رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل الثالث والأربعون
في غرفة حسام في منزل شهد، اقترب خالد من حسام يشمر عن ساعديه يمسك بطوقه الجلدي يبتسم متوعدا، لتضطرب حدقتي حسام قلقا من نظرات والده المتوعدة، انتفض للخلف حين صفع خالد الأرض جواره بعنف ليدوي صدي الصفعة عاليا قويا مخيفا، بلع حسام لعابه بسط كفيه امام صدره يهتف سريعا متعلثما:
- اهدي بس يا حج أنا هفهمك كل حاجة أنا كنت رايح اديها الملازم، ااااااه.
صاح بها حسام متألما حين هوي بغتة طوق على عجزه بعنف ليتنفض يبتعد عن ابيه تشجنت ملامحه الما يردف حانقا:
- ليه الغدر دا يا حج طاه
ابتسم خالد متوعدا يقترب منه ليقفز حسام بعيدا عنه يقف فوق فراشه ينظر له قلقا، بينما صدح صوت خالد الغاضب:
- كل يلا بعقلي حلاوة ما إنت شايف سوسن واقفة قدام، أنا كلمت سارة يا حيوان وحكتلي عن اللي بيه عمله.
ضيق حسام عينيه بغيظ يتوعد لسارة في نفسه ليصيح مرة أخري حين هوي طوق خالد على ذراعه تلاه صوته الحاد الغاضب:
- تسلملك على عمها، عمها بنفسه هيسلم عليك يا حبيب عمها
توجست عيني حسام وهو ينظر للشرر القادح في عيني والده ليقرر الفرار بنفسه سريعا كان ينزلق أسفل الفراش يختبئ تحته من بطش والده يصيح متألما:
- أنا عمري ما اضربت كدة قبل كدة.
ضم خالد شفتيه يكبح ضحكاته ليميل ينظر له يصيح محتدا:.
- اطلع يلا وخليك راجل، شيلي صورتك من على الفيس، جري ايه يا ابو آدم
عقد حسام جبينه يبسط راحته أسفل ذقنه يغمغم بحالمية يخطط للمستقبل:
- لاء مش هسمي آدم، اسم متداول جداا، أنا بفكر اسمي اسم غريب جدا، ايه رأيك في روهان، روهان حسام خالد السويسي، اسم وحش جدا ايه القرف دا.
توسعت عيني خالد في حدة ليلتفت حول الفراش امسك بساق حسام الظاهرة يجذبه للخارج ليتسمك حسام بأحد ارجل الفراش بعنف توسعت عينيه خاصة حين اردف ابيه متوعدا:
- وكمان بتفكر في اسم العيال دا أنا مش هخلي فيك حيل حتى تتجوز مش تخلف
حرك حسام رأسه نفيا بعنف يتسمك بقدم الفراش يحتضنها بعنف كأنها ملاذه الأخير يصيح بدراما مبالغ فيها:
- الأرض لو عتشانة نرويها بدمانا.
تعالت ضحكات خالد المتهكمة يردد ساخرا وهو يجذبه بعنف ليخرج من أسفل الفراش:
- عتشانة! طب تعالي بقي عشان هروي الأرض بدمك يا محمد يا ابو سليم
بعد دقائق معدودة خرج خالد من الغرفة وهو يعدل من وضع تلابيب قميصه يبتسم في زهو، ليخرج حسام خلفه ينظر له مغتاظا وجهه به بعض الكدمات بالإضافة إلى صفعات الطوق، شهقت شهد فزعة ما أن رأت حسام لتهرع إليه تردف متلهفة:
- نهار ابيض حسام، انت عملت ايه في الواد.
نظر خالد لحسام من طرف عينيه يبتسم ساخرا بينما احتقن وجه حسام يتمتم مغتاظا:
- ما فيش يا ماما دا أنا كنت بلاعب الحج مصارعة، بس واضح ان الحج ايده تقيلة شوية
نظرت شهد لخالد في ضيق لتعاود النظر لطفلها تردف بحنو:
- هجبلك صندوق الاسعافات من الحمام وجاية
انتظر خالد إلى أن غادرت شهد ليقترب من حسام وقف امامه يدس يديه في جيبي سرواله يهمس محتدا:.
