قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أحفاد الجارحي الجزء الرابع بقلم آية محمد رفعت الفصل السادس والعشرون

رواية أحفاد الجارحي الجزء الرابع أسياد العشق

رواية أحفاد الجارحي الجزء الرابع (أسياد العشق) بقلم آية محمد رفعت الفصل السادس والعشرون

أسرع خلفها يهرول دون توقف حتى هبط لسرداب الشركة فأذا بها تتقدم لسيارتها ويدها تخفى ملامح وجهها وعيناها الممتلئة بالدموع،فتح السائق باب السيارة حينما رأها مسرعة إليه ثم صعد هو الأخر،كادت بالصعود لتجد معصم حائل بينها وبين السيارة ...علمت من سيكون فقالت دون النظر إليه:-
_سبني يا جاسم ...

قال بصوتٍ يشوبه الذهول حينما جذبها لتقف أمامه فرأى دمعاتها:-
_أنتِ بتبكي! ...
جذبت يدها بصراخاً غاضب:-
_قولتلك سبني ...
أقترب مجدداً بهدوء فما فعله لم يجده خاطئ قائلاٍ بأستغراب من رد فعلها:-
_أنا كنت بهزر يا داليا أنتِ اللي قلبتي الموضوع جد ...

رفعت عيناها المموجة بالغضب والصدمة من بروده لما فعله لتقول بغضب _أنت مش شايف أي غلط فى اللي عملته؟ ..
تطلع لدموعها التى جعلت وجهها كالدماء بتعجب فلأول مرة يراها بذلك التأثر من قبل فرفع يديه يزيح دموعها قائلاٍ بهدوء:- طب أهدي ونتكلم بعدين ..
دفشت يديه بعيداً عنها قائلة بصوتٍ مرتفع للغاية أثار غضبه:-
_مفيش كلام هيجمعني بيك تاني ...
تحاول هدوئه لغضب جامح من تماديها الذي حسمه فقال بغضب:-
_أنتِ زودتيها أوي ما قولتلك كنت بهزر وبعدين دا أخوكِ وولاد عمك والكلام كان كله فى أطار الهزار ...

مع كل كلمة قالها كان قلبها يئن أكثر فيزداد آلآمها،نظراتها مسلطة عليه بهدوء ...دمعاتها الثمينة هى من كانت تهوي بصمت ولكن بألم بقلبه هو فهى قوية للغاية لم يري بكائها اللي مرات معدودة أترى ما فعله جرحها هكذا؟! ..
قطعت لحظات الصمت الصغيرة قائلة بصوتٍ هادئ ولكنه مصحب بآلآف الصرخات:-
_دي المشكلة أنك مش شايف اللي عملته غلط ...

ثم وتوجهت للسيارة ولكنها توقفت وتراجعت لتقف أمامه من جديد قائلة بأبتسامة سخرية لتكمل بنفس ذات اللهجة_ولاد عمي اللي بتتكلم عنهم دول أنا واثقة أن مستحيل حد فيهم يجيب سيرة زوجته ويخليها أضحوكة للكل ..
وغادرت لسيارتها لينطلق السائق سريعا عائدا للقصر أما جاسم فراقب تباعد السيارة عنه بهدوء ونظرات خفيفة لا يعلم بأن تباعدها عنه خط من مجهول ستحسمه هي...

بغرفة المكتب التى تجمع شباب الجارحي...
جُن جنونه بعد أن فتش بالمقر بأكمله عنها، وقف يشدد على خصلات شعره الغزير بغضباً جامح يكاد يفتك به، أقترب منه عمر بهدوء:- .
-أهدى يا عدي مهو مش معقول هتبني أوهام على مجرد أحساس!  ...
تطلع له  بحدة  فقطع معتز الحديث بينهما حينما قال بتفكير:-
_مجربتش تسأل عنها فى القصر ؟ ..

بقيت نظراته مسلطة على أخيه بغضب ثم جذب هاتفه ليطلب القصر ليلقي الهاتف أرضاً بغضب بعد أن أكدت له مشرفة الخدم بعدم عودتها،جلس على المقعد والقلق يكاد يوقف دقات قلبه المجنون بعشقها، أقترب منه عمر بندم لما تفوه به فقد أستعاد ذاكرته بما حدث من قبل ليكن على يقين بأنه يشعر بها ...فقال بهدوء:_
_ممكن تكون نزلت لمكتب بابا الجديد  ..
ياسين بتأكيد:-
-ازاي غابت عن بالنا دي ..

لم ينتظر ليكمل أحد حديثه وهرول لأحد المصاعد ليهبط للأسفل،لحق به أحمد وعمر وياسين ومعتز بينما جاسم ورائد  كانوا قد غادروا للقصر بصحبة الفتيات حتى لا يزرع أختفاء رحمة القلق بالقلوب ...
وصل عدي للمصاعد المرصوصة جوار بعضها،ضغط على الزر الجانبي فلم يستجيب له أياً منهم ..
قال أحمد بأستغراب بعدما جرب أحدهما:-
_غريبة مفيش أسانسير بيفتح! ...
أقترب منهم ياسين ليتفحصه بأستغراب:-
_أزاي دا؟! ...

رفع معتز أحد الهواتف الخاصة بمكتب السكرتارية ليعلم من الحراس بأن هناك مشكلة بالمصاعد العاشر والمسؤول عنهما قد غادر منذ ساعة وهاتفه مغلق لذا أستعانوا بأخر وهو على طريق الوصول، توقف عقل عدي عن التفكير من اللحظة التى تفحص بها أحمد باقي المصاعد فمرأ من أمام المصاعد العشر،تباعه الجميع بأهتمام وخاصة بعد أن وضحت فكرة ما حدث لهم ...كان يضع يديه على باب المصعد واحد تلو الأخر بعينان مغلقتان وحواس مرهفة إلي أن توقف أمام أحدهما ليفتح عيناه سريعاً مردداً بكم من المعاناة واللهفة:-
_رحمة ...

شعر بها رغم أن ما يفصلها عنه عدة طوابق! ...أقترب منه عمر قائلاٍ بهدوء:-
_متقلقش العامل على وصول ..
رفع عيناه إليه بغضب:-
_فكرني مجنون عشان أستنى ...
أجابه بصدمة لمعرفة ما يطوف عقله الشرس:-
_هتعمل أيه ؟ ...

