رواية جوازة بدل للكاتبة سعاد محمد سلامة الفصل الخامس عشر
أقوى، رابط، بالحياه، هو رابط الامومه، فهو لا ينقطع، بأنقطاع الحبل السرى
رابط
الأم وإبنتها.
كانت نوال جالسه بالمطبخ، عقلها شارد.
منذ الأمس وهي تشعر، بحدوث شئ ما سئ لسهر، حتى أنها، حين سمعت صوت دخول وائل وزوجته اللذان عادا الى المنزل، أمس متأخران، الى المنزل، إدعت بكذبه، أنها سمعت خبطا على باب شقتها، وتحدثت مع وائل، لدقيقه، بأشياء أخرى، الى أن سألته عن سهر، فأجابها أنها بخير، لكن قلبها، لا يؤكد لها ذالك، سهر، ليست بخير، أمسكت هاتفها، الموضوع أمامها، وفتحته، بحثت عن صورة سهر، نظرت لصورها، العفويه، التي كانت تصورها، لنفسها، وكذالك علاء، وكانوا، يرسولنها، الى هاتفها، أحيانا، كانت تستهزق، بطفولتهم، وأحيان آخرى، كان تبتسم على عفويتهم، وودهم مع بعض، سهر كانت مدللة الجميع، طفلتها الصغيره المشاغبه، التي تحن إليها، بكل لحظه، هي بعيده عنها، نظرت الى إحدى صور سهر، كانت تبتسم بها، وهي تمسك خصلات شعرها، التي فرقتهم على جانبى رأسها.
حنت نوال لذالك اليوم، تتذكره بشوق.
فلاشباك
كانت ليلة خميس
بعد أن إنتهوا من تناول العشاء معا
دخلت سهر، وعلاء لغرفة المعيشه، يقومان بوضع أحد أفلام الكارتون الشهيره، ويعدلوا المكان لسهره عائليه، بعد قليل دخلت نوال، بصنيه صغيره موضوع عليها، بعض الأطباق، بها فيشار
أخذ، كل فرد من العائله طبق من الفيشار، لتمد سهر يدها لتأخذ طبق، لها، لكن تنحت نوال، بالصنيه، بعيد عن يدها قائله: لأ أنتى معملتش حسابك معانا.
ذمت سهر شفتاها، بتمثيل البكاء، توجه حديثها لأبيها، ثم لجدتها، قائله لهم: شايف يا بابا، علشان أما أقولك دى بتعاملنى، بطريقه مش كويسه، تبقى تصدق، شوفتى، يا تيتا الست اللى أختارتيها تبقى مرات بابا بتعاملنى إزاى؟
ضحك منير، وكذالك آمنه، التي قالت: نوال دى أحلى إختيار، بس هي بتحب تعاندك.
تبسم علاء قائلا: متزعليش تعالى نأكل من الطبق الى معايا، إحنا الأتنين.
تبسمت سهر قائله: هاكل معاك من الطبق، اللى معاك، وكمان هاخد طبق تانى، صح، يا ماما يا حلوه مش أنا بنوتك الكيوته، المطيعه.
نظرت لها نوال، بسخريه قائله: بنوتى، وكيوت ومطيعه، كنتى طاوعتنى في أيه قبل كده، أنتى زى الشريك المخالف، معايا، تشوفى أيه بيضايقنى وتعمليه.
ردت سهر: لأ بقى ده كذب، أنتى مش كنتى بتضايق من القطتين الى كنت بعملهم في شعرى أهو بطلت أعملهم، وموتهم، علشان خاطرك.
تبسم علاء يقول: طب بطلتى تعملى القطتين، بالنسبه للى في شعرك دلوقتي ده أيه!
ردت سهر بعفويه: ما أنا قتلت القطتين، وعملت مكانهم، إتنين ديل حصان.
تعجب الجميع مرحا، من رد سهر، بينما كتمت نوال ضحكتها قائله: قصدك ديلين كلب، ديلين حمار، أنما حصان ميلقش عليكى.
ردت سهر بقمص قائله: الله يسامحك، مش هرد عليكى، بس أهم شافو بعنيهم بمعاملتك ليا.
تبسم الجميع على نقارهم، لتقول نوال: أكيد ربنا هيسامحنى علشان متحمله بلوه زيك، وبعدين بطلى رغى، خلاص الفيلم هيبدأ.
ردت سهر: ربنا هيسامحك، لو أدتينى جوافه من طبق الفاكهه، الى وراكى ده.
نظرت نوال لطبق الفاكهه قائله: وأنتى مشلوله، مدى إيدك خديها.
ردت سهر: إنت أقرب منى احدفيها، وأنا ألقفها منك.
مسكت نوال احدى ثمرات الجوافه وقامت بألقائها ناحيه سهر بقوه، لتقول سهر بعند: هيه لقفتها قبل ما تخرم عينى، تشكرى، يا مامى، ربنا يخلينى ليكى.
