رواية الجوكر والأسطورة للكاتبة آية محمد الجزء الأول الفصل الأول
( نثرات الروح والهوى )
سور عظيم يحوى خمسة من القصور العريقة المصفوفة بحرافية ليحاوطها عدد مهول من الأشجار والزهور الناردة التى لا تليق لها التواجد سوى بداخل مملكة عائلة "زيدان"، ما زاد يمتلأها من الداخل أسوراً منشأة حديثة لتحجب كل قصراً عن الاخر مثلما صُنع فروق وحواجز بينهم ولكن لم تتمكن هذة الأسوار من إقتحام قلوب العشاق ولكن هل عشقهما كافي لهدم هذة الحواجز والثورة على قوانين "مراد ورحيم زيدان"؟!...
كان يتوسط القامة قصر مميز للغاية بطلاء بلوناً مشابه لأشعة الشمس الذهبية يحمل أسم "رحيم زيدان" بكبرياء ...تحده الحرس من كل صوباً وإتجاه تحرره عاصفة من زهرات عباد الشمس،على مسافة قريبة منه ولكن بداخل حدوده كان صهيل الخيول العربية تصدر جلبة بأنحاء القصر فكان يعشق الخيول الأصيلة لذا خصص مكان أعظم من الأسطبل ببوح قصره العتيق، وقفت أمام بابه بفضولاٍ قاتل تعلم بأن هناك قانون حاد لمن يخترق قوانينه ولكنها فعلت، رفعت "نغم" يدها على القفل العالق على الباب الأسود العملاق لتعيق حركتها شقيقتها الصغرى قائلة برجاء_بلاش يا "نغم" "رحيم" هيعاقبك ...
أجابتها دون أكتثار والعناد يناوب بعيناها_وأيه الجديد ما العقاب بيتطبق ليل نهار سواء غلطت أو مغلطتش ...
إقتربت منها "ريم" بخوف_أنتِ عارفة أنه محذر أي حد يقرب من الأسطبل فعشان خاطري بلاش تعالي نرجع قبل ما يشوفنا هنا ..
لم تنصاع لكلامها وحررت القيد المتين لتدلف ذات العينان البنيتان للداخل تنقي من الخيول ما تريد...
شهادات... ميداليات.. أوسم الشجاعة الكثير منهم معلقة على أحد حوائط مكتبه العملاق، من يتأملها يظن أنه بمكتب بطل العالم برفع الأوزان أو الملاكمة، يتوسط الغرفة مكتب فحمي اللون يعجه عدد مهول من الأوراق ولافتة صغيرة تتوسط سطحه تلمع بأسم "رحيم زيدان" بلهب مخيف مخبئ بجحيم شيطاني لم يعلمه سوى من يجرأ على الأقتراب ليكون محور ثانوي بشخصيات تعاملاته!...
يحده مقعد أسود اللون يبرز من أعلاه كتفي عريض تحجب رؤية المقعد فتشتت الأنتباه، تحرك المقعد ليظهر من يعتلايه، كان يستند برأسه على مقدمته، مغلق العينان وبجسد مسترخي تماماً لمن يرأه ولكن لم يرى أحداً عاصفته المخيفة، فتح عيناه بغضب لتبرز لهيبها المخيف، كأنه يرفض البقاء بهذا الجزء المحدد من ذكرياته فيحاول أن يثبت لذاته أنه قادر على تخطي ماضيه وحاضره بقوة...
ولج الطارق للداخل بعد عدد لا بأس به من الطرق، ولج يقدم قدماً ويأخر الأخرى بأنفاس لاهثة رعباً، وقف أمام مكتب الأسطورة لينقل له الخبر المعتاد ولكنه تلك المرة ليس بقادر على تحمل العقاب، رفع "رحيم" عيناه لمن يقف أمامه، درست عيناه الزيتونية إنفعالات جسده فعلم بأنه لم يحصل على مبتغاه، كاد الرجل بالحديث ولكنه توقف حينما رفع "رحيم" يديه لينهض عن مقعده فيظهر بجسده الممشق المستحق لشهادات هكذا، تراجع الرجل للخلف قليلاً بعدما إستند على سطح مكتبه، خرج عن صمته أخيراً بصوته الغامض وهو يعبس بأحد ملفاته ليترك توقيعه بغرور على أوراقه_معطتش فرص لحد في حياتي زي ما أدتلك وزي كل مرة بترجع من غير جديد...
إبتلع الرجل ريقه بصعوبة_يا باشا الموضوع صعب بس أنا بحاول ألقيها وببذل كل طاقتي ع...
إبتلع باقي كلماته حينما رفع "رحيم" عيناه عن ملفه ليحدجه بها فجعله يرتعب حينما بدت ملامحه بالغضب، وضع الملف عن يديه ليرتدي جاكيته الرمادي بهدوء قاتل_حظك أن حد غالي زرني في ذكرياتي من شوية غير كدا مكنتش هتكمل كلامك ويمكن كنت عفيتك عن مهمتك الصعبة دي..
إنقبضت أنفاسه فحاوط رقبته بذرعيه بأرتباك "فرحيم زيدان" لا يعفو مهامه المكلفة لأحد سوى بالموت، جذب "رحيم" متعلقاته الشخصية ثم توجه للمغادرة قائلاً بصوتٍ كهلاك موته_هديك شهر كمان ومتحلمش بفرص تانية..
أشار له الرجل بجنون ليكمل الأسطورة طريقه بسيارته وسط تحية رجال الشرطة المأيدة له بوقار وإحترام ليس لأنه إبن الراحل "طلعت زيدان" مساعد وزير الداخلية ولا لأنه الوريث الوحيد لعائلة "زيدان" ولكن لأنه ذات رتبة ومنزلة تجعله سيد المكان!...
