رواية اغتصاب مع سبق الاصرار للكاتبة سارة علي الفصل السادس والعشرون
بعد مرور ثلاثة ايام...
وقف حازم امام باب غرفته وهو يشعر بالخجل والتردد الشديدين...
لقد رفض ان يعود الى المنزل خلال الثلاث ايام الفائتة...
كان خجلا للغاية ولا يستطيع رؤية هنا بعدما فعله معها...
لذا اختار الهروب كحل... وليته كان حلا جيدا... لقد زاده الهروب عذابا وتأنيبا للضميرر... الأمر الذي جعله يرغب في رؤيتها مرة اخرى والاعتذار منها... وهاهو يقف امام باب الغرفة التي تقطن بها وهو يراجع نفسه للمرة المليون قبل ان يدلف اليها ويراها...
هم حازم بالطرق على الباب لكن قبضة يده توقفت في منتصف الطريق وكأنها ترفض ما يريد فعله...
في نفس اللحظة التي توقفت بها يد حازم في المنتصف فُتحت الباب وخرجت هنا من الغرفة لتصطدم بحازم امامها...
توقف الزمن حوليهما للحظة وتلاقت العيون بنظرة طويلة ما بين اسف وارتباك وخجل منه و خوف و كره و حقد منها...
هم حازم بقول شيء ما لكن قبل ان يفتح فمه بكلمة كانت هنا تتحرك بعيدا عنه لكنه قرر ان يقول ما لديه لها فركض خلفها وقبض على ذراعها موقفا اياها...
رفعت هنا ذراعيها لا اراديا في وجهه وقد دب الخوف في اعماقها... خوف لاحظه حازم على الفور فتراجع قليلا محررا ذراعها من قبضته قائلا بأسف شديد:
اسف...مكانش قصدي اخوفك...
عايز ايه...؟!
سألته بملامح منتفضة ليجيبها بجدية:
عايز اتكلم معاكي... محتاج لده اوي...
رمته هنا بنظرات مترددة قبل ان تقول بنبرة غير مرتاحة:
اتفضل...قول اللي عندك...
حازم وهو يحرك رأسه يمينا وشمالا:
مينفعش نتكلم هنا... خلينا نخش اوضتنا...
زفرت هنا انفاسها بضيق قبل ان تقول بصوت مبحوح وهي تتحرك نحو الغرفة:
اتفضل...
اغلق حازم باب الغرفة خلفه واتجه نحو هنا التي جلست على حافة السرير ضامة قبضتي يديها سويا ووجهها منخفض نحو الاسفل...
جلس حازم بجانبها فتحركت مبتعدة عنها قليلا ولا اراديا...
تنحنح حازم مصدرا صوتا يدل على انه هنا لترفع هنا رأسها بمعنى ان يتحدث فيبدأ حديثه قائلا:
هنا انا عارف اني مهما اعتذرت ليكي مش هيفيد ولا هيقلل غلطي بحقك... هنا انا اسف... اسف على اللي حصل... بس اقسم بالله مكنتش واعي للي بعمله... انا مكنتش فوعيي...
رمته هنا بنظرات غير مصدقة قبل ان تهمس بنبرة متحشرجة:
والمرة الاولى كمان مكنتش فوعيك...؟!
اخفض حازم انظاره خجلا قبل ان يجيب:
انا معترف بغلطي فالمرتين...بس فالمرة الاولى انا كنت فاكرك مش كويسه... مخطرش على بالي انك تكوني بنت... اظن اي حد مكاني وشافك فمكان مشبوه وفوضع زي الوضع اللي كنتي فيه كان...
انتفضت من مكانها مقاطعة اياه بصراخ:
كفاية...اسكت مش عايزة اسمعك... مش عايزة اسمع اي حاجة منك...انت مش مكفيك اللي عملته... كمان عايز تخليني انا المذنبة وتحملني مسؤولية كل حاجة..
هنا اهدي من فضلك...
قالها حازم وهو ينهض من مكانه محاولا تهدئتها قبل ان يكمل:
وانا مش عايز احملك مسؤولية اي حاجة... انا بس بحاول افهمك واشرح ليكي اسبابي ومبرراتي...
هنا باصرار:
مفيش حاجة تبرر اللي عملته ابدا...انت فاهم...
حازم وهو يحاول امتصاص غضبها:
خلاص يا هنا... انتي صح... وانا فعلا غلطان... ومعترف بغلطي...انا بس كل اللي عايزه منك انك تسامحيني... وتديني فرصه اكفر بيها عن اخطائي...
ازاي...؟!
صدم حازم بشدة من سؤالها ولم يتوقعه بتاتا... كان يظن انها سترفض او ستعاند لكن ان تسأله سؤال كهذا هو اخر ما توقعه...
ابتلع حازم ريقه واجابها:
انتي اديني بس فرصة وانا اوعدك اني هتغير وهتشوفي ده بعينك... انا هعوضك عن كل حاجة... واكفر عن كل ذنوبي فحقك...
قالت هنا بنبرة عميقة:
تفتكر اللي عملته ده ممكن تقدر تعوضني عنه...؟!
تطلع حازم الى عينيها بنظرات قوية قبل ان يقول بثقة:
اكيد... انا متأكد اني هعوضك عن كل حاجة... بس تديني فرصة...فرصة واحدة بس...
صمتت هنا للحظات قبل ان تقول بجدية:
بس على شرط...
عقد حازم حاجبيه متسائلا بتوتر:
شرط ايه...؟!
هنا بجدية:
تحكيلي عن مايسة وايه علاقتك بيها...
اخذ حازم نفسا عميقا قبل ان يرد:
بس بلاش دلوقتي... صدقيني هحكيلك كل حاجة... بس لما اكون جاهز ومستعد لده...
وانا هديك فرصة يا حازم...فرصة واحدة تثبتلي فيها العكس...
ابتسم حازم لا اراديا وقال فرحا بعدم تصديق:
انا متشكر اوي يا هنا...متشكر جدا...
منحته هنا ابتسامة خفيفة قبل ان تشيح ببصرها بعيدا عنه وهي تدعو ربها ان يوفقها بما هو قادم...
خرج حازم من غرفته وهو يكاد يطير من الفرح... يشعر بانه خلق من جديد... لقد اعطته هنا فرصة عمره... وهو سيستغلها جيدا... اتجه نحو غرفة والدته... طرق باب غرفتها لتفتح له والدته الباب فيدلف الى الداخل وهو يقول بنبرة مرحة فقدها منذ زمن:
صباح الخير يا ست الكل...
راقية بضيق جلي:
واخيرا افتكرت انوا ليك ام تجي عندها وتسأل عليها..
حازم متسائلا:
فيه ايه يا ماما...؟ شكلك مدايقة...؟!
اقتربت الام وسألته بنبرة حازمة:
كنت فين يا حازم...بقالك ثلاث ايام مش باين..
اجابها حازم:
كنت عند خالد...كنت تعبام شوية ومحتاج اريح دماغي... بمعنى اني كنت محتاج ابعد واعيد حساباتي...
وعدتها...؟!
اومأ برأسه وهو يبتسم براحة لتكمل والدته بتعجب:
طب وممكن افهم سبب الابتسامة دي...؟!
مسكها حازم من كفي يديها واجلسها على السرير ثم جلس مقابلا لها وقال بسعادة واضحة:
ابتسامتي دي عشان انا مبسوط...مبسوط جدا...
ابتسمت راقية لا اراديا وسألته:
وايه سبب الانبساط ده كله...؟!
تنهد حازم قبل ان يجيبها:
هنا... هنا وافقت انها تسامحني وتديني فرصة جديدة...
بجد...؟!
اومأ حازم برأسه لتبتسم الام براحة قبل ان تقول بتحذير:
بس خد بالك دي اخر فرصة ليك... حاول تستغلها صح...
متقلقيش...
اكملت الام بجدية:
كان عندي ليك خبر كده... مش عارفة اذا كان هيدايقك او لا...
حازم باحباط:
هو انا ناقص يا ماما... ده انا مصدقت الاقي حاجة تفرحني شوية...
خلاص مش هحكيلك... اصلا مش ضروري تعرف الخبر ده...قصدي يعنس انوا مش مهم اوي...
سألها حازم بقلق:
لا اتكلمي يا ماما... انا قلبي مش مرتاح... مش عارف ليه...؟!
راقية بتردد:
سنا...
حازم متسائلا بملل:
مالها...؟!
اجابته الام:
هتتخطب قريب...
انتي بتهزري يا ماما...؟!
سألها حازم بعدم تصديق لتهز الام رأسها نفيا وتقول:
لسه راجية مكلماني من شوية... قالتلي انوا فيه واحد متقدملها وهي موافقة...
طب ازاي وهي...
انا مش عارفة اعمل ايه يا حازم... حقيقي مش عارفة... انت ظلمت سنا...ظلمتها اوي...
حازم بحشرجة:
لا انا مظلمتهاش، انا كنت صادق معاها لاخر لحظة... بس هي اللي خانت، خانتني لما قررت تفضحني وتفضح هنا من غير اي اعتبار ليا او ليها، عالعموم ربنا يوفقها فطريقها...
يعني ايه..؟!
يعني هي هتتجوز وربنا يوفقها...
طب واللي كان بينكم... سنا هتتجوز ازاي وهي اصلا كانت متجوزة...
مش عارف... بس اكيد هي عارفة بتعمل ايه...
هزت راقية رأسها بعدم اقتناع قبل ان تقول:
انت لازم تعرف سنا ناوية على ايه... لازم تفهم منها كل حاجة...
بس انا مش عايز ادخل نفسي فالموضوع ده...
قالت راقية:
مليش دعوة... سنا مجنونة وممكن تخاطر بأي حاجة... ولو اتفضحت محدش هيرحمها ولا هيرحمنا...انت فاهمني مش كدة...؟!
اومأ حازم برأسه بشرود وهو يفكر في حديث والدته بجدية...