- نتكلم جد، راجل لراجل، صدقني المرة الجاية رد فعلي مش هيعجبك، سارة بنت عمك حالتها النفسية اصلا زفت وخصوصا منك، واللي أنت بتهببه دا بتضغط عليها اكتر، ابعد عنها يا حسام، البنت عندها امتحانات الايام الجاية، سيبها تركز في امتحانتها، ما تبقاش السبب في ضياع مستقبلها.
اخفض حسام رأسه ارضا كلمات والده تتضارب في عقله من ناحية وشوقه لأن يراها في كل دقيقة ينهش قلبه من ناحية أخري، رفع وجهه ينظر لابيه، استطاع خالد أن يري العشق يضي في حدقتئ ابنه، حرك حسام رأسه إيجابا يردف بخفوت:
- حاضر يا بابا
ابتسم خالد يربت على وجه حسام التفت يغادر ما أن اقترب من الباب سمع صوت شهد تردف سريعا بتلهف:
- رايح فين يا خالد مش هتاكل.
اجبر شفتيه على الابتسام التفت لها يحرك رأسه نفيا يردف سريعا قبل أن يغادر:
- معلش مرة تانية، أنا مستعجل دلوقتي، سلام
قالها ولم يعطيها فرصة للرد بل خرج سريعا يغلق الباب خلفه، نظرت شهد في اثره تقبض على كفها لتلقي ما في يدها على الطاولة، دخلت إلى غرفتها تصفع الباب خلفها بعنف، بينما وقف حسام مكانه يرفع حاجبيه مدهوشا مما حدث ضرب كف فوق آخر يتمتم متعجبا:
- لا حول ولا قوة الا بالله، أنا هروح اكل.
قطبت جبينها متعجبة معاذ لما يتصل الآن وزيدان ماذا فعل، انتظرت جملته التالية بفضول فقط لتفهم سر ظهوره الغريب أمامها، وقبل أن ينطق بحرف سمعت صوت سيدة تصيح من جواره تبدو غاضبة تتحدث بلكنة انجليزية غريبة:
- Moaz, what are you doing, are you mad?
(معاذ، ماذا تفعل هل جننت )
لحظات صمت تلاها صوت تلك السيدة يبدو أنها اخذت الهاتف من معاذ وتحادثها هي بنبرة مخملية لبقة:.
- Hello baby, I am Moaz s mother، he just wanted to tell you that your husband loves you so much، Goodbye my dear
( اهلا بيكي حبيبتي أنا والدة معاذ، هو فقط أراد اخبارك أن زوجك يحبك جدا، وداعا عزيزتي ).
ودون كلمة أخري اغلقت الخط، قطبت لينا جبينها متعجبة تنظر للهاتف في ذهول مما حدث توا، ما هذا الجنون، معاذ، والدته، هو اخبرها من قبل أن والدته انجليزية من انجلترا لماذا تحادثها وماذا كان يريد أن يقول معاذ وقاطعته هي، هي حقا لا تفهم تنهدت تفرك جبينها تفكر بحيرة، لتجفل على صوت زيدان يحادثها قلقا:
- مالك يا لوليا انتي كويسة.
رفعت وجهها اليه لتتوسع عينيها في دهشة تدلي فمها يكاد يلامس الأرض تنظر له وهو يرتدي قميصه، جسده المكدس بالعضلات الضخمة توسعت عينيها فزعا تهمس مع نفسها:
- هاراحوس عليا دا أنا لو اتخانقت معاه هيعملني استيكر على الأرض
اجفلت مرة أخري على نبرته العابثة وهو يردف في مكر:
- ايه يا لوليا متنحة كدة ليه يا حبيبتي
حركت رأسها نفيا سريعا تشيح بوجهها بعيدا بلعت لعابها في توتر تغمغم متلعثمة:.
