رواية خطأ لا يمكن إصلاحه ( رفقا بالقوارير ) الجزء الثاني للكاتبة منال سالم الفصل الثامن والثلاثون
في صباح اليوم التالي
في مطار القاهرة الدولي
أوصل علي صديق عمره الأستاذ صلاح الدسوقي وعائلته إلى المطار، ودعه صلاح ووعده بالعودة قريباً و...
-صلاح: ان شاء الله أنا راجع، اطمن
-علي: اوعى تطول المرادي يا بوصلاح، هاجهز كل حاجة لحد ما ترجع
-صلاح: بأمر الله.
-علي: ماتقلقش، انت هترجع وهتلاقي الشركة جاهزة ع الافتتاح
-صلاح: ربنا يعينك، أنا مش عارف من غيرك كنت هاعمل ايه
-على: ده انت أخويا يا بوصلاح
-صلاح وهو يحتضنه: ربنا يخلينا لبعض ويديم المحبة بينا جميعاً...
قامت المذيعة الداخلية في المطار بالإعلان عن موعد وصول الطائرة الاماراتية المتوجهة إلى دبي، فنهضت فاطيما عن مقعدها الحديدي، وتوجهت إلى أبيها و...
-فاطيما: يالا يا بابا الطيارة معادها جه
-صلاح: حاضر يا بنتي، ماشي يا علي، أشوف وشك ع خير
-علي: تروح وترجع بالسلامة يا رب
-صلاح: بأمر الله... مع السلامة.
توجه صلاح مع عائلته إلى بوابة صعود الطائرة بعد أن أتموا باقي الاجراءات...
في دبي
في المشفى
وافق الطبيب على خروج ندى من المشفى، كانت هي تعدل من هندامها، حينما تفاجئت بيوسف يدخل عليها الغرفة مرة أخرى، تسمرت في مكانها، ونظرت إليه بقلق و..
-ندى بنبرة قلق: انت.. انت جاي ليه؟
-يوسف بجدية: نسيتي؟ مش أنا قايلك هاترجعي معايا بيتي
-ندى بتحدي: وأنا قولتلك لأ.
-يوسف بنبرة باردة: مش بمزاجك.. انتي مسئوليتي الوقتي وكمان اللي في بطنك
-ندى: لأ.. أنا مسئولة عن نفسي وعن اللي يخصني
-يوسف بتجاهل: انا مش هاخد وأدي معاكي كتير، لأنك كده كده هاتعملي اللي انا عاوزه، فمش هاضيع وقتي في كلام فاضي
-ندى بعناد: طب لو رفضت.
تحرك يوسف ناحية ندى، ثم وقف في مقابلها ونظر إليها بنظرات ثقة وجدية...
-يوسف بنبرة جادة: هاشيلك غصب عنك، وبرضوه هاتيجي معايا، ومحدش هيقدر يمنعني لأني هردك.. فأحسنلك تيجي معايا بالذوق، بدل ما هاتيجي معايا بالعافية..!.
خشيت ندى من أن يثير يوسف فضيحة في المشفى، ولن تستطيع هي وقتها التصدي له.. لذا أثرت الصمت، واضطرت أسفة أن ترضخ لطلبه...
-يوسف بلهجة آمرة: هنعدي ع بيتك الأول، تاخدي اللي عاوزاه، وبعد كده نطلع ع شقتي.. ماشي!
-ندى: آآآ...
-يوسف بحدة مكرراً: ماشي؟
-ندى وهي توميء برأسها في قلق: طيب...
في منزل مروان بالتجمع الخامس
رفض مروان إخبار نيرة بأمر سفر عائلتها حتى لا تحزن، وقرر أن يخبرها لاحقاً حينما يجدها مهيئة لذلك..
أعد لها صينية إفطار ( محترمة ) وغنية بكل الأطعمة المليئة بالفيتامينات والكالسيوم والمعادن المغذية..
دلف مروان إلى داخل غرفة النوم، والابتسامة تعلو شفتيه و..
