادتها ساحبة خلفها بهيمتها لتهتف مرحبة: - صباح الخير..
كيفها مرتك النهاردة
يا شيخ عبعزيز..!؟.
هتف باسما: - الحمد لله بخير يا حاچة، يسلم سؤالك..
استفسرت متعجبة: - امال على فين العزم الساعة دى يا شيخ و سايب مرتك لحالها..!؟.
طأطأ عبدالعزيز رأسه محرجا: - رايح اشوف حالى بجى يا حاچة..
كتر خيرك تجلنا عليكِ..
هتفت الحاجة وجيدة متعجبة: - وااه، و هو انى كنت اشتكيت لك..!.
ابتسم عبدالعزيز: - لاااه، و لا هتعمليها يا حاچة وچيدة..
كلك كرم و خير..
بس هو كِده تمام جوووى..
اشوف حالى بجى..
ابتسمت متسائلة: - طب و ناوى على ايه..!؟.
هتف عبدالعزيز: - هنزل اشتغل ف اى ارض محتاجين فيها أنفار..
قهقهت الحاجة وچيدة
مشيرة لأرضها: - و هي الأرض دى كلها مش عچباك و لا ايه..!؟.
انزل اشتغل فيها مع باجى الأنفار و رزجنا كلنا على الله..
ابتسم عبدالعزيز ممتنا: - و الله الواحد ما عارف يجول لك ايه يا حاچة
ربنا يوسعها عليكِ كمان و كمان..
ابتسمت الحاجة وجيدة في بشاشة
هاتفة و هي تلتقط منديلها من فوق بهيمتها كالمعتاد: - طب خد ياللاه فَطورك و اتكل على الله..
و انا داخلة لروح نفطوروا سوا..
تناول عبدالعزيز منها المنديل المصروم على فطوره و غادر ممتنا و هي تدلف لداخل الخص..