رواية أحفاد الجارحي الجزء الرابع (أسياد العشق) بقلم آية محمد رفعت الفصل الخامس والعشرون
ولج للداخل بعيناه المشتعلة من الغضب،رفع وجهه للأعلى ليتفاجأ بأحمد و"حمزة" و"أسيل" معلقون بالأعلى، وقف أمامهم بوجهه الثابت فطافهم الخوف ليتجمع أمامه الشباب والفتيات بعدما أمر أحد العمال بذلك، صعد "عمر وياسين" لحل وثاقهم ...
وقفت كلا منهن بجوار زوجها يترقبون "ياسين الجارحي" من طرف أعينهم،طافت عاصفة من الصمت المكان ليعلوها صوت خطي ياسين فكان يمر أمامهم عاقداً ذراعيه أمام صدره ...نظراته تتنقل بين كلا منهما بغموض جعل الجميع فى حالة من التوتر ...
قطع خطاه قائلاٍ بصوتٍ غاضب_لو فاكرين أنكم فى رحلة حب يبقي الأفضل تخليكم فى القصر أفضل من التظاهر ...
كاد "ياسين" بالحديث فقطعه بأشارة يديه بحدة_كلامي واضح للكل ...
ثم أكمل بثباته الغامض قبل ما تدخلوا المكان دا عارفين قوانينه وأنا معنديش أستهتار ولا تحمل للأستظرف دا فياريت كل واحد يلزم حدوده وحدود شغله كويس ..
وتركهم وغادر لتسرع الفتيات لمكاتبهم بيما جلس الشباب جوار بعضهم البعض ...النظرات سائدة بين كلاٍ منهم حتى عدي،تطلع "أحمد" للنجفة التى كان بأحضانها منذ قليل فرفع عدي عيناه لما يتطلع له احمد ثم رفع "ياسين وعمر" عيناهم لينفجر "عدي و"أحمد من الضحك ...
"عدي" بصعوبة بالحديث_عملتها أزاي دي؟ ...
"أحمد" بصدق وبسمته تتسع _لولا عارف أنك بتهزر مكنتش قبلت أتعلق أبدا بس فى النهاية قضيت وقت رومانسي فوق وأتبسطت ...
أحمر وجه "عدي" من شدة الضحك وهو يضرب كفيه بكف "أحمد" تحت نظرات صدمات الشباب بأكملهم ما عدا "ياسين" الذي إبتسم بخفة على "عدي" الذي تناسى طباعه الحدة ومنح من شخصيته القاسية وقتاً للمرح ...
جذب جاسم "عمر" بصدمة_هو دا عدي ؟...
أشار له بنفس ذات الصدمة _معتقدش ..
"حازم" بغضب _يعني أنت متعلق بمزاجك ؟ ..
أجابه بسخرية _دي أسرار حربية يا ابني ..
جاهد "عدي" للتوقف عن الضحك قائلاٍ بحدة مصطنعة _وربي وما أعبد لو عدتها تاني يا "حازم " ما هيكفيني فيك رقبتك ..
أجابه برعب _يعني مش هتعلق تاني .
تطلع "عدي لأحمد" فكبت ضحكاته قائلاٍ بهمسٍ خافت له _فكر تاني بالموضوع صدقني يستحق ...
إبتسم "عدي" _تفتكر؟ ..
أشار له بتأكيد فهمس عدي بسخرية _"أسيل" طلعتلك فوق لكن رحمة ممكن تتعلق تحت ..
تطلع كلا منهما للاخر ليسقط كلا منهما من الضحك على اثر كلمات "عدي" ...
زفر "معتز" بغضب _هما بيقولوا أيه ؟ ..
"رائد" بغضب وهو يغادر لمكتبه _"أحمد وعدي وياسين" متحلمش تعرف بينهم أيه كفايا علينا اللي حصل من "ياسين الجارحي" يلا كل واحد على مكتبه ليرجع يكمل علينا ...
