رواية خطأ لا يمكن إصلاحه ( رفقا بالقوارير ) الجزء الأول للكاتبة منال سالم الفصل التاسع والثلاثون
عند الحافلة
بدأ الجميع في التجمع بجوار الحافلات، صعدت ندى إلى الحافلة مبكراً وقررت أن تبدل مكانها مع احدى السيدات الجالسات في الخلف بعد أن أقنعتها، وذلك لتتجنب الجلوس على مقربة من يوسف..
بلى لقد عقدت العزم على الابتعاد نهائياً عنه وعن غيره وتتحمل هي عواقب ما حدث بمفردها...
وقف يوسف بين الحاضرين، وظل يبحث بعينيه عن عن ندى بين الواقفين، ولكن للأسف لم تكن متواجدة، أدار رأسها للناحية الأخرى فلمحها تجلس في الخلف من نافذة الحافلة، وما إن رأته ندى حتى أنزلت الستائر لتخفي وجهها عنه، احتار يوسف في كيفية التصرف مع ندى، هي لم تترك له الفرصة ليعبر لها عما يشعر به، ومجيء مايا بتلك الطريقة وإهانتها العلنية لندى أفسدت عليه أي فرصة للتقريب بينهما...
-يوسف في نفسه: ليه بتعملي كده يا ندى؟ ليه كل ما أحاول أقرب منك بتبعدي؟ أنا.. أنا مش عارف أعمل ايه معاكي؟ ومايا دي اللي جت وبوظت كل حاجة بغبائها، هي مفكرة لما هتعمل كده أنا هاغير فكرتي عن دنى، استحالة.. ندى دي بنت غير أي بنت، وأنا عمري ما هاسيبها...
اعتقدت ندى أن نيرة قد عادت من جولتها على الشاطيء وجالسة في المقعد الأمامي، وجاء ظنها هذا لأنها رأت فاطيما تتحدث عن نيرة، وتنظر للأمام.. فاعتقدت أنها تخاطبها، وبالتالي لم تعر للأمر أي اهتمام، واكتفت بارجاع ظهرها للخلف، وأغمضت عينيها لتخفي آلامها...
في القارب
زاد مروان من حدة اهتزاز القارب، مما دفع نيرة للاستسلام والرضوخ لطلبه الأهم خوفاً على حياتها و..
-نيرة مستسلمة بصوت حاد: خلااااااص موافقة..!
-مروان: موافقة ع ايه؟
-نيرة بتردد: ع... ع.. اني أتـ... اتجوزك
-مروان بعدم تصديق: بجد؟
-نيرة: اه.. وكفاية هز بقى لأحسن خلاص هارجع
-مروان: ماشي هابطل بس عشان انتي بتسمعي الكلام.
رفعت نيرة يديها المقيدتين في وجه مروان لتطلب منه أن يحررها.. وبالفعل فعل هذا
-نيرة برجاء: ممكن بقى تفك ايدي؟
-مروان: طيب.. هاتي ايدك
-نيرة: اتفضل.
حل مروان وثاق نيرة،والتي ظلت تفرك رسغيها من الآلم..
-مروان: ها ايدك بتوجعك
-نيرة وهي تنظر له بتوعد: أهــا.
اعتدلت نيرة في جلستها، ولكنها كانت تفكر في الانتقام من مروان لما فعله معاها..
-مروان: انا هارجعك تاني للشط، بس فكري مرة تانية تعارضني وأنا هفاجئك!
-نيرة وهي تشيح بوجهها عنه وتنظر لمياه البحر: ان شاء الله.
عاد مروان بالقارب إلى الشاطيء مرة أخرى، ولكنه تركه بالمياه ولم يدفعه للرمال، ثم طلب من نيرة أن تنهض لكي يحملها للشاطيء حتى لا تبتل ملابسها.. كانت نيرة معترضة في البداية ولكنها وافقت لاحقاً و..
