رواية انتقام مجهولة النسب بقلم شيماء رضوان الفصل الرابع عشر
ابتسمت ملك بخبث وقالت:
-موافقة على إيه يا مريم؟ أنا مش فاكرة!
تحدثت مريم بعصبية وقالت:
-فى إيه يا ملك متتكلمى عدل!
هتفت الأخرى بصوت عالٍ قائلة:
-مريم التزمى حدودك، مش معقولة هبقى فاكرة كل اللى بنتكلم فيه.
تنهدت مريم بضيق وقالت:
-موافقة على إنى أروح الشقة اللى إنتى قلتى عليها، وأستدرج حمزة ليها بإنى أكلمه فى التليفون إنى فى ورطة، وأطلب منه ميقولش لحد ولما يوصل فى ناس تخدره،وأتصل بالعيلة وأنا بعيط وأتهمه إنه اغتصبنى، وكده جوازته تبوظ من الزفته ألاء، والعيلة كلها تبقى ضده ويخلوه يتجوزنى أنا علشان ندارى الفضيحة.
أنهت مريم حديثها قائلة بضيق:
-ها إفتكرتى يا ملك!
ضحكت ملك لنفاذ مخططها قائلة بخبث:
-أه يا روحى إفتكرت،واجهزى علشان هننفذ بكرة بالليل.
أغلقت مريم الهاتف وجلست على سريرها بعصبية قائلة:
-إنت اللى اضطرتنى الجأ للخطوة دى يا حمزة، عايز تتجوز وأنا أفضل عايشة على ذكراك،لا انت ليا أنا يا ابن عمى.
أما ملك أغلقت الهاتف وابتسمت باتساع لنجاح مخططها،واتجهت الى غرفه أمها لتراها.
دلفت ملك وجدت أمها تتمدد على فراشها،فجلست بجانبها وابتسمت لها قائلة:
-عاملة ايه يا ماما؟
تنهدت أمها بحزن ونظرت لابنتها بحنان، فقد حرمت منها لسنوات طويلة،بسبب مكوثها فى السجن بتهمة باطلة اتهمتها بها مديحة والدة مريم،وهو السبب الذى يجعل ملك تريد الإنتقام من مريم.
شردت والدة ملك فيما حدث، وتذكرت اليوم الذى دلفت فيه للسجن بسبب مديحة.
عودة الى وقتٍ سابق
كانت تقف أمامها تبكى بتوسل قائلة:
-الله يخليكى يا مديحة هانم،أنا معملتش حاجة!
ابتسمت مديحة بشر وقالت:
-طيب ما أنا عارفة إنك معملتيش حاجة،بس لازم تدخلى السجن بدالى، إنتى حته موظفة محدش هيهتم إنما أنا أدخل السجن إزاى وأنا فرحى قرب، وبعدين بابا مش هيهمه انه يدخل بنته السجن،أهم حاجة عنده المبادئ.
بهتت ملامح المرأة لما يحدث،هل ستدلف الى السجن بسببها؟ فقالت بصراخ:
-يعنى إنتى تسرقى فلوس من إيرادات مصنع والدك، وأنا اللى أدخل السجن بدالك،ده والدك مش هيعملك حاجة بس هتعترفى بكده إزاى،إنتى واحدة مريضة، أنا هفضحك فى كل حتة!
غادرت المرأة الى منزلها لتخبر زوجها عن ما حدث معها، ولكنها بمجرد دلوفها لمنزلها أتت الشرطة وتم تفتيش منزلها،ووجدوا الأموال بها وتم القبض عليها بتهمة إختلاس أموال المصنع الخاص بعائلة نصار، وعلمت المرأة فيما بعد أن مديحة توصلت الى إحدى جاراتها،وهى من قامت بوضع الأموال بمنزله.
قام زوجها بالزواج من امرأۃ أخری،وعندما خرجت من السجن أتت ملك لتعيش مع أمها.
عودة الى الوقت الحالى
فاقت والدة ملك من شرودها على صوت ملك الغاضب وهى تقول:
متخافيش يا ماما حقك مش هيروح واللى غلط هيتحاسب.
فى الصباح
كانت مريم تجلس بجوار ملك فى النادى،يتحدثون فيما سيحدث مساءاً فقالت ملك بخبث:
-أنا من فترة عرضت عليكى الفكرة دى، اشمعنا دلوقتى وافقتى؟
أجابتها مريم بضيق قائلة:
-لإنى ملقتش حل تانى،دلوقتى فاضل على الفرح أسبوعين وكان لازم أتصرف.
