رواية جلاب الهوى للكاتبة رضوى جاويش الفصل الرابع عشر
بعنوان ( تعويذة )
اندفع حاملا إياها فى ذعر حقيقي لداخل البيت الكبير ولم يتنبه الا و هو يضعها على فراشه في عجالة و الخالة وسيلة تندفع مهرولة خلفه فى ذعر مماثل هاتفة فى لوعة:- ايه فى !؟.. الداكتورة مالها بعيد الشر!؟..
هتف عفيف بدوره في اضطراب:- معرفش يا خالة.. معرفش ...وجعت من طولها بعد ما مامت براءة جدام عنيها ..
هتفت الخالة وسيلة مفجوعة للخبر ضاربة بكفها على صدرها:- براءة ماتت!؟.. عيني عليكي يا بتي ..و على اللي نابك ..
تحرك عفيف في سرعة فى اتجاه طاولة الزينة جالبا زجاجة من عطر اسقط بعض من رزازها على كفه التي قربها الى انفها في محاولة لإفاقتها لكن لا فائدة فقد ظلت على حالها ليضرب بخفة على خدها هامسا باسمها في اضطراب:- دلال .. دلال ..
تنبه انها المرة الاولى التي ينطق اسمها مجردا حتى ولو بينه وبين نفسه .. كان يهاب فعل ذلك وكأنه كان يدرك انه لو فعل فسيكون كمن ألقى تعويذة ما على قلبه حتى انه لن يعود قادرًا على ذكر امرأة سواها ماحيا لكنه فعل فى غفلة منه ونطق بأحرف اسمها في اضطراب جعله يشعر برجفة خفيفة بأوصاله و اهتزاز عجيب بأعماقه وارتجافه بفؤاده..
لكن همسه باسمها لم يوقظها كذلك اعاد الكرة متجنبا ذكر اسمها:- يا داكتورة ..
لم يفلح ذلك ايضا في إفاقتها.. كاد ان يصرخ هلعا واندفع في اتجاه الخارج باحثا عن طبيب لمداواتها ليصطدم بالدكتور طارق والذي جاء مسرعا بدوره للاطمئنان عليها..
هتف عفيف به كمن وجد طوق نجاة:- چيت ف وجتك يا داكتور .. الداكتورة فوج تعبانة جوي ..
اندفع طارق للأعلى وتبعه عفيف الذي وقف خارج اعتاب الغرفة يقسم انه يموت قهرا من شدة انفصامه .. فهاهو يجلب لها طبيبا لفحصها تاركا إياها معه بغرفة واحدة رغم وجود الخالة وسيلة الا ان ذلك لم يكن كافيا ليقلل من شدة استعار النيران بجوفه وما بين رغبته فى الاطمئنان عليها ورؤيته لها سالمة معافاة من جديد ..
ظل يتأرجح ما بين مشاعره المتناقضة تلك حد الهلاك حتى ظهر طارق من الداخل فتنفس الصعداء وهو يندفع اليه متسائلا:- خير يا داكتور .. ايه فى !؟..
هتف طارق متنهدا:- ذي ما اتوقعت يا عفيف بيه .. للاسف صدمة عصبية ..
هتف عفيف في اضطراب:- صدمة عصبية !؟..
اكد طارق:- ايوه .. الموقف اللي اتعرضت له مكنش بسيط عليها .. برغم اننا دكاترة وبنشوف ياما لكن واضح ان الدكتورة متعرضتش لمواقف مشابهة وخاصة اني عرفت ان البنت دي هى حاولت تمنع اللي حصلها وكانت أديتها وعد محدش هيقدر يضرها بس هى مقدرتش تمنع ده للاسف .. الدكتورة عندها احساس رهيب بالذنب ان لها يد ف اللي حصل لبراءة وانها كانت تقدر تمنع اللى حصلها وعجزت..
