رواية ذئاب لا تعرف الحب ج1 للكاتبة منال سالم الفصل الثاني عشر
في منزل الجارة أم بطة،،،،
بدأت الفتيات صغيرات السن – واللاتي تتراوح أعمارهن ما بين الخامسة عشر والسابعة عشر – في التوافد على منزل الجارة أم بطة من أجل المشاركة في حفل الحناء الخاص بالعروسة فاطمة، والتي يناديها الجميع باسم شهرتها ( بطة ) ..
كانت معظمهن ترتدين عباءات فضفاضة أو إسدال للصلاة، وريثما صعدن إلى هناك، قامت الغالبية منهن بنزع ملابسهن، وارتدين بدلاً منها ملابس تكشف أنوثتهن المبكرة ..
جلست بطة في المنتصف بعد أن ارتدت قميص حمالات قصير يظهر أنوثة طاغية مبكرة، والتفت حولها الفتيات، وبدأت امرأة ما كبيرة في السن ب ...
-سيدة بنبرة عالية: يالا يا بت انتي وهي سمعونا الزغاريد لأحلى عروسة في الحتة كلها
وضع الجارة أم بطة كف يدها أمام فمها، ثم بدأت في إطلاق الزغاريد، و...
-أم بطة بصوت مسموع للجميع: لووووولووووولي، عقبال عندكم جميعاً، لوووولووولي، ابدأي يا سيدة يالا، خلي البت تنور قدام عريسها
-سيدة بنبرة مرحة: اه طبعاً، وهو في زي عروستنا في جمالها، ولا حلاوتها، ده كله طبيعي ورباني، مدي ايدك يا عروسة خليني أشوف شغلي
-بطة بنبرة خجلة: ماشي
-سيدة بصوت صادح: هيصوا يا بنات، وزأططوا، لوووولووولي، سمعوني الزغاريد
تسابقت الفتيات في إطلاق الزغاريد المصحوبة بالضحكات الرقيعة، ثم اتجهت إحداهن ناحية المسجل، وبدأت في تشغيل بعض الأغاني الصاخبة، وهنا تعالت التهليلات، والتصفيقات، وبدأت جميعهن في التباري في إظهار موهبة الرقص لديهن ..
جزت بطة على أسنانها بسبب الآلم المصاحب لتجميلها، وأدمعت عينيها قليلاً، فاقتربت منها والدتها، وهمست لها ب ...
-أم بطة بنبرة خافتة: معلش يا عروسة، علقة تفوت ولا حد يموت
-بطة بنبرة متآوهة: آآآآآه .. مش قادرة يا ماما
-أم بطة بإصرار: يا بت انشفي كده، أومال هاتعملي ايه مع عريس الهنا . ههههههههههه !
-سيدة بنبرة سعيدة: وربنا هايشوف الهنا والسعد على ايد عروستنا
-أم بطة بنبرة راجية: يا رب ياختي
-سيدة بنبرة عادية: شوفيلنا كده الحاجة جهزت يا ست أم بطة عشان أكمل شغلي
-أم بطة بنبرة متلهفة: على طول أهوو ... !
ثم سارت بضع خطوات للأمام، واستدارت برأسها لتتابع الفتيات اللاتي يميل بأجسادهن في دلال، و...
-أم بطة بنبرة عالية: سكتوا ليه يا بنات، يالا زغرطوا، وهيصوا كده، دي بطة مش أي حد
تعالت الزغاريد مرة أخرى، واستمرت الفتيات في إظهار مواهبهن في الغناء والرقص ...
توجهت الجارة أم بطة إلى المطبخ، ولحقت بها إحدى الجارات، ثم نادت عليها، و...
-سكينة بنبرة مرتفعة: يا أم بطة، يا أم بطة
انتبهت لها أم بطة، ووقفت قبالتها، و..
-أم بطة وهي ترفع أحد حاجبيها في حيرة: خير يا سكينة
أسندت هي كف يدها على كتف أم بطة، و...
-سكينة بنبرة أقرب للهمس: عاوزاكي في كلمتين
إزداد انعقاد حاجبيها، وتبدلت ملامح وجهها للقلق السريع، و...