-مروان مبتسماً: أحلى فطار لأم العيــال
-نيرة وهي تعتدل في جلستها على الفراش: ممم.. فطار بحاله، أنا مش أد الدلع ده كله
-مروان: عشان تعرفي مزايا انك تبقي حامل
-نيرة: والله، يعني أطلب أي حاجة هاتجيبهالي
-مروان: اه طبعاااا
-نيرة: مممم... طب أنا عاوزة أسافر معاك.
-مروان مدعياً الغباء: هــاه، آآآ... دوقي المربي دي، بيقولوا طعمها حلو دي فيتراك ( ماركة مربى )
-نيرة مكررة: بقولك عاوزة أسافر
-مروان: أه طبعاً، دي بالفراولة
-نيرة بضيق: انت هتعملي فيها هندي
-مروان مقلداً اللكنة الهندية: ناهيي محبوبة.. والفيل راكنه برا
-نيرة بصوت خافت: صعب الواحد يضحك عليك
-مروان بابتسامة عريضة: ييس...
في منزل ندى
وصل الاثنين إلى منزلها، أسرعت ندى في خطاها، فأمسكها يوسف من معصمها ونظر إليها نظرات محذرة و..
-يوسف بنبرة هادئة وهو يمسكها: بالراحة شوية.
نظرت ندى إليه بتوتر، فترك يدها و..
-ندى: آآ... طـ.. طيب.
أبطأت ندى في خطواتها قليلاً.. ثم أخرجت المفتاح من حقيبة يدها، وفتحت باب المنزل، ودلفت هي أولاً إلى داخله، ثم لحق هو بهــا...
دلفت ندى إلى غرفتها، وظلت تجمع بعضاً من ملابسها.. في حين وقف يوسف في المنزل يتأمل محتوياته..
لفت نظره مكتبة في أحد جوانب المنزل، اقترب منها رويداً رويداً، وتأمل الكتب الموضوعة بها، ثم علت الابتسامة وجهه وهو يتفقد معظمهم، حينما تذكر أنه يملك نفس تلك النسخ في فيلته حينما كان يجمعها بعد فراقه عن ندى، ومن اجل أن يقدمها لها هدية حينما يلتقيا سوياً مرة أخرى..
-يوسف في نفسه: سبحان الله، كأني كنت معاها بنشتري نفس الكتب، رغم اني مش غاوي قراية، بس ماتخيلتش اني أقدر أخمن ميول ندى في القراية.. مسيريك يا ندى قلبي لما نرجع سوا تشوفي هديتك، وان شاء الله هتعجبك.
انتهت ندى من اعداد حقيبة صغيرة، ودلفت خارج غرفتها، لمحها مروان بطرف عينيه، فوضع الكتاب الذي بيده على الرف في مكانه، ثم أسرع ناحيتها، وانحنى بجسده قليلاً لكي يحمل منها الحقيبة و..
-ندى بصوت خافت: أنا خلاص جهزت
-يوسف وهو يتجه ناحيتها: هاتي الشنطة
-ندى: لأ أنا.. آآآ..
-يوسف وقد مد يده ليأخذها: هي كلمة واحدة.. ويالا.
سار يوسف أولاً، ثم لحقت به ندى، وأوصدت باب المنزل بعد أن دلفا خارجه..
وضع يوسف الحقيبة في صندوق السيارة، ثم اتجه إلى الباب الأمامي لسيارته، وأمسك بالمقبض وفتحه لندى، ووقف ينتظر بجواره..
ترددت ندى قليلاً، ولكن ليس أمامها أي خيار أخرى سوى طاعته، وإلا لن تسلم منه، وخاصة انها مرهقة، وتعبة، ولا تقوْ على شيء حالياً...
اقتربت ندى منه، وارتبكت حينما وجدته مازال واقفاً بجوار الباب ينتظرها..
حاولت ندى ألا تنظر إليه، ونظرت أسفل قدميها، ثم أمالت برأسها قليلاً لكي تدخل السيارة، ولكنها تعثرت في خطوتها، وكادت أن تسقط، ولكن كانت ذراع يوسف الأسرع إليها، فأمسكها من خصرها وأسندها ناحيته، فمالت هي بجسدها عليه، واستندت هي بساعديها على صدره..
