رواية الطاووس الأبيض الجزء الثاني للكاتبة منال سالم الفصل التاسع عشر
أمعنت في كبح ما يعتريها من غضبٍ مهتاجٍ حاليًا لتُكسب وجهها هدوئًا يُغاير الطبيعي، والذي من المفترض أن تكون عليه، لتدعي أنها لم تسمعه ينبذها، أو الأحرى يقصيها من حياته للأبد، لتبدو كمن غفلت لبعض الوقت بسبب إرهاق الحمل، ولم تصلها لعناته أو طرده لها. نهضت "خلود" عن الفراش، وتأرجحت في خطواتها وهي تتجه نحو الباب، لتظهر وكأنها تعاني من عدم اتزانٍ بسبب تأثير الحمل عليها، هتفت من الداخل مُعلنة كذبًا أنها لم تنتبه لوجود طليقها بالخارج:
-أما يا خالتي شوفت حتة حلم جميل، ربنا يجعله يتحقق، شوفت "تميم" شايل ابننا، ومصمم أنا اللي أسميه، وكان في إيده دبلة جوازنا...
عند تلك الكلمة الأخيرة توقفت أمام باب الغرفة، راسمة على وجهها علامات الدهشة، لتبدو أمام الاثنين متفاجئة من تواجده، ردت بأنفاسٍ مرتبكة:
-"تميم"!
منحها الأخير نظرة غير مريحة، على أدق تعبير ساخطة، قبل أن يشيح بنظراته بعيدًا عنها، تجاهلها عن عمدٍ، وقال لوالدته بصوتٍ تحول للبرود:
-أنا جيت أطمن عليكي، وعلى جدي، احتمال أبات في الدكان النهاردة، ورانا توريد كبير من بدري
رمقته والدته بنظرة معاتبة، ثم حثته على محادثة "خلود"، فقالت:
-مش هاتسلم على بنت خالتك، وتطمن على ابنك؟
لم يلتفت نحوها، ورد قاصدًا إحراجها:
-لأ.
زجرته "ونيسة" في عصبية:
-عيب كده يا "تميم"، راعي اللي كان بينكم، الدم عمره ما كان مياه
تدخلت "خلود" في جدالها الحاد معه، لتستعطفها بما يشبه الرجاء:
-خلاص يا خالتي، سبيه على راحته..
ثم تنهدت هنيهة لتضيف بعدها:
-مهما عمل فأنا لسه بأحبه.
استدار "تميم" برأسه في اتجاهها، وحدجها بنظرة جافة، خالية من أي تعاطفٍ، ثم التفت نحو والدته من جديد ليقول:
-لو عوزتي حاجة كلميني.
همَّ بالتحرك، لكن استوقفته "خلود" بالتعلق في ذراعه، وكأن صاعقة من السماء لامسته، انتفض مُخلصًا ذراعه على الفور من قبضتها، ومنحها نظرة صارمة محذرة، ومع هذا النفور الواضح على محياه إلا أنها ابتسمت مقترحة عليه في نبرة ناعمة متدللة:
-أنا هاروح للدكتور بكرة، ما تيجي معايا عشان نطمن على ابننا، وتشوفه في السونار، إيه رأيك؟
أجابها ببرودٍ، وكأن الأمر لا يعنيه حقًا:
-مش فاضي ..
ثم أشـــار بيده بإشارة خاطفة نحو والدته متابعًا حديثه:
-خالتك موجودة، هاتبقى تروح معاكي وتحكيلي.
عاتبته والدته بشدة، وقد انقلبت تعبيرات وجهها للعبوس:
-وما تروحش إنت ليه؟
لم يكلف نفسه عناء الرد عليها، غير مبالٍ بضيقها، فصاحت به بحدةٍ:
-رد يا "تميم".
تحرك صوب الباب، ملقيًا خلف ظهره كل ما لا يرغب في سماعه، وعلق بسماجة مهينة:
-ماتنسيش تقفلي الباب بالترباس لما الضيفة تمشي، سلام يامه.
ضربة موجعة تلقتها "خلود" في قلبها بعد جملته تلك، هو يعدها غريبة عنه، ويتعامل معها في أضيق الحدود، حتى جنينه الذي ينمو في أحشائه لم يهتم لأمره، ولهذا أدركت جديًا أن مسألة استعادته ليست بالهينة أبدًا، لم تستطع التحكم أكثر من ذلك في ضبط غيظها، فانفجرت في "ونيسة" تشهدها:
-شوفتي بعينك يا خالتي، وأنا مكالمتش أهوو، بأتهان وساكتة، ويا ريت بعد ده كله عاجب!
ربتت الأخيرة على ظهرها في أسفٍ، واعتذرت منها بوجهها الممتقع:
-معلش يا بنتي، أنا مش عارفة أقولك إيه بس؟
نكست رأسها في حزنٍ، وهمهمت بتنهيدة بطيئة منكسرة:
-الحمدلله على كل حال.