تبسمت لها نوال بحنان، ليجلسوا، ويشاهدوا الفيلم ويصحب الفيلم جلسة ود، ومزاح بينهم.
عادت نوال، من تذكر تلك الليله هي كانت آخر ليلة، سهروا بها، ليدخل بعدها عمار، على حياتهم.
شعرت نوال، بغبطه، تشعر، بالندم، لم يكن عليها غصب سهر، على تلك الزيجه، لكن فات الوقت، غضبها من هروب، سهر أعمى عيناها.
نظرت للهاتف، فكرت قليلا، لما لا تتصل على هاتف سهر، تعلم أن الوقت مازال باكرا، لكن، قد ترد سهر عليها، ويطمئن قلبها، قليلا، هي ستذهب لزيارتها اليوم، ستدعى، أنها ضغطت على رقم هاتف سهر، بالخطأ، حين ترد عليها، لا يهم أن تكذب، لكن تريد أن تطمئن عليها.
وبالفعل، رنت على هاتف، سهر، يرن ولا رد لاكثر من مره، وضعت الهاتف أمامها تنظر أليه، لما لم ترد سهر عليها، فكر عقلها، ربما يكون على خاصية الصمت وعدم الأزعاج، وهي نائمه، لكن قلب نوال يتآكل
حسمت أمرها، وقامت بالأتصال على هاتف عمار، الذي إنتهى مدة الرنين دون، رد
فقامت بالأتصال مره أخرى، رد عمار، قبل نهاية مدة الرنين
لكن سمعت ما يؤكد شعورها، سهر مريضه.
أغلقت الهاتف، ونهضت تاركه المطبخ بسرعه، توجهت لغرفتها، فكرت أن توقظ منير، لكن لا داعى، عليها أن تعلم أولا ما حدث، لسهر.
إرتدت ملابس أخرى، وجذبت حقيبتها، وخرجت من الغرفه، تصتدم بعلاء.
ليقول بتعجب: خير، با ماما لابسه، وراحه فين بدرى كده.
ردت نوال بلهوجه: سهر تعبانه، وفي المستشفى، سيبنى خليني أروح ليها، أطمن عليها.
رجف قلب علاء قائلا: خير ياماما، مستشفى أيه، أستنينى أغير وأجى معاكى.
ردت نوال عليه بأسم المشفى ثم قالت وهي تتجه نحو الباب: غير هدومك، وحصلنى، وبلاش تقول قدام تيتا، علشان ممكن تقول لمرات عمك، وتشمت في سهر، هي وبنتها.
يارب تكون سهر بخير.
بمشفى خاص بالمنصوره
فى ممر أمام أحد الغرف
وقف عمار، يغمض، عيناه، يستند على الحائط خلفه، تعيد ذاكرته، ما حدث قبل قليل.
فلاش باك.
هرع عمار، وهو يرى سهر، تهوى أرضا، أمامه، مدرجة الدماء، ذهل عقله، تخيل من أمامه هي خديجه، حين وقعت أمامه بنفس المنظر، ذات يوم، لكن وقتها، لم يشعر، سوى، بالشفقه عليها، أما الآن، يكاد قلبه يخرج من محله، بل بالفعل خرج، هو خاوى الجسد، والعقل، بسرعه حملها، ووضعها فوق الفراش، أرتدى ملابسه بسرعه، وآتى بإيسدال، لسهر، وألبساها إياه فوق مئزر الحمام التي كانت ترتديه، حملها، وخرج من الشقه سريعا، يجرى على درجات السلم، كاد يصتدم، ب عليا، التي قالت له بلهفه عمار، في إيه سهر مالها، لم يرد عليها، وأكمل السير، الى أن وصل الى سيارته، بالحديقه، توقف للحظه، قبل أن تفتح له عليا باب السياره، ليضع سهر، بالمقعد الخلفى، صعدت لجوارها عليا، قائله: خلينى أجى معاك.
صمت عمار، وتوجه، الى المقود سريعا، يقطع الطريق، الى أن وصل الى أحد مشافى مدينه المنصوره الخاصه، حملها، ودخل بها الى المشفى يطلب المساعده، ليدخل بسهر الى أحد الغرف، خلفه عليا، لتخرجهم من الغرفه أحدى الطبيبات، بعد لحظات آتى له أحدا من الموظفين بأستقبال المشفى، طالبا منه، الذهاب، لأخذ بيانات المريضه، ودفع جزء من حساب المشفى، فذهب معه، لكن قبل أن يتحرك، قال ل عليا: بلاش حد من العيله يعرف حاجه، قبل ما نعرف إيه الى جرى سهر، وحالتها تتحسن، أو حتى بلاش يعرفوا خالص.