وبالفعل أنصاعوا إليه جميعاً،تعال رتين هاتف "أحمد" برسالة نصية من "أسيل" فتذكر حينما ولجت للغرفة منذ دقائق تبحث عنه فتوجه لمكتبها ليرى ماذا هناك ؟ ..
بقصر "الجارحي" ...
أستيقظت من نومها لتجد الفراش من جوارها مزين بالورود البيضاء التى تعشقها فتطلعت جوارها لتجد الأرض مفروشة بورقاتها الرقيقة، تسللت رائحة البرفنيوم الخاصة به لها فتطلعت لأنحاء الغرفة بأستغراب، وجدت صندوق أبيض معلق بحبل من الورود البيضاء فجذبته لترى ما به فوجدت أسطوانة مغلفة بداخلها، حملتها "آية" بأستغراب ثم أقتربت من الجهاز لتضعها بداخله،ترقبت ما سيعرض بفضول فأذا بصورة كاملة لغرفتها ليلاٍ رأته يدلف ليتمدد جوارها، رفعت يدها بعفوية حتى وهى بنوماً عميق لتتمسك بذراعيه وتختبئ بأحضانه! ...نعم فعلتها بتلقائية حتى وهى سابحة ببحور نوم عميقة!، أراد أن يريها ما فعلته ولم تشعر به ولا لوجوده حتى الأن ...
نهضت من على مقعدها لتتفحص باقي محتويات الصندوق فوجدت ورقة مطوية باللون الزهري،جذبتها لتجد كلماتٍ مدونة بأحضانها ...
"أنا أمانك مهما أنكرتي وبعدتي وعاندتي ...دايماً بتناديني حتى لو صنعتي فروق وحواجز بينا ...قلبك مش بينبض غير وأنا جانبك حتى لو فرقنا أميال ومسافات بسمع نبضه بسمعك وأنتِ بتناديني ببقي على يقين أن نهاية البعد لقاء ...نهاية العذاب دفئ مبحسهوش غير معاكِ أنتِ ...مهما حاولتي تبعدي بقرب مش بمزاجي لا بقلبي وجوارحي وروحي لأنك ساكنة القلب والهوى ...ساكنة كل ذرة كيان بقلب "ياسين الجارحي" ...
طوت الورقة بين يديها ببسمة صغيرة حالمة رغم دمعها الغامض، أحتضنت كلماته وعيناها تتأمل أحتضانها الشغوف له عبر الشاشة الصادقة،أردت أن تكف عما تفعله ولكن الامر ليس بيدها فجراح قلبها لم تلتئم بعد! ..
بمكتب "أسيل" ...
ولج "أحمد" للداخل فوقف يتأمل المكتب بنظرة أعجاب قائلاٍ بلهجته المبهجة بعدما أستند على المكتب ليكون مقابل لها_مبروك المكتب يا فندم ...
إبتسمت بخفوت،جلس أمامها فلفت أنتباهه أرتجاف يدها وهى تفركهما دون توقف، عيناها التى تتحاشي النظر إليه ...ليس زوجها فقط بل هو صديق الطفولة ورفيق الدرب،وضع يديه حول يدها قائلاٍ بصوته الحنون _أيه اللي بتحاولي تقوليه ومخليكي مرتبكة كدا ؟ ...
رفعت عيناها ببسمة بسيطة فحتى حركاتها البسيطة يفهمها! ...
سحبت يدها ببطء فهى تعلم بأنه لن يقبل بما ستقوله، حثها على الحديث قائلاٍ بهدوء_ فى أيه يا "أسيل"؟ ..
أجابته بأرتباك_أحمد أنا أ...
وتمتمت بخفوت فهز رأسه لتكمل فأكملت بتوتر _أنا خلاص قررت أني هعمل حقن زي ما الدكتورة قالت ..
تحاولت نظراته من الهدوء للغضب فنهض عن مقعده قائلاٍ بصوتٍ يتحكم بهدوئه بصعوبة _أنتِ عارفة رأيي بالموضوع دا من الأول ..