بالأسطبل
وقفت أمام أحدهما وقد بدت علامات الأعجاب تتسلل لوجهها فأنفرجت أساريرها لتقترب منه وتداعب رأسه البيضاء كثيفة الجدائل ليخضع الفرس لها، إبتسمت بعند وهى تخرجه غير عابئة برجاء شقيقتها لتمتطيه بسهولة وتسير به بالأرجاء،لم تنكر أنه فرساً قوي للغاية ولولا تعليمها الذي إستغرق عدة أعوام على يد شقيقها فلما تعلمت كيف تتمكن منه قط،هوت دمعة ساخنة على وجهها لتذكره فجدتها تخبرها دوماً أنها عنيدة مثل أخيها "مراد زيدان"،
وقعت عيناها على القصر بغضب يكمن بعيناها على من تسبب فراقه عنهما، أنفضت عنها ما يجول بخاطرها لتشير لأختها ببسمة مرحة_يلا خديني كام صورة حلويين كدا عشان عايزة أنزلهم على الأنستا ..
زمجرت بغضب وهى تضيق عيناها ذات اللون الأخضر الساحر التي ورثتها عن أبيها _يا برودك مش خايفة "رحيم" يرجع ويشوفك أو حد من الحرس يلمحك ويقوله؟ ..
أجابتها بلا مبالة وهى تفرد ذراعيها بالهواء بحرية_ متقلقيش "رحيم" بيه مواعيده زي السيف لسه ساعة ونص على معاد رجوعه ..
إبتسمت "ريم" رغماً عنها فأخرجت هاتفها لتلتقط عدد من الصور لها، هبطت "نغم" من على ظهر الجواد لتجذبه بخفة وهى تملس على رأسه بحنان،إقتربت من شقيقتها وهو ينصاع لها أينما تذهب فتراجعت "ريم" للخلف ببعض الخوف فقاطعتها ببسمة واسعة وهى تجذب الهاتف منها_يلا بقى ..
ضيقت عيناها بعدم فهم_يلا أيه؟ ..
أجابتها "نغم" مشيرة بيديها له_أطلعي عشان أخدلك كام صورة حلوين أنتِ كمان ..
تراجعت للخلف بزعر_مجنونة أنا عشان أركب خيل و أخالف أوامر "رحيم زيدان" ! ..
علمت كيف تراوضها فقالت بأستياء مصطنع_هتفضلي طول عمرك جبانة ...
وتوجهت بالفرس للداخل لتوقفها "ريم" على مضض _أستني ..
كبتت بسمتها وأستدارت بملامح ثابتة لتحك الأخرى جانب أنفها بتوتر _هتمسكيه جامد يعني لحد ما أتصور ؟ ..
أشارت لها بتأكيد والبسمة تسبقها فأنصاعت لها "ريم" بخوف لتصعد بعد دقائق من المحاولات على ظهره والخوف بنهش قلبها، تراجعت "نغم" للخلف لتلتقط لها الصور بفرحة،تحرر الفرس من الرباط الذي وصمته "نغم" فصار يهرول بالأرجاء،ليرفع قدميه بغضب ويرفل بالهواء بعصبية،صرخت "ريم" برعب وهى تتمسك باللجام فى محاولات بائسة للهبوط عن ظهره ولكنه باغتها حينما ركض بأعلى سرعة يمتكلها ليحطم حاجز الأسطبل ويركض بعيداً،سُلب قلب "نغم" لرؤيتها شقيقتها تصرخ دون توقف فحاولت أن تركض خلفه ولكن هيهات كان يسبقها بألف خطوة ...
تعال صراخ "ريم" وهى تشعر بتحرر يدها المتشبثة باللجام،تهاوى الدمع دون توقف وهى ترى حياتها توشك على المحك..فكل ما كانت تتمناه هو اللقاء به لأخر مرة قبل لقاء حتفها!، كأن هناك ناقوساً سحرياً لتحقيق رغباتها فتحققت على الفور ...
تسلق أحد الأشجار بمهارة عالية تتناسب مع عضلات ذراعيه القوية، تعلق بأحد الفروع بقوة وعيناه الثاقبتان تراقب حركات الجواد بتمعن،حبات العرق تتصبب على عروقه النابضة لما بذله من مجهود ليسرع خطى الفرس، دفع الهواء من فمه بتركيز ليرفع ذاته بخفة بالهواء حتى أستقر على ظهر الجواد ليرفعها سريعاً عنه ثم رفع يديه ليتشبث بأحد فروع الأشجار التى تخيم المكان بأكمله، فتحت عيناها بصعوبة وجسدها تطوفه رجفة باردة تجعلها كمهاب الموتى لترى ذاتها معلقة برقبته بقوة ظلت كما هي تتأمله بطوفان من الألم والشوق فقالت بهمس_"سليم"! ..
كبح مشاعره بغصة مريرة وهو يستمع لأسمه يتراقص بحروفه بين شفتياها، أشاح بوجهه عنها ليعاونها على الهبوط،لامست قدماها الأرض ليهبط هو الأخر،وقف أمامها بصمت فترقرقت الدموع بعيناها،كاد بالرحيل فقالت بصوتها المتقطع بالدموع_وحشتني ...
إبتسم بسخرية وهو يكمل طريقه فأسرعت لتقف أمامه قائلة بدموع_لحد أمتى؟ ..
إستدار ليقف أمام عيناها بطالته المتناثرة بالثقة وخصلات شعره الأسود تحاوط عيناه فتجعله ككتلة من الوسامة تشدو بكبرياء،أشار للحاجز الأبيض الذي يحد قصر أخيها _لحد ما خوفك يهزم دا يا "ريم "...
وضعت عيناها أرضاً ليكمل بتحد وهو يعقد ساعديه أمام صدره العريض_هتقدري؟ ..
هتقدري تكسري قوانين "رحيم زيدان" وتتخطى الحواجز لحد باب قصري؟ .
رفعت عيناها اللامعة بالدموع لتجده يقف أمامها ثابتٍ بنظراته الثاقبة، مرت الثواني فالدقائق ليقطعها ببسمته الخافتة_خايفة؟ ..
هوت دمعاتها بخزي فأبتسم قائلاً بألم_أنت عايزة أيه يا ريم؟ ..
تطلعت له بعتاب فهو يعلم جيداً الأجابة على سؤاله ولكنه يود سماعها، طال صمتها ليزفر بغضب_لحد أمته هتخافي منه ؟ ..لحد أمته هتفضلي فى حبسك المنفرد دا ؟ ...
ثم صاح بصوته الغاضب_جاوبيني يا "ريم" لحد أمته؟ ...
