رواية خطأ لا يمكن إصلاحه ( رفقا بالقوارير ) الجزء الثاني للكاتبة منال سالم الفصل العشرون
أسرعت ندى خارج العيادة النسائية، فلمحها يوسف وركض خلفها، حاول ايقافها ولكنها أبعدت يده عنها بكل عنف، ثم نظرت إليه بنظرات حادة قاسية ومميتة و...
-ندى بنبرة قاسية ميتة: طلقني...!
-يوسف: ندى اسمعيني بس
-ندى مكررة بنبرة اكثر حدة: بقولك طلقني، ايه ماسمعتش؟
-يوسف: لأ سمعت، بس عاوزك تهدي الأول.
حاول يوسف أن يضع يده على كتف ندى، فتراجعت هي للخلف على الفور و..
-ندى بحدة: ابعد ايدك عني ماتلمسنيش
-يوسف: انا أسف.. حقك عليا
-ندى بنرفزة: طلقني..!
-يوسف: ندى أنا آآآ...
-ندى بعصبية: طلقني.. طلقني... طلقني!.
حاول يوسف تهدئة ندى ولكنها كانت على وشك الانهيار أمامه و..
-يوسف: خلاص اهدي.. حاضر.. أنا هاعمل اللي انتي عاوزاه
-ندى: الوقتي
-يوسف: طيب.. بس تعالي معايا
-ندى: لأ.. أنا مش هاجي معاك في حتة
-يوسف: وأنا مش هاسيبك في الحالة دي
-ندى: انت ملكش دعوة بيا، كل حاجة بينا انتهت.. كل حاجة خلاص معدتش ليها وجود، انت أكبر كدبة عشتها في حياتي، انت كابوس عاوزة أصحى منه.
لم ينطق يوسف بأي كلمة وإنما أطرق رأسه في صمت، هي لم تخطيء.. هي كانت بريئة، هو من ظلمها وجــار عليها..
-يوسف في نفسه: حقك تقولي اكتر من كده
-ندى: أنا كنت مستعدة أعمل أي حاجة عشانك، لكن انت.. انت ماستنش حتى تسمعني، اتهمتني بالباطل أنا وعيلتي، ما ادتنيش فرصة حتى أدافع بيها عن نفسي.
-يوسف: أنا كنت أعمى
-ندى: انت أثبتلي انك لو أخر رجل في الدنيا عمري ما هاكمل حياتي معاه، أنا بكرهك، بكره كل حاجة فيك.. بكره كل لحظة وثقت فيها فيك وحبيتك، بكره ضعفي واستسلامي ليك
-يوسف: حقك عليا، بس اسمعيني أنا آآ...
-ندى بنفاذ صبر: لأ... مش عاوزة أسمع منك حاجة، طلقني خليني أخلص من العذاب ده.
بدأت الدموع تتجمع في مقلتي ندى، هي تستعيد ذكريات تلك التجربة المريرة في عقلها.
كان يوسف يشعر بالآسى على ندى، فهو السبب الرئيسي فيما تعانيه
-يوسف: أنا ندمان على اللي عملته، اقسم بالله أنا كان غصب عني أعمل كده فيكي بس آآآ...
-ندى: انت انتهيت بالنسبالي، انت معدتش ليك وجود في حياتي.
ركضت ندى من أمامه وهي تبكي بحرقة، كان قلبها يعتصر من الألم، لقد ماتت روحها بعد ما فعله بها...
لحق بها يوسف مرة أخرى، فهو لن يتركها مهما عاندت معه في تلك الحالة، فهي لا تزال زوجته و... وحبيبته!
-يوسف: ندى، أرجوكي
-ندى: ابعد عني بقى
-يوسف: استني بس
-ندى ببكاء مرير: انا بكرهك.. بكرهــــــك.. انت دمرتني، انت هديت كل حاجة حلوة في حياتي، انت دبحتني باللي عملته.
كانت ندى شبه منهارة مما حدث، حاول قد المستطاع أن تتماسك أن تتحامل على نفسها، لكن خارت قواها، فقدت السيطرة على حالها، لم تعد تتحمل المزيد.. كل شيء قد انهـــار أمامها، لقد صارت أجمل ليلة في العمر، هي الليلة التي ذبح فيها القلب...
