رواية حب افتراضي بقلم دعاء الفيومي الفصل الخامس عشر
استيقظ بعد فترة نوم لم يشعر براحة هكذا منذ زمن، حاله مثل حالها فهى تستلقي بجواره ورغم استغراقها في النوم الا ان شفتيها مبتسمة، مد يده بهدوء وأزال خصلة من شعرها الأسود متمردة وتنساب على وجهها، ثم قبلها قبلة هادئة؛ كي لا يوقظها، وأسرع لتجهيز نفسه للذهاب للعمل، بحث عن هاتفه فلم يجده فتذكر أنه كان معه في غرفة والدته الليله الماضية، ومن شدة الصدمه باعترافها بالحقيقة، خرج من الغرفة مسرعاً، ولم يأخذه من على المنضدة الذي وضعه عليها عندما دلف ليتحدث معها.
أسرع بالخروج من غرفته متجهاً لغرفة والدته بخطى واسعة فهذا الهاتف به أسرار عمله، في طريقه اصتدم بملك التي كانت تخرج من غرفتها مسرعة هى الأخرى حتى لا تتأخر على الشركة.
تأوهت ملك بخفه إثر اصتدامها بسالم فوقف وأحاطها وهتف: معلهش حبيبتي كنت ماشي بسرعة مشوفتكيش جرالك حاجه؟
ابتسمت ملك وهى تبتعد عنه قليلاً وقالت: لا بسيطه بس مالك بتجري ليه إكده؟!
سالم بلهجه سريعة: مفيش نسيت التلفون إهنه (وأشار بيده نحو غرفة نوارة) ورايح اجيبه، بس انتي مبدرة ليه إكده مش لسة بكير على ميعاد الشركة؟!
ملك بجدية: ورايا شغل هخلصه بدري علشان أرجع بدري لعليا، بس في حاجه بتوحصل في الشركة، وبدر عارفها وحابه اقولك عليها ممكن دلوك؟
سالم: لا والله يا ملك مش فاضي دلوك بس أي مشكلة قوليها لبدر أو عمر المحامي وهما يتصرفوا لاني مشغول اليومين دول قوي.
هزت رأسها بتفهم وهتفت: طيب انا ماشية بقى علشان متأخرش، أه صوح عبير زينة؟
ابتسم سالم وهتف: زينة قوي قوي يا ملوكة.
فرحت ملك عندما استشعرت نبرة السعادة في حديث أخاها وهتفت: ربنا يهدي سركم يا خوي، عليا انا محبتش اقلقها ولما تفوق اكيد هتبقى مع عبير لعند ما ارجع من الشركة.
ودعته ورحلت واتجه هو مسرعاً نحو غرفة والدته، دق الباب فلم تأذن له فتوقع انها استيقظت، وهبطت للأسفل، دلف الغرفة، وبالفعل لم يجدها اقترب من المنضده وأمسك هاتفه، وجد رسالة من حامد قام بفتحها مسرعاً، وصدم من محتواها.
أيعقل أن النفوس تشترى بهذه السهولة، حتى خادمتهم منذ زمن، باعت نفسها للنقود وتعمل جاسوسة ضد من وقفوا بجانبها وعاملوها كفرد منهم، أسرع خارجاً من الغرفة ينادي عليها بصوت مرتفع فلم تجبه.
نوارة بفزع: مالك يا ولدي بتنادم على المخفيه ليه إكده، هى من وقت ما خرجت امبارح مرجعتش معرفاش راحت فين، وكنت لسه هقولك، بس انت سبقت.
توجه سالم بخطى سريعة نحو غرفته، ولم يرد على كلام والدته المتعجبه مما يحدث، وجد عبير استيقظت إثر سماع صوته بالخارج.
توجه لخزانة الملابس دون كلام فعقله حالياً يكاد يجن من شدة القلق، وضميره يؤنبه على تقصيره فالرسالة مبعوثة له منذ أمس.
راقبته عبير بهدوء وهو يرتدي ملابسه الرسمية مسرعاً، ووقفت تساعده دون تعليق فهى تعرف عندما يكون في هذه الحاله انه يفكر في عمله ولا يريد أحد أن يتدخل.
عبير بهدوء: اجهزلك فطور سريع إكده قبل ما تخرج؟
سالم بنبرة سريعة: لا معلش اني متأخر هبقي اكلمك.
