رواية جراح الروح للكاتبة روز أمين الفصل الخامس عشر
نظرت إلى هشام، وجدت بعيناه تحذير وغضب ولأول مرة تراه، فتنهدت وأهتز قلمها
كادت أن تتراجع لأجل إرضائة وإرضاء خاطره، لكنها وبلحظة حسمت أمرها، فيكفيها خسارتها لحلمها السابق على يد سليم، فلن تتنازل تلك المرة عن وصولها لذلك المنصب العريق لأجل هشام الذي لم يهتم سوي بحاله وغيرته وفقط!
أخذت نفس عميق وأخرجته بهدوء، وبكل قوة وثبات، أمسكت بقلمها من جديد و وضعت إمضتها على ذلك العقد تحت سعادة سليم التي تخطت عنان السماء!
إستشاط داخل هشام وشعر بطعنة داخل صدرة وخصوصا عندما لاحظ سعادة ذلك الواقف بجوارها،
تحرك لخارج المكان بأكملة تارك الحفل الذي لم يبدأ بعد، وأستقل سيارته وقادها بغضب تام!
أما سليم الذي إنتفض داخله بسعادة وتراقص قلبه فرحا.
ثم نظر إليها بعيون تشع سعادة لأجلها ولأجل وضع قدميها على أول درجة بسلم صعودها المهني،
وأردف بعيون سعيدة وصوت عاشق مبروك يا فريدة، ألف مبروك، الوقت بس إبتديتي أول خطوة في مشوار صعودك لسلم المجد في مجالك!
نظرت له بتيهه، مستغربة شدة سعادته ولمعة عيناه السعيدة لأجلها وأردفت بسعادة متشكرة يا باشمهندس، بجد ميرسي على وقوفك معايا!
أجابها بصوت حنون عمري مهسيبك يا فريدة، هفضل واقف جنبك طول الوقت حتى لو كان غصب عنك!
فاقت على صوت فايز الذي صافحها مهنئ بسعادة
وأيضا معظم زملائها حتى الحاقد منهم وأتت إليها أسما التي إحتضنتها وهنئتها تلاها علي وأيضا نورهان.
كانت تجلس فوق مقعدها داخل شرفتها، إستمعت لهاتفها فأردفت سريع وبلهفة إتأخرتي ليه، أنا مستنيه تليفونك ده من بدري؟
أجابها المتصل إسمعيني كويس وركزي علشان معنديش وقت، هشام خرج غضبان من الحفلة، هو حاليا عامل زي الطفل الغضبان إللي لعبته اللي متعود عليها ضاعت منه ومش عارف يوصل لها، علشان كده لازم نهديه ونشغلة بلعبه جديدة وتكون مختلفه، علشان ينشغل معاها و ينسي بيها لعبته اللي إتعود عليها!
أردفت لبني بإستغراب هو أنت ليه كل كلامك ألغاز كده، أنا مش فاهمه منك حاجه؟!
أجابها المتصل هشام حاليا وحيد وحزين وغضبان من فريدة لأنها فضلت شغلها عليه، حالا تتصلي بيه وبصوت كله حنان تحاولي تحتويه،
وأكمل بتحذير بس أوعي تجيبي له سيرة فريدة بأي شكل من الأشكال، خليكي دايما حريصة وذكية في التعامل معاه، إطلبي منه إنه يخرج معاك دالوقت وتسهروا
تسائلت لبني طب ولو رفض؟
أجابها المتصل بنبرة واثقه هيقبل، هو حاليا محتاج يثبت لنفسه إنه مرغوب، وأكمل بنبرة أمرة حالا تتصلي بيه!
وبالفعل أغلقت مع ذلك المجهول وهاتفت هشام الذي كان يقود بسرعه جنونيه، فاستمع هاتفه نظر به وجدها لبني.
رد بإقتضاب ونبرة حادة أهلا يا لبني!
ردت بصوت أنثوي مثير أزيك يا هشام، أسفه لو كنت أزعجتك، أصلي قاعدة متضايقه وقولت أتصل بيك لو فاضي نتكلم شوية، أو حتى لو حابب نخرج نقعد في مكان مفتوح نشم فيه شوية هوا!
أجابها بإقتضاب معلش يا لبني تعبان وبجد مش هينفع
ثم فكر قليلا وأردف قائلا بعناد خلاص يا لبني، إلبسي وأنا هعدي عليك حالا!
طار قلبها فرحا وأغلقت معه وقفزت من سعادتها لترتدي أجمل ما لديها من ثياب!
داخل الحفل!
إشتغلت الموسيقي للإعلان عن رقص كل ثنائي معا
تحرك فايز مع زوجته الجميله دكتورة صفاء، وأيضا مدير الشركة الألمانيه مع زوجته، وعلي مع أسما، وأيضا نورهان وزوجها وجميع موظفي الشركتان إلا سليم الواقف بجانب ندي.
وهو ينظر على تلك الفريدة الواقفه تنظر للأمام بشرود وحزن، نظرت ندي إلى ماينظر بحقد وغل وأردفت قائلة بتمني بليز يا سليم ممكن ترقص معايا؟
نظر لها ثم أجابها بهدوء معلش يا ندي، أنا مبرقصش مع حد!
ضيقت عيناها بإستغراب وأردفت قائلة بنبرة ساخرة لا والله، طب ده أنا ياما سمعت عنك حكايات مع بنات تملي مجلدات، حسام ياما حكالي إنكم كنتم بتخرجوا يوميا وبترقصوا مع بنات وكنتم كمان بتسهروا لوش الصبح!
أجابها بعيون حزينة ده كان قبل ما ربنا يهديني وأفهم ديني كويس يا ندي، لما سافرت تعمقت في دراسة ديني وبقيت أدخل على مواقع إسلامية وأبحث في أراء شيوخنا الأجلاء في إن إزاي نعيش حياتنا ونستمتع بيها وبنفس الوقت ما نغضبش ربنا مننا!