ابتسمت لها ملك بخبث وقالت:
-طيب يا مريم زى ما قلتلك امبارح، هننفذ باليل.
بعد فترة غادرت ملك النادى، وطلبت رقم حسن الذى قد أخذته من قبل من هاتف مريم،وانتظرت رده!
أجاب حسن قائلاً:
-ألو مين معايا؟
أجابته ملك بخبث:
-فاعل خير يا أستاذ حسن، هبعتلك ريكورد دلوقتى اسمعه،وبعديه هبعتلك رسالة لو عايز تتاكد من اللى سمعته روح على العنوان واتاكد.
أغلقت ملك الهاتف بدون أن تنتظر رد حسن، وأرسلت التسجيل اليه والرسالة أيضا،وقامت بتحطيم الشريحة وإلقائها فى سلة القمامة، وابتسمت بخبث فهى تعلم بحب حسن لمريم الواضح فى نظراتها لها وضوح الشمس.
فتح حسن التسجيل الذى وصله وكان محتواه الأتى:
(موافقة على إنى أروح الشقة اللى إنتى قلتى عليها، وأستدرج حمزة ليها بإنى أكلمه فى التليفون إنى فى ورطة، وأطلب منه ميقولش لحد ولما يوصل فى ناس تخدره،وأتصل بالعيلة وأنا بعيط وأتهمه إنه اغتصبنى، وكده جوازته تبوظ من الزفته ألاء، والعيلة كلها تبقى ضده ويخلوه يتجوزنى أنا علشان ندارى الفضيحة. )
بهت حسن مما سمعه، وتأكد أنه صوت مريم، فهو ليس جاهلا بصوت ابنه عمه وفتح الرسالة وكان محتواها:
( ده عنوان الشقة ... لو حابب تروح وتتاكد هتلاقيها مستنية هناك علشان تنفذ خطتها وتتجوز حمزة،والميعاد اللى هتتصل فيه بأخوك الساعة تسعة، بنت عمك هتكون موجودة هناك من الساعة تمانية).
ألقى حسن الهاتف بعنف على مكتبه بالمعرض، وجذب شعر رأسه بشدة،وكان يتنفس بعنف فى محاولة منه لتهدئة نفسه وعدم الذهاب إليها الآن، وسحبها من شعرها وإبراحها ضرباً حتى تتأدب.
ظل يدور فى مكتبه كالأسد المسجون فى عرينه لا يجد حلاً لما يحدث،وقرر الإنتظار الى المساء حتى يأتى الموعد المحدد ؛ليذهب الى تلك الشقة ويتأكد بنفسه مما يحدث.
ظل فترة فى مكتبه، ولم يستطع الإنتظار أكثر من ذلك وغادر الى المنزل.
عندما دلف حسن الى المنزل وجد حمزة يعبث بأوراق خاصة بعمله، فاستغرب مجئ حمزة فى هذا الوقت واقترب منه قائلاً:
-إيه اللى جابك بدرى كده يا حمزة؟
لم ينظر له حمزة، وظل يبحث فى الأوراق التى بيده وقال:
-دى أوراق قضية مهمة عندنا فى المديرية،وكنت شايلها هنا بأمر من اللوا حامد، ونزلت النهاردة من غير ما أخدها معايا فرجعت البيت علشان أخدها.
أماء حسن برأسه ولفت نظره هاتف حمزة الموضوع على المكتب، فاقترب وأخذه ثم دسه فى جيبه، وقد قرر أن يبقي الهاتف معه تحسباً لأى شئ ؛كى لا يتورط أخيه فى لعبه مريم .
غادر حمزة على الفور دون أن ينتبه لعدم وجود هاتفه.
عندما وصل حمزة الى عمله،تذكر أنه نسى هاتفه، فأخذ هاتف مصطفى وطلب رقمه.
فأجاب حسن وأخبره أن هاتفه معه بالمنزل، وسوف يبقيه معه لحين يعود فقال له حمزة:
-طيب يا حسن، بس أنا هرجع الليلة متأخر عندى شغل كتير، بحاول أظبط شغلى الفترة اللى جاية علشان أجازة الفرح.
أنهى حسن المكالمة مع أخيه وزفر بإرتياح،فأخيه لن يأتى اليوم إلا فى وقتٍ متأخر، وهذا معناه أنه سيمنع خطة مريم دون أن يعرف أحد.