هتف عفيف فى ضيق:- لا حول و لا قوة الا بالله .. طب والعمل يا داكتور !؟..
اكد طارق:- متقلقش يا عفيف بيه .. فترة وهتعدي باذن الله بس اهم حاجة الهدوء والراحة وان محدش ينقل لها اخبار مش كويسة .. و الدكتورة دلال مؤمنة وعارفة ان كل حاجة باذن الله .. بس الصدمة كانت شديدة عليها شوية ..
اكد عفيف:- و نعم بالله ..
تحرك طارق نحو الدرج راحلا و مؤكدا:- انا ف الخدمة ف اى وقت يا عفيف بيه .. ابعت لى مناع بس هتلاقيني هنا ف ثواني لو جد اى جديد ..
هتف عفيف ممتنا:- شكرًا يا داكتور ..
هتف طارق:- العفو على ايه .. الدكتورة عزيزة علينا كلنا .. ربنا يقومها بالسلامة ..
تنحنح عفيف محاولا ان يسيطر على انفعالاته حتى تكون تحت السيطرة بعد تصريح طارق العادي في فحواه والغير عادي على الإطلاق بالنسبة لعفيف الذي هتف بلهجة تبدلت للرسمية فجأة:- متشكرين يا داكتور كلك ذوج ..
اندفع طارق يهبط الدرج هاتفا:- اروح اشوف ايه اللي تم ف موضوع براءة .. انا سبت شريف باشا بيعمل اللازم مع اهلها وجيت عشان اطمن ع الدكتورة ..
لم يكد يكمل طارق جملته وقد وصل لأسفل الدرج بالفعل حتى اندفع لداخل البيت الكبير النقيب شريف الذي هتف فى قلق:- خير!؟ ايه اللي سمعته ده !؟.. الدكتورة دلال !؟..
طفح الكيل .. فقد كان عفيف يغلي بموضعه اعلى الدرج غير قادر على التفوه بحرف واحد حتى لا يحرق الجميع .. فهتف طارق لشريف:- الحمد لله .. هى كويسة .. بس صدمة بسيطة وباذن الله هتعدي على خير ..
هتف شريف:- طب الحمد لله .. بس هى فايقة !؟.. يعني انا ممكن أشوفها !؟..
هم طارق بالإجابة الا ان عفيف هتف بصوت هادر:- جلنا انها بخير يا حضرة الظابط ..!.. ايه .. نغنوها ع الربابة .. هى كويسة .. مكدب الداكتور يعني .. مجال حاچة بسيطة وهتجوم منيها باذن الله .. وبعدين متهئ لي في حاچات تانية مهمة برضك محتاچاك ..
لم ينفعل شريف كالعادة بل ابتسم فى هدوء:- يا عفيف بيه ما انا كنت بسأل عشان لو فايقة كان ممكن اخد منها كلمتين عن اللي تعرفه ف موضوع براءة ..ع العموم تمام يا عفيف بيه .. المهم انها بخير ..
شعر عفيف بتسرعه في الرد بهذا الشكل .. و اقسم ان ذاك الشعور الاحمق الذي يتملكه تجاه اي ذكر يقترب منها سيورده يوما ما مورد التهلكة .. تنبه على صوت شريف مؤكدا:- انا فعلا سبت كل اللى ف أيدي وجيت جرى اطمن ع الدكتورة وأشوف اقدر اعمل ايه .. هاروح انا بقى ..
هتف طارق بدوره:- خدني معاك يا شريف باشا ..
دعاه شريف برحابة صدر و انصرفا سويا ليزفر عفيف فى ضيق عندما اختفيا من امامه زفرة راحة لانه استطاع ان يتمالك أعصابه التي كانت تحترق فى وجودهما وقد ضاق ذرعا بلهفتهما على تلك الراقدة بالأعلى التى يشعر ان لا حق لاحد غيره في القلق عليها .. نعم .. حقه هو فقط ..