لمعت عينا "ونيسة" بدمعاتها المتحسرة، وقالت بشفاهٍ مقلوبة:
-ربنا يسامحك يا "تميم"، ولا كنت أتخيل إنك تعمل كده في اللي من دمك، منه لله اللي شقلب كيانك.
تركت "خلود" تلك العبرة الزائفة تنساب من طرفها، وفركت عينيها بقوةٍ لتزيد من التهابهما، ثم توسلتها بصوتٍ بدا يائسًا للغاية:
-اللي حصل، محدش كان عارف النصيب هيودي لفين...
ما لبث أن أخفضت نبرتها قليلاً لتتابع بمكرٍ:
-بس طول ما إنتي في صفي.. جايز الحال يتعدل، ويرجعني، برضوه إنتي أمه وكلامك هيمشي عليه في النهاية.
قست نظرات "ونيسة"، وهتفت تؤيدها دون تفكيرٍ:
-هيحصل يا بنتي، أنا مايرضنيش الظلم ولا الافتراء.
أنهت مكالمة سريعة مع ابنتها لتعرف منها تفاصيل لقائها المدبر مع طليقها السابق، عل أواصر الود تعود بينهما؛ لكنها كالعادة باءت بالفشل، ولم تتوقع "بثينة" غير ذلك، انعكس حقدها الداخلي على ملامح وجهها، وهمست لها بصوتٍ خفيض، كمن يملي عليها البديل لخطتها غير الناجحة:
-اسمعي اللي هاقولك عليه، ونفذيه بالحرف الواحد.
جاءها صوتها المختنق تستحثها على النطق بنبرة مليئة بالإحباط:
-قولي يامه.
وضعت يدها أمام فمها، لتخفي حركة شفتيها وهي تقول:
-هاتروحي لخالتك، وتقوليلها الواد "هيثم" ماسك في أمي، ومش عايزها تروح بالليل، وإنتي هتاخدي تاكسي وترجعي البيت.
تساءلت "خلود" في ترددٍ حائر:
-وأنا هاعمل كده؟
نهرتها أمها بغيظٍ؛ ولكن بصوتٍ خافت، ومن بين أسنانها المضغوطة:
-لأ يا غبية، دي كلمة تقوليها لخالتك، تضحكي بها عليها، المهم بقى، قبل البؤين دول أعملي نفسك مش قادرة.
أعادت صياغة السؤال عليها لتتأكد من فهمها لما أملته عليها من تعليماتٍ:
-دايخة يعني ومش قادرة؟
ردت بزفيرٍ بطيء:
-أيوه، وطبعًا لأن الوقت اتأخر هتباتي عند خالتك..
-ماشي.
ضاقت عينا "بثينة"، وتبدلت نبرتها للمكر حين أوصتها:
-المهم بقى تلازميها طول الليل، وزني على ودنها، أختي طيبة، وعلى نيتها، هتصدقك على طول، والمثل بيقولك الزن على الودان أمر من السحر.
عقبت عليها ابنتها دون نقاشٍ:
-حاضر.
غمغمت بعدها والدتها في نقمٍ:
-إياكش يفلح ده كله في النهاية.
ردت عليها ابنتها بيأس لم تكابر في إخفائه:
-يا رب.
رفعت "بثينة" أنظارها للأعلى لتلمح ابنها قادمًا في اتجاهها، على الفور أنهت معها حديثها قائلة:
-سلام بقى عشان أخوكي جاي.
ودون أن تنتظر ردها من الجهة الأخرى، أغلقت زر الاتصــال، وأعادت وضع الهاتف في حجرها. دنا "هيثم" منها متسائلاً، وهو يمشط شعره الرطب بيده:
-ها يامه، هنزل أوصلك البيت؟
استراحت باسترخاء في الأريكة، وأجابته بابتسامة ملتوية في خبث:
-لأ يا عين أمك، أنا بايتة معاك النهاردة.
وجوم مندهش حط على تعابيره، وهتف مصدومًا:
-نعم؟ بايتة عندي؟
هزت رأسها بإيماءة مؤكدة، وبين شفتيها تتراقص ابتسامتها اللئيمة:
-أه ياخويا، ولا المحروسة عندها مانع؟
تجاهل جملتها تلك، ليسألها مستوضحًا:
-ليه؟ مش هتروحي مع "خلود"؟
تغنجت بجسدها الممتلئ بحركة ساخرة وهي ترد:
-خالتك ماسكة فيها، وحلفانة ما تسيبها، إيه عايزني أكسر بخاطر أختي؟
لوى ثغره مدمدمًا بخفوت، وبتذمرٍ منزعج:
-طب ليه العكننة دي؟!