ضحكت ندي وأردفت بنبرة ساخرة يعني الناس بتسافر دول الغرب وتنفتح على ثقافات العالم المختلفه وتعيش حياتها بحرية، وإنت روحت هناك علشان تبحث في الدين؟
وأكملت بجهل وبعدين مال الدين بالرقص، إنت ليه محسسني إني واقفه قدام شيخ، مش لايق عليك الكلام ده يا سليم!
أجابها بهدوء أنا عارف إني موصلتش لحالة التدين إللي تسعدني كمسلم وتخليني أفتخر بنفسي، بس الحمدلله أنا واصل لدرجة راضياني وبحاول أوصل للأعلي،
ويكفيني إني مبقربش من الكبائر، ولا بقرب من حقوق الناس، لأن أكبر الذنوب هي حقوق الناس بكل أنواعها،.
وأكمل يوم البعث ربنا سبحانه وتعالى ممكن يغفرلنا أي ذنوب إلا المرتبطة بحقوق البشر، لازم هما بنفسهم يسامحوا في حقوقهم، وده طبعا نادرا لو حصل لأن معظمنا وقتها هيبقا بيفكر في المكانة الأعلي عند رب العالمين، وبالتالي محتاجين لكل حسنة وكل عمل صالح يقربنا من كدة، فهمتي يا ندي!
وأكمل والرقص حرام طبعا، رقص يعني راجل يقف قدام ست ويقرب منها، يلمس إديها وكمان كتفها وإحتمال وسطها،
ونظر لها بأسي وأكمل تفتكري ده يصح ولا يرضي ربنا؟
ونظر إلى شقيقته وأردف قائلا عمرك شفتي ريم رقصت مع حسام، طبعا لا، لأني أنا وبابا قعدنا معاها قبل كدة وشرحنالها كل الكلام ده!
وأكمل وعلي فكرة يا ندي، أنا مش راضي عن نفسي كل الرضا وأكيد فيه حاجات بعملها غلط،
لكن على الأقل بحاول، ما لا يدرك كله لا يترك كله،
بمعني إذا مكناش صالحين بما يكفي ونفذنا أوامر دينا بحذافيرة، منبقاش مفسدين ونهمل نفسنا وننسي تأديبها ونوصل نفسنا بأدينا للهلاك!
هزت رأسها بإيجاب حتى يصمت لعدم إرادتها الحديث معه بهذة المواضيع أكثر، فقد زين لها شيطانها دنيتها فقط وأنساها أخرتها.
في تلك الأثناء
كان حسام يقف بجانب ريم وتحدث إليها بغضب تام عرفتي وأتأكدتي إن سليم فعلا مبيحبنيش؟
أجابته بهدوء تحاول تهدأته متقولش كدة يا حسام، أكيد سليم شاف إن فريدة أحق بالمنصب ده منك وأنها هتحقق مكاسب للشركة من خلال وجودها معاهم، وإحتمال يكون هيرشحك في أقرب فرصة، وبعدين مش يمكن يكون بيحاول يعتذر لها عن إللي حصل منه زمان.
وأكملت وبصراحة كدة يا حسام فريدة دي شكلها متمكنه جدا في شغلها!
نظر لها بضيق وأردف قائلا بإستهجان شكلها متمكنة، هو بقا بالشكل كمان ولا أيه يا دكتورة ريم؟
أجابته بتأكيد أه طبعا، الإنسان الذكي بيبان من نظرة عيونه ومن خلال تعاملة بالمحيطين بيه!
في تلك الأثناء أشار إليها شقيقها فذهبت إلية، جذبها من يدها وتحرك بها إلى مكان وقوف فريدة التي بدورها إستغربت وبدأ هو بتعريفهما و أردف بإحترام وهو يشير بيده إلى فريدة أحب أعرفك بالباشمهندسة فريدة فؤاد، طالبتي النجيبة سابقا، صديقة العمل حاليا.
وأكمل التعارف وهو ينتقل بيده ليشير إلى شقيقته ودي بقا أختي وصديقتي ريم، طالبة صيدلة في الفرقة الرابعة!
نظرت لها فريدة بإبتسامة جذابة وأردفت بنبرة سعيدة أهلا يا ريم، إتشرفت جدا بمعرفتك.
بادلتها ريم إبتسامتها وأردفت قائلة بإحترام الشرف ليا يا باشمهندسه، كان نفسي أتعرف عليك من زمان من كتر مسمعت عنك!
نظرت فريدة إلى سليم بعيون متسائلة وأردفت بدعابة وياتري اللي سمعتيه عني شيء يحسب لي ولا.
ضحك سليم برجولة أثارت داخل فريدة، وأردف بإبتسامة ساحرة علي فكرة إنت دايما ظلمناني، أنا عمري ما أتكلمت عنك غير بكل خير، حتى إسألي ريم!
إبتسمت له برضا، وأردفت ريم ده حقيقي على فكرة يا باشمهندسه.
ردت فريدة بوجة بشوش خليها فريدة وبس، ولا عوزاني أقول لك يا دكتور؟
إبتسمت بوجة جميل وأردفت بسعادة ده شرف ليا إنك تشيلي الألقاب ما بينا، وياريت لو نبقا أصحاب.
إبتسمت فريدة بوجع وأجابتها بقلب حزين لعدم إستطاعتها لتحقيق تلك الرغبه إن شاء الله يا ريم.
ثم أنسحبت بهدوء تحت تألم سليم ووجع روحه، تنهد بأسي فحدثته ريم بصوت حزين أنا أسفه يا حبيبي، والله أسفه!
نظر لوجه شقيقته وقبل رأسها وأردف قائلا بهدوء متتأسفيش يا ريم، ده قدر ربنا، وإن شاء الله إللي جاي كله خير.
وقفت بجانب أسما التي حدثتها بأسي هو خطيبك مشي خلاص وساب الحفله؟
أخذت نفسا عميقا وأخرجته كي تهدأ، ثم أردفت بنبرة حزينه لم تستطع السيطرة عليها للأسف.
نظرت لها بأسي وأردفت بتردد فريدة، ممكن أتكلم معاكي بصراحة؟
نظرت لها فريدة وهزت رأسها بتأكيد فأكملت أسما حديثها بنبرة هادئه أنا عارفه إني مليش الحق في إني أتكلم في موضوعك مع خطيبك، بس بصراحه إنت وهو وكمان سليم صعبانين عليا أوي،
وأكملت بتيقن علي فكرة خطيبك حاسس بحب سليم ليكي، وممكن كمان يكون حاسس باللي في قلبك ناحية سليم واللي غصب عنك مقدرتيش تتخلصي منه وتنسيه!