نظر يوسف إلى عينيها مباشرة بنظرات تحمل حب واشتياق، بادلته هي تلك النظرات، ولكن امتزجت معه الشعور بالخوف..
شعر يوسف بتوترها، وبأنفاسها المضطربة.. فأحطاها بذراعه الأخر وضمها أكثر إليه، ثم انحنى برأسه عليها واقترب من شفتيها ببطء، ثم طبع قبلة اشتياق عليهما...
دبت القشعريرة في أوصالها.. كم هي تشتاقه، ولكن ما فعله بها يرعبها..
حاولت ندى أن تبتعد عنه، وتتحرر منه، فشعر هو بها، فتوقف عما يفعل، وأرخى ذراعيه عنها و..
-يوسف: احم... اتفضلي
أطرقت ندى رأسها في خجل، وحمرة الخجل تعلو وجنتيها.. ثم جلست في المقعد الأمامي، فأغلق يوسف الباب خلفها وابتسامة صافية تعلو ثغره، ثم توجه إلى مقعده خلف عجلة القيادة،وقاد السيارة نحو منزله...
في فيلا مايا شاكر
في مكتب والدها شاكر بيك بالفيلا
كانت مايا تتجادل مع والدها شاكر بيك بشأن انتقامها من مروان ويوسف.. كانت تتحدث مع بلهجة حادة غاضبة، حاول هو أن يثنيها عما تفعل و...
-شاكر وهو يزفر دخان سيجاره الفاخر: مايا يا ريت تبطلي اللي بتعمليه ده
-مايا بنبرة حادة: لأ يا دادي مش هاهدى ولا هارتاح إلا لما انتقم منهم..
-شاكر: ما انتي بقالك أد كده بتحاولي معاهم ومعرفتيش
-مايا: الدور ده هاعرف إزاي أردلهم اللي عملوه فيا، أنا منسيتش القلم اللي خدته منهم هما الاثنين بسبب الزفتة اللي يوسف كان ماشي معاها
-شاكر: ده كان من سنين يا مايا، وانا ربيتلك عيلة البت دي
-مايا: مش كفاية، هما لسه مخدتش حقي منهم
-شاكر: خلاص بقى.. وبعدين انتي شوفتي حياتك، وهما شافوا حياتهم.
-مايا: ويا ريتني اتهنيت بحياتي، ما وحيد الزفت طلع عيني
-شاكر: أل يعني رحمتيه، ده انتي خربتي بيته
-مايا: ما انت شايف يا دادي كان بيعاملني ازاي
-شاكر: والله هو كان كويس معاكي، بس انتي اللي مكنش عاجبك حالك معاه
-مايا: اوووف... خلاص يا دادي مافيش داعي للسيرة الزفت دي، وبعدين دي أخر حاجة هاطلبها منك.
-شاكر: انتي كل مرة بتقولي كده، وبرضوه مش بترتاحي
-مايا: مغلولة منهم
-شاكر: طيب.. انتي عاوزة ايه بالظبط
-مايا: عاوزة قلب مروان يتحرق على مراته، عاوزاه مايتهناش على ابنه اللي جاي
-شاكر: ممم...
-مايا: لازم تساعدني يا دادي في ده
-شاكر: لاحظي يا مايا ان العين بقت مفتحة عليا، ومعدتش ينفع أعمل أي حاجة تشبهني ولا تشوه صورتي قصاد الناس والمجتمع
-مايا: دادي، انت أكيد عارف ناس بتخلص الحاجات دي
-شاكر: هاشوووف...
-مايا: اوكي دادي، أنا هاروح النادي شوية، وبعد كده هاطلع على الـ Spa..
-شاكر: تمام، وانا شوية ونازل المكتب..
-مايا وهي تلوح بأصابعها: باي دادي.