أمائت عليا له بموافقه.
ليذهب عمار مع موظف المشفى، وظلت عليا أمام باب الغرفه الموجود بداخلها، سهر، للحظه، فكرت بالأتصال على علاء، وإخباره، لكن أزالت الفكره عن، رأسها، فماذا ستقول، له، هي لا تعرف سبب، لتلك الدماء التي كانت تنزفها سهر، حتى أن جزء من دمائها، لطخ ثيابها، وثياب عمار، ملطخه أكثر.
توجه عمار مع الموظف، الى قسم الأستقبال، يدون بيانات دخول سهر للمشفى، وقام بوضع جزء من المال، بخزينة المشفى، وأثناء، رجوعه الى مكان سهر، رن هاتفه، أخرجه من جيبه، نظر للشاشه، تعجب، حين رأى أسم من تتصل عليها، هل عرفت ماحدث لسهر، أو ربما إتصلت عليها سهر، قبل أن تخرج من الحمام، لكن نفى الأحتمال الثانى، ربما لديها إحساس، فكر ألا يرد عليها.
وتنهد حين أنتهى الرنين، لكن عاود الرنين، مره أخرى، بأستمراريه، تنهد بآلم، وقام، بالرد بهدوء لحد كبير.
بعد الترحيب بين الأثنين.
تحدثت نوال قائله بمحاوره: سهر كنت كلمتها إمبارح، قالتلى أنها مشغوله بالعشا، وهتكلمنى الصبح، بس أنا كنت نسيت أقولها، أنى هروح للمدرسه من بدرى علشان تجهيزات دخول التيرم التانى، عارفه الوقت لسه بدرى، وأنها ممكن متكنش صاحيه، طلبتها مردتش عليا، قولت أطلب تليفونك، يمكن أنت ترد عليا، أنا عارفه أنها قبل ما بتنام بتعمل تليفونها صامت.
إبتلع عمار حلقه المر وكان سيطمئنها بالكذب، لكن للأسف هو كان قريب من أحد ميكروفونات الأستدعاء بالمشفى، ليصل صوت
ذالك الأستدعاء بوضوح لأذن نوال، فأرتجف قلبها، وقالت: أنت في مستشفى، خير، وقالت بتمنى، أن يكذب ما تشعر، به: قولى إن سهر بخير.
أرتبك عمار، وقال: للأسف أنا بسهر في المستشفى، ومحدش يعرف غير عليا معايا.
إرتعش جسد نوال، كاد أن يقع من يدها الهاتف، لكن تمسكت به بآخر لحظه قائله: بنتى أيه الى جرالها، كان قلبى حاسس، قولى إنت فى
مستشفى أيه؟
رد عمار عليها بأسم المشفى الموجود به.
فقالت نوال: قولى أيه الى جرالها؟
رد عمار: معرفش هي أغمى عليها، أطمنى.
ردت نوال: لأ متأكده أن مش ده السبب أنا جايه دلوقتي، أطمن عليها، بنفسي.
أغلقت نوال الهاتف.
تنهد عمار، يزفر أنفاسه، يسير بالعوده الى مكان الغرفه الموجوده بها سهر، يشعر بخطواته كأنها، يتجه الى الجحيم، يخشى، كثيرا، لثالث مره، يرى أمامه أحدا من عائلته ينزف، لكن هذه المره غير المرتان السابقتان، سهر، لها شعور، أخر، يشعر كأن كل خلايا جسده، تتألم، عاد ليجد عليا تجلس على أحد المقاعد بالممر أمام الغرفه، فسألها: محدش طلع من الأوضه؟
ردت عليا: لأ طلعت ممرضه ورجعت، بكيسين دم، ثم وقفت عليا عن الحديث، ثم قالت بسؤال: عمار هو ايه الى حصل خلى سهر، تنزف، بالشكل ده؟
رد عمار، الذي يشعر بضياع لاول مره بحياته: معرفش، أنا فوجئت بها واقفه، قدامى، وبعدها أغمى عليها معرفش السبب.
حاولت عليا التخفيف عنه وقالت: خير، أنشاء الله هتبقى كويسه إطمن.
زفر عمار، نفسه، فمنظر، وقوع سهر أمام عيناه وحده كفيل أن يقسم قلبه لقطع، صغيره تتألم وتنزف، مثلما كانت سهر تنزف، بين يديه قبل قليل.