- هااا، لالا ابدا أنا كنت سرحانة مش اكتر
توسعت ابتسامته توجه ناحيتها القي بجسده على الأريكة يقرص وجنتها برفق يردف في خبث:
- وهو اللي بيسرح بيفتح بوقه ستة متر كدة...
تخضبت وجنتيها تشعر بحرارة غريبة تغزو وجهها، بلعت لعابها لتتحرك من جواره تريد المغادرة تردف سريعا:
- أنا هروح البس.
ما كادت تتحرك، خرجت منها شهقة قوية حين شعرت بيده تجذبها لتعود تجلس جواره من جديد، تلك المرة زيدان تخطي المحظور مزق كل المسافات الفاصلة بينهما، اقترب منها حتى بات لا يفصلهم سلط عينيه على عينيها يهمس بنبرة عاشقة رخيمة:.
- مش كفاية بعد بقي، سنين وأنا بحلم باليوم اللي هتكوني فيه في حضني، ولما اخيرا اتجوزنا بردوا بتبعدي عن حضني، اطلقي سراح قلبي العاشق بكلمة واحدة بس، قولي أنك موافقة، صبري بينهار قدام عينيكي، وافقي تبقي جزء من كياني يا كل كياني.
بلعت لعابها تشعر بدقات قلبها تكاد تنفجر تعالت أنفاسها المتوترة، تحاول الا تنظر لعينيه، تحاول أن تسيطر على سيل مشاعرها المنجرف نحوه، لمحت بطرف عينيها جهاز الكمبيوتر المحمول التي تركته مفتوحا امامها، كانت تتحدث مع والدتها قبل قليل واخبرتها انها ستحادثها بخاصية ( الفيديو ) لمحت بطرف عينيها مكالمة والدتها ترد الآن وعليها فقط أن تقبلها، مدت يدها خفية تضغط زر القبول، لحظة فقط وانتفض زيدان بعيدا عنها حين صدح صوت والدها الغاضب:.
- أنت يا حيوان ابعد عن البت
توسعت عيني في صدمة ينظر لشاشة الحاسب في ذهول، وجد خاله بصحبة زوجته يجلسان متجاورين، خاله ينظر له شرزا لو كان أمامه في تلك اللحظة يقسم أنه كان سيقتله، احتدت عيني زيدان بغيظ ينظر لزوجته القابعة جواره ليراها تبتسم تسبل عينيها في براءة كأنها لم تفعل شيئا من الأساس، تردف سعيدة:
- بابا إنت وماما وحشتوني كتير
باردت لينا « الشريف » تحادث ابنتها تسألها بتلهف قلقة:.
- انتي كمان يا حبيبتي وحشتيني اوي، انتي كويسة، مبسوطة
توسعت ابتسامتها تنظر لوالدتها تتحاشي النظر لزيدان الغاضب لتردف مبتسمة بتوسع:
- كويسة جدا ومبسوطة جدا
اطمأن قلب لينا وهي ترى تلك الابتسامة الواسعة السعيدة تغزو شفتي ابنتها، فتحت فمها لتحادثها ليبادر خالد كعادته يقول في حدة:
- اوعي يكون الواد اللي قاعد فاتح صدره دا مزعلك وأنا اجي اعلقه.
وضعت لينا يدها على فمها تكبح ضحكاتها لينظر زيدان بطرف عينيه إلى خالد في غيظ، بينما حركت لينا رأسها نفيا سريعا
لكزت لينا ( الشريف ) زوجها بمرفقها في ذراعه تهمس له حانقة:
- اي يا خالد اللي أنت بتقوله دا
وجهت نظرها للشاشة تحادث ابنها بحنو كعادتها:
- زيزو يا حبيبي عامل إيه، أنا عارفة أن لينا اكيد مجنناك
نظر لوالدته يبتسم في سعادة طفل صغير اقترب من زوجته يلف ذراعه حول كتفها يقربها من صدره يردف مبتسما:.