همس نديم متسائلا:- جمعتي كل حاجة لينا هنا !؟..
ابتسمت رغما عنها هاتفة:- ده على أساس ان لينا سنين هنا !؟.. دي هدومنا هي اللي حيلتنا ونصها لبسينه والنص الباجي ف الشنطة ..
ابتسم بدوره هاتفا:- على قولك .. بس اهو بسأل بحكم العادة .. ياللاه بينا ..
هتفت وقد تحولت نبرة صوتها الى نبرة مضطربة:- لسه ناوي ع القاهرة !؟..
اكد نديم وهو يفتح باب الغرفة مفسحا المجال لها لتمر حتى يغلق الباب ليسلم مفتاحه لاستقبال الفندق:- والله ما عارف .. سبيها على الله .. يمكن اول ما نوصل المحطة أغير رأيي .. خلينا نشوف الدنيا هتروح بينا على فين ..
اومأت برأسها ايجابا وانتظرته حتى اغلق الغرفة وتبعته في صمت راحلان الى اللامكان ..
كان يزفر في ضيق لما حدث بالأسفل منذ دقائق .. الكل جاء للاطمئنان عليها بعد ان وصل لهم خبر ما حدث لها .. جميع الرجال بلا استثناء جاءوا مهرولين من اجل السؤال عنها .. تبا لهم جميعا ..
كان ذاك الشعور الداخلي تجاه اي رجل يتأكله فعليا وهو يطرق على باب غرفته لتطل الخالة وسيلة برأسها من خلف الباب هاتفة:- خير يا عفيف بيه!؟.. الداكتور جالك ايه !؟..
هز عفيف رأسه مؤكدا في هدوء:- خير يا خالة وسيلة .. كل خير باذن الله .. بجولك .. ناوليني چلبية انام فيها من چوه ..
هتفت وسيلة و كانها تنبهت فجأة:- واااه .. دِه جنابك چبت الداكتورة على اوضتك .. دلوجت هتنام فين!؟..
هتف عفيف بنبرة صوت منهكة:- ف اي حتة يا خالة .. مش هاتفرج كَتير .. ناوليني بس چلبية من عندك .. همّي ..
هتفت وسيلة وقد دلفت للغرفة بالفعل:- حاضر .. حلاً اهاا ..
تحركت الخالة وسيلة من امام باب الغرفة مما جعله بلا تعمد منه يرى جسدها المسجي على فراشه ..انها تحتل فراشه .. كما تحتل روحه.. شئ ما تحرك داخله جعله لا يقو على التطلع اليها من جديد فقد كان يكفيه نظرة واحدة .. مجرد نظرة فعلت به الكثير .. ظهرت الخالة وسيلة حاملة ما طلب وما ان هم بتناوله منها حتى أشاحت بكفها واندفعت خارج الغرفة هاتفة في تصميم:- و الله ما اسيبهم الا اما اعرف هتنام فين وأتأكد انك نايم ومرتاح ..
اكد عفيف:- هنام ف اى اوضة .. متشغليش بالك انتِ.. خليكِ چنب الداكتورة ..
اندفعت الخالة وسيلة حاملة اغراضه متجهة لأحدى الغرف و دفعت بابها هاتفة:- يبجى خليك ف اوضة ناهد .. انا عنضفها يوماتي من يوم ما..
قطعت الحاجة وسيلة استرسالها في الكلام وتطلعت الي وجهه الذي انقلبت سحنته الا انه لم يعقب بل على العكس دفع باب الغرفة ودلفها لتتبعه وسيلة في صمت وتضع اغراضه جانبا راحلة في هدوء لتتركه يكتر ذكريات مضت .. ذكريات تنكأ جرحا لايزل حيّا .
هتفت ماجدة ام زينب تحاول استثارة فضول ابنتها لتتابع حديثها بدلا من تلك الاوراق التي تدفن بها رأسها:- انتِ عارفة مين اللي كلمني النهاردة !؟..