كان الجواب امام عيناه حينما ركض عدي للطابق الأخير من البناء فلحقوا به بصدمة مما سيفعله فقد يكون أنتحاراً رسمياً لما يخطر على باله فعله،وصل للطابق الأخير فتسلق درج صغير من المعدن ليقف أمام عدة أبواب مغلقة ...أقترب من المصعد الذي أرشده قلبه إليه فرفع قدماه يحطم بابه الذي أستجاب له بعد عدة محاولات لتظهر أمامهم أحبال عملاقة من الحديد تتصل بالمصاعد العشر،جذبه ياسين بغضب:-
_بطل جنان يا عدي أنت أكيد مش مجنون عشان تنتحر من الأرتفاع داا ..

جذب يديه بحدة ليسرع عمر بالحديث:-
_عشان خاطري تهدى يا عدي العامل زمانه على وصول وأحنا هنخليه يصلح دا الأول ..
أجابه بغضب:-
_مش هستنى ثانية واحدة ..
معتز بصدمة:-
_وأنت شايف أن دا الحل! ...
لم ينصاع إليهم وراقب الحبال المعلقة ليعلم أيهم المتصل بالمصعد الذي شعر بأن معشوقته بداخله كاد بأن يلقي بذاته ولكن جذبه أحمد  بعصبية:-
_وأحنا مش هنسيبك تموت نفسك ...

تطلع لهم بملامح ثابتة ليقطعها قائلاٍ بسخرية:-
_ أوكي ..هقعد هنا لحد ما يوصل بس سؤال بسيط ليكم ..
تطلعوا إليه بأهتمام ليكمل بنظرات ذات مغزى:-
_لو مليكة أو نور او أسيل او شروق اللي كانت تحت كنتوا هتقفوا وتستنوا؟ ..
لم يتحمل كلا منهم أن يضع معشوقته محلها فمن المؤكد لهم بأنهم من المحال الوقوف بصمت، تحررت أصابع أحمد من على ذراعيه فأبتسم بثقة وتقدم من الباب مجدداً ليقف ياسين ومعتز جانباً بعد أن كانوا يقفوا عائقاً له بينما قال عمر بخوف:-
_خلي بالك من نفسك ..

أشار له بهدوء ثم ألقي بذاته ليهوى على أحد الحبال فتعلق بها بحرافية عالية ومهارته الجسدية المتزنة، تنقل بين الحبال ليصل للمنشود ...كانوا يتراقبنوه من الأعلى بقلوب يشوبها القلق فالأرتفاع غاية بالخطورة، أنحني للأسفل بأستخدام قدميه حتى وصل لأعلى المصعد بأنفاس مضطربة بعد ما فعله من عملا شاق، تفحص سطحه ليجد فتحة صغيرة فرفع قدماه يحطهم لتنهار بعد ثواني معدودة فيطل أمامه المصعد من الداخل،أنحنى للأسفل ليتفحصه فوقعت عيناه عليها ليجدها تفترش الأرض بفستانها الزهري،أنقبض قلبه فألقي بذاته بداخله ليعلم الجميع بأنها بالدخل بعد أن ولج عدي ...جذبها إليه بفزع،فقربها إليه ...

وجهها يكتساحه البرودة والخوف يكتسحه ...عيناها مغلقة وشفتيها ترتجف،مغيبة عن الوعى ولكن مازالت تنطق بحروف أسمه تتشبث بها دون توقف حتى وهى فاقدة للوعي، إبتسم عدي رغماً عنه فقربها إليه ...مرر يديه على وجهها برفق ونظراته تتمكن من ملامحها بصمت، يعلم أنها منذ ما حدث لها وأتفه الأمور تخلق عاصفة من الخوف بداخل قلبها،ظل هادئاً يحتضنها بشغف، وجهه مسلط على وجهها، يدرس ملامحها بعشق يكفي قرون من الأعمار ...
تسللت رائحة البرفنيوم الخاصة به لها،لتشعر بعاطفة من الآمان تحتضن جسدها المرتجف،أطمئن قلبها فخفق بأنتظام أخبرها بأن تفتح عيناها فهي بأمان لوجود العاشق جوارها! ..

فتحت عيناها لتراه أمامها،نظراته الدافئة المنبعثة من عسل عيناه المتطابقة لعين ياسين الجارحي،همست بصوتها المنخفض ببسمة هادئة:-
_أتاخرت ليه ؟ ..
ضيق عيناه بسخرية:-
_على ما لقيت طريقة أدخلك منها ..
أتسعت بسمتها ليحتضنها بشغف وبسمته تنير وجهه،شددت من أحتضانه فقال بفرحة من لهجتها:-
_واثقة أني هوصلك؟ ..
إبتعدت لتكون على مقربة منه مشيرة لموضع قلبه:-
_واثقة فى دا ..

إبتسم ليعاونها على الوقوف فأقترب منها قائلاٍ بصوته الثابت:-
_أقولك حاجة بس متضحكيش ..
أشارت إليه بخفة فكبت ضحكاته ليستعيد ثباته:-
_أوقات بحس أنك عاملالي سحر أو تعويذة ...
تطلعت له قليلاٍ ثم أنفجرت من الضحك،تحاولت نظرات غضبه لبسمة تلقائية وهو يراها تبتسم فتظهر بأبدى جمالها،رفع يديه يلامس وجهها الرقيق فكفت عن الضحك ليزداد خجلها حينما قربها إليه،نظرات محملة بالذهول من تغيره الملحوظ! ...

قالت بأرتباك من قربه المهلك:-
_طب أيه ؟ ..مش هنخرج من هنا ؟ ..
قال ببسمة ثقة:-
_هما هيتصرفوا ..
أجابته بحيرة:-
_هما مين؟ ..
تحرك المصعد سريعاً ليهبط للأسفل فأنفتح على مصرعيه ليطل من أمامها الشباب فتطلع لها بأنها حصلت على أجابتها ...شعروا بالراحة حينما أتطمئنوا عليهما وتوجه الجميع للعودة للقصر  ...

بالقصر ...
بغرفة رعد ...
ولجت للداخل حينما أستمعت لآذن بالدخول ؛ فوجدت أبيها يجلس على أحد المقاعد ولجواره تجلس دينا يرتشفون القهوة ببسمات هائمة يبدو أنهم كانوا يسبحون بذكريات الماضي ...
أقتربت منهم وعيناها ارضاً:-
_ممكن أتكلم مع حضرتك شوية ...
وضع القهوة من يديه على الطاولة بلهفة حينما تمعن فى مظهر إبنته فوجد أثر البكاء عالق بعيناها أجابها بحنان:-
_طبعاً يا حبيبتي ..
أسرعت دينا إليها بلهفة:-
_فى ايه يا داليا ..

