رواية حياة مطلقة الجزء الأول للكاتبة سارة رجب حلمي الفصل الثامن
فى عيادة الدكتور.
شريف: اتفضل يادكتور نتيجة التحاليل اهيه.
خدهم منه الدكتور وبص فيهم، لقى ان نادين فعلآ جابت تحاليل مضروبة زى ماقالتله، بصلها بإحتقار، وبيحتقر نفسه برضو انه وافق على اللعبة دى مالأول.
شريف: ها يادكتور خير، هو فى حاجة ولا إيه حضرتك ساكت بقالك كتير.
الدكتور: ايوا للأسف فيه.
نادين بصتله وهى مترقبة اللى هيقوله، وخايفة يكون راجع نفسه وقرر مايعملش بالإتفاق، بس خدت نفسها بعمق وإرتياح لما اتكلم.
الدكتور: حضرتك عندك مشكلة تمنعك من الخلفة يا أستاذ شريف.
قام شريف بعصبية: ايه اللى انت بتقوله ده ! انت اتجننت !
الدكتور: اهدى شوية يا استاذ شريف، التحاليل اللى فى ايدى بتقول كده.
شريف: بتقول ايه، اتكلم التحاليل فيها ايه ؟
الدكتور: فيها ان حضرتك عندك عقم.
وقع شريف عالكرسي، وهو ساكت، مكسور، حزين، مش شايف قدامه من الدموع اللى بتنزل من عينيه من غير مايحس بنزولها.
نادين: اهدى ياشريف، لو سمحت.
زقها شريف، وخرج من العيادة، ركب عربيته وهو مش واعى بيعمل ايه، الصدمة كانت كبيرة جدآ عليه، فضل سايق ومش عارف هيروح فين، عايز يبعد عن كل الناس، عايز يحضن أبوه، أمه، حياة، محتاج لحضن حياة اوى فى وقت زى ده.
شريف بصريخ: ازاى بقالى سنين بعيد عنك وانا لسه بشوفك فى كل مكان
ضرب دركسيون العربية بقوة.
شريف: إطلعى من حياتى بقى يا.. يا حياتى، ليه دايمآ مصيبة بعدك أكبر مصيبة، وليه لما اعرف انى مبخلفش تبقى انتى اول واحدة عايزها جنبى ومحتاجها، انتى أوحش من انى افكر كده، ايوا وحشة، ولو كنتى بتحبينى فعلآ،كان هيبقى اهونلك تعيشى فى ذل خالتك ولا إنك تتجوزى غيرى، واييييييييه يعنى سيبتك شوية، بس كنت راااااااجع، إستعجلتى ليييييه، أروح لمين انا دلوقتى يطبطب عليا فى جرح زى ده..
اروح لمين يهون عذابى ووجعى وطعنى فى رجولتى، ايوا اللى مابيخلفش مابيبقاش راجل فى نظر كل الناس، واول واحدة هتبقى مراتى، بس لو انتى معايا عمرك ماكنتى هتشوفينى ناقصنى حاجة، مش هتحسسينى ابدآ انى اقل من اى راجل، كنتى هتحاولى بكل قوتك تفهمينى ان النقص ده حاجة عادية، وممكن كمان كنتى تخليها ميزة، أيوا إنتى تقدرى على كده واكتر، انا عايزك معايا، ليه ابقى وحيد فالدنيا وابويا وامى يموتوا و الانسانة الوحيدة اللى بحبها تضيع مين، وكمان مابقاش بخلف، كل ده بيحصلى ليه؟ عشان معايا شوية فلوس ! تغووووور الفلوس انا مش عايزها، انا عايز حياة وعايز اخلف منها.
سكت شريف شوية وبدأ يستعيد هدوئة، مش لإنه حابب يهدا، لإنه فرض عليه يهدا، رجولته ماتسمحلوش بالإنهيار ده حتى لو كان لوحده.
شريف: استغفر الله العظيم، سامحنى يارب انا مش بعترض، غصب عنى ماصدقت لاقيت حاجة اخرج فيها مشاعرى.
طبطب على وشه بإيده ومسح على شعره، وعدل قعدته عالكرسي واتحرك بعربيته متجه للفيلا.