هتفت زينب بلا اهتمام في محاولة لمجاراة حديث امها:- مين يا ماما!؟..
هتفت ماجدة في سعادة:- الست شريفة .. ام حضرة الظابط اللي قبلته يوم ما كنت عندك ف المستشفى ..
انتفضت زينب وبدا عليها الاهتمام اخيرا مما جلب الابتسام لشفتي امها فقد استطاعت هذه المرة استثارة فضولها بحق لتسأل زينب في توجس:- اتصلت ليه يا ماما !؟..و جابت نمرتنا منين اصلا !؟..
اكدت ماجدة:- قالت لى ان دلال اديتها لحضرة الظابط .. و هى احتفظت بيها عشان لو تعبت تعرف توصل لك ..
هتفت زينب من جديد:- تمام يا ماما .. بس برضو اتصلت ليه !؟..
هتفت ماجدة:- وحياتك يا بنتي ما اعرف .. شوية تحيات على سلامات .. وخلاص ..
نظرت زينب الى امها نظرة متوجسة تشبه نظرة المفتش شارلوك هولمز وهو في سبيله لحل لغز عويص:- ماما ..قري و اعترفي .. ام حضرة الظابط كلمتك ليه !؟..
هتفت ماجدة في اضطراب:- يوووه .. والله ما قالت حاجة .. غير..
قاطعتها زينب هاتفة تتعجلها:- ايوووه .. غير ايه بقى !؟..
هتفت ماجدة معترفة داخليا بفشلها في الاحتفاظ باي سر:- غير انها بتدعيلك دايما لتعبك معاها ف المستشفى وأنك بنت ذي القمر .. و اي واحدة تتمناكِ لأبنها .. واستغربت انك ازاي لسه متجوزتيش لحد دلوقتي ..
انتفضت زينب صارخة:- وانتِ قولتلها ايه !؟..
انتفضت ماجدة بدورها:- والله يا بنتي ما قلت لها اي حاجة .. قلت لها النصيب لسه مجاش .. يعني هقول ايه غير كده !؟..
تنهدت زينب في راحة وعادت لتجلس موضعها لكن ما ان رأت الوجوم يرتسم على ملامح امها حتى نهضت من جديد مقتربة منها وانحنت تقبل هامتها هامسة:- كله بأوانه يا ماما ..
همست ماجدة باكية:- بقالك سنين بتقوليلي كده .. سنين مش قادرة ت..
قاطعتها زينب دامعة:- عشان خاطري يا ماما بلاش السيرة دي .. بلاش ..
همست ماجدة وهى تجذبها لأحضانها:- خلاص يا حبيبة امك.. خلاص .. بلاها اي حاجة تزعلك ..
انزوت زينب باحضان امها راغبة في الهروب من ذكرى بعيدة لكنها لاتزل ماثلة حية امام ناظريها .. لكن هل لها من مفر !؟..
كان يتطلع اليها الان من الطرف الاخر عبر الحديقة و قد امر الخالة وسيلة بإنزالها من عزلة غرفتها التى تجلس بها وحيدة رغبة منه في اخراجها من حالة التيه التى لاتزل تعتريها وذاك الصمت المطبق المصحوب بالدمع المنساب على خديها ..
كان شعوره بالذنب تجاهها يتضاعف كلما رأها على هذه الحالة فقد كان هو السبب فى جلبها من الاساس .. ليته ما دفعها رغبة فى حماية اخيها الوحيد للقدوم الى هنا .. فهنا ليس مكانها المناسب على اية حال .. فعادات وتقاليد النجع لاتناسبها وافكار أهله لم تعتدها ويبدو انها لن تستطع التأقلم يوما على طريقة التفكير اواسلوب التعامل ما حيت ... فهى من بيئة مختلفة شكلا وموضوعا ..