ودعها وخرج من المنزل بأكمله مسرعاً، وهى تتابعه من الشرفة وقلبها يدعوا له بصلاح الحال عندما استقل سيارته وردته مكالمه من أحد الظباط تحت قيادته.
أجاب مسرعاً، وتعجب مما سمع من الطرف الثاني فهتف: مين الست دي، وتعرفني منين؟!
الضابط: منعرفش هي مين يافندم مفيش معاها حاجه تدل على شخصيتها، ولقينها في طريق مقطوع، ووشها متشوه بمادة كاوية، ومطعونه بسلاح أبيض، وهي حاليا بين الحياة والموت في مستشفى*** وبتطلب، تقابلك.
سالم بحزم: انا جاي دلوك.
أغلق الهاتف وانطلق ذاهباً للمشفى.
دلفت للشركة مبكراً قبل حضور العاملين عدا عامل النظافة، ومسؤل البوفيه، ومسؤلي الأمن الذين تعجبوا في أنفسهم لحضورها مبكراً.
دخلت مكتبها، وطلبت من العامل أن يحضر لها نوع معين من البن من خارج الشركة كي تبعده قليلا، وبعد ابتعاده وقفت واتجهت نحو مكتب المدعو أكرم، وفتحت الخزنه الخاصة بالشركة، والتي في عهدته، فهي قد علمت كلمة السر الخاصة بالخزنة وهى تعرض بعض الأوراق على أكرم، رأته يفتحها دون أن يكترث لوجودها، فهى بالنسبة له مجرد متدربة ليس لها أوراق تعين في الشركة، أحضرها بدر مدير الشركة الجديد ليرى ان كانت ستكمل معهم أم لا، هذا ما يعتقده أكرم، فحتى لم يهتم بمعرفة اسمها بالكامل.
فتحتها سريعاً، وأخرجت بعض الأوراق منها لحسابات الشركة، ووجدت فيها تلاعب كثير في الميزانية الخاصة بالشركة، قامت بتصوير الأوراق بهاتفها سريعاً ثم أعادتها وأغلقت الخزنة كما كانت، وتوجهت للمكتب الخاص بالمتدربين تلقف أنفاسها المتسارعة بصعوبة، فقد خشيت أن يراها أخد ويبلغ ذلك الخائن فيأخذ حذره قبل أن يتفاجأ بتصرفهم.
بعد فترة بدأ العاملون بالشركة في الحضور واحد تلو الأخر، ودلف العامل للمكتب وقد أحضر لها ما طلبت فشكرته، وسألته ان كان المهندس بدر قد وصل؟
فقال لها: لا يا أستاذة ملك، أستاذ عمر بس هو اللي جه، ودخل مكتب بشمهندس بدر وطلب قهوه، ولما وديتها ليه لقيته قاعد على، مكتب بشمهندس، بدر معرفش ليه.
بدأت دقات قلبها تتصاعد كعادته كلما رأته أو حتى سمعت اسمه.
نهضت من مكانها، وأخذت حقيبتها، وبعض الأوراق من على مكتبها، واتجهت نحو مكتب بدر، وقبل أن تدقه، أخرجت مرآه نظرت فيها لتهندم حجابها، وأعادتها مرة أخرى، وضعت يدها على قلبها تتمنى أن يهدأ قليلاً، سحبت نفس عميق، وأخرجته بهدوء ثم دقت باب المكتب؛ سمعت صوته يأذن لها بالدخول.
دلفت ورأته يجلس منهمك في بعض الأوراق، وهو يدخن، فسعلت بخفة عندما اشتمت رائحة الدخان فرفع بصره سريعاً نح مصدر الصوت، ووقف مسرعاً يستقبلها بابتسامه واسعة ترسم على وجهه مدى فرحته برؤيتها.
أشار عمر للكرسي أمام المكتب وتحدث بوجه بشوش: أهلا أنسة ملك، آسف مخدتش بالي والله انك اللي دخلتي، افتكرت العامل، أو أي حد من الموظفين.
ابتسمت ملك بهدوء عند سماع كلماته، وتنهدت بارتياح عندما رأته ينهي السيجارة، اقتربت من المكتب بهدوء، وجلست وقالت: ولا يهمك بسيطه، أمال فين أ. بدر؟
جلس على الكرسي المقابل لها، وهتف وهو مازال مبتسم: بدر سافر اسكندرية عنده شوية شغل يخلصهم.