عاد من تفكيره، على صوت فتح باب الغرفه، ففتح عيناه ينظر لخروج الطبيبه
باك
ظل واقفا مكانه يخشى حديث الطبيبه، بينما
سألت عليا الطبيبه، بلهفه: خير، يا دكتوره، سهر عامله أيه؟
ردت الطبيبه بعمليه: المدام للأسف أجهضت، من الواضح أنها كانت حامل لأيام، وممكن تكون إتعرضت لوقعه، أو شالت حاجه تقيله، فأثرت عالجنين، وللأسف، هو نزل، وعملت لها عمليه كحت وتنظيف للرحم، ودلوقتى هتطلع على أوضه عاديه، وقدمها ساعتين، وتفوق من البنج، وتخلص المحلول، والدم الى متعلقين ليها، وهرجع بنفسى أطمن عليها، ربنا يعوض عليكم.
شكرت عليا الطبيبه، لتغادر الطبيبه، المكان.
ببنما خرجت سهر الى غرفه عاديه بالمشفى.
بعد قليل كانت تدخل نوال، الى تلك الغرفه التي نقلت لها سهر، بعد أن علمت مكانها من عمار، حين هاتفته، وهي أمام المشفى.
تصنمت نوال مكانها للحظات، وهي ترى وجه سهر الشاحب، ليس هذا فقط، وتلك الانابيب الموصوله بيديها، ولكن عادت ساقيها تسير، بإتجاه سهر، ووقفت أمامها، تفر، دموع عيناها دون وعى منها، ثم نظرت بأتجاه عمار، الذي كان جالسا جوار فراش سهر، ووقف حين دخول نوال، بلهفه قائله: مالها سهر، فيها أيه.
صمت عمار، الذي يشعر بأنهيار تام، كلمه واحده، قد تجعله ينهار، أمامها الآن.
لكن تحدثت عليا التي كانت جالسه بالغرفه أيضا: خير، يا طنط أطمنى هتبقى كويسه وهتفوق قبل من ساعتين الدكتوره قالت لينا كده من شويه.
ردت نوال: خير أيه، قوليلى بنتى مالها، أيه الى جرالها، وصلها للحاله دى.
ردت عليا بخفوت: بصراحه، سهر كانت حامل وأجهضت.
ماذا سمعت، عقلها، يشرد، كانت حامل!
أجهضت!، تعلثمت نوال قائله: وأيه سبب الأجهاض؟
ردت عليا: الدكتوره قالت يا وقعت، يا شالت حاجه تقيله، والحمل كان في بدايته، ولسه مثبتش، أطمنى يا طنط هتبقى بخير.
جلست نوال جوار سهر على الفراش، تتنهد بمراره، ودموعها تسيل، صغيرتها، بعد أيام من زواجها تجهض، جنينها، لما، عليها أن تشعر بهذه المراره، سهر صغيرتها، التي كانت تتقبل منها كل حماقتها، بلحظه، وضعتها، أمام أختيار حاسم، ما كان عليها، أن تجبرها، ربما تغير القدر، لكن القدر، مرسوم، وكلنا نمشى على خطاه.
قبل مرور الساعتين
وقفت عليا تقول: هروح الكافيه بتاع المستشفى، أجيب قهوه، تحبوا أجبلكم قهوه معايا.
هزت نوال رأسها بنفى، وكذالك فعل عمار، الواقف بالغرفه عقله يكاد يشرد.
لتتركهم عليا بالغرفه وتخرج، تغلق خلفها الباب.
تنهدت نوال، قائله: عليا مشيت، وسابتنا قولى بقى، إيه الى حصل لبنتى، بالظبط.
نظر عمار لوجه نوال، رأى منها نظرة إتهام له، أن يكون، سبب خلف أجهاض سهر، لم يتعجب من ذالك، فسهر أخبرتهم سابقا بما.
حدث ليلة زفافهم، لتنال تعاطفهم، لكن ماذا يدافع عن نفسه، هو مصدوم، ومكدوم، مثلها، وأكثر، فالجنين الذي أجهض، كان منه، رحمه من الرد دخول علاء وخلفه والده متلهفان، يسألان ماذا حدث لسهر.
نظرت نوال لصمت عمار، وردت هى: سهر كانت حامل والجنين نزل.
تعجب الأثنان، شعر منير، بدوار، وهو يرى إبنته الشاحبه الوجه، كذالك علاء، فسهر، ليست فقط أخته الصغيره، بل صديقته، ومدللته، يشعر بآلم منذ أن عاد من أسوان، يود الأنفراد بها بمكان بعيد عن الجميع، ويسألها، عن سبب إنطفائتها، لكن لابد أن يعرف، السبب في ذالك، وقريبا جدا.
فى تلك الاثناء عادت عليا من كافيتريا المشفى تحمل صنيه عليها ثلاث أكواب من القهوه، دخلت الى الغرفه، تقول: أنا جبتلكم قهوه متأكده أنكم محتاجينها.
لكن تفاجئت بوجود علاء ووالده
نظرت لعلاء، ليومئ برأسه لها.
وضعت عليا الصنيه، على أحد الطاولات، بسبب رنين هاتفها.