تنهد في حزن وهو يراها لاتزل تجلس بصحبة صمتها الذى يقتله قهرا عليها ولا حيلة لديه الا صمت مقابل .. فماذا عليه ان يفعل ليخرجها من هذه الحالة !؟..
احضر بدل من طبيب واحد ثلاثة أطباء وكلهم اجمعوا ان حالتها نتيجة صدمة قوية تعرضت لها و ان احساس الذنب يكبلها عن التعاطي مع العالم الخارجي الذي ترفضه ..
تقدم منها بخطوات متمهلة حتى جلس مجاورا لها على تلك الأريكة المنعزلة نوعا ما في احد جوانب الحديقة وتنحنح محاولا اجلاء صوته المتحشرج تأثرا وهمس:- ازيك دلوجت يا داكتورة!؟.. لم تجبه بالطبع وظلت على شرودها ليستطرد هو بنبرة يحملها الشجن..
انا عارف انك سمعاني بس مش عايزة تردي .. مخاصمه الكل وأولهم انا طبعا .. معلوم مش انا اللي چبتك على هنا .. و بسببي شوفتي اللي شوفتيه ده .. بس انا عايز اجولك كلمة يا داكتورة .. متحمليش نفسك فوج طاجتها .. انتِ عملتي اللي عليك .. و انا اشهد لك بكِده .. انتِ روحتى للولية الفجرية ام حبشي وحاولتي تچريها لسكتك و تكفي الحريم أذاها .. ومن جبلها حاولتي تخلي ابو براءة وامها يراچعوا نفسهم وجلتي ان البت ضعيفة ومش هاتستحمل..
و كان عندك حج.. و لما اختها الصغيرة چات لك عشان تلحجي اختها .. مترددتيش لحظة وانا شفتك هناك بتحاولي تلحجيها ولو كنتِ تجدري ساعتها تديها من روحك مكنتيش اتاخرتي ..
تنهد ولم يطرف لها جفنا لكلماته ليكمل مؤكدا:- اللي بجوله دِه شهادة حج يا داكتورة مش عشان انتِ تعبانة .. ربنا العالم انك تستاهلي اكتر من الكلام دِه مليون مرة .. واللي حصل لبراءة دِه مجدر ومكتوب مهما كانت الأسباب وانتِ انسانة مؤمنة بجضا ربنا ..و لا ايه !؟..
كان يتمنى ان ترد عليه بأي كلمة ان تصرخ ان تلعن حتى ذاك اليوم الذي رأته فيه عند باب شقتها باحثا عن اخيها الهارب لكنها لم ترد الا بصمت تام كان يمزق روحه ..
انتفض من موضعه جوارها عندما تنبه لدخول احدهم بوابة البيت الكبير .. كان حضرة الضابط شريف .. حاول ان يتمالك أعصابه التالفة من الاساس وهو يهتف بلهجة رسمية جعلت شريف يتطلع لموضعه القادم منه والذي كان يحتله بمجلسها المنزوي بالحديقة:- خير يا حضرة الظابط!؟..تحت امرك ..
ابتسم شريف فى أريحية متجها اليه هاتفا:- خير اكيد يا عفيف بيه .. انا نازل اجازة وقلت أجي اطمن ع الدكتورة قبل ما انزل ..
هتف عفيف وهو يضرب باطن كفه اليمنى على ظهر كفه اليسرى الممسكة بعصاه والمستندة عليها:- فيك الخير يا شريف بيه ..
هتف شريف متجاهلا نبرة عفيف المبطنة بالغضب:- على ايه يا عفيف بيه .. الدكتورة عزيزة علينا .. و ده اقل واجب ..
هتف عفيف بنفس اللهجة التى بدأت تمتزج بالسخرية:- لاااه الحجيجة يا شريف بيه انت جايم بالواچب و زيادة الصراحة ..
قهقه شريف هاتفا:- و لسه يا عفيف بيه .. الواجب الحقيقي مع الدكتورة متعملش ..