-أم بطة متسائلة بتوجس: هو في حاجة ؟ ماتنطقي يا ولية قلقتيني
-سكينة بنبرة أقرب للهدوء: لأ يا ختي اطمني، والله مافي حاجة تخوف
-أم بطة بنبرة آمرة: طب اتكلمي على طول، انتي هاتنقطيني بالكلام
-سكينة بنبرة هامسة: انتي قولتي لبتك على اللي بيحصل في ليلة الدخلة ؟
ارتفع حاجبي الجارة أم بطة في صدمة، و...
-أم بطة فاغرة شفتيها: هاه
-سكينة بصوت أقرب للفحيح: بنات اليومين دول خبرة وعارفين كل حاجة من الدش والنت، وآآآ...
-أم بطة مقاطعة بحدة: أنا بنتي مش بتاعة الكلام ده، أنا مربياها كويس
-سكينة وهي تلوي فمها في امتعاض: وهو أنا قولت حاجة عيب لا سمح الله، ده أنا بس بوعيكي، لازم البت تبقى داخلة على نور وفاهمة كل حاجة
-أم بطة بإقتضاب: جوزها يبقى يفهمها .. فضينا من الكلام الفاضي ده !
ثم وضعت يدها على ظهر الجارة سكينة، ولكزتها برفق، و...
-أم بطة بإنزعاج: ويالا لأحسن اتأخرنا على الجماعة اللي برا
زمت هي شفتيها في عدم اقتناع، ورفعت أحد حاجبيها، و...
-سكينة على مضض: طيب..!
في قصر عائلة الجندي،،،،
فُتح باب القصر على مصراعيه، فارتجف جسد تقى بشدة، وتراجعت خطوة للخلف وهي تبتلع ريقها في هلع، ثم حدقت بعينيها المذعورتين في تلك السيدة ذات الملامح الصارمة والجادة و التي فتحت لها، في حين رمقتها الأخيرة بنظرات متفحصة أرعبتها أكثر، و...
-عفاف متسائلة بجدية وهي تشير بعينيها: انتي تقي ؟
لم تجبها تقى بل اكتفت بإيماءة خفيفة برأسها، بينما تابعت مدبرة القصر عفاف حديثها - وهي ترمقها بنظرات احتقار - ب ...
-عفاف بلهجة آمرة وهي تشير بإصبعها: طيب تعالي ورايا، بس امسحي الشوز بتاعك الأول هنا
-تقى بخفوت: ح.. حاضر
خطت تقى فوق السجادة الصغيرة المخصصة لمسح الأحذية، ثم سارت بخطوات مرتبكة في اتجاه ردهة القصر الواسعة ..
تأملت بعينيها ذلك الصرح الضخم، فالبهو حقاً متسع ومثلما تراه في الأفلام، كما تتخلله بعض الأعمدة الجرانيتية البراقة والمتراصة بطريقة هندسية بحتة، والأرضية لامعة للغاية فهي تكاد ترى انعكاسة جسدها عليه، أما الحوائط فألوانها زاهية، ومزدانة بلوحات شهيرة رسمها فنانون عظماء ..
حبست تقى أنفاسها، وتبعت تلك المدبرة ذات الملابس الرسمية إلى حيث سارت، ثم استدارت فجأة برأسها للخلف، و...
-عفاف بلهجة آمرة رغم هدوئها: استني هنا لحد ما أبلغ الباشا بوجودك
-تقى بصوت مبحوح: ط... طيب
طرقت المدبرة عفاف الباب بطرقات خفيفة، ثم فتحته، ودلفت إلى الداخل وأغلقت الباب من خلفها .. في حين وقفت تقى في مكانها محاولة استيعاب ما يحدث ..
لوهلة شعرت هي بإرتجافة باردة تتسرب إلى جسدها، فجعلتها تنكمش أكثر على نفسها، وتقبض أكثر على حقيبتها البلاستيكية ...
التفتت حولها لتمعن النظر أكثر في هذا القصر المهيب، وأعجبت بتصميمه الفريد، وأثاثه الباهظ، ولكن اتسعت عينيها بدرجة كبيرة حينما رأت صورة مكبرة لهذا البغيض تتوسط أحد الجدران، وإلى جواره أشخاص يشبهونه في هيبته إلى حد كبير، ولكنها لا تعرفهم .. فابتلعت ريقها في خوف، ولم تحيد ببصرها عن الصورة و...