نظرت إليها بأسي وأردفت بنيرة صوت يتألم ويكاد أن يصرخ وتفتكري أنا مبسوطه بكدة يا أسما، أنا قلبي جواه نار والعة مبتهداش، نار وجعي على حالي واللي وصلت له، ونار وجعي ووجع ضميري على هشام إللي بجد ميستاهلش مني كده، و.
وكادت أن تكمل ولكنها تراجعت وفضلت الصمت.
فأكملت أسما ونار وجعك على وجع سليم وتيهة حياته من بعدك، سيبي هشام وريحيه وريحي نفسك يا فريدة، صدقيني إنتوا التلاتة هترتاحوا لو الخطوبة دي أنتهت.
إبتسمت بجانب فمها بطريقه ساخرة ثم أردفت لإنهاء الحديث أيه رأيك في ترتيبات الحفلة، حلوة مش كده؟
تيقنت أسما من أنها تريد إنهاء المحادثة فأحترمت رغبتها وغيرت مجري الحديث.
وبعد مده قرر ذلك العاشق أن يهدي حبيبته غنوة علها تشرح ما يكنه داخل قلبه العاشق لها ويجعلها تفكر فيما عليها فعله لأجل إحياء قلبيهما معا.
وقف أمام الجميع وأمسك بالميكرفون وظبط صوته ببعض التكنيات الحديثة التي يجيدها بحكم مجاله، ليتلائم مع صوت الموسيقي.
مع إنتشاء جميع الحضور وإنتباه أذهانهم مع ذلك الوسيم،
عدل من وقوفه ليكون بإتجاه بوصلتها، ولكنه نظر للسماء لعدم جذب الإنتباه إليهما وذلك حفاظا على مظهرها العام أمام الجميع.
وبدأ بالغناء غنوة عارفة
ذات اللحن الرائع والرقيق
وتغني بصوته العاشق العذب.
عارفة، من يوم ماقابلتك إنت، وإحتل هواك مدينتي.
وبقيتي في لحظه أميرتي، أيوة أميرتي أميرتي وعارفة.
أنانفسي تكوني حلااااالي، وحبيبتي وأم عيالي.
ونعيش العمر أنا وإنت، بس أنا وإنت أنا وإنت وعارفة.
أنا هفضل طوووول العمر معاااك، معاااك
مهما الأياااام طالت وياك، طالت وياااك
هو انا مجنووون علشان أنساك، أنسااااك
أه يا أول فرحة تمسح دمعة عيني.
وأستغرب لييييه طولتي علياااا
لا متجاوبيش إستني شويه، شويه
أصل أنا برداااان دفي لي إيديا
وخديني في حضنك وبوسيني على جبيني.
كانت تستمع إلى صوته الهائم وكلماته الموجهه كسهام إلى ذلك القلب العاشق حتى النخاع، فما بيدها لتفعله؟
فدائما ما يخونها ذاك القلب العنيد
كان ينزف ويصرخ ألما، يريده، يريد قاتله وجارح نبضاته،.
يصرخ ويكاد يجذبها عنوة عنها ويومي بها داخل أحضانه الدافئة لتنعم بها، لكن عقلها يحثها على الرجوع ويصرخ بذلك القلب الساذج ويحدثه، إستفق أيها المغفل، فهذا ال سليم هو من جعلك تنزف خلال تلك السنوات الحزينه الماضيه، هو من جعلنا نعيش تلك الليالي الحالكة الخالية من النجوم، تلك الليالي قاسية البرودة
أفبعد كل ما عايشته من ألام تريد الإرتماء داخل أحضانه الخائنة تلك؟
إستفق وعد لرشدك أيها الأحمق.
تنهدت بألم لما أصبحت عليه، أمسكت حقيبتها وتحركت للمغادرة فأوقفها علي بتساؤل رايحه فين يا فريدة، الحفله لسه مخلصتش!
أجابته بصوت يكسوة الألم بالنسبة لي خلصت من بدري يا باشمهندس!
نظر بأسي لحالتها المزريه فأردف بهدوء طب تعالي كملي سهرتك معانا أنا وأسما وسليم وريم، هنخرج نقعد في أي مكان هادي، إنت أكيد محتاجه تهدي أعصابك وتغيري جو!
أجابته بإبتسامة شاكرة متشكرة يا علي، بس أنا للأسف تعبانه وكل إللي محتجاه حاليا هو إني أروح مش أكتر!
نظرت على ذلك الذي ينظر إليها بإهتمام يترقب قرارها، فأصابه الإحباط حين رأي تعبيرات وجهها الحزين،
وأكملت بعيون حزينه تنم عن مدي ألمها الداخلي الساكن روحها علي، أرجوك قول ل سليم يبعد عني لأني مش هقدر أتخلي عن هشام ولا أسيبة لأي سبب كان،
قوله يكمل حياته وينساني ويعتبرني ذكري حلوة، كل ما يفتكرها يبتسم، ويفتكر إن فيه واحدة حبته بكل ما فيها، لكن القدر كان ليه رأي تاني،.
قولة كمان إن فيه حاجات لما بيروح وقتها ويعدي، مينفعش ترجع تاني!
أجابها علي معترض على حديثها وليه توجعيه وتوجعي روحك بالبعد لما فيكم تكونوا مع بعض، إنتوا فعلا بتحبوا بعض وتستحقوا تعيشوا إحساس السعادة.
قاطعته بقوة وأعتراض حتي إحساس السعادة في حالتنا دي مرفوض لأنه هيتبني على أنقاض قلب كل ذنبة إنه حب وأخلص،
وأكملت بنبرة صوت ضعيف وحزين أرجوك يا علي، قول ل سليم فريدة بتقول لك وحياة حبك ليها لتنساني وتسيبني أكمل مع هشام في هدوء، وبلاش تتدخل تاني في حياتي،
وأكملت برجاء قوله إنه كدة بيوجع روحي ويحرقها وإني بجد ما أستاهلش منه كده!