لم تتمالك ندى نفسها، وبدأت في الترنح وفقدت وعيها..
كانت على وشك السقوط على الأرض، ولكن يوسف أمسك بها سريعاً قبل أن تسقط، ضمها إلى صدره، قبل جبينها، اعتذر لها مراراً وتكراراً، ولكن هيهات لما فعل.. فقد تدمر كل شيء الآن...
-يوسف: أنا أسف.. أسف عن كل حاجة عملتها فيكي، أسف يا ندى، سامحيني، غصب عني، الموضوع ده عماني ومخلنيش أفكر قبل ما أتهور واعمل اللي عملته.
وضع يوسف ذراعه خلف ظهر ندى، والذراع الأخرى أسفل قدميها، ثم حملها بين ذراعيه وهو يضمها أكثر إليه، ونزل بها إلى حيث صف سيارته...
فتح يوسف باب السيارة بالمفتاح الالكتروني، ثم أجلس ندى إلى جواره على المقعد الأمامي، وانحنى برأسه عليها وقبل جبينها مرة أخرى، ومسح بأطراف أصابعه دموعها المنهمرة من على وجنتيها، ثم أغلق الباب، وتوجه إلى مقعد القيادة وجلس خلف المقود...
نظر إلى ندى وهي غافلة بجواره، مسح على شعرها بيده، أمــال رأسها قليلاً ناحيته لكي يتأملها طوال الطريق، ثم أمسك بكف يدها وقبله مراراً و..
-يوسف وهو يقبل كف يدها بنبرة حزينة: أنا أسف.. بس مش هاقدر أسيبك ولا أطلقك.. انتي ندى قلبي، وأنا مقدرش أعيش من غير قلبي، بس وحياة أغلى حاجة عندي، أنا هاعوضك عن اللي حصل ده، صدقيني يا ندى، أنا هاعمل اللي أقدر عليه عشان تنسي كل ده.
ثم قاد سيارته نحو الفندق...
في منزل صلاح الدسوقي
نزلت زينب منذ الصباح الباكر لتشتري بعض المشتريات من محل البقالة المجاور، كانت في طريقها للصعود إلى منزلها، ولكن أوقفتها أحد الجارات التي كانت لا تتمنى أن تلقاها...
-آمال بصوت عالي: ست زينب! ياااااه، عاش من شافك
-زينب: ازيك يا حاجة آمال
-آمال: بخير الحمد لله
-هنا بصوت طفولي: يالا يا تيتة...
أمعنت زينب النظر جيداً في آمال، والتي كانت تمسك بطفلة صغيرة في يدها لا يتجاوز عمرها السنوات الخمس و..
-زينب: ماشاء الله، حلوة البنوتة دي
-آمال بلهفة: دي هنا حفيدتي، وبنت ابني
-زينب: بسم الله ماشاء الله.. ربنا يخليهالك
-آمال: تسلميلي يا ست زينب، بس أنا واخدة على خطري منك
-زينب باستغراب: ليه بس؟
-آمال: بقى تعملي فرح بناتك وماتقوليلش
-زينب: مكنش في وقت والله
-آمال مدعية الحزن: لالالالا.. مكنش العشم
-زينب: معلش هنعمل ايه، كل حاجة جت بسرعة
-آمال: يالا.. ملحوئة، بعدين ابقى أروح للبنات في بيوتها وأباركلهم بنفسي
-زينب على مضض: مافيش داعي والله تتعبي نفسك
-آمال: لا تعب ولا حاجة، أخلص بس من مشوار البلد ده وبعد كده أبقى أتفق معاكي على ميعاد أزور فيه البنات
-زينب باستغراب: هو انتي مسافرة؟
-آمال: أه عندي مشوار مهم كده.
أمالت الجارة أمال برأسها ناحية زينب، ثم تحدثت بصوت خافت و..
-آمال بصوت خافت: بيني وبينك كده احنا رايحين ( نطاهر ) البت هنا في البلد.
لطمت زينب على صدرها حينما سمعت تلك العبارة الأخيرة و..