ركزت "بثينة" عينيها الحادتين عليه، وسألته في استمتاعٍ مستفز:
-بتبرطم بإيه سمعني؟
لوح بيده نافيًا بوجهٍ مكفهر:
-مافيش..
ثم لعق شفتيه متابعًا:
-هاقول لـ "همسة" إنك قاعدة معانا.
أشــارت له بسبابتها تحذره:
-اعمل حسابك أنا مش ببات في سراير المساخيط دول.
لم يفهم ما الذي ترمي إليه، فسألها بتلقائية:
-يعني إيه؟ مش فاهمك؟ إيه المساخيط دول؟
أجابت بهزة ساخرة من جسدها:
-يعني أوضة العيال اللي مالهاش لازمة دي...
ثم قست نظراتها وهي تكمل بطريقتها المسيطرة الباعثة على الضيق:
-الدلعدي مراتك تنام فيها، أنا يا حبيبي هنام في أوضتك، وعلى السرير الكبير كمان، ماشي يا خويا؟
هتف محتجًا بغيظ:
-ليه يامه بس؟ ده السراير مريحة والأوضة كويسة.
ردت باعتراضٍ ساخط:
-مريحة؟ دي أد كده، ماتكفنيش.
اقترب منها، ومال نحوها هامسًا برجاءٍ:
-ماينفعش يامه، أنا و"همسة" لسه عرسان جداد، ومايصحش يعني في أول جوازنا حد يقعد معانا
رفعت يدها أمام جبينها لتصيح به بنظراتها المتنمرة:
-وأنا مش أي حد يا عين أمك.
صحح لها بمزيدٍ من الرجاء:
-مقصدش، بس عشان نبقى على راحتنا كده.
أخفضت "بثينة" يدها، ووضعت إصبعيها أسفل ذقنها، ثم علقت بأسلوبها الساخط:
-أدي دقني إن شوفتوا خلفة، دي واحدة مقطوع أملها، مالهاش لازمة تنام جمبها أصلاً.
كانت كلماتها كالسهام القاتلة، جعلت ملامحه تزداد تقلصًا، لم يستلذ أبدًا تطرقها لهذه المسألة الحرجة تحديدًا، ووبخها بقليلٍ من الحدة
-لا إله إلا الله، لازمته إيه الكلام ده يامه؟ هنعيده تاني؟ وإنتي دخلتي في علم الغيب؟
ردت ببرودٍ، وتعابير قاسية:
-ده كلام الدكاترة يا روح الروح.
همهم بسبة خافتة لم تسمعها بوضوحٍ، وبنفس لهجتها الباردة أمرته مشيرة بعينيها:
-نادي عليها خليني أشوف حاجة من عندها جديدة ألبسها.
هلل في تشنجٍ:
-كمان؟
ردت مستفزة إياه بطريقتها الفجة:
-أه، أومال عايزني أنام بهدومي دي؟ ولا مستخسرين فيا حتة بيجامة أقضي بيها الليلة؟ دي تلاقيها جيباها من سوق البالة!
ضرب "هيثم" كفه بالآخر، وقد تدلى كتفاه في انهزامٍ، ليغمغم بعدها بزفيرٍ ممتعض بائس:
-كده إنتي ناوية على خراب بيتي أنا كمان.
هدرت به بسماجةٍ:
-يالا اتنحرر شوية، الهدوم طابقة على مراوحي.
أولاها ظهره؛ لكنه رفع عينيه للسماء، وظل يردد بين جنبات نفسه في ضيقٍ مبرر:
-يا رب، إنت شايف وعارف.
بكلماتٍ مُلطفة، وعبارات استهلالية لبقة، حاول "هيثم" أن يخبر زوجته ببقاء والدته في منزلهما الليلة للمبيت فيه معهما، بالإضافة لطلبه استعارة إحدى ثياب نومها الجديدة لارتدائها بدلاً من عباءتها، ورغم الانزعاج الظاهر على تعابير "همسة" بسبب معاملتها الجافة، والمتحفظة معها، إلا أنها وافقت على رجاواته. مسح الأول على جانب ذراعها صعودًا وهبوطًا، وبرفقٍ لطيف معتذرًا منها
-أنا أسف يا "هموس"، المفروض مايحصلش كده، بس أنا والله محروج منك.
ابتسمت قائلة في تفهمٍ مهذب:
-مافيش مشكلة يا حبيبي..
ثم أضافت بعد صمتٍ لحظي:
-طالما على أد الليلادي وخلاص.
تقوست شفتاه معقبًا في غموضٍ:
-يا ريت تكون كده!
اتسعت عيناها متسائلة في توترٍ:
-هي ممكن تقعد أكتر من كده؟
جاوبها بهدوءٍ حذر:
-الله أعلم، محدش عارف أمي بتخطط لإيه..
تطلعت له بغرابةٍ، خاصة حين أكمل مفصحًا عما يدور في خلده:
-بس وجودها مش مريحني.