فى المساء قبل موعد تنفيذ الخطة بنصف ساعة، كانت مريم تتواجد بالشقة التى أخبرتها عنها ملك، وهى تجلس بتوتر فى إنتظار الأشخاص الذين أخبرتها ملك عنهم،وهم من سيقومون بتخدير حمزة حتى تنفذ خطتها، وباقى على التنفيذ نصف ساعة ومازالوا لم يصلوا بعد.
طلبت رقم ملك وانتظرت الرد .
أجابتها ملك بتافف:
-خير يا مريم، بتتصلى ليه دلوقتى؟
ردت مريم بتوتر:
-الساعة قربت على تسعة والناس موصلتش، هما فين؟
أجابتها ملك بخبث:
-متقلقيش زمانهم جايين دلوقتى.
جاءت مريم لتتحدث قاطعها جرس الباب فقالت بسرعة:
-اقفلى إنتى دلوقتى أكيد وصلوا!
أغلقت مريم الهاتف، وذهبت باتجاه الباب قائلة بضيق وصوت عالى:
-إنتوا إتاخرتوا ليه؟ فاضل على تنفيذ الخطة...
بهتت ملامحها وتحشرج صوتها عندما فتحت الباب، ولم تتفوه بشئ سوى كلمة "حسن"
ارتدت الى الخلف بخوف، وتفكر كيف أتى حسن الى هنا ؟وحاولت الإبتعاد عن الباب قائلة بتوتر:
-ح حسن أنت بتعمل ايه هنا؟
صفعة هبطت على وجنتها، فوضعت يدها مكان الصفعة وقالت بشراسة:
-إنت اتجننت بتضربنى كده ليه؟ إنت ملكش حكم عليا ولا ليك دعوة بيا .
صفعة أخرى هبطت على وجنتها جعلتها تقع على الأرض من شدتها.
دلف حسن الى الشقة وأغلق الباب وراءه، وانحنى إليها جاذبا إياها من شعرها بقسوة،فنهضت معه وهى تتألم قائلة:
-أاااه سيب شعرى،إنت عايز منى إيه؟
جذب خصلاتها للخلف بعنف حتى تنظر إليه،وهتف بشراسة من بين أسنانه:
-قاعدة هنا مستنية الناس بتوعك،وتتصلى بأخويا علشان يلحقك من الورطة اللى فيها،ولما ييجى حمزة تخدروه وتتصلى بالعيلة ييجو هنا تتهميه إنه إغتصبك.
بهتت ملامحها وزاغت عيناها وهى تنظر إليه، وداخلها يردد قائلة:
-إزاى عرف كل ده؟ أكيد حد قاله بس مفيش حد يعرف غير ملك، و ملك مستحيل تعمل فيا كده!
عندما طال صمتها،دفعها بقوة فوقعت على الأريكة خلفها .
اصطدمت مريم بخشب الأريكة وتاوهت بألم، فانحنى إليها قائلاً بفحيح:
-ومفكرتيش بقى يا حلوة إن لو جابوا دكتورة هتتكشفى ويعرفوا إنك كدابة.
هتفت مريم بدفاعٍ عن نفسها:
-إنت كداب، أنا مستحيل أفكر فى أى حاجة زى دى، أنا كنت جاى ازور واحدة صاحبتى وهى نزلت من شوية تجيب أكل من بره، اتفضل إمشي من هنا.
ضحك حسن بشدة،وتعالت ضحكاته التى تحمل السخرية لكلامها،وأخرج هاتفه وفتح التسجيل الذى أُرسل اليه.
عندما سمعت مريم التسجيل شحب وجهها بشدة، وقالت وهى تضع يدها على رأسها:
-إنت جبت الريكورد ده منين؟
جلس بجانبها ونظر إليها بحدة قائلاً:
-مش شغلك يا بنت عمى، المهم إنك كدابة والريكورد اللى معايا العيلة كلها هتسمعه،وخصوصا أبوكى!
نهض حسن بإتجاه الباب وهو يسحبها من يدها كى يخرجا من تلك الشقة، إلا أنها تشبثت بالأرض بشدة وقالت بخوف:
-لا يا حسن بابا لا،الله يخليك إنت عارف ممكن يعمل فيا إيه،عاقبنى إنت زى ما تحب، إنما بابا لا،ده ممكن يقتلنى،إنت عارف إنه شديد يا حسن!