تحدث عمار، سريعا، قبل أن ترد: مش عاوز حد من البيت يجى للمستشفى قبل سهر ما تفوق.
ردت عليا: تمام هطلع أكلم بابا بره الأوضه.
خرجت عليا ترد على الهاتف: لتسمع حديث والداها الغاضب يقول: خفيتى فين بدرى كده.
شعرت عليا بغصه، وقالت: أنا في المستشفى مع عمار، سهر تعبت وهو جابها، للمستشفى، وأنا شوفته وقتها وجيت معاه
تلبك سليمان يقول: وسهر مالها، ومستشفى أيه، علشان نجى، نطمن عليها.
ردت عليا: مالوش لزوم، يا بابا، عمار قالى متخليش حد من البيت يجى.
تعصب سليمان يقول: أيه الكلام الفارغ ده، قوليلى اسم المستشفى بسرعه.
ردت عليا: مقدرش يا بابا، عاوز أسم المستشفى إتصل بعمار، وهو يقولك هقفل أنا بقى، لان تليفونى مكنش فيه شحن، وشكله هيفصل.
أغلقت عليا الهاتف.
بمنزل زايد
حين أغلقت عليا الهاتف، في وجهه، كان يقف في غرفة السفره مع الجميع كى يتناولوا طعام الفطور.
نظر له الجميع حين سمعوه، يسأل عليا عن إسم المشفى، بذالك الوقت كانت تدخل خديجه، الى غرفة السفره تقول: رنيت كتير على جرس شقة عمار وسهر، محدش رد عليا، يمكن لسه نايمين، يبقوا يفطروا لوحدهم بقى.
رد سليمان: بس عمار وسهر مش في شقتهم، عليا بتقولى أن سهر كانت تعبانه، وعمار اخدها للمستشفى، بس قالتلى عمار قالها مش عاوز حد مننا، يروحله، وقفلت قبل ما تقولى على إسم المستشفى.
نهض الجميع من على طاولة السفره، يشعر بتوجس، يتهامسون فيما بينهم، للحظات ثم غادروا، غرفة السفره، لم يبقى غير فريال، التي ظلت جالسه، ومدت يديها تتناول الطعام هامسه: هتلاقى دور برد، وحبت تعمل لنفسها، سعر، في سوق النسوان، وإتسهوكت على عمار، أبو قلب حنين.
مرت الساعتين.
بدأت سهر تفيق رويدا.
شعرت بيد تمسك بيدها، تحركت أصابعها.
شعرت نوال، بحركة أصابع سهر، رفعت رأسها، وجدت، سهر، تفتح عيناها قليلا، تبسمت بحنان قائله: سهر أنتى فوقتى، فوقتى يا روحى.
نظرت سهر لنوال بوهن، للحظات تمنت أن ما مر عليها الأيام السابقه، بدئا من رجوعها بصحبة نوال من البحر الأحمر ما هو الأ كابوس، وأنتهى، بفتح عيناها، تبسمت بوهن.
لكن زالت بسمتها حين سمعت صوت عمار، يتحدث، بالهاتف، خلف، والداتها، إذن لم يكن كابوسا، وفاقت منه، إنها الحقيقه، التي إستسلمت سهر لها، و
قالت: أنا فين، أيه الى جرالى، آخر حاجة فكراها أنى كنت في الحمام، وبنزف، بدون سبب.
مسكت نوال يد سهر بقوه وحاولت تخفيف ما حدث قائله: كنتى حامل، وربنا مش رايد للجنين يكمل، وأنتى لسه صغيره، ربنا يعوض عليكى بغيره
رغم وهن سهر، لكن تعجبت قائله: كنت حامل! بالسرعه دى!
ردت نوال: آمر، ربنا، ربنا يعوض عليكم.
صمتت سهر، بداخلها، شعورين، الأول غصه، فما فقدته بالنهايه هو جزء منها، كانت تتمنى أن يكتمل
وشعور آخر، إنتابها، تلوم نفسها، هل حقا كانت تريد أن يكتمل هذا الجنين، وهو نتيجة ليلة إغتصاب، وأنتهاك، لها من عمار، عمار، لا يستحق، منها طفلا، بعد تلك الليله، المؤلمه، التي عاشتها معه، وسوء ظنه الدائم بها، هنا أغمضت عيناها بأرتياح، قليلا.
تحدث منير قائلا: بكره ربنا يعوض عليكم بغيره، وتشبعوا ولاد.
ردت سهر: الحمد لله يا بابا.
تبسم منير يقول: ربنا، يزيد في قلبك الرضا يا بنتى.
بينما عمار، نظر لها متعجبا من هدوئها بهذا الشكل، هو داخله براكين تحترق، ليقول: الدكتوره كانت قايله أما سهر تفوق، لازم نبلغها هطلع أكمل مكالمة التليفون بره وهروح للدكتوره مكتبها أبلغها عن أذنكم.