توجهت مايا إلى باب الفيلا لكي تدلف خارجها، ولكنها تفاجئت بوجود شخص ما ينتظرها في الخارج، وعلى ملامحه الغضب..
إنه وحيد، زوجها السابق، الذي عمدت إلى تخريب كل شيء يخصه، أخذت منه كل شيء، وجعلته يعاني كثيراً.. ولم تكتفي بهذا بل جعلته عرضة للسجن في أي وقت.. نظرت إليه مايا برعب، ولكنها استجمعت رباطة جأشها و...
-مايا بصدمة: وحيد
-وحيد بتهكم: أهلا بالهانم خرابة البيوت العمرانة
-مايا بنبرة حادة: انت ايه اللي جابك هنا؟
-وحيد: جاي أخلص منك القديم والجديد
-مايا: قصدك ايه؟
-وحيد: خربتي بيتي، ودمرتي حياتي، كان يوم اسود يوم ما عرفتك واتجوزتك، منك لله يا شيخة، ضيعتي كل حاجة عملتها
-مايا بنظرات استعلاء: والله انت كان لازم تعرف من الأول انت مناسب عيلة مين، ومستوانا ايه
-وحيد: لأ فعلاً، كان لازم أعرف كويس أنا مناسب مين
-مايا وهي تدفعه بيدها: طب أوعى بقى من سكتي
-وحيد:.
أمسك وحيد مايا من ذراعها بعنف ثم دفعها لداخل الفيلا بقوة و..
-وحيد وهو يدفعها: مش هامشي قبل ما أخد حقي.
ارتعدت مايا من نظرات وحيد المخيفة لها و..
-مايا بتوتر: قصدك ايه
-وحيد بنظرات مخيفة: عاوزاني أسيبك تمشي فتروحي تخروب بيوت ناس تانية
-مايا بقلق: أوعى.. انت مجنون.
أخرج وحيد مسدساً كان قد أخفاه في جيبه، ثم وجهه ناحية وجهها، وما إن رأته مايا حتى شهقت في رعب و...
-مايا بنبرة خائفة: انت... انت بتعمل ايه؟
-وحيد: أنا هاخلص الناس من شرك
-مايا: وحيد.. آآآ.. اعقل..
-وحيد: انتي اللي زيك مش لازم يعيش، لازم أريح الناس منك ومن بلاويكي السودة.
حاولت مايا أن تهرب من أمامه، فأدارت ظهرها له، وركضت ناحية الدرج، ولكن كان هو الأسرع في الضغط على الزناد.. فانطلقت منه رصاصة سريعة وقاتلة.. أردتها قتيلة على الفور، ثم وضع المسدس بجوار رأسه، واطنلق الزناد ليسقط هو الأخر على الأرض فاقداً لحياته...!.
انتفض شاكر على أثر صوت الطلقات من مكانه، وتوجه خارج مكتبه مسرعاً ليتفاجيء بما حدث ابنته مايا، ألقى السيجارة من يده، اكتسى وجهه بملامح الرعب، والخوف الشديد الرعب، فركض ناحية ابنته، جثى على ركبتيه، أمسك بكف يدها، صرخ في وجهها، ولكن كانت الأعين جاحظة، الدماء تغرق الأرضية.. نظر في رعب لها و..
-شاكر بنظرات رعب: ماياااااااااا... بنتي؟ ردي عليا؟ مايا!.
التفت ببصره إلى الخلف، ليجد طليقها السابق راقداً هو الأخر على الأرض غارقاً في دمائه المنبعثة من رأسه...
صدم وتقزز من ذاك المشهد المرعب، أضطرب، لم يعرف ماذا يفعل..
ظل يصرخ في رعب كي ينجده أحد.. تجمع الخدم حوله.. وقفوا مصدومين، مشدوهين، لم يتحرك أحدهم.. فقط يراقب الجميع المشهد.. فقد كانت مايا تستحق أكثر من هذا.. فالكل يعلم ما فعلته بغيرها وكيف تسببت في تدمير حياة وأرواح الكثيرين، واخرهم زوجها...!