مدت يدها له بهاتفها بعد أن فتحته، وأرته صور الأوراق التي قامت بتصويرها، أخذه منها وظل يقلب فيهم، ودون وعي منه مد يده أخذ سيجارة أخرى من علبته، وأشعلها، وأخذ يسحب منها أنفاس وينفثها للخارج، وهو يقرأ ما يثبت صحة ظنه في هذا الخائن.
شعرت ملك بالإختناق، واحمرت وجنتيها، وسعلت سعلات متتالية، مما جعل عمر يلقي الهاتف على سطح المكتب، وينظر لها بلهفة، وجدها تحاول التنفس لكن بصعوبة هرول ناحية النافذه وفتحها، ثم ألقى السيجارة منها ورجع سريعاً وحمل كوب ماء أمامه وقربه من ملك وقال بصوت يحمل بين طياته القلق الشديد
عمر: اشربي يا ملك إيه اللي حصل بس، معقول السيجارة أنا أسف.
لم تستطع الرد وفتحت حقيبتها بيد مرتعشه، وحاولت إخراج بخاخ منها لكن الحقيبة وقعت من بين يديها، وكل ما بها تبعثر على الأرض، نزل عمر مسرعاً يحاول استكشاف ما أرادت فوجد بخاخ لعلاج نوبات الحساسية فأخذه، وفتحه وأعطاه لها مسرعاً.
استخدمته ملك وبعد فترة هدأ السعال، وبدأت التنفس بهدوء، رفعت نظرها لعمر وجدته ينظر لها بعيون قلقه، يكتم أنفاسه، وكأنه هو من كان يسعل منذ قليل؛ ابتسمت بهدوء وقالت: خلاص أني بخير، نوبة جتني والحمد لله راحت لحالها.
أخرج زفير قوي لأنفاسه التي حبسها في صدره، وجلس أمامها مرة أخرى وتحدث بهدوء: أنا أسف جداً، مكنتش اعرف ان عندك حساسية من الدخان، والمفروض اني مدخنش اساسا في وجودك حتى لو مش بتتعبي من الذوق يعني بس فعلا محستش بنفسي لما اتعصبت من اللي شوفته في الصور، أسف مرة تانية، أنا حسيت بروحي هتروح مني.
رفعت حاجبيها بتعجب لكن لم تعقب على الجملة الأخيرة، وقالت بهدوء: وانت كنت هتعرف منين بس اني تعبانه حوصل خير، أني إكده بتعب من الدخان، والأتربة، والأماكن الضيقة اللي فيها نفس كتير.
نظر عمر لعيونها الدامعه أثر سعالها، وشفتها التي اكتست باللون الأحمر الطبيعي ونطق دون وعي: وانا علشان عيونك مش همسك سجاير تاني أبداً
شعرت وكأن وجنتيها سيشتعلان من شدة خجلها، ونهضت مسرعة، واستأذنت في الخروج، لكن اوقفها عمر.
وقف عمر، وتحدث بهدوء: أنسة ملك أنا متأسف جداً والله ما قصدت حاجه، ولا عارف انا قولت كده ازاي بس اللي متأكد منه، ومش عايزك تفهميني غلط إني معجب بيكي من اول ما شوفتك، وعايز أتقدم لسالم بيه، واطلبك منه بس حبيت أعرف رأيك الأول.
اذداد خجل ملك، وتلعثمت لا تعلم ماذا تقول له، اتقول له انها مطلقة، أم تقول انها موافقة، أم تتركه وترحل دون كلمة، لم تتوقع يوماً ما أن توضع في هذا الموقف، تذكرت كلمات عليا بأن شعورها تجاه عمر هو حب، كلمة من حرفين تمنت دائماً أن تشعر بها، وتلقى مقابل لها من الطرف الأخر.
فسر عمر صمتها أنها لا تريد إحراجه برفضها فنطق بهدوء، وحزن: خلاص يا أنسة ملك سكاتك واضح انك مش حابه تحرجيني، رفضك وصل أسف على ازعاجك.