ثم تنفست بتألم ونظرت إلى سليم بأسي ينم عن إحتراق روحها وتألمها الشديد وأستأذنت من علي
و تحركت بإتجاة فايز وزوجته وأستأذنت منهما.
وأتجهت من جديد إلى الباب الخارجي تاركة المكان بأكملة،
أستقلت سيارتها عائدة إلى منزلها بقلب محمل بالأثقال عكس ما كان يجب أن يكون علية، فكان من المفترض أن يكون اليوم هو أسعد أيامها، ولكن من أين تأتيها السعادة وهي حائرة ومكبلة ما بين سليم وهشام!
إنفطر داخلها ولم تستطع التمالك من حالها أكثر فأجهشت ببكاء مرير لقلب حزين لم يعد يستطيع التحمل بعد!
في مكان أخر من المدينه.
تجلس تلك العاشقة تستند بإحدي ساعديها فوق المنضدة، واضعة كف يدها فوق وجنتها، تنظر له بعيون هائمة تراقب كل كلمة تخرج من شفتاة بقلب عاشق وروح طائرة في سماء عشقه.
كان يخبرها عن كل ما حدث معه خلال فترة سفرها، وكأنه يحتاج من تلهيهه من غضبه وألمه من ما فعلته به فريدة أحلامه،
إنتهي من حديثه ومازالت هي على وضعيتها وهي تنظر له بعيونها المتلهفه للنظر لعيناه ولشفتاه ولكل إنش به.
إبتسم لها وأردف قائلا أيه يا بنتي، بتبصي لي كدة ليه؟
أجابته بعيون عاشقة وصوت هائم أقولك بصراحة، للحظة شفت قدامي هشام اللي كنت معاه قبل أربع سنين، وحشني كلامك ونبرة صوتك، وحشتني عيونك وإنت بتتكلم، وحشني سردك لتفاصيلك،
شفتك هشام بتاع زمان، هشام إللي كنت لما بغيب عنه يومين وبعدها نتقابل كان يجري عليا ويقعد يبص جوة عيوني ويبدأ في سرد تفاصيل يومه إللي قضاة بعيد عني!
إبتسم لها بمرارة وأردف قائلا بتوضيح يمكن الشكل فعلا شكلي، لكن لا أنا بقيت هشام بتاع زمان، ولا أنت فضلتي على حالك يا لبني،
ثم أبتسم بعيون ملئها العشق متذكرا معشوقة عيناه، نعم هي معشوقته ومعشوقة عيناه وقلبه، حتى ولو أغضبته ولم تستمع إليه إلا أنها مازالت ولا تزال معشوقته المفضلة التي أنسته ألام الماضي بقلبها البرئ.
أجابها بنبرة عاشقة كي يقطع عنها أي أمل ممكن أن يجعلها تبني أمالا وأوهاما داخلها هشام إللي قدامك قلبه بقا مليان بالغرام، قلبه بقا ملك لفريدة وبس يا لبني، أنا حبيتها أوي، حبيتها لدرجة إن قلبي مبقاش يدق غير علشانها!
نزلت كلماته عليها وكأنها سواط نزل على جسدها جلد كل إنش به بلا رحمة، وأردفت بنبرة حزينه أنا عارفه إنك بتحبها، وعارفه إنه مش بإيدك، لكن كمان مش بإيدي أبطل أحبك ولا أخرج حبك من قلبي، الحب قدر، وهو اللي بيختار قلوبنا مش هي إللي بتحتارة يا هشام، ياريت كان بأدينا نقدر نعشق ونقدر كمان بسهولة ننسا،
أكيد كنا هنبقا أحسن من كدة، لكن للأسف، لا بإيدك تبطل تحبها، ولا بإيدي أبطل أتنفس حبك!
نظر لها بتيهه وأردف متسائلا إنت لسه بتحبيني يا لبني، أقصد لسه بتحبيني بنفس درجة الحب بتاع زمان؟
هزت له رأسها نافيتا وأردفت قائلة بأسي وعيون شبه دامعة لا يا هسام، أنا مش بس بحبك زي زمان، أنا إتخطيط معاك درجة الحب و وصلت في حبك لدرجة عشق الهوس والجنون،
وأكملت بهيام مبقتش عاوزة ولا قادرة أتخيل نفسي مع راجل غيرك، أنا بقيت بتنفسك يا هشام!
شعر بإحساس متناقض غريب وصراع داخله، ما بين سعادته وشعورة بالفخر برجولتة لسماعه إعتراف لبني بعشقه، هو دون غيرة من الرجال، ومابين كرامته التي تأبي الخضوع لتلك المخادعة من جديد، وما بين رفضه لحديثها وشعورة بخيانته لفريدة التي لم تستحق منه مجرد شعوره بالسعادة من إعتراف غيرها بعشقه!
هل ستستسلم لبني بعد إعتراف هشام الصريح بعشقه الهائل لفريدة؟
أم أنها ستظل تحارب من أجل الوصول إلى مبتغاها وهو قلب هشام لا غيرة.
قضا الجميع ليلتهم
بقلوب حائرة تائهه وأرواح تملئها الجراح.
فريدة وسليم وهشام ولبني وحتى ريم التي حزنت لأجل حال شقيقها وما والته هي بأيديها إليه!
صباح اليوم التالي، يوم الجمعه!
تمللت فريدة فوق تختها تحاول أن تفتح عيناها بتثاقل لتصحو من غفوتها القصيرة التي كانت غير مريحة بالمرة، مدت يدها بجانبها لتلتقط هاتفها الموضوع فوق الكومود لتري به كم أصبح الوقت، وجدت الساعة قد تخطت العاشرة.
نهضت و إتجهت خارج الغرفه بإتجاة المرحاض، توضأت وصلت فريضة الضحي وتضرعت إلى الله لتدعوة أن يصلح شأنها ويوجهها للطريق المستقيم.
خرجت من جديد وجدت بهو المنزل خالي من الجميع، إستمعت لصوت والدتها وشقيقتها يخرج عليها من داخل المطبخ، إتجهت إليهما وأردفت قائلة بوخم وصوت متحشرج صباح الخير.