-تقى لنفسها بإرتعاد: ايه اللي أنا بأعمله ده، أنا.. جيت هنا ليه ؟ أيوه .. عشان خاطر أمي، بس .. بس أنا مش مطمنة خالص، أنا .. انا خايفة منه .. شكله يخوف بصراحة،
سيطر الرعب على تقى، ولم تتمالك أعصابها أكثر من هذا، و...
-تقى لنفسها بقلق بالغ: أنا مش لازم أفضل هنا .. أنا هاشتغل في أي حتة تانية، لكن وجودي هنا لوحدي غلطة كبيرة أوي لازم أصلحها بسرعة .. كان فين مخي وقت ما وافقت على ده
لملمت تقى نفسها، واستدارت بجسدها كلياً للخلف، وسارت مهرولة في اتجاه الباب الذهبي الضخم .. ولكنها كادت أن تتعثر في خطواتها حينما سمعت صوته الرجولي يصدح من خلفها ب...
-أوس بلهجة صارمة: استني هنا، أنا أذنتلك تمشي ..!
في المقر الرئيسي لشركات الجندي للصلب،،،،
طرقت السكرتيرة باب مكتب عُدي، فسمح لها بالدخول، فتحركت ناحيته بخطوات ثابتة، وهي تحمل في يدها بعض الملفات، ثم وقفت إلى جوار مقعده، و..
-السكرتيرة بنبرة ناعمة: اتفضل يا مستر عدي، دول أوراق الصفقة الجديدة
-عدي بهدوء: تمام
-السكرتيرة بنبرة رقيقة: هنحتاج لتوقيع أوس باشا كمان
-عدي وهو قاطب جبينه: مممم... طيب
-السكرتيرة متابعة بنبرة عادية: وقت ما الباشا يوصل هاخد منه التوقيع، وبعد كده هابعت العقود وملفات الصفقة لمحامي المجموعة عشان يطلع عليهم، ويتأكد من آآآ...
-عدي مقاطعاً بجدية: إزاي هاتبعتي العقد للمحامي بعد التوقيع، مش المفروض قابله يا أستاذة !
-السكرتيرة بتوتر: آ.. أوس باشا، م.. متوعد بعد ما بيوقع على العقود بيبعتها تتراجع عشان لو في جزئية فاتته
لم يقتنع عدي بما قالته السكرتيرة، لذا حدجها بنظرات جامدة قبل أن يردف ب ...
-عدي بنبرة رسمية: سيبيلي الورق ده كله هنا، وأنا هاشوف هاعمل ايه فيه
-السكرتيرة بنبرة معترضة: بس كده الورق هيتأخر و..آآ...
-عدي بصرامة: يتأخر ولا يولع، ده مايخصكيش، أظن إن أنا فاهم شغلي كويس
-السكرتيرة بإرتباك: أكيد يا فندم، ع.. عن اذنك
تنحنحت السكرتيرة في حرج، ثم استدارت بجسدها واتجهت ناحية باب الغرفة .. بينما تابعها عدي بنظرات حادة قبل أن يعاود النظر إلى تلك الأوراق ..
-عدي لنفسه بسخط: ورق ايه اللي يتبعت للمحامي بعد ما يتوقع ! افرض كان فيه مصيبة !
في قصر عائلة الجندي،،،،
تسمرت تقى في مكانها، وأغمضت عينيها في خوف، وصرت على أسنانها في فزع، وانحنت قليلاً للأمام ..
-تقى لنفسها برعب: انا كده ضعت
أقبل أوس عليها، ووقف على بعد عدة خطوات منها، و...
-أوس بلهجة صارمة للغاية وهو يحدجها بنظراته القوية: انتي مش حرة نفسك عشان تمشي وقت ما تحبي
لم تجبه تقى، بل ظلت مطرقة لرأسها، وعضت على شفتها السفلي أكثر بسبب توترها الشديد منه ..
أشار أوس للمدبرة بإصبعيه للخلف لكي تنصرف، وبالفعل تركتهما بمفردهما وعادت إلى المطبخ، ثم عقد ساعديه أمام صدره، و...