كان محقًا في توجسه منها، وشاركته زوجته الرأي؛ فوالدته ليست بالشخصية السمحة، لينة المعشر؛ لكنها أبعد ما يكون عن الحماة الوديعة أو الودودة. لفظت "همسة" الهواء على مهلٍ، لتضيف بعدها بانزعاجٍ كسا قسماتها:
-ربنا يستر.
لا يمكن أن يعترف أبدًا أن ما قذفت به ابنة أخيه مجالاً للنقاش، أو التهاون فيه، لقد أساءت إليه شخصيًا، بقولها أنها فرطت في عفتها، وتخشى اكتشاف أمرها. اختفت ملامح الطيبة من على وجه "اسماعيل"، وغلف نظراته وحشية شرسة، رفض رحيل "خليل" أو انصراف زوجته بعد صرف "فيروزة"، ليبقى كلاهما لسماع كلمته الأخيرة فيما يخص شأنها. ضرب بعكازه أرضية الغرفة، فانتفضت "سعاد" على إثر خشونته، بلعت ريقها في حلقها الذي اكتسب مرارة لاذعة، وركزت نظرها معه عندما استطرد ناطقًا:
-إنتي اتجننتي يا "حمدية"؟ سامعة نفسك؟
تجمدت في مكانها من هيئته المرعبة، وتلك الجراءة التي تملكتها من قبل فرت أمام قوته، لطالما كان له الأثر في نفسها، أرادته لها، أو على أسوأ تقدير أن يماثله زوجها؛ لكن لحسرتها، كان أبعد ما يكون عنه. انتزعها من شرودها السريع، واهتزت مع قوة كلماته المدافعة عن "فيروزة":
-بنت أخويا أشرف من الشرف!
ثم تحولت نظراته القاتمة نحو "خليل" ليعنفه بحدته الشديدة:
-إزاي تسمح لمراتك تكلم عن لحمنا كده؟ مين دي أصلاً في الحريم عشان تتجرأ وتقول الكلام ده قصادي؟ لأ وعن مين، بنت المرحوم أخويا.
طعنة مهينة قصفت بـ "حمدية"، وأحرجتها علنًا، خاصة في حضور زوجته، أشعرتها كم هي ضئيلة، نكرة، لا قيمة لها، خجلت من رفع أنظارها، والأفظع من تلك الإهانة هو صمت زوجها، فبدلاً من الدفاع عنها، أطبق على شفتيه بقوةٍ، اشتعل الغضب بقلبها، وحركت ثغرها لترد؛ لكن "اسماعيل" أخرسها بإشارة من يده:
-ماسمعش حسك، ده كلام رجالة.
رددت "سعاد" في نفسها بفخرٍ واعتزاز، وكامل نظراتها مسلطة على زوجها:
-الله ينصرك يا حاج، أيوه كده علمهم الأدب.
انفلتت أعصاب "حمدية"، وردت بوقاحة، حين تخلى زوجها عنها:
-يا حاج أنا غلطت، بس إيه اللي يضمن إن كلامي مايطلعش صح؟
-بردك هتعيدي نفس الكلام، إنتي عاوزاني أتهور وأموتك، لَم مراتك يا "خليل"!
تحرك الأخير بوجهٍ صاغر نحوها، وهمس لها:
-خلاص يا "حمدية".
استشاطت نظراتها من خنوعه، وما زاد الطين بلة أنه يزيد من إحراجها، وبعثرة كرامتها أمام عدوتها القديمة، لهذا لن تصمت أبدًا عن إحراق الأرض ومن عليها، ثأرًا لنفسها، لذا تنحت بعيدًا عن زوجها، وتقدمت نحو "اسماعيل" لتواجهه، وقالت بصوتٍ ثابت، ينم عن كره دفين"
-ما هي لو كانت دي بنتي كنت هتلاقيني أول واحدة أحط صوباعي عيني في التخين، وأقوله اتأكد من ده بنفسك، بنتي سمعتها زي البرلَنت، بس إنتو خايفين يطلع العكس، وساعتها العار هيطول العيلة، وخصوصًا بناتك.
مستفزة لأبعد الحدود؛ هذا أقل ما يُوصف عنها، كادت يد "اسماعيل" تمتد لصفعها لولا أن تدخلت "سعاد" وتعلقت بذراعه، تتوسله بهلعٍ:
-لا يا حاج، اهدى.
أجبره ثقلها على إخفاض ساعده للأسفل، ومع هذا أصرت "حمدية" على استثارة أعصابه، وقالت:
-هتضربني يا حاج "اسماعيل" في بيتك؟ ده كرم الضيافة عندك؟ ده أنا جوزي معملهاش!
انتفضت ذكورة "خليل" الغائبة، وعادت لتطفو على السطح، ليرد بعصبيةٍ وحِدة، وقد أبعد زوجته للخلف ليتصدر المشهد بجسده:
-محصلتش يا حاج "اسماعيل" تمد إيدك على مراتي وأنا موجود...