-مروان ممدداً ذراعيه: يا بنتي تعالي، ولا عاوزة هدومك تتبل وتمشي كده قصاد الناس
-نيرة: لأ أنا عاوزة أتبل
-مروان: بس أنا مش عاوز جسمك يبان لحد تاني غيري، أنا راجل وبغير ع مراتي أوي!.
اكتسى وجه نيرة بحمرة الخجل نتيجة توترها، حاولت أن تبدو طبيعية، ولكن
-مروان مبتسماً: أموت أنا في الأحمر لما ينور الوش الأبيض
-نيرة بخجل: هه
-مروان باصرار: ماهو انتي يا هتيجي بالذوق، يا أنا هاشيلك بالعافية! فاختاري!
-نيرة: احم.. آآآ... ماشي.
اقتربت نيرة من مقدمة القارب، وأسندت إحدى قدميها على حافته، ثم مدت يديها لتستند على مروان، ولكنه وضع احدى ذراعيه خلف ظهرها، والأخرى أسفل ركبتيها، ثم حملها بخفة واتجه بها نحو الشاطيء و..
-مروان ضاحكاً: بس تصدقي انتي بقيتي خفيفة
-نيرة والتوتر يعتري كل ذرة في جسدها: مـا.. مـا...
-مروان وهو ينظر لها بتمعن: خلاص متمأمأيش.. احنا وصلنا
-نيرة وهي تحملق فيه: اهــا.
أنزل مروان نيرة بهدوء، ورغم أنها وقفت على قدميها إلا أنه ظل واضعاً يده حول خصرها مقرباً اياها إليه، وكأنه يعلن بهذه الطريقة الغير مباشرة رفضه لابتعادها عنه...
كانت تلك هي المرة الأولى التي يرى فيها مروان عيني نيرة عن قرب، فرغم خلافاتهم المستمرة، إلا أنه ولأول مرة يدقق النظر فيها وهو حاملاً اياها.. وكذلك كان الحال معها فهي لم تره من قبل عن قرب.. شعور غريب اجتاح كلاً منهما وهما ينظران لبعضهما البعض..
-مروان متغزلاً فيها: عينيكي مالهومش حل
-نيرة وقد أخفضت بصرها: هااه.. احم...
تحررت نيرة بصعوبة من ذراع مروان المحيطة به، هي باتت تعلم أنها على وشك الانهيار أمامه، رغم محاولتها أن تبدو متماسكة أمامه.. ظلت نيرة تقاوم تلك الأفكار الغريبة التى تجتاح عقلها، وتحاول فقط أن تركز في الانتقام منه..
أعاد مروان القارب للعم غريب وشكره على الوقوف بجانبه، كانت نيرة تراقب مروان عن كثب، هي تحاول أن توهمه أنها مازالت قوية أمامه، لم تستطع كلماته أن تقتحم قلبها، أو تحرك مشاعرها بعنف.. ولذا قررت أن تركز –على قدر ما تستطيع- من اجل ايجاد الفرصة المناسبة للانقضاض عليه...
-نيرة في نفسها: أنا.. انا ايه اللي بفكر فيه ده، لأ.. لازم أبان قدامه مش سهلة، أيوه.. ايوه، أنا آآ...
رن هاتف مروان، مما جعل نيرة تنتبه، نظر مروان في شاشة هاتفه ووجد أن المتصل هو يوسف والذي أبلغه بضرورة العودة و...
-يوسف هاتفياً: انت فين يا بني؟
-مروان هاتفياً: أنا في مشوار كده
-يوسف متسائلاً: انت معاك نيرة؟
-مروان وهو ينظر إليها: أها.. معايا
-يوسف: طب احنا خلاص كاملين ومش ناقص إلا أنتو
-مروان: انتو رايحين فين الوقتي؟
-يوسف: طالعين ع المعمورة
-مروان: طب تمام.. اسبقوني وأنا هاحصلكم
-يوسف: تمام، خد بالك منها
-مروان: اوك.. متقلقش
-يوسف محذراً: مروان احنا مش عاوزين مشاكل
-مروان ناظراً لنيرة بثقة: عيب عليك.. انت بتتكلم مع مروان، يعني سيد الرجالة كلهم..!.