ملك دون وعي منها ردت مسرعة: انا مرفضتش، صمتت بإحراج لثواني ثم نظرت للأرض، وتابعت بهدوء أقصد يعني إن الحديت ده يكون مع أخوي مش معاي، ده طبعنا احنا مش زي البندر.
تهللت أساريره، وقال بسعادة: يعني اكلم سالم بيه مش هترفضي.
هزت رأسها بهدوء دليل على الموافقة ثم هتفت متذكرة كلام سالم أن لا تعلم أخد بطلاقها: بس معلش يا أ. عمر أجل الحديت ده شوية لعند ما ظروف إكده تخلص وبعدين هقولك على حاجه قبل ما تتقدم يمكن انت اللي تغير رأيك.
عمر مسرعاً: لا انا عمري ما هغير رأيي انتي غيرتي، حالي للأحسن، وبدلتي الحزن اللي كان في قلبي، وخليتي الأمل ينور حياتي تاني.
شعرت بدوار خفيف فلأول مرة تستمع لتلك الكلمات والأجمل أنها من شخص احتل قلبها من أول وهلة رأته فيها فتحدثت بهدوء ظاهري فقط: طيب معلهش استنى فترة ان شاء الله مش كتيرة وبعدها تقرر.
عمر بابتسامة: حاضر يا ستي أومرك أنتظر وربنا يعيني بقى
ابتسمت بهدوء وقالت: هتعمل ايه مع أكرم؟
خبط جبهته بكف يده وقال: والله كنت هنسى اتصرف في موضوعه، لخبطي كياني؛ خلاص انا كده هحوله للتحقيق بدون سابق إنذار والأوراق هنثبت ان فيها تلاعب في الحسابات، وأسعار الرحلات اللي كانت بتعملها الشركة، للأسف هو اعتمد ان مفيش رقيب، وإن سالم بيه كان واثق فيه، وكان بيمضي وبس لانه مش شاغل تفكيره بالشركة بحكم شغله.
هزت رأسها بموافقه على كلامه، واستأذنت وخرجت من أمامه، وهي تكاد تطير من شدة فرحها حتى انها لم تنتبه لحقيبتها التي وقعت منها في المكتب، بعد خروجها نظر عمر للأسف بسعادة وجد حقيبتها، وأشيئها مبعثرة كما هى، جثى مقترباً منهم، وبدأ في جمعهم بهدوء، وسعادة حتى رأى البطاقة الشخصية لها رفعها ونظر لصورتها بحب، وقرأ محتواها بفضول، وصدم عندما رأي فيها متزوجة، وقف كمن لدغته حية، وظهرت له صورة حسناء، وصوتها عندما طلبت الانفصال عنه بكل بساطة، فشعر بسكين يطعن قلبه للمرة الثانية فها هى كاذبة أخرى اصطنعت الخجل، وأبدأ موافقتها على الزواج منه رغم كونها متزوجه.
اخذ حقيبتها واتجه لمكتبها بغضب، وعندما دلف للداخل، وجد شريكتها في المكتب متواجده، فحاول جاهداً إخفاء غضبه، واقترب، من المكتب الخاص بها، فوقفت تنظر له بتعجب زال بعد ما رأت حقيبتها بيده فابتسمت، لكن ابتسامتها أيضاً زالت بعد، ما وضع الحقيبه بقوة على سطح المكتب، ومد يده لها بالبطاقه، وقال بصوت منخفض: كلكم زي بعض خونه.
مدت يدها بتعجب وأخذت البطاقه، وانصرف هو من أمامها فتهاوت على الكرسي، ونظرت للبطاقة بيدها فعلمت لما كل هذا الغضب.
لم تستطع فعل شئ، وقفت وأخذت حقيبتها، وخرجت من الشركة بأكملها،مصطحبه معها حزنها، و قلبها الذي لم يكد يشعر بالفرح حتى ذُبح مرة أخرى دون أن تستطيع إنقاذه.