كأنها لامست عنق الجرح لترتمي بأحضانها بدموع غزت على وجهها فنهض رعد سريعاً ليضع يديه على حجابها بفزع:-
_فى أيه؟ ..
لم تنصاع اليه وتعلقت بوالدتها فجذبها برفق لتجلس على أحدى المقاعد ثم جذب مقعده أمامها ينتظرها حتى تهدأ قليلاٍ ثم قال بعد أن سكنت قليلا:-
_هديتي؟ ..
أشارت إليه بخفة فقال بحنان وعيناه تشع ذكاء فى دراسة ملامح إبنته:-
_ جاسم زعلك فى أيه؟ ..
رفعت عيناها بأعجاب على فهمه لها لتسرع بقص ما حدث على مسماعهم،أنساب الغضب بعين دينا فقالت_ أزاي يقول كدااا حتى لو كان بهزار برضو مش فاهمه ..
أشار إليها رعد قائلاٍ بثبات:-
_ما تتكلميش أنتِ يا دينا ..

أجابته بغصب:-
_أزاي يعني ما أتكلمش دي بنتي الوحيدة وزعلها يهمني زيك وأكتر كمان ..
أنقلبت نظراته لتحذير فكبتت غضبها وألتزمت الصمت أما هو فقال بهدوء:-
_طب وأنتِ عايزة أيه يا داليا ..
لزمت الصمت قليلاٍ تفكر فى سؤال أبيه لتقطعه بعد مدة والدمع يسبقها:-
_عايزة أتطلق يا بابا  .
شهقت دينا بفزع بينما تماثل رعد الهدوء كأنه لم يستمع لما قالته منا زادها تعجب ...
طرقت باب الغرفة الخادمة قائلة وعيناها أرضاً
_أدهم بيه وحمزة بيه عايزين حضرتك تحت ...

أشار لها بالمغادرة ثم نهض يرتدي جاكيت بذلته الرمادية كلون عيناه فلحقت به داليا بأستغراب:-
_حضرتك مردتش عليا ...
أستدار إليها بثبات _سكوتي أجابة على سؤالك ودليل رفضي ..
أجابته والغصب يعماها_يعني أيه يا بابا مش هتقف جانبي ..
وقف أمامها بثقة_المرادي لا هقف ضدك مش معاكِ ..

تناثرت بكائها لتقول بعصبية قبل أن تغادر_كنت واثقة أنك هتقول كدا على طول بتقف جانب مليكة وأسيل ومروج الا أنا رغم أني بنتك ...
أجابها بحدة وهو يشير بيديه_كلكم بناتي... مستحيل أساعدك فى قرار هيدمرك ...
غادرت بصمت ودموعها تختذل ملامحها، أقتربت منه دينا بعتاب:-
_أنت أزاي تكلمها بالأسلوب دا البنت مجروحة ومحتاجة أنك تطيب خاطرها ! ..
أستدار ليكون مقابلها_أطيب خاطرها أزاي وهى عايزة تدمر حياتها بأيدها! ..
أجابته بغضب_عمرك ما هتتغير هتفضل زي مأنت ..

إبتسم بغموض_أنتِ فيها أطلبي الطلاق ..
طافها الصمت لتقول بشرود:-
_مقدرش أتخيل حياتي ومغروري مش فيها ..
إبتسم بعشق فمازالت تنسب الغرور إليه ولكنه وصل لهدفه فقبل رأسها قائلاٍ بلهجة ذات مغزى_ولا هي تقدر تعيش من غير جاسم القرار اللي أخدته دا كان نتيجة  غضب لكن الهدوء هيكون ندم للقرار دا فهمتي ليه عملت كدا؟ ..
أجابته ببسمة رقيقة تعلقت بها فأبتسم هو الأخر ثم هبط للأسفل وتوجهت هى لتحتوي إبنتها ...

...بالمقر...
أنهت نسرين ما بيدها فخرجت من مكتب يحيى بعدما أنهت تصوير الملفات مرهقة فكم لعنت حبها للتجربة ورفضها للعامل الذي ود مساعدتها ليقوم بعمله ولكنها أرادت أن تصور صفحاته بذاتها، خرجت للبحث عن الفتيات فعلمت من أحداهما بأنهم غادروا للقصر لذا قررت أن تترك الملف بغرفة المكتب الخاصة بالشباب،وضعته على أحد المكاتب وتوجهت للخروج فوقعت عيناها على ملف أسود اللون موضوع بعناية على مكتب عدي تذكرت حديث عز عن هذا الملف فأبتسمت بمكر لتضعه سريعاً بحقيبتها قائلة بخبث:-
_دي رحمة هتفرح أوي ..

ثم توجهت للمغادرة، هبطت للأسفل باحثة عن السيارة الخاصة بالفتيات فلم تجدها، ظهر الضيق على ملامحها فتوجهت لأحد الحراس الذي أمن لها أحدى سيارات قصر الجارحي فيما يقرب الخمسة دقائق،وقفت سيارة كبير الحرس أمامها فقال ببسمة صغيرة بعدما فتح باب سيارته:-
_أتفضلي يا أنسة نسرين ..
قالت بأستغراب حينما رأته يرتدي ملابس عادية غير ثياب القصر:-
_هو أ...
فهم ما تود قوله فقال عثمان بهدوء:-
_أنا النهاردة أجازة عشان زوجتي بتولد بس لما سمعت الحرس بيتكلم على جهاز الأرسال الخاص بينا مترددتش وخصوصاً أن المستشفي جنب المقر ..

شعرت بالحرج فلأول مرة يأخذ مهلة من الراحة وزوجته بحاجته فقالت بخجل:-
_لا أرجع لزوجتك وأنا هشوف أي تاكسي ..
أجابها بأصرار وقد علم بما سيقنعها:-
_مقدرش كدا هتعرض لعقاب ياسين بيه أتفضلي من فضلك .
أنصاعت إليه بحرج فأنطلق عائداً للقصر ...
بقصر الجارحي  ..
وخاصة بشرفة الغرفة الخاصة بحازم ..