خرج عمار من الغرفه، وقف جوار باب الغرفه، يتنفس بشده، متعجب، من رد فعل سهر، لكن هل كان متوقع أن تثور سهر، سهر ليست تلك الشخصيه، لكن لفت نظره، أقتراب علاء وعليا الأثنان عليه، يتحدثان وهما يسيران، يبدوا عليهم الأنسجام، لكن رجح ذالك للموقف الذي هم به.
بعد دقائق خرج جميع من بالغرفه عدا، نوال، والطبيبه التي تقوم بمعاينة سهر، لتسألها الطبيبه عن سبب لأجهاضها؟
ردت سهر: معرفش أنا فوجئت بالنزيف، وبعدها محستش بنفسى غير لما فوقت من شويه.
تبسمت لها الطبيبه: تمام، ربنا يعوض عليكى قريب، بتحصل لبنات كتير، وبتحمل تانى بسرعه، وكمان أنا نضفت الرحم، فبسهوله ممكن تحملى، وحمدلله على سلامتك.
تبسمت نوال، بينما سهر لم تعطى أى تعبير
لتقول للطبيبه: هو أنا هفضل هنا كتير.
ردت الطبيبه: لأ أنا شايفه صحتك لحد ما كويسه، وممكن تخرجى، دلوقتي، بس لازم تلتزمى السرير، لكام يوم، وكمان تاخدى علاجك في أوقات مظبوطه.
ردت سهر: يبقى أخرج، أكمل علاجى في البيت، لأنى بكره ريحة المستشفيات.
تبسمت الطبيبه: غريبه، مع أن وصلنى أن أخوكى طالب طب، يعنى هيبقى زميل.
تبسمت نوال قائله: هي فعلا من صغرها بتنفر، من ريحة المستشفيات، بس نقول ايه بقى، في النصيب، أن أخوها، يبقى دكتور.
تبسمت الطبيبه: تمام هكتب لها على خروج، وكمان مجموعة أدويه، تاخدها بأنتظام، وكمان تغذيه، وسوائل كتير، علشان تعوض نزيف الدم الى حصلها.
تبسمت نوال قائله: متقلقيش، يا دكتوره انا الى ههتم بها وبتغذيتها بنفسى.
بعد قليل
بحديقة منزل زايد.
وقف عمار سيارته
لتنزل نوال، وخلفها نزلت عليا، لتمد نوال، يدها لسهر تساعدها، للنزول من السياره، لكن سهر، تغاضت عن يدها، ومسكت بأجزاء السياره، الى أن نزلت.
توجه لها عمار سريعا، ليقول لها: أستنى
وأنحنى ليحملها، لكن رفضت سهر قائله، بحزم: لأ أنا هقدر أمشى على رجليا، وعليا هتساعدنى.
شعرت نوال بغصه، سهر، تبتعد عن مساعدتها لها، وطلبت من عليا أن تساعدها
تمثل عمار لها، وسبقهم بخطوات ليفتح باب المنزل
حين فتح باب المنزل، وجد أمامه.
والده وعمه، اللذان أنخضا من تلك الدماء التي على ملابسه وقالا: ليه أمرت عليا متقولناش على اسم المستشفى، وأيه الى حصل لسهر، وأيه اثار الدم الى على هدومك دى.
رد عمار: مش وقته هقولكم بعدين بس سهر لازم تطلع تستريح،
سار خطوات ليجد خديجه، وحكمت بوجهه، لتقول حكمت، بلهفه وهي ترى، أثار دماء على ملابسه: خير، أيه الى حصل لسهر، وأزاى منعرفش غير، بالصدفه من عليا.
رد عمار: قولت بعدين، وقف عمار أمام سهر وقال: بلاش عناد يا سهر، مش هتقدرى تطلعى السلالم، لحد الشقه فوق، خلينى أشيلك.
رغم أنها تريد إبتعاد عمار عنها، لكن بالفعل هي لم تعد قادره على السير، فأمتثلت له، ليحملها، ويصعد الى الشقه، لكن لم يدخل الى غرفة النوم، بل توجه الى غرفة نوم أخرى بالشقه.
دخل خلفه كل من نوال، ووضعت ذالك الكيس الذي بيدها الموجود به أدويه من أجل سهر،.
وضع عمار سهر بالفراش، وأستقام واقفا، ينظر لسهر التي تبتعد بعيناها عنه، قصدا منها
بينما تحدثت خديجه قائله: خير، يا جماعه، طمنونونى سهر مالها؟
رد عمار، بصوت يشوبه الألم: سهر أجهضت.
أنخضت خديجه قائله بتسرع: ليكون سبب الاجهاض، وقوعها إمبارح في المطبخ.
نظر عمار، ونوال، لها.