-نيرة هامسة وباستخفاف: اه واضح.. راجل بيتشطر ع بنت!.
-يوسف: ماشي يا سيدي، سلام
-مروان: سلام.
أنهى مروان المكالمة مع يوسف وهو يصفر صافرات تدل على فرحة الانتصار مما جعل نيرة تشتعل غيظاً من تصرفاته...
وبينما كان على وشك إعادة هاتفه المحمول مرة أخرى لجيبه، إذ به يتفاجيء بنيرة تهجم عليه كالنمر المفترس، فارتد للخلف وسقط على ظهره جاذباً اياها من خصرها لتسقط فوقه، ارتفعت قليلاً عنه ثم بدأت نيرة في ضربه بكلتا يديها بكل حدة على صدره ووجهه، حاول مروان أن يتفادى ضرباتها المتلاحقة، فرفع ذراعه أمام وجهه و...
-نيرة وهي تقفز فوقه: هااااااااه
-مروان بخضة: ايييه في ايييييه؟
-نيرة وهي تضربه: خـــد.. بتستقوى عليا
-مروان وهو يحاول تفاديها: يا.. آآآه... يا بنتي.. آآه.. اصبري بس
-نيرة وهي مستمرة في ضربه: والله ما سيباك
-مروان مبتسماً بعفوية: وأنا مش عاوزك تسيبني.. أنا عاوزك تمسكي فيا بايدك واسنانك.. لأني آآآ... آآ...
ألجمت كلمات مروان لسان نيرة وجعلتها تتوقف للحظات، فاستغل هو ردة فعلها تلك وامسك بيديها ودفعها للخلف قليلاً، ولأنه كان يتمتع بالقوة الجسمانية واللياقة البدنية العالية، استطاع بمهارة أن يقلب نيرة ويدور بها، ويجعلها ترقد أسفله، ثم ثبت كلتا يديها بقبضتي يده على الرمال و...
-نيرة: لألألأ..
-مروان بكل ثقة: قولتلك انتي مش أدي ومصدقتنيش
-نيرة مقاومة اياه: اوعــى.. سيبني
-مروان: لأ...
ظلت نيرة تتلوى من أسفله محاولة أن تحرر يديها منه، ولكنه كان يمنعها بكل سهولة، استسلمت نيرة ولم تعد تقوى على مقاومته و...
-نيرة: انت عاوز ايه الوقتي
-مروان: أنا مش عاوز حاجة إلا انتي!
-نيرة: وأنا مش عاوزاك
-مروان: والوعد اللي قولتيه من شوية؟
-نيرة: اووف.. ده كان عشان أخلص منك
-مروان بابتسامة تحدي: ممم.. بقى كده، طيب أنا عاوز أقولك يا حلوة ان الباص مشى و انتي مش هتخلصي مني
-نيرة بصدمة: اييييه؟ مشى؟ طب ازاي؟
-مروان: وريني بقى ازاي هتتصرفي.
ترك مروان يدي نيرة، ثم نهض عنها ووقف لينفض نفسه من الرمال وهو ينظر لنيرة بنظرات تحدي وثقة.. أسندت نيرة ذراعيها على الرمال لكي تنهض بمفردها، ولكن مد مروان يده لها لكي يساعدها على النهوض ولكنها رفضت ونهضت بنفسها..
-مروان: هاتي ايدك
-نيرة: لأ
-مروان: انتي كل حاجة عندك لأ وخلاص؟
-نيرة: ملكش دعوة.
سمع مروان صوتاً رجالياً يأتي من الخلف متغزلاً في نيرة، مما جعله يستدير في غضب و..
-شخص ما: الحلو عاوز مساعدة، احنا في الخدمة
-مروان وهو يدير رأسه: نـــعم!
-شخص ما: أنا أحب اساعد المزز الأوزز اللي زيك
-مروان وقد انقض عليه: انت مش عاجبك الراجل اللي واقف معاها.. خد
طااااااخ.. بووووم.