وقف وبيديه الهاتف والقلق يتلون على وجهه حينما يصرح كل مرة بأنه خارج نطاق التغطية،دقائق مرأت عليه كمقبرة تلتهمه وخاصة بعد عودة الجميع من المقر  منذ ما يقرب الساعة، جذب أنتباهه وهو يتطلع لحدائق القصر العريقة سيارة عثمان الذي هبط ليسرع بفتح باب السيارة لتظهر أمامه ببسمتها الخجلة ..
قالت ببسمة هادئة:-
_بعتذر منك تاني مرة ويارب يقوم مراتك بخير وتفرح بالبيبي الصغنون دا بس لو تسمح بقا أنا كنت عاملة هدية لشروق بس هي لسه مش ولدت لسه هقدمها للبيبي..

كاد بالأعتراض فأجابته مشيرة بيدها:-
_مفيش أعتراض ..
إبتسم وعيناه أرضاً:-
_اللي تشوفيه يا أنسة ..
ولجت للداخل وهو بأنتظارها لتعود سريعاً حاملة علبة باللون الأزرق مزينة بورود بيضاء،أخذها منها ببسمة يشوبها الأمتنان ثم غادر على الفور، إبتسمت وهى تتأمل طيف السيارة بشرود بيوماً ستصبح به أماً لطفلا من زوجها المشاكس، فأستدارت لتدلف للقصر فصعقت حينما رأت حازم أمام عيناها بنظرات لا تنذر بالخير أبداً ...قالت بأستغراب:-
_حازم! ..

قال بصوتٍ تستمع إليه لأول مرة خالى من المرح:-
_كنتِ فين؟ ..
أجابته بذهول:-
_مالك في أيه؟ ..
صاح بصوتٍ كالسهام _سألتك سؤال متجاوبنيش بسؤال تاني؟ ..

أرتجفت على أثر صوته الغاضب ونظراته القاتلة فتطلعت جوارها بخجل من وجود الحرس بكل مكان بحديقة القصر،وجدها تتطلع حولها بخجل فقال بسخرية _اه صحيح أنتِ بيهمك شكلك أدامهم  مأنتِ بينك وبينهم علاقة لطيفة بتدوم حتى بعد الدوام بتاعهم والأجازات ..

تطلعت له بصدمة من كلماته الأخيرة لتهوى دمعاتها دون توقف،كيف يطعنها بشرفها أمام الحرس وحتى أمام ذاته، أنقبض قلبه لرؤية دموعها فأنتظر أن تصيح عليه بالكلمات أو بالغضب ولكنه تفاجئ بأكتفائها بالبكاء ثم أستدارت لتتركه وتخطي لتخرج من باب القصر ...نعم هو أهانها ولكنها قررت تركه فى نفس اللحظة ..بل قررت مغادرة القصر بأكمله ...هو أهان أخلاقها ...أهان ما كانت تسعى لحفظه على الدوام ...

ضغط على يديه بغضب من كلماته الحمقاء بعدما قتلته الغيرة كان أحمق معها للغاية، أتفتح باب القصر الرئيسي لتغادره سيراً على الأقدام ودموع تأنس وحدتها، هرول خلفها فوجدها تسرع بخطاها، خطى على محاذاتاها قائلاٍ بحزن لما قاله  _أنا مقصدتش ...
لم تجيبه وأكملت طريقها فجذبها لتقف أمامه _مش هسيبك تمشي ..
أجابته بدموع وسخرية_أنا مشيت خلاص . .
تألم لتلميحها بمغادرة مشاعرها له فتألم للغاية، أقترب منها غير عابئ بأنه بالخارج_أنا أسف ...
أجابته بألم_صعب أقبل أعتذارك ..

وتركته ورحلت فراقب خطاها بعيناه التى تنبع ببريقاً مخيف، انهى المسافة الكبيرة بينهم بخطاه الواسعة ليجذبها بالقوة لداخل القصر قائلاٍ بلهحة أمر للحارس_أقفل البوابة ...
أنصاع له على الفور فسحبت يدها بغضب:-
_مش هتحبسني هنا يا حازم أنا هخرج يعني هخرج ..
وأستدارت لتغادر فأمسك ذراعيها قائلاٍ بندم_مقصدتش وأنتِ عارفة ...
أنسابت دموعها مجدداً فاقترب منها يزيحهما قائلاٍ بعشق _أنا مقدرش على الدموع دي ولا أقدر أعيش لحظة من غيرك ..

رمقته بنظرة محتقنة فأكمل بغرور _طب دانا كلمت خالتك وقولتلها أنك مش هترجعي من هنا أبداً غير على الفرح يعني أتدبستى فيا من الأخر ..
فشلت بكلت بسمتها فقال بفرحة _أيوا كدا ..
ثم جذب أحد الورود من الحديقة المعطرة بالورود النادرة وقدمها إليها لتجذبها على أستحياء،أنحنى على قدميه ليقبل يدها قائلاٍ بصوتٍ مسموع عن قصد_بحبك ..
تطلعت له بصدمة وهى تتلفت يميناً ويساراً لتراقب الأعين بخجل _بتعمل أيه يا مجنون الحرس حولينا ..
غمز  ليؤكد لها أنه يتعمد ذلك لتسترد كرامتها بكثافة قائلاٍ بهمس_لازم الدنيا كلها تعرف أد أيه أنا بعشقك ..

تلونت وجنتها بحمرة الخجل فسحبت يدها وأسرعت للداخل بخطى سريعة لتصطدم بأحمد الذي كان يبحث عن أخيه،تطلع لها بأستغراب من رؤية دموعها التى مازالت متعلقة بعيناها _مالك ؟ ..
أجابته بخجل_مفيش يا أحمد ..
أشار إلي حازم الذي أسرع ليقف جوارهما_الحيوان دا زعلك فى حاجة؟ .
أشارت له بخجل وهى تتحاشي النظر إلي عاشقها فشدد أحمد على كلماته_قولي متخافيش منه أنا أقدر أجبلك حقك ...