أحتضنت وجهها لتعلو شهقات البكاء بصوتٍ مسموع،شدد "سليم" على شعره بغضب ليلتمس الهدوء المصطنع قائلاً بغموض_أنتِ عايزة أيه ؟ ..
رفعت عيناها إليه لتقول بصوتها الخافت _عايزاك أنت يا "سليم" ..
كبت غضبه بصعوبة فلا طالما أخبرها بعشقه المتيم لها وأخبرها بأنه قادر على مواجهة شقيقها ولكنها مازالت تخشاه،تحكم بذاته قائلاٍ بصوته الرجولي العميق_هتقدري تكسرلي القواعد عشاني ؟ ..
تطلع لها بنظرة مطولة تطوفها اللهفة بالاستماع لردها ولكنه صدم حينما راها تفرك يدها بأرتباك من سؤاله فصاح بصوتٍ كالسهام_جاوبيني هتقدري تحطمي قوانين "رحيم زيدان"؟ ..هتقدري تكسري قواعده ؟ ..
هتقدري تيجي لحد باب قصري وتتحديه زي ما أختك بتعمل ؟ ...
ساكته لييييه جاوبيني هتقدري؟ ..
فزعت على أثر صوته المرتفع فتراجعت للخلف بزعر وهو يتأملها بألم فمن سكنت بسكنان قلبه تخشي الأقتراب منه ! ...
تخبره بالخفاء بعشقها له وتخشي أن يعلم أحداً بمكنونات قلبها ! ...
إبتسم قائلاٍ بألم_أمشي يا "ريم" ...أرجعي لقصر "رحيم زيدان" . خاليكي عروسة من عرايسه اللي بيحركهم بأيده ...
تعالت شهقات بكائها وهى تراه يبتعد ليتوجه لقصره القريب على بضع خطوات من حديقه قصرها فلحقت به بضع خطوات وهى تصيح ببكاء_متسبنيش يا "سليم" أنا بحبك أوي ..
وقف محله دون أن يستدير لها يتحكم بذاته بالضغط على شعره بغضب، لحقت به ثم كادت بالاقتراب ولكنها تراجعت فقد تخطت الحاجز المحيط بقصره فتراجعت على الفور بخوف من أن يراها أحد فيخبر "رحيم" بأنها تخطت الحاجز الصغير المشيد حول القصور الخمس، تأملها بسخط وهو يرى خوفها المميت ...
فقال بألم يعتصر قلبه _خايفة تتخطي الحاجز ؟ ..
وضعت عيناها أرضاً بحزن فقال بسخرية _طب أنا ليه مش خايف وأنا واقف أدامك وفى منطقته ؟ ..تعرفي أول ما سمعت صوتك وأنتِ بتصرخي كسرت الحاجز دا وأنا مش خايف ولا بفكر فى العواقب اللي بعد كدا ...كسرته عشانك يا "ريم" عشان أنقذك من الموت وأنا شايفك بعيوني بتصارعيه ..
ثم إقترب بضع خطوات ليستكمل حديثه المؤلم_ليه بتعملي فيا كدا؟ ..
قولتلك أختاريني وأنا أتحد الدنيا عشانك مش أخواتك بس ...
ثم أشار على السور المحاط لقصره قائلاً _عدي الخط دا وأنا أوعدك هقف "لرحيم" و"مراد" لأخر نفس خارج مني ...
صعقت من كلماته أحمقاء هي حتى تتحد الشياطين! ...
أشارت له بيدها قائلة بزعر وهى تتخيل مقتله كما فعل رحيم من قبل _لأ لأ ...مستحيل ...
طالت نظراته عليها لينهيها ببسمة سخرية ثم توجه عائدا لقصره ولكنه توقف حينما إستمع لصوت صفق يرتفع شيئا فشيء فأستدار ليجده يقف أمامه بطالته المخيفة القابضة للأنفاس بحضوره الطاغي، أنهى صفق يديه قائلاٍ ببسمته الشيطانيه_برافوو "سليم" عجبتني بجد ...
أرتعبت "ريم" حينما وجدته يقف أمامها فقالت بتوتر وبكلمات غير مفهومه _"رحيم" ...أنا ..."سليم" .. ...الأسطبل...هو ..
أشار لها بيديه بأن تصمت ثم قال دون النظر إليها فعيناها معلقة علي من يقف خلفها _حسابك جاي بعدين ...على أوضتك ..
توقف قلبها لوهلة ولكنها أنصاعت لأوامره وركضت سريعاً للأعلى، بينما ظل يتأمله بنظراته الثابتة ليضم يديه أمام صدره بسخرية _ها يا "سليم" كنت بتقول أيه ؟ ..
رمقه بنظرة غاضبة ثم قطع المسافة ليقف أمامه بتحد_اللي سمعته ...
رفع يديه يحك أطراف أنفه بسخرية _مش جايز أنا مش بسمع كويس الفترة دي ...
طالت نظراته عليه ثم قال بأشمئزاز _أيه اللي غيرك بالشكل دا يا "رحيم"! ..
إبتسم بسخرية _محدش بيفضل على حاله يا صاحبي ...
صاح بغضب _كنت الوقتي أنا لا صاحبك ولا يشرفني أساساً ...
رفع عيناه الصقرية بثبات مميت _أكيد عدو ليا بعد ما أنضميت لحزب "مراد زيدان"...
صرخ بغضب كأنه يخرج ما بقلبه _أنا لا معاه ولا معاك أنا ضدكم أنتوا الاتنين وهفضل ضدكم طول ما شايفكم غلط يمكن بالبداية كنت معاك بس لانك كنت على حق لكن دلوقتي بقيت أوسخ منه بمراحل بقيت شخص أنا نفسي معرفوش ..وياريت الوساوس اللي جواكم أستكفت بالعداء اللي بينكم بس لا أنتوا زرعتوه بين عيلة "زيدان" كلها بقي الكل بيكره بعضه ومقسوم لحزبين بس أنا بقى محدش هيقدر يضمني لصفه ..أنا اللي هحارب عشان أكسر الحواجز اللي عاملينها بينا دي ... وهتشوف ...
إبتسم ببرود_كل شيء إنتهي خلاص يا "سليم" ...
ثم آنحنى ليهمس جوار أذنيه بصوته الشيطاني_الشيطان اللي مش عاجبك دا هو اللي كسب ...