-أوس بنبرة جافة: لو كنتي اتأخرتي شوية كمان، كنت هاخليكي تيجي زحف ليا
زفرت تقى في ضيق، وظلت مولية إياه ظهرها .. بينما أمعن هو النظر إلى تفاصيل جسدها، وأخفض بصره حتى وصل إلى خصرها الغير بارز بسبب تلك العباءة الواسعة، وجابه بعينيه، ثم نزل ببصره إلى ساقيها، وحاول أن يتخيلهما من أسفل تلك العباءة المستفزة إلى أن وصل إلى ( شبشبها ) البالي، فلوي فمه في تهكم، ثم تشدق ب ...
-أوس بهدوء ذو مغزى: هاتفضلي مدياني ظهرك كده كتير، ده حتى جسمك من ورا شكله آآآ...
رفعت هي رأسها للأعلى وحدقت أمامها بأعين متسعة، فقد فهمت أن وراء كلماته الجريئة تلك نوايا شيطانية، فانتفضت فزعة، وارتعدت في مكانها .. و..
-تقى لنفسها برعب: ده .. ده قصده إنه آآ.. يعني هو آآ.. بيبص على آآ..
انكمشت تقى على نفسها، وقبضت أكثر بأصابعها على حقيبتها البلاستيكية، وضمت كتفيها للأمام، ولم تلتفت إليه .. بينما اعتلى ثغر أوس ابتسامة وضيعة حيث أدرك أن الغرض من كلماته المقتضبة قد وصل إليها ..
ثم سار بخطوات ثابتة – غير مسموعة – ناحيتها حتى لم يعد يفصلهما سوى خطوة واحدة فقط ..
فأخذ نفساً عميقاً، وزفره على مهل، وتعمد أن يصل إلى وجنتها لتشعر هي بقربه الشديد والمخيف منها، و...
-أوس بنبرة أقرب للخفوت وتحمل الإهانة: اللي بيدخل عندي مش بيطلع إلا لما دوره يخلص عندي، وأرميه في الشارع، زيك بالظبط .. للمكان اللي جيتي منه
أبعدت هي وجهها وتحركت خطوتين للأمام لتتجنب هواء فمه الذي يزيد من اضطرابها، ثم استجمعت شجاعتها بعد تلك الإهانة المريرة التي تلقتها منه، و...
-تقى بنبرة تحمل القليل من الكبرياء: وأنا مش هاستنى أما اللي زيك يرميني، أنا ماشية من هنا، واللي عندك اعمله، أنا آآآآ...
ولم تكمل جملتها الأخيرة حيث تفاجئت به يقبض على ذراعها، ويعصره بقبضة يده بقوة و...
-أوس وهو يصر على أسنانه بحدة: أنا مخلصتش كلامي عشان تمشي بدون إذني
-تقى وهي تتأوه من الآلم: آآآه .. سيب دراعي
قبض هو أكثر على ذراعها، ولواه خلف ظهرها، ثم اقترب أكثر منها حتى كاد أن يلتصق بها، فدبت قشعريرة رهيبة في كل ذرة في كيانها، وحاولت جاهدة أن تحرر نفسها منه، ولكنه لم يترك لها الفرصة لتفلت من قبضته القاسية، ثم صر هو على أسنانه، و...
-أوس بنبرة جامدة، ونظرات ضيقة: متخلقتش لسه اللي تقول لأوس لأ ...!
حاولت هي أن تحرك ذراعها، فتسبب هذا في إيلامها أكثر، وبدأت عينيها تدمعان قليلاً، و...
-تقى بنبرة شبه متحشرجة: انت ايه ؟ بتفتري على الأضعف منك كده ليه ؟ سيبني أروح لحالي حرام عليك !
قست ملامح وجهه أكثر، وضيق عينيه، ثم ...
-أوس بنبرة قاسية: عشان ماينفعش مع أمثالكم إلا كده، الرحمة للي زيكم نعمة، لكن أنا مش هاخليكي لا انتي ولا غيرك يحسوا بيها حتى، هاحول حياتكم لجحيم، جهنم بالنسبالكم تبقى جنة ..!
إزدادت حدة الآلم في ذراعها، وباتت على وشك الإنهيار، فهي تحاول أن تبدو قوية، ولكنها فقدت هذا الشعور، فتملكها الإنفعال الشديد، و...