- هي مجنناني، بس على قلبي زي العسل
ابتسمت لينا ( السويسي ) خجلة تحاول الا تنظر للشاشة، بينما توسعت ابتسامة والدتها تردف سريعا:
- ربنا يخليكوا لبعض يا حبايبي وتفضلوا دايما مبسوطين...
في تلك الأثناء كان خالد يجلس جوار لينا يعقد ذراعيه أمام صدره ينظر لزيدان في غيظ، حمحم بحدة يهتف فجاءة:
- ايه يا بيه استحليت القعدة عندك مش ناويين ترجعوا بقي ولا ايه، ما فيش شغل المفروض ترجعه.
توسعت ابتسامة زيدان المتسلية ينظر لخالد يتحداه بنظراتها ليردف مكملا ببراءة:
- ارفدني لو عايز، أنا لسه مش هنزل دلوقتي خالص
احتقنت عيني خالد بالدماء ينظر لزيدان غاضبا، بينما ابتسم الأخير في براءة مستسمعا بغضب خاله...
قامت لينا من جوار زيدان تلوح لوالديها تقول سريعا:
- انا هقوم ألبس عشان هننزل نتغدي باااي.
قالتها لتتحرك سريعا تختفي من امام اعينيهم ينظر خالد في اثرها لا ينكر كونه سعيدا على تقدم حالتها، ولكن غيرته على ابنته تأكل قلبه، كانت لينا زوجته تحادث زيدان توصيه عليها بينما عينيه هو كانت تبحث عنها يحاول أن يراها مرة اخري ليرفع حاجبه الأيسر متعجبا حين رآها تأتي من الخلف تمشي على أطراف أصابعها تمسك في يدها قطع ثلج، أشارت له سريعا الا يفضح امرها، لتقترب من زيدان تلقي الثلج في تلابيب قميصه من الخلف ليصيح فجاءة حين صفعت بروده الثلج جسده، نظر لها شرزا قفز من فوق الاريكة يركض خلفها يردف متوعدا:.
- لينا، خدي هنا والله لعلقك على باب الأوضة
آخر ما سمعه هو صوت ضحكات ابنته الصاخبة ومن ثم اغلقت لينا المكالمة، التفت زوجته له ابتسمت تردف في سعادة:
- أنا مبسوطة عشانهم اوي، ربنا يسعدهم دايما...
رسم ابتسامة صغيرة على شفتيه، لتتحرك لينا من جواره تخلع حجابها لتسترسل خصلات شعرها الصفراء، نظرت له تبتسم في توسع تردف:
- صحيح يا خالد أنت كنت فين.
رسم ابتسامة هادئة على شفتيه ليقترب منها وقف أمامها يمسك ذراعيها بين كفيه يردف مشاكسا:
- هكون فين يعني يا اوزعة انتي، في الشغل.
اختفت ابتسامتها شئ فشئ، حتى اختفت تماما، لما خالد يكذب، منذ متي، في العمل، عمر اتصل بها يخبرها انهم بحاجة لتوقيعه على صفقة هامة وهاتفه مغلق، حاولت الاتصال به لتجد هاتفه مغلق، طلبت رقم مكتبه في الإدارة ليخبرها أحد زملائه أنه لم يأتي اليوم من الأساس، أين ذهب خالد ولما يخفي عليها، خرجت من شرودها على يد تربت على وجهها يسألها قلقا:
- لوليتا مالك يا حبيبتي انتي كويسة.
رسمت ابتسامة زائفة على شفتيها تحرك رأسها إيجابا، لتميل تضع رأسها على صدره تلف ذراعيها حول ظهره تهمس في خفوت:
- أنت عمرك ما خبيت عليا حاجة...
قطب جبينه قلقا ليسمعها تكمل في ألم:
- أنت ما روحتش الشغل يا خالد عمر اتصل بيا وقالي أنه محتاجلك ضروري وموبايلك كان مقفول كلمتك على تليفون الإدارة قالولي أنك ما جتش اصلا النهاردة، كنت فين يا خالد.