تصاعد التوتر فجــأة بينهما، وتركزت الأنظار الغاضبة على وجهي كليهما، تابع "خليل" بصوته المحتقن، معاودًا اتهام "فيروزة":
-واللي بتحاميلها دي ليا لي فيها زيي زيك، وكلمتي تمشي على رقبتها، وأي حاجة هتعملها صح أو غلط هتُحسب عليا.
لوهلةٍ عادت الابتسامة الماكرة، تتدلى على جانب شفتي "حمدية"، بعد استثارة حمية زوجها الذكورية، وانتفاضه المتعصب لأجلها؛ لكنها أخفت استمتاعها برؤية تناحرهما، لتنوح بزيفٍ، وهي تخفض رأسها، متعمدة إخفاء عينيها؛ وكأنها تبكي:
-هو أنا غرضي إيه غير مصلحتها، نفسي أشوفها متجوزة ومتهنية، ده أنا أقربلها من أمها، وحتى اسألوا "آمنة"!
بارعة في تلفيق الأكاذيب، والدوران عن حقائق الأمور لخدمة أمورها، هكذا يمكن وصفها، هزت كتفيها لتبدو متأثرة، وهي تستأنف قولها:
-تقدروا تسألوا أي حد غريب، هيقول إني معملتش حاجة برا العُرف بتاعنا.
اقترح "خليل" بغتةً، وبكلماتٍ صدمت الجميع:
-ونروح للغريب ليه؟ ما نسأل الحاج "فتحي"، أهوو عارفنا كلنا، واللي يحكم بيه أنا راضي.
تطلع إليه "اسماعيل" في ترددٍ، بينما اعترضت عليه "سعاد" بتخوفٍ؛ لكونها تعلم بتشدده، وعصبيته الزائدة، وحتمًا لن يكون رأيه محمودًا:
-كله إلا الحاج "فتحي"! ده ما هيصدق، هو حد ناسي اللي عمله في "أسيف" وأمها الله يرحمها.
التفت نحوها "خليل" قائلاً بوجهه القاسي:
-بس راجل دوغري، وهيقول الحق.
رمقته بنظرة معترضة، ما لبث أن توجهت نحو "حمدية" التي أخبرتها بخبثٍ:
-وبعدين يا حاجة "سعاد"، ده إنتي أكتر واحدة المفروض يهمك مصلحة بناتك.
حسم "اسماعيل" أمره قائلاً بصوتٍ خشن:
-لا "فتحي" ولا غيره، احنا هنعمل شوشرة على الفاضين، عشان كلام الحريم
شيطان رأسه سول له بارتضائه، وتراجعه، لن تكون النتيجة مرضية له، بالطبع سيؤدي هذا لانهيار علاقته التي بدأت مؤخرًا مع خطيب المستقبل السخي، ولن يمنحه المزيد من التسهيلات لإنجاز عمله، لهذا رفع "خليل" ذراعيه في الهواء مرددًا بإصرار:
-تمام، اللي إنت عايزه يا حاج، بس أنا عاوز أطمن على شرف بنت أختي، إيه قولك في ده؟
لولا اقتحام إحدى الخادمات للغرفة لتطور الصدام بينهما، حيث هللت الأخيرة بابتهاجٍ عظيم:
-يا حاج "اسماعيل"، سي "فضل" رجع بالسلامة.
خبت التوتر المتصاعد لحظيًا مع تلك العبارات المبتهجة، رددت "سعاد" في لوعةٍ واشتياق:
-ابني الغالي رجع..
وقبل أن تحرك قدماها، توسلت زوجها بنظراتها، ونبرتها الحنون:
-بالله عليك يا حاج "اسماعيل"، ماتضيعش فرحتنا برجوع "فضل".
وحتى لا يمنحه الأفضلية، تراجع "خليل" عن تزمته قائلاً:
-روح شوف ابنك يا حاج، ولينا كلام تاني.
ربتت "حمدية" على كتف زوجها لتوأزره هاتفة:
-أيوه ده عين العقل يا "خليل"..
ورسمت تلك البسمة الناعمة المحملة بالخبث وهي تضيف مادحة:
-ربنا يخليك ليا يا راجلي.
رمقتها "سعاد" بنظرة مزعوجة، وأشاحت ببصرها بعيدًا عنها ترجو زوجها:
-يالا يا حاج، ده احنا محرومين من شوفت "فضل" أديلنا زمن.
استسلم "اسماعيل" أمام الإلحاح والضغط المتزايدين عليه، ليرد بعبوسٍ، وهو يلكز عكازه بالأرضية:
-ماشي .. بس الموضوع مخلصش على كده.