توقف حسن ونظر إليها وهو يتنفس بشدة،ولم يجد حلاً سوى طلبها للزواج فقال:
-يبقى الحل إنى أروح أطلبك من أبوكى وإنتى توافقى، وساعتها الريكورد ده هيتمسح للأبد.
صعقت من طلبه، لا يمكنها الزواج منه، سينتقم منها على ما كانت ستفعله، لولا أنه أتى ومنعها فقالت:
-لا يا حسن مش موافقة،إنت عارف إنى مبحبكش.
عندما تفوهت بتلك الكلمات، ضغط على يدها بشدة، وتأوهت مريم بألم وقالت بضعف:
-إيدى يا حسن بتوجعنى، سيب إيدى!
أغمض حسن عينيه بألم وقال:
-عارف إنك مش بتحبينى، بس أنا حبيبتك أوى يا بنت عمى واتمنيتك زوجة ليا، بس للأسف إنتى كنتى هتبهدلى سمعة عيلتنا فى الوحل، لولا إنى لحقتك فى الوقت المناسب،كنت عايز أتجوزك لإنى بحبك، إنما بعد اللى حصل يبقى هتتجوزينى يا مريم لإنى برده لسه بحبك وكمان علشان أحافظ على أخويا وخطيبته منك، وبرده علشان أعيد تربيتك من الأول ها قلتى إيه؟
هزت رأسها برفض وقالت:
-لا يا حسن مش موافقة،عاقبنى بأى طريقة إلا إنى أتجوزك !
نظر لها بعنف، هل زواجها منه عقاب؟ حسنا سيكون عقاباً كما قالت فقال وهو يجذبها مرة أخرى تجاه الباب:
-يبقى عمى فوزى لازم يعرف،وهو يختار عقابك بنفسه .
بهتت ملامحها عندما تخيلت ما سيفعله بها والدها عندما يعرف بما كادت أن تفعله،وقالت بخفوت وترجى:
-خلاص يا حسن أنا موافقة،بس الله يخليك بلاش بابا يعرف.
أوما لها برأسه وضغط على يدها بقوة مرة أخرى قائلاً:
-هعيد تربيتك من الأول يا مريم.
عاد حسن بمريم الى المنزل وصعدت الى شقتها، وحمدت ربها أنه لم يكن أحد متواجد بالصالة، ودلفت الى غرفتها مباشرةً وهى تبكى ودموعها تهطل على وجنتيها،وحاولت الإتصال بملك عدة مرات إلا أن دوماً ياتيها الرد أن الهاتف مغلق أو غير متاح.
ألقت هاتفها بعنف وجلست تبكى على ما حدث معها، هل يعقل أن تتزوج حسن وهى تخاف منه بشدة؟ يكفيها الصفعتان اللاتى أخذتهما على وجنتيها، لتعلم أن حياتها معه ستكون عقابها على ما حاولت فعله.
إنها فى أشد الندم الآن؛ لأنها انساقت وراء شيطانها، وكانت ستدمر عائلتها وتتهم ابن عمها بأبشع التهم، التى يبغضها الدين والمجتمع.
وضعت يدها على فمها تكتم شهقاتها، هل كانت سترتكب ذلك الخطأ؟ وتدمر حياتها وحياة حمزة وجميع من حولها.
وندمت أيضا أنها تحدثت مع فتاة ظنت يوما أنها صديقة لها،لم تكن تعلم أنها ستكون مثل العقرب وتلدغها أولا.
نامت من شدة البكاء، واستسلمت أن حسن هو من سيكون نصيبها وعقابها.
أما حسن صعد بعد فترة الى عمه وأخبره أنه يريد الزواج من مريم، وفرح عمه أن حسن يريد مريم للزواج وقال له:
-أنا موافق يا حسن لإنى مش هلاقى أحسن منك لبنتى،بس هاخد رأيها الأول وهبلغك بقرارها، لإنها هيا اللى هتتجوز يا ابنى.
بعد أن أنهى حسن حديثه مع عمه هبط الى الأسفل ليتحدث مع جده .
دلف حسن الى المنزل ووجد جده يجلس أمام التلفاز يتابع إحدى المسلسلات القديمة، فجلس بجواره وتنهد بتعب.
نظر الجد له ورأى نظرة الحزن فى عينيه،فقال بحنو:
-مالك يا حبيبي ؟شكلك زى ما يكون شايل هموم الدنيا كلها!