نظرت كلاهما إليها وردوا الصباح وأردفت والدتها بإبتسامة تعالي يا حبيبتي أقعدي علشان تفطري.
إتجهت إلى المنضدة الموضوعه بمنتصف المطبخ وسحبت مقعدا وجلست فوقه بتراخي وأردفت بإستفهام هو بابا فين؟
أجابتها والدتها بإيضاح راح مع عمك عزيز يزور واحد صاحبة في الشغل تعبان!
هزت فريدة رأسها بتفهم وتحركت نهله إليها وأردفت قائلة بتساؤل وهي تجلس بمقابلتها يلا بقا أحكي لي على كل إللي حصل في الحفلة، إمبارح قولتي لي إنك راجعة مرهقة ومش قادرة تحكي، أظن إنهاردة بقا ملكيش حجه!
أجابتها عايدة وهي تضع الطعام لصغيرتها يعني هيكون أيه اللي حصل فيها، أهي حفلة زي باقي الحفلات إللي كانت بتحضرها قبل كده.
أردفت نهلة قائلة بإعتراض لا طبعا يا ماما مش زي باقي الحفلات، أولا الحفلة فيها ناس مختلفه وأجانب من الشركة الجديدة، ثانيا بقا فريدة في الحفلة دي مضت عقد منصبها الجديد، يعني كانت محط الانظار كلها وملكة الليلة!
تنهدت عايدة بألم وأردفت متسائلة بأسي لعلمها الإجابه مسبقا وذلك من الحزن الظاهر على وجه إبنتها اللي أهم من ده كلة إن هشام يكون ربنا هداة وأتكلم معاكي ونهيتوا الزعل اللي ما بينكم.
صمتت ففهمت والدتها ألم إبنتها ونظرت إلى نهلة بحزن وصمتا.
فتحدثت فريدة بنبرة جادة ماما، المكافأة إللي أخدتها من الشركة الألمانية مش محتاجة فلوسها في حاجه، وكنت بفكر لو تقنعي بابا في إننا نغير فرش الشقه ونجدد ألوان الحيطان!
هللت نهلة قائلة بحماس ياريت يا فريدة، الشقة بجد محتاجه شوية تجديدات.
غمزت لها فريدة بعيناها وأردفت بمداعبة أيوة طبعا يا نانا، لازم حبة تجديدات علشان لو حد زارنا كدة ولا كدة الشقة تبقا فخامة وتشرف.
نظرت لها نهلة سريع بنظرات تحذيرية تحسها على إلتزام الصمت.
حين تنهدت عايدة بأسي وأجابت بصوت قلق أيوة يا بنات بس تفتكروا بابا هيوافق؟
ثم نظرت إلى فريدة وأكملت بنبرة حزينه ده أنت لو شفتي حالتة كانت عاملة إزاي لما أخدتي إخواتك ونزلتي تشتري ليهم لبس جديد!
تأفأفت نهلة وأردفت بتملل بصراحة يا ماما بابا مكبر الموضوع أوي، فيها أيه لما فريدة ربنا فرجها عليها و بقا معاها فلوس وحبت تفرحنا معاها؟
أجابتها عايدة بابا واخد الموضوع من ناحية إنه حاسس إنه قصر معاكم ومكانش الأب اللي عرف يسعد أولادة ويسد حاجتهم، مع إني إتكلمت معاه في الموضوع ده أكتر من مرة وفهمته إنه عمرة ما قصر معاكم في حاجه، بس تقولوا أيه بقا لدماغه اللي زي الحجر!
إستمعن لجرس الباب وقفت فريدة وأردفت بإبتسامة ده أكيد بابا، أنا هروح أفتح له!
تحركت إلى بهو الشقة وأخذت حجابها وضعته على شعرها بإهمال فهربت خصلة من شعرها لتزيدها جمالا وتجعل من هيئتها جذابة إلى حد كبيرا.
فتحت الباب ونظرت بإستغراب عندما وجدت أمامها سيدتان جميلتان ومنمقتان في هيئتهما ويبدوا عليهما الثراء.
نظرت أمال إليها وصدمت عندما رأت جمال عيناها الساحرة ووجها الذي ينم عن شخصية قويه، كانت ترتدي إحدي البيجامات البيتيه التي تجسد منحنيات جسدها بطريقة تجعله مثيرا ويشهي لكل من ينظر إليها.
بدأتا السيدتان بالنظر إليها بإشمئزاز وأردفت إحداهما بغرور وكبرياء وهي تشير إليها بسبابتها بإشمئزاز واضح إنت بقا إللي إسمك فريدة؟
إستغربت فريدة إلى طريقة هذه المتعجرفة التي لم تسني لها حتى معرفتها لكي تحادثها بتلك الطريقة المهينه فأردفت فريدة بإستنكار أيوة أنا فريدة، مين حضراتكم؟
أردفت أمال بكبرياء وهي تشير من جديد بسبابتها بوجه مكشعر ولكن هذه المرة تشير إلى داخل الشقة وأردفت قائله مش تقولي لنا إتفضلوا الأول وبعدين تسألينا.
أجابتها بقوة ومازالت تمسك بيدها الباب بحركة تعني عدم السماح بالدلوف مش لما أعرف الأول مين حضراتكم؟
تأفأفت أماني وأردفت قائلة بملل دي تبقا أمال هانم الشافعي، مامت الباشمهندس سليم الدمنهوري، أظن عارفاه كويس،
وأكملت بغرور وهي تشير على حالها بمنتهي الكبرياء وأنا أختها، أماني هانم الشافعي!
إبتلعت فريدة لعابها بتوتر من أثر تلك الزيارة الغريبة والغير متوقعة بالمرة.
تحركت من أمام الباب وأشارت لهما بالدخول وأردفت بإحترام أهلا وسهلا، إتفصلوا إدخلوا وأسفة لو ضايقتكم!
خطت أمال للداخل بخطوات بطيئة وهي تتناقل بصرها حولها يمينا ويسارا تتطلع إلى المكان بإشمئزاز.