كسجينة في حبس انفرادي، مكثت "فيروزة" في غرفتها الحالية، تضم ركبتيها إلى صدرها، تسند أعلاهما رأسها، وتحاوطهما بذراعين معقودين. شردت تتأمل الفراغ بنظرات حزينة مهمومة،؛ كانت تعلم أن ما قيل في حقها، لن يمضي على خير؛ النظرات الاتهامية، والألسن النارية ستحيك رواياتٍ كاذبة عنها، وكل ما في الأمر أنها لا ترغب في زواج مفروضٍ عليها؛ يجعلها تقضي القادم من حياتها في تعاسة ومعاناة.
أرادت أن تكون زيجتها مبنية على انسجام وودٍ متبادل بين الطرفين، ولا مانع من أن يطوقه الحب العذري. انتشلها من صخب رأسها صوت والدتها المتسائل، بما يحمل الاتهام واللوم:
-إنتي السبب في أي حاجة هتحصل بعد كده.
خنقت عبراتها المتسللة في حدقتيها، ورددت بصعوبة:
-أنا؟
أجابت "آمنة" بمرارةٍ:
-أيوه.. عمك وخالك مش هيعدوا لبعض الكلام اللي اتقال، محدش هيقبل بكده، أنا عارفة كويس هيعملوا إيه عشان يتأكدوا، وأنا غصب عني مش هاقدر أقف قصادهم.
حلت "فيروزة" تشابك ذراعيها، وانتفضت ناهضة عن الفراش، لتتجه إلى والدتها المتوسدة المقعد، جثت على ركبتيها قبالتها، ورفعت أنظارها نحوها، رأتها تبكي في عجز، ووخز ذلك قلبها، وضعت يدها على كفها المستريح في حجرها، وقالت لها:
-أنا مقولتش إني مش عايزة أتجوز، بس مش بالشكل ده، أدوني حقي في الاختيار، أقول أيوه موافقة على الشخص ده ولا لأ.
سحبت والدتها يدها من راحتها، ورمقتها بنظرة قاسية قبل أن تنطق بألمٍ:
-أومال عايزاه يكون إزاي؟ إنتي كده خليتهم يفتكروا إنك خاطية؟ عارفة يعني إيه يبصولك إنك كده؟ ده أقل حاجة ممكن يعملوها هنا إنهم يطردونا، يحرموا علينا نرجع بلدنا أو ندفن فيها.
ورغم تحفزها بسبب ما تمليه عليها إلا أن نبرتها لانت نحوها وهي تسألها:
-وإنتي مصدقة ده يا ماما؟ مصدقة إن بنتك وحشة؟ خاطية في نظرك؟
مع تلك الكلمات بكت "فيروزة" آسفًا على حالها، ولم تخبئ دمعاتها الحارقة، على الفور احتضنت "آمنة" وجه ابنتها بيديها، وقالت، والندم يبدو ظاهرًا في عينيها:
-لأ يا ضنايا، إنتي مش كده، أنا واثقة فيكي، ربنا يسامحهم على اللي عملوه فيا وفيكي.
اتكأت "فيروزة" برأسها على حجر والدتها تستعيد قوتها المهتزة بلمساتها الحنون على بشرتها، ورأسها، مسحت بظهر يدها ما بلل وجهها من عبرات، وأخبرتها، بما توسمت أن يكون حقيقيًا:
-عمي هيقف جمبي.. أنا واثقة فيه.
-غصب عنها هنطمن، مش بخطرها يابا
كان أول ما نطق به "فضل" بصوتٍ صارم، غاضب، مليء بالتشدد بعد أن أطلعه "خليل" على ما دار من جدال أخير بينه وبين والده بشــأن ما تم تداوله عن سمعة ابنة عمه الراحل، لم يكن من النوع المتساهل، ملامحه القاسية، ونظراته الغائمة دللت على هذا بوضوح، ووجد رأيه المتعصب تأييدًا واسعًا من "حمدية" وزوجها، واعتراضًا ظاهرًا من والدته الحنون، ومع هذا أصر على تمسكه بقراره مرددًا من جديد على أبويه؛ وكأنه الآمر الناهي في ذلك المنزل العريض:
-ما عاش ولا كان اللي يكسر عينا على آخر الزمن، مش عايزة تتجوز الأستاذ ده براحتها، بس نطمن احنا كمان على شرفنا، وده من حقنا.
ردت عليه "سعاد" بوجهٍ مصدوم:
-يا ابني بنت عمك متربية على إيدي، تعرف الصح من الغلط، والعيبة ما تطلعش منها.
تصلب في جلسته، وقال في تهكمٍ، مستخدمًا يده في الإشارة:
-الكلام ده كان زمان، وقت ما كانت عيلة بضافير قاعدة في حجرك، دلوقتي عايشة بعيد عننا، والزمن اتغير، يعني الله أعلم بتعمل إيه من ورانا.