بلع لعابه مرتبكا لأول مرة يشعر بأنه يعجز عن الرد، حمحم يلتقط انفاسه الهادرة يردف في هدوء:
- كنت مع محمد يا لينا، لو مش مصدقاني أنا هتصل بمحمد
ابعدها عنه قليلا ليخرج هاتفه خط اسمها على شاشته لينتفح، جلب رقم صديقه يطلبه، حركت رأسها نفيا الا يفعل انها تصدقه ولكن بداخلها أرادت حقا أن تتأكد مما يقول، شعور القلق ينهش قلبها بلا رحمة، لحظات واجاب محمد ببشاشة كعادته:
-ابو الخلد يا غالي.
قاطعه خالد سريعا قبل أن يسترسل ليردف قائلا في هدوء:
- محمد، احنا كنا فين النهاردة
تعامل محمد مع الوضع سريعا هو يعلم أن خالد لم يذهب للعمل يبدو أن هناك شيئا خاطئا يحدث سيسأله عنه لاحقا ولكن الآن، حمحم يردف متعجبا:
- أنت جالك زهايمر يا حبيبي ما كنا في الوزارة يا ابني عشان الاجتماع، لاء تروح تكشف قبل ما تنسي اسمك وتفضحنا.
ابتسم خالد في نفسه يشكر صديقه داخله، محمد يفهمه دون أن ينطق، نظر لزوجته ليجدها تنظر ارضا في توتر، تشعر بالخزي من شكها فيه، اعتصر قلبه ألما عليها أخذ نفسا قويا يحادث صديقه:
- ماشي يا ظريف هكلمك بعدين
اغلق الخط يدس الهاتف في جيب سرواله، اقترب منها يرفع وجهها برفق ابتسم يردف:
- عرفتي كنت فين
حركت رأسها ايجابا سريعا تلقي بنفسها في صدره تغمر وجهها بين احضانها تتمتم بخفوت نادمة:.
- ما تزعلش مني يا حبيبي، أنت عارف أنا بحبك وبثق فيك قد ايه، أنا بس قلقت اول مرة ما تقوليش على مكان أنت رايحه، اوعي تزعل مني
أيخبرها ويحطم قلبها، بعد كل تلك السنوات لن يتحمل أن تبتعد عنه، شهد أقسم الا يقترب منها مهما حدث، رسم ابتسامة زائفة على شفتيه يبعدها عنه، نظر لها مشاكسا يردف في عبث:
- لاء أنا زعلان، زعلان، ومحتاج اتصالح..
وانتي عارفة أنا بتصالح بالبسبوسة.
تعالت ضحكاتها تكلمه في صدره بخفة تغمغم من بين ضحكاتها:
- يا ابني هيجيلك السكر من كتر، كان يوم ما طلعتوش شمس يوم ما فكرت اعمل بسبوسة يا سي عبصمد
تعالت ضحكاته الخشنة يتذكر بطلي القصة الوهمية التي اخترعها حين اخبرها باسم البسبوسة لأول مرة (عبد الصمد، أمينة )
قربها منه يلاعب حاجبيه مشاكسا يردف في خبث:
- يا عيون عبصمد، يا روح عبصمد، يا قلب عبصمد، يا بسبوسة عبصمد، ما تيجي أفكرك بطريقة عمل البسبوسة.
انسلت من بين ذراعيه ابتسمت في دلال تغمغم ضاحكة:
- اسكت مش أنا عاملة دايت والحلويات غلط عليا، باي يا روحي
قالتها لتنطلق ضحكاتها فرت من امامه تحاول الخروج من الغرفة ما أن كادت تفتح الباب وجدته خلفها يغلقه سمعته يهمس جوار اذنها في خبث:
- احلي حاجة في الدايت أنك تبدأي باليوم الفري ونبقي نبدأ دايت من يوم السبت جامد جدا.