-زينب: يا نصيبتي، ايه اللي بتقوليه ده يا حاجة آمال؟ تتطاهري البت
-آمال بصوت خافت: ششش.. وطي صوتك، احنا مش قايلين للبت حاجة
-زينب: اللي بتعملوه ده غلط يا حاجة آمال.
-آمال: غلطت ايه بس، ده عين العقل، احنا عاوزين البت تبقى كويسة ومافيهاش حاجة، وكل بنات عيلتنا عملنا فيهم كده، ومعدتش فاضل إلا البت هنا
-زينب: لأ انتي غلطانة، ده أنا اسمع انهم مانعين الحكاية دي للبنات
-آمال: مانعين ولا لأ احنا مالناش فيه، عاوزين نطمن على البت ونصونها، ده انتي المفروض تعملي كده مع بنتك الصغيرة طمطم
-زينب: اييييه؟ مع طمطم؟
-آمال: أه طبعاً، ده احنا لازم نعمل حساب الزمن الأغبر اللي احنا عايشين فيه
-زينب: هـــاه
-آمال: معدتش في أمان في البلد، وبدل ما البت تنحرف كده ولا كده لما تكبر، نصونها احنا من دلوقتي ونطمن أنها هتفضل طول عمرها متربية.
أدارت زينب ما قالته الجارة آمــال في رأسها و...
-آمال مكملة: وبعدين دي لا حاجة لا هتضر ولا هتفرق معاها، البت لسه صغيرة ومش هاتبقى واعية لحاجة..
-زينب: بس.. بس ده مافيش دكتور هيرضى يعمل كده
-آمال: احنا عندنا نسوان حبايبنا في البلد كتير، بيعملوا الحكاية دي زي شكة الدبوس
-زينب فاغرة فاهها: هــاه.
-آمال: ولعلمك كده أضمن، ومافيش حد هيدرى بحاجة.. نصيحتي ليكي يا ست زينب نأمني على بنتك من دلوقتي!
-زينب بتردد: آآآ... ر..ربنا يسهل
-هنا مقاطعة ببراءة: تيتة احنا هانلوح البلد ونسوف الداموسة
-آمال وهي تنظر للطفة هنا: اه يا حبيبتي، ماشي يا ست زينب، ان شاء الله نتكلم تاني، ولو وافقتي ع الموضوع ده، ماتشليش هم، أنا عندي اللي تخلص الموضوع ومحدش يدرى..!
-زينب: ان شاء الله
-آمال: أشوفك على خير، يالا يا هنووونة
-هنا وهي تلوح بيدها لزينب وهي تبتسم: باي.
وقفت زينب في مكانها تفكر فيما قالته الجارة آمــال.. هي في حيرة من أمرها، هي تريد أن تأمن على ابنتها من أخطار ذاك العالم القاسي الشرس.. وربما تكون تلك الطريقة هي الآئمن ( من وجهة نظرها ) لحمايتها، وخاصة أن فاطيما قد بلغت مبكراً...
في الفندق
وصل يوسف بسيارته عند مدخل الفندق، صفها بالقرب من مسئول الجراج، وطلب منه أن يركنها بالداخل، ثم ترجل من السيارة، وتوجه إلى الباب الأمامي الأخر، وفتحه ثم انحنى برأسه وجسده لداخل السيارة، ضم ذراعي ندى فوق بعضهما البعض، ثم وضع ذراعه من خلف ظهر ندى، ومدد الذراع الأخر من أسفل ركبتيها، ثم حملها برفق، وتوخى الحذر على رأسها وهو يدلف بها خارج السيارة، وتوجه إلى داخل الفندق...
استغرب بعض العاملين بالفندق، وكذلك المقميين به، من حمل ذاك الشخص لفتاة ما وهي تبدو فاقدة للوعي تماماً، ولكن لم يعرهم يوسف أي انتباه، واستمر في تقدمه داخل الفندق، وصعد بها إلى جناحهما...
استقل يوسف المصعد ليصعد إلى الغرفة، وكانت المفاجأة وجود والدته به، صدمت عبير لرؤية يوسف وندى بتلك الحالة و..
-عبير بصدمة: في ايه اللي حصل؟
-يوسف باقتضاب: مافيش
-عبير: هو ايه اللي مافيش، مالها عروستك؟
-يوسف: ياماما، هي مالهاش
-عبير: هو أنت مفكرني عامية ومش شايفة، ده البنت مش في وعيها خالص
-يوسف: أصلها تعبت شوية وآآآ...