-تقى بصراخ هادر: بس بقى، كفاية، عارفة انك جايبني هنا عشان تذلني، وأنا وافقت على ده، بس مش عشانك، عشان خاطر أمي، انت مش هتعرف قيمة الأم لأن اللي زيك معندوش قلب، مش هايحس ب..آآآ...
-أوس مقاطعاً بحدة: أيوه أنا معنديش احساس ولا عمري هاحس بأي مشاعر تجاه أي حد حتى الأم، انا بكره اللي زيكم، بستنى أي فرصة عشان أفعصكم تحت جزمتي، وآآآ...
-تقى مقاطعة بزمجرة عالية: عمرك ما هاتقدر، حتى لو عملت ايه، انت بتفتري بس على الضعيف بجشمك، وفي يوم هايجي الأقوى منك وهيدوس عليك في لحظة، ووقتها محدش هايقف جمبك
-أوس بتذمر شديد: اخرسي، الكلام ده أوهام، مش هايحصل، وهاتشوفي
ثم لوى ذراعها أكثر حتى كاد أن يكسره، فصرخت هي عالياً بطريقة هيسيترية مفزعة من الآلم مما دفع مدبرة القصر للتدخل فوراً، حيث اقترب من أوس، وحاولت إزاحة يده عن قبضتها، و...
-عفاف بنبرة قلقة: أوس باشا، اهدى من فضلك، البنت كده ممكن يحصلها حاجة، وتعمل مشكلة .. من فضلك يا باشا
واستمرت هي في التوسل إليه ولكنه لم يهتم برجائها، فقد كان شاغله الأكبر هو أن يتلذذ بتعذيب تلك البائسة ..
رن هاتفه المحمول فاضطر أخيراً أن يترك تقى بعد أن نظر إلى اسم المتصل على الشاشة، لذا أرخى قبضته عنها، وحدجها بنظرات متوعدة و...
-أوس بنبرة غليظة: راجعلك تاني
لم تكف هي عن البكاء المصحوب بالأنين .. وظلت تشهق بصوت مكتوم ..
ثم ترك كلتاهما وانصرف غاضباً في اتجاه غرفة مكتبه .. بينما ظلت تقى تنتحب وهي تفرك معصمها من الآلم .. لقد رأت أثار أظافره مغروسة فيه مما أصابعها بخدوش بارزة عليه ..
أشفقت المدبرة عفاف على حال تقى، و...
-عفاف بنبرة متوجسة، ونظرات آسفة: تعالي معايا
لفت المدبرة عفاف ذراعها حول كتف تقى، واصطحبتها معها إلى المطبخ ...
في السيارة الخاصة بعائلة الجندي،،،،
كانت علامات التوتر الممزوجة بالإنزعاج مرسومة جلية على وجه السيدة ناريمان، و...
-ناريمان لنفسها بقلق: لازم ممدوح يتصرف، أنا مش هافضل لوحدي في القلق ده، تلميحات أوس وكلامه ممكن يقلب بمصيبة، أنا مش هاقدر أستحمل حرقة الأعصاب دي
جلست ليان إلى جوار والدتها وعلى ثغرها ابتسامة رقيقة .. كانت هي ممسكة بهاتفها المحمول، وتبادل أحد ما رسائل نصية من نوع خاص ..
حاولت ليان أن تبدو حذرة في تصرفاتها أمام والدتها حتى لا تشك في امرها ..
وضعت هي هاتفها على الوضعية الصامتة، وبدأت تقرأ الرسالة التالية الخاصة و...
(( عاوز أشوفك على الطبيعة، أنا خلاص هاتجنن عليكي، نفسي فيكي أوي ))
ازدادت ابتسامتها اتساعاً، و..
-ليان لنفسها بخفوت: مجنون يا فارس، طب أرد عليك بإيه
ظلت هي حائرة للحظات تفكر في رد ما لكي ترسله إليه، ثم توصلت إلى كتابة الرد التالي ...
(( ما أنا حاطة صوري على الفيس، وكلها على طبيعتي ))
ثم ضغطت على زر الارسال، واستدارت برأسها للجانب لتتابع الطريق، ولكن بالها مشغول بما سيكتبه حبيبها الخفي فارس في رسالته التالية إليها ..
وبالفعل لم تمر سوى بضعة ثوان حتى اهتز هاتفها معلناً عن وصول رسالة أخرى، فضغط عليها، وقرأت ما أرسله ...