وضع حسن يده على عينيه ومسدهما بلطف،وتنهد بعمق تنهيدة معبأۃ بالهموم والتفكير قائلاً:
-مفيش،الشغل بس متعب الفترة دى علشان البضاعة اللى بنجيبها اليومين دول.
ابتسم الجد له فى حنو، وقال وهو يضع يده على رأس حفيده:
-ربنا يعينك يا ابنى.
صمت حسن قليلاً ثم قال بدون مقدمات:
-أنا طلبت مريم للجواز من عمى فوزى يا جدى!
رفع الجد حاجب واحد له، وأمسك إحدى أذنيه يجذبها للأسفل كأنه يعنف طفلا أخطأ،وليس شاباً تجاوز الخامسة والعشرين من عمره، هاتفاً بضيق:
-وتروح تطلبها لوحدك، مش تاخد إذنى يا حسن هو، إنت ملكش كبير ولا إيه؟
ابتسم حسن لجده بالرغم من الهموم الجاثية فوق صدره وقال بهدوء:
-أنا قايل يا جدى من زمان، وحضرتك كل شوية بتأجل فقلت أخد أنا الخطوة دى.
ابتسم له جده وترك أذنه قائلاً بتساؤل:
-طيب فوزى قالك إيه؟
أجابه حسن بهدوء:
-موافق بس هياخد رأى مريم الأول.
ربت الجد على كتفه بابتسامة قائلاً:
-ربنا يوفقك يا حبيبي.
فى الصباح
دلف فوزى لغرفة ابنته بعد أن امتنعت عن تناول طعام الافطار معهم، متعللة بأنها ليست جائعة .
وحدها تجلس على الفراش وشاردة فى نقطة ما على الحائط، فجلس بحانبها ووضع يده على كتفها قائلاً:
-مالك يا حبيبتى، بتفكرى فى إيه؟
انتبهت له مريم ومسحت دمعة شاردة من عيناها قبل أن يلاحظها أبيها،وقالت بابتسامة مصطنعة:
-مفيش يا بابا!
تنهد بعمق وقال:
طيب يا مريم،على العموم حسن ابن عمك طلبك إمبارح للجواز وأنا قلتله هسألك الأول وبعدين أرد عليه،عايزة وقت أد إيه تفكرى فيه؟
صمتت قليلاً وتجسدت أمامها حياتها السابقة وما كانت تفعله فيها،وأيضا مقتطفات من حياتها القادمة مع حسن وما ينتوى فعله، أخرجت زفيراً طويلاً وقالت بخفوت:
مش محتاجة أفكر يا بابا،حسن يبقى ابن عمى ومتربيين سوا، قله انى موافقة.
رد أبيها بتساؤل قائلاً:
-متاكدة يا مريم ؟
أجابته بإبتسامة مصطنعة لم تصل لعيناها:
-أيوة متاكدة يا بابا.
أبلغ فوزى ابن أخيه بموافقة مريم،وأصر حسن أن يتم الزفاف مع حمزة فى نفس اليوم.
هتف والدها بذهول قائلاً:
-إنت مجنون يا حسن، فرح إيه اللى بعد أسبوعبن، مش تستنى نعمل فترة خطوبة الأول!
أجابه حسن بتصميم:
-مش محتاجين فترة خطوبة،إحنا نعرف بعض كويس ومتربيين سوا،يبقى الخطوبة ملهاش لازمة يا عمى ولا إيه يا جدى متقول حاجة.
نظر الجد لحفيده ورأى لهفته بإتمام الزواج بسرعة، لم يرد أن يجعله يحزن إذا رفض فكرة الزواج مع حمزة، يعلم بعشقه لمريم فأجابه بإبتسامة:
-وافق يا فوزى وخلى فرحتنا فرحتين، وإن كان على الشقة إحنا عندنا أكبر معرض موبيليا، من بكرة تكون الشقة مفروشة.
لم يستطع فوزى الرفض أمام إصرار أبيه وحسن، فحسم الامر قائلاً:
-طيب يا بابا موافق، يالا نقرأ الفاتحة.
بدأوا بقراءة الفاتحة كل هذا ومريم تقف بعيون دامعة تراقبهم،وتقف بجانبها مديحة والإبتسامة تعلو وجهها ؛لتحقق حلمها بأن حسن يكون من نصيب مريم.