عندما استيقظت من نومها، واتجهت لأختها واطمأنت عليها، وعلمت منها أنها أصبحت في أحسن حال، وأن حبها قد عاد لها استأذنت في الرحيل
وعندما عادت للمنزل، وصعدت شقتها، اقتربت من النافذه المعتادة، وفتحتها ونظرت مطولاً ثم نادت بصوت خفيض: كريم.. كريم
ظهر لها كما اعتادت أن تراه هناك، وبدأت تحكي له ما يحزنها دون حتى أن يسألها، ثم قالت له: اعمل إيه دلوقتي يا كريم، مش عارفه حاسه اني مخنوقه، بدر زعلان ومن وقت ما زعل مشوفتوش هو سمعني بكلمك وسألني ومقدرتش اكذب، بس اطمن هو مش هيقول لحد أكيد لانه أنقى انسان في الكون.
ها اعمل ايه؟
كريم: طيب كلميه انتي عايزه تكلميه صح؟
هزت رأسها: ايوه بس خايفه يصدني
كريم: انتي عارفه ان بدر زي ما ديماً بتقولي قلبه ابيض مش ممكن يصدك
عليا: عندك حق سلام بقى هكلمه.
دخلت غرفتها أخرجت الهاتف، وقامت بالاتصال على بدر لم تجد رداً إلا بعد ثلاث مرات من الاتصال المتتالي.
بدر بهدوء: السلام عليكم، خير يا عليا.
عليا بعتاب: كده يا بدر ٣ مرات علشان ترد قلقتني، انت اكيد في الشركة مشغول صح؟
بدر بهدوء: لأ مش، في الشركة، أنا وصلت اسكندرية من بدري.
عقدت حاجبيها، ووقفت ثم هتفت: اسكندرية! فجأة كده خير عمي أو طنط، أو ستي فيهم حاجه هما بخير؟
التزم بدر بالهدوء وأجابها: إهدي واقعدي.
نظرت عليا لنفسها واكتشفت انها وقفت بالفعل دون أن تشعر فهتفت: هو انت عرفت ازاي اني واقفة؟
بدر بلهجة واثقة: لاني عارفك لما بتتخضي بتقومي تقفي مرة واحدة.
ابتسمت عليا ثم تذكرت انه سافر فهتفت بضيق: طيب قولي ليه سافرت من غير ما اعرف؟
بدر: الجماعة كلهم بخير بس انا كنت محتاج اغير جو، فجيت هنا شوية، واطمن على شغلي بالمرة، وبعدين مش شرط تعرفي كل حاجة عني، انتي كمان بقالك أسرار ومش بتحكيها إلا لما أعرفها صدفة؟!
عليا بحزن: نبرة صوتك معايا مختلفة أنا عارفه انك زعلان مني، بس انا أسفه حقك عليا علشان خاطري يابدر متزعلش مني أوعى تبعد.
رق قلب بدر لكلماتها لكن التزم بالهدوء كي لا يضعف مرة أخرى فهتف: ركزي في مذاكرتك، وبطلي واقفه في الشبابيك وانا مش هزعل، امتحانك قرب وانتي لازم ترجعي انتي كمان بعد فترة صغيرة علشان تستعدي.
عليا مسرعة: ماشي هقلل وقوفي في الشباك والله خااالص، وإن شاء الله السنه دي، هجيب امتياز بس أوعدني متزعلش مني .
بدر بنفس الهدوء: ان شاء الله مفيش زعل بس سبيني كام يوم كده اهدى فيهم واستوعب اللي حصل.
هزت رأسها بموافقه وكأنه يراها وهتفت: حاضر
أغلقت الخط، وشردت قليلا في كلمات ملك عندما قصت عليها ما حدث.
ملك بهدوء: بصي ياعليا كلامك غريب أني مبفهمش في الحب قد إكده، لاني يمكن مجربتش لسه غير بس شوية المشاعر اللي حكيتلك عنهم بس احساسي بيقولي إن كريم ده مهيحبكيش لانه المفروض يغير عليكي بتقولي انك بتحكيله عن بدر وكل شئ في حياتك المفروض يغير، ويتنحرر.
عليا برفض: لا انا معرفاه ان بدر ده أخويا، وأهم حد في حياتي، وطلبت منه ميغيرش
ملك بتعجب: أوم إيه ضغط على الزر بتاع الغيرة وقفله.
عليا بعبوس: بتتريقي!
ملك بابتسامة:لا يا حبيبتي بس كلامك ميدخلش دماغ عاقلين، وبعدين تصرفات بدر جميلة أوي معاكي فيها ايه لو طخين ليه اني حساكي متقدريش تستغني عنه، اديله فرصه يبينلك ان كان ينفع حبيب وزوج ولا لا.