صح حازم بغضب_أيه يا عم فلانتينو بتقولك لا وبتشاورلك وشوية وهتقلب على فيلم هندي وتقولك نهيي والورد الأحمر بيزغرط فى ايدها المفروض تفهم ويكون عندك فهم وتقدم ..
ولجت للداخل بضحكة على أستعادته روحه المرحة فجذبه أحمد بغضب_طب تعال يا خفيف أبوك عايزك ..
أجابه بغضب _خير ياررب الراجل دا مبيجيش من وراها غير النصايب ...
تطلع له بغضب  فأشار بتأكيد_أسمع مني مش كان مسافر هتلاقيه راجع ببلوة وكالعادة هيشلهاني يكش توتو تخلعه ونخلص ..
تركه وولج للداخل قبل أقتلاع عنقه فلحق به ليري ماذا هناك؟ ...

بمنزل سارة ...
كانت تجلس علي الفراش بشرود، الحزن غلب ملامح وجهها فأصبحت كأنها كبرت عشرة أعوام،قطعت شرودها ولوج والدتها والحدة تكتسح ملامحها،وقفت أمامها ببسمة مصطنعه:-
_فى حاجة يا ماما ؟ ..
أجابتها بغضب_هتفضلي مستخبية فى أوضتك كتيير طيب والناس هتستخبي عنهم برضووو بقاله أكتر من شهر ونص معلقنا ولا جيه يطلبك ولا فى جديد هو أيه النظام بالظبط يكنش رجع فى كلامه ..
أجابتها برعب وهى تنقي الحديث بعناية_ليه بتقولي كدا بس هو مشغول عنده أ. ...
قطعتها بحدة وصراخ:-
_مشغول أزاي هى لعبة أحنا كدا هنتفضح ..

ثم قالت بسخرية:-
_وأنا هعتب عليه ليه أذا كانت بنتي مخافتش على شرفنا وحطيته تحت رجل حيوان زي دا أنا هلبس وأروحله بيته وأتكلم أدام الكل  ..
وتوجهت لغرفتها لترتدي ملابسها فلحقت بها قائلة بدموع_حرام عليكي يا ماما بلاش تخربيله حياته  .
وقفت أمامها بسخرية:-
_ خايفة عليييه بعد اللي عاملة فيكِ هو عمره أصلا ما هيكتب عليكِ رسمي وأنا كنت عارفة كدا وبكدب نفسي وأ.
بترت كلماتها حينما قالت بأستسلام:-
_أحمد مش هو اللي أتجوزته عرفي ...
ثم وضعت عيناها أرضاً لتقص عليها الحقيقة لتنتهي بسقوط والدتها أرضاً بذبحة صدرية لما تحملته على يد تلك الفتاة لتنسحب الأنفاس وتفارق الحياة لتهرب بعيداً عما لحقته بها إبنتها المصون! ...

بقاعة القصر الداخلية ...
أجتمع الجميع بالأسفل حول  حمزة، وأدهم  بعد عودتهم من الخارج،سادت الأجواء بالمرح وخاصة بعد أن ولج حازم فأقترب من أبيه قائلاٍ بغرور:-
_بلغني أنك عايزني ..
رمقه بنظرة ساخرة_عطلناك عن  خدمة الوطن معلش ...
أنفجر الجميع من الضحك فأنتبه حمزة لنسرين فقال ببسمة هادئة:-
_أزيك يا حبيبتي عاملة أيه؟ ..
أجابته ببسمة رقيقة _الحمد لله يا عمي بخير ...
هبطت مليكة هي الأخري فأقتربت منهم بفرحة:-
_حمدلله على السلامة ..

أجابها أدهم ببسمته الهادئة_الله يسلمك حبيبتي ...
قال حمزة بصدمة_بطنك راحت فين؟ ..
أجابه ياسين وهو يطوف يدها بين يديه وبسمته تزين وجهه_لا مأحنا خلاص يحيى الصغير شرفنا بوجوده ..
قال بفرحة_أنت كمان سميت على أسم ابوك ..
أجابه يحيى بمرح:- وهو هيلاقي اسم أحلى من كدا ولا ايه ؟ ..
أجابته ملك بدلال_ ولا فى الكون كله يا حبيبي ...
غمز لها بعيناه فقال حمزة ساخراً_ولا فى الكون كله يا حبيبي ...طب أحترمي أخوكِ يا أختي ...
يحيى بغضب مصطنع_لا بقولك أيه هترجع تغلس عارف ردي ..

تعالت الضحكات بين الجميع فأقترب حازم من أبيه قائلاٍ وعيناه عليها:-
_بقولك أيه يا زيزو ..
ضيق فمه بتهكم _قول وخلصني ..
أسرع بالحديث الحماسي_جوزني أنا والبت دي ووعد مني هتبرع وهسمى حد من عيالي على أسمك وأهو أبقى كسبت فيك ثواب وخسرت الواد للأبد ..
تعالت الضحكات خاصة عدي  وكان الجميع يراقبون ردود أفعاله بصدمة ...
أجابه حمزة بسخرية_لا كتر خيرك يا أخويا أحمد حبيبي هيسمى على أسمي  مستغنين عن جمايلك ..

تلاشت ضحكات الجميع وتركزت الأنظار على أسيل التى هربت من نظراتهم على الفور حتى لا يروا دمعاتها، صعق حازم وقد تذكر ما فعله فكاد أحمد بأن يلحق بها فأوقفه قائلاٍ بحزن_أنا أسف يا أحمد مقصدتش كنت بهزر مش أكتر  .
أشار إليه أحمد بتفهم _عارف يا حبيبي  عندي دي متقلقش ...
ولحق بها للخارج سريعاً ...

بالمطبخ ...
بحث عنها كثيراً حتى أشارت رحمة على المطبخ فولج عمر للداخل ليجدها تجلس على المقعد تتناول ثمرة المانجو بتلذذ وهى تتحسس بطنها التى لم تنتفخ بعد فقالت بتذمر:-
_كلت كتير جداً عشان تكبر وأنت مش راضي طيب أعمل أيه ؟ ..
سقط من فرط الضحك فأنتبهت لوجوده لتنهض وهى تتأمله بغضب_بتضحك على أيه؟ ..
رفع عمر يديه بأشارة تعني البراءة مما هو منسوب إليه:-
_مضحكتش يا روحي أنا كنت ببحث عنك بس ومتأكد من وجودك بالمكان المشرف دا حاسس أنك بتعوضي شغل اليوم فبتكملي باقي يومك بالمطبخ..
رمقته بنظرة تذمر_بتتريق؟ ..