(( لأ أنا عاوز أقابلك بجد ... ليوو أنا مش هاقدر أكتم مشاعري أكتر من كده، أنا بحبك ))
تنهدت هي في سعادة خفية حينما قرأت اعترافه بحبه لها .. لم تتوقع أن يحبها أي أحد بجنون مثلما فعل هو معها ..
هي لم تقابله من قبل، ولم تعرف عنه أي شيء سوى ما يكتبه في الحياة الإفتراضية على مواقع التواصل الإجتماعية ... ورغم هذا سيطر عليها كلياً، وشغل تفكيرها بدرجة لم تتخيلها ...
في المقر الرئيسي لشركات الجندي للصلب،،،،،
إطلع عُدي على الملف الموضوع أمامه، ثم أرجع رأسه للخلف بعد أن أمالها للجانبين يميناً ويساراً، و...
-عدي بنبرة مرهقة: أوس لازم ياخد باله من الشرط الجزائي ده ويقراه كويس، لأنه أوفر عن المعتاد ..!
نهض بعدها عن مقعده، ثم جمع أوراق الملف ووضعها في الحقيبة الجلدية ذات الماركة الشهيرة، ووضع هاتفه في جيب سترته بعد أن ارتدائها، ثم التقط مفاتيح سيارته بإصبعيه، و...
-عدي لنفسه بجدية: يدوب ألحق أديه الملف، وأرجع الفيلا أغير عشان سهراية بالليل ..!
ثم اتجه إلى خارج مكتبه، ومر عبر مكتب السكرتارية، ورمق المتواجدين به بنظرات حادة قبل أن ينصرف تماماً ...
في قصر عائلة الجندي،،،،
جلست تقى تبكي على المقعد المجاور للطاولة التي تنتصف المطبخ بعد أن وضعت حقيبتها البلاستيكية عليها، وظلت تنتحب في آسى مرير .. راقبتها المدبرة عفاف بنظرات تحمل الإشفاق، ثم تنهدت بعمق، واتجهت ناحية البراد لتعد لها شراباً بارداً ..
اقتربت عفاف منها بعد أن انتهت من تجهيزه، وأسندت الكوب الزجاجي أمامها، و...
-عفاف بنبرة دافئة: خدي يا بنتي اشربي الليمون ده
رفعت تقى رأسها للأعلى قليلاً لترمق المدبرة عفاف بأعينها الدامعة، و..
-تقى بنبرة مبحوحة: مش عاوزة حاجة، كتر خيرك
-عفاف بإصرار: لأ اشربيه، ده كويس عشانك، وهيهديكي
ثم أمسكت بالكوب، ومدت يدها في اتجاهها، وأجبرتها على إرتشاف بضع قطرات منه ..
نظرت لها تقى بإمتنان، ثم ارتشفت منه مرة أخرى، و...
-تقى بصوت ضعيف: أنا .. أنا عاوزة أمشي من هنا
-عفاف بنبرة شبه جادة: للأسف مش هاينفع، أوس باشا لازم هو اللي يقرر ده بنفسه، وإلا آآآ...
ثم صمتت عفاف لتتابع ردة فعل تقى التي لم ترمش للحظة رغم امتلاء مقلتيها بالدموع، و...
-عفاف متابعة بنفس النبرة الجدية: أنا مش عاوزة أقلقك، بس صدقيني أحسنلك تنفذي أوامر أوس باشا عشان تتقي شره
-تقى بنبرة حزينة: هو بيعمل كده ليه ؟ أنا معملتش فيه حاجة ؟ أنا عمري أصلاً مافكرت أذيه أو حتى آآ...
-أوس مقاطعاً بنبرة غليظة: ولا هاتقدري في لحظة إنك تفكري في ده ..!
انتفضت تقى فزعاً من مكانها وسقط الكوب الزجاجي من يدها التي ارتجفت بشدة حينما رأته أمامها فتهشم إلى أجزاء صغيرة بعد أن أحدث دوياً عالياً ...
أشار أوس بإصبعيه للمدبرة عفاف لكي تنصرف من المطبخ، فأومأت الأخيرة برأسها، وسارت مسرعة نحو الخارج ..