زم عفيف ما بين حاجبيه فى تعجب هاتفا:- جصدك ايه !؟.. واچب ايه اللي متعملش !؟..
ابتسم شريف في غموض هاتفا:- الدكتورة ليها جميل ف رقبتي و لازم أرده .. و هحاول أرده ف الاجازة الجاية باذن الله ..
هتف عفيف فى ضيق:- ايه الفوازير دي يا حضرة الظابط!؟.. چميل ايه !؟.. و ترده كيف !؟..
اكد شريف هاتفا:- انا هساعد الدكتورة تخرج من حالتها دي ..
تنبه عفيف هاتفا في تساؤل متحيرا:-كيف يعنى !؟
نظر شريف لساعة يده وهتف في عجالة:- هتعرف لو قدرت اعمل كده فعلا .. اشوف وشك بخير يا عفيف بيه اتاخرت جداااا ..
واندفع شريف مبتعدا قبل ان يشفي عفيف غليل فضوله لمعرفة ما الذي يمكن ان يخرج دلال من حالتها تلك ويقصده ذاك الاخرق و هو لا يعلم به ..
وأنار بعقله هاجس ما .. هل كان حضرة الضابط يقصد اخيها !؟.. لمعت عيناه في جزل وتمنى من صميم قلبه ان يكون الامر كذلك و ساعتها سينتهي هذا الوضع برمته وسيكون ذاك الضابط الاخرق قد أسدى له خدمة العمر بحق ..
اندفع شريف إلى داخل المشفى متوجها رأسا الى غرفة الأطباء التى حفظ مكانها عن ظهر قلب .. طرق بابها المغلق لعله يفتح على محياها الذى اشتاقه كثيرا فى الفترة السابقة .. لكن ما من اجابة .. مرت به احدى الممرضات هاتفة:- مفيش حد جوه يا حضرت .. انت عايز مين !؟..
هتف بدوره:- الدكتورة زينب عبدالحكيم ..
اكدت الممرضة:- الدكتورة زينب بتاعت القلب !؟
اكد شريف مبتسما:- اه هى بتاعت القلب .. واستطرد هامسا:- واللي تاعبة القلب ومدوباه والنعمة ..
اكدت الممرضة:- على وصول .. استناها ف الاستقبال ..
اومأ برأسه موافقا وجلس على احد المقاعد القريبة من الغرفة لعله يلمحها وهى تدلف اليها ..
و ما هى الا دقائق حتى كانت ماثلة امام الباب تفتحه و تدخل للغرفة فانتفض وزاد وجيب قلبه وهو يراها بعد طول غياب .. لم يكن يعتقد ان ذلك سيكون حاله عند رؤيتها .. ماذا فعلت تلك المرأة بقلبه !؟.. فما ان يلمح محياها حتى يضيع ثباته وتبدأ كل موازينه فى الاختلال ..
طرق الباب وسمحت له بالدخول ليفتح الباب في هوادة مطلا برأسه من خلفه هاتفا فى محاولة للمرح رغبة فى مدارة ذاك الاضطراب الذى يعتريه ما ان يتطلع اليها:- السلام عليكم يا اعظم دكتورة قلوب ف بر مصر كله ..
انتفضت داخليا وحاولت استجماع شتاتها ما ان وصلتها نبرات صوته المرحة وتغلغلت حتى أعماقها .. كادت تبتسم لمرأه لكنها حاولت بل جاهدت حتى تتصنع الجدية كعادتها فى حضرته وردت تحيته المرحة بأخرى جادة باءت بالفشل الذريع لانها كانت مصاحبة بابتسامة على شفتيها معاكسة تماما لتلك الجدية و أفصحت عن الكثير وهى ترد:- و عليكم السلام يا كابتن .. حمد الله بالسلامة .. رجعت م النجع امتى!؟.. اكيد معاك رسالة من دلال…
تقدم لداخل الغرفة مما اثر على أعصابها كليا وجلس قبالتها و ابتسامته تلك تفعل بقلبها ما لم تخبره يوما وهتف مؤنبا:- هو انا مقدرش اجي ازورك الا لما يكون معايا رسالة من صاحبتك !؟..