لامته بقلبٍ مفطورٍ على تصديقه تلك الشائعات المغرضة:
-حرام عليك، كله إلا كده!
تجاهل لين والدته، واستدار برأسه نحو أبيه يسأله في حزمٍ:
-إنت رأيك إيه يابا؟
صمت مليًا قبل أن يرد بنبرة أوضحت معارضته:
-أنا واثق في بنت أخويا يا "فضل".
كان الأخير يعلم معزة تلك الفتاة عند أبويه، ورغبتهما قديمًا في تزويجها له حين تنضج، وينطق جسدها بمعالم الأنوثة؛ لكنه لم يكترث يومًا لأمرها، وساعده الفارق العمري بينهما على اختيار عروسٍ أخرى تناسبه، تكون طوع بنانه، و"فيروزة" بالنسبة له لا تتخطى في مكانتها منزلة ابنة عمه اليتيمة، لهذا قال بقلبٍ متحجر، ووجه قاسٍ كالصخر:
-شوف يا حاج "اسماعيل"، الموضوع مش هايطلع برا، حد ثقة هنجيبه يطمنا عليها.
لطمت "سعاد" على صدرها، مرددة في تخوفٍ:
-يا لهوي، إنتو عايزين تفضحوا البت؟
نظرت "حمدية" نحوها لترد:
-الفضيحة لو كانت غلطت بصحيح، غير كده مافيهوش حاجة.
أيدها "فضل" في رأيه، وأضاف بنبرة مهددة أرعبت الجالسين:
-مظبوط، وبعدين أي كلام هيطلع براتنا ويتقال بعد اللي هايحصل فيها سواء حلو ولا وحش نهايته الدبح، للي قال واللي نقل.
بهتت تعابير والدته، ولامته بقلبٍ واجف:
-لطفك يا رب، بقى إنت جاي يا ابني عشان تشعللها؟
علق بقساوة منقطعة النظير، لم تتخيل أن يكتسبها ابنها:
-لو واحدة من إخواتي اتقال عليها كده مش هاسكت، هاثبت إنها نضيفة، ده عرض ولايا يامه، يعني شرفنا وسمعتنا! وكله إلا إننا نحط راسنا في الوحل عشان دلع البنات.
دعمته "حمدية" قائلة بابتسامة متسعة:
-عين العقل يا "فضل"، صح يا "خليل"؟
رد باقتضابٍ، وباله مشغول بمصالحه المهددة حاليًا:
-أيوه.. شرفنا لازم نطمن عليه.
أصرت "سعاد" على احتجاجها، وقالت بصوتها المرتجف:
-ده مايرضيش ربنا وآ...
قاطعها "اسماعيل" بحزمٍ:
-خلاص يا "أم فضل"، ابنك قال وحكم!
برزت عيناها في اتساعٍ مستنكر، لبشاعة ما يريدون فعله بتلك الشابة، لكون الأمر لا يتعلق فقط بإثبات براءتها؛ ولكنه يعني إذلال نفسها العفيفة، وكسر روحها النقية قبل كبريائها كأنثى حرة.
صرخات مقاومة صدرت من تلك الغرفة منذ مطلع الصباح، وبعد رحيل الأغراب، تنفيذًا لقرار ابن عمها، بفحص دليل نقائها. وقفت "آمنة" بالخارج، تبكي ابنتها بحرقةٍ، وهي بالكاد مكتفة من قبل "سعاد" حتى لا تشق جلبابها احتجاجًا على ظلمهم البيّن، بينما تواجدت "حمدية" بالداخل مع زوجة "فضل"، والتي تدعى "سها"، وإحدى القابلات المخلصات، والمحنكات في المسائل النسائية، ممن عُرف عنهن حفظ السر أيًا كانت ماهيته إلى القبر، كانت ذات جسدٍ ضخم، ووجه لفحته أشعة الشمس الحارقة، ترتدي السواد دومًا، حدادًا على رحيل زوجها.
تلوت "فيروزة" بجسدها بشراسةٍ وقوة، محاولة إفلات ذراعيها من القبضات المثبتة لها، لم تصدق عينيها حين اقتحم عليها ابن عمها الغرفة ليطلعها بقساوة مجحفة بما وصل إليه النقاش المحتدم، وبدلاً من الترحاب بها، عاملها باضطهادٍ كمذنبة مُدانة، أصدر حكمه عليها بلا رحمة؛ دون أن يمنحها الحق، وهي التي كانت تكن له كامل الاحترام والمعزة. انهار ما اعتبرته السند، بإقحام تلك المرأة ليديها، في أشد المناطق خصوصية، لتنتهك حصونها؛ وكأنها متاحة للجميع، أزاحت ثيابها الداخلية، تاركة ثوبها الطويل يستر باقي جسدها، وشرعت في مهمتها المكلفة بها. صرخت فيهن "فيروزة" مستغيثة بوالدتها، بصوتٍ بح من كثرة ندائه غير المجدي:
-يا مامـــا! ابعديهم عني، أنا معملتش حاجة! حرام عليكم!