وأردفت بكبرياء ووقاحة برغم جهدكم اللي باين في توضيب المكان وريحة النظافة اللي واضحة، إلا إني متأكدة إن شقة رقية اللي بتنظف لي الشقة أرقي وأحسن من كدة بكتير!
في تلك الحظة خرجتا عايدة ونهلة من المطبخ حينما إستمعتا لإصوات غريبه داخل منزلهما.
وأردفت عايدة بضيق عندما أستمعت لتلك التراهات التي خرجت من فم تلك المتعجرفة التي تقف وتنظر لكل ما حولها بإشمئزاز.
أردفت عايدة قائلة بنبرة حادة متسائلة إنت مين يا ست إنت؟
وشقة مين دي إللي شقة الست إللي بتنظف لك أحسن منها يا عنيا؟
نظرت أمال إليها بإشمئزاز ثم حولت بصرها لشقيقتها وإبتسمتا ساخرتان وأردفت أمال وهي تشير إلى فريدة إنت أكيد مامتها، صح؟
أجابتها عايدة بقوة وشموخ أيوة يا روحي، أنا مامت الباشمهندسه فريدة، ممكن بقا أعرف إنت مين وبأي حق داخلة بيتنا وبتكلمينا بالطريقة دي؟
أجابتها أماني بنبرة قوية دي تبقا أمال هانم الشافعي، مامت الباشمهندس سليم الدمنهوري اللي الهانم المحترمة إللي بتقولي عليها باشمهندسه دايرة تحوم حواليه ومشغلاه.
وأكملت بوقاحة فياريت بدل ما أنت واقفه تتفردي علينا كدة تربي بنتك وتعلميها متبصش لأسيادها وتخليها في خطيبها الكحيان، أهو على الأقل شبهها ومن مستواها، ولما تتجوزة مش هتحس بالنقص لا ليها ولا لأهلها،
وأكملت وهي تتناقل الإشارة بين عايدة وأمال قائلة بكبرياء وغرور موجهه حديثها إلى فريدة أظن إنت شايفة بعينك الفرق الشاسع بين أمال هانم الشافعي وبين.
وضحكت ساخرة وهي تنظر إلى عايدة نظرات تنم على الإستهجان والإشمئزاز.
هنا لم تتحمل فريدة إهانة والدتها بهذا الشكل المهين من تلك العقربة التي تبخ سمها بوجه البشر دون الإكتراس إلى مشاعرهم.
وقفت بكل شموخ ورأس مرفوعة وأردفت بنبرة حادة إعرفي حدودك كويس وياريت تراعي إنك موجودة في بيتنا، وللأسف ده الشئ الوحيد اللي هيمنعني إني أرد عليكي الرد المناسب إللي يليق بواحدة قليلة الذوق والأخلاق زيك،
وأحمدي ربنا إنك وقعتي في وسط ناس محترمين ومتربيين على إنهم يحترموا الضيف حتى لو كان هو مش محترم نفسه ولا محترم الناس إللي موجود في بيتهم، بس لحد كدة وكفاية أوي.
ثم نظرت إلى أمال وأردفت بنبرة حادة أنا بصراحة مستغربة إزاي جت لكم الجرأة تيجم لحد هنا وتتكلموا الكلام الفارغ دة برغم إنكم عارفين إني مخطوبة؟
إبتسمت أمال بطريقة ساخرة وأردفت و تفتكري إن ده سبب يمنعك في إنك تسعي وتحاولي تخطفي سليم علشان ينشلك من حالة العدم اللي إنت عيشاها إنت وأهلك دي؟
وأكملت بإطراء أنا منكرش إنك جميله وكمان ذكية، بس تفتكري ده كفاية علشان تنولي شرف لقب حرم سليم قاسم الدمنهوري؟
وأكملت بنبرة تهديدية فوقي لنفسك قبل متصحي على صدمة أكبر من صدمتك الأولي،
وأكملت بنبرة شامته فاكره، لما سابك ورماكي وسافر لألمانيا؟
صاحت نهلة بها وتحدثت بكبرياء وأهو راجع لها من تاني ندمان وعمال يلف حواليها ويترجاها إنها تسيب خطيبها ويتجوزها ويسفرها معاه ألمانيا، وهي اللي بتصدة ومش معبراه،
وأكملت نهلة بحده بدل ما أنت تاعبه نفسك وجاية لحد هنا تقولي الكلام الفارغ ده لفريدة، روحي قولي لإبنك اللي داير يتحايل عليها في كل مناسبه يحترم نفسه ويسيبها في حالها هي وخطيبها.
فتحت عايدة فاهها قائلة بعدم إستيعاب إبنك مين وسليم مين ده اللي بتتكلموا عنه؟
وتسائلت الست دي بتتكلم عن أيه يا فريدة، ومين ده اللي سابك وسافر؟
ضحكت أماني وأردفت قائلة بنبرة ساخرة يا حراااام، بنتك يا مدام شكلها إستغفلتك ومقالتلكيش على سليم إللي أداها قلم عمرها ورماها وسابها وسافر لألمانيا.
صرخت بهما فريدة وصاحت بنبرة غاضبة كفاية أوي لحد كدة وأتفضلوا من غير مطرود، وياريت تطمني على إبنك يا هانم، لإن ببساطة إبنك مكنش راجل معايا بالدرجة الكافيه إللي تخليني أفكر إني أسيب راجل بجد زي هشام، علشان أرجع لواحد عمرة ما كان راجل معايا،.
وأكملت بنبرة ساخرة وأطمني أوي حضرتك، حتى لو كان شيطاني بيوزني إني أحاول أصدق كلامه من جديد، فصدقيني بعد ما شفت حضراتكم أصبح مجرد التفكير في الموضوع مستحيل بالنسبة لي.
وأكملت وهي تشير إلى باب الخروج وياريت بقا تتفضلوا وكفاية أوي لحد كدة!
تحدثت أمال ياريت تبقي أد كلامك ده وتنفذية فعلا، ساعتها بس صدقيني هحترمك جدا وأبتدي أبص لك نظرة تانيه!