عليا برفض: لا زوج لا مينفعش مينفعش
ملك بقلة حيلة: انتي حرة يابت عمتي، بس لما يبعد متبكيش لان كل واحد وليه طاقة.
عليا برفض: مش هيبعد ميقدرش، هو اصلا وعدني عمره مايبعد، وكمان مفيش في دماغه كلامك ده.
ملك بهدوء: طيب نامي وربك يحلها وزعله يروح لحاله، تصبحي على خير.
رجعت من شرودها ونفضت تلك الأفكار من رأسها وشرعت في استذكار دروسها استعداداً للامتحانات.
دخل المستشفى وهو يرتدي بنطال من الجينز، وقميص بألوان متداخلة، وفي صدره سلسلة طويله وعلى رأسه قبعة لها جزء أمامي يخفى جزء من وجهه(كاب)
ويرتدي نظارة شمسية كبيرة تخفي معظم وجهه وصعد للطابق العلوي، ودلف لغرفتها، واقترب من الفراش الذي تتوسطه وتنام بعمق، رافضة الرجوع إلى الواقع، جثى بجوار الفراش، وأمسك يدها، وخلع نظارته، وتسابقت دموعه على الوصول ليدها لتبثها شوقه، أحنى رأسه وقبلها بحنان وقال بصوت حنون: وحشتيني ياضي عيني، ياورتي اللي دبلت قبل أوانها، بس خلاص متقلقيش قربت اخد حق ولدنا، علوان نهايته قربت، ومش هسيبك اتروحي مني إكده.
لم يشعر بمن تقف خلفه، واستمتعت لكل حديثه، أصدرت صوت يدل على دخولها فالتفت مسرعاً، وهو يمسح دموعه، وجدها تقف خلفه وتنظر له بهدوء.
ارتدى نظارته بسرعة وقال بهدوء ظاهري: خير انتي اهنه من ميتى.
ابتسمت فلهجته الصعيدية لا تليق مع ملابسه التي تشبه ملابس السائحون، فهى قد عرفته جيداً.
الممرضة: لسه داخلة دلوك حالاً، ودخلت من غير ما اخبط لاني الممرضة بتاعتها، وهي مش بتفوق، ومعرفش ان عندها حد انت قريبها؟
زفر حامد بحدة، وهتف: اه انا قريب أبوها هو عامل إيه دلوك؟
الممرضة: بخير بس مش عايز يسيب المستشفى الا مع بنته هو نايم في أوضته اللي جمب دب، والدكتور بيدفع كل تكاليفهم حالة خيرية، مش انت قريبهم متتكفل بيهم...
حامد بحزم: ان شاء الله ثم خرج من الغرفه مسرعاً، ثم من المشفى بأكملها قبل أن يتقابل حتى مع الطبيب كي لا يعلم سالم.
استطاع الهروب من رجال أبيه بتخفيه عندما دخل لمحل ملابس، وأرتدى تلك الملابس وخرج من الباب، الخلفي للمحل، لكن هل استطاع الهروب من عيون والده التي لا تنتهي؟
دخلت عليها والدتها الغرفه وهى تهتف: حسناء اصحي بقى يابنتي الوقت اتأخر قوي بقينا بعد الظهر بكتيير
استمعت لهمهمات تصدر منها فاقتربت وجدت جبينها يتصبب عرقاً، وجسدها ينتفض وضعت يدها تتحسس حرارتها فوجدتها مرتفعة.
زينب: حلمي يا حلمي
دلف حلمي منزعج من صوتها العالي: إيه يا أم حسناء خير فيه ايه؟
زينب بقلق: حسناء بتترعش وسخنة أوي، وبتخترف في الكلام.
أسرع والدها لها خارجاً من المنزل وهو يهتف: انا رايح اجيب دكتور عبد الرحمن جارنا، اعملياها كمادات.
بعد فترة بدأت في تفتح عيناها، ورأت الطبيب بجواره، فتسألت بوهن: دكتور عبد الرحمن هو فيه إيه، حاولت الاعتدال فتأوهت قائلة: أاااه جسمي مكسر.
عبد الرحمن بابتسامة: عرفتي فيه ايه خضيتي باباكي، ووالدتك كمان، علشان شوية برد رفعوا حرارتك.