حاولت "سها" تثبيط مقاومتها، وطمأنتها عن عمل القابلة قائلة لها:
-متخافيش، هي مش هتعملك حاجة تقلقك، إنتي اهدي بس.
وكأن التطلع إلى عفتها بمثل تلك البساطة، رفضت بشدة تسهيل الأمر عليهن، وازدادت شراسة مع إبعاد القابلة لما بين ساقيها، ركلتها، وأصابتها بكدمةٍ مؤلمة في وجهها، حتمًا ستترك أثرها لبضعة أيامٍ عليها،
بينما تلذذت "حمدية" برؤيتها تُذل، وتُهان، شعرت بأنها أحنت هامتها، وقضت على شموخها للأبد، لم تتنازل عن حضورها، لتشهد على لحظة إخضاعها، وقد كان. ابتسمت لها بشراسة، ومالت نحو أذنها تهمس لها بشماتةٍ عظيمة:
-شوفتي عملت فيكي، عشان تصدقيني لما أقولك هايجي يوم، وأكسر فيه مناخيرك.
وشددت من قبضتيها عليها، متعمدة غرز أظافرها في لحم ذراعها، لتذكرها بأنها كانت متواجدة في تلك اللحظة المهينة، التي اعتبرتها لا تقدر بثمن، ومن بين آلامها صرخت بها "فيروزة"، ونظراتها الملتهبة المليئة بدموعها الغزيرة:
-عمرك ما هتقدري، واللي عملتيه فيا هتعيشي زيه!
شحذت كامل قواها الغاضبة لتطلقها دفعة واحدة، ونجحت في تحرير نفسها منها، ثم وكزتها بعنفٍ في صدرها، لتتأوه "حمدية" من الألم الشديد والمباغت، والتفتت دافعة "سها" عنها بعدائية بحتة، أجبرتها على الابتعاد عنها، ثم نهضت كالملسوعة عن الفراش، لتعجز المرأة الغريبة عن إكمال عملها. ركضت "حمدية" نحو باب الغرفة طالبة للمساعدة:
-مش قادرين عليها، هتموتنا بنت "آمنة".
دق الباب من الخــارج، ليأتي صوت "فضل" عاليًا بعده:
-إيه اللي بيحصل عندكم؟
استنجدت به صارخة بلهاثٍ:
-تعالى يا "فضل" إلحقنا.
كان الأخير يملك مفتاح باب الغرفة، أداره في قفله، وولج للداخل، وعيناه تقدحان بالشر، مسح أركان الغرفة بنظرة سريعة باحثًا عن ابنة عمه بها، كانت منزوية عند الدولاب، تمسك بمزهرية في يدها، على ما يبدو تحاول الدفاع بها عن نفسها، هددته بصوتها المجروح:
-محدش يقرب مني، محدش هيلمسني!
لم يكترث "فضل" بتهديدها، وتقدم نحوها قاصدًا إيذائها؛ وإن تعرض للضرب والمقاومة منها، لوحت بالمزهرية أمام وجهه، وضربته بمقدمتها على جبينه، لم يأبه بالدماء النازفة من مقدمة رأسه، انتشلها من يدها، وألقها خلف ظهره، عجز من حولهما عن التدخل لفض الاشتباك بينهما، حتى زوجته "سها" ابتعدت عن مرمى غضبه. انقض "فضل" على ابنة عمه، جاذبًا كومة من شعرها، ليرفع وجهها إليه، وحينها تلقت عددًا لا بأس به من الصفعات العنيفة، التي أفقدتها قدرتها على المقاومة، وزلزلتها، وسط صراختها الأخيرة. جرجرها نحو الفراش، وألقاها عليه، ثم سدد لها لكمتين عظيمتين، جعلتها تدخل في حالة من الهذيان، نظر لها شزرًا، وبكراهية مشمئزة من تصرفاتها، ثم التفت نحو القابلة يأمرها:
-كملي شغلك يا ولية!
أومأت برأسها في انصياعٍ، فهددها مشيرًا بإصبعه:
-ولو كلمة اتقالت عن اللي دار هنا مش هيحصلك طيب
لم يكرر جملته مرتين، واتجه نحو الخــارج، لتقفز عليه "آمنة" تلومه بنواحه الباكي، ووالدته بعتابها القاسي، لم تتبدل ملامحه، ولم تلين قسماته، أغلق الباب من خلفه، وعادت المرأة لتكمل عملها في هدوءٍ، بعد ذلك المجهود الشاق، كفكفت عرقها بطرف حجابها الأسود، وبددت الشكوك السائدة، بقولها الحاسم:
-الحمدلله .. البنت زي الفل، وبختم ربها...!