تملك الخوف كل جزئية من كيان تقى، وجحظت بعينيها وهي تنظر إلى عينيه الجامدتين ..
لوى أوس فمه قليلاً، وارتسم على ملامح وجهه علامات الوعيد، فانقبض قلبها أكثر، وإزدادت رجفته .. و...
-أوس بنبرة باردة: الوقتي نقدر نتفاهم
ابتلعت تقى ريقها، وحاولت أن تتراجع للخلف لتترك مسافة كبيرة بينها وبينه تمكنها من الفرار إن قرر مباغتتها أو التعرض لها .. ولكنها تعثرت في مشيتها وهي تتراجع للخلف، وعلق رغماً عنها إحدى فردتي ( شبشبها ) في المقعد، فأصبحت قدمها اليمنى حافية، وخطت فوق القطع الزجاجية المتناثرة دون وجود أي حائل يمنع تعرضها للجرح ..
رمقها أوس بنظراته المخيفة، وتفحصها جيداً، و...
-أوس بنبرة شبه جامدة: أنا قولتلك قبل كده إنك مش هاتمشي من هنا إلا لما أخد حسابي منك ومن عيلتك، وإنتي لسه مادفعتيش اللي عليكي
-تقى بتلعثم، ونظرات خائفة: ب... بس آآ..
أشار لها أوس بكف يده لكي تصمت، وحدجها بنظرات قوية، و..
-أوس بنبرة متصلبة: ماتكلميش قبل ما أديكي الأمر بده، غير كده تخرسي خالص ..! فاهمة !
أومأت برأسها إيجابياً في خوف، وتراجعت ببطء للخلف ..
شعرت تقى بآلام حادة في باطن قدمها، وعضت على شفتها السفلى وهي تتألم، وتحاملت على نفسها حتى لا تجعل ذلك البغيض يشعر بما تعانيه فيزداد تشفياً فيها ...
كان أوس على وشك الحديث مجدداً، ولكن رن هاتفه المحمول الموجود في جيب بنطاله، فوضع يده بداخله، وأخرجه، ثم نظر إلى شاشته، وضغط على زر الإيجاب، ومن ثم وضعه على أذنه، ونظر إلى تقى بنظرات جامدة وهو يجيب ب ...
-أوس هاتفياً بنبرة قاتمة: ألوو .. في ايه ؟
-عدي هاتفياً بنبرة جادة: أيوه يا أوس، انت موجود في القصر ؟
ظل أوس محدقاً في تقى بنفس النظرات المخيفة، فابتلعت هي ريقها في توجس أشد، وحاولت أن تسحب قدمها بعيداً عن الزجاج المحطم وهي تجاهد لعدم التأوه من الآلم ..
-عدي هاتفياً بإهتمام: انت معايا ؟ أنا بسأل انت لسه موجود في القصر ؟
-أوس بإقتضاب وهو ينظر شزراً لتقى: اه .. ليه بتسأل ؟
-عدي بجدية: في حاجة مهمة تخص الشغل، وأنا محتاج أتكلم معاك فيها قبل ما توقع على الورق زي تملي
-أوس بإنزعاج: طب ما تقولهالي في التليفون
-عدي بنبرة رسمية: لأ مش هاينفع، أنا عشر دقايق وهاكون عندك
-أوس على مضض: بقولك ايه ؟ استنى، أنا آآآ...
-عدي مقاطعاً بجدية شديدة: لأ مش هاتستنى، باي
زفر أوس في ضيق، ثم أخفض رأسه قليلاً، ووضع يده على رأسه، ومررها في خصلات شعره، و...
-أوس لنفسه بنبرة ضائقة: مش وقتك خالص، وأنا أصلاً مش عاوزك تشوف الزفتة دي هنا، مش ناقص أسئلة مالهاش لازمة ..!
تابعت هي عن كثب التغيرات المتوترة البادية عليه، ونظرت إليه بنظرات زائغة .. وفجأة وجدته يرفع عينيه في اتجاهها، فاضطربت على الفور، وارتجفت أكثر و...
-أوس بنبرة منزعجة: حظك إنك فلتي النهاردة مني..
ثم رمقها بنظرات مشمئزة قبل أن يتابع ب..