أجابها ببسمة هادئة بعدما أقترب منها بخبث _هعمل أيه مأنا مش لقي وقت ليا يرضيكي ...
تراجعت للخلف بأرتباك:_أحنا أعداء متنساش ..
تعالت ضحكاته الرجولية قائلاٍ بصعوبة بالحديث_على حد علمي بالشغل بس هنا أحباب ..
إبتسمت على جملته الأخيرة فرفعت المانجو بتسلية_حيث كدا بقا ساعدني ..
لم يفهم ما قالته الا حينما أشارت لملابسها المتسخة لعدم تمكنها من تناولها فكبت ضحكاته ثم جذب السكين وأحد ثمرات المانجو ليقطعها بحرافية ويضعها أمامها بخفة فتطلعت له بشك:- أنت بتدخل المطبخ كتير؟ ..

أستند بجذعه على الطاولة لتكون مقابل عيناه_دكتور وبدخل جراحه يعني السكاكين لعبتي يارب تفهمي ..
إبتلعت ريقها برعب فتركته ونهضت بغضب_فى حد يقول لحد هيأكل كداا سديت نفسي ..
وتركته وكادت بالرحيل ثم عادت لتحمل الطبق بعد أن رمقته بنظرة مميته لتغادر وهى تتناولها بتلذذ فتأملها وهى تغادر ببسمة هائمة ...

بالخارج ...
جلست على الطاولة التى تحاوطها الأشجار والأزهار بعيناها الباكيتان لتجده يلحقها كعادته، وقف جوارها يتأمل الأزهار حتى لا يشعرها بالخجل من متابعته لها ثم قال بخبث:-
_المنظر يجنن من هنا ..
لم تجيبه فألتسم حينما تذكر الطفولة التى قضاها معها بين  أحضان تلك الحديقة ...تذكر شيئاً ما فأبتسم ليتوجه إليها سريعاً فجذبها بقوة ...لحقت به بأستغراب:-أيه يا أحمد!..
جذبها لتقف أمام أحد الأشجار قائلا ببسمة واسعة _مش فاكرة حاجة ؟ ..
تطلعت له بأستغراب ثم لأشارة عيناه التى جابت أسفل الشجرة فأبتسمت بتذكر_السلسلة ..

أشار لها بتأكيد فجلسوا سوياً يحفرون الأرض بفرحة وحماس لرؤية ما تم دفنه منذ ثلاثة عشر عاماً ليخرج العلبة الحمراء، أزاحت من عليها أثار الطين الرطب ثم فتحتها لترى السلاسل الذي أحضره لها حينما كانت بالعاشرة من عمرها حين ذاك ...
قالت بفرحة _ياااه كنت نسيتها أنا مش فاكرة حطيتها هنا لييه ؟ ..
أجابها وعيناه لم تنتقل من عليها _كان أول عيد ميلاد محضرهوش معاكِ كنت مسافر مع عمي ولما جبتلك الهدية هنا زعلتي ورفضتيها وكالعادة فلست عليكي فدفنتيها هنا ..

لمعت عيناها بالدموع لتذكر ما حدث فكان أحمد بعطلته الصيفية فكان مولعاً بالسفر لذا غادر مع يحيى لأيطاليا فغضبت للغاية، عادت من شرودها على لمسات يديه وهو يزيح دموعها قائلا ببسمة واسعة_طول عمرك عنيدة يا أسيل ..
ثم عاونها على النهوض قائلاٍ بعد وهلة من الصمت_أنا موافق ..
شهقت بصدمة فأشار لها بتأكيد لتحتضنه بسعادة وفرحة بعدما قدم لها موافقته لاجل الحقن فلعلهم يرزقوا بمولود ...هرولت للداخل قائلة بفرحة _هلحق أبلغ البنات..

تتابع فرحتها ببسمة بسيطة ونظرة خوف لم يعلم مكنونها سوى جاسم الذي يقترب منهما، أحتضنته أسيل بحماس فقال بحب _ربنا يرضيكي يا حبيبتي ..
أجابته وهى تهرول للداخل _ياررب ..
تخفت من امام اعينهم فجلس على الطاولة بحزن ...جلس جاسم جواره بأستغراب_أول مرة تأخد قرار مش عايزه يا أحمد ..
رفع عيناه إليه كأنه لامس قلبه _خايف ..
أجابه بفضول_من أيه؟ ..
قال بصوتٍ مشحون بالأيمان_ يكون ربنا أختارنا  الخير فحرمنا من الخلفة  لشيء يعلمه هو ..خايف علي أسيل هتنكسر أوي .

تطلع له بذهول _أد كدا بتحبها يا جدع ..
رمقه بنظرة حدة _بعد كل سنين العذاب دي ولسه جاي تسألني !
تعالت ضحكاته محاولا التحكم بذاته_مقصدش بس أنت بتفكر بطريقة غريبة ...
قطعهم رائد  قائلاٍ بحدة_وأنت هتفهم أزاي وانت كل حياتك عايش عشان تزعل مراتك ..
أستدار ليجد رائد وياسين وعمر ومعتز وحازم يقتربون منهما ...
زفر جاسم بغضب _يووه هتقف جانب أختك من أولها ..

جلسوا جميعاً فقال بغضب _لا يا جاسم مش بقف جانبها سكوتي طول المدة اللي فاتت دي على هزارك السخيف عشان كلمتك دي هتقول منحاز ليها لكن أنت غلطت وغلطت جامد كمان  .
كاد بالحديث فقطعه ياسين بحدة_أعترف بغلطك يا جاسم وبلاش تكابر ...
صاح بغضب _يا جماعة أنا كنت بهزر والله
رائد بهدوء_أنا عارف نظرتك لينا أيه يا جاسم أن كلنا بنعامل البنات زي أخواتنا وأكتر بس هي متفهمش كدا ...

أشترك عمر بالحديث قائلاٍ بتأكيد على حديث رائد_الست بتحب الراجل اللي يذكر مميزاتها ويتلاشى عيوبها ممكن يتكلم معاها بس بينه وبينها ممنوع يخرج لأهلها غير الطبيب عنها  ما بالك بقا وأنت بتهزر وبتخلق كلام مش متناسب مع شخصيتها ..
لوى فمه بتذمر_خلاص كلكم قلبتوا شعراء مرة واحدة ..
حازم بغضب:- دا حيوان بلاش تضيعوا مجهودكم بالكلام معاه مش هيفهمكم ..
أشار إليه بتحذير:- لم نفسك يا حازم أحسنلك ...
زفر بغضب_يا عم روح حل جرايمك الأول ...