أكدت زينب:- متهئ لى كده يا حضرة الظابط .. هو احنا عرفنا بعض اصلا الا من خلال دلال .. يبقى اكيد مجيتك بسببها ..
زفر في حنق هاتفا:- لا طبعا .. مش شرط على فكرة.. بس تصدقي.. انتِ عندك حق برضو ..
كادت تقهقه ضاحكة على ذاك الذي لا يستقر على رأي واحد وهتفت:- انا مش فاهمة حاجة الصراحة بس وماله .. هات جواب دلال وانا اشوف ايه الاخبار عندها ..
اكد مطأطئ الرأس:- الصراحة مفيش جوابات المرة دي منها .. بس ..
انتفضت داخليا وهتفت فى قلق:- بس ايه !؟.. دلال حصل لها حاجة!؟..
تنحنح فى محاولة لتوصيل الاحداث بشكل يقلل من وطأة صعوبتها وبدأ فى شرح الملابسات وما ألت اليه حالة دلال ..
انتفضت من موضعها واقفة وهى تهتف في عزم:- انا لازم اروح لها .. و لو قدرت هرجعها .. مش ممكن اسبها هناك مع الراجل المتوحش ده اللي اسمه عفيف ..هى ملهاش ذنب ان ..
وفجأة توقفت عن متابعة كلامها الذى يفضح عن امر ما لا يعرفه فتطلع اليها فى تعجب متسائلا:- ملهاش ذنب ف ايه بالظبط !؟.. هو ايه الحكاية !؟..
اندفعت باتجاه الباب متحججة بان موعد فحوصاتها قد حان و هتفت مؤكدة:- انا اتاخرت قووى على المرضى بتوعي .. ع العموم .. متشكرة جدا يا كابتن انك جيت قلت لي اللي بيحصل لدلال .. وذي ما قلت لك انا مش هسبها وهروح لها.. حضرتك راجع امتى النجع!؟..
هتف شريف في لهفة:- المفروض بعد يومين .. بس لو حابة أقطع الاجازة ونسافر سوا حالا ..
اكدت:- لا .. يا دوب اجهز حالي وابلغ والدتي .. ونتفق نتقابل ازاي عشان طبعا مش هعرف أوصل النجع لوحدي ..
اكد فى سعادة:- اكيد طبعا .. هكلمك ونتفق ..
اومأت فى هدوء وألقت التحية على عجالة ورحلت مخلفة اياه وراءها تتقاذفه الفرحة لان الفرصة واتته ليكون معها و يرافقها في سفرها ..
أقنعت امها اخيرا بموافقتها على السفر الى دلال بقلب الصعيد وما جعلها تطمئن في الاساس هو معرفة امها بان شريف سيكون رفيقها في رحلتها الى حيث ترقد دلال مريضة ..
كانت قد هاتفته لتؤكد له على موعد اجتماعهما للسفر وقد أزف الوقت و هى لاتزل تجمع حاجياتها في عجالة ..
زفرت فى ضيق عندما تناهى لمسامعها طرقات على باب شقتها و هى غير مؤهلة حاليا لأى زوار من شأنهم تعطيلها عن حزم امتعتها ..
اندفعت للباب تفتح في عجالة وما ان رأت الطارق حتى شهقت فى تعجب هاتفة:- نديم !؟..
ابتسم نديم في حرج هامسا:- معلش .. انا عارف انى جيت فجأة ومن غير ما اكلمك بس اعذريني .. اصل ..