-أوس بحدة وهو يشير بيده لحقيبتها البلاستيكية: لمي الزبالة بتاعتك من هنا، و بكرة تكوني عندي من الساعة 1 الضهر، فاهمة ...!
هزت هي رأسها عدة مرات لتعلن موافقتها على ما قاله للتو، فاليوم قد نجت ببدنها من براثنه ..
سارت هي بخطوات بطيئة على مقدمة أصابع قدمها اليمنى في اتجاه الطاولة لتلملم أشيائها، ولكنها تسمرت في مكانها حينما وجدته يجذب حقيبتها من على الطاولة، وجحظت عينيها في ذهول حينما وجدته يفتحها لينظر إلى محتوياتها وعلى ثغره ابتسامة سخيفة بعد أن أسند هاتفه المحمول على الطاولة، و...
-أوس بنبرة تحمل الإهانة: أمثالك إنتي وأمك لازم يتفتشوا تفنيش ذاتي، محدش عارف ممكن في ثانية تسرقوا ايه
ابتلعت هي مرارة الإهانة، واحتقنت عينيها من الغضب، وكورت قبضة يدها في إنفعال ..
لقد كان آلم الإهانة أشد وطأة عليها من هذا الآلم الموجود بباطن قدمها ..
أخرج أوس العباءة المنزلية، وأمسكها بطرف إصبعيه، ورفعها عالياً في الهواء وهو يرمقها بنظرات متأففة، و...
-أوس بنظرات احتقار، وبنبرة استهزاء: ايه القرف ده ؟!
-تقى بصوت مبحوح: ل... لو س.. سمحت سيب الجلابية بتاعة ماما
قهقه أوس عالياً بطريقة مستفزة، و...
-أوس بنبرة تحمل التهكم: جلابية أمك ! قولي خرقة، حتة قذارة، أي حاجة تانية
ثم قام أوس بالإمساك بتلك العباءة بكلتا يديه، ومزقها بكل برود وقسوة، وشطرها إلى نصفين، ثم ألقاها في وجه تقى التي كانت تنظر إليه بذهول تام، و...
-أوس ببرود يحمل الصرامة: لمي زبالتك، وغوري من هنا ... يالا من باب الخدامين، برا...!
انتفضت بجسدها فزعة، ومدت يديها المرتجفة في اتجاه عباءة والدتها الممزقة وأمسكت بها، ووضعتها بداخل حقيبتها البلاستيكية سريعاً، بينما تركها هو وانصرف إلى الخارج ..
بصقت تقى خلفه، و..
-تقى بنبرة محتقنة، ونظرات غاضبة: ربنا ياخدك، منك لله !
تركت تقى الحقيبة، وانحنت قليلاً للأسفل لتتفقد حالة قدمها، فوجدت بقايا زجاج صغير مغروسة في باطنها، فشهقت في خوف، و...
-تقى بنبرة مرتعدة: يالهوي، أنا .. أنا كنت ناقصة
حاولت هي أن تنتزع تلك البقايا بإصبعيها، وأغمضت عينيها في خوف وهي تجذب كل جزء، و...
-تقى وهي تتأوه من الآلم: آآآه .. آآآه
فتحت تقى عينيها لتجد الدماء تقطر من قدمها، فعضت على شفتها مجدداً، و..
-تقى بصوت ضعيف: حسبي الله ونعم الوكيل فيك وفي اللي زيك، يا رب ارحمني منه، ونجيني من شره .. يا .. آآ...
لم تكمل تقى عبارتها الأخيرة حيث سمعت صوته في الخارج، فارتجفت أكثر، وجذبت سريعاً حقيبتها، وضمتها إلى صدرها، وركضت بقدمها المصابة في اتجاه ذلك الباب الجانبي الخاص بالخدم ...
لم تعر تقى الانتباه لقدمها المصابة، ولا إلى الآلام الشديدة التي تشتعل فيها، فقد كان شاغلها الأكبر هو الهروب والابتعاد عن ذلك الرجل المتوحش ..
دلف أوس إلى داخل المطبخ ليستعيد هاتفه المحمول الذي قد نساه موضوعاً على الطاولة ..
جاب ببصره المكان فلم يجد أي أثر لتلك البائسة، فابتسم في تهكم، ثم أمسك بهاتفه، ولكنه لمح شيء ما أثار انتباهه بدرجة كبيرة و...