قاطعتها فريدة بحده وأنا مستغنية عن إحترام سيادتك الجليل وكل اللي محتجاه منكم إنكم تنسوني خالص وتخرجوني من تفكيركم.
وتحركت إلى الباب وفتحته بقوة ولكن إرتعبت حين وجدت والدها بوجهها.
دلف والدها ونظر إلى السيدتان وأردف بإحترام هو أحنا عندنا ضيوف؟
أجابته عايدة بقوة وهي تنظر إلى أمال بنظرة تحذيرية دول غلطانين في العنوان وكانوا خارجين حالا!
نظرت لها أمال بتفهم وأردفت أحنا أسفين للإزعاج يا مدام.
ونظرت إلى شقيقتها وأردفت بهدوء يلا بينا يا أماني.
أمائت لها أماني بطاعه وخرجا معا وأغلقت فريدة خلفهما الباب بهدوء،
ثم نظرت إلى والدتها بعيون متألمة ودلفت إلى غرفتها، تبعتها نهلة وأغلقت الباب خلفهما.
فتسائل فؤاد بناتك مالهم يا عايدة، ومين الناس دول؟
سحبت بصرها عنه ومالت على طبق الفاكهه الموضوع فوق المنضدة الصغيرة وأخذت ثمرة موز وبدأت بتقشيرها وتناولها لإلهائة.
وأردفت بلامبالاة مصطنعة أنا عارفة يا فؤاد، إحنا كنا قاعدين في أمان الله ولقينا دول بيخبطوا وبيسألوا عن واحدة،
وأكملت بإلهاء ده أنا حتى مش فاكرة قالوا إسمها أية، شكلهم كدة تايهين وغلطانين في العنوان.
نظر لها وتسائل بشك طب ولما هما غلطانين في العنوان مدخلاهم الشقة ليه يا أم البنات؟
تنهدت وأردفت بضيق طلبوا كباية ماية يشربوا، جري أيه يا فؤاد، هو تحقيق ولا أيه؟
وأكملت وهي تتحرك لداخل غرفة نومهما تعالي غير هدومك على ما أجهزلك الحمام علشان تجهز قبل الشيخ ما يبدأ في خطبة الجمعة وتفوتك!
نظرت نهلة إلى فريدة التي وما إن دلفت لداخل الغرفة حتى هبطت دموعها بغزارة وكأنها كانت مكبلة وفك الأن وثاقها.
أسرعت إليها وشددت من إحتضانها وحاولت تهدأتها قائلة إهدي يا فريدة ومتخليش كلام ستات تافهه وفاضية زي دول يأثر فيكي بالشكل ده، وعلى فكرة بقا وجودهم هنا إنهاردة أكبر دليل على رعبهم وخوفهم منك، وده طبعا مش من فراغ، أكيد مجوش غير لما حسوا بتمسك سليم بيكي وإصرارة على حبك!
جرجت من بين أحضان شقيقتها وصاحت كمن لدغها عقرب متجبليش سيرة البني ادم ده تاني، مش عاوزة أسمع أسمه ولا حتى طايقة أشوفة قدامي،
وأكملت بإنهيار أي إهانة حصلت لي في حياتي كلها كانت بسببة وبسبب وجودة في حياتي!
أردفت نهلة وهي تمسك كف يدها بحنان قائلة خلاص يا حبيبتي إهدي ومتعمليش في نفسك كدة.
ترجتها فريدة بدموع من فضلك يا نهلة عاوزة أبقا لوحدي شوية!
هزت رأسها بإيجاب وتفهم وخرجت من الغرفة وأغلقت بابها عليها وبخروجها إنفجرت فريدة وأخذت تبكي بشدة وضلت هكذا مدة حتى أستكانت وهدأت وشعرت ببعض الراحة.
أمسكت هاتفها ونظرت بإسمه، لم تعي لما جاء بخاطرها في ذلك الوقت بالتحديد، شعرت بالإحتياج إليه وإلي التحدث معه، كل ما شعرت به في هذا التوقيت أنها تحتاج إلى التقرب منه أكثر، فحقا كان قد إبتعدا كثيرا في الأونة الأخيرة ولكنها لن تسمح لذلك السليم بأن يبعدها عنه أكثر،
فكفا بأنه دمر لها حياتها السابقة، لن تعطي له الفرصه من جديد ليفسد عليها حياتها القادمة مع هشام.
لابد أن تستقوي بنفسها على حالها وتبدأ برفع راية العصيان على ذلك القلب العنيد الفاقد الوعي بكل ما يحدث من حوله، وكل ما يهمه ويشغل دقاته هو عشق سليم وفقط لا غير، ولا يبالي بأي كان.
وبلحظة حسمت أمرها و ضغطت زر الإتصال وأنتظرت الرد.
كان يجلس وسط عائلته داخل حديقة منزلهم يحتسون الشاي وسط أجواء يوم الجمعة المبهجه وضحكات أشقائة وأصوات أطفالهم وهم يلهون من حولهم لتضيف بهجه وسعادة للمكان،
وبالداخل توجد نساء العائلة ووالدة دعاء التي أنجبت طفلها الثالث منذ يومان، يجلسن بجانبها ليطمئنوا عليها.
إستمع لصوت هاتفه معلنا عن وصول مكالمه نظر بشاشة الهاتف بإهمال وفجأة أجحظت عيناه وتراقص داخلة وأنتفض قلبه فرحا عندما شاهد نقش إسمها.
نظر إليه حازم وأردف وهو يوشي له بجانب أذنه ويهمس يلا أجمد شويه مش كدة، البت كده هي اللي هتمسك الدفه وتسوق يا إتش.
إبتسم لأخيه بسعادة لم يستطع مداراتها وأردف بعيون هائمة متقلقش على إتش يا حزوم، أخوك مسيطر وماسك اللجام كويس.
ضحك حازم برجولة وأردف بفخر راجل يا إتش، تربية حسن نور الدين بجد.
وقف سريعا ولكن كان الإتصال قد إنتهي فبادر هو وأتصل من جديد وهو يتحرك إلى داخل غرفتة التي أوصد بابها خلفه وجلس فوق تخته،
كانت تتقوقع فوق تختها تبكي بشدة على عدم تفهم هشام لحالتها وعدم الإجابة على إتصالها، حتى أستمعت لرنين الهاتف.