نظر ل حلمي: أ. حلمي هات العلاج ده للدكتورة حسناء، وإن شاء الله هتبقى كويسه.
أخذ حلمي منه الورقة المكتوب بها الأدوية، وأوصل لباب المنزل وهو يشكره كثيراً خاصة انه لم يقبل أي مقابل مادي بحكم الإحسان للجار.
رن هاتف حسناء فنظرت للشاشة وجدتها ليلى: أشارت لوالدتها لتساعدها في الإعتدال.
زينب: انا هروح يا حبيبتي اعملك شوية شوربة يدفوكي، ويرموا عظمك.
أومأت لها حسناء بموافقة، وأجابت على اتصال ليلى.
حسناء بصوت ضعيف: السلام عليكم
ليلى بابتسامة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ازيك يا نونة عاملة ايه؟
حسناء بوهن: الحمد لله بخير.
عقدت حاجبيها وهتفت: مش باين صوتك ماله.
حسناء: ولا حاجه شوية برد بس، وحرارتي، مرتفعة شوية.
ليلى بحزن: ألف سلامة عليكي حبيبي أكيد من ماية البسين الهدوم فضلت عليكِ فترة كبيرة، علىدما حميتي ساجد.
حسناء بلهفة: المهم ساجد أخباره ايه صحيح أوعى يكون تعب.
ليلى بابتسامه:لا ياستي، متقلقيش، هو بخير وحلو جداً النهارده بالذات.
حسناء بارتياح: طيب الحمد لله
ليلى: اقفلي انا جايه انا وهو نزورك، ومعانا مفاجأة.
حسناء بحب: تنوريني حبيبتي بس متتعبيش نفسك.
ليلى بضحك: يعني منجيش شكلك بخيلة، وكمان مش عايزه تشوفي ساجد؟
حسناء مسرعة: لا طبعاً انا هموت واشوفه بس مش حابه اتعبك مش أكتر والله.
ليلى: تعبك راحة يا قمر وبعدين عايزه نشيل التكليف بينا كده وفيها، يمكن علاقتنا تبقى أقوى مع الوقت.
ابتسمت حسناء وهتفت: خلاص منتظراكي انتي وحبيب قلبي سجودة.
بعد فترة دق باب المنزل، وفتحت زينب.
ليلى بابتسامة: أنا ليلى صديقة حسناء.
رحبت بهم بشدة، فقد أعطيتها حسناء فكرة عن حضور ليلى لزيارتها.
زينب بابتسامة: يا أهلاً، وسهلاً بدكتور ليلى حسناء قالتلي انك جايه اتفضلي حبيبتي.
ليلى قبل أن تدخل: عمي حلمي موجود؟
تعجبت زينب لكن أومأت برأسها وهتفت: أيوة يابنتي.
مدت ليلى يدها بعلبة بها شيكولاتة وقالت: حاجه بسيطه، ألف سلامة على حسناء، بسأل عن عم حلمي علشان أخويا معايا ممكن يدخل؟
زينب بترحيب: طبعاً يابنتي اتفضلوا يا ألف أهلاً وسهلاً.
أ وصلتهم لغرفة استقبال الضيوف، ودخلت تنادي على والد حسناء، فخرج لهم مرحباً
دلفت زينب غرفة حسناء وهتفت: ها يانونه المسكن خفف الألم شوية هتطلع لصحبتك، ولا ادخلها انا؟
حسناء بهدوء: لا انا بقيت أحسن يا ماما هخرج لها، انا جاهزة.
زينب وهى تخرج من الغرفة: طيب البسي حجابك لان معاها ضيف راجل.
قبل أن تسألها حسناء من هو هذا الرجل غادرت من الغرفة متجهة لإعداد تحية الضيوف، اعتقدت حسناء ان هذا الضيف من الممكن زوج ليلى؛ لكن عندما خرجت وألقت التحيه عليهم، ونظرت لهم، صدمت من وجود كريم أمامها بابتسامته الجذابه التي اكتشفت انها اشتاقت لرؤيتها؛ لا تعلم ما هذا الشعور الذي انتابها هل المسكن مفعوله قد نفذ بهذه السرعة لتعود لها رعشة جسدها؟ أم نظرة عينيه لها هى من قامت بهذا الدور؟!