رفع "سليم" عيناه على قصر عمه ليرى العاشق الذي يطوف معشوقته بنظراته المطوفة لنثرات من الروح والهوس فأبتسم ليهمس لرحيم وعيناه تتأمل القصور من أمامه _بالعكس الحكايات بتبتدي ...
ثم رفع عيناه له بثقة وبنبرة ساخرة _وأبقي وريني الحاجز دا هيمنع القلوب عن بعضها إزاي يا ..ها إبن عمي ...
قالها بلهجة ساخرة ليتركه ويتوجه لقصره المجاور لقصر "رحيم زيدان" الذي صاح بصوته المميت_مش هتقدر يا "سليم" هفعصك تحت رجلي لو فكرت تخالف قوانيني...
إستدار ببسمة هادئة _حصل وخالفتها يابن عمي ..
وتركه وغادر تحت نظرات وعيد من الشيطان كما لقبه هو...
بالقرب منهما، كانت تقف بالحديقة بشرود، الهواء العليل يحرك طرف حجابها الطويل بحرية فتجعلها كالحورية التي تتنقل بين نسمات الأزهار، ترقبها بأعين تجاهد التغلب على الغضب لرسم طوفان العشق ولكن تملكه الغضب الشديد حينما وجد من يقترب منها!..
_صباح الكريمة بالحليب..
قالها "مروان" بعدما إقترب منها عن تعمد لبث الغيرة والغضب بقلب معشوقها الذي يتابعها من الأعلى،إستدرات "منة" على الصوت فوجدت إبن عمتها يقف لجوارها فرفعت عيناها البنيتان للأعلى بخوف إزداد حينما وجدته يراقبها بالفعل فقالت بأرتباك _صباح الخير يا "مروان" خير؟
أجابها بسخرية_لازم يكون في سبب يعني عشان أصبح على بنت خالي؟..
إبتلعت ريقها برعب حينما رأت "فارس" على وشك الأنفجار فقالت بتوتر _لا طبعاً مقصدش بس لو كنت عايز "سليم" فهو مش بالقصر..
أشار لها بمكر_لا عايز المخبر.
تطلعت له بعدم فهم فقال بصوتٍ مضحك_لو مش موجوده أجيلها وقت تاني..
تعالت ضحكاتها بعدم تصديق_أنت تقصد "سما" أختي؟
أشار لها بتأكيد فقالت _لا راحت الجامعة من بدري أص...
إبتلعت باقي كلماتها حينما لمحت إشارة" فارس" بالدخول والا إقتلع عنقها فقالت بأرتباك_عن إذنك يا "مروان"...
وهرولت من أمامه مسرعة فتعالت ضحكاته ليستدير لشرفة إبن عمه العدو اللدود إليه مشيراً له بتسلية ليرمقه الأخر بوعيد...
ولجت "منة" لغرفتها بأرتباك مما سيحدث لها فأصبح عقابه يلاحقها دون توقف، تطلعت لهاتفها بتوتر _أعمل أيه أقفله ولا أولع فيه وأخلص...
توصلت لحل سريع فحملت الهاتف وإقتربت من المدفأة ولكن سريعاً ما صرخت فزعاً حينما تعال رنينه ليضيئ بأسمه بعصبية كحاله، جاهدت كثيراً لفتح الزر ليأتيها صوته المنفعل
_ورحمة جدك لأقتلك وأخلص أنا مش منبه عليكِ متخرجيش بره القصر عشان الزفت دااا...
ساكتة ليه إنطقي.
أجابته بصوتٍ يكاد يكون مسموع _أنا حسيت أني مخنوقه فقولت أنزل أتمشى شوية يا "فارس"
_متقلقيش يا روحي مش هيكون في رجل تاني عشان تنزلي وتطلعي.
إبتلعت ريقها برعب_حرام عليك على فكرة..
_لما أشوفك بس هعرفك الحلال والحرام
صاحت بضيق_وأنا مش هخرج من القصر..
تعالت ضحكاته بسخرية _وأنتِ فاكرة يعني أني لو حابب أشوفك هستانكي تخرجي..
قالت بقوة مخادعة تتحلى بها_أكيد أمال يعني هتتجنن وهتجيلي القصر...
_واحد باب أوضتك كمان..
تعالت ضحكاتها بأستهزاء_وأنا مستانياك يا روحي.
وأغلقت الهاتف ببسمة ساخرة ثم جلست على الفراش تأنب ذاتها على تسرعها بحديثها الأحمق فكيف ستتوقف عن الخروج وإختبارها الدراسي بالغد!...
... وعد... ألم...طلق ناري...
_"سلمى"... "سلمى"..
تفوه بها بأنفاس لاهثة بعدما أفاق من نومه، أصبح هذا الحادث المخيف جزءاً من حياته اليومية، أعاد خصلات شعره العسلي الذي يصل لأخر رقبته للخلف ثم أستقام بجلسته على الفراش كمحاولة لأستعادة ثابته، جذب قميصه الموضوع لجواره ثم إرتداه لينهض سريعاً للبحث عنها، إقترب من شرفته ليجدها تجلس بصمت أعتاد عليه من خمسة أعوام، إنحني "جان" ليكون على مستوى مقعدها المتحرك فأبتسم بعشق برز وسامة وجهه بملامحه الرجولية المنحوتة بجمال _صباح الخير يا روحي.
بقيت كما هي بوجهها المتصلب بأتجاه واحد، يحاوطها عدد من الأجهزة للبقاء على قيد الحياة، مسد على شعرها بحنان وهو يبعدها قليلاً عن أشعة الشمس التي تزعجها فقال ببسمة رضا_كدا أفضل.
_صباح الخير يا حبيبي.
إستدار لمصدر الصوت ليقول ببسمته الهادئة_صباح الجمال يا دادا "كوثر"...
إقتربت منه ببسمته المشرقة لتضع بجواره القهوة قائلة بهدوء _سادة زي ما بتحبها.
تناولها منها بأمتنان _تسلم أيدك، ثم أشار على معشوقته بأستغراب _"سلمى" فاقت أمتي؟
أجابته" كوثر " وهي تعيد خصلات شعرها للخلف بحنان أموي_دخلت لقيتها صحت فنقلتها هنا زي مأنت قايل..