أقترب منهم يحيى وعز ببسمة جذابة_لينا مكان بالقعدة الحلوة دي؟ ..
أسرع ياسين بجذب مقاعدين قائلاٍ بترحاب_أتفضل يا عمي اتفضل يا بابا ...
جاسم ببسمة هادئة_تنورونااا طبعاً ..
ساد الحديث بينهما بأمور العمل حتي قطع أحمد الحديث بأستغراب:_مالك يا معتز ساكت من ساعة ما رجعلنا من المقر ؟!..

أنتبه الجميع لمعتز الهائم بصمت فتبلد القلوب القلق لهدوئه الغير معتاد أنصتوا جيداً له بينما فى تلك اللحظة كان عدي يبحث عن الجميع فرأهم يجلسون على الطاولة بجوار بعضهم البعض، كبت ضحكاته وهو يرى جاسم يكاد يقتلع عنق حازم فتوجه إليهما ليستمع لمعتز بما يقول ...
قال ونظراته على الفراغ:-
_محدش فيكم لاحظ  تغير عدي ؟! ..
ضيقوا عيناهم بأستغراب فقال بهدوء:-
_مخدوتش بالكم لما طلع عشان ينزل لرحمة ساعتها وقف وأتكلم معانا منطتش غير لما سمع مننا وأتكلم معانا على عكس شخصيته قبل كدا كان لما يأخد قرار مش بينقاش حد فيه بينفذه فوراً ..

أجابه ياسين بتأييد_فعلا يا معتز عدي أتغير جداا مبقاش العنيد المغرور زي ما كان ...
شاركهم عمر الحديث_عدي بقا حد تاني أنا أوقات بحس أن حد بدله ...
حازم بجدية _هتصدقوني لو قولتلكم أني حبيته أكتر من أول ...مكنتش أعرف عنه غير اللي الكل عارفه بس لما قربت منه في فترة شغله معانا بالمقر أكتشفت جوانب بشخصيته كانت مبهمة ليا ..
معتز بحزن_أنا كمان كان بيني وبينه أحترام فقط لأنه الأكبر بينا لكن حالياً أحترامي له زاد أضعاف وحبيته جداً حسيت أنه خليط عجيب بجد ...

إبتسم عز حينما تذكر تردده على ياسين الجارحي لمعرفة سبب تصميمه على عمل عدي بالمقر وسط أبناء أعمامه علم الآن السر وراء ذلك..بينما قال يحيى ببسمته الهادئة_دا كان الهدف من اللي عمله ياسين كان عايزكم تشوفوا عدي على طبيعته ويساعده أنه يتغلب على طباعه وخاصة أنه بالشرطة فدعمته أنه يزداد عن الأول لكن لما بعد عنها فترة ظهر معدنه ...
أحمد بأعجاب_ ياسين الجارحي تفكيره خطير بجد لو عشت 100سنة مش هقدر أفهمه ...

كان يستمع لحديثهم بصمت ...دفعوه لنقطة هامة كان غافلا عنها ...بل نقاطاً هامة ينتهي دربها برابط ياسين الجارحي!...تذكر أبيه وما يفعله لأجله وكان يرى أنه تحدى جديد ...أفعل ذلك لتتلاشي المسافات بينه وبين أخيه وأبناء أعمامه! ..أفعل ذلك ليكون محبوب بالقلوب لذلك الحد! ..أذاً هو الذي يعلم ما الذي يخفيه خلف الثبات والقسوة أذاً أبيه يفهمه أكثر من ذاته! ..
ولج للقصر يبحث عنه بعينان تلمعان لاول مرة بدموع غريبة ...يبحث عنه بجنون يود اللقاء به فى الحال ...

بالأعلى ...
صاحت بأعلى صوت تمتلك كأنه كبت لسنوات والآن تحرر_لحد أمته هتحمل كل اللي بتعمله داااا ؟! ..
لحد أمته هتفرض عليا الحزن والألم ؟!
لحد أمته هتفرض عليا شخصيتك الغامضة دي ؟..
لكل بداية نهاية وأنا مش عارفة نهايتي معاك هتكون أيه ! ...
وجلست على سجادتها المحببة وهو يتطلع له ببسمة ألم،خرت قواها وصدح صوت بكائها المؤلم الذي أستنذف كل طاقة ثبات لديه،تخلى عن غروره ليجلس أرضاً جوارها،يستمع لشهقات بكائها بصمت،عيناه مسلطة على الفراغ ..

قطع لحظات الصمت قائلاٍ بعدما اعتدل ليرفع وجهها أمام عيناه _أنا مش بالقسوة دي ولا أستحق الدموع دي ...
السبب الوحيد لغموضي أن محدش هيفهم تفكير ياسين الجارحي صدقيني أنا مبفكرش فى بكرا وبعده زيكم أنا بفكر فى وقت مش هكون في معاكم ...لوقت هكون عاجز عن حمايتكم من اللي جاي ..
رفعت اية يدها امام وجهه بغضب من الا يكمل حديثه فأحتضن يدها بين يديه ليكمل ببسمة ثبات _ دا واقع يا آية ولازم نتقبله حتى لو كان مؤلم ...

ثم نهض مقترباً من الشرفة  ليحرر ستائرها قائلاٍ بصوتٍ مشحون بالصدق _ أحساس أنك مسؤول من أسرة واحدة جميل لكن لما تكون مسؤول عن أكتر من فرد وأسرة صعب بمراحل ..اللي عملته دا كان لهدف وقريب أوي هتشوفي نتيجة للي عملته دا ترضيكي ..أوعدك ...
وغادر الغرفة سريعاً غير عابئ بخطاها المسرعة خلفه فهو بحاجة للبقاء منفرد،خطوات مسرعة للخروج من القصر ...
_ بابا ...

تخشبت قدم ياسين حتى حركة جسده،نعم هذا صوت عدي! ...هل ناداه أبي بعد تلك الاعوام ! ...هل فعلها أخيراااً؟! ..لا طالما كان ياسين الجارحي بالنسبة له مما كنن قلبه بالحزن ولكنه بابنهاية أنتصر ! ..
أستدار ببطء ليجد عدي أمامه بعينان مجهولاتان ليقترب منه بخطوات عاجزة كأنه فقد القدرة على الحركة لينهيها بأحتضانه لياسين ! ...
ليشرع بالحديث بعدما علم بالمجهول المخطط من قبل أبيه ! ...