لاحظت عبير وجود أثار للضرب، ولأصابع يد على وجه ندى، فنظرت إلى يوسف بنظرات صادمة وهي مشدوهة و..
-عبير بتردد ونظرات جاحظة: هي.. آآآ... هي آآآ
-يوسف: لأ يا ماما، مراتي أشرف من الشرف
-عبير: اومال ايه اللي ع وشها ده؟
-يوسف: مافيش.
وصل المصعد إلى حيث يوجد الجناح الخاص بيوسف وندى، فدلف يوسف خارجه حاملاً ندى،ولحقت به عبير.. فهي لن تفوت الفرصة لمعرفة ما دار بينهما..
-عبير باصرار: قولي يا يوسف ع اللي حصل، ده أنا مامتك؟
-يوسف: مافيش يا ماما حاجة، ليه مش عاوزة تصدقيني
-عبير بإلحاح: لأني أمك وعارفة شكل وشك لما بتحصل كارثة
-يوسف: أرجوكي يا ماما سيبني الوقتي مع مراتي، أنا مش فايق لأي كلام، ومحتاجين نرتاح.. عن اذنك.
حاول يوسف قدر الامكان ألا يدع الفرصة لوالدته لكي تتناقش في ذاك الموضوع، لأنه قد عقد العزم على اخفائه للأبد...
أسرع في خطاه، واتجه نحو الجناح الخاص بهما، أنزل ندى على قدميها، واسندها على صدره، ثم أحطاها بذراع واحد كي لا تسقط منه،، و بيده الأخرى بحث عن المفتاح في جيبه، وما إن وجده حتى فتح الباب، ثم وضع المفتاح مرة أخرى في جيبه، وحملها ودلف بها إلى الداخل، واغلق الباب خلفه بقدمه...
اتجه يوسف إلى الفراش، ثم وضع ندى عليه برفق.. جثى على ركبتيه بجوارها، أمسك بكف يدها وضمه بقبضتي يده يحتضنه، بكى إلى جوارها.. ظل ينشد المغفرة منها، ولكنها لم تسمع أي شيء من ندمه أو أسفه، فقد كانت في عالم خاص بها تهرب به من الواقع المرير الذي عاشته في أهم لحظة في حياتها...
نهض يوسف من على الأرض، ثم نظر إلى جسد ندى المسجى أمامه، تحرك ناحية قدميها وامسك بأحدهما ونزع عنها الحذاء، ثم فعل هذا بالقدم الأخرى.. ووضع الحذاء جانباً...
قام بعدها يوسف بسحب الملاءة من أسفلها ودثرها جيداً بها... ثم توجه إلى ناحيتها، وصعد على الفراش، وتمدد إلى جوارها واضعاً يده أسفل رقبتها، ثم أسند رأسها على صدره، و أغمض عيناه وهو نادم أشد الندم على ما فعل، ثم.. ثم غفا بجوارها...
في منزل صلاح الدسوقي
صعدت زينب إلى المنزل وبالها وفكرها مشغول بكل ما قالته الجارة آمــال.. لاحظ صلاح شرود زوجته معظم الوقت، فأراد أن يستفسر منها عما حدث و..
-صلاح: مالك يا زينب، سرحانة في ايه كده
-زينب وقد انتبهت له: هــه.. مـ.. مافيش
-صلاح: مافيش ازاي؟ ده انتي في عالم تاني خالص
-زينب: هو باين عليا كده.
-صلاح: ايوه يا زينب، ده انتي بقالك ساعة عمالة تلمعي في نفس الحتة
-زينب: أصل بالي مشغول شوية يا حاج
-صلاح: خير..
-زينب: بصراحة كده أنا... أنا... قابلت الجارة آمال
-صلاح: الولية السو إياها
-زينب: أه هي..
-صلاح: يا ساتر يا رب، هي عاوزة ايه تاني؟ مش كنا ارتحنا منها ومن سريتها
-زينب: اصلها قالتلي عن حاجة كده مهمة
-صلاح بقلق: استر يا رب، الولية دي مش بيجي من وراها غير المصايب وبس
-زينب: لألألأ.. الموضوع مش كده خالص، ده الست كتر خيرها عاوزة تنصحني
-صلاح: ها، قالتلك ايه؟
-زينب: الست آمال كلمتني عن موضوع طهارة طمطم
-صلاح بصدمة: ايييييييه؟ طاهرة مين؟
-زينب: البت فاطيما، هي قالتلي اننا لازم نطاهرها
-صلاح بحدة: انتي جرالك حاجة في عقلك يا زينب.
استرسلت زينب في الحديث عن ذلك الموضوع الخطر، وأضافت عليه و...
-زينب: اسمعني بس يا حاج، هي عندها رأي برضوه، الزمن اللي احنا فيه ده مايضمنش، وبدل ما يجي واد يضحك ع بنتنا ويستغفلها ويلعب عليها.. احنا نسبق ونحصنها بدري بدري...
-صلاح: نعم؟ ايه الهبل ده؟ بنتا متربية وأنا عارف أخلاقها كويس
-زينب مكملة: ده زيادة حرص يا حاج.. وبعدين هي قالتلي عندها الناس اللي يعملوا الحكاية دي ان شاء الله الوقتي.. بس أنا أطلب منها ده.
في نفس الوقت كان فاطيما تقف في المطبخ تستمع إلى ذاك الحوار، شهقت حينما علمت أن أمها تريد أن تختانها.. وضعت كلتا يديها على فمها، ارتعدت أوصالها، شعرت أنها على وشك الذبح بيد أمها، وذلك فقط لأن جارتها أشارت عليها بهذا...
شحب لون وجهها، وتجمدت أوصالها من مجرد تخيل المنظر في مخيلتها...
كانت زينب لا تزال تكمل حديثها، ويبدو أنها كانت على وشك اقناع صلاح بتلك الفكرة و...
-صلاح: ازاي الولية آمال دي عندها اللي يعملوا كده؟
-زينب: في ستات حبايبها كتار تعرفهم، وأنا ممكن أقولها تجيبلي واحدة منهم تطاهر البت، ولا من شاف ولا من دري...!
-صلاح: يعني مش دكاترة
-زينب: لأ.. دكاترة مين، دول ستات بيفهموا في المواضيع دي كويس، وعملوها قبل كده كتير..
-صلاح: لألألأ..
-زينب: طب ده بالأمارة هي خدت حفيدتها الصغيرة معاها تتطاهرها النهاردة، وابت ماتجيش 3 ولا 4 سنين، يعني مش أحسن من بنتنا.
خافت فاطيما كثيراً من حديث والدتها، ظنت أنها اذا بقيت في المنزل سوف تنفذها والدتها هذا فيها.. لذا فكرت في أن تهرب.. أن تستغل فرصة انشغال والدتها وتذهب لإحدى اختيها وتمكث معها...
بالفعل نفذت فاطيما ما عقدت العزم عليه، ارتدت على عجالة ملابسها، ثم تأكدت أن والدتها مشغولة بأمور طهي الطعام في المطبخ، مشيت على أطراف أصابعها، وتسحبت بهدوء إلى أن توجهت ناحية باب المنزل، وفتحته ببطء شديد ودلفت للخارج، ثم أغلقته بهدوء..
ركضت فاطيما ذات الوجه الشاحب على الدرج بسرعة رهيبة وكأن شبح ما يطاردها، كانت مرتعدة جدا، لم تدري إلى أين تذهب.. هي لا تملك أي شيء، وليس معها حتى أي نقود فقد نسيت أن تأخذ البعض معها وهي تهرب، وضعت يدها في جيب سترتها الرياضية ولم تجد فيه إلا هاتفها المحمول فقط...
وما إن دلفت فاطيما خارج المنزل حتى أسرعت هائمة في الشوارع تحاول الابتعاد قدر الامكان عن منزلها، هي تشعر بالأمان بعيداً عنه، فكلما ابتعدت أكثر، لكما اطمئنت في نفسها أنه لن يصيبها أي مكروه...
وقفت فاطيما أسفل إحدى لوحات الاعلانات تلتقط أنفاسها، ثم أخرجت هاتفها المحمول لتطلب أحد ما ينجدها و...!