وجذبت المقعد للداخل _عن أذنك يا حبيبي هغيرلها..
أشار لها بهدوء وعيناه تتابع نبض القلب وسكنة الروح وهي تنصاع أمامها على المقعد كالمغيبة ليطوف الحزن عيناه ولكنه كان ينهض مجدداً لأجلها، وضع قهوته على الطاولة ثم نهض لخزانته لينقي ما يناسبه...
تألق ببذلة من اللون البني عكست بحر عيناه الرمادية فجعلته كالمعتاد بجمالاً ساحراً للعقول، نثر البرفنيوم الخاص به بشرود فكأن المرأة من أمامه تنقل له ذكريات عتيقة بمثابة كنوز له ليكمل حياته من جديد.
_هتتعب معايا يا بشمهندس..
قالتها بغضب وهي تشير له بغرور فعقد ذراعيه أمام صدره بتفكير لترمقه بنظرات غاضبة ليتحدث سريعاً ببسمة مكر_موافق..
أخفت "سلمى" بسمتها بصعوبة ولكن لم تتمكن من إخفاء خجلها، إقترب "جان" منها ليصبح على مسافة قريبة ليهمس بأنفاسه الحارقة بعشقها _عارف أنك عنيدة وهتعب معاكِ بس معنديش مانع أتجرد من جزء من طباعي عشانك..
تأملت عيناه عن قرب بنظرات مرتباكة فأبتسم بثقة قائلاً ببطء متعمد إثارة خجلها_موافقة تكملي اللي باقي من عمرك معايا يا "سلمى"؟
أغلقت عيناها بخجل مميت ليكمل ببسمته الساحرة_موافقة تشاركيني جناني زي ما شايفاني مجنون!...
موافقة تشاركيني كل تفاصيل حياتي؟..
شعرت بأنها مسحورة فلم تشعر برأسها التي تتحرك يميناً ويساراً كدليل عن موافقتها فأبتسم وهو يحفر سكنان عيناها بداخل قلبه المهوس بها.
عاد لواقعه بلمعة عيناه الحزينة فأفاق على وجود شقيقته بالغرفة، إستدار ببسمة هادئة رسمت لرؤياها_ "فاطمة"!... تعالي.
ولجت للداخل ثم جلست على أقرب مقعد ليجلس جوارها يترقب حديثها البادي بعينها فقالت بأرتباك _ماما كلمتني بالموضوع تاني يا "جان".
زفر بغضب _أنا مش عارف هي عايزة أيه مني؟
_عايزة أفرح بيك قبل ما أموت دي أمنيتي يابني
قالتها تلك السيدة التي تستند على باب غرفته بدموع تهبط بألم، نهض عن مقعده ليقترب منها بضيق _يا ماما عشان خاطري بلاش نرجع لنقطة الصفر بالموضوع دا.
قالت ببكاء حارق_يابني حرام عليك أنا نفسي أشوفلك عيل وأ...
قطعها بلهجة تقطن بأنين _مش هيحصل غير من "سلمى"
صاحت بجنون _"سلمى" مش عايشة عشان تخلف فوووق بقاااااا، شيل الأجهزة دي وأرحمها من العذاب اللي هي فيه دا..
إبتسم بألم_موافق بس ساعتها مش هتلاقي إبنك عايش..
كبتت شهقاتها بصدمة، خرجت" كوثر" بها من الغرفة الجانبية فأقترب منها ليجثو على ركبتيه مستكملاً حديثه ببسمة ودمع معاكس لها _ليه مش قادرة تصدقي أني من غيرها مش هعيش، مش هقدر أكمل من غير ما أحس بوجودها جانبي، أنا كل يوم بيفوت بحمد ربنا أني كتبت كتابنا قبل فرحنا عشان تكون جانبي...
ثم إستدار بوجهه لها _عارفه يا ماما أنا لما طلبت من والدها وإترجيته أجبها هنا كان عشان مديش فرصة لقلبي يحس غيرها ولا لعيوني تشوف غيرها.
بكت الأم بتأثر من كلماته التي نجحت بنقل ألمه، نهض "جان" بعدما أزاح دمعاته بكبرياء فجذب جاكيته قائلاً بجفاء_ياريت تشيلي الفكرة دي من بالك لأن مستحيل هنفترق غير بموتي، طول ما فيا النفس هحارب عشانها وعشان تمن الأدوية اللي مخليه النفس داخلها حتى لو لجأت "لرحيم زيدان" عشان أعملها العملية من فلوس ورثي...
وتركها وغادر ليزداد نحيبها على حظ إبنها العسير كما أعتقدت هي فلم ترى عشق الأرواح الطاهر الذي حطم المقاييس فكيف لعاشق يختبر حبه لخمسة أعوام يكبح فيهما رغباته بالحصول بمعشوقته التي تجمعها به غرفة وفراش واحد!...
جذبت "منة" حجابها بعدما أبدلت ثيابها لفستان من اللون الأزرق يعكس جمال عيناها، أحكمت حجابها بهدوء ثم إستدرات لتغادر الغرفة للأسفل فتخشبت قدماها حينما رأته يقف أمام عيناها، رفعت يدها تدعسها بقوة ظناً من أنها تتوهم رؤياه من كثرة تفكيرها به ولكن بسمته الماكرة جعلتها بفصيل بين الواقع والخيال، تراجعت للخلف بزعر قائلة بصعوبة بالحديث_دخلت هنا إزاي؟
أجابها بسخرية_من الباب يا روحي..
ثم جذبها من تلباب فستانها لتصرخ قائلة بخوف _هو اللي جه وقف معايا والله العظيم..
كز على أسنانه بغضب_وأنتِ ايه اللي مخرجمك من الأساس، أنا قولتلك أيه قبل كدا؟.
جاهدت للحديث ولكن تخلت عنها الكلمات ليصرخ بغضب _إنطقي.
أسرعت بالحديث_مخرجش بره ولا أكلم الحيوان دا تاني..
سر لسماع لفظها عنه فقال ببسمة رضا_وسمعتي الكلام؟..
أشارت له بلا والرعب يسري بعينها ليجذبها بغضب مميت_كسرتي كلامي وإستهزأتي بأني مقدرش أتخطي الحاجز وأوصلك وأديني أهو مش بالقصر نفسه أنا بأوضتك وأقدر أعاقبك بالطريقة اللي تعجبني...
تطلعت له بدموع وهي تجاهد لتخليص معصمها فأكمل بغضب_قسماً بالله يا "منة" لو لمحتك واقفه مع الكلب دا تاني لأكون جايب رقبتك دي نصين ولا هيهمني أخوكِ ولا "رحيم زيدان" نفسه فاهمة؟
أشارت له ببكاء فتركها ليزفر بغضب في محاولات عديدة لتهدئة ذاته ليقول بلهجة أقل حدة_أنتِ اللي بتفوري غضبي وبترجعي تبكي..
قالت بعتاب _وأنا يعني اللي قولتله يجي يقف معايا هو أ...
قطعت كلماتها حينما أشار لها بتحذير _متفتحيش موضوع أنا نهيته عشان مش ضامن أعصابي.
أشارت له سريعاً فتأمل غرفتها بنظرة متفحصة_حلوة أوضتك..
إبتسمت بخجل _عجبتك؟..
نقل نظراته إليها _أي مكان لمستيه بأيديكي أكيد هيعجبني
وضعت عيناها أرضاً بخجل فأبتسم "فارس" بعشق وهو يتأمل ملامحها المتوردة فأقترب من الشرفة يتأمل شرفة قصره المقابلة لها ببسمة هيام، وقفت لجواره بأستغراب_بتفكر في أيه؟
أجابها بهيام بعيناها القريبة منه ليرفع يديه مشيراً على شرفته_بفكر إزاي أجيبك هنا...
إبتسمت بعشق ينبع بداخل القلب فقالت بخجل_هتتعب عشان تقنع أخويا.
إبتسم بثقة_جدي قصرلي نص المسافة..
تطلعت له بعدم فهم فأسترسل حديثه بهدوء _وصية عمي بجواز "آدم" أخويا بسما هتقرب المسافات بيني وبين "سليم" أخوكي..
قالت بأمل _تفتكر؟
همس بخبث_اللي أفتكره أنك مش هتكوني لغيري حتى لو إضطريت أخطفك..
هامت بعيناه الخضراء التي تحاوطها هالة من الحنان رغم طباعه المتعصبة ورغم ما تعانيه مع غيرته وتملكه ولكنها تعشقه بنهاية الأمر.
بقصر "رحيم زيدان"
الهدوء يعم بالمكان بأكمله حتى من أصوات الأنفاس، صوت خطواته الواثقة هي التي تمزق حاجز الصمت، جاب القاعة بخطاه ونظراته الثاقبة، عيناه تتنقل بنظراتها بينهما بغموض إلى أن قرر الحديث_مين اللي فتح قفل الأسطبل...
وضعت "ريم" عيناها أرضاً بخوف بينما قالت" نغم" بثقة_أكيد عارف مين اللي عمل كدا فملوش داعي الجو دا..
وقف أمامها بعيناه التي تحولت البنى القاتم كدليل قوي على غضبه الجامح فتلك الفتاة بملامحها التى تشبه ملامح "مراد زيدان" تنجح بتحوله.
_"توفيق"...
صاح بها بصوتٍ قابض للأنفاس جعل"ريم" ترتعب فبمجرد ذكر إسمه تعلم بالعقاب القادم بينما تطلعت له" نغم" بثبات، أتى من خلفه سريعاً قائلاً بوقار_تحت أمرك يا" رحيم" باشا..
أشار بيديه عليها _الحيوانة دي خالفت قانون من قوانيني عقابها لمدة أسبوع كامل..
أشار له بتفهم فجذب "نغم" التي حاولت دفشه بعيداً عنها ولكنها لم تتمكن فجذبها للأسفل لتنصاع له بدمع تأبى السقوط فقالت بعدما إبتعدت عن "رحيم" _سبني بقولك... أنا عايزة أكلم "مراد " سبني أكلمه..
جذبها برفق_للأسف معنديش تعليمات بكدا..
وفتح الباب السفلي للقصر الذي يشبه المعتقل ليدفشها برفق للداخل فصاحت بصراخ_لأ خرجني من هنا...
وبكت بكره وتمرد يزداد كلما مر يوماً على وجودها بقصره...
بالأسفل...
دموعها تنجح بصنع هالة خاصة به فأقترب منها بملامح مازالت ترسم بالثبات_أيه اللي موقفك مع "سليم"؟
أجابته بدموع والخوف يجعلها كالمنتظر لموته_مش هقف معاه تاني.
تراقبها بعيناه الزيتونية المحاطة بهالة ساحرة من اللون العسلي _أطلعي أوضتك وأتمنى اللي قولتيه يحصل والا متلوميش الا نفسك..
تقدمت خطوة من الدرج ثم إستدارت بأرتباك_ونغم؟
رمقها بنظرة مميتة ليشدد على كلماته بغضب_قولتلك على أوضتك كلامي مش بيتعاد مرتين...
ما إن أنهى كلماته حتى هرولت للأعلى فجلس على المقعد الأساسي الطاولة العملاقة بوعيد طال بهمسه المخيف_"مراد زيدان" نهايتك دايماً بتتشكل بطريقتي..
وإبتسم بمكر لما أعده له لا يعلم بأن الخصم علي مرتبة متساوية معه !
ولج "مروان" للداخل ببسمة يتربعها النصر فتتابع الرائحة التي تغمر مدخل القصر فجعلته هائم بكيف سيكون ملاذها، وصل للمطبخ القصر ببسمة واسعة حينما وجد أخيه يقف بمنتصفه يفرد العجين بحرافية ولجواره أشهى الوصفات التي أعدها خصيصاً له، إقترب منه بصدمة_"ريان عمران" يعد البيتزا اللذيذة بنفسه؟!
خلع زي الطهي ليلقاه على الطاولة بأهمال، ثم جذب جاكيت بذلته الأنيقة ليرتديه بصمتٍ قاتل ليهرول الأخر إليه بصدمة_رايح فيين؟..
لم يجيبه ووقف أمام المرآة الخارجية يعدل من خصلات شعره الفحمي بثبات ليخرج صوته أخيراً _أنت صح" ريان عمران" مينفعش يقف بالمطبخ عشان أي حد..
زمجر " مروان" بغضب _يعني مفيش بيتزا للعبد لله.
أجابه بثبات وهو يرتدي جاكيته_لا..
إبتسم بتفكير_طب ما تكمل اللي كنت بتعمله وأنا هحبك العمر كله دأنا حتى شاب مغترب وأصعب على الكافر وعهد الله
إبتسم "ريان" بسخرية _الكافر بقى لكن أنا مسلم..
ثم قال بحدة_وبعدين أنت مش هتبطل تعاند "فارس" وتسيب "منة" في حالها؟..
أجابه "مروان" بمكر_لما أنت تبطل تعاند "جان" أبقى أفكر..
تحولت نظراته للغضب القاتم فتراجع "مروان" للخلف بزعر_أوعدك أفكر..
جذب مفاتيح سيارته بعصبية _مفيش فايدة فيك هتفضل زي مأنت.
ورمقه بنظرة قاتلة ثم توجه لشركاته فتمتم "مروان" بغضب_صحوبتك مع "رحيم زيدان" بتيجي على دماغ العبد لله...
ثم توجه للمطبخ بضيق_ أكمل البيتزا أنا وأمري لله..
تأملت حركات الطيور بسعادة غريبة، تشعر بالراحة حينما تجلس جوارهم، بداخلها يقين بأن قلوبهم تسكنها حنان لا يسكنها البشر ربما لما تذقه على يد من أحببته فأرتبط بأخرى غير عابئاً بها، تعلم بأن هذا المكان هو المفضل لديه لذا تصعد إليه بعد رحيله لعلها تناجي ذكرياتها معه
حملت حمامة بيضاء بين يديها فمسدت على ريشها الأبيض بأعجاب ثم قفزت بالهواء لتحريرها ببسمة ساحرة تفتك بالقلوب، كف عن مراقبتها ليظهر من خلفها بغضب_بتعملي أيه هنا؟..
إستدرات للخلف بخوف عند سماع صوته فقالت بأرتباك_كنت بأكل الحمام..
إقترب منها "إياد" بغضب_أنا طلبت منك تأكليهم؟..
وضعت "فاطمة" عيناها أرضاً بحرج ليكمل هو بنفاذ صبر _إسمعي أنا قرفت بجد من أني كل يومين أكررلك كلامي، فكرة أني أنفذ وصية عمي وأتجوزك دي مستحيل تتحقق ولو بعد مليون سنة أنا بحب خطيبتي وهنتجوز قريب فياريت تنسيني وتكملي حياتك اللي مش هكون فيها وأول حساباتك أنك تبعدي عن أي شيء يخصني حتى لو كان المكان دا...
يتعمد كسر كبريائها على الدوام، نعم عشقته ولكن لن تحتمل كلماته القاسية، كفكفت دمعاتها ثم توجهت للهبوط ولكنها إستدرات قائلة ببسمة ساخرة_نصيحتك غالية وأنا فعلاً عملت بيها من زمان مش لأنها كلها صح لا لأني غالية واللي زيك ميستحقنيش أنت تستحق حب خطيبتك وتستحق فعلاً أخلاقها المثالية
وتعمدت مقولتلها الأخيرة لتمس كرامته مثلما فعل، كادت بالهبوط ليجذبها بقوة جعلتها تتلوى ألم_أصغر دافر ليها عندي برقبتك، يمكن لأنك متعرفيش يعني أيه حب فمش هتقدري علاقتنا انتِ بتعرفي بس هتقضي اليوم في أوضة مين!..
جحظت عيناها بصدمة فرفعت يدها لتصفعه بغصب_أخرس يا حيوان...
شل حركة يدها ليضغط عليها بقوة جعلتها تصرخ ألماً ليصدح صوت إنكسارها بين يديه فضغط أكثر غير عابئ بصراخها كأنه يرى الماضي أمامه من جديد فصاح بغضب _الحيوان دا اللي بيخون ويخدع... الحيوان دا لقب نبيل اللي زيك ميستحقهوش..
قالت بصوتٍ مبحوح من البكاء والألم_إيدي... سبني...
تطلع لها قليلاً بنطرة تسلية ثم تركها لتحتضن يدها بألم يضاهي طاقتها، إنحني ليكون مقابل لها ليشير لها بسخرية_حجة كويسة عشان تقضي الليلة في أوضته من غير ما أخوكي يحس بشيء...
رفعت عيناها إليه بنظرة مطولة كأنها تتحقق منه جيداً فربما تجد لمحة ألم لوجود ذلك العاشق الذي إرتبطت به يوماً ما، تحملت على ذاتها لتنهض مجدداً لترمقه بنظرة أخيرة جعلته يتمرد غضباً فكان يود سماع ما ستقول، توجهت عائدة للقصور بخطى شبيهة للموت فذراعها يؤلمها للغاية، خشيت العودة لقصرها فتراها والدتها هكذا فأستسلمت لجرحها لتجلس أرضاً تبكي بقهر، حاولت إخراج هاتفها لطلب أخيها ولكن لم تستطيع فأستسلمت لبكاء مرير عصف بها، توجه لشرفة "إياد" لشرفة البرج يتأملها بنظرات مطولة إلى أن رأى سيارته تقترب منها، هبط من سيارته بقامته المثيرة ليهرع إليها بقلق _"فاطمة"!
رفعت عيناها لتراه يقترب منها فأشارت بيدها بصراخ_متقربش..
توقف"يامن" محله بحزن_طب أعرف مالك؟
أشارت له ببكاء_أرجوك سبني في حالي..
إقترب منها بغضب_يا غبية أنا زي" جان" بالظبط ولو هو مفهمش كدا فدا شيء يرجعله هو..
أغلقت عيناها ببكاء_مفيش أخ بيقبل على أخته الأهانة وأنت قبلت تهني ودلوقتي عايز ترجع تهني تاني... سبني في حالي..
تألم قلبه فقال بهدوء _هبعد بس قوليلي مالك أو أساعدك إزاي؟..
أشارت بيدها على الهاتف من جوارها_لو حابب تساعدني كلم "جان" وهات الفون..
إنصاع لها على الفور فطلبه وقدم لها الهاتف لتخاطب أخيها الذي أتى على الفور...
بمكتب الوزير
شدد بيديه على رأسه بألم_زهقت يا "مصطفى" مش عارف أعمل أيه تاني عشان يسيبونا في حالنا، خايف على "حنين" أوي ومعتش عارف أحميها إزاي، عملت كل حاجة وجبت أفضل الحرس وهما مش بيحبطوا من محاولاتهم..
إستمع له "مصطفى" جيداً فقال بعد تفكير _بس في اللي يقدر يحميها.
تطلع له الوزير بأهتمام ليكمل الأخر بهدوء _الجوكر..
إستمع له حتى أنتهى فقال بتذكر_مش دا إبن "طلعت زيدان" اللي كان مساعد وزير الداخليه
أشار له بهدوء فأسترسل حديثه _سمعت عنه هو و"رحيم زيدان" أخدين سيط جامد بالداخلية بس بيقولوا انهم على خلاف جامد مع بعض بسبب أن والدهم الله يرحمه كتب كل أملاك عيلة "زيدان" بأسم إبنه "رحيم".
قال بالنفي_الخلاف بينهم من قبل ما الأملاك تتكتب بأسم "رحيم" ولحد الأن محدش عارف الخلاف بينهم على أيه رغم إنقسام عيلة" زيدان" الا أنهم صاينين السر اللي بين الجوكر والأسطورة..
زفر الوزير بتشتت_وهو أيه اللي هيخلي واحد زي "مراد زيدان" يحمي بنتي ويتحمل مصاعب كبيرة زي دي!..
إبتسم "مصطفى" بثقة _لما تكون على عصمته.
تطلع له بذهول فأكمل حديثه بهدوء_فكر "بحنين" صدقني واحد زي "مراد" هو اللي هيقدر يحميها منهم..
أجابه بقتناع_وهيوافق يتجوزها إزاي وا...
قطعه "مصطفى" بثبات_الجوكر بيعمل أي حاجة مقابل معروف حد عمله ليه في يوم من الأيام حتى لو هيرد بمعروف أكبر الف مرة... وأعتقد أني عملتله خدمة قبل كدا لما كان بالداخلية ومن مصلحتنا برضو ميعرفش أنها بنت حضرتك عشان كدا سيب الموضوع كله عليا...
بالولايات المتحدة الأمريكية.
وقف "آدم" يلتقط عدد من الصور ببسمته الفتاكة، يرى إعجاب الفتيات بأعيناهم فصنع لذاته حاجز من الغرور، رفع هاتفه يخرج إسمه اللامع بأسم الجوكر وبداخله رعباً مما سيخبره به،فضل أن يبعث برسالة صوتية يخبره به بأنه قرر الأنصياع لوصية والده بالزواج من تلك الفتاة غريبة الأطوار..
وضع هاتفه بجيب بنطاله البني مطلقاً زفير قوي_يارب يسمعها بقلبه مش بعقله...
وكبت ضحكاته ليكمل تصويره بالكاميرا الخاصة به ببسمته الفتاكة..
خرج من صالته الرياضية يجفف قطرات العرق المتناثرة علي جسده المنحوت بحرافية، جذب المياه لتغطي ملامح وجهها المميزة، فتح عيناه الزرقاء مزيحاً خصلات شعره الذهبية للخلف بثبات، ملامحه تزيد من رجولته فتجعله فتاكٍ للغاية، جسده المتصلب يقص بطولات وإختبارات خاصعها بصعوبة جعلته بتلك القوة، جذب المياه من البراد يرتشفها ليستمع لرسالة إبن عمه فأزدادت جمرات عيناه غضباً حينما صرح له أعلان خضوعه "لرحيم زيدان" فخرج "مراد" وهو بحالة تجعل الأخر يحتسب أجره عند الله من الشهداء إن علم بأمره..
جلس "آدم" على أحد المقاهي يرتشف قهوته يتلذذ، عيناه الرمادية تثير الأعجاب بطالته الممزوجة بين الشرق والغرب، جذب هاتفه بتفحص فأذا بالقهوة تصل لساقيه لينهض عن محله بغضب ظناً بأن النادل من أسقطها عليه ولكنه صعق محله، لم يترك له الأخر وقتاً للصدمة فطاف عنقه بيديه ليرفعه عالياً وبصوتٍ مخيف للغاية_عايز تخضع "لرحيم زيدان"، دانا أقتلك قبل ما تفكر تعملها يا كلب...
سعل بقوة وهو يضرب على كفيه بأن يحرره فتركه الجوكر ليهوى أرضاً يلتقط أنفاسه بصعوبة فهمس بصوتٍ متقطع _متفقناش على كدا..
رمقه "مراد زيدان" بنظرة خبث ثم رفع عيناه على من يلتقط له الصور بنظرات ماكرة ليغادر بنصر من تحقيق هدفه ليعلم الآن مع أي عدو وضع ذاته في مهاجمته فالجوكر ليس بالهين لينخضع له...
بمكانٍ أخر بسيط للغاية ولكنه يعج بالمشاعر والأنين، حملت صورته بين يدها لتبكي بقهر حينما تذكرت الطفولة فقالت بألم_الله يرحمك يا "فريد" هفضل لأخر يوم بعمري أترحم عليك ومش ناسياك ولا هنساك ولا هسمح لغيرك يدخل حياتي حتى لو هسمعهم العمر كله يتريقوا على العانس...
إحتضنت "أشجان" صورته ببكاء لا تعلم بأن المجهول أعد لها خندق تعتليه نيران الحقد والأنتقام
فهل ستتمكن من إبادة الأشواك لتظهر تلك الزهرة العالقة؟..
هل ستقف القوانين عائق أمام رحلات العشق؟..
ما الذي يخبئه القدر للجميع وترى ما السر المخفي وراء عداء الجوكر والاسطورة؟!
هل ستتمكن أشجان وحنين من غزو قلب الشياطين وترى هل سترأف بهم المصاعب أم ستحطم القلوب؟..
وأخيراً إلى أي كفة سيختار النصر "رحيم زيدان" أم "مراد زيدان"...
هل إنتهت أقصوصة عشق "شجن وفريد " أم أن هناك أراء أخرى؟!