رواية أدمنت قسوتك للكاتبة سارة علي الفصل الثالث والعشرون
في صباح اليوم التالي
دلف كريم الى منزله ليجد والده ووالدته واخيه حسام أمامه جالسين في صالة الجلوس ويبدو عليهم التأهب لإنتظاره...
سار بخطوات لا مبالية نحو السلم مارا بهم لكنه توقف على صوت والده وهو يقول بنبرة حادة:
- استنى عندك...
توقف كريم في مكانه صامتا للحظات قبل ان يستدير نحو والده ببطء ويقول بنبرة باردة:
- اتفضل...
قال الاب بعصبية:
- انت فاكر نفسك قاعد فين؟! فالفندق؟!
اجابه كريم وهو يحك ذقنه:
- حصل ايه يا بابا عشان كل ده؟!
اجابه الاب بضيق:
- حصل انوا حضرتك مش بتجي البيت غير كل فين وفين، محدش عارف مالك و لا ايه اللي بيحصل معاك...
تدخلت منى في حديثه قائلة:
- اهدى شوية وخلينا نفهم ماله الاول...
قال كريم وهو بالكاد يحاول ألا ينفجر بهم:
- انا مليش حاجة، انا كويس زي مانتوا شايفين...
- طب ومراتك اللي سابت البيت فجأة؟!
سأله الاب بخشونة ليرد كريم:
- مايا طلبت الطلاق...
- ليه؟!
سأله حسام بدهشة ليرد كريم ببرود:
- دي حاجة خاصة بيني وبينها...
هدر الاب به بغضب:
- يعني ايه حاجة خاصة بينك وبينها؟! مش كفاية انك اتجوزتها من ورانا، كمان هطلقها من غير منعرف السبب...
صاح كريم بغضب وقد فقد اعصابه:
- يعني اعملك ايه يا بابا، لا كده عاجب ولا كده عاجب، انت عايز ايه بالضبط؟! عايزني اسيبلك البيت واختفي من حياتك؟!
صاحت الان بأسى:
- ايه الكلام اللي بتقوله ده يا كريم؟! لا طبعا يا حبيبي ده بيتك ومينفعش تسيبه...
ا الاب بصرامة:
- اسكتي انتي، خلينا نفهم منه كل حاجة الاول...
رن هاتف كريم فأخرجه ليجد المتصل مايا، أجابها بسرعة ولهفة غير عابئ بكلام والده فجاءه صوتها الباكي:
- كريم الحقنا...
سألها بخوف:
- مالك يا مايا؟! حصل ايه؟!
- نايا مختفية من امبارح ومش عارفين نلاقيها...
رد كريم بسرعة محاولا تهدئتها:
- طب اهدي وانا جايلك حالا...
ثم اغلق الهاتف وقال لهم:
- نايا اخت مايا مختفية من امبارح واظن اني لازم اروح دلوقتي واشوفها...
ثم اتجه خارج المكان قبل ان يتبعه حسام قائلا لوالديه:
- انا هروح معاه يمكن اقدر اساعده...
وصل كريم وحسام الى منزل مايا فإستقبلتهما منهارة هي ووالدتها...
حاول كريم تهدئتها وفهم منها ما حدث...
تحدثت مايا من بين شهقاتها المتتالية:
- راحت الجامعة زي كل يوم، ومن ساعتها مرجعتش، صاحبتها كانت معاها طول اليوم مسابتهاش لحد ما خلصوا المحاضرات، بتقول انها ودعتها وقالتلها هتروح البيت على طول...
تدخل حسام متسائلا:
- طب مسألتوش صحابها، قرايبكم ..
هنا اجابتها سعاد من بين بكائها:
- سألنا كل معارفنا، محدش يعرفلها طريق...
ثم شهقت باكية وهي تهتف بلوعة:
- بنتي راحت فين، ياربي هعمل ايه؟!
نهض كريم من مكانه واجرى اتصالاته فورا ثم عاد وانحنى ناحية مايا وهتف بها مطمئنا اياها:
- متقلقيش يا مايا هنلاقيها، والله هنلاقيها...
ثم اكمل:
- انا هخرج دلوقتي عشان اشوف جماعتي فالداخلية ندور عليها...
ثم أشار لحسام قائلا:
- خليك معاهم يا حسام وبلغني بأي جديد...
اومأ حسام برأسه وقال:
- متقلقش عليهم انا هفضل هنا...
تحرك كريم خارج المكان واتجه الى مكتبه في الداخليه...