دخل إلى شقته الصغيرة وقف في الصالة ينظر لغرفة سهيلة وغرفة شاهيناز، تهاوي على أحد المقاعد يخفي وجهه بين كفيه، سيارة الاسعاف المجهزة التي ستنقل والده إلى مستشفي والده التي بناها هو قبل سنوات في بلدتهم ستصل بعد ساعة تقريبا، لن يبقئ هنا ووالده في تلك الحالة، الطبيب حذره من القيام بأي حركة لمدة شهرين على الأقل وهو لن يغامر بخسارة والده ابدا، وقف في منتصف الصالة الواسعة يصدح بصوت خشن عالي:.
- سهيلة، شاهيناز، اخرجي انتي وهي
لحظات فقط وخرجت شاهيناز من غرفتها تتهادي فئ خطواتها تتصنع الألم ببراعة نظرت له تهمس برقة:
- خير يا جاسر حصل حاجة يا حبيبي.
اشار لها إلى أحد المقاعد امسك بيدها يساعدها على الجلوس عليه في لحظة خروج سهيلة من غرفتها وقفت عند باب غرفتها تنظر لهم بأعين دامعة قلب ينفطر، عشق يتمزق من الألم، رفع جاسر وجهه ينظر اليها ليبلع لعابه من تلك النظرة الممزقة التي رآها في عينيها، تنهد يلتقط انفاسه يرسم الجدية على قسمات وجهه عقد ذراعيه أمام صدره يردف فئ هدوء حازم:.
- طيب بما اننا اتجمعنا، فنتفق على الحياة هتمشي ازاي، بالعدل انتي ليلة وهي ليلة واي حاجة محتاجها واحدة منكوا تقول من غير كسوف، وأنا بإذن الله هعدل بينكوا حتى في الابتسامة تمام كدة
ما إن انهي جاسر حديثه انفجرت سهيلة في الضحك، تضحك بهستريا متألمة لا تصدق ما يخرج من بين شفتيه انهمرت دموعها تصاحب ضحكاتها، ضاع كل شئ في لحظة، نظرت له تردف من بين ضحكاتها:.
- هايل يا حج متولي، هعدل بينكوا حتى في الابتسامة، طبعا أنا همثل دور نعمة الله، وهي ألفت اومال فين سميرة صاحبتك
نظرت شاهيناز لها متعجبة مما تقول بالتأكيد تلك الفتاة مجنونة، بينما كان جاسر ينظر لها في حسرة يشعر بها، يحس بكسرتها ظل يراقبها دون أن ينطق بكلمة خاصة حين اندثرت ابتسامتها رفعت وجهها تنظر له تلاقت أعينهم للحظات ليري الغضب يشتعل في مقلتيها سمعها تصيح في قهر:.
- كلامك الاهبل دا ترميه في الزبالة، أنت هتطلقني دلوقتي حالا، أنا مش هقعد معاك ثانية واحدة كمان...
ابتسم جاسر ابتسامة سوداء خالية من اي مشاعر اقترب منها وقف امامها يعقد ذراعيها يتمتم ساخرا:
- انتي هتعيشي معايا برضاكي او غصب عنك، طلاق مش هطلق، أنا مش متسعد اكسر الصلح اللي بين العيلتين عشان خاطر دلع الهانم...
نظرت له حاقدة كارهةة تنساب دموعها بلا توقف، لتصرخ في وجهه بعنف:.
- أنا بكرهك، قد ما حبيتك كرهتك، عمري ما هسامحك يا جاسر، لو انت راجل وعندك نخوة فعلا طلقني، أنا مش عايزة اعيش معاك، ااااه
صرخت بها متالمة حين شعرت بيده تقبض على خصلات شعرها بقسوة قرب وجهها من وجهه يصيح غاضبا:
- اسمعي بقي، انتي هتعيشي معايا برضاكي او غصب عنك، واللي عندك اعمليه، قدامك عشر دقائق تلمي شنطة هدومك عشان هنسافر اسيوط يلاااا.