وقفت هى الأخرى لتقول بدموع_عارفة وواثقة أنك هتغير رأيك عشاني ..
قال بغضب _أنا مش موافق عشان خايف عليكِ معتقدش هغير رأيي في حاجة ممكن تضرك ..
أجابته بعناد يطوفه الدمع _هى بدون مخاطر وستات كتير عملوها ...
قطعها بحدة _أنا ماليش دعوة بحد ولا يهمني غيرك ...
وكاد بالرحيل فأوقفته قائلة برجاء ودموع_عشان خاطري يا "أحمد" نفسي أبقى أم ..
علمت كيف الطريق لقلبه فأحتضنها بألم ثم أخرجها لتلتقي بعيناه قائلاٍ بهدوء_ياريت بأيدي حاجة أعملها صدقيني عمري مكنت هتأخر بس دا قضاء ربنا وأكيد وراه خير كبير ...
أشارت إليه بيقين _واثقة أنه الخير بس لازم ناخد بالأسباب
دق هاتفه فأخرجه ليجد رسالة هامة من "جاسم" فرفع يديه يحتضن وجهها بتفهم_ هنتكلم بعدين يا "أسيل" ...
إبتسمت بفرحة لشعورها بأنها تمتلك أمل لأقناعه ...
بالمشفى ...
كان يجلس جوارها لأكثر من سبع ساعات ولم يشعر بالوقت وهو جوارها! ...قص لها كل كبيرة وصغيرة تخص حياته،رأي على ملامحها الهدوء فأبتسم كأنها حماس له بأن يتحدث ويفرغ ما يحاول أخفائه عن الجميع، ختم حديثه قائلاٍ بحزن
_بس يا ستي وخرجت من السجن بعدما بشهرين طبعاً أتفاجئت بأمر خروجي والصدمة الأكبر لما عرفت أن "عمر" أتنازل عن المحضر معرفش ليه عمل كدا ولا أيه السبب بس كل اللي أعرفه أنه مستحيل نرجع أصدقاء فى يوم من الأيام ..
أكمل بتأثر ودمعه يلمع بعيناه _بس أنا عذره اللي عملته كان صعب أوى أنا بستحقر نفسي كل ما أفتكر اللي كنت هعمله ...
وأستند بظهره على المقعد بشرود_ أسوء شيء وسوس الشيطان ممكن يخلي ضعيف الايمان يعمل أكتر من كدا ...بس خرجت من التجربة دي بقربي من ربي وندمي على اللي عملته كل اللي بتمناه دلوقتي أن "عمر " يسامحني ...
خرج من شروده ليقترب منها ببسمته الهادئة _بس يا ستي دا كل حاجة عني بالتفاصيل أما أنتِ فعرفت عنك حاجات كتير يل "نهى" ...
ورفع الغطاء ليداثرها قائلاٍ بلهجته الدافئة_كل حاجة هترجع زي الأول أوعدك ...
وتركها وتوجه للخروج فأبتسمت بمحبة على ما قاله،تراجع خطوة للخلف بصدمة ليسرع إليها بلهفة _أنا شوفتك بتبتسمي! ...
ثم صاح بجنون _"نهى" انتِ سامعاني؟! ..
جاوبيني سامعاني ؟ ...
إبتسمت مجدداً مشيرة بيديها بصعوبة فشعر بسعادة تكفي عالم بأكمله وجنون حتما سيلقي بمشفي للأمراض العقلية ...
بالمكتب الخاص بالشباب ...
قال "عمر" بأستغراب_يعني أيه ؟ ..
اجابه "ياسين" بهدوء _يعني زي ما سمعت عمي طلب من كل واحد يشتغل مع زوجته .. .
"معتز" بسخرية _معتش فاهم دماغ عمك دا من دقايق كان قالبنا أعداء لبعض والوقتي بيجمعنا!..
"أحمد" ببسمة هادئة _ولا عمر حد هيفهمه .