هناك جاء صديقه كمال حتى يساعده في البحث عنها...
وفي اثناء بحثهم عنها وجدوها في احدى المستشفيات الحكومية...
اتجه كريم بسرعة نحو المستشفى ومعه صديقه كمال بعدما اخبروه بأنها موجوده هناك...
وصل الى المشفى وسأل موظفة الاستعلامات عن الطابق الذي توجد يه لتخبره انها في الطابق الرابع الغرفة رقم خمسة...
ركض كلا من كريم وكمال الى الطابق الرابع وما ان وصلا الى الغرفة المقصودة حتى وجدا الممرضة تخرج من عندها...
سألها كريم بسرعة:
- هي عاملة ايه؟!
لتسأله الممرضة بتوتر:
- هو انت أخوها؟!
رد كريم بجدية:
- انا جوز اختها، هي مالها؟! اتكلمي من فضلك...
اجابته الممرضة بأسى:
- المسكينة تعرضت لحادثة اغتصاب...
جحظت عينا كريم بصدمة وعدم تصديق قبل ان يبتلع ريقه ويهتف بها بنبرة مرتجفة:
- انتي بتقولي ايه؟!
اومأت الممرضة برأسها دون ان ترد بينما هتف كمال بقلة حيلة:
- انت كويس يا كريم...
رد كريم بشرود:
- ينفع نشوفها...
اجابته الممرضة:
- هي نايمة دلوقتي، ادخلوا عندها ولو فاقت اندهوا حد مننا...
ثم تحركت من امامهما ليدلف كريم الى الداخل بينما فضل كمال الوقوف بالخارج...
تأملها كريم بملامح حزينة كانت نائمة كالملاك غير واعية لأي شيء يجري من حولها...
دب الغضب في عروقه وهو يتخيل مدى الظلم والانتهاك الذي تعرضت له هذه الفتاة الصغيرة...
خرج من الغرفة وهو يكاد ينفجر من شدة الغضب ليجد كمال امامه...
- مش هتكلم مايا تقولها انك لاقيتها...
رد كريم بنبرة مريرة:
- اقولها ايه بالضبط؟! انوا اختها اغتصبت...
شعر كمال بمدى صعوبة الامر فكيف سيقدر كريم ان يخبر مايا بشيء كهذا بينما تحدث كريم بجمود:
- انا مش هبلغها بأي حاجة دلوقتي، لازم نايا تفوق واتكلم معاها الاول...
مرت ساعتان اخرتان...
بدأت نايا تفيق من نومتها، حينما شعر كريم بهذا قفز من مكانه واقترب منها، فتحت عيناها بألم ثم ارتجف جسدها بالكامل وهي تهتف بلوعة:
- انا فين؟!
اجابها كريم:
- انتي فالمستشفى...
اغمضت عيناها بوهن قبل ان تفتحهما وهي تقول:
- هو حصل ايه؟!
اجابها كريم بتردد:
- محصلش حاجة، المهم انتي كويسه؟!
بدأت الافكار تتجمع عندها، اخذت تتذكر ما حدث، شادي وهو يقترب منها ويحاول الاعتداء عليها، اخر شيء تذكرته انها قاومت حتى ضربها على رأسها فأغمي عليها...
شعرت بحرارة تكسو جسدها فسألت بنبرة شبه منهارة:
- حصل ايه يا كريم؟! هو شادي عملي حاجة..
رباه انها لم تكن واعية لما يحدث؟! كيف سيتصرف الان؟!
- كريم رد عليا؟!
صرخت به بإنفعال ليهتف كريم بها بتوسل:
- اهدي يا نايا، اهدي ارجوكي...
قبضت على ذراعه تتوسله أن ينفي ما تفكر هي به:
- شادي معمليش حاجة صح، انا لسه زي منا، صح؟! قولي انه صح . .
- مين شادي ده يا نايا؟! تعرفيه منين ..؟!
صرخت صرخة بائسة يائسة وقد أدركت بأنها فقدت اعز ما تملك بالفعل...
ثم أخذت تصرخ بإنهيار ووجع حينما نادى كريم على الطبيب ليأتي اليها ومعه نفس الممرضة التي قابلته حينما جاء...
أعطاها الطبيب حقنة مهدئة ثم طمأن كريم بأنها ستتحسن تدريجيا ليبتسم كريم في داخله بسخرية وهو يفكر بأن جرحها هذا لن يتحسن مهما حدث...