قالها ليدفعها تجاه غرفتها نظرت له للمرة الأخيرة حاقدة عليه تنظر له بكراهية لتدخل إلى غرفتها اوصدت بابها تبكي تجهش فئ بكاء عنيف مرير، اخرجت حقيبتها تلقي ملابسها باهمال في الحقيبة، نظرت لانعكاس صورتها الباكية في المراءة للحظات طويلة لتحتد عينيها تهمس مع نفسها بشراسة:
- ماشي يا جاسر قسما بالله لخليك تقول حقي برقبتي إنت والمحروسة مراتك يا أنا يا انتوا.
في صباح اليوم التالي تحديدا أمام احد مراكز الدروس الخصوصية كان يقف بسيارته ينتظرها يعرف أن اليوم مراجعتها النهائية قبل الامتحان غدا، وقف ينظر للطلاب وهم يخرجون ليجدها تخرج وحيدة من المركز قطب جبينه متعجبا اين شقيقتها لما لم تأتي معها، رفع كتفيها بلا مبلاة ليقترب منها بالسيارة وقف امامها يعترض طريقها، ليميل يفتح لها باب السيارة، توسعت عينيها فزعا ما أن رأته، ابتسم هو يردف برفق:.
- اركبي يا سارة هتكلم معاكي كلمتين واوصلك
حركت رأسها نفيا بعنف، تبتعد عنه تود فقط الهروب، ليتنهد بضجر لما يجب أن تكن عنيدة، نزل من سيارته اعترض طريقها سريعا امسك بكف يدها نظرت له بهلع بينما ابتسم هو يردف من بين أسنانه:
- قولتلك اركبي هتكلم معاكي كلمتين مش هاكل ما تخافيش
دون أن تنطق كان يجذبها خلفه إلى سيارته جعلها تجلس، ليغلق الباب عليها التف يجلس خلف مقعد القيادة، ليلتفت لها يغمغم بحذر:.
- اومال أختك ما حضرتش معاكي المراجعة ليه
ابتلعت لعابها خائفة من ذلك الشاب الذي يستمر بالظهور في حياتها دون اي مبرر بل ويستمر في ارعابها همست بصوت خفيض متلجلج:
- ممكن تسيبني امشي لو سمحت اللي أنت بتعمله دا ما ينفعش أنا عملتلك ايه هو أنا اذيتك في حاجة.
انقبض قلب حسام حزنا على حالها تنهد، تنهيدة طويلة حارة مد يده بحذر يرفع وجهه لتقابل عينيها عينيه نظرات طويلة صامتة يري رجفتها وذعرها منه في حدقتيها، ابتسم يغمغم برفق:.
- سارة أنا عارف اني الفترة اللي فاتت كنت بني آدم سخيف وغتت، بطلعلك كل شوية، بضغط على نفسيتك بشكل مستفز، أنا نفسي كنت متلغبط فجاءة حياتي اتغيرت، لقيت نفسي فجاءة عايش سنين في كذبة، كنت بتصرف من غير حساب، سارة أنا مش عايزك تخافي مني، أنا خلاص مش هظهر في حياتك تاني، بس اوعديني، أنك تذاكري وتحلي كويس في الامتحانات.
ابتلعت لعابها تأثرت نفسها بكلماته الشاردة تشعر بها يشببها شارد في حيرة مثلها تماما، ارتجفت حدقتيها تحرك رأسها إيجابا تهمس بخفوت:
- اوعدك
ابتسم ابتسامة صغيرة حزينة يحرك رأسه إيجابا ليميل يفتح باب سيارته لها لتنزل نظر لها لآخر مرة ابتسم يردف نادما:.
- أنا آسف يا سارة على كل اللي عملته الفترة اللي فاتت اوعدك أنك مش هتشوفي وشي تاني، بس ارجوكي ركزي في مذاكرتك وحياتك، ما تخليش حد يضحك عليكي تاني يا سارة، فهماني طبعا
ابتلعت لعابها الجاف اخفضت رأسها ارضا لا تجرؤ على النظر له لتمتم بخفوت:
- حاضر، عن اذنك.