حذر رعد جاسم بوجود أدهم من معاملة داليا برفق فعلم اباه ما فعل فود الحديث معه ولكن رفض رعد وفضل ان ينصحه بهدوء ..فصعد للاعلي يبحث عنها ..
ولج لغرفتهم حتى يتحدث إليها فوجد الخزانة فراغة ليعلم من الخدم بأنها نقلت ما يخصها لغرفتها الخاصة فأسرع إليها وعيناه مشتعلة بالغضب ليجد غرفتها خالية فهبط للأسفل بغضب ليجدها تجلس على الأريكة بشرود ...
أقترب منها ليجذبها أمام عيناه بغضب_ممكن أفهم نهاية اللي بتعمليه دا أيه؟ ..
أجابته بغضب وهى تجذب يدها_نهايته الطلاق يا جاسم ..

تطلع لها بصدمة لتصيح بغضب_طلقني .
تطلع لها بعينيه الهائمة بفيض من النيران المتأججة فصاح بصوتٍ كالسهام _واضح أن صبري عليكِ بقى ضعف بالنسبالك فأسمعيني بقى كويس لو فاكرة أن ممكن حد من القصر يتدخل فى حياتنا تبقى غلطانه ولا حتى أخوكِ نفسه ...
أستدارت بوجهها لأخيها فرمقها بنظرة غامضة ثم توجه للمغادرة فأسرعت إليه بذهول _رائد !..
سحب يديها الملتفة حول معصمه قائلاٍ بغضب _أنسي أني أكون جانبك فى الغلط ...
وتركها وغادر على الفور، وقفت محلها تتطلع للفراغ بصدمة من تخليه عنها،ظنت بأنه سيحاربه لأجلها ولكن أنقلب الأمر .
_لسه عندك شك بكلامي ! ..
قالها جاسم بسخرية فأقترب ليقف أمام عيناها الباكيتان ...قالت من وسط دموعها بصوتٍ مرتجف للغاية _متفكرش أن دا ممكن يغير قراري حتى لو بابا وأخويا أتخلوا عني ...

تسلل الغضب لعيناه شيئاً فشيء فزداد أضعافاً حينما قالت بثقة _ومصممه على الطلاق ...
ثم صمتت قليلاٍ لتعاود الحديث مجدداً _طلقني يا جاسم لو عندك ذرة دم ..
لم يحتمل ما قالته فلم يشعر بذاته الا ويديه تهوى على وجهها بصفعة قوية للغاية أسقطتها أرضاً تحت أقدام أبيه، أحتضنت جنينها بألم على أثر وقوعها القوي،تطلع له أدهم بنظرات كاللهيب فعاونها على الوقوف دون التطلع لها ! ...فعيناه بصراع مميت للغاية ...

عاونها على الجلوس على أقرب مقعد ثم أقترب ليقف أمام إبنه بصمتٍ قاتل ...فقط النظرات الغاضبة هى الحائل بينهما ...
أنهى فيض غضبه بصفعته التى هوت على وجه إبنه لأول مرة قائلاٍ بصوتٍ رج أرجاء قصر الجارحي _أخرج من هنا ومتحاولش ترجع فى يوم من الأيام عقاب اللي يتخطى قانون من قوانين القصر دا لكن أنت أتخطت الأصعب بأنك ترفع أيدك القذرة دي على بنت من بناتي ...

تطلعت لهم داليا بصدمة فنهضت بألم يحاوطها قائلة برجاء ودموع _لا يا عمي متعملش كدا أنا اللي غلطانة أستفزيته بالكلام ..
تركه جاسم وخطى للخارج سريعاً فتطلعت له داليا بدموع لتسرع بالحديث _عشان خاطري يا عمي وقفه ...
لم يجيبها وظل كما هو يتأمله وهو يبتعد بصمت، وقفت عاجزة عن التفكير بين قرار أدهم الحازم ومعشوقها الذي يغادر شيئاً فشيء، ربما جرحها بالفعل ولكنها كانت تود معاقبته حتى ولو بالطلاق ففكرة عدم رؤيته مجدداً لم تحتملها، أسرعت خلفه دون أن تعبئ بحملها، وقفت أمامه وأمام أخر خطوة للرحيل من باب القصر الداخلي،رفع عيناه ليجدها تعترض طريقه لا يعلم أيشعر بالسعادة أم بالحزن أم بالغضب عليها،شعوراً مختلفة تدور به،أنهت الصمت بدموع وأرتباك فقالت بألم لتذكر حديثه
_خدني معاك ...

صعق أدهم لما أستمع إليه وتخشب جاسم محله من الصدمة، جذبها ادهم بغضب ساخر _ ياخدك معاه فين ! والكلام اللي قاله عنك وطلبك للطلاق اللي مكملش دقيقتين ! ..
وضعت عيناها أرضاً بخزي فرفع يديه على وجهه ليحجر صداع رأسه فهمس بسخط وهو يغادر من أمامهم_الوقتي عرفت ليه رعد متدخلش ..
بنات أخر زمن...
ورحل من أمامهم قبل أن يفقد أعصابه عليهما معاً، وضعت عيناها أرضاً بدموع لا تعلم لما فعلت ذلك ؟ ..

ربما لأيقافه أو لأسقاط أحدى قوانين ذلك القصر ...وربما لعدم وصول الأمر لياسين الجارحي بأن هناك من أهان قوانينه برفع يديه على نساء قصره ...
ولكنها لم تنفي ألم قلبها على ما فعله بها، رفع يديه بندم على ما قاله وفعله كاد بأن يجفف دمعها ولكنها تراجعت للخلف دون النظر إليه ثم تحملت على ذاتها بالصعود بمفردها أما هو فشدد على خصلات شعره المتمردة بغضب جامح لما فعله ! ..
فالان صارت الهزيلة أكثر قوة للمحاربة من جديد...

بالمشفى.
ولج للداخل حاملا قالب من الكعك ليضعه أمامها قائلاٍ ببسمة هادئة:-
_عرفت أن النهاردة عيد ميلادك فحبيت أحتفل بيه معاكي ...
أضاء الشموع وأستدار ليصعق محله حينما رأها تتطلع لها بأعينها الساحرة ذات اللون الأسود الداكن ليطوفه الصدمة والذهول ! ...
أقوى حلقات الجزء الرابع بالحلقات الاخيرة من ..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة