رواية خطأ لا يمكن إصلاحه ( رفقا بالقوارير ) الجزء الثاني للكاتبة منال سالم الفصل الحادي والثلاثون
في منزل مروان بالتجمع الخامس
كانت نيرة تغط في نوم عميق، حينما سمعت صوت صراخ مفاجيء وشخص ما ينزع عنها الغطاء، فانتفضت من نومها وهي مذعورة و...
-نيرة بنصف عين مفتوحة: اييييه في ايه؟
-مروان بنبرة مخيفة: اصحي بسرعة يا هانم
-نيرة بفزع: في ايه؟ حريقة ولا زلزال؟.
دعكت نيرة عينيها بأطراف أصابعها، لكي تمعن النظر في مروان الذي كان يقف وممسكاً بشيء ما في يده.. دققت نيرة النظر جيداً في ذاك الشيء الأسود الذي يتدلى من يده وصدمت حينما أدركت أنه ( جوربه )
-مروان وهو يمسك بفردة الجورب ويلوح بها في الهواء: فين يا هانم فردة الشراب التانية
-نيرة وهي فاغرة شفتيها: هـــاه.. فردة ايه؟
-مروان: فردة الشراب، اخت دي
-نيرة: معرفش.
-مروان: ازاي متعرفيش؟ مش انتي ست البيت هنا، يعني لازم تبقى عارفة مطرح كل حاجة
-نيرة: يعني انت مصحيني من النوم مخصوص عشان تسألني عن فردة الشراب
-مروان بثقة: أه طبعاً، أومـــال هسأل مين غيرك، يالا قومي شوفي هي فين
-نيرة: يا مروان سيبني أنام، ده انا مش قادرة من امبارح
-مروان بلهجة آمــرة: ماليش فيه، ما أنا برضوه بتعب في الشغل وبشقى، انجزززي يالا.
نهضت نيرة من الفراش وهي غير قادرة على السير، فقد كانت شبه غافلة وكانت تترنح في خطواتها، ورغم هذا دفعها مروان بيده لكي تبحث عن الجورب المفقود..
-نيرة: طيب ماتزوءش.
دلفت نيرة إلى غرفة النوم، وظلت تبحث في كل الأماكن التي يمكن أن يكون مروان قد وضعها بها، ولكن للأسف دون جدوى.. فكرت أن الجورب ربما يكون قد وقع أسفل الفراش، لذا تمددت على الأرض ونظرت أسفل الفراش، ولكن لم يكن هناك أي شيء...
اعتدلت في وقفتها، ثم بحث في دلف الدولاب، ولكن لم يكن هناك شيء، دلفت إلى مرحاض الغرفة، وبحثت في وعاء الملابس البلاستيكي، ولكنه كان فارغاً.. ظنت أنه ربما يكون موجوداً بالمغسلة الكهربائية، ففتحتها ونظرت بداخلها، ولكن لاشيء أيضاً.. غسلت وجهها جيداً بالماء والصابون لكي تكون أكثر وعياً، ثم بحثت من جديد عن ذاك الجورب المفقود في كل أرجاء الغرفة...
وما إن يئست من إيجاده، حتى سارت بخطى بطيئة نحو مروان وهي مطرقة الرأس، وتحك فروة رأسها بإصبعيها و...
-نيرة بنبرة ضيق: مش لاقية الفردة خالص.. معرفش هي فين
-مروان مبتسماً: خلاص مش مشكلة، أنا لاقيتها.
أيقظت العبارة الأخيرة لمروان عقل نيرة، فتنبهت لما يقول ونظرت له بأعين يقظة واعية متفحصة و..
-نيرة بلهفة: لاقيتها؟ فين؟ ده أنا قلبت عليها الأوضة كلها ومكنش في حاجة
-مروان: آآآ... احم.. أصل الحقيقة... أنا كنت الظاهر لابس الفردة ومخدتش بالي
-نيرة بغضب: يعني اه مخدتش بالك وانت لابسها؟
-مروان: يعني ماشوفتهاش
-نيرة بحنق: بقى تصحيني من أحلاها نومة عشان تخليني ادور على فردة شراب انت أصلاً لابسها
-مروان بعدم اكتراث: وفيها ايه؟ عادي.
عضت نيرة على شفتيها من الغيظ، ونظرت لمروان بأعين محتقنة من الغضب، فتعامل معها مروان بكل برود و...
-مروان: مش هاعطلك أكتر من كده، روحي كملي نوم
-نيرة: نعم تعطلني؟ ده بعد ما النور طار من عيني
-مروان وهو يلمس طرف ذقنها بإصبعيه: So what يا بيبي.. عادي.
ظلت نيرة تركل قدميها في الأرض بحنق، ومروان يكمل ارتداء ملابسه وهو يصفر، ثم التفت برأسه ناحيتها و...
-مروان: ماتنسيش تنضفي المطبخ كويس، لأحسن واضح كده انه وقع من كشف حساباتك، ولو لاقيته مبهدل كده ولا كده ماتتخضيش أنا كنت بعمل لنفسي كوباية شاي، وأنا هارجع ع الغدا أشيك عليه، وشوفي بقى لو لاقيته زي ما هاعمل ايه
-نيرة وهي تزفر في ضيق: ربنا يسهل
-مروان: ان شاء الله هيسهل، وكل حاجة هتبقى حلوة.. سلام يا مدام...
انطلق مروان نحو باب الغرفة وابتسامة الانتصار تعلو ثغره.. كانت نيرة متسمرة في مكانها تشعر بالحنق والضيق من أفعال مروان معها.. هي لن تستطع النوم مجدداً لأنه قد جفاها، وأصبحت يقظة، وأكثر وعياً...
دلفت نيرة إلى داخل المطبخ لتتفاجيء بالكارثة التي حلت به... لقد كانت الأواني والأوعية منتشرة في كل مكان به، الأكواب مبعتثرة، الملاعق ملاقاة في الأركان، وبقايا الدقيق متناثرة في كل مكان، بالاضافة إلى بقع الزيت التي تكسو رخامة المطبخ والموقد والحوائط.. ولم يخلو أيضاً من البيض المحطم على بعض الصحون...
وضعت نيرة كلتا يديها في شعرها.. وقفت تنظر للوضع بأعين مشدوهة مصدومة، لم تتخيل أن الوضع سيكون هكذا... هي تعلم أنها تركت المطبخ في الأمس بحالة سيئة، ولكنها لم تتخيل أنها على ذلك القدر من السوء
-نيرة بنظرات مصدومة: هو دخل يعمل لنفسه كوباية شاي، ولا فجر المكان..؟
شمرت نيرة ساعديها وبدأت في عملية التنظيف مبكراً... استغرقها تنظيف الحوائط والأرضيات وقتاً طويلاً.. فكل شيء كان مشبعاً بالزيت.. وبالتالي أخذ تنضيفه وقتاً طويلاً...
قامت بغسل الأوعية والأواني وتنظيفها جيداً... أرهقت عضلاتها من كثرة التنظيف، فمعظم الأواني كانت تعاني من بقايا طعام محترق، وبالتالي ازالة تلك البقع الملتصقة كان الأكثر إرهاقاً لها...
تذمرت كثيراً، ولكنها أجبرت نفسها على الاستمرار..
-نيرة بتذمر: حسبنا الله... كل ده زيت، ده احنا لو فاتحين مصنع تكرير ليه مش هايكون بالشكل ده.
قامت برص الأواني النظيفة والصحون التي قامت بتجفيفها على طاولة صغيرة في منتصف المطبخ.. ثم اتجهت للدواليب الصغيرة المصنوعة من الألومنيوم لتفتحها وتعيد وضع تلك الأدوات بداخلها.. ولكن كانت هناك كارثة اخرى تنتظرها.. حيث قام مروان ببعثرة السكر، وحبوب الذرة والـ ( كورن فليكس ) على الأرفف...
صدمت نيرة أكثر واكثر من المشهد، فهي الآن عليها أن تستخرج كل ما هو موضوع بداخل تلك الدواليب المصنوعة من الألومنيوم... ثم تقوم بتنظيف الأرفف، وبعد ذلك تعيد وضع محتويات الدواليب المختلفة مرة أخرى بداخله بعد تلميعها هي الأخرى...
-نيرة بأعين جاحظة: لألألألألأ... كده كتير عليا، حراااااااام.
لم تعد نيرة تتحمل مجهوداً أكثر.. ورغم هذا جاهدت لكي تنجزه.. وظلت تعمل وتعمل وتعمل حتى انتهت تقريباً من تنظيف المطبخ تماماً.
في دبي
في الشركة
كان يوسف من أوائل الذين وصلوا إلى مقر الشركة، دلف إلى مكتبه، واستعد للبدء في مناكفة ندى من جديد..
وضع حقيبته الصغيرة الجلدية في مكتبه، ثم دلف إلى الخارج وتوجه ناحية مكتب ندى...
وجد مها تجلس على مكتبها في غرفة السكرتارية و توليه ظهرها، وتمسك بالمرآة وتضع أحمراً للشفاه على شفاهها.. فشعر بالحرج وتنحنح.. مما جعل مها تضطرب وتسقط المرآة الصغيرة من يدها و...
-يوسف بصوت خافت: آآآ... احم
-مها: هـــه.. آآآ...
انحنى يوسف للأسفل قليلاً ليمسك بالمرآة، ثم مد يده بها إلى مها لكي يعطيها لها، ابتسمت له مها في رقة و...
-يوسف: معلش، سوري اني جيت وخضيتك
-مها: آآآ... ولا يهمك..
-يوسف وهو يعطيها المرآة: اتفضلي
-مها: ميرسي.. حضرتلك كلك ذوق
-يوسف: شكراً، المهم هي المدام ندى جت؟
-مها باستغراب: مدام؟ الأستاذة ندى لسه متجوزتش أصلاً
-يوسف بدهشة: نعم؟.
اعتلت الدهشة ملامح يوسف خاصة بعد العبارة الأخيرة التي تلفظت بها مها، فكر مع نفسه قليلاً، وأدرك أن ندى لم تخبر أي احد إلى الآن أنهما كانا زوجين من قبل، هي تعامله كالغريب عنها..
لاحظت مها شرود يوسف، فتحدثت بنبرة أعلى نوعاً ما لتلفت انتباهه
-مها بنبرة عالية: مستر يوسف.. مستر يوســــف
-يوسف وقد انتبه لها:احم.. أنا.. آآآ.. انا معاكي.
-مها: أصلك سرحت فجأة كده
-يوسف: لأ عادي، كنت بفكر في كذا حاجة
-مها مبتسمة: تمام
-يوسف: المهم عشان معطلكيش عن اللي بتعمليه
-مها باحراج: لأ عادي.. انا مش ورايا حاجة
-يوسف: يعني.. عشان تبقي ع راحتك، هي الأستاذة ندى جت ولا لسه
-مها وهي تهز رأسها بالنفي: لأ
-يوسف: يعني لسه مجتش.
-مها: لأ هي أصلاً مش هاتيجي النهاردة
-يوسف باستغراب: مش هاتيجي؟ طب ليه؟
-مها: هي قالتلي كده النهاردة الصبح
-يوسف بقلق: هي تعبانة ولا حاجة؟
-مها: لأ عادي.. هي ساعات بتاخد اجازة مع نفسها تريح يومين ولا حاجة من الشغل
-يوسف: مممم...
-مها: ندى محدش يقدر يتنبيء بتصرفاتها، وخصوصاً في الفترة الأخيرة
-يوسف: لـ.. ليه؟.
-مها: مش عارفة، بس شكلها متغير من بعد أخر مرة رجعت فيها كايرو
-يوسف مدعياً الجهل: أهــا، يعني متغيرة للأحسن ولا لـ... آآآ
-مها مكملة: اظن ان في حاجة مضايقاها
-يوسف: طب هي مقالتلكيش ايه هي الحاجة دي
-مها: لأ للأسف.. هي معدتش بتحكي زي الأول
-يوسف: مممم...
-مها: ندى زي الكتاب المفتوح، كان الواحد بيعرف يقراها بسهولة، بس الوقتي صعب الواحد يعرف هي بتفكر في ايه
-يوسف: ع العموم شكراً، أنا بس كنت عاوز أناقش شوية حاجات معاها، لكن أما تيجي بعد كده نبقى نتكلم
-مها: اوك...
انصرف يوسف من المكتب والقلق قد بدأ يساوره بشأن ندى.. ولكن ليس باليد حيلة فهي حبيبته وعشيقته وسوف تظل إلى الأبد زوجته..
هو لا يريد أن يضغط على ندى اكثر بتواجده أمامها محاوطاً إياها، ولكن في نفس الوقت يريد أن يطمئن على أحوالها ويظل بقربها...
في شركة Two Brothers
كتب مروان إعلاناً جديداً عن سكرتيرة بمواصفات محددة، وتأكد تلك المرة من نشره للإعلان بنفسه حتى يضمن عدم التلاعب به مرة أخرى...
أدركت علياء أن الوقت أصبح ضيقاً ومحدوداً بالنسبة لها لكي تتصرف بطريقة او بأخرى.. عليها أن تحصل على المعلومات التي تخص الصفقة الجديدة، وإلا ستغضب مايا كثيراً منها...
فكرت علياء في حرفة قديمة كانت تمارسها من قبل، ألا وهي السرقة...
قررت أن تسرق الهاتف المحمول الخاص بمروان دون أن يدري بهذا، ومن خلاله تستطيع الدخول إلى الايميل الالكتروني الخاص به، وتطلع على أخر الرسائل الالكترونية وتحصل على المعلومات التي تريدها...
بدأت تفكر في كيفية اقتناص الفرصة لعمل هذا.. ثم تذكرت علياء أنه من عادة مروان أن يخرج كل يوم في ميعاد الاستراحة ويتوجه إلى كافيه قريب من الشركة ليتناول مشروبه المفضل هناك، لذا ستستغل تلك الفرصة في سرقة هاتفه...
وبالفعل بدأت في تنفيذ مخططها الدنيء، نهضت عن مكتبها ووقفت بالقرب من باب السكرتارية وأمكت بعدة ملفات في يدها، ووقفت تنتظر خروجه، فما هي إلا دقائق معدودة لكي يخرج...
حينما خرج مروان من مكتبه، نظر بعينيه إلى مكتب علياء، وحمد الله أنها ليست موجودة في وجهه، حتى لا تعكر مزاجه بهيئتها التي يبغضها..
لم ينتبه مروان إلى أنها كانت تقف بجوار الباب متحفزة ومستعدة، لمحته وهو يغلق هاتفه المحمول ويضعه في جيب سترته الأمامي.. فابتسمت ابتسامة شيطانية.. لقد سهل لها المهمة كثيراً...
كان مروان ينظر إلى جواره حينما اصطدمت به علياء عن عمد.. احتقن وجه مروان من فعلتها تلك، حيث تعمدت أن تلقي بثقل جسدها عليه، ليضطر اسفاً أن يسندها من مرفقيها حتى لا تسقط أسفل عليه، ويبعدها عن الالتصاق بجسده، وبكل خفة ومهارة استطاعت أن تسرق هاتفه دون أن يشعر، وخاصة انه كان منزعجاً من وضعهما سوا..
-مروان بحنق: خدي بالك يا آنسة، مش كل مرة هافضل أسندك
-علياء بدلع:سوري يا مروان بيه، حضرتك اللي خبطت فيا مش أنا
-مروان بوجه ممتعض: لا والله، طب حاسبي.
أخفت علياء الهاتف المحمول في الأوراق التي كانت تحملها.. ولم يلاحظ مروان هذا، ودلف خارج المكتب سريعاً وهو يزفر في ضيق...
ابتسمت علياء لأن خططتها نجحت، وأخرجت الهاتف المحمول من بين الأوراق، وظلت تعبث به لكي تحاول فتحه، ولكن للأسف كان الهاتف مغلقاً برقماً سرياً فلم تستطع أن تعرف ما بداخله..
زفرت في ضيق و...
-علياء: اوووف، طب أنا هاعرف اللي جواه إزاي؟ لازم أوديه لحد بيفهم في فك الأرقام دي.!.
في منزل مروان بالتجمع الخامس
استغل مروان فرصة الاستراحة، وعدم وجود شيء هام بالشركة لكي يفعله، وتوجه إلى منزله...
كانت نيرة على وشك الانتهاء من كل شيء في المطبخ..
دلف مروان إلى داخل الشقة، ووجد نيرة تعمل يالمطبخ، ابتسم لأنها بالفعل استطاعت أن تزيل تلك الكارثة وتمحو أثارها..
-مروان مبتسماً: لأ فعلاً.. هايل يا نيرة
-نيرة والتعب بادياً عليها: اوووووف...
-مروان وهو يشير بيده: بس آآآ... في حاجة ناقصة
-نيرة: حاجة ايه تاني؟ ده أنا مخلتش حتة فيه إلا ما خليتها بتبرق
-مروان وهو يشير برأسه: بس نسيتي تنضفي الشفاط..!.
نظرت نيرة إلى حيث أشار مروان برأسه، ووجدت أن مروحة المطبخ الخاصة بإزاحة الراوئح وغيرها منه ليست نظيفة..
-نيرة بنظرات جاحظة: لألألأ
-مروان: يالا خلصي ده
-نيرة: حرام عليك، معنتش قادرة والله
-مروان: والله دي شغلك، مش شغلي
- نيرة: اووف
-مروان: أنا هادخل أخد شاور وأغير هدومي تكوني خلصتيه.
دلف مروان خارج المطبخ، وتوجه إلى غرفة النوم، بينما انحنت نيرة للأسفل متزمرة من الوضع برمته، هي مجهدة منذ الصباح الباكر، ومروان لا يكف عن تكليفها بالكثير والكثير من الأعمال المنزلية..
سحبت نيرة مقعد خشبي صغير من أسفل الطاولة الصغيرة الموضوعة بالمطبخ، ثم وضعته أسفل رخامة المطبخ، ثم ثنت ركبتها وصعدت عليها، اعتدلت في وقفتها على المقعد الخشبي الصغير، ثم صعدت على الرخامة وانحنت لتحضر ادوات التنظيف وبدأت في العمل على تنظيف مروحة المطبخ (الشفاط)...
بدل مروان ملابسه بعد ان استحم، ثم بحث عن متعلقاته الشخصية وهاتفه المحمول الموضوع بجيب سترته، ولكن للأسف لم يجده، ظل يبحث عنه في كل حلته، ولكنه لم يجده أيضاً.. ألقى بالحلة في ضيق على الأرض، ثم وجه نظره ناحية باب الغرفة ووجه محتقن من الغضب و...
-مروان بضيق: اكيييييد نيرة خدته عشان تحرق في دمي، مش هاتبطل أبداً لعب العيال بتاعها ده... أعمل ايه بس فيها، أنا غلبت معاها...!.
ركض مروان ناحية المطبخ ووجهه قد بدأ يشتعل غضباً...
ثم دلف إلى نيرة وقد بدأ في الصراخ عالياً في وجهها، كانت هي مشغولة بتنظيف مروحة المطبخ، فانتفضت على أثر صراخه العالي، فسقطت منها المنشفة المبللة و...
-مروان بحدة: نيرة!
-نيرة بفزع: هــــاااااه
-مروان وهو يلوح بيده في الهواء بعصبية: مش هاتبطلي حركاتك الغبية دي
-نيرة بعدم فهم: حركات اييه؟ والله ما عملت حاجة
-مروان بحدة: فين الموبايل بتاعي يا نيرة
-نيرة: موبايل ايييه؟ أنا مشوفتش حاجة.
انفعل مروان على نيرة وظن أنها قد أخذت هاتفه عنوة لترد له ما يفعله معها، فتوجه إليها.. كانت نيرة تنظر إليه وهي واقفة أعلى الرخامة بنظرات استغراب، فمد يده ليمسكها من ذراعها، ثم جذبها بعنف إلى الأسفل، لتفقد نيرة توازنها وتسقط عليه، وتستند بكلتا يديها المتسختين على قميصه الجديد، فيزداد غضبا و...
-نيرة: آآآه
-مروان بغضب: ايييه ده؟.
اعتدلت نيرة في وقفتها، وابتعدت عن مروان الذي نظر غلى قميصه، واحتقنت عيناه أكثر و...
-مروان بحنق: شايفة عملتي ايييه؟
-نيرة: والله ما أقصد، ده انت انت.. اللي شدتني.
اضطر مروان أن يخلع قميصه لكي يبدله، فبدأ بفك الأزرار وهو يزفر في ضيق، ثم نظر إلى نيرة بنظرات غاضبة وبنبرة آمــرة...
-مروان وهو يزفر في ضيق: اوووووف، هاتي الموبايل
-نيرة بصوت خافت: مش معايا
-مروان بعصبية: يعني برضوه مصممة ماتجيبهوش
-نيرة: والله أنا ماخدت حاجة، أنا كنت بنضف الشفاط وآآآ...
قاطع مروان حديث نيرة بعد أن نفذ صبره و...
-مروان مقاطعاً: شوفي يا مدام، أنا نازل الشغل وعاوز أرجع ألاقي الموبايل موجود، ولو ملاقتهوش يبقى ماتلوميش إلا نفسك.. فاااااااهمة!.
لم تنطق نيرة وإنما أومأت برأسها في ايجاب، ودلف هو خارج المطبخ وهو في حالة مزاجية سيئة، ألقى بالقميص المتسخ على الأرض، ثم ارتدى قميصاً أخر، وسحب سترته على يده، ودلف خارج المنزل، وصفع الباب خلفه في قوة...!.
-نيرة: لا حول ولا قوة إلا بالله، موبايل ايه اللي هاخده منه، هو أنا فاضية أهرش حتى، أما أدور عليه هنا ولا هنا يمكن يكون وقع منه، ماهو مش هيطلع عليا جنان الشغل كمان، كفاية أوي هادة حيلي.
اضطرت نيرة أن تبحث عن هاتفه المحمول في كل أرجــاء المنزل، قلبت المنزل رأساً على عقب، ولكنها لم تجد أي شيء، بحثت في كل الأماكن التي من المتوقع أن يترك فيها مروان هاتفه، ولكن دون أي جدوى..
يأست نيرة من المحاولة، وفي النهاية تذكرت أنه ربما يكون ملعوباً جديداً من مروان كما فعل معها في الصباح، فاحتقنت غيظاً، وقررت أن تترك المنزل على وضعه هذا و...
-نيرة بأعين مغتاظة: يكونش ده ملعوب جديد منه، طب والله ما عاملة حاجة في البيت، وهاسيبه كده يضرب يقلب.. ماهو مش كل شوية يعمل فيا مقلب سخيف من بتوعه...!.
قررت نيرة أن تدلف للمرحاض لتغتسل، وتتزين وترتدي ملابس جميلة ومثيرة وألا تدع مروان يعكر مزاجها مرة أخرى..
كانت في حاجة إلى حمام دافيء ليزيح كل ذلك التوتر والآلم عن جسدها...
قضت فترة في المرحاض وهي غير عابئة بما يحدث للمنزل.. فهي قد أرهقت وتحتاج لأن تختلي بنفسها قليلاً...
في شركة Two Brothers
عاد مروان للشركة مرة أخرى، ظل يبحث عن هاتفه في المكتب وفي الأدراج، ربما يكون قد نسيه فيه، ولكنه كان متأكداً أنه وضعه في سترته، لذا احتمال أن تكون نيرة قد اخذته بدون علمه كبير..
جلس على مقعده الوثير، يزفر في يق، ويطرق بأصابعه على سطح المكتب..
فتح حاسوبه الشخصي، وأرسل رسالة الكترونية ليوسف، الذي هاتفه على هاتف الشركة و..
-يوسف هاتفيا: في ايه يا ماروو
-مروان بضيق: مش عارف أقولك ايه، نيرة خدت موبايلي وضيعته وعليه كل الشغل الجديد
-يوسف مبتسماً: يمكن بتهزر معاك، بتردلك شوية من اللي بتعمله فيها
-مروان بنبرة منزعجة: الهزار مش في الحاجات دي يا جوو
-يوسف: معلش، أما تروح أكيد هي هترجعهولك
-مروان وهو يزفر في ضيق: أوووف
-يوسف: ع العموم أنا هابعتلك نسخة من الـ data اللي عندي ع ايميلك، وانت اتأكد ان كل حاجة تمام.
-مروان: طيب.. معلش أنا مزهقك
-يوسف: يا سيدي ولا يهمك.. ما أنت عارف أنا في الشغل بحب أعمل كل حاجة بدقة
-مروان: وعشان كده أنا مطمن، المهم أخبارك انت وندى اييه؟
-يوسف: والله لا جديد، اديني بحاول معاها ع الهادي، وربنا ييسر
-مروان: ربنا يصلح حالكم
-يوسف: يا رب، هاقفل أنا بقى عشان عندي شغل ومش فاضيلك
-مروان: ماشي يا سيدي، الله معك
-يوسف: الله يخليك.. سلام.
أنهى مروان المكالمة مع صديقه يوسف، ثم عكف على انهاء بعض الأعمال الورقية أمامه...
حاول مروان قدر الامكان ألا ينفعل ويصب اهتمامه على العمل فقط حتى لا يؤثر هذا على علاقته مع نيرة...
في منزل مروان بالتجمع الخامس
تأنقت نيرة وجلست على الفراش وهي تحاول الاسترخاء والحصول على قسط من الراحة بعد كل هذا الارهـــاق..
كانت على وشك أن تغفو حينما سمعت صوت باب المنزل يفتح..
لم تكترث نيرة، وظلت ممددة على الفراش...
دلف مروان إلى المنزل ليتفاجيء بحالته المزرية و...!