قالتها لتلقي عليه نظرة أخيرة أعطته شبح ابتسامة صغيرة ستكون ذكري، سلوي لنفسه طوال الفترة القادمة، نزلت من السيارة لتوليه ظهرها وترحل غابت عن عينيه بعد قليل ليبتسم شبح ابتسامة باهتة، يدير محرك سيارته ويغادر هو الآخر، مقررا أن تكن هذه هي النهاية وربما لا!
مر اسبوع سبعة ايام مرت بحلوها ومرها، لينا في طريق علاجها بخطي سريعة تمسك بيد زيدان، خالد لم يذهب عند شهد منذ ذلك اليوم ابداا
كان في مكتبه حين دق هاتفه برسالة من رقمها الذي لم يسجله عنده من الأساس ولكنه يحفظه شكلا محتواها
« خالد أنت ما ساعت ما جيتلي من اسبوع ما جتش تاني هو أنا مش مراتك بردوا، أنت وحشتني اوي يا خالد، ممكن تيجي النهاردة شوية ».
قرأ احرف الرسالة يشعر بالقرف من نفسه هو لم يمسها ولكن فكرة أن اخري تحمل اسمه تثير اشمئزازه من نفسه، التقط هاتفه يرد عليها
« حاضر جاي النهاردة »
بعث لها بالرسالة ليحذف المحادثة بأكملها من هاتفه مد يده يلتقط شيئا من جيب حلته، اخرج شريط الاقراص ينظر له يبتسم في سخرية، بعض من الخدع القديمة ستكون أكثر من كافية الآن.
على صعيد آخر بالقرب من البحر تسير جواره تشبك كفها في كفه لا تصدق أنها تعيش مثل تلك السعادة تمشي بين الناس بلا خوف، تتحرك بحرية حلمت بها يوما وها هي اليوم تتحقق التفتت له تنظر له ممتنة لا تعرف حقا كيف تشكره على ما فعل لها، رآها وهي تنظر له ليلتفت بوجهه لها يبتسم في عشق ابتسامة واسعة اختفت فجاءة حين رآه ذلك الرجل يقف هناك يحوط خصر فتاة تردي ملابس للبحر فاضحة تهدجت انفاسه اشتعلت غضبا احتقنت عينيه بالدماء أصوات وصرخات وبكاء مرت سريعا أمام عينيه، ليهرول ناحيته توسعت عيني لينا في صدمة وهي ترى زيدان يتركها يتجه ناحية ذلك الرجل تحرق خطواته الرمال المشتعلة، اقترب زيدان من الرجل دون سابق انذار كأن يلكمه بعنف اسقطه ارضا يجثو فوقه يصيح فيه وهو يضربه:.
- أنا هقتلك، هموتك
هرولت لينا ناحيته سريعا لا تفهم ما يحدث تجمع الكثير من الرواد ومعهم شرطة السياحية يحاولون إبعاد زيدان عن ذلك الرجل ليصرخ فيهم غاضبا:
- أنا المقدم زيدان الحديدي اللي هيقرب مني هوديه في ستين داهية
اقترب مدير المنتجع من زيدان يحادثه سريعا بقلق:
- يا زيدان باشا اللي حضرتك بتعمله دا ما ينفعش كدة حضرتك بتعتدي على سائح مش عارفين جنسيته ايه ممكن يجيبلنا مصيبة.
وهنا تحديدا قبل أن ينطق زيدان بكلمة تعالت ضحكات ذلك الملقي ارضا لينظر له الجميع في دهشة، بصعوبة وقف ذلك الرجل بمساعدة بعض الأفراد ينظر للمدير يغمغم ضاحكا:
- اعتداء ايه وسياح ايه بس يا حضرة المدير، دا زيزو أنا اللي مربيه
التفت الرجل لزيدان يفتح ذراعيه على اتساعهما ابتسم في خبث تراقص في حدقتيه يردف ساخرا:
- ايه يا زيزو مش تيجي في حضن بابا معتز!