هتفت زينب موبخة:- انت بتقول ايه !؟.. ده بيتك وبيت دلال .. انت تيجي ف اي وقت .. اتفضل ..
هتف مضطربا:- انا مش لوحدى .. انا ..
هتفت زينب وهى تتطلع الى حيث يشير وقد وقعت عيناها على ناهد:- طبعا عارفة ..مراتك ..اتفضلوا
دلف نديم وخلفه ناهد على استحياء ليهتف متعجبا:- انتِ عرفتي منين اني اتجوزت !؟.. ده حتى دلال متعرفش ..
اضطربت زينب ولم تعلم كيف توضح له الامر لكنه عاجلها بسؤال اخر اعتقدت انه أنقذها من اجابة الاول فإذا به يورطها اكثر:- هي دلال فين يا زينب !؟.. برن عليها تليفون البيت كتير مش بترد ..
هتفت في مراوغة مرحبة من جديد وهى تشير للصالون:- طب اتفضلوا يا نديم.. هو احنا هنقف نتكلم كده ع الباب !؟..
دخل نديم غرفة الصالون وتبعته ناهد ولم تنطق بحرف واحد.. جلسا فى صمت حتى هتف نديم متسائلا من جديد:- انتِ طبعا بتشوفي دلال يا زينب !؟..
اضطربت زينب و ساد الصمت .. ليهتف نديم في قلق:- ايه !؟.. هو دلال مرجعتش لسه من السفرية اللى راحتها دى ولا ايه !؟..
ساد الصمت من جديد و لم ترد زينب على اي من أسئلته ..
انتفض نديم هاتفا في حدة عندما طال صمتها وبدا واضحا انها تخفي شيئا ما:- في ايه يا زينب !؟.. ما تفهمينى !؟.. دلال جرالها حاجة!؟..
انتفضت زينب على رنين باب الشقة واتخذته ذريعة لتبتعد عن نديم لبرهة متعللة بالذهاب لرؤية الطارق ..
فتحت زينب الباب لتشهق فى تعجب للمرة الثانية في خلال النصف ساعة الماضية فيبدو ان اليوم يوم المفاجآت وهتفت فى دهشة:- حضرة الظابط !؟.. هو مش احنا ..
هتف شريف مقاطعا إياها في مرحه المعتاد:- والله لقيتك اتاخرتى .. قلت أجي أجيبك بنفسي عشان اضمن انك مسافرة فعلا .. صاحبتك محتاجاكِ ومعتقدش انك هتتأخري عليها ..
هتفت زينب في اضطراب:- ايوه .. ايوه اكيد .. مش ممكن أتأخر .. بس ..
كانت زينب تتطلع لباب حجرة الصالون الذي كان مفتوحا و اضطرابها تزداد وتيرته مع كل لحظة خوفا من ان يكشف شريف حقيقة وضع دلال فيسمع نديم و يحدث ما لا يحمد عقباه .. و لأن كل متوقع آت .. هتف شريف:- الدكتورة دلال لو تعرف بس انك رايحة لها .. هتخف من قبل ما توصلي .. دي ..
اندفع نديم من الصالون هاتفا فى ذعر:- دلال عيانة !؟.. مالها !؟.. و انتِ رايحة لها فين يا زينب !؟ حد يفهمني في ايه !؟..
صرخ بجملته الاخيرة فلجم كل من زينب وشريف عن النطق للحظات و اخيرا هتف شريف متعجبا:- طب ممكن قبل ما اجاوب .. اعرف حضرتك مين بالظبط !؟..
وضعت زينب كفها الذى يرتعش تخبئ وجهها فقد انكشف الكثير من المستور وخاصة عندما اندفعت ناهد من داخل الصالون على صراخ نديم مستفهمة ليتطلع اليها شريف مشدوها واخيرا زم ما بين حاجبيه في تعجب هاتفا:- آنسة ناهد النعمانى !؟.. حضرتك بتعملي ايه هنا !؟.