لتكمل خديجه قولها: إمبارح وإحنا بنحضر العشا في المطبخ سهر إتزحلقت، يمكن ده سبب الأجهاض.
ردت نوال: يمكن، عالعموم الحمد لله قدر، ربنا، وأي نكان السبب، الأهم صحة سهر.
ردت خديجه وهي تنظر لسهر: فعلا الأهم صحة سهر، وربنا يعوض عليها هي وعمار.
نظرت سهر لعمار، ثم لخديجه، أحقا ترسم الرضا، أم كانت تتمنى أن تكمل سهر حملها، وتأتى لعمار، بطفل، يعيده إليها سريعا، لا تعرف لما تشعر بالبغص منهما الآن
أبسبب سماعها لعمار، نطق إسم خديجه قبل أن تغيب عن الوعى.
هل كان سبب نطقه لأسم خديجه، إستنجادا بها، أم خديجه، هي ما تشغل كل تفكيره لدرجة أنه نطق إسمها، بدل من سهر، أغمضت عيناها، تشعر، بألم نفسى يفتك بعقلها، وألم طفيف بجسدها، بسبب تلك المسكنات.
تنحنحت نوال قائله: هروح أوضة النوم أجيب غيار لسهر غير الى عليها، علشان زمانه، ريحته بنج، وأدويه من المستشفى.
نطق عمار سريعا: خليكى مرتاحه جنب سهر، خديجه هتجيبلك الغيار.
فتحت سهر عيناها ونظرت لعمار الذي خرج، وخلفه خديجه، لابد أن يخبرها ما حدث، ويصبرها، لتنتظر وقتا آخر.
لكن كانت الحقيقه غير، ذالك، حين دخلت خديجه وخلفها عمار، لترى دماء سهر بأرضية الغرفه، وعلى الفراش، للحظه أنفزعت قائله: لأ كويس أن الأستاذه نوال مجتش وشافت منظر الدم الى في الأوضه ده، عالعموم هاخد غيار، لسهر أوديه لها، وأنزل لواحده، من الشغالات أقولها تجى تنضف الأوضه.
تحدث عمار: أنتى قولتى ان سهر وقعت امبارح في المطبخ، أيه السبب.
ردت خديجه: مفيش سبب، زى ما قولتلك كده، كان زيت واقع على أرضية المطبخ، ويظهر سهر، مخدتش بالها، فأتزحلقت، بسبب كده.
رد عمار بسؤال: وأيه الى كان موقع زيت عالأرضيه؟
ردت خديجه: عادى، أوقات كتير، وأحنا بنطبخ بيوقع زيت، وأوقات الاكل نفسه، مفيش سبب، حتى الحاجه، فريال، قالت لها مش تاخدى بالك.
نظر عمار لخديجه، يقول: هي مرات عمى كانت بتطبخ معاكم.
ردت سهر: طبعا، لأ، دى كانت داخله، تنظر، على الى بالمطبخ، حتى شدت مع سهر، بس سهر فرستها، بردها.
تحدث عمار: تمام، الدولاب أهو خدى غيار، ل سهر، وديه للأستاذه نوال، وأنا كمان هاخد غيار، وهدخل الحمام أغير الهدوم الى عليا دى.
أخذت خديجه بعض الملابس لسهر وغادرت الغرفه، وكذالك أخذ عمار، ملابس له، لكن حين دخل الى الحمام المرافق للغرفه لم يستطع الدخول إليه، بسبب دماء سهر الموجوده، بأرضية الحمام، فأخذ ملابسه، وتوجه لحمام آخر بالشقه
وقف، يفتح أزرار قميصة الملوث بدم سهر، حتى أن آثار دمائها قد نشفت على جلد صدره، نزل أسفل المياه، يغمض عيناه تعود به الذكريات تعصف بعقله
حين رأى سهر تنزف، رأى خديجه، وأيضا، عادل، أبن عمه.
تذكر قول خديجه أن زوحة عمه، كانت بالمطبخ، وقت وقوع سهر
ليعود بذاكراته، لطفل صغير لم يكمل الثانيه عشر من عمره، ظل بإصلاحية الأحداث لمدة شهران كذبا، بأتهام باطل بالقتل.
سرعان ما فتح عيناه، وأوصد المياه، وأرتدى ملابسه، وخرج من الحمام، عله يخرج، من تلك الذكريات العاصفه.
بينما بالاسفل قبل قليل
جذبت فريال يد
عليا قائله: قوليلينا أيه الى حصل.
ردت عليا: سهر كانت حامل، وسقطت.
ذهلت، حكمت، ووضعت يدها على صدرها وشعرت بدوار، كادت تقع، لكن سندتها عليا، قائله: مرات عمى.
تمالكت حكمت نفسها، تشعر، بآلم بصدرها، وتدمعت عيناها قائله: أنا بخير، بس الصدمه، يعنى كان هيكون عندى حفيد، بس ربنا مأردش.