"حازم" بخفوت وهو يقرب الورود من أنفه بهيام_ولا عمركم هتفهموا حاجة "ياسين الجارحي " دا برنس وقلبه على قلبي المسكين وعذابه ...
"عمر" بغضب _والنبي تركن على جنب بقلبك ومشاعرك الزبالة دي مش وقتك ...
"رائد" ببسمة مرتفعة _بالعكس انا شايف كلامه صح جداً عمي بيدينا فرصة رومانسية ذات قيمة ..
"جاسم" بسخرية _ذا أيه ياخويا!..مأنت مش حاسس بالعسكري اللي معايا ...لااا أنا مستحيل أقضي البيت والشغل فى نكد معاها ...دانا أوقات بحس أني متجوز عمي أيوب البواب ...
تعالت ضحكاتهم بعدم تصديق لتشبيهه حتى أحمرت الوجوه بينما على مقربى منهم وخاصة بجوار الباب الفاصل بينهم كانت تقف خلفه بصدمة ...دموعها تنهال بلا توقف وهى تستمع لزوجها يتحدث بسخرية عنها ويجعلها أضحوكة للجميع ! ...لم يكتفي بذلك فأكمل بسخرية لرائد_طب تصدق بالله أنا ساعات بحس أنك فيك أنوثة عن أختك ...
تعالت الضحكات مجدداً فسقط شيئاً خلفهم أرضاً أصدر صوتاً جعل الجميع يتتبه،استدار ليجدها بالخلف أمام عيناه بدموع لا حصى لها تتأمله بصدمة وأسفل قدماها علية كبيرة حمراء مغلفة بأحكام مزينة بقلوب وتهنئة لعيد ميلاده ...تباعدت للخلف بخطى بطئ والدموع تكتسح ملامحها ...خجلت بنقل نظراتها لأبناء أعمامها حتى وأن كان يمزح فقلبها لم يتحمل ذلك ...كانت تعتقد بأنه يجعلها غالية ومحجوبة عن الجميع ولكنها صدمت مما أستمعت اليه، أسرعت بخطاها للخارج فلحق بها بأستغراب بينما بالداخل تضايق الجميع لما حدث وبالأخص "عدي" ...
بالمصعد ..
كانت "رحمة" بالداخل تتوجه للهبوط شاردة الذهن ...ليتوقف الضوء فجأة ثم توقف المصعد عن العمل، أرتباها الرعب حتى مزق صدرها ...خوفاً لا مثيل له جعلها أسيرته ...ذكريات تخترق أضلاعها لتريها همسات من ماضيها ...شعرت بأنها بحاجة للهواء قد حبس بداخلها فلم تعد كيف تتنفس ..انقبصت انفاسها شيئاً فشيء لتهوى أرضاً فاقدة للوعى يغلفها الخوف فيجعلها كلوحاً من ثلج أخر ما لفظته هى حروف أسمه الثلاث ..."عدي" ...
على الجانب الاخر ...
انقبض قلبه كأن هناك من طعنه بسيف من نيران ...شعر بها واستمع لصوتها الهزيل وهى تناديه ...صار يبحث عنها كالمجنون وبداخله رعباً يكفي عالم بأكمله ...قلبه يصرخ بجنون بالا يتكرر ما حدث من قبل لها فحينها ربما يقتلع قلبه تلك المرة ...بحث وبحث ولكن دون جدوي ولكنها مازالت متشبسة بأسمه بثقة بأنه سيعبر الأميال ويحطم الأزمان لأجلها ...ثقة يمنحها العاشق حينما يستمد العشق أخر غرف قلبه ليسكنه حتى أخر العمر ونهاية المطاف ...عشقٍ من نوعاً فريد من نوعه ولكنه موجود بأمبراطورية "الجارحي"! ...
خطوة قريبة من مصير "أحمد" ستقلب الموازين أما جاسم فيري أن ما فعله ليس جرماً من وجهة نظره فترى ما المخبئ له ...أما عمر فلما تنازل عن جريمة بشعة كهذة؟! ...