فأمسكت الهاتف بلهفة وأردفت بدموع وتساؤل إنت فين يا هشام وليه سايبني لوحدي؟
إنفطر قلبه حين أستمع لصوتها الباكي وأردف سريعا بنبرة قلقة متناسيا غضبه منها فريدة، مالك يا قلبي بتعيطي ليه؟
أجابته بشهقات متقطعه لم تستطع السيطرة عليها أنا أسفه يا هشام والله ما كان قصدي أزعلك، أنا بس كان صعبان عليا منك وكان نفسي تفرح لي وتقف معايا، كنت محتاجة لك تكون واقف جنبي وانا بحقق أحلامي مش أكتر والله.
أجابها بصوت حنون أنا إللي أسف إني كنت أناني ومفكرتش غير في غيرتي العميا عليك، بس أنا كمان كان صعبان عليا منك لما حسيت إن زعلي مش فارق معاكي، ولا أنا نفسي كنت فارق معاكي يا فريدة.
أجابته بدموع متقولش كدة يا هشام، إنت غالي، وغالي أوي كمان،
وأكملت بدموع وترجي أنا محتاجة لك أوي يا هشام، أرجوك متبعدش عني وتسيبني لوحدي!
أردف هو قائلا بذهول يا حبيبتي، للدرجة دي فرق معاكي بعادي عنك اليومين اللي عدوا يا فريدة؟
وأكمل بحماس خلاص يا حبيبتي، إنسي كل إللي حصل وأعتبرية كأنه محصلش،
وأكمل بصوت عاشق أنا بحبك أوي يا فريدة، بحبك ومقدرش أبعد عنك أبدا.
أردفت وهي تجفف دموعها بصوت مترجي هشام هو أنا ممكن أطلب منك طلب؟
أجابها بلهفة أؤمريني يا فريدة.
تنهدت وأردفت بإنتشاء أنا عاوزة أخرج معاك إنهاردة، نفسي نخرج في مكان فيه ماية وخضرا وهوا نضيف، نفسي أتنفس، حاسه إني مخنوقه أوي يا هشام!
إنتفض داخله بسعادة وأردف بدعابة لو أعرف إن بعدي عنك هيغيرك لدرجة إنك تطلبي مني إننا نخرج مع بعض، كنت بعدت من زمان، على الأقل كنت عرفت إني غالي أوي كدة عندك!
إبتسمت لسعادتة وأردفت بصوت حنون إنت تستاهل كل حاجه حلوة يا هشام.
أجابها بهيام يبقا أنا فعلا أستاهلك يا فريدة، لأن مفيش أحلا منك، ولا أسعد مني بوجودي معاكي!
وأكمل بتفكر أيه رأيك أتصل دالوقت حالا وأحجزلك يخت في النيل لمدة 3 ساعات وأخليهم يجهزوا لنا غدا، بيتهيء لي النيل هو المكان إللي إنت فعلا محتاجه له!
أجابته بعيون دامعه وصوت حنون ربنا يخليك ليا يا هشام، هو ده فعلا المكان إللي أنا محتاجة أروحه معاك!
أردف هشام قائلا بحماس خلاص يا قلبي، أنا هقفل دالوقت علشان صلاة الجمعة وإن شاء الله هعدي عليكي بعد أذان العصر،
وتسائل هتيجي معايا بعربيتك؟
أردفت سريعا قائلة بنفي لا يا هشام، أنا حابة أروح معاك بعربيتك، محتاجة لك تكون جنبي!
إبتسم بسعادة وأردف قائلا بصوت مغروم أنا بحبك أوي يا فريدة، خليكي فاكرة كدة كويس أوي!
إستمعت لطرقات خفيفة فوق الباب فسمحت للطارق بالدخول و أنهت المكالمة مع هشام!
دلفت ووالدتها تنظر لها بملامح جادة وتسائلت بنبرة حادة بتكلمي مين؟
نظرت لها بأسي لهدم الثقة بينهما وأردفت ده هشام يا ماما!
تسائلت عايدة وهي مازالت واقفة متصلبة الجسد إنتي إللي كلمتيه ولا هو إللي كلمك؟
أجابتها بهدوء أنا اللي كلمته يا ماما، وهو أعتذرلي وطلب مني ننسي كل اللي حصل، وكمان عازمني على الغدا إنهاردة، ياريت تبلغي بابا إني خارجه معاه بعد أذان العصر!
أمائت برأسها بإيجاب ثم تحركت وسحبت مقعدا وجلست فوقة بجسد مشدود وتسائلت الست إللي كانت هنا دي مامت الباشمهندس سليم إللي جابك المستشفي بعربيته وقت ما كان بابا تعبان، صح يا فريدة؟
هزت رأسها بإيماء وصمت تام أصابها،
فأكملت والدتها بذهول ياااااه يا فريدة، تصدقي إني كنت فاكرة إني عارفه بناتي كويس ومصحباهم، بس طلعت مغفله بالظبط زي خالة البية المحترم ما قالت عليا!
لم تقوي فريدة على رفع عيناها في وجه والدتها وأكملت عايدة بتساؤل حاد عرفتية أمتي وإزاي؟
تطلعت لوجة والدتها وأردفت بهدوء كان المعيد بتاعي في أخر سنه في الكليه!
شهقت والدتها ونظرت لها وأردفت بعتاب علشان كده مجبتيش تقدير في السنة دي وضيعتي حلمك وحلم أبوكي اللي عاش عمره كله يحلم بيه.
وأكملت أمرة أتفضلي ياأستاذة أحكي لي الموضوع كله من أولة لأخرة!
أخذت فريدة نفسا طويلا وأخرجته وبدأت بقص الرواية لوالدتها إلا من بعض التفاصيل الخاصة جدا التي ستزعج والدتها.
وبعد مدة تنهدت عايدة بألم لأجل حال إبنتها ونصحتها بالإبتعاد عن ذلك السليم نهائيا والتمسك بخطيبها فهو يشبهها وأيضا يعشقها وهذا يظهر للعلن!