لم يترك مروان لهذا الرجل الغريب الفرصة لكي يتلفظ بألفاظ اخرى، فقد هجم عليه وكال له من اللكمات ما جعله يندم على التعرض لنيرة...
وقفت نيرة مشدوهة بما بحدث، غير مصدقة لما تراه عيناها، أدركت للتو أن هناك فرقاً كبيراً بين رجل كمروان، وأشباه رجال كعلاء..
فر الرجل هارباً بعد أن تلقى ما يستحقه من مروان الذي كان يلهث بعصبية مسنداً يديه على ركبتيه.. ظلت نيرة متسمرة في مكانها تنتظر ردة فعله تجاهها...
في أحد البيوت المشبوهة
كان علاء بصحبة الفتاة التي قابلها في الصباح، كان يجلس على فراش رديء في حجرة شبه وضيعة يفكر في حاله، أشعل سيجارة كانت موضوعة على الكومود المجاور، وظل ينفث دخانها في ضيق و..
-علاء في نفسه: أوووف.. برضوه طلعت متنيل على عيني.. لا زفت نافع معايا، ولا نيلة جايبة نتيجة، اوووووف!
..وبينما كان علاء يُرثي حاله، إذ بالفتاة تدخل عليه في مياعة وتنظر لها نظرات تحمل من السخرية والاستهزاء ما أثار حنقه، ولكنها زادت الطين بلة حينما تحدث بــ...
-الفتاة: اييييه، هتفضل تبصلي كده كتير
-علاء وهو يشيح بوجهه: اعوذو بالله منك
-الفتاة: الظاهر ان ده تمامك.. تبص وبسسس!
-علاء: ايييه، حصل ايه يعني؟ أنا مرهق شوية، وبعدين انا بدفعلك فلوس عشان تكيفيني
-الفتاة ساخرة وهي تشير بيدها بايحاءات بذيئة: وأنا يا ادلعدي عملت ايه غير كده، عمالة أقول هيه يمكن يجيب معاك نتيجة لما أعمل كده، ولا أهبب كده، بس يا حسرة مشوفتش حاجة خالص، وعلى رأي المثل ايش ياخد الريح من البلاط.
جن جنون علاء حينما سمع ما قالته تلك الساقطة، فانقض عليها وظل ينهال بالصفعات واللكمات على وجهها
-علاء بجنون: انتي اتجننتي، بقى حتت واحدة وسـ** بنت *** زيك تتكلم كده
طاااااخ.. طراااااخ
-الفتاة متآلمة ومستغيثة: آآآآآآه... آآآآه.. سيبني.. آآآآه، الحقووووني.
تخيل علاء أن تلك الساقطة هي ندى، وأنها تستهزأ به، فزاد هذا من ثورته وهياجه العصبي، وظل يعتدي بالضرب على الفتاة
-علاء والغضب يعتريه: أنا هوريكي يا ندى، انا هولع فيكي...!
-الفتاة صارخة: عااا... آآآآآآآآآآآه.. الحقوووني.
طاااااخ... طراااااااااااخ.
دلف أحد الأشخاص ذوي الأجساد الضخمة إلى الغرفة مسرعاً لتخليص الفتاة من براثن علاء، ثم أخرجه من الغرفة و..
-شخص ما: تعالى معايا يا بيه
-علاء: سيبني أموتها بنت الـ..*** دي
-شخص ما: اهدى يا باشا، محصلش حاجة لكل ده
-علاء: ده أنا هحرقها بجاز و**.
حاول (البودي جارد ) تهدئة علاء الذي كان مستشاطاً، وادخله غرفة أخرى، فجلس على أحد المقاعد القديمة وظل يسب ويلعن، وتوعد بالانتقام و..
-علاء بنظرات نارية: قسماً بالله ما هعدي اللي حصل ده يا ندى، انتي السبب، انا كنت كويس، بس انتي السبب.. انتي اللي خلتيني أروح مع البت دي وافضح نفسي.. أنا مش هاسيبك.. مش هاسيبك...!