محصل الكهربا خبط على حياة، وفتحتله وخدت الفاتورة ودفعت المطلوب فيها، عدا واحد من سكان البيت فى الوقت اللى حياة كانت بتدفع فيه للراجل.
الجار: استغفر الله العظيم، توب علينا يارب من الاشكال اللى تجيب الفضايح دى.
حياة: حضرتك بتقول حاجة ؟
الجار: لا مابقولش خليكى ياختى فاللى بتعمليه.
حياة: انت بتكلمنى كده ليه ؟ ماتحترم نفسك.
الجار: مش لما تبقى تحترميها انتى الاول، واقفة عالباب مع راجل عينى عينك كده.
المحصل: هو حضرتك مش واخد بالك فعلآ انى محصل الكهربا ؟ ولا واخد بالك وحابب تعمل حوار ؟
الجار: وايه اللى يمنع يعنى لما تكون محصل كهربا، زيك زى البقال والسباك والكهربائى.
سابهم الجار وسط زهول رهيب وكبير من حياة اللى حاسة انها مش عارفة ترد على كلامه ولا قادرة تفهم ليه بيظلمها كده، وهو ميعرفهاش ولا تعرفه ولا شاف منها حاجة غلط.
المحصل: هو حضرتك مطلقة ؟
حياة: ايوا، بتسأل ليه ؟
المحصل: دلوقتى انا فهمت هو ليه اتصرف كده.
حياة: وده عاااادى، طالما مطلقة يبقى يتقال عنى كده وسباك وكهربائى وحسسنى انى عايشة فى بيت دع... رحمتك يااااارب، انا مش نقصاه، شكرآ لحضرتك واسفة عالموقف السخيف ده من واحد سخيف.
المحصل: محصلش حاجة انا اللى بعتذرلك والله، ولولا انى مش عايز اتضر فى اكل عيشى كنت علمتهولك الأدب.
حياة: شكرآ كتر خيرك.
بعدها بشوية راحت لأم أدم وهى حاسة ان فى نار بتحرق قلبها، بكل كلمة قالها جارها.
ام ادم: مالك ياحياة، شكلك مش طبيعى، الزفت طارق كلمك ؟
وكإن سؤال ام ادم داس على زرار الانهيار عند حياة، فضلت تبكى وتقول كلمات مش مفهومة فى وسط بكاها ومن كتر ألمها، اكتر من اى وقت عدا حست بالضعف فيه، وكإن كلام جارها كان القشة اللى قسمت ضهرها.
حياة: زفت طارق ولا زفت غيره كلهم كلاب مالهمش أمان، هفضل لحد امتى مجروحة من راجل ! هما مش عايزين يسيبونى فى حالى ليه ؟ هو مفيش غيرى فالدنيا يجرحوها، ولا ده طبع فيهم.
ام ادم: هو ايه اللى حصل ؟
حياة: واحد شافنى واقفة مع محصل الكهربا بدفعله الفاتورة، موقف عادى جدا، بيحصل فى اول الشهر ملايين المرات، بس لما حياة تعمل كده يبقى لازم نهينها ونوجعها ونتهمها باللى مش فيها ونشوف الموقف على ان فى حاجة مش كويسة بتحصل
ام ادم: كل اللى عملاه ده عشان كده!،انتى مطلقة ياحبببتى، يعنى اللى بتقوليه ده عادى انه يحصل واكتر.
حياة: انتى بيحصلك كده ؟
ام ادم: واكتر من كده بكتير، دانا كمان عايشة فى نفس شقتى وطبعآ ده خلانى اتصدم فى ناس كتير اوى.
هديت حياة لما سمعت المواقف اللى عاشتها ام ادم، وعرفت انها فعلآ ماعاشتش حاجة من اللى عاشته ام ادم بعد الطلاق.
شريف وصل البيت، لقى شنط كتير محطوطة جنب الباب.
شريف: شنط مين دى ؟
الشغالة: شنط نادين هانم.
طلع شريف أوضته جرى، لقاها بتلم فى كل حاجتها وبتحط فى شنط .
شريف وهو عرقان وعيونه مليانة حزن: بتعملى ايه يانادين ؟
نادين: كمان مابتشوفش !