شعرت عليا بحزن، زوجة عمها، وقالت: ربنا يعوض عليهم يا مرات عمى، تعالى معايا أقيسلك الضغط.
آمنت حكمت على قولها، وسارت معها.
بينما رسمت فريال پسمة شماته، وفرح، وهي تتخيل مدى حزن عمار، لفقدان أول نبته له.
بالمساء
دخل عمار الى غرفة النوم الموجوده بها سهر بعد أن أستأذن، نظر الى الفراش، رأى سهر مازالت نائمه، ونوال تجلس على أحد مقاعد الغرفه، تقرأ القرآن
صدقت حين دخل.
تحدث عمار بهمس قائلا: هي سهر لسه نايمه من وقت ما وصلنا.
ردت نوال: لأ صحيتها مره أخدت أدويتها ورجعت نامت تانى، وشويه كده، هصحيها، تاكل وتاخد أدويتها.
رد عمار: أنا موجود هنا، بالشقه أن أحتاجتى لأى شئ، تقدرى تنادينى.
تبسمت له نوال
لكن قبل أن ترد، رن جرس الباب.
نهضت نوال، فقال عمار
خليكى وأنا هفتح.
ذهب عمار الى باب الشقه وفتح
ليرى تهجم وجه يوسف، الذي قال: ربنا يعوض عليكم.
رد عمار: متشكر.
تخدث يوسف: فين سهر، وأزيها دلوقتى؟
رد عمار: كويسه، نايمه تقريبا، من وقت ما وصلنا، من المستشفى.
شعر يوسف بمدى حزن عمار، فهو جرب نفس الشعور، مرات سابقه، وكان من يخرجه من حزنه، ويعطيه الأمل هو عمار.
تنهد يوسف يقول: أنا مصدع أيه رأيك أعمل لينا قهوه نشربها، ونقعد ندردش سوا.
أماء عمار رأسه بموافقه، قائلا: المطبخ عندك أهو.
ذهب يوسف للمطبخ، وقام بعمل القهوه، وحمل الصنيه، وقف ينظر بأستغراب، حين رأى باب شرفه كبيره بالشقه مفتوح.
توجه أليها.
وجد عمار، يقف يدخن.
وضع صنية القهوه، وأقترب من عمار، ووضع يده على كتفه، قائلا: حاسس بيك، إدعى ربنا يعوض عليكم، بالخير.
نفث عمار دخان سيجارته، يقول: هتصدقنى، يا يوسف لو قولتلك، إنى مش مش زعلان إن سهر أجهضت الجنين ده.
تعجب يوسف!
ليكمل عمار قوله: لأنه كان هيبقى إبن إغتصاب، ودايما كان هيفكرنى، أنى إغتصبت سهر، ليلة زفافنا، ومتأكد، أن سهر جواها نفس الأحساس ده.
تعجب، يوسف، يشعر، بقلب صديقه الذي وقع بالغرام لأول مره.
بينما هناك من سمع قول عمار، ليوسف، ليشعر، بالآسى
أقتباس، أستفانيا روستى.
كان عمار يجلس لجوارها، يقرأ بعد العقود، يدقق ما بها، لاحظ نفخها، لأكثر، من مره، وهي تقلب، بريموت الكنترول، بين القنوات، الى أن. أستقرت على أحد القنوات، وما هي الأ قناة، رقص شعبى، أشمئزت سهر، وسألت عقلها لما توقفت على تلك القناه، فعادت تقلب، بالقنوات، لتجد فيلم لنجمه، إغراء شهيره، تقوم بالرقص، أيضا، كانت ستعود للتقليب بالقنوات، لكن أمسك عمار، يدها قائلا: خليكى عالفيلم ده، فيلم مسلى.
نظرت له قائله: أنت شوفت الفيلم ده قبل كده؟
رد عمار ببسمه: لأ، بس عندى فكره عن أفلام النجمه، دى، مميزه.
سخرت منه قائله: مميزه، مميزه، بأيه، نفسى أعرف دى بتعجبكم وتجذبكم على أيه، شويه الدلع، والرقص، دى كل أفلامها تافهه، وبتعمد على جسمها، وياريت جسمها، مغرى، ده كله نفخ، وعمليات تجميل، أكيد الى بيعجب الرجاله، هو، لبسها و رقصها، الخليع.
أقترب عمار، منها، يلاصقها بمكرقائلا: طب، أيه رأيك ترقصيلى، وأنا أعرفك بعدها، أيه الى بيجذب الرجاله ليها.
نهضت سهر من جواره، قائله: وماله.
ثم سارت
ليتعجب عمار قائلا: على فين يا سهر، مش هترقصيلى.
ردت سهر بسخريه: رايحه أتحزم، وأجيلك.