شريف: يعنى ايه كمان، وليه مابشوفش انا اقصد لتلمي حاجتك ليه ؟
نادين: انا فعلآ مكنتش عايزة أخلف دلوقتى خالص، وكنت انا اكتر واحدة معترضة على التفكير فى الموضوع ده دلوقتى، بس ده مش معناه ابدآ انى مش عايزة اخلف خالص، او مستعدة اعيش مع واحد عقيم.
شريف بضعف: عقيم ؟، ليه كده يانادين.
نادين: مش دى الحقيقة ؟ولا انا بخترع كلام من نفسي !
شريف: بس احنا لسه متأكدناش.
نادين: إتأكد لوحدك، بعد اذنك.
خرجت نادين وسابته، الندم بيعصر قلبه على كل محاولة حاولها معاها عشان تفضل ومتسيبوش وتمشي، وفى عز وجعه حمد ربنا انه بينهاله على حقيقتها، وماتخدعش فيها اكتر من كده.
عدا اسبوع على وجع قلب شريف واحساسه بالإنكسار، ووجع قلب حياة وزعلها على فراق ولادها، وتفكيرها ياترى بيعاملوهم ازاى، كام مرة باتوا مضروبين، كام مرة باتوا من غير ماياكلوا، ياترى مكتوبلها تعيش معاهم تانى ولا لأ، قطع افكارها صوت المنبه، اتصدمت ان الصبح طلع وهى لسه صاحية عينيها ماداقتش النوم من كتر التفكير، قامت وجهزت نفسها وقررت ماتقعدش فى البيت ولا يوم، القعدة فى البيت بتقتل من التفكير، والاحسن ان هى اللى تقتل الوقت فى الشغل، دخلت قعدت على مكتبها بعدم حماس، وخنقة.
مفيش حاجة عايزة تعملها غير تحضن ولادها وتتكلم معاهم وتشوف ضحكتهم وتسمع كلامهم البريئ واقتراحاتهم اللى بتتفاجئ ساعات انها فعلآ تنفع تتعمل، قررت تتصل بالعامل عشان تطلب قهوة تظبط دماغها وتفوق وتبدأ شغل، رفعت راسها، عشان تبص ناحية التليفون، شافت حد واقف فى صمت، بصت عليه ولما شافته دمها نشف فى عروقها، الاتنين حسوا بصدمة ماتتوصفش ولا لسان يقدر يحكى عنها.
إحساسهم مختلط بين السعادة والدهشة وعدم التصديق، وقفت حياة وهى لسه فى مكانها تبصله بحيرة، مش مصدقة وجوده، بدأت دموعها تنزل لما شافت دموع شريف عاملة زى اللألئ فى عيونه العسلى ومخبياها، وبدأت اللألئ تنزل من عيونه وتغرق وشه وتقع على الأرض، كان مزهول جدآ وسعيد جدآ جدآ، طاير ومش قادر يصدق انها قدام عيونه، كانوا حاسيين ان الزمن وقف ليهم هما وبسسس، كل حاجة فى الدنيا اتجمدت ماعادا حركة عيونهم اللى كانت بتركز على كل تفصيلة من تفاصيلهم، عيونهم اللى كانت جعانة جدآ لرؤية بعضهم.
فاق شريف من الموقف ده بإعجوبة، ولقى نفسه ماشي على مكتبه ومن غير مايتكلم مع حياة ولا كلمة واحدة.
طلعت حياة من مكتبها وراحت لأم ادم تدور.
ام ادم: ايه ده انتى معيطة ليه، وازاى خرجتى من مكتبك كده ؟
حياة: فى واحد شغال هنا اسمه شريف ؟
ام ادم: تقصدى مين ؟ شريف منتصر ؟
حياة: ايوا، بيشتغل هنا إيه ومن امتى ؟
ام ادم: بيشتغل هنا ايه ! ده هو اللى مشغلنا وفاتح بيتى وبيتك، بقالك 4 شهور شغالة هنا ومتعرفيش ؟
حياة بصدمة كبيرة: بقبض منه بقالى 4 شهور ! بقالى 4 شهور قريبة منه اوى كده ومعرفش.
ام ادم: هو انتى تعرفي شريف منتصر معرفة شخصية ؟